" أنك عديمة الحياء".
" هذا ما يقوله والدي , ويبدو أنكما تتفقان على بعض الأمور".
وكادت غايل أن تختنق من الأشمئزاز , فأستدارت نحو الباب صارخة:
" أنك عار على بنات جنسك".
ونشب خلاف آخر بين آندرو وأبنته بعد عودة الأخيرة الى البيت الى البيت في موعد الشاي , وعلى رغم حضور غايل في بداية الشجار , لقد نسي آندرو أو تناسى وجودها , فأنها لم تلبث أن غادرت , ومهما يكن الأمر , فأن الشجار أنتهى هذه المرة بذرف موراغ الدموع على نحو مفاجىء , على أن آندرو دفع ضريبته من الألم الناشيء عن هذا الشقاق, فأصبحت قسوته وصراحته مزعجتين ولا تطاقان , وكالعادة , تحملت غايل القسط الأكبر منها.
وعزت سوء تصرف آندرو للأزعاج اللذي سببته له موراغ , ألا أنها كانت بشرا , مما حتم تعاظم حزنها الى أن بلغ ذروته ذات يوم عندما تلقت هي وآندرو دعوة لحفلة راقصة في القلعة
وقال ما أعتبرته لباقة مقصودة :
" هذه حفلة رسمية ترتدي فيها السيدات أثوابا بلا أكمام عادة , فهل تملكين واحدا منها؟ وأنا أسألك ذلك لأنني لاحظت تفضيلك للأثواب ذات الأكمام أنها أكمام قصيرة ليس ألا ".
وشحب لونها قليلا لأن منظر الجرح على كتفها كان شنيعا , فقالت متمنية ألا يمضي في حديثه في هذه المرحلة :
" في أي حال , أنا أفضل الأكمام القصيرة ".
" يسرني كثيرا أن ترتدي الثوب المناسب لهذه المناسبة".
" لا أقدر...... لا أشعر بالراحة".
" هراء , أذا لم يكن بحوزتك ثوب من هذا النوع , فسوف أعطيك المال لتتمكني من شراء واحد".
" لا أقدر , من المؤكد أن بوسعي أرتداء ما أحب , أليس كذلك؟".
هل أعتبرها عنيدة؟ تساءلت وهي تتجنب أن توفر له سببا لمناقشتها , فهو لا يطيق ما هو حقير .... أسترجعت غايل كلمات موراغ
وأضافت بصلابة مفاجئة:
" لا بد أن أرتدي ما يعجبني يا آندرو.... ما يوفر لي أكبر قسط من الراحة ".
منتدى ليلاس
فصاح وهو يغادر الغرفة:
" عليك أن تلتزمي برغبتي هذه".
وعاد بعد بضع دقائق وبيده شيك أبيض وضعه على الطاولة هاتفا :
" أبتاعي ما تريدين شريطة أن يكون بلا أكمام".
سمحت غايل لنفسها أن ترتدي ثوبا بأكمام قصيرة , ولما كانت ترتدي رداء فضفاضا غطّى ملابسها , لم يعرف آندرو بعصيانها أوامره ألا بعد وصولهما الى الحفلة الراقصة
فنزلت من غرفة تبديل الملابس الفخمة لتلتقي بنظرته النامة عن الدهشة والغضب , وأرتدت سائر النسوة أثوابا بلا أكمام , فيما أختارت بعضهن شرائط كتف ضيقة لغاية , وفطنت غايل الى أختلافها عن الجميع , ألا أنها فضلت ذلك على أظهار تشوهها القبيح
وزجرها آندرو عندما أستطاع أن يكلم بدون أن يسمعه أحد:
" كيف تجرؤين على عصياني ؟ كيف تجرؤين على ذلك؟".
وللمرة الأولى أحست غايل أنه يصب عليها جام غضبه
فأبيض وجهها وتلعثمت:
" آسفة , لكنني لم أقدر على تنفيذ مشيئتك لأنني أشعر بسعادة أعظم هكذا".
ولو أستفسر عن السبب , لكانت قد أوضحته لما تملكها من تعاسة نتيجة غيظه , لكنه لم يسأل , وتيقنت أنه حسبها تتصرف كما تتصرف أبنته دائما , ومثلما تصرفت زوجته الأولى , وتنبهت طوال السهرة الى حنقه المكبوت عند الضرورة والظاهر أحيانا في نظراته التي رماها بها خلال رقصهما معا , وظل يختصر كلامه الى أن أستقلا السيارة في طريق عودتهما الى المنزل حين تعرّضت لبعض ما تستحقه أبنته المتمردة من تأنيب وتوبيخ أحيانا
فحافظت غايل على صمتها مع تزايد أنتباهها من سلوكه , لكن صمته أثار غضبه , فأستدار نحوها عند دخولهما البيت , وسدّد اليها نظرة شحب لها وجهها , وتهدّدها قائلا:
"لا تعودي الى أستفزازي ثانية بهذه الطريقة , وأقسم أنك ستندمين أن فعلت".
وأخيرا تمكنت من النطق بتلعثم :
" لا أعتبر ذلك تحديا لأن لي الحق في أرتداء ما يعجبني".
" شريطة ألا أخزى كما حدث الليلة".
" آسفة , أعتذر أذا كنت قد تسببت لك بفضيحة أو أهانة".
" لا تحسبني جاهلا , فأنا متيقن أن عنادك هو السبب , لأن لا شيء على الأطلاق يمنعك من أرتداء الثوب المناسب..........".
قاطعته وقد قررت أن تطلعه على الحقيقة وتنهي هذا العذاب :
" لست تدري أذا كان السبب هو العناد فعلا ,فالحقيقة..........".
أسكتها مزمجرا:
" لا شك عندي أنه العناد , فهذه ميزة كل النساء".
" أذن , فأنت تعتبر النساء سواسية , أليس كذلك؟".