ردت المرأة بأستياء:
" كلا , علما بأن طبقا من الحساء كان سيدفئه بعد قضاء الليل بطوله في الخارج , لكن هذه هي حال الرجال , فأنت لا تقدرين أن تثنيهم عن عنادهم".
وبعد دقائق تنصتت غايل عبر الباب الذي يفصل غرفتها عن غرفة آندرو , فلم تسمع صوتا ,ولما قرعت الباب الخارجي لغرفة آندرو , لم تتلق جوابا.
فحركت المقبض بهدوء وفتحت الباب , ثم تطلّعت داخل الغرفة , فوجدت الستائر مشدودة الى بعضها وآندرو في سريره وقد غرق في نوم عميق , ولم يكن شعره المغسول منذ قليل قد نشف بعد , فعضّت شفتها لأنه من غير المعقول أيقاظه مع أنه لا مفر من الحصول على المال لأبتياع الحاجات الضرورية المستعجلة.
منتدى ليلاس
وتحرك آندرو في نومه , فتقدمت غايل داخل الغرفة مجبرة وحزينة لتقف بجوار سريره وتهمس:
" آندرو!".
ولما لم تتلق جوابا , رددت أسمه بنبرة عادية , ثم فتح عينيه وقطب حاجبيه لحظة , ثم نهض جالسا وصاح فيها:
" ماذا جرى".
أسرعت لطمأنته وهي تعرف أنه كان يفكر بموراغ.
فسألها بعصبية:
" أذا , ماذا تريدين؟".
وعلى رغم الألم الذي أصاب غايل , فقد كان بمقدورها أن تفهم شعوره خصوصا أنه حرم من لذة النوم.
" لا أملك المال الكافي لشراء الحاجيات التي طلبت اليّ أحضارها........".
أنقطعت عن الكلام أذ لمحت الدهشة في عينيه:
" أنها لن تكلف أكثر من عشرة أو أثني عشر جنيها".
" لا أملك هذا المبلغ".
" فهمت".
لقد عرفت أنه لم يفهم شيئا على الأطلاق , والحقيقة أن غايل تيقنت عدم تصديقه لها
فسارعت الى القول:
" لو كنت أملك المال الكافي , لما أيقظتك يا آندرو".
" حسنا , سأخرج لك المال من الخزانة".
وفي الطريق الى برث , تملّك الغضب والشقاء غايل , فلا بد أن آندرو ظن , أذ لم يصدق كلامها , أنها رفضت أقراضه المال خوفا من أن لا يرده لها.
وتسبب الحادث في شرخ في علاقتهما , فتعاظمت لامبالاة آندرو وبرودته , وكثيرا ما أسترجعت غايل قول شقيقتها أنه يكره النساء.
وأبغضت غايل موراغ , والحقيقة أنه عند عودة الأخيرة الى البيت , أسرعت غايل في معالجة الفتاة , وكان زوال النضارة السريع من بشرة موراغ , هو كل ما أحتاجته غايل ,فأنهالت على الفتاة توبيخا وقد أظهرت بذلك غضبها للمرة الأولى منذ دخولها مسكن دنلوكري , وصمتت موراغ برهة لفرط دهشتها , وبعد أن أستفاقت من ذهولها , نفت أن تكون قد سلبت المال.
" أنا لا أصدقك , ومهما قلت , فلن تقنعيني بأنك لم تسرقي المال , وفي أي حال , فأين كنت طوال هذه المدة؟".
" كنت مع الشمس , فهل تحسديني على ذلك؟".
" كاد والدك يجن من القلق عليك........".
" هراء, فهو لا يبالي أنى ذهبت ومهما فعلت , بل أنه يسعد بخروجي من المنزل".
منتدى ليلاس
" لا يسع المرء أن يلومه على ذلك أذا كان صحيحا , أنت أبنة خمس عشرة سنة وتحت وصايته وعهدته , فأن كنت تشعرين نحوه بأي مقدار من الحب , فعليك أن تحسني التصرف والسلوك".
" حسنا , أنا لا ولن أحبه ,كما أنني لا أحب أحدا , وهذا مفيد لأنه يدرأ الأذى عني , وقد عاشت أمي حياة سعيدة لأنها لم تهتم بأحد ,ولم تحب أحدا".
" لا سعادة من دون حب يا موراغ, وأنني أرجو أن تحاولي من أجل والدك فقط".
" أيتها الواعظة , ألم تفكري كم تبدين مضحكة وأنت تقفين وتظهرين شعورك بالتفوق والكبرياء ؟ لماذا لا تكفين عن مطاردتي؟ فأنت لست هنا لأنقاذي , وأنما للتأكد من أن الصغيرين الجميلين لا يسلكان الطريق المعوج والمنحدر الذي أسلكه".
ثم أخذت تقهقه وقد حاولت أن تنقر بأصبعها ذقن غايل , التي تراجعت وقد نطقت عيناها بالكره لموراغ التي سألت بعد قليل:
" هل أخبرت والدي أنني أختلست المال؟".
" هنا أمور كثيرة تشغل بال والدك".
" آه.... يا لأهتمامك العظيم , فأنت الزوجة التي تحمي زوجها المسكين من خطر معرفة الطرق الملتوية التي تتبعها أبنته , أما هو فلا يهتم بزوجته المحرومة من الحب , ولكن , هل حدث تغيير منذ غيابي؟".
ودت غايل أن تقول أن تغييرا للأسوأ قد حدث , الا أن كبرياءها منعها من ذلك , وقالت:
"أتوقع أن ترجعي كل درهم أختلسته".
قاطعتها بضحكة ساخرة:
" أمل خادع , لقد قلت أنني لم أسلب المال , وأنا أصر على قولي , لا بد أن أحد الخدم قد نهب مالك , هذا أذا كان قد سرق".