زوجة وأم..... وقفت غايل على المنحدر وقد تطاير شعرها وبدت خائفة والكآبة في عينيها , لقد أنقضى شهر على دخولها منزل دنلوكري , بيد أنها ما زالت غريبة عن زوجها كما كانت في الأمسية الأولى , زوجة وأم , لقد قالت هيذر أنها لن تنعم بشيء من ذلك ,وها هي كلماتها تبدو صائبة الآن.
صحيح أن روبي أزداد منها قربا ,لكن شنا كانت صعبة المراس كما قال والدها , وحافظت على برودتها وأنطوائها , وبالنسبة الى موراغ..... كشفت أبتسامة غايل المليئة بالمرارة وأحزن أفكارها , فموراغ تكرهها , ولا تبذل أي جهد لأخفاء كراهيتها لها.
وفي حين حذرت غايل من موراغ , فأنها لم تحضر لمقابلة حماة آندرو , التي سمح لها بدخول البيت لزيارة أحفادها مرة في الأسبوع على الأقل , فقد كانت السيدة دافيز بقامتها الطويلة وعظامها البارزة وملامحها القاسية وشعرها الفاحم السواد نوعا مخيفا وبغيضا من النساء , ولم توفر فرصة ألا وأظهرت فيها كرها لغايل , التي تساءلت كم سيمر من الوقت قبل أن تجبر على الرد عليها , فهي بالرغم من طبيعتها المسالمة وتجنبها للشر , تثور على نحو عنيف عندما تستفز.
" هل عرفت آندرو منذ وقت طويل؟".
هذا أول سؤال طرحته السيدة دافنز على غايل بعد أن تركهما آندرو أثر تعارف وجيز وبعد وصول غايل الى منزل دنلوكري بيومين
فأجابت غايل متملصة:
" ليس لزمن طويل".
سددت اليها عينا السيدة دافنز السوداوان المتعجرفان نظرة أحتقار:
" كم هي المدة؟".
" الحقيقة أنني تزوجت آندرو يا سيدة دافنز لأنه طلب الي ذلك , ولأنني أقتنعت أن بوسعي مساعدة طفليه".
" ولدي أبنتي؟".
" لم يكن بوسع غايل الرد على هذا الكلام , فظلت ساكتة
وأستطردت السيدة دافنز:
" وهل أستطعت مساعدتهما؟".
"لم يمض على وصولي الى هنا سوى يومين , والزمان وحده سيثبت قدرتي على مساعدة روبي وشنا".
برز طيف أبتسام خفيفة مليئة بالسخرية على فمها النحيل القاسي :
" وماذا عن موراغ ؟ ماذا تظنين أنك ستفعلين بها؟".
" موراغ صعبة المراس لكنني آمل أن أصادقها في المدى البعيد".
لقد مر شهر على هذا الحوار , وها هي غايل الآن تقر بصحة أعتراف آندرو أن ليس بالأمكان أصلاح موراغ.
وفجأة ظهرت الفتاة فوق مرتفع صغير وهي تركب حصانا جميلا وتقوده بسهولة ومهارة , ثم أنحدرت عن المرتفع وقد تدلى شعرها الذهبي الطويل على ظهرها بلا نظام , وقد أتسخ , وللحال وضعت غايل يدها على رأسها لترتب شعرها المتطاير عن جبهتها والذي كشف جرحها.
وتوقفت الفتاة وهي على ظهر الجواد ,وبدت متكبرة بطبيعتها المتمردة , فيما أعطت أنطباعا بأنها لم تغسل وجهها المحمر في الصباح , وقالت ساخرة والمرح يلتمع في عينيها:
" عسى أن تكون زوجة أبي بخير بعد ظهر هذا اليوم".
ردت غايل بغضب:
" أنني بخير يا موراغ".
أكفهر وجه الفتاة:
" يا لك من سيدة مصون يا حضرة حرم لورد دنلوكري المتعالية ".
نظرت غايل ثانية الى موراغ وقالت بسرعة:
" قولي لي لماذا تعاملينني بهذه الوقاحة , ألا تعلمين أن من الممكن أن نكون صديقتين؟".
عقدت الفتاة حاجبيها الأشقرين:
" أصادقك؟ أنا أشكر سخاءك , لكنني لا أجهد نفسي في أكتساب الأصدقاء".
منتدى ليلاس
وترجلت موراغ عن الحصان برشاقة حين لمحت سيارة لاندروفر عند منعطف الطريق الذي يلف العزبة الشاسعة , وقالت:
" سينكلاير , أطلب من أحد العمال أن يعيد رستي الى الأسطبل".
" حاضر يا آنستي".
وقللت سيارة اللاندروفر سرعتها , وأختفت على الفور وراء منعطف آخر , وراقبت موراغ بعبوس السيارة حتى توارت ,وصاحت , وهي تهبط التل وتجتاز الممر المؤدي الى المنزل بسرعة دون أن تلتفت الى غايل:
" سأسمع هذا الوغد كلاما يرضيه".
لحقت غايل بموراغ على مهل وهي تشعر بأنقباض في معدتها , ماذا سيحل بالفتاة وهي تعامل جميع من في العزبة بوقاحة , وتعاشر هذا النمط من الأصدقاء والأصحاب , وتعيش على هذه الطريقة.........؟
لقد جربتها غايل ,ولو أظهرت موراغ أي أستعداد للتجاوب معها , لأستمرت في بذل الجهود , ألا أن غايل تقر الآن بالهزيمة أمام موراغ.
ولما وصلت غايل الى المنزل , سمعت أصواتا مرتفعة تنبعث من قاعة الجلوس , فوقفت تتنصت قليلا , فسمعت موراغ تصيح:
" أنا أتحدث الى سينكلاير بالطريقة التي تعجبني , فهو ليس ألا خادما , وعليه أن يعرف مكانه هنا".
" عليك أن تظهري للخدم الأحترام نفسه الذي يظهرونه نحوك.....".
" أنهم لا يبدون نحوي أي أحترام......".
رفع آندرو صوته بطريقة مهددة:
" لا تقاطعيني أثناء الحديث , حاذري غضبي يا موراغ , فأنا على أتم الأستعداد لأرسالك بعيدا".
أطلقت الفتاة ضحكة ساخرة مدوية:
" الى أين؟ الى مدرسة داخلية؟ تعلم أنني طردت من مدرستين حتى الآن ,وسأعمل على أن أطرد من الثالثة بأقصى سرعة , فليس بوسعك أو بوسع أي شخص آخر أن يسجنني , هل زوجتك المغرورة المدعية هي التي ترغب في أزاحتي من طريقها.........؟".