جاورت غرفتها غرفة آندرو , وتساءلت غايل أذا كان أحد قد نام فيها بعد وفاة زوجة آندرو , فمالت الى نبذ الفكرة , ولم ترغب بالتالي أن تنام هي فيها , ألا أنها لم تقدر أن تطلع زوجها على الأمر , وخمنت أن كل ما ستعرفه لن يعدو كونه سطحيا لأن زوجها أغلب الظن لن يثق فيها يوما , وقالت ماري , وهي سيدة سمراء في مقتبل العمر ذات أبتسامة دائمة وصوت لطيف:
" آمل أن تعجبك المناظر من هنا يا سيدتي".
" أنها فتانة , والآن , أرجو أن تتركي أمتعتي قليلا لأنني أرغب ببعض الوحدة".
" حاضر يا سيدتي".
وتطلعت غايل الى الجبال والمروج ,وقد أنتشرت فوقها الظلال وأستحمت بأشعة الشمس المتلاشية ولونها القرمزي , ورأت غديرا متاوجا وبحيرة علاوة على مجموعة من أشجار الصنوبر المغروسة بمحاذاة جنينة معلقة , وبركة سباحة الى يمين المنزل.
منتدى ليلاس
ثم أستدارت لتتأمل الغرفة الواسعة والمدفأة عل نحو مريح بواسطة نظام تدفئة مركزي شأنها شأن سائر أجزاء المنزل , وفيما وقفت هناك تتأمل ما حولها , أدركت للمرة الأولى الأثر البالغ لعملها المتسرع , هل كان كل هذا البذخ من أجلها؟
هل يمكن أن يكون ذلك حلما؟ أو هل تزوجت حقا؟ وأنتقلت عيناها الى الباب الكبير المصنوع من خشب السنديان ونهضت لتجربه , أنه موصد , وأنحنت , فلم تر مفتاحا في الجانب الآخر , من الطبيعي أن يتناقل الخدم الحديث , وقد تبلغ الحقيقة مسامع أصدقاء آندرو , وأسرعت الى الباب الخارجي فور سماعها قرعا خفيفا عليه , ففتحته لتعلمها خادمة شابة وهي تبتسم:
" سيكون العشاء جاهزا بعد ساعة يا سيدتي".
" أشكرك".
أبتسمت الشابة مجددا قبل أن تبتعد.
تساءلت غايل عما يجب أن تفعله , فواجبها هو الأعتناء بالصغيرين اللذين تواريا بعد دخولهما الى البيت بسرعة , ولكن , متى يأويان الى الفراش؟ وهل يريدان أن يتناولا العشاء , أو هل أهتمت أحدى الخادمات بهذا الأمر؟
هل يجب أن تنزل لتتلقى تعليماتها من آندرو ؟ هذا هو الحل الوحيد , ولكن , ما أن فتحت الباب , حتى سمعت لآندرو يتحرك في الغرفة المجاورة.
وترددت قبل أن تقرع الباب , وتسمعه يجيب بحدة وعصبية , أو هكذا خيل لها:
" من هناك؟".
" أردت أن أعرف ماذا يجب أن أفعل؟ هل أساعد الصغيرين حتى يدخلا الفراش؟".
لم تفلح محاولته لفتح الباب.
" هل لديك مفتاح؟".
" كلا".
" أذن , تعالي من الباب الآخر".
فعلت ما أمرها به , ووجدت بابه مشرعا , فقرعته , ودخلت , وقالت وهي تحس بأضطراب للمرة الأولى منذ قرارها المتسرع بالزواج منه.
" أحسبني مكلفة بالأعتناء بالصغيرين".
تفحصها آندرو:
" عليك في الأوقات العادية أن تقدمي لهما الشاي في ساعة أبكر من هذه طبعا , وأن تضعيهما في السرير , ألا أن أحدى االفتيات ستقوم بالمهمة الليلية لأن المربية تركتنا منذ أسابيع عديدة , أخبريني , هل أعجبتك الغرفة؟".
منتدى ليلاس
أستغربت غايل الطريقة التي نظر بها اليها , هل كانت متعبة أو.... ووضعت يدها على رأسها للحال مع أن الجرح لم يبرز للعيان , وأجابت:
" أنها جيدة , شكرا".
وطمأنها كأنما عرف ما دار في خلدها.
" لم تستعمل هذه الغرفة منذ أيام جدتي , وقد رممت هذا الجناح وجددته وأنتقلت اليه في السنة الماضية , وأرجو أن تشعري بالراحة والطمأنينة يا غايل , وأذا أحتجت شيئا , فما عليك ألا أن تطلبيه مني".
" سأفعل , أشكرك".
ونهض ليغلق الباب في أشارة لها بالأنصراف , فتراجعت الى غرفتها التي بدت أجمل وأحلى , وأبتسمت لظنها أن من الطبيعي ألا تريد أستعمال الغرفة التي شغلتها زوجة آندرو المتوفاة.
ولما كانت موراغ تزور أصدقاءها , لم تجد غايل سوى آندرو لمسامرتها , وبعد أن جلسا للعشاء في قاعة واسعة لا توحي بالراحة , تملكها تدريجيا شعور بعدم تصديق ما هي عليه.
أجهدت الوجبة غايل لفرط ما أستغرقته من وقت , أما آندرو , فلم يفه ألا بكلمات قليلة عندما فرغا آخر الأمر من طعامهما:
" سنتناول القهوة في البهو".
وتصفح آندرو مجلة بينما جلست غايل بلا حراك وهي تشعر بالوحدة والضياع.
وفور أنتهائها من رشف قهوتها , أستأذنت:
" أفضل أن أصعد الى غرفتي".
نظر آندرو الى ساعته وقال:
" الوقت مبكر , لكنني أعتقد أن الرحلة أنهكتك".
" قليلا".
ثم نهضت بأرتباك ,وتمنت له ليلة سعيدة.