" فقط عندما يكون السيد هناك , فهو يوظف زوجين متقدمين في السن يعيشان على مقربة من المكان الذي يعتنيان به أثناء غيابه , وينتقلان اليه في حضوره , فهو لا يزور العزبة الا للصيد , الأمر الذي يحول دون توظيف العمال , ومعروف أن كل عمال العزبة يعيشون في منازلهم , كذلك وكيلها".
"لا أحد هناك........".
" كم تبعد عن هذه العزبة يا سيدة بيرشن؟".
رفعت مدبرة المنزل عينيها:
" هل ستزورينها؟".
" أجل , سأذهب , هناك دافع يحفزني للذهاب".
" لن تذهب الآنسة موراغ الى مثل هذا المكان الموحش , أما من حيث المسافة , فيتعذر قيادة السيارة اليها لبعدها".
" حيثما توجد الطرق , يمكن للأنسان أن يقود سيارته".
وبعد محاولة أخرى فاشلة للأتصال بزوجها , قررت أن تتصرف بسرعة , ولم تثنها كل المناقشات والنصائح وحتى تحذير سينكلاير الشديد بخطر هبوب عاصفة وشيكة عن عزمها , فلقنت مدبرة المنزل التعليمات الخاصةبالأولاد
كما تلقت وعدا من سينكلاير بالخروج بالصغيرين الى المدرسة ومنها ,والأستمرار في محاولات أتصاله بآندرو حتى يبلغه الخبر , ثم أنطلقت وقد تبددت الغيوم في السماء ,
التي أزدادت أسودادا وتهديدا مع كل ميل قطعته الى أن بدأ الثلج بالتراكم على زجاج السيارة الأمامي في موعد تناول الشاي , الأمر الذي أضطرها للخروج من وقت الى آخر بقصد تنظيف واجهتها
فأبتلت ملابسها وألتصقت بجسمها فيما تحركت السيارة ببطء وغشي بصر غايل بسبب دوران قطع الثلج الرقيقة في دائرة النور المنبعثة من أضواء السيارة الأمامية.
لكن قيادة السيارة أزدادت صعوبة , وأجبرت غايل على السير ببطء أشد , هل جسرت على التوقف وتأمل الخريطة وهل المسافة الباقية أمامها طويلة؟ وهل صور لها خيالها أن الثلج تحول بردا , أم أن ذلك حدث فعلا؟ أجل , هذا هو قد تحول بردا , وأنشرح قلب غايل لهذه الحقيقة ,فتوقفت وأشعلت النور الداخلي لتلقي نظرة على الخريطة , لم تكن المسافة أمامها طويلة...
وكانت الرحلة طويلة ومضنية , ولما وصلت غايل الى البحيرة , وتطلعت الى النوافذ كانت خيوط الفجر الأولى قد لاحت فوق الجبال , لا أثر لحياة هنا , هل تكلفت عناء الرحلة في مقابل لا شيء؟ وكيف يمكنها الرجوع أذا تحول البرد المتساقط ثلجا مرة أخرى ؟ فلن يعود بالأمكان عبور الشوارع ساعتئذ , وهل سيثير تصرفها العفوي آندرو؟
توقفت السيارة , وترجلت غايل منها , فلاحظت بروز جهاز تخفيف الصدمات في سيارة أخرى متوقفة عند زاوية المبنى , فأتجهت نحوها لتكتشف سيارة قديمة فيها صدمات كثيرة ,وقد وقاها الثلج وتساقطه غطاء سميك من القماش , وقد وقفت على مقربة منها سيارة أخرى غطاها الثلج , لكنها أوحت في أنها لم تكن في حال أفضل من الأولى.
منتدى ليلاس
ودارت غايل حول البناية حتى وجدت الباب الخلفي , ولشد ما دهشت أذ نفتح لمجرد لمسها له , فدخلت للمرة الأولى بيتا آخر يملكه زوجها , يا له من مكان بارد ومهجور ولكن, عندما فتحت باب غرفة الجلوس , أدركت فورا أن أحدا يسكن فيه , فلمحت رمادا أنطفأت ناره قبل قليل في الموقد , وحاكيا وقناني وأكوابا وأذرعة كراس .... على الطاولة , وأسطوانات موضوعة فوق الكراسي وعلى الأرض, كما لفت السجادة عند أحد أطراف الغرفة...
" بحق الشيطان ,من أنت؟".
وأشعل النور بعصبية , فأستدارت غايل وقد خفق قلبها رهبة
وصاحت غاضبة:
" لقد أجفلتني , في حين علي أنا أن أسألك من تكون".
أرتدى الشاب ثوبا فضفاضا ,وبدا كأنه سهر الليل بطوله وتأملت عيناه ملابس غايل المبتلة , قبل أن تستقرا على وجها.
" أسمي باول , قولي من تكونين , وكيف دخلت الى هنا؟ قال ديف , أن فتاة أخرى ستحضر .... ولكن , لا , فسنك كبيرة جدا".
" اين هي أبنة زوجي؟".
تلعثم زاعقا:
" أنت.... أنت زو .... زوجة والد موراغ؟ ولكن, كيف عرفت أنها هنا؟ فهي قد أقسمت أنها لم تخبر أحدا , وألا لما حضرنا".
شحب وجهه , فيما أنقطع عن الحديث , ثم أستأنف أسئلته:
" ووالدها؟ هل هو هنا أيضا؟".
"لن يمر وقت طويل قبل أن يصل".