9_لم يغب
***************
لم تسهم كلماتها في تحسين موقفها وترطيب الجو , وأعتراها الهلع وهي تراقب السيارة تبتعد بشقيقتها وأسرتها...وتركها وحيدة مع آندرو ,ولم تعرف مثل هذا الخوف والأنقباض في المرة الماضية لأن التفاؤل بالمستقبل ملأ عليها حياتها , وتشبثت بأمل عودة آندرو اليها ذات يوم , وهكذا أجبرت غايل نفسها على قبول الحقيقة بأن السعادة التي تستمدها من شنا وروبي هي كل ما يمكنها الحصول عليه , والحقيقة أنها كانت مبتغاها , آه , لو لم تجن وتقع في هوى زوجها.
لكن غايل أمتنت لأتاحة الفرصة أمامها لتحب روبي وشنا , ويحبها الصغيرين بالمقابل , وأكتشفت مع أنقضاء الأسابيع أن أستسلامها للقدر وقبولها لواقعها أكسبها سلاما داخليا وأحيا فيها قدرة التمتع بالجمال من حولها.
شهر أيلول أحزنها قليلا لأنه يشهد ذروة المواسم الرياضية , أي صيد الأيائل.
على أن غايل بدأت تتقبل تدريجيا فكرة صيد الغزلان خصوصا بعد أن حدثها سينكلاير بجدية عن خطر تزايد الغزلان في منطقة الهايلاند , وينصح الصياد عادة بأستعمال العبوات الجديدة المكدسة لصيد الغزلان الهرمة والمريضة لمصلحة القطيع نفسه , لقد ردد سينكلاير معظم ما قاله آندرو بلطف وصبر عظيمين , فأذا تحلى الصياد بالمهارة والأهتمام , فأن الحيوان لن يشعر بأنه مطارد , ولن يعاني بالتالي الخوف والخشية من الصيد , وأذا تم الصيد بدقة , فأن الحيوان لا يتأمل.
منتدى ليلاس
لكن سينكلاير أعترف بأن الصيد ليس دقيقا دائما , وتحدث عن قاون شفوي يقضي بضرورة ملاحقة أي حيوان مصاب ليقى عليه حتى ولو أدى ذلك الى أفساد بقية النهار على الصياد
ثم أضاف:
" أن الحيوان المصاب يسبب قلقا عظيما للجميع حتى يقضى عليه ,وستجدين أن معظم اللوردات لا يسمحون ألا للصيادين المهرة بدخول أراضيهم".
وجدير بالذكر أن آندرو يصطاد الغزلان في عزبة تقع الى شمال عزبته هذه ,لكنه لم يذهب اليها السنة لسبب لم تستوضحه غايل لأن محادثاتهما لم تتطرق الى أمور شخصية
لكن موراغ وفرت لها الجواب:
" لم يذهب أبي للصيد هذه السنة خشية أن أغادر البيت , أنني أكرهه.... وقد أخبرته بذلك.... فهو يذهب عادة الى العزبة في أيلول ولم أتصور أنه سيضيع فرصة لصيد على نفسه من أجل البقاء هنا ومراقبتي".
مشت موراغ والشرر يتطاير من عينيها بعد مغادرتها للفراش ببضعة أسابيع حتى أستعادت عافيتها التامة , وأحست غايل برغبتها في الفرار ,فأجبرت نفسها على مراقبتها كلما أمكنها ذلك
ألا أن غايل كان لا بد أن تغيب بعض النهار عن البيت وذلك عند نقل روبي وشنا الى المدرسة ومنها , ويبدو أن آندرو أيضا عرف برغبة موراغ بالهرب , فصمم هذه المرة على أحتجازها في البيت حتى ولو على حساب أستجمامه ومتعته , ومع أن آندرو أوقف مخص موراغ
فأنه ظل يقدم لها مبالغ صغيرة من المال بين حين وآخر , فأستعملت النقود لأبتياع ودخنت ما أشترته أثناء غياب والدها.
وتوقفت موراغ أمام غايل , وصاحت مهددة:
" سأفر فور توافر المال الكافي لدي , أذ يستحيل على والدي مراقبتي طوال الوقت".
" أنك تعرفين أن كل ما يفعله والدك هو لمصلحتك الخاصة , فأنت لست معافاة تماما يا موراغ , ولذلك.......".
"أنني في أتم العافية , وأنا أعرف نفسي , وأعرف أن حالي لم تكن أفضل في السابق , لكنني سأمرض أن أحتجزت مدة أطول , سيختل عقلي , وأجن".
أقفلت غايل الحديث لعزمها ألا تنغص العيش على نفسها بسبب نوبات الغضب التي تجتاح موراغ , وأستأنفت حياتهم اليومية الرتيبة , أذ أنشغلت غايل بالصغيرين , وقضى آندرو معظم وقته في العمل , فيما عاشت موراغ وكأنها غريبة في المنزل , فهي قلما تتحدث الى شقيقيها , ونادرا ما تجلس الى المائدة.
لم تلتق غايل روبن منذ شجارها الأخير مع آندرو , وأدركت أن زوجها نفذ تهديده وحظّر على الشاب أن يصطاد في البحيرة , ولم تر غايل روبن لبضعة أسابيع , ألا أنها أدركت أن لا مفر من فعل ذلك يوما ما خصوصا أنه لا يقيم بعيدا عن مكان سكنهم , وخشيت لقاءها به كثيرا , وقد تم ذلك اللقاء بينما خرجت من محل بائع الحلوى في القرية , فحيّاها روبن بينما نظر الى السيارة الواقفة في الشارع ,وطلب اليها أن تقلّه بسيارتها , وحين لم يسعها رفض طلبه بدون سبب ,فأنها أكرهت على دعوته لركوب السيارة , وما أن فتح فمه ليتكلم , حتى أدركت أن طلبه كان بقصد مناقشتها في أمر المنع.
" غايل , ماذا حدث بعد زيارتي الأخيرة لكم؟ فقد كان زوجك صلبا ومقتضبا في حديثه معي أثناء زيارتي التالية , ومنعني من أستعمال البحيرة أو زيارة المنزل ثانية ,ولست أرى أنني أرتكبت أي خطأ , صحيح أنني حادثت موراغ قليلا , ألا أنني تركتها لمتابعة عملي , كما أنني لم أستعمل الزورق بدون أذن من وكيل العزبة".