وتولت غايل تعريفهما ببعضهما بدون أن تدرك النتائج التي أنطوى عليها عملها , خصوصا أن موراغ لم تتغير , فما أن ذهب روبن حتى قالت لغايل بسخريتها ووقاحتها المألوفتين:
" ما الهدف من عملك؟ لا تحسبي أن بأستطاعتك أستعمالي لتحقيق أغراضك , فروبن صديقك ,وليس صديقي, وسأحرص على ألا يخدع والدي".
هال الأمر غايل , فحدقت اليها برهة وهي عاجزة عن تصديق ما سمعته وأخيرا قالت:
" كيف تجرؤين يا موراغ على هذا القول؟ فأنا أحضرت روبن على أمل أن تكون صحبته تغييرا ممتعا لك , فروبن لا يعني لي شيئا , وكذلك أنا بالنسبة اليه".
ظهر بريق الشر في عيني موراغ وهي تعلق:
" يا لك من ممثلة بارعة , لكن براعتك لن تجدي نفعا يا سيدة مكنيل , ومع أنني لست أدري كيف أسترضيت والدي في المرة السابقة! خصوصا أنه غضب أشد الغضب عندما أخبرته عنك وعن روبن , فأنني أؤكد لك أنك لن تخدعيه ثانية , فأمي كانت خائنة مثلك".
منتدى ليلاس
غايل بأي كلمة لفرط ما أصابها من خيبة أمل وأشمئزاز , غير أن موراغ تابعت حديثها وقد سرت مما رأت من تعابير ترتسم على وجه غايل :
" لا يحتاج المرء ألا أن يراقب نظرات روبن اليك حتى يعرف ما بينكما".
" نظراته؟".
أنقطعت غايل عن الحديث وقد علت وجنتيها حمرة ضئيلة أذ تذكرت قول روبن بأن من سوء حظه أن تكون متزوجة , غير أنها ضحكت آنذاك ولم تحسب أن قوله أنطوى على أي معنى خفي , لكن قلقا غريبا راودها عندما أراد روبن الصيد , ثم أسترجعت غضب آندرو ومنعه لها من مخاطبة روبن ثانية , ولا ريب أن موراغ هي التي أثارت شكوك آندرو , بيد أن سعيها لخلق شرخ دائم في علاقته مع زوجته لم يفلح , فأزداد تقربا من غايل , الأمر الذي حيّر موراغ أعظم الحيرة وقالت بصوت خافت وضعيف:
" أنك تتصورين أمورا لا أساس لها".
قهقهت موراغ وتراجعت فوق الأريكة بحيث ألقت رأسها فوق المساند وهي ترد:
" هل خفت؟ أن خوفك سيتضاعف عندما تثار شكوك أبي بصورة جدية , فأنت لم تري مثلي الجانب المتوحش في شخصيته , لكنك سترينه أن لم تأخذي حذرك , ولو كنت تعرفينه على حقيقته , لما سمحت لصديقك بزيارتك هنا , ولا شك أن لديك فرصا كثيرة لمقابلته في الخارج , ولو كنت مكانك , لقابلته أثناء دوام روبي وشنا في المدرسة".
تقززت غايل وهي تسألها:
" ألم تتغيري ولو قليلا؟".
" أتغير؟ ولماذا أتغير؟".
" ظننت أن مرضك جعلك تعقلين وتدركين الأذى اللاحق بك نتيجة حياتك المستهترة".
أستوضحتها موراغ بأهتمام:
" أي حياة تقصدين؟".
" طالما تباهيت بقدرتك على السهر طوال الليل , خصوصا في تلك الحفلات التي حضرتها , وبقدرتك على الشرب والتدخين , وهذه كلها أمور تضر بك وتؤذيك , وقد جعلتك مريضة".
" لست مريضة , فأنا قد تعافيت".
" ما زال عليك ألتزام جانب الحذر , وأنت تدركين أنك لم تتحسني وتشفي".
تقلصت عضلات فم الفتاة , وأجابت:
" لم أتحسن وأتعافى فقط , بل أنني ذاهبة عما قريب , والبارحة أتصلت بأحد أصدقائي , فدعاني للأنضمام اليه والى شلة من الأصحاب المصممين على قضاء أجازة في مكان بعيد".
جفلت غايل , وسألتها أذا كانت قد أبلغت والدها , فلما هزت الفتاة رأسها نفيا
سارعت غايل للنطق قبل الفتاة:
" أذن , سأخبره , فمن غير المعقول أن تعصي أوامر الطبيب القاضية بالراحةالتامة".
ألتمعت عينا الفتاة تهديدا ووعيدا , ورفعت رأسها عن المساند لتنتحي الى الأمام وتقول:
" ستدفعين ثمنا باهظا أن فعلت".
كشّرت غايل وهي تستوضحها:
" هلا تفضلت بأفهامي ماذا تقصدين؟".
" أقصد أنني أستطيع أعلام أبي بأمرك أنت وروبن , أخبريه أنني ذاهبة , وسأعلمه أنك أحضرت روبن الى هنا اليوم".
منتدى ليلاس
أمتعضت غايل ألا أن تصميمها لم يهن , وأكدت عزمها على أطلاع آندرو على نوايا موراغ , وأستغربت جفاف فمها حين أنهت حديثها:
" سأعلمه لماذا أحضرت روبن , وهو لا شك سيصدقني".
" أخشى ألا تطابق توقعاتك تفكيره , فلا أحد يستطيع لوم أبي لظنه السوء بكل النساء".
ثم أضافت ضاحكة:
" أمي أولا , وأنا من ثم.......".
وقهقهت موراغ بصلف ثانية , فتحولت غايل عنها لعدم قدرتها رؤية الشر يرتسم على قسمات الفتاة.
******نهاية الفصل السابع*****