بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني عشر
( طبيب الأسنان )
صوتها الناعم الرقيق صاحب النغمة المتميزة يخترق غشاء طبلة أذني ليمتع حاسة سمعي بهدهدتها , لم أفهم ولا كلمة مما نطقت بها شفتيها ولكن عذوبة صوتها كانت كفيلة بأن تروي عطشي من ينبوع حنجرتها , طرقت إحدى الفتيات الزنزانة بهمجية ثم قالت بصوت نكير : فهده , فهده
تعكر مزاجي لسماع صوتها البشع فقد قاطعت جلسة استماعي لعصفورتي المغردة فهده .
أجبتها فهده بصوتها الناعم: لقد سمعتك يا حمقاء , مها خذي منها الدلو .
نهضت من فراشي فوجدت خلف القضبان فتاة سمراء شديدة النحافة متوسطة الجمال , تحمل دلو أصفر اللون تسلمت منها الدلو وأنا عابسة كما أن برودة الماء كادت تشل أصابعي يدي , بادلت الفتاة عبوسي بابتسامة أخذت بالأتساع حتى ظهر نبآها من ثم مسكت يدي وأخذت تضغط بقوة وعيناها تمطرني بنظرات قذرة , كانت تنظر لي كالذئب فأوقعت الوعاء خوفاً فتبللت ملابسي بالكامل أبعدت قميصي عن جسدي فشهقت الفتاة فرحاً , نهضت فهده من سريرها لتطمأن علي لكنها هي أيضا وقفت بدورها متسمرة تمحص جسدي بنظرات لم ترقني , قررت عدم خلع قميصي أمام هاتان الذائبتان , وجهت وجهي نحو القضبان للخلاص من نظرات عصفورتي أو بالأحرى صقرتي , وجدت الفتاة متسمرة في مكانها من خلف القضبان وعينها الذئبيتان تستمر على نفس نهج النظرات السابقة , صرخت بوجهها قائله : خذي دلوك ... قذفتها بالدلو ومددت يدي من خلف القضبان دافعتاً إياها للخلف .
قالت وهي تضحك بكل برود : لا يلق على الجميلات الغضب .
أخذت أضرب الأرض بأخمص قدمي من شدة الغضب والقهر ما بهم هؤلاء القذرات في تلك اللحظة طوقتني فهد من الخلف قائله : ستملئ الدلو الآن لا داعي للغضب لهذه الدرجة أنتِ عطشى .
دفعت فهد للخلف وأنا غاضبة ورمقتها باحتقار .
فهده : ما بكِ ؟؟ لما أنتِ غاضبة ؟؟؟
أجبتها وعيني يتطاير منها الشرر قائله : أسمعي فهده لا تعيدين الكرة وألا سوف أقتلك .
فهده: الآن لم تعد تعجبك تصرفاتي .
مها: أريد العودة لزنزانة عائشة .
فهده : لم أعلمك الرقص بعد أيتها الفاتنة .
مها: لا أريد التعلم لقد طابت نفسي .
فهده : أسمعي يا جميلة لست بموقف يسمح لكِ بمطالبة بشيء .
مها : بلى إنني بأفضل موقف سوف تعدينني لزنزانتي .
نظرت لي فهده بنظرة أوجست فيني خيفة وقالت : هذه زنزانتك ولن تنبسين ببنت شفة وألا قطعت لك لسانك .
صفعتها فبادلتني بصفعة أقوى منها , شددت لها شعرها فأفلت شعرها من بين يدي بسرعة لم أتوقع أن يكون بكل تلك النعومة لدرجة أن تنزلق أصابعي من خلاله بسهولة , مسكتني فهده من عنقي وأسقطتني أرضا وأدخلت أصابعها بين خصلات شعري وأخذ بالشد بأقوى ما بي وسعها فأخذت أتخبط بالأرض ألما وكنت أسمع صوت تقطع بعض خصلات شعري , حاولت الدفاع عن نفسي ولكن بلا جدوى فقد خارت قواي ولكنني حاولت استجماع القليل من قواي مكملة العراك كانت السجينات المجاورات لزنزانتنا يضحكون يهتفون باسم فهده مشجعيها لكي تدكني دكا , كانوا يصفقون ويصفرون استمتاعاً على حالنا التي من شأنها أن تبكيهم ولكن ماذا أنتظر من نساء سافلات و مجرمات , تتمتع فهده بقبضتان قويتان ولكنني كنت أسدد اللكمات لوجهها فلكمة الوجه هي القاضية كان النصر محسوم لها ومقاومتي لها بجسدي النحيل مستحيلة ولكنها ثبتتني بالأرض معلنة بذلك الظفر بالمعركة بابتسامتها .
همست بأذني قائله : من تحاولين هزمه أيتها الجميلة .
أجبتها بنبرة حادة : أنا أكرهك وأكره هذه الحياة لا أريد أن أتحول لمجرمة ساقطة مثلكِ , كما إنني لم أعد أطيق نظراتك القذرة أيتها الدنيئة , ما أن تلفظت بهذه الكلمة حتى ضربت رأسي بالأرضية فملئ دوي الضربة الزنزانة فأخذ السجينات المجاورات بالضحك والسخرية مني قائلين : ماذا حدث هل وقعت قبعة بالأرض وكان رأسك بداخلها .
رن الجرس معلنا ً بداية فترة الغداء .
اقتربت مني فهده قائله : حان موعد الغداء لنأكل من ثم نتابع العراك يا حلوتي .
ابتعدت عني فجلست في زاوية الزنزانة محدقة بالسقف .
فهده : ما بك ِ ؟؟
مها: لا أريد هذه الحياة المقرفة .
فهده : ما الذي لا يعجبك ؟؟؟
مها : لا يعجبني .... ولا أريد أن أبيع المخدرات .
فهده : حسنا لكِ ما تريدين ولكن إن لم تبيعين المخدرات لن تستطيعين العيش هنا ولا تتوقعين مني أن أدفع نفقاتك فأنت لا تحبين ... .
مها : سأجني المال بأي طريقة ألا عن طريق المخدرات .
فهده : يوجد طريقة أخرى ولكن أخبرتني قبل قليل بأن ... لا يعجبك بناء على ذلك لن تعجبك هذه الطريقة أيضاً .
مها : وما هي ؟؟
نظرت لي بعينان نصف مغمضتان قائله : صدقيني لن تعجبك أيتها الجميلة .
مها : لا تتبعي معي أسلوب الأطفال ما هي أخبريني .
فهده : كوني راقصة ولكن سيترتب على الرقص أشياء لن تعجبك أيضاً .
مها : قذرة وستظلين طوال حياتك قذرة .
فهده : احترمي ألفاظك وألا وضعت أسلاك الكهرباء في عينيك الجميلتان .
أجبتها بسخرية : ومن أين ستتدبرين الأسلاك .
فهده : استفزيني أكثر وسترين من أين سأجلبها .
مها : لا أريد هذه الحياة ... .
حضرت السجانة قائله : كفوا عن الصراخ حان موعد الغداء فتحت باب الزنزانة , خرجت فهده دون التأكد من أناقتها والجلوس أمام المرآة خمس دقائق وهي تعدل ياقة قميصها كعادتها يبدوا لي بأنني أغضبتها .
توجهت نحو المرآة وأخذت بالنظر كانت المرآة مكسورة وحالتها يرثى لها ومتسخة تأملت وجهي فسقطت دمعتي لم أعد أرى نفسي بل أرى مسخاً أخرجت الكحل ومرطب الشفاه من جيبي وأخذت بالتزين من ثم لبست من ملابسي الجديدة وأخرجت عطر فهده من تحت وسادتها وتعطرت به وذهبت لصالة الطعام , عند دخولي لصالة الطعام عم الصمت وأصبح الجميع يحدق بي وعند مروري عند بعض الفتيات أخذوا بقول كلمات والضحك لم أستطع سماعهم فكانوا يتحدثون جميعا في آن واحدة مما جعل استيعابي لا يستطيع تميز الكلمات فقد أختلط حروفهم ببعضها البعض , فرحت جداً فقد أشبعن ثقتي بكلماتهم المعسولة التي لم أستطع تمييزها .
صاحت إحدى الفتيات من طاولة تبعدني بضع أمتار قائله : وأخيراً أكحلتِ عيناك أقسم بالله بأنني لم أندم على ابتياع قلم الكحل تستحقينه وبجدارة .
عندما رأيتها فرحت جداً فقد كنت أتوق للقاء بصاحبة الكحل , أخذت بالتلذذ بنظراتهم وفرحهم بطلتي الجديدة متسائلة بداخلي هل أنا فاتنة لهذه الدرجة .
جلست بجانب الحيزبون ألقيت عليها التحية ولم ترد علي يبدوا بأن جمالي قد سبب لها الغيرة وجعل لسانها لا يستطيع رد السلام , كانت سعادتي لا توصف ولن تستطيع هذه العلقة أن تبدد سعادتي بعدم ردها للسلام .
بينما أنا ألتهم الطعام متجاهله العلقة التفت نحوي الحيزبون قائله : لقد تزوج علي على أختك رغد .
اتسعت عيني وعجزت عن أكمال اللقمة فأخرجت منديلاً من جيبي واضعة اللقمة بها تباً لها ما أن تراني مبتهجة حتى تقتل فرحتي يا إلهي هل سمعت ما قلت بداخلي , التفت للعلقة قائله : أرجوكِ أخبريني بأنكِ تمزحين .
الملكة دودو : منذ متى وأنا أجيد المزاح .
مها : كيف حدث ذلك .
الملكة دودو : تريدين التفاصيل عليك بمعرفة معلومة من أجلي .
مها : وما هي تلك المعلومة ؟؟؟
الملكة دودو : أريد معرفة موعد الحفلة التي تخطط لها فهده ولما تخطط لإقامة حفلة بدون علمي .
مها : ولكنها ... , دعي أخلاقياتك جانباً وفعلي ما أمرتك به .
لم أكن سأخبرها بأنني لا أعتزم الوشاية برفيقة زنزانتي و لكنني أنا أيضاً لا أعلم عن الحفلة شيئاً .
الملكة دودو : عندما تأتين بالإجابة سأعلمك بالتفاصيل .
انتهت فترة الغداء وأنا محدقة بالعدم لا أفكر بشيء فجأة أخترق عقلي فوج من الأسئلة في آن واحد .
رغد ما شعوركِ الآن ؟؟؟
هل تبكين الآن ؟؟؟
هل تريدينني بجانبك حاليا ؟؟؟
بعد ما حدث لك هل ستأتي لزيارتي ؟؟؟
***
عزيز : أهلا وسهلا .
الملكة دودو : كيف حالك ؟؟؟
عزيز : بخير وأنتِ كيف حالك ؟؟؟
الملكة دودو : لست بخير فعندما أريد شيئاً ولا أحصل عليه أشعر بالكآبة .
عزيز : أنا لا دخل لي ... قاطعته الملكة دودو قائله بصوت حاد : أنها مجرد صورة هل تعجز عن إحضارها .
عزيز : أنه يرفض أن يعطيني واحدة .
الملكة دودو : إذن ألتقط له صورة بدون علمه .
عزيز : لكن ... قاطعته مرة أخرى قائله : لن أتحدث معك مجدداً ألا بعد أن تصلني رسالة تحمل صورته .
أغلقت الملكة دودو الخط بوجه فور الانتهاء من جملتها تلك , كان فهد على مقربة من سيارة عزيز لتسليمه الظرفان الذي اتفق أن يسلمه له اليوم ,أخرج عزيز هاتفه الخلوي وألتقط له عدة صورة من ثم أرسلها للملكة دودو .
أنزل الهاتف الخلوي عندما أصبح فهد على بعد عدة أمتار منه , أنزل عزيز نافذة السيارة لوصول فهد فناوله ظرفين قائلا : الظرف الأول هو ثمن التوصيلة والآخر لمها , ودع فهد عزيز بعجلة وذهب مبتعداً, سمع عزيز صوت التنبيه من هاتفه الخلوي لوصل رسالة له , فتح هاتفه وشاهد رسالة من الملكة دودو .
((أحسنت وأخيراً أثبت لي بأنك
أهل للثقة ولكن الصور غير واضحة , أأمل بأن تدبر صور أكثر
وضوحاً )) .
***
قدمت فهده نحو السجانة مريم وهي تعتذر عن الإزعاج الذي سببناه قبل فترة الغداء .
فتحت السجانة باب الزنزانة قائله : لا أريد أية جلبة هيا فقد حان موعد ذهابكن للطبيب فأسنانكم ال... تسببت لي بصعود السلالم وإنهاك جسدي الرشيق .
نظرت لكرشها واللحم المتدلي من فوق تنورتها السوداء وقلت في نفسي : أي جسد رشيق تتكلم عنه .
ألقت علينا السجانة بعباءات قائله : هيا أسرعن بارتدائها .
أتردينها بسرعة من ثم قيدت يدانا السجانة بالأصفاد التي تتدلى منها سلاسل حديدية مرتبطة بحلقة متصلة بحزام ملتف حول خصرها , أخذنا باللحاق بها حتى وصلنا إلى الساحة الخارجية من ثم سرنا في زقاق طويل وبعد أن بلغنا نهاية الزقاق أدخلتنا مع باب صدئ ما أن دخلنا حتى فاحت رائحة المنظفات فتقلصت معدتي فنظرت لي فهده فأحست بتوعكي أوقفت فهده السجانة مريم قائله : تبدوا لي مها متعبة هل لنا بالجلوس لترتاح قليلا .
السجانة مريم : بضع خطوات ونصل لغرفة الاستقبال بإمكانكنَ أخذ استراحة قصيرة وبعدها تدخلن لدى الطبيب , سرنا ورائها حتى وصلنا للاستراحة اشتممت رائحة القرنفل فشعرت بالغثيان الشديد فأمسكت بقميص السجانة مريم من الخلف قائله : سوف أتقيء .
جذبتني مع قميصي بسرعة ووضعت وجهي في أقرب قمامة وأخذت بتفريع ما بداخل معدتي , مسحت فهده بحنان على رأسي حتى وصلت لأسفل ظهري قائله : ذهب البأس إن شاء الله .
نظرت لها بعيني فبادلتني نظرتي بابتسامتها المشرقة مطالبة بعينها بعقد هدنة , فأجابتها بإمائه عن قبولي لعرضها .
أمرتنا السجانة مريم بالجلوس في الاستراحة من ثم وضعت الحلقة الحديدية في أرجل المقاعد التي نجلس عليها وأحكمت عليها بالقفل .
توجهت السجانة مريم لعاملة الاستقبال وتحدثت معها من ثم عادت إلينا وهي تتصبب عرقاً من شدة الحر قائله : عشر دقائق وتدخلون لطبيب الأسنان وإياكم أن تحدثوا شغباً .
جلسنا أنا وفهده صامتين حتى كسر الصمت من قبل فهده قائله : هل تحسنتِ الآن ؟؟؟
مها : نعم ولله الحمد .
نظرت لي بعينان متسائلتان : ما الذي غيرك اتجاهي ؟؟؟
أجبتها وأنا انظر للأرض : لم أتغير أنها الصحوة من السبات .
أجابتني وهي تضحك: صحوت من ماذا ؟
مها : لن يرضى الله عني أن جاريتك في ... وسأكون آثمة أن بعت المخدرات للسجينات سيحاسبني الله يوم القيامة .
فهده : تذكرتِ الآن أن ما تقومين به محرم .
مها : أنتِ لا تعرفين الإسلام حق المعرفة منذ أن نقلت لزنزانتك لم أشاهدكِ يوما تصلين .
فهده : الله غفور رحيم .
مها : أستغفرك الله وأتوب إليك أسأل الله لكِ الهداية .
فهده : ماذا تريدين الآن؟؟؟
مها: أبحثي لي عن عمل آخر .
فهده : وهل أبدو لكِ بأأني أدير الموارد البشرية داخل السجن .
مها : أرجوكِ لا تلعبين دور البريئة علي فأنا أعرفك جيداً .
فهده : يوجد عدة وظائف ولكن كلها لن تجنين منها ثمن عملك الحالي .
مها : لا أريد سوى لقمة الحلال .
فهده : عودي للعمل بالمكتبة .
مها : هل تتلاعبين بي أعود لتوزيع المخدرات .
فهده : كنتِ توزعينها سابقاً ما الذي حدث الآن .
مها: أريد عملا آخر .
فهده : سأخبرك ما هو العمل الآخر .
أخذت فهده بتحسس جسدي فدهست قدمها بقوة فأغلقت عيناها من الألم عضاضتاً على شفتاها .
مها : لقد حذرتك مسبقاً .
أجابتني بصوت متوعد : سأريك ِ مها دعينا نعود لزنزانة من ثم سوف أريك , التفت نحوها فوجدتها تخبرني بعينها أن الهدنة تم خرقها .
نادت الممرضة بأسمائنا فالحقنا بها , أدخلتنا لغرفة الطبيب ثم غادرت الغرفة وهي مشيرة إلى أحدى المقاعد قائلة : أجلسوا هنا حتى أعود جلسنا في الكراسي حتى أقبل علينا شاب وسيم عريض المنكبين أهدابه كثيفة وشعره شديد السواد , أبيض البشرة .
ألقى التحية بصوته الرخامي من ثم قال : أنا طبيب الأسنان خالد .
لشدة دهشتنا بجماله لجم لساننا ولم نرد له التحية .
الطبيب خالد : من سأبدأ بعلاجها أولا .
وقفت فهده بجسدها الرشيق قائله : أنا .
أمرها الطبيب بأن تستلقي على كرسي العلاج وأن تخلع نقابها ليتمكن من علاجها .
أخذ بالنظر لأشعتها التي قامت بأخذها الأسبوع الفائت وقال : يوجد الكثير من التسويس لديك يبدوا بأنك تهملين تنظيف أسنانك .
لم تجب فهده خجلا لجماله وحرجاً من إهمالها ولكشف وجهها .
استقلت فهده على الكرسي ببطء وخدودها متوردة وهي تحتضن يدها ,أخذ الطبيب بطرح الأسئلة عن صحتها وتاريخ شجرة العائلة المرضي وهي تجيب بصوت خفيض حياءً , من ثم ملئ استمارتها الطبية , حضرت الممرضة وألقت على الطبيب التحية , أمرها الطبيب بأن تحضر الأدوات حتى يبدأ العلاج .
عم الصمت علينا حتى أحضرت الممرضة إبرة التخدير التي بدت وكأنها سلاح قاتل ما أن رأتها فهده حتى ذعرت وأغلقت فمها بيدها .
أخذت بالضحك عليها فهذه الإبرة كفيلة بالانتقام بدلا عني الله يمهل ولا يهمل .
شهر الطبيب عن ساعديه وأمرها بأن تفتح فمها وأن لا تتحرك ساكنة رفضت في بادئ الأمر ولكنه نجح في إقناعها في النهاية الأمر فوسامته كانت كفيلة بأن تروض هذه المهرة العنيدة , عندما هم بحقنها واقترب بالإبرة من لثتها دفعت فهده يده فحقن نفسه عن طريق الخطأ بسبب حركتها المفاجئة أخذ الطبيب بالولوله وأصبح يخبط بالحائط وهو يقول لماذا تحركتِ ؟؟؟
ألم أخبرك بأن لا تتحركين وتبقين ساكنة .
أجابته فهده وهي تسمك رأسها خوفاً : آسفة ولكنني الإبرة أخافتني .
أمر الطبيب الممرضة بإخراجنا وهو لا يستطيع تحريك يده فقد خدرت .
أخرجتنا الممرضة وفهده تجهش بالبكاء لحماقتها , حضرت السجانة مريم بعد أن أخبرتها عاملة الاستقبال بالحضور على الفور , عندما قدمت و رأت فهده تبكي سألتها مستفسرة : ما الذي حدث ؟؟؟
أجبتها بصوت حانق : دعينا نعود لزنزانة الآن أرجوكِ .
السجانة مريم : حسناً كما تريدون ولكنك يا مها لن تعودي معي ففوزية هي من ستأخذكِ .
مها : لماذا ؟؟؟
السجانة مريم : لديك زيارة ولا تخلعين عباءتك فالزائر رجل .
أجبتها بصوت سعيد : حسناً , جلست على الكراسي أنتظر السجانة فوزية وأنا أحرك ساقيا بحركة دائرية فرحاً , أفكر بهذا الزائر أيعقل بأنه فهد مجرد التخيل بأنه هو جعلني كالمخمورة عاجزة عن الحركة والتنفس وعقلي مشوش , أقلبت السجانة فوزية نحوي واصطحبتني لغرفة الزيارة عندما وصلنا هممت بخلع عباءتي فقالت السجانة فوزية : مها أن الزائر رجل دعي عباءتك حولك .
تناسيت بأن السجانة لا تعلم بأأني لا أتحجب عن فهد .
فتحت الباب وكنت أنظر للأرضية وأخطو بخطوات الهرة نحو الكرسي , جذبت الكرسي بخفة لأجلس , سمعت صوت أنفاس الزائر فرفعت نظري لأراه , كان رجل كهل وتقاسيم وجهه مليئة بالتجاعيد وبشرته بيضاء .
الرجل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
رددت عليه بخيبة أمل : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
الرجل : أعرفكِ علي أنا المحامي عصام الحمد .
أطرقت رأسي وجعلت نظري نحو الطاولة من هول الصدمة , محامي ما الذي حدث ؟؟؟.
المحامي عصام الحمد : مها لا أعرف كيف أنقل لكٍ الخبر ولكن , أخذ بحك خده ثم تلا آية من القرآن الكريم ( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) مها ... لقد ... توفي عمك .
أرجعت رأسي للخلف وعينتاي متسعتان وأنا أبلع ريقي قائله : متى حدث ذلك ؟؟؟
المحامي عصام الحمد : مساء أمس , مها ستعقد جلسة الأسبوع المقبل من أجل إصدار حكم بحق قضيتك .
حدقت بوجه المحامي لمدة دقيقتان بدون أن أطرف عيني فقال لي محاولا تخفيف الصدمة : إن شاء الله سيتنازلون عائلتك عن حق الدم .
أجبته بيأس : لا أريدهم أن يتنازلون أريد أن أموت .
اتسعت عينا المحامي عصام الحمد ثم قال : أستهدي بالله يا بنتي ولا تعيدين ما قلته .
أجبته بنبرة حزينة : أنا أكيده مما أريد .
تجاهلني المحامي قائلا : سأذهب اليوم لتفاوض معهم ومعرفة رأيهم حول التنازل .
مها : دعني أموت لا تفاوضهم على شيء .
نهض المحامي وهو يدعو لي بتيسير أمري وودعني قائلا : أنه سوف يعود عما قريب ليخبرني بموقف أصحاب الدم .
أتت السجانة وأعادتني لزنزانتي , و أنا ثقيلة الخطي متسحبة الأقدام ويعلوا على وجهي ملامح البؤس .
***
يتكئ فهد على مكتب الطبيب منتظراً الطبيب وأم إبراهيم وخلود يبكون حزناً وإشفاقاً على حال بثينة .
دخل الطبيب وهو يتحدث في هاتفه الخلوي عندما رآهم أنهى المحادثة وجلس خلف مكتبه قائلا :
أعتذر عن تأخري .
فهد : كيف حالها .
الطبيب : الحمد لله استقرت حالتها ولكنها خسرت الجنين .
عندما سمعت النبأ أم إبراهيم صاحت قائله : حسبي الله ونعم الوكيل .
وأصبحت خلود تذرف الدموع وهي تكتم شهقاتها .
الطبيب : لا حول ولا قوة إلا بالله .
فهد : هل سيطول مكوثها هنا .
الطبيب سنكتب لها الخروج غداً بإذن الله .
***
عندما عدت للزنزانة وجدت فهده غارقة بدمعها حاولت تهدئتها ولكنها كانت طوال الوقت تشتم نفسها وتمتم ببعض الكلمات أردت من يهدئ من روعي كانت أنفاسي متقطعة وقلبي يخفق بسرعة وعياني ممتلئة بالدموع ولكنني قررت جعلها حبيسة في سجن جفوني لن أطلق سراحها الآن لابد لعيني أن تتعذب معي , عاودت فهده للبكاء بصوت أعلى من ذي قبل , ألتفت فهده نحوي فوجدتني عابسة الوجه متراخية العضلات وعينتاي محمرة تسجن كم هائلا من الدموع .
فهده : ما بكِ ؟؟؟
أجبتها بصوت متهدج : توفي عمي .
فوجئت فهده بالنبأ فسقط من أعلى السرير واقعة على الأرض وانتصبت واقفة بسرعة وقدمت نحوي متناسية ألم السقوط وقالت : عظم الله أجرك .
أجبتها بحزن : بات موتي قريب .
وضعت يدها على فمي قائله : لا تقولي ذلك .
أجبتها بعد أن ذرفت الدموع : أنا محظوظة فالموت أرحم من المكوث هنا و انتظار المجهول .
أخذت بالضحك وبدأت الهستيرية تصيبني لا أعلم ولكنني رغبت بالضحك بلا توقف .
نظرت لها بعين كسيرة : فهده أنا قاتلة .
فهده : ( كل ابن آدم خطاء وخير , الخطائين التوابون ) .
مها : أسأل الله أن يغفر لي .
فهده : كنتِ تدافعين عن نفسك .
حدثتها بنبرة حزينة : فهده أدعي لي دائما وتصدقي عني .
قالت فهده محاولة لتغيير سياق الحديث : سيكرهني بعد ما فعلته به بالتأكيد .
نظرت لها بعينين نصف مغمضتين قائله : هل أعجبك الطبيب ؟؟؟
فهده : أعجبني آه لقد عشقته .
قهقهت ضاحكة وأخذت بمسك بطني من شدة الألم لقوة اهتزاز جسدي من الضحك قائله : يا إلهي يا فهده عشقته مرة واحدة , ثم أخذت بالبكاء لا أعلم ولكنني أحسست بأن أنني أختنق لهذا بكيت شعرت وكما أن جرحا كان مغلقاً وقد فتح من جديد .
فهده : أنا غبية وخرقاء .
مها : لم تأتي بجديد , وعدت لضحك من جديد .
, أخذت فهده بشتم نفسها بلا توقف عندما رأتني أضحك توالت بإطلاق الشتائم على نفسها لم تستطيع عن التوقف عن شتم نفسها تريدني أن أنسى ما حدث اليوم ولكن وهي تشتم نفسها , عاودت للبكاء من جديد .
حاولت فهده تغير سياق الحديث من جديد : علي بالعودة و الاعتذار منه .
توقفت عن البكاء وأجبتها وأنا أبلع نصف حروف مفرداتِ : ليس الآن فهو مشغول بتضميد جرحه بسبب حماقتك .
أجابتني وهي تضحك : مها كفي عن السخرية .
حدثتها بجدية قائله : هل هو مثير ؟؟؟
طأطأت برأسها خجلاً , فأخذت بالضحك وأنا أذرف الدموع حتى نهضت مسرعة أطرق باب الزنزانة لتحضر السجانة لتذهب بي لدورات المياه .
لم تحضر السجانة بسرعة وأنا كدت أتبول على سروالي من شدة الضحك فأخذت بالطرق مجدداً بقوة وبسرعة .
حضرت السجانة وهي تصيح قائله : حسناً أنا قادمة كفي عن الطرق .
فتحت باب الزنزانة فأسرعت بالذهاب لدورة المياه ما أن خرجت من دورة المياه حتى استقبلتني السجانة مريم قائله : أتبعيني .
سرت ورائها حتى وصلت للمكتبة خفق قلبي وأخذت بالارتعاش هل سأعود لعملي القديم أغلقت عيني ودعوت الله أن يفرج كربي وأن يكون ظني في غير محله .
السجانة مريم : أريد منك تنظيف المكتبة من جديد فلا يوجد بالسجن فتاة أبرع منك أنتِ الأفضل .
عضضت على شفتاي قائله : بالتأكيد أنا الأفضل .
حمد الله كثيراً بأن ظني لم يكن في محله , توقفت لبعض دقائق وأنا مغمضة عيني وأتخيل السجانات يقومون بسحبي حتى يقومن بإيصالي لساحة القصاص فتحررت دموعي السجينة .
فتحت عيني وعدت لواقعي ومسحت دموعي مرددة بداخلي الموت أرحم الموت أرحم .
أخذت بترتيب المكتبة ومسح الغبار ودعك الأرضية وأخذت بجمع الأوراق الملاقاة وأنا أبكي حتى وصلت للصحائف لفت نظري خبر في الصفحة الأولى مسحت دموعي وأخذت بالشهيق والزفير بقوة حتى أستطيع التوقف عن البكاء , عندما قرأت الخبر توقفت عن البكاء , أحرقت أحلامي , ألقيت بالجريدة خلفي كان الخبر يفيد بأن العام الدراسي قد انتهى , أضاف هذا النبأ فشلا جديداً في حياتي ولكني سرعان ما عدت وأخذتها ووضعتها في حاوية الورق خوفاً من السجانة مريم فلن يروق لها أن أرمي الصحيفة على الأرضية .
عندما انتهيت من العمل أخذت بجمع أدوات التنظيف , عندما استدرت شاهدت امرأة شابة بدا عليها النضج أطلت النظر بها حتى رفعت رأسها فتلاقت أعيننا , أخذت بتلمس خصلات شعري خجلا وحك حاجبي محاولة اصطناع التفكير , تقدمت نحوي قائله : السلام عليكم .
مها : وعليكم السلام .
المرأة الناضجة : أعرفك على نفسي أنا جنان المشرفة الاجتماعية هنا .
مها : أهلا بكِ .
جنان : رأيتكِ تبكين منذ قليل هل لي بمعرفة ما أزعجك ؟؟؟
أخبرتها بسبب انزعاجي فوضعت يدها حول كتفي قائله : اصنعي شيئا ً تمنيت فعله طوال حياتك قبل فوات الأوان .
عندما قالت تلك الجملة اخترقت جسدي سهام حروفها فأردت حزني قتيلاً , حدثت نفسي قائله و فوق رأسي لمبة مضاءة بفكرة ذهبية : سأفعل ما لم أستطيع فعله طوال حياتي سأصبح محامية وأرفع قضية على سجن الأحداث .
عندما انتهيت من العمل أعادتني السجانة مريم لزنزانة الحيزبون عندما دخلت لزنزانتها وجدت فهده جالسة على الأرضية , وقفت وأنا أحملق بوجه فهده متسائلة لماذا نحن هنا ؟؟
تحدثت الملكة دودو بغضب قائله : أيتها الحقيرتان كدتما تسببان لنا مصيبة بعراككم .
فهده : وكأن سمر لم تفتعل عراك قبلنا .
الملكة دودو : لقد أخذت عقابها .
يطوف في صدري كم هائل من الغضب إنني تحت ضغط كبير لما لا أخرج بعض منه على هذه العلقة التفت من حولي فلم يكن بالزنزانة سوى أنا وفهده هجمت على العلقة و أبرحتها ضرباً , حاولت فهده التفريق بيننا ولكنها عجزت فقد كنت ثائرة وضرباتي قوية , دفعتني الملكة للخلف وأشهرت موس الحلاقة نحوي هجمت علي فوقفت فهده أمامي دفعاً عني فتلقت الضربة بدلا مني , سمعت صرختها المتألمة , من ثم رأيتها تضع يدها حول وجهها الدامي ثم هجمت علي العلقة فهرعت بالهرب فشقت لي ظهري بالموس بطول 10 سم بعمق 2سم وقعت بالأرض وأنا أصرخ متخبطة ألماً .
سمعت العلقة تقول : لا تلعبن مع الكبار مجدداً .
بدئت بالهذيان لشدة الألم , سمعت الحيزبون تقول : أحضروا النقالة يوجد جريحتان , انتظرت لعدة دقائق فحضروا السجانات وحملونا للمستشفي , عند وصولي قاموا بحقني بالمورفين ففقدت الوعي .
ما أن استيقظت حتى أحسست بلهيب في ظهري عندما جلت ببصري في الغرفة وجدت رغد بالسرير الذي بجواري تشاهد التلفاز فقلت لها : رغد حمد لله على سلامتك كيف حالكِ ؟؟؟
رغد : حمد لله , أنتِ كيفك الآن ؟؟؟
مها : أشعر بحريق مشتعل في ظهري .
رغد : طهوراً إن شاء الله .
مها : متى سوف تخرجين من هنا .
رغد : لقد أصبت بشلل بعد الحادثة .
مسكت رأسي من هول الصدمة قائله بصوت عالي : لقد أصبتِ بالشلل .
رغد : نعم , الحمد لله .
مها : آسفة ... قاطعتني قائله : أنه قدر الله وأنا راضية به .
تعجبت لأمرها هل يعقل لسجينة كل هذا الأيمان سبحان الله ليس كل من بالسجن فساق .
مها : أين فهده ؟؟؟
نظرت لي وهي ترتعش قائله : لا تريدين رؤيتها .
أخذت أنادي على السجانات حتى حضروا .
السجانة مريم : حمد لله على سلامتك .
مها : أين فهده ؟؟؟
السجانة مريم : ما أن تخرجي سوف ترينها ثم ذهبت تاركتني خلفها وأنا أصيح بها مطالبة برؤية فهده ولكنها تجاهلتني.
خرجت من المستشفي بعد يومان عند عودتي للزنزانة كنت أسرع الخطى فقلبي يريد الاطمئنان على فهده لدى دخولي لزنزانة وجدت فهده منكسة رأسها صحت قائله : فهده كيف حالك ؟؟؟
رفعت رأسها فظهر لي وجهها المشوه توجه حوالي 10 قطب في وجهها والضمادة تلف نصف وجهها وهي غير محكمة التضميد لقد تسببت العلقة في جرح يمتد على طول خدها .
مها : الحقيرة سأطيح بها.
ردت فهده علي بسخرية وهي تبكي : أنه بحلم صعب المنال .
مها : لا أخشى شيئا سأجعل هذه الحقيرة تتنحى عن العرش وسأهرب عائشة أثناء عرض المسرحية وسأدعها هنا تقبع للأبد .
فهده : وأنا أريد الهرب مع عائشة .
مها : حسناً , ولكنني لن اهرب معكم .
فهده : ولما ؟؟؟
مها : سأبقى هنا لأحرر السجينات من حكم الحيزبون فقد دبرت مكيدة لها ستمنعها من الهروب معكم .
فهده : مها أنتِ أفضل شيء حدث في حياتي .
تأملت وجهها الجميل الذي شوهته القذرة أحسست بغصة بحلقي صديقتي وعصفورتي مشوهة بسببي ليتني تلقيت الضربة بدلا عنها لما وقفت أمامي أنا لا أستحق .
***
بعد مرور شهر
غسان : عظم الله أجرك .
فهد : أحسن الله عزاك .
غسان : أعلم بان الوقت غير مناسب ولكنني لدي موضوع أرغب بمناقشته معك الآن .
فهد : ما الأمر .
غسان : هل تذكر ما قلته لك قبل أسبوعان لقد تم الأمر والحمد لله .
فهد : لم أعد أرغب بذلك بعد الآن .
غسان : أنها فرصة لا تعوض عليك أخذ الأمر بجدية .
فهد : ولمن سأترك عائلتي ؟؟؟
غسان : أخوك علي سيتكفل بهم .
فهد : علي رجل بلا مروه وشهامة , لن يتكفل بهم بشكل لائق .
غسان : لا تتعجل بقرارك فكر بالأمر ملياً .
فهد : حسناً .
***
بثينة : ناصر هيا قم لصلاة الجمعة هيا , رفسها ناصر قائلا : أيتها البومة أبتعدي عن وجهي .
بثينة : أن كنت أنا بومة فأنت غراب .
ناصر : ما الذي جعلني أتزوجك أنكِ صفقة خاسرة .
بثينة : جيد أنك تعلم بأن زواجنا صفقة .
ناصر : ولا تنسين البضاعة فاسدة .
بثينة : ناصر تعجل بالنهوض فلم يتبقى شيء على أقامة الصلاة .
ناصر : أحضري لي كوباً من الشاي بدال وقوفك أمام وجهي وتعكير صباحي .
بثينة : سأحضر كوب الشاي لعله يدفعك لنهوض والصلاة .
ذهب بثينة لأعداد كوب الشاي وحضرت بعض الشطائر عندما دخلت لغرفة النوم وجدت ناصر يدخن السجائر فوضعت كوب الشاي وطبق الشطائر على السرير .
ناصر : أحضري كوب ماء فأنا عطش إلي متى وأنا سوف أعلمك الأصول.
ذهبت بثينة وأحضرت كوب الماء عند عودتها طوقها ناصر بذراعيه وجذبها بجانبه ليحتضنها على السرير آمرها بأن تقضم من الشطائر بعد أن قضمت الشطائر جعل كوب الشاي على مقربة من شفتيها قائلا : أشربي .
تعجبت بثينة لتصرف ناصر الحنون و الرومانسي فهو بالعادة يكون غالباً لا يريدها بجانبه ودائماً يردد على مسامعها بأنه يتمنى موتها .
حمد الله ودعت الله أن تكون بداية نمو بذور التوبة في حقول فساده .
***
أقرأ بعض الصفحات لرواية العشق المكتوم كنت منسجمة جداً بالقراءة بل أصبحت مولعة بها فهي تقطع الوقت وتجعلني على صلة بالأحداث الخارجية , حضرت السجانة فوزية قائله : أنهضي هيا و تبعيني .
نهضت وتبعتها أثناء السير سألتها : ما الأمر ؟؟؟
السجانة فوزية : لديك زيارة .
اتسعت عيني وأخذت بتسريع خطواتي وأنا أتمايل بجسدي فرحا , بالتأكيد أنها رغد أتت لتزورني بعدما عرفت حقيقة علي وسماع نبأ موت عمنا.
دخلت غرفة الزيارة فأمرتني السجانة بارتداء عباءتي تباً أنه المحامي مجدداً كيف نسيت ذلك لقد أخبرني بأنه سوف يفاوضهم لقد قدم ليعلمني بردهم , ارتديت عباءتي ودخلت غرفة الزيارة خائبة الأمل , رفعت رأسي لأصعق تسمرت في مكاني وتصلبت عروقي
أنه ....
فهد : أهلا مها , أسرع نحوي وعانقي وأخذ بتفحص يدي وجسدي قائلا : هل يؤذنوك هنا ؟؟؟
لم أجبه وبقيت صامته .
فهد : لقد كبرتِ , تغيرتِ كثيراً .
نظرت له بحياء محدثة نفسي قائله : حتى أنت كبرت كان شارباك خفيفان الآن بات لك ذقن وذا جسم ضخم لقد تغيرت كثيراً أصبحت رجلا عهدتك صبيا أصبحت الآن رجلا أكثر وسامة .
قاطع فهد شرودي قائلا: مها هل أزعجكِ قدومي ؟؟؟
أجبته بنبرة حزينة : لم يزعجني حضورك ولكنني كنت أتوقع أن تأتي رغد لزيارتي لا أنت .
رفع حاجبيه وزم شفتيه قائلا : هل أسعدكِ قدومي .
نظرت له وعيني توشك على ذرف الدموع قائله : لا تعلم كم أدخلت السرور على قلبي الآن .
تبادلنا ابتسامات الحب وتغزلت عيناه بي .
فهد : مها أريد أن أعقد قرآني بك .
أخذت نفساً عميقاً ومسكت أرنبة أنفي فبعد القنبلة التي ألقاها عجز لساني عن التحدث
فهد : مها ما بكِ ؟؟
رددت بسخرية : كيف ستتزوج بي وأنا سجينة ؟؟؟
فهد : أريد أن تكونين ملكي وحدي حتى ولو تم الزواج بيننا على الورق فقط .
ذرفت الدموع ورحت أجهش كالخرقاء , أقترب مني وهمس قائلا أنت أجمل إنسانة التقيت بها وأكثر فتاة خلوقة قابلتها أريد بأن تكوني زوجتي أخرج من جيبه علبة سوداء وفتحها شاهدت خاتم من ذهب تنصفه ألماسة ألبسني فهد الخاتم ومن ثم جلس على الكرسي قائلا :
قبل أن أعرف ردك سأخبرك شيئا , أن أردتِ الزواج بي سنعقد القرآن حالا فالمأذون بالخارج ولكن هذه أول وأخر زيارة لأنني بعد غد سأسافر لبريطانيا فقد قبلت في جامعة أكسفورد وقد أعطيت منحة عن طريق غسان إن كنتِ تذكرينه فعمه قد سعى في أمر أبتعاثي .
تبددت أحلامي وتخلل السواد أمالي عندما يخبرني برغبته بالزواج بي تقف البعثة عائقا بيننا , هدئت نفسي بالقول لها : أنتِ سجينة لماذا أنتِ حزينة كان في سفر أو كان بجانبك لن تشعرين بالفقد فأنتِ سجينة .
رفعت ناظري له فتشابكت نظرتنا حركت شفاهي ببطء قائله : موافقة .
مسك يدي ووضع الختم بأصبعي وطبع قبلة حارة على يدي وأخذ يصيح باسم السجانة فوزية , عندما قدمت قالت : بشرني يا فهد هل قلبت .
هزا رأسه وقال : أبشركِ لقد وافقت .
اقتربت مني السجانة فوزية وقبلتني وأخذت بالمباركة وأحضروا المأذون وجدي وعقدوا القرآن بارك جدي لي والسجانات وتركونا أنا وفهد لوحدنا بضعة دقائق , لم يضع فهد الفرصة ألقي بجميع كلمات الغزل التي بجعبته وجرفني بسيول نظراته المتغزلة انتهى وقت الزيارة فودعني بقبلة طبعها على جبيني قائلا : سأتنازل عن حقي بالدم وستخرجين قريباً وتسافرين معي مها عليك بالصبر مجرد فترة زمنية بسيطة وتفرج .
عندما خرج وأغلق الباب أحسست بدوران فتكأة على الكرسي أمسكت بيدي السجانة فوزية لتعيدني لزنزانتي .
أثناء سيري للعودة لزنزانتي أخذت بالتفكير برغد لما لم تزرني أريدها بجانبي ألان أريدها بأن تبارك لي يا إلهي أتمنى محادثتها .
عند دخولي لزنزانة سمعت عدة أصوات تقول :
Spares ( مفاجأة )
تملئ البالونات والزينة المكان .
عطرنني الفتيات ووضعوا لي الحلي البراقة وأحضرت دينا طبق حلويات وود باقة ورد و لمياء فستان أبيض بسيط وفهد أحضرت تاج صغير
باركن لي وأخذوا بوضع مساحيق الزينة لي , دعت فهده جميع السجينات للحفل الذي ستقيمه بناسبة عقد قرآني الليلة كان هذا سبب تكتم فهده عن الحفل وعدم إخباري يالها من صديقة رائعة أخذت بالبكاء لشدة سعادتي بتجمعهم حولي فطوقنني الفتيات ومسحن دمعي وأخذنا بالرقص وتوجهنا للساحة الخارجية للاحتفال .
انتهى الفصل
والقادم بأذن الله
بعنوان
الرجل