بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من خلال نافذتي الخاصة بي أريد تسطير أحرفي المتواضعة لقراء عرب قد يروق لهم سماع هذرة فتاة روائية لديها قليلا من الحس الفن الروائي
أنا فتاة عربية مبتدئة أرادت أن تقدم أحرفها لقراءة سيجودن عليها بكرمهم لقراءتهم لما طبعته أحرف حاسبي آلي على نافذتي الخاصة
ولقد نشرت روايتي هذه في منتدى آخر ولكنني سأنشرها هنا مع بعض التعديلات عليها .
نوع روايتي : أجرامي , أكشن , تشويق , غموض .
مكان أحداث الرواية : المملكة العربية السعودية تحديداً مدينة الرياض .
عدد الأبطال : واحد وهي البطلة مها والبقية أدوارهم ثانوية .
عدد فصول الرواية : قرابة العشرين فصل .
ملخص مختصر لروايتي أعددته لم يرغب بمعرفة المحتوى حتى أتيح للقراء معرفة ما هم مقبلين على قراءته
مها فتاة فائقة الجمال يعقد قرأنها على شاب ثري من ثم تدخل السجن بتهمة لم ترتكبها عمداً ويشهد ضدها أربعة شهود زواراً فتقبع فترة زمنية بداخل أساور سجن الأحداث تدور داخل السجن وما يحدث من أمور محظورة بداخل أسوار السجن
أتمنى أن ألقى نقداً أكثر من عبارات المديح أنا هنا أقف على عتباتكم أيها القراء منتظرة سماع ما جال بصدوركم من نقد أو شيء لم يعجبكم عبروا عما خطر بأذهانكم بحرية لا تقوموا بتصفية كلامكم وتنقيحه حتى لا تجرحوني أنا أتقبل كل ما تقولون بصدر الرحب ولستم مجبرين على أن تكونون لبقين معي أنا هنا لأرتقي بنقدكم كونوا على سجيتكم معي وابتعدوا عن الاصطناع فأنا أحبكم كما أنتم لذواتكم ولكم حرية الرأي
والآن سوف أودعكم لتلتقون بأحرفي المتواضعة
الفصل الأول بعنوان ( البداية )
أسير بخطى متقاربة خجولة وأعين الحضور من حولي تترقب أية حركة عضلية خاطئة قد تضيف حدثا طريفاً ليلهم الذي ينون أن يعتكفون آخره بجلسة غيبة ونميمة مطولة , توجت ملكة لحفل زفافي لروعة ثوبي الأبيض الناصع المرصع بالكريستال الشوارفسكي وطرحتي التي نسجت من خيوط الذهب الأبيض وصدر فستاني الذي طرز بالآلف الخرز والكريستال , بين يدي الصغيرة أمسك بباقة من الورد الجوري المستديرة ويتدلى منها قماش بآخره باقة ورد جوري مستديرة أخرى أكاد أقع من الضنك فوزن الباقة كبير جداً ويكاد جسدي الضئيل يستطيع تحمل مجهود حملها خلال فترة زفتي بجوار زوجي المستقبلي بندر , أما عن زينتي فهي بسيطة غير متكلف بها أظهرت جمالي مكسبه إياي طلت بهية حسدني عليها الحضور بأكملهم .
وصلت لمنصتي المزينة بقوس من الوردي الجوري الضخم ويتدلى منه المئات من سلاسل اللآلئ أسرعت للأريكة لألقي بقليل من ثقل باقتي على الأرض فجذبني فارس خلاصي بندر نحوه بشكل مفاجئ هامس بأذني :
دعينا نلتقط صورة لنا سوياً أولا .
أردا مني أن أقف بجانبه أمام المصورة لأهبه قطعة من الورق ذكرى أبدية لحفل زفافنا لتصطف بجانب الصور الأخريات في ألبوم من شهود العيان لجريمة عمي .
فجأة في وسط الزخم وزغاريد الفرحة رأيت الحضور يتحدثون بشكل يثير الرهبة وأعينهم يملئوها الذعر والهلع يلوحون بأيدهم لبعضهم البعض بخوف , عم على الأجواء الربكة والضجة أنقسم الحضور إلى قسمين
قسم من النساء أسرعوا بالهرب وهم مذعورين والقسم الآخر كن متسمرين في أماكنهم بلا حراك كأنهم تماثيل ثلجية يتصببون عرقا من شدة الخوف
يشق هذا الفوج المولى فرار شخصاً لم أستطع معرفته ولكنه يشق الطريق باتجاهي بسرعة ويبدوا لي هو سبب وراء كل تلك الفوضى ومشاعر الهلع .
وصل هذا الشخص الذي أخاف الجميع إلى وهو يخفى وجهه وراء شماغه , حملقت في وجهه محاولة معرفته ولكنني لم أستطع التعرف عليه , رفع رأسه وبتلك اللحظة شاهدت عيناه فعلمت بأنه فهد أبن عمي كانت عيناه تنذر ببدء معركة سفك دماء وضعت يدي على صدري خوفاُ وتوقفت عن التنفس لبضع ثوان وشعرت بتشنج في أمعائي .
أدخل يده في جيبه وأخرج منها مسدساً وأشهره نحو زوجي بندر , يمسك المسدس بثقة ويدان ثابتان ويرمق زوجي بنظرة حادة واضعاً أبهامه على الزناد بحزم , أطلق النار على صدر بندر فسقط أرضاً ملوثا بياض فستاني بدمائه المتناثرة أمسك بندر وأنا أرتجف من هول الصدمة أحاول أن أستعيد رشدي ولكنني عاجزة فما حدث شل تفكيري .
رنين الهاتف المستمر أيقظني من كابوسي المرعب الذي يتكرر كل ليلة منذ عقد قرآني لبندر , نهضت من سريري مذعورة وحمدت الله على انتهاء هذا الكابوس المزعج التفتت نحو هاتفي الخلوي فهو مازال يرن ليذكرني بضرورة إجابتي على المتصل .
حملت هاتفي الخلوي وعيني حولها هالة من السواد لعدم أكتفائي من النوم منذ ما يقارب الشهر فهذه الكوابيس حرمتني من لذة النوم وأنهكت جسدي الهزيل وساهمت من زيادة شحوب لوني , أجبت على المتصل بصوت مخنوق من شدة الهلع: ألو .
بندر : الو غاليتي مها عذراً يبدوا بأنني أيقظتك من نومك .
مها : أهلا, قلتها بصوت منخفض خجول , احمرت على إثرها وجنتاي وارتجفت يداي, الحمد لله بأنك أيقظتني فقد كنت أشاهد كابوساً .
بندر: أكرر اعتذاري , صمت لولهة ثم قال : ما رأي جوهرتي المصونة بأن ترافقني لتناول العشاء بالخارج ؟؟؟
بعد هذا السيل العارم من الكلام المعسول انعقد لساني واختلطت كلماتي قائله : سووف اناا لابااأس حسناً, وأنهيت المكالمة في الحال .
نهضت مسرعة واتجهت لمرآتي و نظرت إلى وجهي لعله استيقظ كما استيقظت لكنه كان مستغرقا في نومه غير مبالي بحاجتي الماسة لمساندته لي في هذه الظرف الحرج علمت حينها أن فنجان القهوة هو الحل ...
توجهت للمطبخ مسرعة وأعددت كوباً من القهوة ارتشفت رشفة من قهوتي الثقيلة كما أحب فإذا بهاتف المنزل يرن, ترددت في الإجابة على الهاتف فإحساسي الداخلي يخبرني بأنه ليس بندر , بعد فترة من التفكير والتردد قررت رفع السماعة قائله : ألو .
حينها علمت صدق إحساسي فقد كانت رغد ...
رغد : كيف حالك يا قطة؟ ( كانت دائما تلقبني بالقطة لشدة خجلي )
مها : بخير وأنتٍ ما أخبارك ؟
بصوت مرح وسعيد قالت : الحمد لله , ما رأيك في الذهاب للسوق معا لنشتري لي فستاناً لحفل زفافك وإياك والرفض وإلا سآتي إليك وأختطفك بكل شراسة , ضحكت بشده .
بادلتها بضحكة مصطنعة محاولة الفرار من هذا الموضوع فأنا أعشق المكوث بالمنزل ولا أحبذ فكرة الخروج منه لأجل التسوق .
بصوت لحوح لجوج قالت :هيا أرجوك فأنا أريد الأخذ بمشورتك وأن أعرف رأيك بما سأنتقيه من فستان لحفل زفافك الأسطوري يا سندريلا .
أجبتها بكل برود : البسي ما شئتِ فرأيي لن يغير من الأمر شيئا .
لم أكمل كلماتي فإذا برغد تصرخ وتزمجر وتتوعد , أغلقت السماعة بكل ما أوتيت من قوة جعلتني أهتز في مكاني بدون توديعها فقد ضقت ذرعاً بها .
رغد هي أختي التي تكبرني بأربعة أعوام , ولم يتبقى لي في هذه الدنيا سواها , كنا نعيش بكل سعادة في كنف أسرة متآلفة ومتكاتفة , أبصرنا النور وفي أفواهنا ملعقة من ذهب وأيدينا وأعناقنا أثقلتها سلاسل الذهب وأنفس الأحجار الكريمة , حتى أتى ذاك اليوم الموعود الذي فقدنا فيه حياتنا الرغيدة خسرنا ما هو أغلى من ذلك أمي وأبي, كان ذلك في العاشر من شهر محرم عند طريق الملك عبدالله وقع حادث سيارة مؤلم انتزع روح والدي ووالدتي منتزعاً بذلك ابتسامتنا البريئة , ومنذ ذلك الوقت وأنا أعيش في منزل عمي مع ابنتيه خلود وبثينة , تزوجت شقيقتي رغد التي كانت في منزلة أبي وأمي من علي ابن عمي وهي لم تبلغ الخامسة عشر من عمرها كانت طفلة صغيرة وقد عانت الأمرين في حياتها الزوجية ولم ترزق بأطفال منذ أربعة أعوام لكنها لم تيأس ولم تدع طبيباً إلا ذهبت إليه
أخبروها بأن حالتها ليست بالمستحيلة لكنها تحتاج للصبر والتروي ففترة العلاج قد تطول .
بعد لحظات من إغلاقي من سماعة الهاتف إذا به يرن من جديد , يا إلهي هل غيرت رأيها بهذه السرعة , رفعت السماعة على عجل وأنا أردد لا لا لا لا أريد الذهاب ... آآآ يا إلهي !! ابتلعت ريقي , لم تكن رغد المتصلة بل هو بندر ...
ارتبك بندر ولم يعلم ماذا يقول لكنه اكتفى بقوله : (أوكي) كما تريدين يا عزيزتي ...
أجبته بسرعة الضوء : بندر لم أكن أقصدك أنت ولم أكن أتوقعك بأن تكون أنت المتصل كنت أظنك أختي رغد وكانت تصر علي بالذهاب معها للسوق وكانت ....
قاطعني بصوت حانق : لا داعي لإيجاد الأعذار فإن كنتٍ لا تريدين الذهاب معي فلا بأس فأنا احترم وجهة نظرك .
حينها أحسست بحاجة لأن أبوح بمكنونات قلبي وأعترف بما يجول في أعماقي والسماح لما يطوف من كلمات من الغزل بصدري بأن تتحرر ... مها : بندر أرجوك أريد الذهاب معك بندر أنا يا إلهي كيف أقولها أنا أحبك وأتمنى أن أخرج معك ولو لدقيقة واحدة ...
تلعثم بندر للمرة الأولى وهو يتحدث معي وانتشى لسماعه ما قلت وأطلق زفرة أخبرتني بمدى سعادته لسماعه لتلك الكلمات هذه الكلمات التي طالما تمنى أن يسمعها مني وطالما حاول أن يعتصرها من فمي لكن هاهي قد خرجت اليوم ...
ضحك بخبث وقال : وأخيرا تصدقتٍ علينا بكلمة يتيمة , ولكنها من فمك كسيل عارم من الغرام , جوهرتي قتلني الشوق إليك , أنا قادم إليك بلمح البصر ...
مها : لا يا بندر لا تسرع أرجوك لا تدعني أقلق عليك ؟ قلتها بصوت يكاد يسمع ...
أطلقت أسارير بندر وأحسست بضحكته التي يحاول إخفاؤها بكتم صوتها ...
أغلق بندر الهاتف , قبل أن أضع سماعة الهاتف سمعت قهقهة مكتومة وبصوت هادئ , علمت بأنه فهد , فكثيرا ما يتصنت لمكالماتي مع صديقاتي , صرخت بالهاتف صرخة أصمت أذنيه : فهد تباً لك سوف أقطعك إلى قطع صغيرة وأرمي بك إلى الكلاب ...
انفجر فهد بالضحك قائلا : لم أستطع أن أفوت أجمل حلقات مسلسل روميو وجولييت .
مها: ألا تشعر بالخجل من نفسك , ألا تعلم بأن التجسس لا يجوز ...
أغلقت الهاتف وأنا في شدة الغضب وأرى بقع من السواد تحجب الرؤيا عني , فهد ابن عمي دائما ما يثير غضبي بتصرفاته الصبيانية, ولكن بالرغم من ذلك فأنا أحبه منذ نعومة أظفاري , أحببته وأحبني وكان يكتم تلك المشاعر طوال معيشتي معه تحت سقف واحد ولكنه قرر رمي بسهم اعتراف حبه لي ليلة عقد قراني ... تجاهلته ولم أبد أية أهتماما بالموضوع لأنني كنت متيقنة برفض عمي لارتباطي بابنه فهد لأنه لا يريد تفويت مهري الذي سيبتلعه ولا أريد إشعال فتيل شمعة الأمل لدى فهد بعودة قصة حبنا للحياة بمبادلته كلمات الحب غلفت قلبي بغطاء سميك من الإحساس المعدم , منذ ذاك اليوم وفهد يعتزم قتل بندر ...
ذهبت لغرفتي مسرعة, زينت وجهي بكل ما لدي من مساحيق التجميل , أنهيت زجاجة العطر على جسدي, أصبحت كوردة لم تقطف من البستان, ارتديت بنطلون الجينز الضيق ولبست حذائي الأسود ذو الكعب العالي , رن جرس المنزل, أسرعت بالنزول وفتحت الباب فإذا بعمي قد نسي مفتاح المنزل ..
نظر إلي بسخرية وأطلق إحدى ضحكاته المصطنعة وأردف قائلا: ما شاء الله أين ستذهب عروستنا الجميلة ؟
لم أجبه بل انحنيت خجلاً وأسدلت غطائي على وجهي كي لا يرى احمرار خداي .
حينها أجاب هو على سؤاله قائلا: لا حاجة لتخبريني فكل هذه الزينة لن تكون إلا لبندر .
حدثت نفسي قائله : ما أسخفك لا داعي لأن تحرجني يا عمي ...
دخل المنزل وتبعته إلى غرفة المعيشة وأنا مطأطئة رأسي وصوت حذائي يصدح بأرجاء المنزل , جلس على أريكته المفضلة وتنهد تنهيدة طويلة تدل على أن ما بعدها كلام لا يبشر بخير.
أبو إبراهيم : مها أنتي لدي بمثابة ابنتي الثالثة , وأحاول إسعادك قدر المستطاع لكني لا أستطيع أن أقيم لك حفل زفاف كبير لأني خسرت في الأسهم خسائر فادحة , لذلك قررنا أن نقيم لك احتفالا مصغرا في المنزل .
تسمرت في مكاني, علمت بأنه قد استولى على مهري كما استولى على ما ورثته من والدي ولن يكلف نفسه حتى بأن يفرحني أو يجعل الناس تفرح لي , سبقت عبراتي عباراتي لا أعلم ماذا أقول , اكتفيت بالصمت فهو خير صديق لي في هذا المنزل ...
أحس بحزني عمي فسألني: ما بك ؟
ألم يعجبك كلامي؟
نظرت إليه بنظرة تحمل غضباً مكتوم , لم أستطع أن أخرج ما في صدري وأتخلص من ألسنة النيران التي تشتعل في داخلي لكنني أنهيت حديثي معه وتحججت بأني قد اشتقت لوالدي وكم تمنيت أن يكونا بجانبي في هذه الأيام .
قال عمي بصوت يدعى الحنان : رحمهما الله ولكن هذه حال الدنيا, حك فروة رأسه ثم أردف قائلا : لقد تذكرت يا مها شيئا مهم , نريد أن نغير دهان وأثاث المنزل فقد أصبح بالياً وقديما ولا نريد أن يسخر الضيوف علينا في حفل زفافك .
بدأ المطر في الهطول وزخات المطر تقذف نفسها على نافذة غرفة المعيشة بقوة وكأنها دمعات قلبي التي تنزف حرقة على حالي تزداد القذفات قوة تجاهلت صوت عمي وأخذت بالإنصات لصرخات زخات المطر فهي تصرخ مستغيثة بدقائق الغبار علها تتكاتف وتحررني من أغلال بؤسي , الحقير أتخذ من قدم المنزل مبرراً للاستيلاء على مهري .
نظر إلي وعلم بأني قد علمت بمراده , وأخذ يردد أعذاره الواهية بأنه قد خسر أموالا كثيرة ووو ...
زخات المطر بدأت بالتزايد أكثر من ذي قبل وكأنها تريد غسل خطايا الناس التي أثقلتها أكتافهم , بدأت أفكر لماذا لا أستطيع الدفاع عن نفسي والتصرف بأموالي وأحوالي , كيف ذلك ونحن في بلادنا المرأة العازبة صوتها كصوت الزرافة !!!
رن هاتفي المحمول , نظرت إلى الشاشة فوجدت أسم بندر , كدت أطير فرحا وتراقصت سعادة لأني اشتقت إليه واتصاله يعنى أنه أمام باب المنزل يقتضي ذلك نهاية لحديث عمي القاسي والجاف , ذهبت مسرعة وأنا أمسح أثار دموعي , تبللت أطراف عباءتي في الطريق , صعدت إلى السيارة وجلست في المقعد الأمامي الذي طالما حلمت بأن يكون مكاني بدلا من تزاحمي أنا وبنات عمي في مؤخرة السيارة .
فجأة طرق شخص ما زجاج النافذة القريبة من بندر , لم أستطع رؤية ملامح هذا الشخص البغيض بسبب الضباب الذي يغشى زجاج النافذة .
أنزل بندر النافذة فرأيت فهد , يا إلهي إنه فهد ,أرتفع نبضي وارتعشت أطرافي وتصبب العرق من مسامات جلدي , أخذت أسترق النظرة تلو النظرة لفهد فمازال قلبي أسير حبه , أزحت نظري فأنا زوجة بندر ويجب علي صب كل سيول حبي في سد حب بندر فقط ...
بنبرة ساخرة قال فهد : صهرنا العزيز واقف أمام المنزل, تفضل وتناول القهوة .
رد بندر بنبرة رجولية رخيمة : شكرا, هذا من كرمك لكننا في عجلة من أمرنا .
نظر فهد لبندر نظرة غريبة مريبة وبدأ يطحن أسنانه كعادته إذا غضب ثم أشار إلى بندر بإصبعه السبابة وقال:
اسمعني جيدا يا بندر عليك بإعادة مها قبل الساعة العاشرة وإلا ...
أصبح العرق يتصبب من جبيني وتزايدت رعشت جسدي الخائف ماذا يفعل هذا الأحمق فليصمت اللهم أرحمني .
نظر إليه بندر وعقد جبينه وقال له : وإلا .. وإلا ماذا يا (صغير) , يبدو أنك لا تعرفني جيدا وإلا لم تتجرأ بعبور الطريق الذي أعبر أمامه , ومن أنت حتى تصدر الأوامر متى أعيد زوجتي هل سمعت زووجتي ...
فهد: انزل من السيارة حتى أريك من (الصغير) .
أقفل بندر زجاج السيارة وسار بالسيارة مبتعدا عن فهد , متمتما بكلمات مبعثره أظنها شتائم ...
أردت تغيير الأجواء, رققت صوتي قدر المستطاع, شجعت نفسي , مددت يدي لامست طرف يده الدافئة قائله : بندر كيف حالك ....
أمسك بيدي وأخذ بفرك راحتي بأنامله الدافئة قائلا : بخير ولكن أريدك أن تعيدين ما قلته بالهاتف الآن ...
انعقد لساني, عادت إلي حالة التأتأة من جديد, لكني أردت أن أظهر شجاعتي و أقتل خجلي كي أتخطى مأساة فراق حبي العتيق وزرع بذور حب جديد في تربة بندر , أرغمت لساني على الحديث , قلت له بصوت هادئ : هل تقصد حينما أخطأت وتوقعت بأن المتصل رغد بدلا منك؟
ابتسم ابتسامة ماكرة, أخذت عيني بالرفرفة بسرعة , لكنه أخذ يرمقني بنظرات الخبث مطالبا بالحقيقة التي يكتمها خجلي ...
رفع حاجباه قائلا : الكلمة التي نطقتها بعد ما تبين لكٍ بأني لست رغد
أخذت بالنظر للأسفل قائله : لا أتذكر لقد نسيت ...
زم شفتيه قائلا : هل نسيت أم تتظاهرين بالنسيان؟
أخذت عيناه ترمقني ورأى لمعة الخجل على عيني , صحت به بندر... وقرصته بكفه ...
ضحك بشدة قائلا : أكثر ما أحب بكِ حياؤك الذي يزينك يا قطتي , ولكن ألا تعتقدين بأن فهد فتى شقي ...
أحسسته كلماته كطوق التف على رقبتي وقطع الهواء عني.
بصوت حاد قلت : لا انه فتىً مؤدب وهادئ لكنه يخاف علي .
نظر بندر لي بعينين متسائلتان : يخاف عليك؟؟ هل يكن لك أية مشاعر؟؟ !!
لم أبرح مكاني, تصلب عمودي الفقري, اقشعر جسدي , هل خانتني عيني وأظهرت لبندر مكنونات قلبي .
مها : نعم .
تضجر وجهه قائلا : ومن أي نوع هذه المشاعر؟
بدأت توسوس لي نفسي بإخباره بالحب الذي يجمعنا, وأطلب منه إنهاء علاقتنا, وأعود لحب الطفولة فما الحب إلا للحبيب الأول ,أريد أن أعود إليه وأطوق رقبته بيدي وأضع رأسي على صدره كما أتعمد أن أفعل بعد كل مشادة بيني وبينه , توقف هطول المطر كأنه يؤمرني بإنهاء أفكاري المجنونة.
مها بصوت متردد : مشاعر ؟؟؟ ماذا تعتقد ؟؟؟ ليست إلا مشاعر أخ لأخته لأننا كما تعرف قد ترعرعنا سوياً ...
بصوت حاد كالسيف قال : أخ وصاحب في نفس الوقت .
مها: ومن أخبرك بأننا أصحاب؟
بندر : زوجة عمك ماانفكت في عقد قرانك تخبر أمي بصحبتكم وأنكم تلعبون وتمضون معظم الوقت سويا وأنه سيفتقدك بعد زواجك!!!
مها :نعم , ولكن كان ذلك في طفولتنا وعندما كبرنا أصبحت علاقتنا أخوية فقط .
بندر: ربما صدقت زوجة عمك بأنه سيفتقدك كثيرا, يبدو بأن عليك دعوته لحفل توديع عزوبيتك ...
مها :هل أنت جاد ؟ الحفلة خاصة بالفتيات ...
بندر: وما المانع فلدي شك برجولة فهد !!!
مها: ماذا تقول يا بندر ,لا أسمح لك بالحديث هكذا عن أحد أفراد عائلتي هكذا .
بندر: ولكني أعتقد بأنه ليس أحد أفراد عائلتك فقط بل أكثر من ذلك.
مها: أرجوك أقفل هذا الموضوع فقد بدأت أنزعج كثيراً .
ساد الصمت مطولاً وقلبي يخفق بقوة فلم أستطع نسيان ما حفره الماضي في ذاكرتي ولا نحت حب جديد في لفافات دماغي ...
بندر :وصلنا لوجهتنا تفضلي بالنزول ...
كان المكان هادئ وموحش , منزل شعبي قديم إضاءة هادئة, تبادر في ذهني أنه يريد أن يريني منزلهم القديم الذي ترعرع فيه ...
مها: هل سنأكل هنا ؟؟؟
بندر: لا تخافين فلن أختطفك يا جميلة ...
نزلت وأنا في حالة من الهلع والتشويش , دخل المنزل ودخلت فتبعته , نظرت إلى المنزل من الداخل أعجبني فتصميمه العتيق ممزوج بلمسات الحداثة, و في منتصفه حوض سباحة صغير تتصاعد منه الأبخرة , وضعت يدي بالماء فإذا هي دافئة , نظرت إلى اليمين وجدت ملابس سباحة ومناشف وزجاجة عصير وضعت في دلو حديدي من الثلج , ضحكت وعلمت بنواياه الخبيثة , نظرت إليه بخجل فانفجر ضاحكا ...
بندر : هيا فنحن زوجان الآن ولا مجال للحياء, اذهبي لتبديل ملابسك وتعالي وشاركيني متعة السباحة ...
أحسست ببرودة الجو تدفعني للنزول لهذه المياه الدافئة, ووجدتها لحظة مناسبة لكسر حاجز الخجل الذي كثيرا ما ألجمني ومنعني من أجمل اللحظات , لكن ملابس السباحة كانت فاضحة وتظهر أكثر مما تخفي ولم أعتد على هذا من قبل , فكرت قليلا ثم قلت وما المانع فهو بعد فترة من الزمن سيرى أكثر من ذلك !!!
ارتديت ثوب السباحة , احمر وجهي نظرت إلى نفسي في المرأة وسألت نفسي كيف أخرج إليه فبالأمس القريب كنت لا أستطيع قول أحبك ... فكيف أخرج إليه بهذا المنظر الفاضح, استجمعت قواي سمعته يصرخ ما بك هل أنتي بخير ؟ خرجت وأنا في حاله هستيريه من الضحك فانا محرجة جداً ...
تعالت على محياه ابتسامة الخبث التي عهدتها من شفتيه الجميلتين .
اقترب قليلا مني , بدأت أرتجف خوفا وخجلا, ماذا يريد ؟ أحسست بأن فمه قد بدأ يقطر لعابا , ضمني بقوة وفجأة و بحركة غادرة حملني مسرعاً وألقاني داخل حوض السباحة , لم يتح لي فرصة إخباره بأني لا أجيد السباحة, أصبحت كطفل داخل رحم أمه أسبح داخل الماء, حاولت محاولات يائسة لأنجو بنفسي, بدأت أنفاسي تقل, توقفت عن الحراك, هل سيعلم بندر بأأني غرقت ؟؟؟
لم اعد اسمع أو أري شيئا فجأة أصبحت الدنيا دامسة السواد .
وجدت يدان دافئتان تطوقان خصري وترفعني عاليا أخرجني بندر ووضعني جانباً وقفز فوقي بكل لياقة ورفعني وقلبني وأخذ يضغط علي صرتي فأصبح الماء يخرج من فمي بكثرة وضعني أرضا قائلا : مها هل تسمعيني ؟؟؟
أغلقت عينيا ولجم لساني حرجا , لم أجد إلا شفتاه قد أطبقت علي شفتاي محاولا صنع تنفس اصطناعي لي تمنيت إني قد أجبته عندما سألني لم استطع الرد الآن أبدا فما حدث أعظم حرجا .
دفعته للخلف وأصبحت اركض مسرعه نحو اقرب غرفة أغلقت الباب وأقفلته , أصبح قلبي يخفق بسرعة سمعت صوت ضحكات بندر فزادت شدة خجلي وأصبح الحرج سيد الموقف , وضعت أذني على الباب لأتسمع أن كان سوف يأتي بندر لي محاولا إخراجي من الغرفة , سمعت صوت وطء خطواته تتجه نحو الباب .
حدثني من وراء الباب قائلا : ألا تردين الخروج ؟؟؟
مها :بلى ولكن أريد الخروج بشرط أن تعيدني للمنزل على الفور .
فبعدما ما حدث من إحراج لابد لي من حفظ البعض من كرامتي والعودة .
أدلي بموافقته وبدلت ثيابي وصعدت السيارة , أعتذر مني بندر لأنه مضطراً لتركي بالسيارة لعدة دقائق لتأكد من أنه أغلق جميع الأنوار والأبواب .
أخذت بالسعال بشدة , فقد استنشقت كثيرا من الماء وتجرعت من الكلور ما يروي عطشي أسبوعا كاملا , ألقيت نظرة على هاتفي وجدت ثلاثة مكالمات فائتة من فهد ,هاتفته مباشرة .
مها : أهلا فهد كيف حالك لقد هاتفتني ماذا كنت تريد ؟؟؟
فهد:لا شيء مهم لا كن شعرت تنميل بأطرافي فقد خطر ببالي بأن هذا المعتوه قد اعتدى عليك هل تسبب بأذى لك سوف أقتلع عيناه .
بت على تأكيد بصلة الروحية التي تربطنا وأخذت أكبت ضحكتي سرورا لتحول فرضيتي إلى نظرية .
مها: أنا بخير شكرا على اتصالك .
فهد:إذا أذاك هذا الحلزون أخبريني حتى أمرغ وجهه بالتراب تبا له برميل قمامة .
ودعته وأنا أضحك : إلى اللقاء, لو لم أغلق الخط فسوف يواصل الفهد سيل الشتائم فقد فتحت له باب لشتم بندر وسوف يستغل الموقف .
رأيت بندر قادم نحو السيارة مبتهجاً فعاودني الشعور بالحرج من جديد .
صعد بندر السيارة وأغلق الباب قائلا : سنذهب الآن لتناول العشاء .
كذبت قائلة : أنا متعبة وأريد العودة لأخذ قسطا من الراحة , وأخذت أزيد من سعالي حتى انبهرت من براعة تمثيلي ,أردت العودة لفهد وأكحل عيني برؤيته لم أطق فراقه أكثر , شعرت بفيضان من المشاعر بداخلي بندر فائق الجمال وثري وأشعر معه بالأمان والراحة ولكن فهد صبي لم يعطيه الله نصيبا من الجمال ومتهور ولكنني أشعر بالخدر بجانبه فعندما أكون على مقربة منه تجتاح خلايا جسدي كمية هائلة من النشاط والسعادة .
بندر : أنا آسف لمى حصل , أخذ يحرك السيارة مسرعا .
رفعت بصري ألا عيناه عتابا فبادلني بنظرة غزل كان من شأنها أن ترضيني .
فجأة ارتطمت السيارة بمحاذاة سيارة أخرى
بندر :هذا عندما تجلس بجانبي فتاة جميلة بالتأكيد لن أشاهد الطريق .
_ترجل بندر من السيارة ليتحدث مع صاحب السيارة المتضررة , كان صاحبها كهلاً محدب الظهر متجعد البشرة أشيب الشعر , تتبعت حركات شفاههم لعلني أفقه شيئا , مد بندر بيده داخل جيب الكهل وهو يحمل شيئا بداخل قبضته أفلت ما بي قبضته داخل جيبه , وعاد إلي بشوش الوجه
بندر: حل الخلاف الحمد لله .
مها: كيف ذالك وأنت لم تتصل بشركة نجم .
بندر : أعطيته ألفان ريال , لا أريد تفويت مشاركة لحظة معك .
وأخذ طول الطريق يتغزل بي ويخبرني كم يتوق لزواجنا ومشاركتي لعشه ,وعند العودة وجدت فهد ممسكا بعصا خشبية ضخمة دق بها عدد من المسامير , رافعا أكمامه متأبطا شراً .
توقف بندر بجانب المنزل وأخرج من درج السيارة مسدساً ترجل من السيارة لمواجهة فهد بعد أن أقفل الأبواب أتوماتيكيا ليحبسني داخل السيارة , توقفت عن التنفس لبضعة دقائق رعباً فهذان الديكان ثائران اللهم رحمتك , ماذا ممكن أن يفعل فهد أمام مسدس , بندر عديم المروة .
أشهر بندر المسدس بوجه فهد ليعيد رعب الكابوس لقلبي هل سيحدث ما رأيته في كابوسي هل ستتحقق رؤيتي , أخذ فهد بالقهقهة متجاهلاً المسدس الذي يحمله بندر بين يديه .
قال فهد بسخرية :هيا أطلق النار أن كنت رجلا, علا صوت ضحكاته أكثر فأكثر مستفزاً بندر .
أجابه بندر بنبرة حادة : أيرائا لك بأني عاجز عن أطلاق النار؟؟؟
فهد: بالتأكيد أيها الفرخ.
أشهر بندر مسدسه وأخذ بأعداد أحكام زر الأمان ووضع أصابعه حول الزر استعدادا لإطلاق النار .
فتحت حقيبتي وأخرجت منها زجاجة العطر كاسرة بها النافذة السيارة. أخذت بالصراخ قائله : تبا لك بندر أيعقل أن تضع عقلك بعقل فهد , هيا أفتح لي باب السيارة .
عاد بندر لصوابه وقرر أن يحررني من زنزانته المصغر سيارته البنتلي .
رحت أرمق بندر بنظرات احتقار , اتجهت نحو فهد ومسكت بيده ودخلنا للمنزل .
وبخت فهد قائله :فهد يرائا لي بأنك تريد الموت ؟؟؟
أجابني بنبرة جافة قاسية :أنت تريدين موتي أيتها الخائنة ؟؟؟
تركني وذهب مسرعا وهو يشتم بي ,وقفت وطال وقوفي حتى وقعت أرضا باكية يالبؤسي أثمن مالدي قد خسرته , رحت أواسي نفسي بأني سوف أودع وكر عمي لمملكتي الخاصة , بعد فترة من النحيب والأسى عاد فهد لي وعيناه يتدفق منها الغرام زم شفتيه كأنه أراد أن يقول شيئا ثم قد تراجع .
مها: ماذا تريد الآن لم تكتفي بالشتائم التي قذفتني بها قبل قليل عدت لتفرغ ما تبقي في جوفك .
أجابني بعينين تطلق وهجاً من الحنان :شفتاكِ مزرقتان تكادين تموتين بردا ,أكاد أقع طريحا من تنميل أطرافي رجاءا ادخلي .
رحت أضحك كالبلهاء فهو الآن يعيد تأكيد نظريتي أيقنت الآن أكثر من ذي قبل بأنه تؤم روحي .
مها :لا بل سأبقى حتى يتسنى لي تعذيبك قليلا .
اتجهت فهد نحوي وحملني همساً بأذني قائلا : محكوم على بالعذاب بدونك .
تلمست يديه فأحكم قبضته على جسدي ووضع جبينه على جبيني ,أحسست بحرارة أنفاسه تحرقني , أنزلني من بين أحضانه ودفعني للخلف ,اخذ يتعوذ من الشيطان الرجيم وخرج من المنزل بسرعة , ذهبت لغرفتي وتوضأت وصليت نافلة لعل ربي يفرج عني كربي ورفعت يدي للسماء داعية ربي بتسهيل أمري والخلاص من حبي لفهد قمت من فوق سجادتي وأنا أستغفر من دعوتي فحب فهد هو سبب نبض قلبي وسبب كفاحي بالحياة فهو بطلي هاهي مشاعري عاد لتطوف في ميدان الحب لتفتعل عراك من تضارب المشاعر الحب بداخلي من جديد .
الفصل الثاني بعنوان ( الحادث )
لما أحب تلمس بروز هذه الندوب التي شوهت فخذي ؟!
هل أعشق الأسى لهذه الدرجة ؟!
هل مقدر لي أن يأسرني الماضي المرير ليعذبني لبقية حياتي ؟!
تمتد على طول ساقيا بعض السنتيمترات بارزة بروز واضح , صاحب شرف توسمها عمي أبو إبراهيم , اذكر تلك الليلة جيداً فمازلت أتجرع ألمها , أفضل الشهور سماته الرحمة والمغفرة والعطاء ليلة الخامس والعشرين من شهر رمضان بعد الانتهاء من وجبة الإفطار
حدثني أبو إبراهيم قائلا :مها عاوني أم إبراهيم وتولي مهمة غسل الأطباق عنها .
أجبته بصوت منخفض وعيني موجه للأرض قائله : أن شاء الله .
جسدي هزيل وعينوني تحيطها هالة من السواد , دائماً متهالكة البنية في شهر رمضان , شاحبة الوجه من سوء التغذية متشققة الشفاه ظمأً .
أبو إبراهيم :هيا يا مها أنهضي الآن وساعدي أم إبراهيم فقد أمضت نصف النهار في المطبخ تعد طعام الإفطار , قطب جبينه غضبا منذراً عن بدء نفاذ صبره .
حدثت نفسي : هذا ما أخبرتك به الكاذبة بأنها كانت تعد الطعام طوال النهار وأنها لم تفارق المطبخ لقد كانت تثرثر مع أختها غالية طوال النهار وأمضت باقي اليوم تولول من العطش وتسأل عن الوقت المتبقي لصلاة المغرب .
بصوت منخفض مبحوح قلت : أنا مرهقة هل أذنت لي بالراحة قليلاً يا عمي .
أبو إبراهيم : كاذبة تدعين التعب تبدين لي كالحصان .
قفز عمي مسرعاً نحو أقرب سلك هاتف, ذهلت لمدى نشاطه غبطته لقوة بنيته ,امتدت يداه لتشد السلك بقوة حتى تقطعت أسلاكه وتساقطت شذرات منه , أتجه نحوي وأخذ بضربي مفرغاً قهره من وضعه المتردي بجسدي الضعيف , لم أنسي اللسعات التي شعرت بها صرخت بأعلى صوتي لأصم أذان الجدران من حولي أحرقت وجنتاي بسيل الدموع الساخن الذي سلخ جلدي , أثقلت بدمعي أهدابي فجعلتها تتساقط لفقدنها الصبر والجلد من انهيار سد ألمي , بدا أنيني خافتاً بعد عدة ضربات فصراخي تسبب فقدان حبالي الصوتية لقوتها على الصراخ , وقف كل من بالمنزل متجمهراً كأنهم أصنام كم تاقت نفسي لمبادرتهم بتحريري من بين يديه وتخليصي من عذابي ولكنهم مجردين من الأحاسيس يفتقرون لرحمة لدي شك بأنهم بشر .
تحدثت خلود ابنة عمي بنبرة ساخرة وأنا أتلقى اللسعات :
هذا درس لك عليك احترام من هم أعلى منزله منك , التفت لها عمي وأخذت نصيبها , دخل فهد مسرعا منتزعاً السلك من بين يدي والده دافعا إياه للخلف ليبدأ بفعلته تلك عراك مدمي , اتجهوا جميعاً لتخليص أبا إبراهيم من بين يدي فهد , ما كانت هذه المبادرة الطيبة لأتذوقها منذ لحظات فلا يستدر عطفهم في هذا المنزل ألا من هو من لحمهم ودمهم , فهد منقذي وبطلي دائما ما يحضر في الأوقات الحرجة بت على يقين بأن بيننا صلة روحية أنه حارسي , لولهة تمنيت أنه لم يأتي فربما لاقيت حتفي وقابلت بارئ وطبت مسكننا في قبري , رفض بثينة للعنف مصرح أمام الجميع و أما أم إبراهيم وخلود يتلذذون بتعذيبي ويشبعون غرائزهم السادية , فهد دائما ما يصل بلحظة هلاكي ماانفك يخبرني بتنميل أطرافه في حالة وجودي في خطر, تحسست الندوب من جديد فهي سر ضعفي وهواني , توجهت للمطبخ لغسل الأطباق فأنا مدبرة المنزل وخادمته دخل فهد للمطبخ , رأيته يعد كوبان من القهوة دفع الكوب الأول لي كمبادرة صلح و اخذ يحتسي الكوب الآخر, اعتصر قلبي وتحطم فؤادي مشاعري نحوه مازالت تتوالد بعد عقد قرآني وهو يقف أمامي بجسده الرشيق راودتني رغبة بضمه وأهمس بأذنه بأنه حبه سرمدي .
تراجعت عن المضي قدما في تطبيق أفكاري المتهورة , لأتقبل خسارتي وحسرتي بصدر رحب وأخذ الأمور من النواحي الايجابية فبندر شاب وسيم وثري كما أنه سينقلني من حياتي نقلة كلية .
تحدث فهد بنبرة الوعيد قائلا : لم ينتهي الأمر بعد سوف أريه .
أجبته بغضب :انتهى الأمر انه زوجي الآن أم تناسيت .
أجابني بنبرة حادة : اطلبي الطلاق .
أجبته بسخرية : هل تمازحني هل نسيت انه سوف يخرجني من هذا الوكر .
قطب جبينه قائلا : إن لم تكوني لي فلن تكوني لغيري , وألقى بالكوب من يديه أرضا ليصدر صوت تحطمه ضجيجاً عاليا يعلمني بمدى جدية كلماته التي صبها على مسامع أذني وكأنها زئبق يغلي .
رن هاتف المنزل , فأجاب فهد من غرفة الجلوس على المتصل قائلا : وعليكم السلام , ليست هنا أنها بالخارج تتسوق , أغلق الهاتف فهد وهو يضحك .
ذهبت لغرفة الجلوس مستفسرة من فهد عن المتصل قائله : من المتصل ؟؟
أجابني وجسده يهتز من شدة الضحك قائلا : أنه بندر وقد أخبرته بأنك تتسوقين .
قلت بنبرة غاضبة : فهد أيها الحقير .
ولي فهد فرارا وهو يقهقه .
كنت أستمع لصوت أم إبراهيم الصادر من غرفة المعيشة تتحدث بالهاتف النقال وتستمر في النفاق والكذب في وصف أخيها على أنه أجود الرجال وأحسنهم أخلاقا ومن أوائل صفوف المصلين, لم تذكر قصة دخوله الأحداث وحادثة الطعن والسرقة التي تم تخليصه منها بشهادة أربع من صديقتها زورا اتجهت لأم إبراهيم لأخبرها بانتهاء مخزون السكر فوجدت فكها مرتخيا وثغرها متسع وعينها في جحوظ وبدا وجهها شاحباً .
أم إبراهيم : هل أنت متأكدة ,أعيدي الاسم من جديد , منذ متى؟؟؟
أغلقت الهاتف بقوة وهي تصرخ من ثم أخذت تحطم الهاتف وكل ما هو أمامها من معلقات جداريه وصولا إلى أثمن التحف وأحبها لها , دخل عمي ورأى زوجته في حالتها الهسترية والحطام من حولها فأصابه الفزع .
بصوت حاد قال عمي : ماذا بك أم إبراهيم هل جننت؟
أم إبراهيم :فعلتها يا عبدالعزيز
كانت المرة الأولى التي أسمع فيها أم إبراهيم تنطق باسم عمي , تساءلت بداخلي عن جديد أفعاله الشنيعة وسر الدفين الذي كشفته أم إبراهيم حتى نجح في استثارت حنقها وتحطيم أثمن التحف .
أبو إبراهيم : ماذا فعلت أم إبراهيم ماذا حدث؟
أم إبراهيم : هاتفت أم صلاح طالبة يد أختها هيفاء لعلى أخي ماذا تتوقع أجابتني أخبرتني أنها تزوجت بعبد العزيز السواني منذ سنة سرا .
كشف سر عمي قهقهت فرحا , فقد بات قرب أجل عمي قريبا, أزدرد عمي ريقه بصعوبة بدا واضحا التوتر أخذ العرق يتصبب من جبينه ويتحسس جسده .
التفتت لزوجته وعيناه حزينتان قائلا : مها من أخبرتك أليس كذلك؟
عقدت أم إبراهيم حواجبها قائله : ما دخل مها ؟
قال بصوت مرتفع : هي الوحيدة التي كانت تعلم بالأمر .
التفت أم إبراهيم نحوي بغضب وعيناها تتوعدان لي قائله : صحيح ما أخبرني به عمك أيتها المتشردة .
أعتدت سماع كلمة المتشردة منها عندما تكون في قمة الغصب والكره لي يا ويل حالي .
أجبتها وأنا أحك فروت رأسي خوفاً : علمت مصادفة , فستغل الموقف وأصبح يطلب مني التستر عليه.
أصبح الوضع مرعبا قررت العدو لغرفتي لعلني اصل أليها قبل أن تمسك بي , أخذت أركض وعمي يلاحقني بدلا من زوجته , أصبح على مقربة مني فشد ثوبي من خلاف فتمزق حاولت الفرار بجسدي العاري , دخلت غرفة الضيوف باحثة بعيني عن أي مكان للاختباء , دخل عمي ورائي مباشرة وبقبضته السلك , ارتجفت حتى سقطت, أخذ بضربي متلذذا بصرخاتي , طوقتني الأوجاع من كل حدب و صوب لكن تالله لن أسكت كالسابقات حري بي الدفاع عن نفسي نهضت في محاولة لدفاع عن نفسي بعد تلقي لعدد من الضربات ,أخذت بيدي أقرب شيء تصل له يدي لصد هذا العدوان فإذا بها تحفة حملتها وقذفتها نحو رأسه في لمح البصر مباغته له , وقع عمي أرضا بلا حراك فسرعة قذفي فاجئته فلم يستطع تفادي ما ألقته يدي , نهضت لأجس نبضه فوجدت ملابسه ملوثة بالدم وأنفه يسيل منه الدم ,اشتممت رائحة الدم فتقلصت معدتي وفقدت وعيي .
عندما صحوت وجدت يدي اليمنى مكبلة في السرير وبغرفة بيضاء تفوح منها رائحة المنظفات , عندما علمت الممرضة بأنني استيقظت تلفظت بكلمات لم أفهما , سمعت صوت وقع أقدام مسرعة نحوي فجأة اختفى صوت الأقدام وفتح ستار الغرفة بسرعة .
المرأة : السلام عليكم , أنا السجانة فوزية أنت حاليا بالمستشفي لدي أمر بأخذك لسجن الأحداث بعد ثبات استقرار حالتك .
تقلصت عضلاتي وجهي وأنا أقول :ماذا أحداث! ماذا تقولين ؟ ما جرمي ؟
السجانة فوزية : عمك دخل في غيبوبة بعد تلقيه الضربة وأصدر القاضي الحكم عليك بعد شهادة أربعة شهود بالحادثة وحكم عليك بالسجن حتى استفاقت عمك .
تخدرت أطرافي وفقد الإحساس بجسدي , بعد إبحاري في أسطول أحلام اليقظة والفاصل البسيط الذي يفصلني عن زواجي بأيام يحكم على بالسجن شقي حظي , أنها أم إبراهيم بالتأكيد أخبرتهم بأنه حادث اعتداء وجعلت أخوتها يشهدون ضدي كما فعلوا مع أخيها على سابقا , دارت الدنيا من حولي وعدت لحالة الإغماء من جديد .
***
استيقظت على صوت هدير المحرك السيارة واهتزاز السيارة القوي لسيرها في طريق وعر , وجدت نفسي مكبلة اليدين وبجانبي السجانة فوزية , توقفت السيارة أخذت بيدي وترجلنا سويا , أشاهد أمامي مبنى قديم بالي متهالك الأجدر أبوابه صدئة متآكلة و نوافذه محطمة القضبان , تفوح منه رائحة السمك والجوارب النتنة
حدثتني السجانة فوزية وهي تصحبني للداخل قائله :سوف أكون المسؤلة عنك خلال أقامتك هنا .
أومأت لها برأسي وأنا أشعر بالرهبة من هذا المكان المخيف القذر , اجتزت عتبة المبنى فسقطت على كتفي بعض الرذاذ الصدئ , شعرت باضطراب في أمعائي , وحرارة تكاد تطهو جسدي , أمرتني السجانة فوزية بخلع ملابسي وارتداء ملابس السجن , عند محاولتي لارتداء ما أعطتني من بعض الثياب الواسعة التي بدت ولي وكأنها الخرق التي كنت أنظف بها المنزل شاهدت بعض الدماء على الملابس الداخلية أغمضت عيني وقلبت الملابس و أرديتها وأنا مشمئزة بعد ذلك أمرتني السجانة مريم بنزع جميع الحلي الذهب وتسليمها لها أعطيتها خاتم خطوبتي وعقد يحمل قلادة من الحرف الأول من أسمي أخذتها مني ووضعتها بصندوق الأمانات وأعطتني محفظة صغيرة بها فرشاة أسنان ومعجون ومشط وبعض ربطات الشعر , عند الانتهاء من إجراءات الدخول وجدت السجانة فوزية أمامي ومعها دلو ملئ بسائل اصفر اللون تنبعث منه رائحة كريهة أشبه بالقيء .
السجانة فوزية : اخفضي رأسك حتى أبلله .
سألتها وأنا مذعورة : ما هذا السائل؟
بنبرة باردة قالت : هذا أجراء روتيني أنها مادة قاتلة للجراثيم والقمل لا تخافين الجميع يعقم قبل دخوله .
أخذت تنثر الماء البارد علي جسدي وشعري ليتخلل السائل البارد بين خصلات شعري فتداهم جسدي رعشة لتنفض الماء عن جسدي , جو حار مع ماء بارد , خليط من المشاعر المتضاربة تسبب في جمود مشاعري وتولد الكآبة في نفسي , أمرتني السجانة فوزية باللحاق بها, تبعتها وأثناء سيرنا وصلنا لسلسلة من الزنزانة المتجاورة , أخذ السجينات يصفقون ويصفرون فرحاً بزيادة عددهم بدخولي لسلك الأجرام , سألن السجانة فوزية مجموعة من السجينات ما جرمها هذه الجميلة ؟
أجابتهم بغضب : لا تحشرن أنوفكن فيما لا يعنيكم .
تحدثت إحدى السجينات بحسد : محظوظة مشرفتها فوزية .
أخذت إحدى السجينات تشير لي بأصابعها ببعض الحركات التي استعصى علي فهمها .
وبختها السجانة فوزية قائله : أدخلي يديك في جيبك قبل أن أبتر أصابعك .
لم أشاهد على أوجههم البراءة بل بدا النضوج على أجسادهن وأعينهم ترمي بشرر الحقد .
فُتحت السجانة فوزية باب زنزانة مظلمة وزجتني بداخلها, وجدت أمراه شديدة السمار نحيلة الجسد تأخذ قيلولتها في الطابق العلوي من السرير .
الزنزانة غير مطلية بالدهان ومتصدعة الجدر والرائحة كريهة جداً .
بعد دخولي بخطى بطيئة للزنزانة وأنا في حالة هلع , أغلقت الباب السجانة فوزية , سألتها من وراء القضبان بعينان خائفتان قائله : ماذا عن زوجي وأختي رغد هل من أنباء؟
السجانة فوزية : الزيارة كل سبت وخميس انتظري قدومهم .
التففت أصابعي حول القضبان ,بعينا الكسيرتان جلت زنزانتي بازدراء والأروقة التي تطل عليها الزنزانة .
تساءلت بداخلي
هل مقدر لي العيش هنا ؟
هل سيموت عمي ؟
وضعت يدي علي فمي يا ألهي قد يموت
فهد هل سترغمه مشاعره على مسامحتي ؟
ربما صدق فهد عندما قال لي أن لم تكوني لي فلن تكوني لغيري
لن يرغب بي بندر فهل لرجل بالقبول بامرأة قاتلة!
وهل لفهد بحب قتيلة أبيه ؟
انهرت باكية جاثية على ركبتي , رفعت يدي لسماء داعية الله سألته الرحمة .
اللهم أن كان لي خيرا في قضائك فشرح لي صدري اللهم أرحمني يا أرحم الراحمين , انهمرت دموعي الحارة حتى بللت ملابسي , شعرت بيد تمسكني من كتفي , التفت وجدتها المرأة شديدة السمار .
المرأة السمراء :هكذا بداية الرحلة .
لم أفهم ماذا تعنى بالرحلة !
استلقيت في سريري لأخذ قسطا من الراحة ولكنني عجزت عن النوم حدثت المرأة شديدة السمار لأتناسى بؤسي قائله : منذ متى وأنتِ هنا ؟؟؟
تجاهلتني فقررت الأحجام عن طرح الأسئلة فهيا لم ترحب بي منذ البداية
عندما استعرت من النوم اعتدلت جالسة فشاهدت مجموعة من الصراصير تمشي على الحائط جن جنوني وأخذت بالصراخ وأسرعت متقوقعة عند زاوية الزنزانة فهبطت المرأة الشديدة السمار من سريرها قائله : ما بك ماذا حدث ؟؟؟
أجبتها وأنا مذعورة : توجد مجموعة صراصير على الحائط .
المرأة شديدة السمار : هل تمزحين معي ؟؟؟
مها : وهل الوقت مناسب .
المرأة شديدة السمار : تبدين فتاة مدللة , أيتها الحمقاء كلها عدة أيام وتعتادين عليهم حتى أنك ستفتقدينهم أن لم تريهم .
عادت لسريرها لتكمل نومها وهي تصدر صوت شخيراً عالي غبطتها على عمق نومها أخذت طوال الليل أراقب مجموعة الصراصير وكلما تحرك أحد منهم أكتم صراخي خوفاً من أن أوقظ المرأة شديدة السمار , عند بزوغ الفجر استيقظت المرأة شديدة السمار ووجدتني لم أبرح مكاني فاندهشت قائله : لهذه الدرجة تخافينهم .
ذرفت الدموع قائله : اقتليهم رجاء .
اقتربت منهم ونزعت حذائها وقتلتهم جميعا فحلت علي السكينة وشعرت بالنعاس فور موتهم .
***
رنين جرس متقطع هذا ما أيقظني , مسحت أثار النوم عن عيني .
حدثتني المرأة السمراء : علينا الذهاب لصالة الطعام حالا وبما أنك شريكتي في الزنزانة عليك حسن التصرف فأن قمتي بأي تصرف أحمق سنعاقب كلتنا ما أسمك يا قطة ؟؟؟
عندما قالت قطة تذكرت رغد فأجهشت بالبكاء .
المرأة السمراء :يا ألهي كلها أيام وتعتادين على حالك لن أكرر سؤالي ما أسمك ؟؟؟
أجبتها وأنا أصارع دموعي : مها .
المرأة السمراء : تحركي بسرعة السجانة قادمة أن رأتنا لم نذهب لصالة الطعام سيثور غضبها .
حدثتها بنبرة منخفضة يتخللها شيء من فقدان الأمل بالحياة : لست بجائعة .
المرأة السمراء : ليس بالمقبول بالإضراب عن الطعام هنا , تحركي وألا حطمت لك وجهك الجميل .
جذبتني مع قميصي , فأتبعها ذليلة النفس كسيرة العين , وصلنا للصالة المكتظة بالسجينات وهي تجرني مثل الكلب أمامهم فأخذ الجميع يحدق بي باندهاش كانت الأصوات تتعالى عندما نقترب لمجموعة ما والسجينات يطلقون على بعضهم البعض الشتائم وتطاير الملاعق والشوك فالأجواء فأخفض رأسي استجابة لغريزة الفطرية لأحمي نفسي من سلوكهم الأرعن .
المرأة السمراء : الجميع يترقب ستنضمين لأي مجموعة .
عقدت حاجبي قائله : مجموعة!
المرأة السمراء : أعني الحزب . أطلقت تنهيدة عميقة ثم استطردت قائله : أكره أصحاب السجلات النظيفة , علينا المرور بالملكة دودو أولا .
بصوت مذعور : لماذا ؟؟ ومن هي الملكة دودو؟
المرأة السمراء : عليك التقييد بالقوانين لا تريدين جلب المشاكل لنا فأنت شريكتي بالزنزانة ويالك من شريكة خرقاء , ما أن قدمتك للملكة دودو قبلي يدها والقي بجميع عبارات المديح التي تعرفينها .
قلت وأنا رافعة انفي باعتزاز : اقبل يدها !هل تمازحينني؟
رمقتني بنظرة وجفا لها قلبي وارتعد لها كياني , سرت بجانبها والجميع يتفحصني فأنا الدمية الجديدة , ما أن وقعت عيني عليها حتى عرفت بأنها الملكة دودو أشبه بممثلات هوليوود بجمالها شعرها الذهبي المسترسل وانسيابه على كتفيها و عينها الرماديتان , أثقلت الحلي جسدها , بخنصرها خاتم ألماس شبيه بخاتم خطوبتي وترتدي ثياب نظيفة وأنيقة .
قدمتني المرأة السمراء لها وأشارت لي بعينيها أن أقبل يدها حالا , أبيت معلنة أمام الجميع بأأني أفضل الموت على أن أتجرد من كرامتي .
تحدثت الملكة دودو للمرأة السمراء وهي تضحك :أرى أن قطتك يا عائشة شرسة وتشهر عن مخالبها .
أشارت الملكة دودو بأصبعها لفتيات التي يجلسن حولها .
فرأيت حاشيتها تنقض على واضعين رأسي تحت قدمها مرغمينني على تقبيل قدمها .
حدثتني بكبر الملكة دودو: هذه المرة قبلتي قدمي المرة القادمة ستقبلين ...
حملتني بيدها الملكة دودو ورفعتني للأعلى وقذفتني بعيدا , سقطت أرضا فشعرت بألم بأسفل ظهري كاد يفقدني وعي تقلبت وجعا , ذكرتني بضربات عمي الطائشة .
دعوت الله قائله : اللهم ساعدني رباه رحمتك.
اقتربت مني عائشة وحدثتني بصوت منخفض : أنهضي هيا قبل حضور السجانات .
استندت على عائشة حتى وصلت لطاولة الطعام فألقت بي بسرعة نحو الطاولة فاصطدم صدري بحديد الطاولة فشعرت بألم فظيع رفعت رأسي فوجدت أمامي طعما وفيرا معكرونة بالفطر ولحم مشوي وحساء وخبز يبدوا طريا جدا وطبق تحلية فطيرة تفاح وعصير برتقال , تأملت الطعام فرحا فلم أنعم بمائدة مترفة كهذه منذ فترة متناسية ألم صدري .
مها : هذا الطعام ترحيبا بي؟
سمعتهم يتمتمون ويضحكون
عائشة: نحن في فترة عقوبة لم يعد الطعام جيدا كالسابق .
مها: كان الطعام أفضل من ذلك ؟!
عائشة: يبدوا أنك من ذوي الدخل المحدود تالله سوف تستمتعين بالإقامة هنا , أخفضت صوتها واقتربت مني قائله : الملكة دودو ترغب بانضمامك لحزبها يبدو أن إيبائك لتقبيل يدها أثار دهشتها مما جعلها تقدم على قرار قبول مبدئي لك .
مها: أخبريها بعدم رغبتي بالانضمام.
قطبت عائشة جبينها قائله : هل جننتِ لم تدعو أحد للانضمام منذ ستة أشهر أنها فرصة ذهبية .
أجبتها بغضب : لن أتراجع عن موقفي ,بربك جعلتني أقبل قدمها .
وجهت عائشة سكين حاد على معدتي وعينها ترسل لي شيئا من التهديد .
عائشة: أنا متأكدة أنك كنت مازحة أليس كذلك .
مها : بالطبع أمازحك ما أثقل دمي وأخذت أصطنع ابتسامه صفراوية .
عائشة : ستخضعين لاختبار القبول أولا .
قوست حاجبي قائله : اختبار أنا لم أرغب بالانضمام لحزبها السادي هي من رغبت بي جميل سوف أفشل بالاختبار ما أغبى هذه المرأة .
عائشة : من يفشل بالاختبار يعاقب أما تفقع عينه أو يصبح أصلع أو ما تجده الملكة مناسب ربما تأمر ببتر ساقه .
غصصت بلقمتي , فربتت عائشة على ظهري بخفة قائله : بسم الله الرحمن الرحيم .
مها: حسنا سوف أخضع للاختبار .
عائشة: نصيحة أوجهها ولن أعيدها حتى تفشلين بالاختبار عليك خيانتها احذري قد تأتيك بشتى السبل تيقظي.
مها : كيف ذالك ...
تركتني عائشة وأنا أتحدث وذهبت , ماذا تقصد بكلمها وهل الوضع هنا آمن كيف وصلت الملكة دودو بأن تكون كمحركة الدمى للسجينات وما هذا الاسم دودو .
عاد صوت الجرس المتقطع المقزز لرنين من جديد , قدمت ألي عائشة وهمست بأذني هيا أخرجي للساحة أول اختبار لك ينتظرك بالخارج هيا ابهرينا يا جميلة .
دهشت بسرعة تحرك عصابتها أعدوا الامتحان بهذه السرعة اتجهت لساحة الخارجية فوجدت الحشود تنتظرني ومعهم المشروبات الغازية و أوعية الفشار , وجدت أمامي فتيات مصطفات كأنهن في ثكنة عسكرية يتكون الصف من أربعة عشر فتاة أشارت عائشة لي بعينيها بالاصطفاف معهم تواجد أمامنا وحل من الطين , تنبع منه رائحة روث البقر رأيت العلقة دودو متجهة لنا وبيدها كوب من الشاي المثلج في طرفه مظله صغيره وجانبها فتاة تحمل بيدها مظلة شمسية لتحمي بشرتها البيضاء الصافية من لهيب أشعة الشمس الحارقة , حدثتنا كتلة الغرور بتكبر وميوعة مصطنعة فأشمئزيت منها .
الملكة دودو: ما أن انهي كوبي أريد أن تجد كل واحدة قرش في وحل الروث .
مسكت أرنبة أنفي وبدئت بالعد للعشرة حتى أهدأ لديها كبر لو قسم على أبن آدم لما أكتفوا كما أنها تخبرنا بأن هذا الوحل هو عبارة عن روث بقر يا لوقحتها .
بصوت رقيق قالت الملكة دودو : نورة هيا أعلني بداية السباق.
صاحت نورة قائله : واحد ,اثنان ,ثلاثة , انطلاق .
أخذ الجميع يغوص بالوحل محاولين العثور على القروش , تقلصت معدتي لرؤيتهم يتمرغون بالوحل أكرمنا الله فنحن لسنا بخنازير
جثوتوا علي ركبتي متجاهلة الرائحة الكريهة أخذت بتمريغ يدي باحثة عن أي قرش لم أجد إلا معدتي تتقلص وبدء بتفريغ الغداء في الوحل , أثار المظهر قرف الحشود ابتعدت جميع الفتيات المنافسات فاستجمعت قواي واستغليت فرصة خلو الساحة منهن وأخذت ابحث حتى وجدت ثلاثة قروش وقدمتها لنورة , ارتميت بجانب الوحل فقامت عائشة وحزبها بحملي عاليا والهتاف باسمي سعدت جدا أخذوني للاستحمام واخذوا بدعك جسدي برائحة الخوخ وقدموا لي كوب ماء بللت حلقي ولم أجد نفسي إلا وأنا مستلقية على سرير مع نهاية نصر آملة بالقبول بحزب العلقة دودو دون خوض تجربة كالسابقة ضممت الوسادة , شاكني شيئا فاعتدلت جالسة رفعت الوسادة فوجدت مجموعة من ألواح الشوكلاتة التي أفضلها .
دخلت عائشة وشاهدت الكم الهائل من ألواح الشوكلاتة .
عائشة: من أين لك ألواح الشوكلاتة هذه ؟
رفعت حاجب واحد قائله : أليست من الملكة دودو؟
بللت عائشة شفتها قائله : لم تخبرني شيئا عن هذا .
مها : كيف علمت بأنواعي المفضل من ألواح الشوكلاتة؟!!!
قهقهت عائشة قائلة : الملكة دودو تعلم أشياء ربما أنت نفسك تجهلينها لا يخفى عليها شيئا .
صببت نظري على عائشة بفارغ الصبر قائله : حقا وكيف ذلك؟
عائشة : جلعتني مرة أخوض سباق مع أحدى السجينات وعند فوزي قدمت لي فستان أصفر اللون وما أثار استغرابي معرفتها للوني المفضل.
مسكت صدري قائله : اللهم رحمتك تبدو لي امرأة خطيرة.
عائشة : لو أنك تجعلين لسانك داخل حلقك أفضل .
قهقهت واحتضنت الوسادة محاوله تخفيف الآم الضحك.
عائشة :بدئتِ بالتأقلم سريعا .
مها : بربك هنا وجدت كل ما أردت طعام وملابس وحرية وحزب يهابه الجميع وفوق كل هذا لن أذهب للمدرسة مجددا لدى عطلة مدى الحياة وأخذت بالضحك .
عائشة : لا تبتهجين لعدم ذهابك للمدرسة توجد هنا فصول للرسم معلمتها أحقر بشرية عرفها التاريخ , صمتت لولهة ثم أردفت قائله : أبذلي قصار جهدك عليك أن تنالين إعجاب الملكة دودو لا تضيعين هذه الفرصة الذهبية من بين يديك .
غرقت بالنوم وعائشة مازلت تثرثر عن أهمية قبولي بالحزب .
لكل من نالت كتاباتي المبتدئه أعجابه
أخبره بأن عنوان الفصل القادم هو ( القبول )
أنتظروني
استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعة