الفصل السابع
(الحفلة )
صفت طاولات الطعام على هيئة صفوف أفقية تحيطها الكراسي الحديدية في الساحة الخارجية التي اكتست ببساط العشب الأخضر المصفر , مُلئت الساحة بالبالونات والزينة , تنصف الطاولات أوعية من البسكويت المملح ورقائق البطاطا المقلية والحلويات وبعض أكواب المشروبات الغازية , تفحصت الحضور لأصدم بمظهر العلقة دودو فكانت مجدلة شعرها بالكامل مع وجود بعض الشرائط الفاقعة اللون في نهاية كل جديلة و ترتدي قميصا قطنيا فضفاضاً برسومات جماجم وهياكل عظمية وبنطالها واسع جداً , بدت كمغني الراب تعشق التميز حتى لو كان الأمر جنونا, كانت نظراتي تتفحصها من أسفلها لأعلاها حتى وصلت بنظري لفمها فإذا هي مبتسمة وتنظر إلي.
يا إلهي هل أطلت النظر إليها؟
رباه هل ستوبخني لنظراتي؟
أشارت لي بيدها بالقدوم , ذهبت للعلقة دودو بخطى متقاربة وبطيئة فلا أريد محادثتها , عند وصولي إليها جذبتني بشدة ولفت ذرعها حول خصري وأخذت تتحدث بصوت عال: اليوم هو أحد الأيام المشهودة فمنذ ما يزيد عن الستة أشهر لم نستقبل أي عضوه جديدة فرحبوا معي بمها العضوه الجديدة.
تعالت أصوات الهتاف وأخذوا بالتصفيق والتصفير, كانوا سعداء ومبتهجين جدا استقبلت التهاني والتباريك من الحضور, أخذت بالابتسام مصطنعة الفرحة لم أكن سعيدة بالقبول أبدا فأنا أكره هذه العلقة كثيرا وهاهي تتفاخر بأنها لم تستقبل أي عضوه خلال ستة أشهر وكأنها ستين سنة تبا لها ولغرورها, أثارت دهشتي ثلاث فتيات من الحضور لم أشاهدهن من قبل الفتاة الأولى يعلوا وجهها نظرات الشر والأجرام , تحتضن طفلا رضيعا بين يديها, أما الثانية فكان طفلها كثير البكاء ولا تلقي له بالاً وكانت السجينات من حولها هم من يعتنون بطفلها , أما الفتاة الثالثة فبدت يائسة من حياتها عيناها كسيرتان يجلس بجانبها طفل يبدو في الثالثة من عمره , حدثت نفسي هل هن أمهات هؤلاء الأطفال؟
هل يسمح بتواجد الأطفال بالسجن؟
ما جرمهم؟
لماذا لا أسمع صوت بكاء أطفالهن؟
لماذا لم أشاهدهن في صالة الطعام من قبل؟
الكثير من الأسئلة اختلجت بداخلي حتى كدت أجن .
قدمت لمياء وفهد ودينا نحوي مهنئين بحلقت في وجوه الحاضرين لابد أن أراها لن يطول بحثي ولكنه طال للأسف و لم أعثر عليها أين هيا؟؟
, تعجبت لعدم حضورها, أيعقل أن فهد طلبت من الملكة دودو عدم دعوتها.
همست فهد بإذني: مبروك دخولك للجحيم.
ابتعدت عني وهي تبتسم بخبث لتخبرني بأنها نجحت في إغاظتي , تتبعت فهد بنظري فرأيتها تتوجه لفتيات لا أعرفهن لتجلس بصحبتهن ,أوقدوا النار في برميل حديدي وتجمعوا حوله يتسامرون , حملقت بها محدثة نفسي قائله : لا أريد أكثر من نظرة منها .
حتى لو لم تنظر إلي سأكتفي بتمرير عيني بين شفاها الضاحكة علني ارتوي من بهجتها.
قررت التخلص من جو العلقة دودو المقرف واللحاق بفهد استأذنت الملكة دودو للذهاب.
فالتفتت إلي وقالت: لماذا, هل أنا مملة لهذه الدرجة؟
أجبتها بارتباك: مملة؟ بالطبع لا .
انتفشت ورفعت أنفها ثم أجابتني وهي مميلة فمها تأنثا: لست مملة إذا فأبقي هنا.
أشمئزيت منها تمنيت بتلك اللحظة أن أصفعها من ثم أقتلها و أحرقها وألقي برمادها في البحر, كنت أنظر لمجموعة فهد بنظرات التحسر تمنيت بأن أكون معهم فقد كان دوي ضحكهم يسمع من بعيد, أحست فهد بتوسلات نظراتي وبما يجول في خاطري فتوجهت نحوي, كدت أطير فرحا فقد أتت لتمد يد العون وتخرجني من هالة الممل , قدمت نحو الملكة دودو مباركة لها على زيادة عدد حزبها, طوقت فهد خصري بذراعها وأشارت لي بعينها أن نذهب لمجموعتها, قاطعت فرحتي العلقة دودو قائله: إلى أين تذهبن؟
فهد:لا تحتكري مها ودعينا نحتفل معها.
اقتربت نورة وقالت: دعيهن فيبدو أن مها لم تنضج بعد فهي متعلقة جدا بماما فهد.
انفجر الجميع ضحكاً علينا, غضبت فهد وصرخت بوجه نورة: يبدو بأنك لم تحترمينا أمام الملكة دودو ألتفت فهد نحو العلقة قائله: أليس كذلك يا ملكة ؟
الملكة دودو: بلى وماذا تريدين أن يكون عقابها؟
قالت فهد بلا مبالاة :سأترك لك الخيار.
أمسكوا الفتيات نورة وجعلوها تركع للملكة دود ثم أخذت الملكة تشد أهدابها, تراقصت نورة ألما ثم أخذت دموعها بالتدحرج على خدها .
ما هذا العقاب سحقاً لهذا المرأة فهي لا تعرف الرحمة أبداً.
بصوت ذات نبرة مهتزة من شدة الهلع قلت : دعوها أرجوكم دعوها.
شعرت فهد بمدى توتري من خلال اشتداد قبضة يدي على رسغها فقالت : دعوها فمَها لم يقسَ عودها بعد فهي لم تعتد على رؤية هذه الأمور, أخذت فهد تمسح على رأسي وذهبنا متوجهين للمجموعة وكانت أعينهم تحملق بنا فقد كنا ثنائيا رائعا.
جلست فهد وأنا بجانبها لفت ذراعها حول رقبتي فوضعت رأسي على صدرها , أعجبني ذلك فقد أحسست بدفء ينبعث من جسدها كانت عينها ينبوعا من الدفء والحنان و نظراتها ترسل حبا مكللا بقبلات حارة شاحن قلبي بالبهجة والطمأنينة مما أدى برسوا بواخر حبي في مرفأ قلبها.
رفعت رأسي فوجدت الفتيات اللاتي لم أرهن من قبل يتضاحكون من حولنا فسألت فهد : هل هؤلاء أمهات الأطفال؟
فهد:نعم إنهن أمهات هؤلاء الأطفال, أشارت بسباتها للفتاة التي يتطاير شرار الخبث من عينها قائله : هذه أم شهد وابنتها عمرها أربعة أشهر وأشارت لفتاة الكسيرة العينان قائله : وتلك أم خالد الذي يبلغ سنتان و9أشهر.
مها بتعجب: وهل يسمح بتواجد الأطفال هنا في السجن ؟
فهد: نعم يدعونه مع أمه حتى يبلغ الطفل عامان وحينها لا يسمح ببقائه.
مها:ولماذا لم أشاهدهم من قبل ؟
فهد: إنهن يجلسن في إحدى زوايا صالة الطعام ولا يختلطن بنا كثيرا, أما في السجن فهما آخر زنزانتان على اليسار فقد وضعنهن السجانات هناك لكثرة الشكاوى حول بكاء أطفالهن .
فجأة سمعت أحدى الفتيات تضحك بصوت عالٍ وتقول: أنا لست بغبائك اللا محدود حتى أدخل السجن بسبب مبيد الحشرات !!!
أخذوا بالسخرية منها والضحك عليها, تحدثت إحداهم معي قائلة : هل تصدقين يا مها بأنها دخلت السجن بسبب مبيد الحشرات؟
ابتسمت ابتسامة هادئة قائله :أنتم تمزحون معي أليس كذلك ؟
ضحكت الفتاة معهم يبدوا لي بأنها اعتادت على أن يسخر الجميع منها وقالت : لا أنهن لا يمزحن معكِ أطلقت تنهيدة عالية ثم أردفت قائله : لقد أجبرني أهلي بالزواج من رجل طاعن بالسن وفي ليلة الزفاف توجه نحوي محاولا نزع ملابسي دون المحاولة لملاطفتي يبدوا بأنه لم يسمع بنظرية التدرج , حاولت الهروب منه لكنه مازال يلاحقني حتى وصلت للمطبخ باحثة بعيوني عن شيء للخلاص منه نظرت حولي فوجدت مبيد الحشرات , أثناء بحثي انقض علي كالقط الهرم بجلده المترهل والدائرة المكورة المحشوة بأمعائه وعظامه الناتئة , أخذت برشه حتى نفذت العلبة ثم أخذت علبة أخرى وأفرغتها على وجهه, حدثته لكنه لم يجبني, تذكرت بأنه مصاب بالربو دنوت منه ولكنه لم تحرك ساكناً, هاتفت أهلي فقدموا وذهبوا به للمستشفي وهناك فارق هذا الكهل للحياة جراء مبيد الحشرات.
بنظرة تحمل الأسى قلت : أنا آسفة .
فهد: لماذا تتأسفين؟ أخذت فهد بالضحك قائله : لقد دافعت عن شرفها.
الفتاة :شرفُ ماذا, فقد كان زوجي .
فهد:ولم تدركِ بأنه زوجك إلا الآن؟؟!!
الفتاة:لماذا تضحكون علي وهناك من دخل السجن بسبب بطنه وأخذت بالضحك؟
التفت على الحضور وعينيا جاحظتان غير مصدقة قائله :بطنه!!! من التي دخلت بسبب بطنها؟
فهد: إنها سارة, هيا احكي لمها إنها متشوقة لمعرفة قصتك, أخذت فهد بالضحك, كان الجو ملئ بالسخرية والضحك .
نهضت سارة لتجلس بالمقربة مني مطلقه آهة طويلة وقالت: لقد كنت أحب الطعام كثيراً وفي إحدى الليالي كنت جائعة فاتصلت بأحد المطاعم كي يوصل لي الطعام, لكن عند وصوله لم يكن في المنزل سواي ففتحت لعامل التوصيل الباب, مددت يدي لأخذ الطلب فهاجمني دافع للباب حاولت منعه من الدخول لكنه دفعه بقوة حتى استطاع الدخول, أسرعت لأحدى المجالس للاختباء لكنه لحقني ومزق ملابسي وانقض علي يقبل جسدي العاري, حاولت الوصول بيدي لأحد التحف حتى تمكنت من جذبها و كسرها على رأسه.
مها : ولم يستطع بطنك انتظار قدوم أهلك حتى لا تقعِ في مثل هذا المأزق ؟؟!!
سارة: إنه قدري ماذا أفعل؟ ولكن هل تودي سماع أغرب قصة دخول سجن ؟ اسألي
غادة فأخوها عبد العزيز ملك العجائب؟
مها:غادة ما السبب الذي أدخل عبد العزيز السجن ؟
غادة: بسبب أرنب.
نظرتها بعيون مترقبة لأسمع قصتها: ماذا أرنب؟؟؟!!! وكيف ذلك؟
غادة:ذهب عبد العزيز مع أحد أصحابه لرحلة صيد, أحضر عبدالعزيز معه بندقية للصيد أما صاحبه فأحضر صقر, أطلق عبد العزيز على أرنب فأرداه قتيلا بعد ذلك هجم الصقر على الأرنب وأحضره لصاحبه .
عندها قال عبد العزيز لصاحبه: أنا من اصطاد الأرنب
فرد صاحبه: بل صقري من أصطاده .
قال عبد العزيز : أطلقت عليه النار ثم هجم عليه صقرك .
تشاجرا حتى سب صاحب أخي قبيلتنا فأخذت عبد العزيز الحمية واستشاط غضبا فأطلق النار على صاحبه , لم يمت صاحبه لكنه ألحق به تهمة الشروع بالقتل فحكم على عبدالعزيز السجن عشرون سنة .
عندما أنهت قصتها صفقوا الفتيات أعجابا بإلقائها .
تحدثت فهد وهي مازالت تسترسل بالضحك : المضحك بالأمر أن من أتصل على الإسعاف هو أخوها بعدما أطلق عليه النار أخذت فهده بالضحك حتى مسك بطنها من الألم لشدة الضحك .
مها:وهل هنالك من مزيد من القصص .
قالت فهد وعينها تذرف قليلاً من الدموع من الضحك :هيا يا وضحى أخبريها بقصتك فهي الأجمل .
تحدثت الفتاة صاحبة النظرة الخبيثة الشريرة قائلة: عشقت ذات يوم رجلا حتى أصبحت أخرج معه ونمارس الحب سويا وذات يوم أخبرني بأنه يريد إنهاء العلاقة وبأنه كان يتسلى بي , ثرت غضبا فأخرجت قنينة العطر ورجمته بها فوقع ميتا وبعد موته اكتشفت حملي .
مها:ألم تأخذين الحيطة مستخدمة وسيلة لمنع الحمل.
وضحي:بلى كنت أستخدم حبوب منع الحمل لكنني أصبت بإسهال شديد ولم أكن أعلم بأن الإسهال الشديد يبطل مفعول حبوب منع الحمل.
فهد:مها أي القصص أجمل؟
مها: قصة عبد العزيز, فالعصبية القبلية تترأس على عرش المصائب.
غادة: من أي قبلية أنت يا مها.
فهد: اصمتي يا غادة لا نريد الحديث عن مثل هذه السخافات, نريد أحاديث ممتعة.
تجاذبنا أطراف الحديث عن المغامرات والذكريات كان الأجواء مفعمة بالبهجة والسعادة .
كانت السجانات يأتين كل خمسة دقائق لتفحصنا, أثار الأمر الرعب في قلبي فأنا لا أحب رؤيتهم, لامست فهد وجهي بأناملها قائلة: مها لا تخافين فهم فقط يتأكدون بأننا لا نتعارك .
بسطت عضلات وجهي قائله : كيف عرفتِ؟ هل تستطيعين قراءة الأفكار؟
فهد: نعم , فعيناك فضاحتان.
قدمت لمياء ودينا وخلفهم ود, كانت ود تبدوا خائفة , سعدت لقدومها فقد طال انتظاري كما أنني أثرت تعجب السجينات بحملقتي بالوجوه لأعثر عليها , أردتها أن تشاركنا الأحاديث , نظرت فهد لها باحتقار, بقيت ود بعيدا ولم تجلس معنا, رأيت دينا تهمس لفهد بإذنها فالتفت فهد نحو ود وصاحت بها قائلة: تعالي لقد سامحتك أيتها الحمقاء .
قالت إحدى الفتيات: قلبك كبير يا فهد تسامحينها بعد ما بدر منها .
فهد: آه لو يوجد من يقدر هذا القلب .
دينا: (الكلب ماجاش يزرني ولا مره طيب يبعت حاقه يسأل يطمن ,يا مأمن بالرجاله يا مأمن الميه بالغربال).
مها:ومن هو الذي لم يأتي لزيارتك؟
دينا: (جوزي)
سألتها بدهشة :أنت متزوجة ؟
دينا : (أيوه وجوزي سعودي)
مها:ولماذا لم تتزوجين برجل مصري؟؟؟
دينا : (السعوديين زي منتي عرفه عندهم فلوس كتير وأبوي طمع بفلوس جوزي ولهف مهري كلو, أصلا أنا كنت بحب الواد الفرّان ابن الجيران).
حدثت نفسي قائلة: هذا هو قدرك الحمد لله ولكن والدك حقير ما كان عليه بيعك هكذا أسأل الله أن يعوضك برجل خيراً منه , لقد عزنا الله بالنفط ولولاه لكنت ربما في مكان دينا لا حول ولا قوة إلا بالله أصبحت النفوس دنيئة تبحث عن المال بأي طريقة .
بنبرة يشوبها التوبيخ قالت فهد : قمتي بخيانته وتريدين منه السؤال عنك تباً لك.
سكتت دينا وكأن فهد قد داست على جرحها ,أخذت أنظر لدينا عيناها بريئتان ظروف الحياة كانت قاسية معها ولكنها ضخمة الجثة قبيحة المنظر حدثت نفسي قائله : ما الذي أعجبه فيها ؟هل هو أعمى؟
قاطعت تفكيري فهد قائله: زوجها أعمى.
مها: فهد أخرجي من رأسي .
فهد: نظراتك أخبرتني بأفكارك لا دخل رأسك بذلك .
تلك اللحظة أحسست بمطابقة فهد لروحي وكأنها نصفي الآخر .
كان هنالك فتاتين مستندتين على الحائط بعيدا عنا تلعبان الشطرنج كانتا في بالغ الانسجام إحداهن تبدوا مستغرقة جدا بالتفكير .
فهد: إنهما أسود وأبيض .
عاودت النظر للفتاتين فوجدت إحداهن تلعب الشطرنج باللون الأسود والأخرى بالأبيض .
فهد: أنهما مدمنتان في لعب الشطرنج تلعبان بالشطرنج من الصباح حتى المساء ,أسود قد فازت بلقب ملكة الشطرنج العام الماضي, وإن أرادت الدولة أن تقيم مسابقة دولية في لعبة الشطرنج فعليها أخذ اللاعبين من هنا.
مها:يسمح باللعب هنا علناً.
فهد: نعم يوجد بالمكتبة الشطرنج والورقة (البلوت أو الشده) والضومنه ولعبة السلم والثعبان والكيرم .
مها:أحب لعبة الكيرم هل توجد هنا؟
فهد:تريدين اللعب الآن .
أجبتها وأنا مبتسمة :نعم .
أمسكتني فهد من يدي وشدتني بقوة فأخذت بالسير ورائها بسرعة .
وصلنا لزقاق صغير خلف المبنى, وجدنا مجموعة من الفتيات أمامهن لعبة الكيرم وبعض النقود .
مها:ما هذه النقود؟
فهد:يتراهنون على اللاعبات المشاركات ؟
مها:ومن برأيك سيفوز من هؤلاء اللاعبات ؟
أخذت فهد بتعديل ياقة قميصها وهي رافعة أنفها للأعلى قائله : بالطبع ,أنا .
ألقت فهد التحية على الفتيات , رحبن بها كثيرا , بدا لي بأنها محببة لهن جلست فهد بجانب فتاة شعرها شديد السواد وكث عيناها يملئها الكحل حتى سال وشكل هالة رمادية حول عينيها وبعض من الرذاذ قد تساقط على خديها , أشارت لي فهد بالجلوس بجانب أحد الفتيات, عندما جلست بجانبها فاحت منها رائحة الحناء فوضعت يدي على أنفي لأمنع دخول الهواء لرئتي , رأيت فهد تضحك علي ,تبا لها ما هذا المقلب فالوقت غير مناسب, شاهدت فتاة تضع في فم فهد عظمة محشوة بورق التبغ وفهد تمسك بالعظمة بأسنانها , كانوا قد كسروا طرف العظمة وأفرغوا محتواها وجعلوها غليوناً ,رأيت فتاة تشعل لفهد الغليون كانت الولاعة يرثى لها مكسورة يتطاير الشرار في كل الأنحاء, لم تفلح الولاعة بإشعال الغليون , فأخرجت فتاة قصاصة قماشية من جيبها ونجحت في أحرقها بالولاعة المهترئة وبعدها أشتعلت غليون فهد , توالت بأشعال غليون الأخريات , الرغبات القذرة هنا مستباحة أنهن بأعمار الزهور ويستنشقون الخبائث أنهن مثيرات للشفقة .
أخذت فهد بالتدخين بتلذذ كانت فهد فتاة سيئة لكنني أحببتها كانت تتسم بصفات كثيرة شبيه بصفات ابن عمي فهد متهورة شجاعة فطينه وطيبة, اقتربت من الحائط لأسند ظهري كان الحائط دافئا شاهدت بعض الكتابات إحدى الكتابات كانت (ملعون اليوم الذي سرقت به) .
أخذوا الفتيات بالتراهن راقبتهم يزيدون الرهان على فتاة تدعى سمر قررت أن أضع مبلغ رهان كبير على فهد أعطيتهم النقود وأبدوا استغرابا من تصرفي, أخذت فهد اللعب ببراعة حتى هزمت الجميع, تنهدت الفتيات وأخذن بالتحسر على نقودهن, توجهت فهد نحوي قائله:جميل يا مها .
مها:أحببت أن أجعلك أغلى رهان.
ابتسمت لي فهد بخبث وقبلت خدي بشغف , وضعت في يدي النقود قائلة: هذا ربحك , تفحصت المال فقد تضاعف المبلغ الذي أعطيتهم إياه خمس مرات فرحت كثيرا فكنت أنوي شراء ملابس جديدة وبعض المساحيق التجميل .
فهد:عليك بالعمل الآن فالوقت مناسب .
مها:الآن لم أحضر معي شيئا, وضعت فهد في يدي مجموعة من الأكياس.
فهد: اذهبي فثمن الكيس الواحد 300 ريال .
مها:ومن أين أتيتِ بهذه الأكياس؟
فهد:لقد وضعتها تحت وسادتك وياله من مكان صعب لقد عانيت حتى أجده.
حككت فروه رأسي قائله :ومن أين أبدأ ؟
أشارت لي فهد بعينيها للفتيات قائله :اذهبي للفتيات وألقي التحية وقولي هل تريدون ترغبون بشيء ؟
لا تخافين لقد أخبروني برغبتهم بالشراء سمر ترغب بثلاثة أكياس هيا أذهبي , دفعتني بيدها فتحركت صوب الفتيات وفعلت ما أمرتني فهد بالضبط بعت جميع الأكياس وعدت لفهد مع إحساس بالنصر.
فهد:اليوم سيكون أسهل يوم بالبيع الأيام المقبلة سيكون البيع شاق.
مها:لماذا؟
فهد:البيع في الحفلات يكون مباشرة أما بالأيام العادية ستضطرين لتهريبه.
مها:أهربه كيف ذلك؟
نظرت فهد لمؤخرتي .
مها:هل تمزحين ؟
فهد:أنا جادة .
مها:لا أستطيع فعل هذا؟
فهد:إذن أعطيه لفتاة لتبعه عنك ولكن سوف تأخذ نصف الكمية .
مها:نصف الكمية هذا كثير.
فهد: غداً سنناقش الموضوع الآن عليك بالتحدث مع عزه فهي من ستقوم بتوفير المواد للهروب.
مها:من أخبرك بموضوع الهروب؟
فهد: لا يخفى على فهد شيئا.
مها:حسنا لكن لا مزيد من الهاربين كلما كثر العدد كلما زادت احتمالية فشل الخطة .
فهد:هيا أذهبي لها أشارت بسبابتها نحوها قائله :تلك هي عزه , توجهت نحوها ألقيت التحية عليها , فردت التحية وقابلتني بوجه بشوش ملوثاً بالخبث .
مها:أعرفك على نفسي أنا مها.
أجابتني بعينين ماكرتين :من لا يعرف مها أجمل السجينات.
ارتجفت قائله:عيناك الأجمل , هل لي بمحادثة خاصة , أشرت بعيني لفتاتان كانتا تجلسان بجانبها.
عزه:فاطمة نور هل لنا بدقيقة على إنفراد؟
غادرت الفتاتين مبتعدتين , جلست بجانب عزه .
مها:كيف ستتدبرين الحمالة؟
عزه:لما لا نصنع سلما ؟
مها:وكيف لنا وأطول سلما يوجد هنا بطول 3 أمتار كما أخبرتني عائشة .
عزه :إذا لنصنع واحدا .
بصوت يحمل نبرة التحدي :هيا اصنعي لنا واحد .
عزه : الأمر سهل بعض قطع الخشب والمسامير ويصبح لديك سلما .
قلت لها بصوت شكوكي :حسنا اصنعي السلم وسنقوم بتجربته قبل الهروب بيوم اتفقنا .
عزه:السلم سيجهز غدا لنقوم بتجربة غداً في فترة الغداء ستكون السجانات مشغولات في المراقبة السجينات.
مها:حسنا غدا في فترة الغداء أنتظرك عند دورة المياه .
عزه:حسنا سأنتظرك , مها أنتِ من ستقوم بتجربة السلم غدا.
نظرة لها بنظرة ثاقبة جعلتها تبتسم من ثم قلت :لا لن أقوم بتجربة سلما قد صنعته بنفسك لست بهذا الغباء .
تحدثت وهي تضحك : سأحضر معي غادة لتجرب السلم هل يناسبك ذلك؟
مها:نعم , إلى اللقاء.
عدت للفتيات فوجدتهن يتراقصون على أنغام الدي جي متناسين مكان تواجدهم وبؤسهم, أطلقوا العنان لبسماتهم متناسين إبحارهم في أسطول الأحزان ولو رآهم شخصاً غريبا عن هذا المكان حسبهم يعيشون في أرض السعداء ولكنهم يقبعون بأرض البؤساء .
لماذا لا أتناسى مكان تواجدي وأطلق العنان لنفسي مثلهن , أما آن لي تقبل واقعي والإبحار معهم, نهضت متوجهة نحوهم لأغوص في أسطولهم وأكون قبطان سفينتهم متناسية همي راضية بأرض الواقعي رقصت وجعلت شعري يتمايل مع جسدي وكأني غصن تتراقص أوراقه في ليلة عاصفة , انتهت الأغنية الصاخبة لتبدأ بعدها أغنية هادئة نظرت لفهد فإذا هي تغمز لي مشيرة إلي برقصة
رومانسية معها, رقصنا السلو solw ووضعت رأسي على كتفها وأخذنا نتبادل الحديث مضت تلك الليلة بسلام كانت من أجمل الليالي انتهت الحفلة متوعده غدا بيوم جديد لبداية خطة الهرب .
انتهى الفصل
والقادم بأذن الله
بعنوان
عقد القرآن