بسم الله الرحمن الرحيم
فصل القبول
أمدد جسدي الهزيل في الفناء الخارجي تحت أشعة الشمس الحارة على المرج الأخضر المائل للصفرة فقد أحرقته أشعة الشمس المحمومة في محاولات لتطهير نجاسة من قد جلس عليه , أخذت أستنشق الهواء وأكتمه بداخلي محاوله الإحساس بالاختناق فمنذ دخولي لسجن وأنا أعشق تعذيب نفسي فبهذه الطريقة أستطيع عدم التفكير برغد وبندر وفهد , تركضن السجينات وهن سعيدات وأصواتهن تتعالى باسم عائشة وهم يقهقهون , لفضول بداخلي وخوفاً بأن تكون المعنية عائشة تبعتهم , وجدت السجينات قد تجمعن في زقاق خلف المبنى مبتهجات ملتفين حول عائشة وفتاة أخرى على شكل دائرة مقتسمين إلى حزبان فريق يشجع عائشة والآخر يشجع الفتاة الأخرى والكل يصفق ويشجع ويهتف باسم بطلته , تسدد عائشة لكمات لفتاة ولكن قبضتها ضعيفة فما أن تهجم عليها حتى تفقد عائشة اتزانها وتترنح فتستغل الفتاة ضعف بنية عائشة فتسدد لها ضربة قوية فتقع من أثارها عائشة خائرة القوى كالخرق البالية .
حدثت نفسي قائله : أنها الفرصة المناسبة لتقرب من عائشة فما أن تشاهدني أقوم بالدفاع عنها حتى تعلم بمدى وفائي لها , ولكن ما شأني في عركها فقد أكسب بعض الأعداء بتدخلي في العراك يا الله رحمتك ماذا أفعل ألزم مكاني أم أسمح للفتاة الشرسة بداخلي بالظهور حتى أتكيف مع هذا المكان النتن واكتسب بعض الأصدقاء , انطلقت كالفهده بدون تفكير نحو الفتاة التي تدك عائشة دكا بلطمه قوية جعلت فك الفتاة يصدر صوتاً غريباً يشير لحدوث أمر سيء لها , كان من عواقب تحرر الفتاة الشرسة بداخلي من قيود البراءة تصرف متهور تسبب في أن تخسر الفتاة المسكينة نابها وتناثر الدم على قميصي مما تسبب في اضطرابي أمعائي ورغبتي بالقيء لاشتمام رائحة الدم الكريهة .
نظرت عائشة لناب الفتاة قائله : لديك بنية قوية يا مها ما شاء الله من ثم أخذت بالقهقهة هازئة بالفتاة والسجينات من حولها يشاركنها السخرية والشماتة .
رأيت السجينات يتنحون جانبا خائفات فدب الرعب في قلبي أنهن بالتأكيد السجانات قدمن لمعاقبتنا لإحداث أعمال الشغب , ما أن تنحين جميع السجينات جنباً متفرقات بعيداً فاتحين الطريق ترحيباً بفوج العلقة الملكي , حزنت حزناً شديداً أنها هي المسخ حمدت الله في سري فالعلقة أهون من حضور السجانات .
قدمت العلقة دودو نحوي قائلة :يبدو أن الوفاء نبضك أيتها القطة .
تحدثت بصوت عالي ونبرة يشوبها شيء من التحذير :عائشة شريكتي بالزنزانة ومن يتعدى عليها فقد تعدى علي أيضاً .
قالت العلقة بغضب : تجرئين على رفع صوتك أمامي؟
أجبتها بربكة وخوف : بالطبع لا أجرأ ولكن حولك تطوف هالة من الطاقة ومن يقف بجانبك يكتسب من قوتك ويتجرأ على غيرك لا عليك أيتها الملكة , شعرت بوخزه في صدري عندما قلت لها أيتها الملكة يا لهذا المكان البئيس جعلني ذليلة .
رمتني العلقة بوابل من نظرات الإعجاب , فيبدوا أأني أشعرتها بالإطراء الشديد مما أشبع غرورها , رن الجرس معلن نهاية الاستراحة الصباحية فأخذن السجينات بمسح معالم القتال بسرعة فائقة قبل قدوم السجّانات لإعادتنا لزنزانتنا .
عدت أنا وعائشة للزنزانة , عندما استلقيت على السرير أحسست بشيء تحت وسادتي رفعتها فوجدت مجموعة من ألواح الشوكلاتة المفضلة لدي كندر وكت كات وسنكرس الخ ...
نظرت إلي عائشة بدهشة قائلة : لا يعقل أنها الملكة دودو فيها لا تقدم الكثير لحديثات القدوم دائما ما تخبرني بأنها تحب أن تقمعهن بالبداية أأكد لك لا يعقل بأن تكون هي هل جنت الملكة دودو .
قلت لها متعجبة : كما أنها تحضر أحب ألواح الشوكلاتة لدي !!
أخفضت عائشة رأسها قائله : شكراً لك مها واعتذر لك عندما أخبرتك بأنك شريكة زنزانة بئيسة .
رددت عليها بزهو : لا داعي للاعتذار فهذا من واجبي أم نسيتِ أأني شريكتك بالزنزانة , بهذه العبارة أردت أن أعلمها بأننا سنكون صديقات كنت أنتظر منها جوباً يؤكد رغبتها في بدء صفحة جديدة معي ولكنها تجاهلت كلامي مغيرة سياق الحديث قائله :
الملكة يوماً عن يوم يزيد إعجابها بك ماذا تفعلين لها السجينات يقسمن على أنك قمت بعمل سحر لها , مسكت عائشة رأسها قائله : تذكرت الملكة دودو أخبرتني بامتحانك التالي.
أجبتها بتذمر : وما هو ؟
عائشة : سوف تكونين أمينة المكتبة.
مها: أمينة المكتبة وهل هذا اختبار ؟؟؟
نظرت لي عائشة وشفتاها تحتبس بعض الكلمات من ثم قالت : اليوم بإذن الله تستلمين عملك .
لم اعلق على ما قالته لي وأخذت التهم ألواح الشوكلاتة الواحدة تلو الأخرى أفرغ قهري الداخلي بأكل الحلويات أنها طريقة فعالة لإزالة الكبت الداخلي , استلقيت في سريري منتظرة موعد استلامي للعمل الجديد , سمعت صوت طرق خفيف على الحائط بعدها رأيت ورقة دست من تحت باب الزنزانة ذهبت أنا وعائشة مسرعين لقراءة الورقة.
كتب بداخل الورقة
(( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالك مها ؟
هل أنت مرتاحة هنا ؟
اخبريني ماذا تحتاجين لأحضره لكِ
اكتبي وراء الورقة احتياجاتك وأعيديها
تحت الباب بعد مضي خمسة دقائق
آمل بأن تستمتعين بألواح الشكولاتة ))
قلبت الورقة مسرعة باحثة عن قلم فناولتني عائشة قلم ازرق فاكتبت:
((أنا بخير لا أحتاج لشيء شكراً لكرمك
فضلاً من أنت؟))
بعد أن وضعت الورقة تحت الباب التفتت لعائشة بحيرة قائله :من تظنينها ؟
ضحكت عائشة قائله : أنها بالتأكيد معجبة بك لا غير .
قوست حاجبي قائله : معجبة ماذا يعني ذلك ؟!!
قهقهت عائشة قائله : تباً مها أنك طاهرة جداً.
ابتلعت ريقي بصعوبة مفكرة بما قالته عائشة ومغزاها .
لامست عائشة بأناملها ظهري بخفة قائله : مها حان موعد توزيع الكتب يا مها هيا أذهبي للمكتبة بسرعة .
أخرجت عائشة من جيبها ورقة وناولتني إياها أخذتها وفتحتها فوجدت مدون بداخلها أسماء السجينات والكتب التي يرغبن بقراءتها , قدمت السجانة فوزية و اصطحبتني للمكتبة من ثم أعطتني عربة خشبية وِأشارت علي بملئها بالكتب من ثم صوبت سبابتها نحو سلم متحرك معلق بالمكتبة وقالت :
أن أردتِ إحضار كتاب لا تستطيعين الوصول إليه فاصعدي هذا السلم من ثم أخذت بالشرح لي عن كيفية توزيع الكتب داخل المكتبة ومعرفة الترتيب الأبجدي لها حتى يسهل على إحضار الكتب للسجينات , ذهبت السجانة فوزية وبدئت في مزاولة عملي , أثار الريبة في داخلي تلهف الجميع لرواية صرخة يتيم وتواجد عدة نسخ من الطبعة الأولى إلى الثالثة و الجميع يطلب الطبعة الأولى , أنهيت جمع طلبات السجينات من الكتب فتوجهت لزنزاناتهن لإعطائهن ما يبغين وأخذت بتوزيع الكتب على مهل كلما ناولت إحدى السجينات رواية صرخة يتيم تتفحصها والسعادة تعلو وجهها , انتهيت من التوزيع وعدت لزنزانتي بعد سماع كلمات الغزل ومدح قوامي الرشيق والتشبع من نظراتهم الخبيثة , الفراغ يولد لهم مراقبة أي سجين خارج عن زنزانته .
استقبلتني عائشة بابتسامة بسيطة قائله : كيف كان يومك الأول ؟
بصوت خفيض قلت : مرهق جداً وما بهم السجينات لم يشاهدوا فتاة من قبل ؟
أجابتني عائشة ضاحكة: ألم تشاهدين نفسك بالمرآة من قبل ؟
مها : بلى لماذا؟
عائشة : لم تشاهدين قوام ممشوق خاطف للأنفاس وعينان عسليتان واسعتان ذبحتنان وانف مسلول وشفاه غليظة وافرة بالون القرمزي وشعر بني كث و مموج ؟ ألم تلحظين أنك أطول السجينات هنا ؟
شعرت بإطراء كبير جعل معدتي تتقلص ووجنتاي تحمّر فاختبأت وراء تموجات شعري هربا من نظرات عائشة المتلذذة بحيائي , أحسست بأن عظامي تكاد تدخل ببعضها البعض فرحاً فلم يسبق لي سماع هذا الكم من الإطراء , فأخذت عائشة تضحك حتى أصبحوا السجينات يطالبونها بإخفاض صوتها وألا سوف يبرحونها ضربا .
***
حل الليل وأنا مستغرقة في نوم عميق , تلك الليلة حلمت بأحلام سعيدة رأيت نفسي احلق بعيدا بين غيوم زهرية مع سرب من طيور البجع ولي جناحان واحلق بالأجواء بخفة .
استيقظت من نومي على تعالي صوت أذان الفجر فقد كانت مئذنة المسجد قريبة جداً من نافذة زنزانتي , مبتسمة سعيدة جدا فلم يسبق لي رؤية حلم جميل كنت دوماً ما أرى كوابيس مزعجة وأخيراً أصبحت أنام بلا كوابيس وأستيقظ على غير عادتي سعيدة و أأخذ قسطاً كافياً من النوم .
نهضت بنشاط وأيقظت عائشة من نومها لتصلي الفجر وبعد ذلك توضأت وصليت صلاتي وشكرت ربي على نعمته فدخولي للسجن نعمة وجدت طعاماً ولباساً وصديقه وتخلصت من المدرسة شيئا لم أكن لأطله ما حييت , أخذت بتذكر تفاصيل وجه فهد , أحترق شوقا لرؤيته , تدحرجت دمعتي على خدي فأسرعت عائشة ومسحتها بقميصها .
عائشة:ما بك يا مها ما الذي يحزنك؟
مها:عمي الذي تسببت في غيبوبته كنت أحب ابنه وبعد فعلتي سيكرهني بالتأكيد .
عائشة:هل حدث شيء بينكما.
مها:لاه لم يحدث شيء مطلقاً .
عائشة: وكم يبلغ من العمر؟
مها:18 سنة.
عائشة : لقد أذيتي والده لا تتوقعين منه مسامحتك بسهولة , ضمتني عائشة لصدرها بحرارة مطبطبة على ظهري وأخذت بمواساتي بكلمتها التي كانت كالبلسم على جرحي , فجأة نهضت عائشة بسرعة واضعة رأسها في وعاء وأخذت بالتقيؤ.
أسرعت نحوها وقدمت لها المناديل قائلة :هل أنت بخير ؟
عائشة:نعم , أنه الدجاج المقلي تباً له .
حملت عائشة ووضعتها في الفراش وهي شاحبة اللون وخائرة القوى , أخذت بتدليكها حتى غفوت وأرخت جميع عضلات جسدها واستعادت قليلا من لونها .
***
حان موعد الإفطار فتوجهنا أنا وعائشة لصالة الطعام , أثناء سيرنا عرضت عائشة علي بأن تحضر الطعام لكلتينا فأجبتها بالموافقة مع أأني كنت أرغب بإحضار الطعام لها فبعد تقيئها ليلة الأمس أردت لها أن ترتاح ولكنها أبت وأصرت بأن تحضر الطعام بنفسها لكلتنا , جلست على طاولتنا المعتادة أنتظرها فجلست بجانبي فتاة سمراء البشرة ملساء الشعر وتحدثت إلي بصوت هادئ : أعرفك على نفسي , أنا لمياء.
قلت لها بابتسامة ترحيبية : أنا مها.
لمياء: ومن لا يعرفك فأنت ساحرة القلوب يا لجمال عينيك و ورشاقة قوامك الممشوق .
أخذت أفرقع أصابعي خجلا و أتلمس براجمي .
لمياء : ألن تخبريني بأن صاحبة ذوق رفيع وتشكريني.
مها: عذراً , لست من الأشخاص الذين يعرفون آداب الحديث , شكراً لك .
لمياء: لا تقلقين سوف تتعلمين بسرعة هنا .
قدمت مجموعة من الفتيات وجلسن بجوارنا, أخذت لمياء تعرفيني عليهم.
مشيرة لصاحبة شعر قصير جدا وملامح ناعمة وجمال بسيط وقد بدا بأنها شبيهة للرجال: هذه فهد.
ولفتاة ضخمة مفتولة العضلات قبيحة الشكل وأنف كبير وأسنان متهرئة ذات شعر مرفوع للأعلى :هذه دينا .
ولفتاة ذات شعر طويل أجعد وملامح جذابة : وأخيراً هذه ود.
تساءلت متعجبة للفتاة التي بدت وكأنها رجل بطريقة جلوسها ولباسها وتصرفها : فهد أسمك فهد؟
فهد : نعم فأنا أحب اسم فهد ولا تحسبيني اقل من الرجال فأنا أستطيع أن افعل ما يفعله الرجال وغمزت للفتيات .
ضحكت بصوت منخفض عندما قالت ذلك .
قالت فهد لي بغضب :هل تهزئين بي؟
أجبتها بخوف : لا لكن يصادف أسمك اسم ابن عمي وقد كنت ... تبعثرت الكلمات وتشابكت أحرفي وارتجفت حتى بدئت الطاولة بالاهتزاز فشعر الجميع بذعري .
نظرت لي فهد بعين ماكرة : لديك عشيق يا ذات الطول الظريف ؟
أتت عائشة وحاملة بيدها طبقان وضعتهم أمامي , دفعتُ أحدهم أمامها .
عائشة: هل ضايقنك هؤلاء الفتيات أخبرني بسرعة.
مها: لا , لقد سعدتُ بمقابلة فهد.
عائشة: وما رأيك بدينا و لمياء و ود .
ابتسمت بابتسامة لطيفة للفتيات قائله : لم يتسنى لي بعد المعرفة بهن.
عائشة : فهد متهمة بالقتل وود بالسرقة ودينا قضية أخلاقية و لمياء بالقتل.
نظر الحشود إلي مبتسمين غير خجلين بجرمهم أبداً , أشعرتني ابتساماتهم بأنهن فخورات بجرمهن .
عائشة : هيا قولي لهم ما سبب دخولك هنا؟
أخذت المس خصلات شعري حياء والرعشة أصابتني لمجرد محاولتي التحدث عما حصل في ذلك اليوم .
تحدثت لهم وأنا أشعر بخزي : ضربني عمي فحاولت الدفاع عن نفسي فضربته بتحفه ودخل بغيبوبة وأنا الآن انتظر استقرار حالته لمعرفة الحكم .
دينا : (جتو دهيه ابن اللزينه)
فوجئت بلهجة دينا فلم أتوقع بأنها مصرية الجنسية .
قالت ود ووجهها يضيء نوراً من السعادة :سوف ادعي لعمك يوميا فهو سبب تمتع ناظري بهذا الجمال.
ضحك الجميع ورأيت فهد تغمز لود .
أنهيت طبقي مع تزامن رنين الجرس عدت لزنزانتي فوجدت فهد جالسة على سريري تنتظرني .
قالت فهد وعيناها ملئها السعادة بقدومي : أهلاً مها أمتلئت الزنزانة نوراً بقدومك.
تجاهلت نظراتها قائله : أهلاً كيف حالك؟
نظرت لي بنظرة لم ترقني قائله : ما رأيك بأن تأتي لزنزانتي بعد الانتهاء من توزيع الكتب على السجينات ؟
أومأت برأسي قائله : حسناً .
ضربتني على رأسي قائله :مها عليك القول بأنك سررتِ بدعوتي سحقاً عليك تكلم بلباقة.
تحدثت بخجل : شكراً فهد يسرني ذلك كثيراً.
ابتسمت فهد بابتسامة ماكرة حتى ظهرت نواجذها ورحلت.
دخلت زنزانتي وكعادتي أسرعت لأبحث تحت وسادتي فكان من الطبيعي وجود ألواح الشوكلاتة تحتها , رأيت السجانة مريم تقف أمام زنزانتي فأعدت وسادتي لمكانها راجية بأن تكون لم تنتبه لوجود ألواح الشوكلاتة , أشارت لي بيدها وعيناها ترمقني بنظرات احتقار فتقدمت نحوها بخطى هادئة قائله : ماذا تريدين .
السجانة مريم : تعالى معي وأنت تلزمين الصمت .
تبعتها وأنا ارتجف قائله :حسناً.
ذهبت خلفها وأنا أرتعش خوفا هل ستعاقبني هل ستسألني عن ألواح الشوكلاتة , وصلت السجانة مريم للمكتبة .
السجانة مريم :عليك تنظيف المكتبة بأكملها خلال أسبوع أريد رائحتها كالياسمين والأرضية لامعة والغبار قد ذهب عنها أريد استنشاق هواء نقي هنا ,أخذت بالسعال ورحلت مبتعدة.
مها:حسنا , تنفست الصعداء وحمدت الله بأن هذا هو مبتغاها ولم ترى شيئا ً .
كتمت الغيض بداخلي وتساءلت لماذا أنا ؟هل محكوم على بالشقاء للأبد
أخذت ارتب المكتبة حتى حان موعد توزيع الكتب على السجينات أعطتني السجانة مريم ورقة بطلبات السجينات من الكتب وكالعادة رواية صرخة يتيم الطبعة الأولى هي الأكثر طلبا ولكثرة طلبها يوجد عدة نسخ منها حدثت نفسي بأن علي قراءتها لكنني لا أهوى القراءة والكتب عدوتي اللدودة , غبطت السجينات لحبهم للقراءة كما أنها تقطع الوقت ,جمعت الكتب وأخذت بتوزيعها على السجينات وصولا لزنزانة فهد ,اتجهت نحوي فهد مسرعة قائله : أهلا بك يا حلوة.
بدئت بالاعتياد على الغزل بل أصبح شغفي ومتعتي حتى كدت أدمن عليه , أعطيتها رواية صرخة يتيم وأنا أصطنع الأنوثة بتمايلي أثناء انحنائي لجلب الرواية من العربة , طوقت خصري فهد بيديها واضعة حزام الرقص من خلف القضبان , أمرتني بأن ارقص.
ضحكت قائله :فهد لا أجيد الرقص , كما أأني في العمل .
عبست فهد قائله : لم نولد من بطون أمهاتنا نعلم شيئا تعلمي هيا هزي خصرك يا عسل .
مها:حسناً لكنني غير مسؤلة عن إثارة اشمئزازك.
بدئت بدوران وأخذت فهد تتأملني بسعادة , كان رقصي مريعا لكنها أبدت أعجاب شديد بحركاتي البلهاء , زاولتني الشكوك هل الإعجاب برقصي أم بجسدي؟
بدئت السجينات بالغناء والتصفير وأخذت بعض السجينات بالتصفيق ومطالبة فهد بدعوتي للحفل.
فهد:مها لدينا حفلة الأحد القادم ويبدوا بأن السجينات قد أحبوك.
بنظرة متعجبة قلت : تردين دعوتي لحفلة؟
بعينين نصف مغلقتين قالت : ليست دعوة بالتحديد ستكونين الراقصة بالحفل علي تعليمك الرقص قبل قدوم يوم الأحد .
أعجبتني فكرة تعلم الرقص فرددت عليها بابتسامة : وكيف ذلك ؟
فهد: سأطلب من السجانة عليا بتغير زنزانتك إلى هنا.
تغيرت ملامح وجهي وصعقت قائله : لكنني أحب السكن مع عائشة.
بنبرة ساخرة قالت : وتحسبين ود ستكون سعيدة بقراري انه مؤقت أيتها الغبية.
مها: حسناً , شعرت بالسعادة فأخذت بالضحك بشكل هستيري سأحضر حفلة وسأكون الراقصة يا إلهي إنني محظوظة.
بابتسامه عريضة قالت فهد: كم أنت جميلة عندما تضحكين تباً لك لا تتوقفين أبداً.
أخذت بالهرولة لزنزانتي فقد انتهي وقت عملي منذ فترة وعلى العودة بسرعة .
قررت ابتداء حياة جديدة وعلى حب القراءة ستكون بدايتي ,عند عودتي أخذت معي رواية ليلة غامضة فقد كان غلافها براق ذا زخارف أبداعية وأخذت الطبعة الثالثة من رواية صرخة يتيم فكانت الطبعة الثالثة أجمل الطبعات وكتاب كليلة ودمنة فتنوع الألوان بغلافه أعجبني ,عدت لزنزانتي و استلقيت على سريري وفتحت رواية صرخة يتيم وكلي حماس لقراءتها صعقت لما شاهدته فتسمرت في مكاني , يوجد بداخلها كيس أبيض أغلقت الكتاب وأنا مذعورة وعيني متسعة , أخذت الرعشة تسري بجسدي والدم يجري في عروق بسرعة هائلة كدت أموت رعبا وأعجز عن طرف عيني , تساءلت بداخلي هل هي مخدرات , قررت فتح كتاب آخر لعل القراءة تنسيني هول ما رأيت فتحت رواية ليلة غامضة وأنا أرتجف , وجدت سكينا طبقت الكتاب بسرعة وأسندت رأسي للحائط وأنا مذهولة حدثت نفسي ماذا يوجد في كتاب كليلة ودمنة ؟ فتحت كتاب كليلة ودمنة داعية الله أن لا أرى شيئا يشابه ما رأيته منذ ثوان , وجدت صورا إباحية فكاد هذا الكتاب الأخير يتسبب لي بفقدان الوعي , من هول ما رأيت وقعت الصور أرضا متناثرة , تبا لهم لم يكونوا يقرئون بل يقدمن على الأعمال الفاسدة يستحقون البقاء هنا للأبد ويحيهن قدمت عائشة للزنزانة فقد كانت بالخارج تغسل الغسيل رأتني مصفرة اللون أرتعش رعباً مشوشة و جاحظة العينين والصور ملقاة أرضا .
قالت عائشة بصوت مرتعش :ما بك مها تبدين مرتعبة ؟أخذت بجمع الصور من الأرضية وهي تشتمني .
لجم لساني وتصلبت عروقي , نظرت عائشة إلي فوجدت الكتب بجانبي وأنا متسمرة مكاني شاحبة الوجه .
وبختني عائشة قائله : سحقاً مها فتحتي الكتب جميعها ويحك.
أجبتها وآثار الصدمة مازالت تملأ وجهي : نعم وليتني لم افتحها.
عائشة : وجب عليك التنفيذ والسداد.
سألتها وأنا أرتعش خوفاً : تنفيذ وسداد ماذا؟
عائشة :من يفتح رواية ليلة غامضة عليه أن يطعن ومن يأخذ كتاب صرخة يتيم عليه سداد ثمن المخدرات وبما أنك فتحتي الكتاب الأخير فعليكِ سداد ثمن الصور , تبا لك أخذتي أكثر الكتب غرامات من المخدرات لماذا؟
اقتربت من عائشة جاثية على ركبتي والدمع متجمع في محجري عيني قائله : لم أكن اعلم أقسم لك .
بنبرة غاضبة حادة قالت : لماذا أخذتي الطبعة الثالثة من صرخة يتيم اجبيني ؟ تباً لك الأولى تفي بالغرض ألا يكفيك 10 غرامات أيتها الخسيسة .
أجبتها وأنا أذرف الدمع : تبا لكم يا لخبثكم عدد الغرامات على عدد الطبعة ما هذا الذكاء , سحقا لم أكن أعلم بمدى خبثكم أعجبني الغلاف الخارجي للطبعة لهذا أخذته.
هززت عائشة برأسها قائله : يا لتفاهتك جميع الكتب التي أحضرتها جميلة الغلاف ألم يخطر ببالك استشارتي بأفضل الكتب جل اهتمامك جمال الغلاف يا لكِ من سطحية.
وقفنا أنا وعائشة حزينين ندور داخل الزنزانة مذعورين جلست عائشة ممسكة برأسها قائله : وجدتها اطعني ابتهال فهي ضعيفة لن ترد لكٍ فعلتك.
مسكت عائشة من يدها أرجوها قائله : لن اطعن أحدا تحدثي مع الملكة دودو أخبريها لم أكن أعلم أرجوكِ حاولي معها أرجوكِ .
قاطعتني قائلة :إن لم تطعني أحداً من سيأخذ الكتاب من بعدك سيأمر بطعنك مها عليك أخذ الأمر بجدية .
مها: لن أطعن و لن أأوذي أحدا , لما وجد هذا الكتاب ؟ما الفائدة من الطعن العشوائي؟
عائشة: توجد هنا سياسة متبعه وهي أطعن يرضي الملك .
مها: وماذا يفيدني رضائها؟
عائشة: خدمة من قبلها.
رن الجرس معلن بدء وقت الغداء فتحت الزنزانة السجانة فخرجت عائشة مسرعة قائله لي : أنا ذاهبة للملكة دودو , وغمزت لي .
ذهبت لطاولتي المعتادة بخطى بطيئة والهم بادئ على وجهي بجلاء , جلست على الطاولة وأنا مقطبة جبيني فجلسن بقربي ود ودينا وفهد و لمياء.
كانوا يلقون النكت لكنني لم أكن أشاركهم ألقاء النكات فمصيبتي محت الرغبة في فعل أي شيء , أتت نحوي عائشة قائلة : أخبرتها وقد أبدت مسرة بما فعلتك ويبدو أنك قبولك بات قريب يا جميلة .
قلت لها بنبرة حزينة : يا لهذه المرأة أنها مريضة عليها بزيارة طبيب نفسي على الفور .
عائشة : عليك البحث عن الضحية وتقصير لسانك الطويل أيضاً وطلب من أهلك المال لسداد ما أخذتي .
مها: أنا الضحية سوف أطعن نفسي , وسأعيد البضاعة.
حشرت فهد أنفها بيننا قائله : ما بكم ما لأمر ؟
أجبتها عائشة ببرود :أخذت مها مجموعة من الكتب.
شهق الجميع ووضعت دينا يدها على فمها.
دينا:(اتجننتي يا بنت)؟
ضحكت ود قائله :تصرف شجاع و ما هي الكتب؟
أخذت فهد بالتصفيق قائله:هذه فتاتي.
أما لمياء أخذت تحدق بي باستغراب وكأنني أثرت بداخلها مئات الأسئلة .
أجابتهم عائشة ببرود : بالخطأ لم تعلم أخذت جميع الكتب علينا البحث عن الضحية وتدبر المال لها .
مها: إياكم لن اطعن فتاة بريئة.
جثت فهد على ركبتيها قائله : اطعنيني حُبي فأنا ملك.
عائشة: فهد ما رأيكِ أن تتمالكِ نفسك أو أصفعك.
مها:هل منكم من فتح كتاب من قبل ؟
عائشة :أنا ثلاث مرات وفهد أسبوعيا تفتحه.
خنقتني العبرة فقد صدمت بعائشة .
مها: فتحت قبلا كتاب يا عائشة.
عائشة: في هذا المكان تضطرين أحيانا لفعل أشياء لا تريدينها وفتح جميع الكتب.
مها:لن اطعن أحدا هل تسمعين .
دفعت الكرسي بقوه وذهبت مسرعة لدورة المياه لأستغرق في نوبة بكاء مطولة , غسلت وجهي و نظرت للمرآة محدثة نفسي هل سأصبح مجرمة؟
ويحي ظللت ابكي حتى رن الجرس معلن نهاية فترة الغداء عدت للزنزانة وجدت السجانة فوزية تنتظرني .
السجانة فوزية :اليوم الخميس وهو اليوم المخصص للزيارات .
سألتها وأنا أحترق لمعرفة الإجابة :هل قدمت أختي وبندر؟
السجانة فوزية :لا أعلم هيا أتبعيني.
ذهبت ورائها مسرعة الخطي كأني طفل صغير ذاهب لمقابلة أمه.
دخلت لغرفة الزيارة كانت ينبع منها رائحة الصدى لكن جل همي الآن الرائحة أردت رؤية من قدم إلي.
دخلت للغرفة وجدت رغد منكسة رأسها وكأن الطير فوقه , سحبت الكرسي ومازالت منكسة الرأس وصامته .
رفعت رأسها لترمقني بنظرات تأنيب .
رحب برغد بحرارة قائله :أهلا رغد كيف حالك أين بندر؟
ردت رغد بنبرة صوت مخنوقة :لقد فسخ العقد.
أخذت ارمش بسرعة تحسست جسدي أحسست بثقل في رأسي .
رغد:مها لماذا فعلتي ذلك هل جننتِ ؟
ثرت غضبا حتى احمر وجهي وبانت عروقي .
مها: تبا لك كان يضربني لأتفه الأسباب لقد دافعت عن نفسي أنظري لجسدي نزعت قميصي مظهرة الزرقة التي يخفيها ,هذه حالي منذ رحيلك كنا نتقاسم الأذى , منذ رحيلك وأنا أأخذ نصيبك تباً لك أنك أخت حقيرة لما جئتني لتحبطيني يفرض بك مواساتي .
رغد: لم يطل مكوثك هنا وإذا بك تحولتِ لساقطة .
انفجرت باكية , فدخلت السجانة فوزية لتطمئن على حالنا فكان صوت شجارنا عالياً فوجدتني بلا قميص وجسدي مليء بالكدمات .
شهقت السجانة فوزية قائله : يا إلهي ,ركضت نحوي وأخذت القميص من الأرض وجعلتني أرتديه طوعاً.
رغد:اسمعي زوجي منعني من زيارتك لكن أخبرته إني أريد رؤيتك لمعاتبتك فوافق لن أستطيع زيارتك ثانيه.
أخذت بالضحك بأعلى صوت قائله : لن انتظر قدومك ثانية لأنك ستكونين تنحبين حزنا لزواج علي عليك بأخرى ودعي زوجك العزيز يملي عليك تصرفاتك فأم إبراهيم قد وجدت عذراً للبحث عن عروس جديدة أيتها الحمقاء .
تحدثت رغد وعيناها اغرورقتا بالدمع :لقد تحولتِ لمسخ لم اعد أعرفك يا مها .
أمسكت بها وأخذت أصفعها بكل ما أوتيت من قوة , دفعتني للخلف وأخذت رغد بالركض مسرعة للخروج من الغرفة مغلقة الباب بقوة ,وقعت أرضا منهارة مغشية , استيقظت لأجد نفسي في زنزانتي مستلقية في سريري ما أن فتحت عيني حتى دنت مني عائشة قائله : مها هل أنت بخير ماذا حدث لكِ ؟
اخبرتها بمقالته رغد لي , أخذت تطبطب على ظهري وتواسيني كعادتها .
تحدث وأنا أحاول حبس دموعي:هل أنا في يقظة؟ اقرصيني رجاءً.
بنبرة حنونة التمست بها عطفا كبيراً قالت عائشة :مها تقبلي حياتك الجديدة .
خرجت الكلمات مني بسرعة بلا تفكير :سوف اعثر على ضحية .
عائشة:زيارة أختك درة عليك بالمنفعة , حسناً سوف نتناقش بالموضوع خلال وجبة العشاء هل هذا مناسب؟
أجبتها باقتضاب :حسناً.
تقلبت في سريري حتى حان موعد العشاء ما أن سمعت الجرس وفتحت الزنزانة حتى أمسكت عائشة من يدها ورحنا نهرول لصالة الطعام عند دخولنا وجدنا الفتيات على الطاولة , قدمت عائشة نحوهم.
فهد: بشرينا عائشة هل قررت مها التعقل ؟
عائشة:أبشرك يا فهد نعم.
صفق الجميع لي وأصبحوا فرحين مستبشرين ملفتين انتباه الجميع فأصبحوا السجينات يتهامسون متسائلين عن سر سعادتنا.
فهد:دعيها تطعن فدوة فهي تماطل بديونها لي.
لمياء:بل غيداء فقد طال لسانها كثيرا وباتت تسئ التصرف.
عائشة:تباً لكم ليس الموضوع ليس بأخذ ثأر لكم بل سنعرض الموضوع للمزاد من يدفع أكثر نطعن من أجله.
دينا : (عصابة مافيا هنا الله أيده دحنا حنبئه حكايه)
صعقت بهن أفكار الشر لديهم سريعة وعلى أتم الاستعداد لتنفيذها , ذهبت عائشة للملكة دودو رأيتها تتحدث معها , وترمقني هذه العلقة بنظرات لم ترقني .
تحدثت فهد بغضب :تبا لها ما أن تعجبها فتاة تحظرها عن البقية أنانية.
مها:من التي معجبة بها الملكة دودو؟
أخذ الجميع يرمقني ,رفعت لمياء حاجبها .
لمياء:لا تعرفين من تعجبها !!!
رأيت أصبع ود موجه لي ,احمرت وجنتاي رحت أمسك خصلات شعري وأضعها أمام وجهي ,اتخذوني ذلك اليوم سخرية وضحكوا حتى قالت دينا: (دحكتوني وأنا مديئه)
مها:لماذا نطعن من أجل المال فل نطعن من يستحق.
فهد :ومن سيدفع المال عنك عزيزتي ؟
مها:سأعيد ما أخذت .
فهد:البضاعة لا ترد يا حلوة.
راحوا الفتيات يتحدثون عن المال الذي سوف يجنونه من الطعن و أية الأحلام يرغبن بتحقيقها فقد فتح لهم باب الأحلام وتحقيق الأمنيات , كنت حزينة فما فعلته رغد ومصيبتي كانوا في يوم واحد شقي أنت يا حظي.
انتهى الفصل
راجية من الله أن يكون قد نال أستحسانكم
الفصل القادم بعنوان
الطعن
سأضعه بعد يومان أنتظروني
لكم مودتي جميعاً