كاتب الموضوع :
الزاجل
المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
حرب داحس و الغبراء
مساءاً...
كان قصر الفضل رائع المنظر من الخارج، وقد أحاطت به البساتين، وطوقها سور
كبير من الخارج، وقد اجتمع المدعوون داخل قاعة كبيرة، وأخذ الراوي يحدثهم عن
عنترة وحبه لعبلة، ويلقي شعره بطريقة رائعة، فأنصت الحضور إليه إلا قيسا، فقد أضجره ما سمع، فقام..
وقال بأعلى صوته:
قيس: المعذرة، يا قوم!
قطع الراوي حديثه.. وأخذ الناس ينظرون إلى قيس!!
أكمل قيس حديثه:
لقد أكثر الرواة من ذكر عنترة كثيراً، وغيبوا قصص مَنْ كان معه
من أبطال وساده، وكأن عنترة هو بطل بني عبس، لا غير!
أحد الحضور: يا عبدالله، هل أنت تعرّض بعنترة وتستنقصه؟
قيس: لا.. حاشا لله أن أستخف به، أو أن أبخسه حقه، فعنترة هو الفارس الذي لايُضام، والذي تغلب على العرف السائد في مجتمعه، وجعل أباه يفتخر به ، ولا يخجل من كونه عبداً، وكذلك عنترة العاشق الذي استلذ الناس بتناقل خبره هو وعبلة ، و أيضاً هو الشاعر الذي تغنى الناس بشعره، فقلّ مَنْ تجده لا يحفظ بيتاً له، فهو خالد بذكره إلى أن يرث الله عز وجل الأرض ومن عليها.
الراوي وقد بدا عليه الغضب : إذن ما الذي تريد أن تخبرنا عنه، وقد قصرت أنا عنه ؟
قيس : أريد أن أبرز دور الأبطال الذين شاركوه المعارك، ولكن نجم عنترة برز للناس وحجب ضوءهم..أمثال قيس الرأي، وشأس الفوارس، ومالك، وورقاء، والحارث أبناء الملكزهري.. وكذلك الربيع، وأنس وعمارة الدراك، الذي جعله بعض الرواة ضعيفاً جباناً، وهو في حقيقة الأمر فارس مغوار قد أطلق عليه قومه عمارة الدراك، لإدراكه القوم وإنقاذهم، وكذلك قرواش، وعروة بن الورد، وكل هؤلاء أبطال اجتمعوا في زمن ومصير واحد، ولا ننسى عمرو بن شداد، أبا عنترة.
قاطعه الفضل: أليس شداد أبا عنترة، يا قيس؟
قيس: يطلق على أحدنا اسم جده، فيحجب اسم ابيه، وهو شائع عندنا.
كان وزير أمير الؤمنين المنصور، يستمع إليه، وقد أعجبه حسن منطقه.
الوزير : يا قيس، هل تعرف حكاية عنترة غير التي تحكي لنا؟
قيس : نعم يا سيدي، أعرفها وقد ركز الرواة على شخص عنترة، ونسبوا إليه البطولات وحده، فابتعدوا أشد البعد عن جوهر الرواية، فقد قضى عنترة معظم شبابه وعنفوانه في معركة دامت أربعين سنة، وهي معركة داحس والغبراء.
الوزير مقاطعاً : تقصد معركة عبس وذبيان؟
قيس :
نعم، ولكن.. ليست فقط معركة عبس وذبيان.. بل لقد اتسعت رقعة الحرب لتشمل قتال بعض قبائل العرب، عبس التي رحلت عن ديارها، حرصاً من قيس على لمّ شمل أبناء عمومته الغطفانيين، ولكي تخمد نار الفتنة، ولكن أمر الله نافذ.
فقد قاتلت بعض قبائل العرب عبساً، لأنهم نزلوا في أراضيهم عنوة، وبعضهم قاتلهم طمعاً فيهم، كما أن هناك من أراد إبادتهم لثأر قديم بينهم ، وكانوا في تلك الأثناء يراسلون أبناء عمومتهم في الصلح، إلا أن غطفان ترفض ذلك، وفي حقيقةالأمر لم تُنجِ عبساً قوتهم ، ولا قوة عنترة!
الفضل: فما الذي أنجاهم إذن من هذه المعارك ؟
قيس : أنجاهم قيس الرأي، بحُنْكته وحكمته وحسن تدبيره.
الوزير: يبدو أنك تعرف الرواية حق المعرفة يا قيس.. فارْوِها لنا، ومتّعنا بها ، قبل أن نتناول العشاء.
قيس : سوف أنسيكم بها لذة الطعام، فأنصتوا..
|