كاتب الموضوع :
الزاجل
المنتدى :
القصص القصيرة من وحي قلم الأعضاء , قصص من وحي قلم الأعضاء
رواية ركبان الموت - ملحمة داحس و الغبراء
القرن الثاني الهجري..
مدينة السلام.. بغداد..
دوّى صرير الباب العظيم لمدينة بغداد حين فُتح في الصباح الباكر، وقد أخذ الناس
المحتشدون خارج السور بالدخول، وسط رقابة الحرس الذين قاموا بتفتيش بعض
الغرباء، فرأى رئيس الحرس شاباً وسيماً، أبيض الوجه، صغير العينين، شديد سواد
اللحية، وكان على راحلة.. فاستوقفه.
رئيس الحرس: من أي جهة قدمت أيها الشاب؟
الشاب : قدمت من بلاد الحجاز.
رئيس الحرس: ومن أي القبائل أنت؟
الشاب : من قيس..
رئيس الحرس: وما الذي أتى بك إلى بغداد؟
الشاب : أتيت أبحث عن والدي، وقد ذكر أنه يعمل مع كبير التجار، في بغداد.
رئيس الحرس: أتقصد سيدي الفضل بن سعد، كبير تجار بغداد؟
الشاب: نعم، هذا الاسم الذي ذكر لي.
رئيس الحرس: سوف آخذك إليه.
دخل الشاب مع رئيس الحرس مدينة السلام، التي طالما سمع عنها، بحسن مبانيها
وتنظيمها وكثرة مساجدها واتساع أسواقها، وبينما هو يسري رأى شيخاً يدرس مجموعة غلمان تحت سقيفة، ورأى مجموعة نساء محجبات بزي يفتن من يراه بألوانه
الزاهية المتناسقة مع قوامهن، وكن واقفات يتحدثن ويضحكن، ثم اقترب من مكان فيه ضجة، فلم تبين له كان سوقاً للمواشي، فهذا يصيح بأعلى صوته ليبيع بعض الغنم، وآخر يدفع النقود،وغيرهم..
ثم رأى أناساً مجتمعين حول رجل قد رقى على منصة مرتفعة، فلما اقترب منهم رأى
الرجل يدلل على جارية فاتنة الجمال ، صغيرة في العمر، فعلم أنه تاجر رقيق، فأمر
رئيس الحرس الشاب بالتوقف ليرى كم سيدفع في الجارية، فأخذ الرجال بالمزايدة
عليها..
والتاجر يقول: إنه لثمن بخس في جارية جميلة عذراء صغيرة، من بلاد الروم.. فهل
هناك من يزيد؟
فأخذوا بالمزايدة حتى وصل ثمنها خمسني ألف دينار، فبيعت لشيخ كبير السن،
عظيم الخَلْق، إلا أنه جميل المنظر والهيئة، فأخذها وركب حصانه، وسار وقد حجب
الجارية التي أخذت تسري على قدميها خلفه، فتبع رئيس الحرس والشاب ذلك
التاجر، حتى وصلوا إلى سوق الذهب، فدخل التاجر دكاناً كبيراً يباع فيه الذهب
والجوهر، فأخذ يأمر وينهى الرجال.
فنادى أحدهم: يا علي! يا علي!
فأتاه شاب يهرول..
علي: أمرك، يا سيدي؟
التاجر: أَرْكِب هذه الجارية جوادي، وخذها إلى قصري وأخبر الجواري أن يهيئنها.
فأخذها علي على الفور.. وكان رئيس الحرس والشاب ينظران لذلك..
رئيس الحرس: ها هو الفضل كبير التجار يا عبدالله! انتظر هنا حتى أخبره بأمرك.
ولكن.. ما اسمك، واسم والدك؟
الشاب : اسمي قيس عيلان.. واسم والدي عيلان.
ترجل رئيس الحرس عن حصانه ودخل على التاجر الذي رحب به، فأخبره خبر
قيس فخرج التاجر له بسرعة، فرحب به وأدخله وأمر له بشراب، بينما استأذن رئيس
الحرس بالانصراف، فشكره قيس على مرافقته له.
الفضل: لقد أتاني والدك منذ بضع سنين، وعمل معي في تصريف بضاعتي، وهوالآن يجلب الذهب والجواهر، ويبيعها لي دون غيري.
قيس : من أين يجلبها يا سيدي؟
الفضل : من الهند.. وهو الآن هناك.
قيس : ومتى سيعود؟
الفضل : بعد عام.
قيس : هل تعرف مكان إقامته هناك؟
الفضل : نعم، وإن كنت متعجلاً لرؤيته فسوف أجعل إحدى مراكبي المغادرة بعد أيام تأخذك إليه.
قيس : إنني مشتاق إليه كثيراً يا سيدي، فقد حرمت منه منذ صغري، بسبب تكبر الأهل وعنادهم.
الفضل : سوف تقيم عندي الليلة يا بني، وبعد أيام ترحل إليه بإذن الله، وكذلك
لدي مناسبة الليلة، فقد جلبت أحد الرواة، ليروي لنا قصة عنترة، وسيحضر هذه
المناسبة وزير أمير المؤمنين المنصور، وأمراء وأعيان في الدولة، وسأعرفك بهم.
التعديل الأخير تم بواسطة الزاجل ; 19-06-10 الساعة 05:45 PM
سبب آخر: العنوان
|