صمت لبعض الوقت وشجعته سالي :
" لابد ان هذا كان صدمة قوية لك .. أنت لم تفعل ؟ أعني لم تتزوجها؟ "
- لم أفعل .. وبقينا صديقين , لا أكثر, بعد ولادة مارى , قالت فرانسيس انها لا تزال تحب والد طفلتها , وقررت ان تفتش العالم عنه .. مؤخرا , وجدته .. انه يعيش في أوكلاند .. ولقد احب ماري جدا , واكتشف انه لايزال يحب أم ابنته , لذلك اقترح عليها الزواج , وكان في نفسها بعض التردد .
استدار ماكس نحو سالي وتابع قائلا :
- في نيوزيلندة طلبت فرانسيس مني النصيحة .. واقترحت عليها أن يجتمعا كي يتعارفا مجددا , دون إعاقة أو تأثير من الطفلة , ولو انها محبوبة جدا .
وهزت سالي رأسها موافقة تماما :
_" ولهذا جئت بماري إلى هنا "
- كانت فرانسيس ممتنة جدا لعرضي .
- واين هي فرانسيس الآن ؟
- في نيوزيلندة .. بقيت أسبوعين مع أمها , ثم اعادت ماري معها .. لقد تزوجت والد ماري أخيراويبدو انه يحب زوجته , وندم كثيرا على تصرفه السابق .
كانت ابتسامة ماكس حقيقية هذه المرة :
- أنت كمعلمة لغة انكليزية سابقة ...
هزت راسها نفيا :
_ " بل حالية .. لقد عدت إلى التعليم "
هز رأسه موافقا واكمل :
_" ومخترعة ممتازة لقصص الاطفال , كما أعرف بالخبرة , لاشك انك ممتنة للتحول السعيد في قصة فرانسيس أندرلي "
منتديات ليلاس
خرجت انفاسها بسرعة وخفة وهي تنظر إليه :
- أتقول أتقول إنك حر من اي التزام نحو فرانسيس ؟
- مثل هذه الالتزامات , لو وجدت , انتهت منذ سنوات .
خطوة نحوها جعلتها تشهق لسرعة خطفه لها إلى ذراعيه .
فى البداية , وقد صدمها حركته المفاجئة , تصلبت بين ذراعيه . ثم لانت والتصقت به ترد عناقه بعناق وانضمت ذراعاها لتلتفا حول عنقه , تتعلق به كما تتعلق بالحياة وهو يميل بها يمنة ويسري .
حين رفع رأسه اخيرا ينظر إليها , احست انها طرية كالصلصال بين يديه .
غزا عينيه دفء حول اطرافها الى سائل , وارسل الدم يجري متسارعا في جسدها .
- هكذا أفضل .. لاتقاوميني أبدا مرة اخرى , آنسة ديرلوف .. تذكري أنني فى المستقبل سأطلب بالرضي الكامل من المرأة التى أحب ..
سألت بصوت أجش غير مصدق :
_ " المرأة .. التي تحب ؟ .. من .. انا ؟ "
رفع عيناه إلى السماء :
_ " من ؟ تسألني ! أليس الأمر واضحا ؟ ألم يكن واضحا منذ لحظة التقينا ؟ "
- لا .. لم يكن واضحا .. ظننت لقد صدقتك حين قلت لى إنك تريد الخطوبة لاسباب مهنية .
- اوه .. هذا صحيح ... لكن المهم اكثر , كان اسبابي الشخصية . بطريقة ما , كان على ان ابقيك معي , ومساعدتك في محنتك لم تكن سببا كافيا .. لذلك كان يجب أن افعل هذا بطريقة اكثر دهاء ومكرا .
- وانت تطلب مني العمل كمساعدة لك إضافة الى التظاهر بأننى خطيبتك ؟
- طريقتان لمنعك من الهرب .. لقد وجدتها كما تقول الاغنية , ولن اتركها بحق السماء تذهب , وهي هنا , أنت .
حاولت الابتعاد من بين ذراعيه :
" لكن , الأشياء التى اتهمتنى بها ؟ أنت لم تثق بي .. لم تصدقني أليس كذلك ؟ "
- هذا صحيح .. ولهذا قمت بكل ما بوسعى لاخفى مشاعرى عنك , ولن تعرفي كم كان ذلك صعبا , عرفت غريزيا من لقاءنا الاول , انك تخبئين شيئا , وانك لست صريحة تماما ولقد ثبت لي ان غريزتي على حق صحيح اننى احببت , لكن يجب كذلك أن أثق , ولهذا , حبيبتى , مرت على شهور صعبة .
قبل خدها بخفة , واكمل :
_" يجب أن تعترفى بأنك فى البداية كنت تريدين التجسس علي .. وإرسال التقارير السرية عني إلى الصحيفة التي كانت تستخدمك .. وهذا ما فعلته أليس كذلك ؟ "
ارتفع حاجباه ليرسلا موجات خوف باردة على عمودها الفقري .
- لقد فعلت .. لكن ليس لوقت طويل .. ولقد حصلت على تلك الرسالة , لأثبت ما أقول .. وقبل ان احضرها هناك اعتراف آخر .. انا ..
وتركها , لتحس بهواء بارد يلفها فتنحنحت :
_" أنا .. أحببتك سيد ماكنزي منذ البداية .. ولقد اتهمتني اننى معجبة , وهذا ما انكرته , لكن يجب ان اقول لك إننى اصبحت من المعجبين , وليس فقط بكتبك "
رد بلهجة عنيدة :
" حسن جداأين البرهان الذي ادعيت أنه معك في الورقة التى دفعتها تحت أنفي اليوم ؟ "
- ليس هناك اى ادعاء ... الرسالة هنا ...
فتشت حقيبتها حيث وضعت الرسالة منذ استلمتها على امل أن تريه إياها يوما .
أخذها منها , ولامس مبتسما الثقب الذي تسببه مخرز ديريك وينترتون فيها ... وهو يقرأحاولت سالي قراءت قسمات وجهه , لكنه لم يعطها شيئا .
همس أخيرا بصوت اجش :
- فتاتي الحبيبة .
وفتح ذراعيه واسعا , فألقت نفسها بينهما , تحب قوتهما , وقلبها يرقص فرحا لعودته إلى حيث أشتاق أن يكون على الدوام .
تأوه :
_" كم أريدك ! لقد مضى على اكثر من شهر وانا اعيش حياة ناسك من دونك . احلم ليلا بانك الى جانبى .. ثم استيقظ لاجد نفسى وحيدا ! العذاب الذى سببته لي يكفي لإيصال أي رجل عاقل إلى الجنون ؟ "
ابعدها عنه قليلا :
_ " ماذا سأفعل بك ؟ ماذا سأفعل من دونك ؟"
- ماكس , هذا ما أحسست به من دونك ... لقد كنت بائسة .. ولم اعرف كيف اتحمل احتمال زواجك من امراة اخرى .. او هذا ما دفعتني فرانسيس لأصدق .. كان رهيبا .
- وكيف تظنين اننى احسست , وانا اتساءل أين أنت ؟ لم يكن لدي عنوان أمك , ولا تذكرت اسم زوجها وهكذا سدت في وجهي كل الطرق .. واجبرت نفسى أن اسأل رئيس تحرير ستار وجورنال , لكنه ادعى انه لا يعرف مكان وجودك , واظنه كان يقول الحقيقة .
- ولأول مرة فى حياته بكل تأكيد لم أقل له إلى أين أنا ذاهبة .. لكنني قلت لأمى .
كشر ماكس وجهه :
- ولقد آلمني هذا كثيرا .. وتوصلت إلى استنتاج , بمرارة وعلى مضض , انك عدت الى صديقك ... ثم اكتشفت اليوم انك تعيشين فى شقته ..
منتديات ليلاس
- لقد شرحت لك كيف جئت الى هنا .
- حسن جدا ... حسن جدا .. حبيبتى .
ضمها مجددا بشوق وذابا معا فى عناق طويل ..
قال يرفع ذقنها الى ان تشابكت عيونهما :
- على فكرة .. من هو ذلك " الخال " الذى طلبت من ديريك وينترتون ان يبلغه حبك فى الرسالة ؟
ضحكت :
_ " أوه .. إنه خالي روبرت "
- ومن يكون ؟
ها قد عادت اللهجة الجادة التى أقلقتها دائما .
- إنه .. لن يعجبك هذا حبيبى إنه رئيس مجلس إدارة ستار وجورنال .
لجزء من الثانية , اسودت عيناه , ثم تلاشي السواد , وبرز فكه الأسفل الى الأمام , مدعيا الغضب .
- حقا ؟ ولماذا لم تقولي لي هذا من قبل ؟ هل هو سر أسود أخر , آنسة ديرلوف كنت تخبئينه لنفسك !
- إنه الاخير ماكس .. صدقا . ولولاه , لما كان ديريك وينترتون تكرم على باللقاء الاول يوم توسلت إليه ليضمني الى محررى الصحيفة . قال لي : أكان خالك أو لم يكن رئيس مجلس إدارة , فانا لن أوظف معلمة لغة انكليزية غير خبيرة فى صحيفتي , أو كلمات بهذا المعني .
- إذن , فالرجل لديه بعض المبادئ وهو لم ينحن أمام ضغط خالك .
- ربما لا .. لكن بضغط من خالي روبرت , وهو شقيق أمي , واحبه كثيرا , اعطاني ديريك وينترتون هذه النسخة من الرسالة التى اريتها لك .. تصوركان قد زعم أنه رماها!
ضحك ماكس :
- يبدو انه كاد يفعل .
نظرت إليه بطرف عينها , وبشئ من الشك : " ألست غاضبا مني لأن خالي يعمل فى الصحافة ؟ "
رد مبتسما :
_" لو كنت غاضبا , لعرفت هذا على الفور "
ضمها بين ذراعيه مجددا ومضى بعض الوقت قبل ان يقول :
- حين نتزوج ..
همست بخشونة :
_ " وهل سنتزوج ؟
- من الآن وصاعدا آنسة دير .. لوف . لن أدعك تبتعدين عن نظري على فكرة .
ومد يده إلى جيب سترته الداخلي , واخرج علبة , ثم الخاتم منها:
- هذا سيعود إلى مكانه الصحيح .. وبعد بضعة أيام .. بضعة أيام .. سينضم إليه خاتم ذهبي خاص .. ودون أدني شك , سيصل خبر زواجنا إلى الصحافة . فهل هناك أى اعتراض , يا جاسوستي الجميلة ؟
منتديات ليلاس
رفعت قبضتها لتضربه على صدره , لكن القبضة غيرت رأيها قبل أن تصدمه , ودفنت رأسها في صدره .
فيما بعد , وقد ارتدت ثيابها ليخرجا إلى وجبة طعام احتفالية .. قال ماكس :
- لو لم تأت إلى هذا الصباح كنت أنوي استخدام تحر خاص ليبحث عنك .
أحست سالي بضحكته تتذبذب فى داخلها . إنه على صواب .. هي التي ذهبت إليه .. شئ ما .. إحساس ما في داخلها , شدها إلى ذلك المحل هذا الصباح .. خيط فضى , كان ممتدا بينهما منذ لحظة تعثرت ووقعت وادخلت نفسها في حياته الخاصة , بين ذراعيه , واخيرا , فيما تبقى من حياته .
قالت وهي تلف ذراعيها حول كتفيه العريضين :
- هل تعدني بشئ سيد ماكنزي ؟ أيمكن أن تعيد إلى ذلك الكتاب الذي دفعته ثمنه , ووقعته لي ؟
- سأفعل لكنني سأفعل أفضل من هذا .
شدها إليه أكثر .
- سأهدى كتابي التالي : إلى سالي , زوجتي , حبي العزيز, وحياتي الحقيقية .. العميل السري الجميل .
النهاية