8- من سجن الى سجن
أغلق الأجهاد عينيها بمجرد أن وضعت رأسها على الوسادة , ولم تشعر ألا بطلوع النهار , فنهضت جالسة في السرير وهي تتوقع أن تجد الصداع ما زال يؤلمها لكنها لم تشعر بألم ,وعندما فحصت جبهتها وجدت كدمة بسيطة يمكن أخفاؤها بشعرها.
وأخذت حمامها وأرتدت تنورة خضراء قصيرة وقميصا ليموني اللون وكانت تمشط شعرها أمام المرآة عندما أحضر لها بولت أفطارها ,وقال وهو يضع الصينية:
" السيد لايول يريد أن يراك يا آنسة".
لم يكن في نبرات صوته ذلك الدفء الذي أعتادته.
" هل تعرف لماذا؟".
فهز بولت رأسه :
" سيشرح لك السيد لايول عندما ترينه يا آنسة".
وسار نحو الباب – وذهبت هيلين وراءه:
" بولت! بولت , ماذا حدث ؟ أنت لست غاضبا مني لأنني حاولت الهرب؟".
" لا يا آنسة ".
تنهدت هيلين:
" ولكنك غاضب- بولت , قلت بالأمس أنك لا تريد أن تراني أتألم , بالطبع أنت تعرف أنه كلما طال بقائي هنا كلما زاد هذا الأحتمال".
" نعم يا آنسة".
" آه.... بولت أرجوك حاول أن تفهم!".
" أفهم يا آنسة".
" أذن لماذا أنت هكذا؟".
وقطبت حاجبيها :
" ألا أذا كنت آسفا لأنني لم أمجح".
" نعم يا آنسة".
شهقت هيلين:
" هل كنت تريدني أن أذهب؟".
" كان أفضل".
وتمتمت بأستغراب:
" وكنت تتخيل أنني سأحاول لذلك تركت مفتاح السيارة فيها".
هز بولت كتفيه:
" لا يوجد لصوص هنا يا آنسة – والمفاتيح عادة تترك في السيارة".
" ولو....".
وهزت هيلين رأسها:
" لم أكن أعرف أنك متضايق الى هذه الدرجة".
وأنطبق فكا بولت :
" وجودك هنا ضار للجميع يا آنسة".
وبهذا التعليق الغامض أنصرف.
وجلست هيلين تأكل أفطارها بقلب حزين ,لمدة أسبوع كان بولت سندها في مواجهة عدم أهتمام دومينيك , وصديقها رغم أختلاف دوافعهما , ولكن الآن يبدو أنها ستفقد حتى صداقته ,وماذا يريد دومينيك ؟ أي سبب قد يكون لديه ليطلبها ألا أذا كان لمعاقبتها على تصرفاتها السيئة بالأمس.
فحصت محتويات الصينية , ما يهم ما بها؟ أن فكرة الأكل جعلتها تشعر بالرغبة في القيء لكنها أستطاعت أن تشرب فنجان القهوة لتهدىء أعصابها .
عندما أنزلت الصينية شعرت بالأرتياح لأنها لم تجد بولت في المطبخ . وبسرعة ألقت كل محتويات الصينية التي لم تذوقها في صندوق القمامة وهي سعيدة أن بولت غير موجود ليرى ذلك.
وهدّأت نفسها ثن خرجت من المطبخ وعبرت الصالة الى غرفة الجلوس وفتحت الباب بحذر ونظرت في الداخل , لكن دومينيك , لم يكن هناك بالطبع لا بد أنه في غرفة المكتب بعمل , وطرقت باب غرفة المكتب ولكن أحدا لم يرد , نظرت في الداخل فتأكدت أنه ليس هناك , فقطبت جبينها , أين يمكن أن يكون؟
قال بولت وهو يقف على السلم:
" أن السيد لايول في سريره يا آنسة , لو كنت أعلم أنك أنتهيت من أفطارك لحضرت لأوصلك".
سألت هيلين :
" هل هو مريض؟".
وأستدار بولت وقال:
" تعالي من هنا يا آنسة".
وصعدا الى الدور العلوي وأستدارا يسارا نحو غرفة دومينيك .
وفتح بولت الباب وأشار اليها بالدخول , وجدت نفسها في غرفة بسيطة جدا لا تشبه غرفتها ,أرضها من خشب مدهون مغطى ببضع أبسطة وجدرانها عارية , والسرير يشبه سريرها .... والهواء البارد يدخل من النوافذ المفتوحة , لاحظت هيلين هذه الأشياء بسرعة ولكن عينيها أنجذبتا الى الرجل الجالس في السرير مستندا على الوسائد ووجهه الأسمر شاحب ونحيل , وأنتقلت نظرته منها الى بولت ثم قال:
" حسنا يا بولت يمكنك أن تتركنا".
وأنصرف بولت ونظر دومينيك الى هيلين قائلا بهدوء:
" لا بد أنك تتعجبين لأحضاري لك الى هنا".
أنفجرت هيلين قائلة:
"لماذا أنت في الفراش؟ هل فخذك أسوأ كثيرا؟".
تحولت ملامح دومينيك الى القسوة وقال بخشونة:
"هل يمكن أن نترك موضوع حالتي جانبا؟ أنك هنا لأنني قررت أن أتركك تذهبين".
"تتركني أذهب!".
ذهلت هيلين وبدا عليها ذلك.
" نعم , أصلح بولت سيارتك وهي الآن في حالة جيدة وصالحة للأستعمال , كما أنه يقوم حاليا بأعداد حقائبك أستعدادا لرحيلك".
ولم تستطع هيلين أن تصدق ذلك:
" ولكن ماذا عنك؟ هل أنت مستعد للرحيل أيضا؟".
وهز دومينيك رأسه:
" لا أظن ذلك , سنعتمد على أنك لن تفشي مكاننا لأحد".
يا ألهي ! فكرت هيلين بأسى – أنها لا تريد أن تذهب!ليس الآن وهو في الفراش , قالت مرة أخرى:
" ما الخبر؟ لماذا أنت في الفراش؟ أرجوك, أريد أن أعرف".
" لماذا؟ هل تسعدين لمعرفة مدى ضعفي؟".
" أنك لست ضعيفا".
" أذن فأنا أتمارض , ماذا يهم؟ ستنسين كل شيء عني وعن أمراضي السخيفة قريبا".
وأطبقت يداه على ملاءة السرير :
" لن أنسى- دومينيك... أنني...".
" أرجوك أن تذهبي".
وكان صوته باردا وحاسما.
" مع السلامة , بولت سيشرح التفاصيل وبتعليماته لن تجدي صعوبة في الوصول الى الطريق الرئيسي".
فركت هيلين يديها وقالت بطريقة يرثى لها:
"لن أذهب أذا لم تكن تريد ذلك".
ولكنه كان بلا رحنة.
" يا فتاتي الصغيرة- أنا لم أكن أريدك هنا منذ البداية!".
كان بولت خارجا من غرفتها وهي تسير كالعمياء في الممر , وكان يحمل حقائبها وظنت أنها رأت للمحة قصيرة شيئا من التعاطف في عينيه ولكن هذا لم يدم ألا لحظة ثم أشار اليها أن تسبقه عل السلم.
قال بصوت لا تعبير فيه:
" أحضرت كل شيء , هل ستحضرين معطفك أم أحضره لك؟".
" أنا سأحضره".
فتحت هيلين غرفة الملابس ثم قالت:
" آه , كنت أريد أن أشكرك على أهتمامك بأشيائي".
" التي كانت في المطبخ؟ أنها في الحقيبة يا آنسة- هل هذا كل شيء؟".
هزت هيلين رأسها بالأيجاب , عليها أن ترافقه حتى الخارج.
وكان قد أحضر سيارتها الى الباب ولاحظت أنه قام يتنظيفها , ووضع حقائبها في صندوق السيارة ثم أعطاها المفتاح قائلا:
" المفتاح الآخر في الكونتاكت – هل أنت مستعدة ؟".
هزت هيلين رأسها بالأيجاب – كانت تخشى أن تتكلم من شدة أنفعالها .
" حسنا".
وأشار الى الطريق الذي سارت فيه الليلة الماضية وقال:
" أتبعي هذا الطريق حوال ميل ونصف وستجدين منعطفا على يسارك سيري فيه وستصلين الى قرية , هذه القرية هي هوكسمير أذا سألت هناك فسيدلونك على الطريق الذي يؤدي الى المكان الذي تريدين الذهاب اليه".
هزت رأسها مرة أخرى ثم أستطاعت أن تقول أشكرك وهي مختنقة:
" العفو- مع السلامة يا آنسة".
" مع السلامة".
نظرت هيلين مرة أخيرة الى المنزل ثم الى الرجل الذي يقف أمام الباب ثم ركبت السيارة وأدارت المحرك وتحركت بعيدا بدون أن تنظر خلفها.
وصلت الى هوكسمير قبل أن تتمالك نفسها , وهناك وضح لها الطريق الذي تسلكه.
وسارت بدون تفكير يكفي أنها عائدة الى لندن , وأي أفكار كانت لديها لقضاء عدة أسابيع في منطقة البحيرات أصبحت مرفوضة الآن , وحتى منزل أبيها في ميدان بارباري حيث يعيش مع أيزابيل فهو يمثل ملاذا لها الآن ولعواطفها الجريحة.
منتديات ليلاس
كانت الساعة قد تجاوزت الثانية بقليل عندما وصلت الى الميدان ورأت سيارة والدها المرسيدس أمام الباب , وتوترت أعصابها , كان هذا شيئا آخر عليها أن تواجهه , وكانت تشعر أنه لن يكون سهلا , كانت أطرافها متخشبة بعد أربع ساعات من القيادة , وكانت تشعر بصداع سببع التوتر العصبي , وصعدت سلالم المنزل ثم فتحت الباب بمفتاحها , وقد جذب صوت فتح الباب سيدة سمراء صغيرة الجسم , عندما رأت هيلين رفعت يديها في أندهاش ثم صاحت:
" أوه ... أوه آنسة هيلين – شكرا لله لقد عدت!".
أغلقت هيلين الباب الخارجي وأستندت عليه لحظة تستجمع قواها ثم حيّت مديرة منزل والدها بهدوء:
" أهلا يا بيسي- هل كان هناك ذعر؟".
وهزت بيسي رأسها:
" وأي ذعر! أين كنت يا آنسة؟".
" يا ألهي ! هيلين!".
ونظرت هيلين لدى سماع صوت والدها ,كان ينزل السلم بسرعة وهو يحملق فيها وكأنه لا يصدق عينيه , وشعرت بالخجل من نفسها عندما رأت خطوط الأرهاق حول عينيه , وفي لحظة كانت في أحضانه القوية وهو يضمها بشدة الى صدره.
أخذ يتمتم وهو يتجاهل تماما وجود بيسي:
"أوه شكرا لله !أين كنت أيتها الصغيرة المستقلة الغبية؟".
شعرت هيلين بالدموع تكاد تنهمر من عينيها , لكنها يجب ألا تسمح لنفسها بالبكاء , أذا فكر والدها أنها تبكي لرؤيته فأن أي ميزةأكتسبتها بذهابها ستضيع منها ثانية .
وقالت أخيرا بعد أن أفلتها وأخذ ينظر اليها كأنه لا يستطع ألا أن يفعل ذلك.
" ألم تصلك رسالتي؟".
" رسالتك؟ طبعا وصلتني رسالتك ولولا ذلك كنت فقدت صوابي الآن , بحق السماء أين كنت ؟ كلفت نصف مخبري بريطانيا السريين للبحث عنك!".
أستطاعت هيلين أن تبتسم :
" هل فعلت؟".
" نعم , لقد فعلت , وكدت أدفع أيزابيل للجنون أيضا , أين كنت بحق الشيطان؟".
سحبت هيلين نفسها من يديه ونظرت الى بيسي بأستعطاف:
" هل يمكن أن أشرب شايا؟ لم أتناول شيئا منذ الصباح الباكر".
ونظرت بيسي الى فيليب جيمس للموافقة وعندما هز رأسه موافقا ذهبت بسرعة ثم سار والدها الى المكتبة وأقفل بابها المزدوج وراءهما.
قال بعد أن جلست في كرسي مريح ذي مسند:
" والآن أريد أن أعرف كل شيء".
تنهدت هيلينوهي تنظر الى يديها:
" حسنا , ليس شيء كثير يقال حقا".
" ماذا يعني هذا بالضبط؟".
وهزت كتفيها قائلة:
" ذهبت الى منطقة البحيرات ".
" ماذا فعلت؟".
" سمعتني يا والدي – ذهبت الى منطقة البحيرات , الى ذلك الفندق الصغير في باونيس الذي أعتدنا النزول فيه عندما كنت طفلة".
فضاقت عينا جيمس وقطب جبينه:
"الثور الأسود؟".
" نعم , هل تذكره؟ قضينا أوقاتا سعيدا هناك , أليس كذلك؟".
حاولت هيلين أن تبدو متحمسة برغم أنها لم تكن تشعر بأي حماس ,وقام والدها عن الكرسي وسألها بهدوء:
" وبقيت هناك كل هذه المدة؟".
" نعم- أظن أنه آخر مكان كنت تفكر أن تبحث فيه عني ".
" في الواقع آخر مكان".
وأخرج علبة سكائره وأخذ منها سيكارة وضعها في فمه :
" ما الذي كنت تريدين الوصول اليه بهروبك؟".
أسترخت هيلين , سيسير الأمر على ما يرام – أنه ليس سئا حقيقة في قرارة نفسه وبعد التجربة المؤلمة التي مرت بها هذا الأسبوع فأن المشاكل التي ستواجهها معه تبدو تافهة بالمقارنة وتذكرت المعاناة التي مرت بها فشعرت بشعور مفاجىء باليأس الفظيع فأطبقت شفتيها وحاولت أن تركز تفكيرها على ما يقوله والدها فقط.
وقالت أخيرا:
" كنت أحتاج لبعض الوقت يا والدي – وقت لأكون بمفردي- لأراجع الأمور بيني وبين نفسي".
ورفع فيليب جيمس كأسه عن الأفريز وأعتدل , كان متوسط الطول ولكن جسمه الممتلىء قليلا كان يجعله يبدو أكثر طولا.
وقال ببطء:
" أظن أن هذا الكلام مقصود به كابح السيارة".
" نعم بشكل ما".
" أنك ما زلت تصرين على عدم الزواج به؟".
" نعم".
قال بعنف:
" أذن مع من كنت؟ لأنني أقول لك يا هيلين أنك لم تنزلي في الثور الأسود في باونيس!".
لحسن حظ هيلين أن بيسي دخلت بمنضدة الشاي في هذه اللحظة وأخذت ترتب الفناجين في أطباقها وتلفت النظر الى طبق الشطائر والبسكويت وكعكة البهار الطازجة قائلة:
" ظننت أنك قد تكونين جوعى يا آنسة- أنك تبدين نحيفة , فندق أو بدون فندق يبدو أنهم لم يكونوا يطعمونك جيدا".
وصاح فيليب جيمس بغضب:
" هل كنت تتنصتين وراء الباب يا بيسي؟".
وتحفزت بيسي:
" لا يا سيدي , أنا لا أتنصت على أحد , انا لست من ذلك النوع , ولكنها ليست غلطتي أذ سمعتك تقول أن الآنسة هيلين لم تكن في ذلك الفندق".
وهز فيليب جيمس رأسه بأستسلام :
" هذا يكفي يا بيسي – يمكنك أن تذهبي- الآنسة هيلين تستطيع أن تأخذ ما تريد بنفسها".
وأنصرفت مدبرة المنزل وبعد ذهابها أنكبت هيلين على أبريق الشاي وهي تحاول أخفاء مفاجأتها بما قاله والدها.
" حسنا يا هيلين , أنتظر الرد".
وقال والدها وهو يعود الى كرسيه أمامها ويطفىء سيكارته التي لم يدخن الا نصفها:
" أريد أن أعرف أين كنت؟".
أحنت هيلين كتفيها وسألت وهي تحاول أن تكسب بعض الوقت:
" كيف علمت أنني لم أكن في باونيس؟".
" بالطرق المعروفة – لقد أجرينا البحث وعلمنا أنك لم تكوني مسجلة هناك في الفندق".
" ولكن كيف علمت أنني قد أذهب الى هناك؟".
" لم أعلم ولكن عندما تبين أنك لم تغادري أنكلترا على الأقل بالطرق المعروفة كان يجب أن أفكر في المكان الذي قد تكونين فيه".
" ولكن باونيس!".
" ولم لا؟ قضينا فعلا أوقاتا سعيدة هناك , أنا أوافقك على ذلك- كان أحتمالا ممكنا".
حركت هيلين رأسها يمينا ويسارا – أذن لو كانت ذهبت الى الفندق الصغير الذي كان يبدو أحسن ملجأ لها من أسبوع لوجدها والدها بعد أيام قليلة , كان يجب أن تفعل الشيء غير المنطقي على الأطلاق , ولكن لو فعلت ذلك لما قابلت دومينيك لايول ولما وقعت في حبه ولما تحملت كل الألم والأذلال على يديه .
وأشتد شعورها باليأس , هل كانت تفضل ذلك؟ ألا تتعرف عليه أطلاقا وألا تشاركه ولو لوقت قصير على الأق آلام وحدته في عزلته! لكنها الآن ستعاني من آلامها الخاصة هي أيضا.
وقالت بتأثر:
" يبدو محزنا ألا أستطيع الذهاب بمفردي لبضعة أيام بدون أن تستأجر فرقة من المخبرين للبحث عني , ما الذي كنت تريده بالعثور علي؟ وماذا كنت ستفعل لو وجدتني في فمدق الثور الأسود".
بدأ والدها يغضب وقال بصبر نافذ:
" لا تجعلينني أفقد أعصابي يا هيلين , لقد سألتك أين كنت ومع من , هل ستجيبينني؟".
نظرت اليه هيلين:
" وأذا قلت لا؟".
فوقف والدها كأن الجلوس يضايقه:
" هيلين للمرة الأخيرة".
" لم أكن مع أحد".
" هل تتوقعين أن أصدق ذلك؟".
" لا يهم ماذا تصدق".
" هيلين أنني أحذرك".
" أوه يا والدي – أرجوك- ألا أستطيع أن أشرب الشاي بدون هذا التحقيق؟".
ودفع والدها يديه في جيب بنطلونه :
" حسنا ... حسنا".
وقال وهو يحاول ألا يفقد أعصابه:
" أشربي الشاي ,أستطيع أن أنتظر".
سكبت هيلين الشاي ووضعت الحليب ثم أخذت ترشفه ببطء , كان الشاي الساخن منشطا جدا وسكبت لنفسها فنجانا آخر , وكانت تشعر أن والدها يراقبها وأن عداءه يزداد مع كل دقيقة.
ولم يعجبها الطعام , أنها تشعر فعلا بالخواء ولكنه خواء الروح وليس الجسد , كانت صورة دومينيك الأخيرة وهو شاحب ومتعب في سريره لا تفارقها.
" حسنا يا هيلين ... هل ستخبرينني أين كنت؟".
وشدها صوت والدها الى محيطها الحالي.
وقالت بهدوء:
" لا أريد أن أجادل معك يا والدي , ألا تستطيع أن تقبل أنني قضيت بعض الأيام بمفردي؟".
" ولكن أين قضيت هذه الأيام- في فندق؟".
وترددت هيلين :
" وأين يمكن أن أقضيها؟".
" هذا ما أريد أن أعرفه".
تنهدت :
" أنني أفضل عدم مناقشة الموضوع- أذا كان هذا لا يضايقك".
" أذا كان لا يضايقني؟".
وقال وقد أغلق قبضتيه:
" أسمعي يا هيلين – يجب توضيح الأمور- ليس فقط لي ولكن لجيش النخبرين الذي أستأجرته للبحث عنك , ماذا أقول لهم؟".
" ألا تستطيع أن تقول أنه كان خطأ كبيرا وأنني لم أكن مفقودة ؟ أقصد أن رسالتي وصلتك".
" هل تظنين أنني أطلعتهم على رسالتك؟ هل تظنين أنني غبي؟".
ووضعت هيلين فنجانها الفارغ:
" أنا آسفة يا والدي لكنني لا أريد أن أتكلم في هذا الموضوع".
" لم لا؟ ما الذي حدث؟ هيلين- قد لا أكون ذكيا فيما يختص بك , ولكنني أعلم أنك تخفين شيئا ,هناك شيء يضايقك أو شخص ما؟ وأنا أنوي معرفة الحقيقة".
وضاقت عيناه:
" ما هذه الكدمة في جبهتك؟ كيف حدثت؟".
" لا شيء ... لقد خبطت رأسي , هذا كل ما في الأمر".
" كيف خبطت رأسك؟".
" كيف يخبط أي شخص رأسه؟ أرجوك يا والدي أنا تعبة ومرهقة – هل أستطيع أن أذهب الى غرفتي".
" هل ضربك أحد؟ هل هذا ما حدث؟ لأنني أحذرك يا هيلين أذا كان هذا ما حدث وأكتشفت من هو...".
" لا تكن دراميا يا والدي- أنك تعلم شعوري بالنسبة الى مايك قبل أن أذهب ,ولن تستطيع أرغامي على الزواج ولا شيء تستطيع أن تقوله سيجبرني عليه".
أخذ يذرع الغرفة بضيق قائلا:
" ولم لا؟ ما الذي يعيب مايكل؟ يا ألهي, لقد قضيت معه وقتا طويلا وكنت أظن أنكما معجبان ببعض وكذلك والده كان يظن الشيء نفسه".
" كنا وأون أننا ما زلنا – ولكن هذا لا يكفي لأن نتزوج".
" لم لا؟ هل تظنين أنني وأيزابيل....".
" ما فعلته أنت وأيزابيل يخصكما وأنا لا دخل لي به".
وأحمر وجه والدها:
" أذا كنت لا تريدين أن تتزوجي مايكل أذن لا بد أنك وجدت شخصا آخر".
" حقا يا والدي؟".
" ما الخطأ في هذا الرأي؟".
" من كنت سأقابل وأنت ووالد مايك وراءنا في كل لحظة؟".
" لا أعلم.... من الجائز أنك تصرفت....".
" لا لم أفعل ".
ونظر في عينيها :
" هل يمكنك أن تؤكدي بأمانة أنك قضيت هذه الأيام الأخيرة بمفردك- أو على الأقل بدون صحبة رجل؟".
أحنت هيلين رأسها بسرعة حتى لا يرى والدها وجهها وقالت:
" نعم".
" أنا لا أصدقك , أنا لم أصدقك من قبل وأنا لا أصدقك الآن – هيلين , أذا كنت تكذبين عليّ...".
" ماذا يحدث هنا؟".
جاءت كلمات زوجة أب هيلين الباردة الهادئة كالماء على الهواء الساخن , ولأول مرة تشعر هيلين بالسرور لرؤيتها برغم أن كلماتها لم تكن مرحبة , قالت بجفاف:
" أذن لقد عدت , كان يجب أن أفهم , فيليب هل هي طريقتك للترحيب بالشاه الضالة؟".
أحنى فيليب كتفيه العريضتين وهو ينظر الى زوجته:
" لا تتدخلي في هذا يا أيزابيل – لقد عدت مبكرة أليس كذلك؟ ألم تستطيعي اللعب؟".
" أن أهتمامك يغمرني يا عزيزي – ولكن الجو كان باردا ورغم أنني أحب الغولف لكنها ليست لعبة يمكن ممارستها بأصابع متجمدة".
ثم نظرت بعينين فاحصتين الى هيلين:
" حسنا , أين كنت؟ هل كنت تقضين أسبوعا ممتعا مع حارس الغابة؟".
" أيزابيل!".
أسكتها صوت زوجها ,وقامت هيلين بعدم أتزان وسألت بهدوء:
" هل أستطيع أن أذهب الى غرفتي يا أبي؟".
قال فيليب بغضب:
" آه ,نعم , ولكن الموضوع لم ينته بعد".
" نعم يا أبي".
سارت هيلين محو الباب وهي تحاول السيطرة قدر الأمكان على نفسها , كل شيء يتكرر مرة ثانية , المجتمع غير الطبيعي الذي تربت فيه يستمر مرة أخرى وهي تكره التكلف وعدم البساطة فيه, ربما كان دومينيك على حق في الأبتعاد عنه ,وربما يجب عليها أن تفعل الشيء نفسه ,ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن الأمور لن تكون كما كانت.
وخلال الأسابيع التالية حاولت هيلين أن تعود الى نظام حياتها القديم , وبمجرد أت علم أصدقاؤها بعودتها كانوا متحمسين لدعوتها الى العشاء , لكنها كانت فقدت حماسها لهذه الأمور , كانت تريد أبعاد كل الأفكار الخاصة بذلك الأسبوع عن مخيلتها ,ولكن هذا كان مستحيلا , وكان دومينيك يسيطر على تفكيرها , كانت لا تأكل ولا تنام وبدأ تأثير ذلك يبدو عليها.
وكان مايكل فراملي أول من لاحظ التغيير عليها , بدأت تقابله مرة أخرى من ناحية لأنه هو ووالدها يتوقعان ذ لك , ومن نحية أخرى لأنه كان مرافقا مريحا حريصا على مشاعرها لدرجة منعته من توجيه الأسئلة ,وفكرت هيلين أنها قد اخبره ذات يوم بما حدث لأنها تستطيع أن تفضي بمشاكلها لمايك ولا تعرف ما أذا كان رد فعله سيكون متفهما كالمعتاد عندما يتعلق الأمر بمسألة تخصه كهذه.
وبعد ظهر أحد الأيام بعد أن زارا أحد المعارض الفنية في قاعة هيوارد تناولا الشاي في مطعم صغير بجوار نهر التايمس , كان الجو دافئا وكانت أزهار النرجس الصفراء قد بدأت تتفتح في الحديقة ,وأنتظر مايك حتى أنصرفت الفتاة التي أحضرت لهما الشاي وقال بهدوء:
"الى متى تظنين أنك تستطيعين الأستمرار على هذه الحال؟".
ورفعت هيلين رأسها بعنف , كانت ترسم بأصبعها على مفرش المنضدة وهي سارحة في أفكارها وغير منتبهة الى وجوده تقريبا , وصاحت وقد أحمر وجهها:
" أنا... ماذا تعني؟".
" أظن أنك تعرفين ماذا أعني".
قال ذلك ثم تولى سكب الشاي لنفسه.
" الى متى تستطيعين العيش هكذا على أعصابك؟ أنك لا تأكلين ومظهرك يدل على أنك لا تنامين أيضا".
وقالت محاولة تغيير الموضوع الى مزاح:
" هل منظري بهذا السوء؟".
فتنهد مايك:
" شكلك على ما يرام ,وأنت تعرفين ذلك , لكننا نعرف بعضنا جيدا يا هيلين , وأنا أعلم أن شيئا ما أو شخصا ما يضايقك".
قالت هيلين وهي تمد يدها الى قدح الشاي:
" كان الشتاء طويلا".
" أنا لم ألاحظ ذلك".
" لديك عملك- أليس كذلك؟".
قال مايك وهو يشرب الشاي :
" حسنا .... أذا كنت تفضلين عدم الكلام عن الموضوع".
وقالت هيلين :
" أنا لم أقل ذلك بالضبط".
" أذن فأنت تعترفين أن هناك شيئا يقلقك؟".
هزت هيلين رأسها وقالت ببطء:
" نعم , أظن ذلك".
" أنه رجل ,أليس كذلك؟".
" تقريبا".
لم تدر هيلين بماذا تجيبه:
" مايك- أنك تعلم أن والدي... أقصد أنك تعلم أن والدينا يتوقعان أن نتزوج".
" بالطبع".
" وقد خمنت... على الأقل بمعرفتك أنني لا أريد الزواج منك؟".
" هذا واضح جدا حتى لي".
نظرت اليه هيلين بأسف :
" أوه يا مايك , أنك لطيف جدا ,كنت أتمنى أن أحبك – كان الأمر يصبح أكثر بساطة".
وهز مايك رأسه:
" الحياة نادرا ما تكون بسيطة يا هيلين , وأنا متأكد أن هذه طريقة لطيفة لتخبريني أنك لا تريدينني".
" ربما".
فقالت عيلين وهي تضع يدها على يده فوق الطاولة :
" ولكنك لطيف وطيب ومتفهم ".
ورد مايك عابسا:
" يا له من أعتراف خطير!".
" أنت تعلم ما أقصد".
" للأسف أنني أعلم- وبمعنى آخر أنا لا أثيرك , ولكن شخصا آخر يفعل هذا – هل هذا ما تحاولين قوله؟".
نظرت هيلين الى يده البيضاء الرقيقة المختلفة تماما عن يد دومينيك القوية السمراء:
" نعم- هذا ما أحاول قوله".
" أذن هذا الأسبوع الذي غبت فيه , هل كنت مع هذا الرجل؟".
صححت هيلين قائلة بهدوء:
" قابلته عندما كنت غائبة".
" فهمت ,ووالدك لا يريد أن تكون لك به أية علاقة؟".
" بحق السماء ! الأمر ليس كذلك على الأطلاق!".
سحبت هيلين يدها وأطبقت قبضتيها :
" والدي لا يعرف شيئا عن الموضوع وأنا لا أريدك أن تخبره".
" لم لا؟".
" لأنه لم يفهم".
" لماذا؟ من هو ذلك الرجل؟ ماذا تعرفين عنه وأين يعيش؟".
" أوه يا مايك , لقد بدأت تفعل مثل والدي".
وقال مايك وهو يضغط على نفسه لئلا ينفذ صبره:
" حسنا .... تكلمي أنت في الموضوع بكلماتك ".
" أنه كاتب".
" كاتب قصص؟".
" ليس بالضبط – أنه يكتب كتبا غير راوائية".
" هل أعرفه".
" لا أظن".
" لم لا؟ أنني أعرف كثيرا من الكتاب".
" أنه لا يختلط بالمجتمع".
" من هو؟".
" لا أستطيع أن أخبرك".
" لم لا بحق السماء ؟ هيلين أنت تعرفين أن أي شيء تخبريني به سأبقيه طي الكتمان وألا ما كنت بدأت أصلا أن تقصي علي ما حدث".
" أعرف ولكن هذا مختلف- لقد وعدت".
وأسترخى مايك في كرسيه وقال بضيق:
" أنه مأزق".
قالت هيلين وهي تحتضن فنجان الشاي في يدها:
" حسنا , على الأقل أنت تعرف الموقف الآن".
" ليس بما فيه الكفاية , أنك تقولين أنك قابلت أحدا وأنت مسافرة , وأن هذا الشخص يثيرك! ماذا تعنين بذلك! هل تحبينه؟".
ترددت هيلين ثم قالت:
" وعلى فرض أنني أحبه؟".
قال مايك بصبر نافذ :
" لماذا لا تتزوجان أذن؟".
" قد يكون هذا غريبا يا مايك , ولكن أظن أنه يميل الي كثيرا".
فعكس وجه مايك أندهاشه:
" هيلين هذا يصبح أكثر جنونا كل لحظة ؟".
" لماذا؟".
" كيف وقعت في حب ذلك الرجل أذا كان هو لا يميل اليك؟".
قالت هيلين بأسف:
" بسهولة جدا للأسف".
ورد مايك وهو يمسك يدها :
" أوه يا هيلين- ألا تظنين أن كل ذلك خيالي أكثر من اللازم ؟ أقصد أنك قابلت رجلا أنجذبت اليه وظننت أنك وقعت في حبه ولكن يبدو أن كل شيء أنتهى الآن – أليس كذلك؟ ما الذي تستطيعين عمله ؟ لا معنى للمخاطرة بصحتك بعدم الأكل والنوم".
" هل تظن أنني لم أقل ذلك لنفسي مئات المرات؟".
وأستمر يقول بأصرار:
" الى جانب أنه من المحتمل أن يكون متزوجا أو شيئا من هذا القبيل ,هل فكرت في هذا الأحتمال ؟ في كل حال لا بد أن هناك أمرأة في الموضوع".
قالت هيلين بتأكيد:
" أنه ليس متزوجا".
" قد يكون له خطيبة".
" لا!".
" وكيف يمكنك أن تتأكدي من ذلك".
" لأنني أقمت في منزله".
وبعد أن نطقت بتلك الكلمات تمنت لو أنها لم تفعل , كان مايك يحملق فيها غير مصدق ما تقول كأنه لم يرها من قبل , أحست بالحرارة في خديها.
رد مايك بعدم تصديق:
" أقمت في منزله؟ كيف يمكن أن تفعلي ذلك بحق الجحيم؟".
وهزت هيلين رأسها:
" أوه يا مايك ... أرجوك لا تسألني , أرجوك".
" هل عشت معه؟".
" أذا كنت تقصد كزوجين فالجواب لا!".
بدا عليه شيء من الأرتياح ثم أستمر قائلا:
" ولكن كان هناك علاقة ما بينكما أليس كذلك؟".
" تستطيع أن تقول ذلك".
فتنفس بعمق :
" أوه يا هيلين ! لم لا تقولين لي الحقيقة؟ قد أستطيع مساعدتك".
" حسنا- سأحاول أن أخبرك بقدر ما أستطيع".
وهز مايك رأسه موافقا وأستطردت تقول:
" لقد توقفت سيارتي في العاصفة الثلجية ".
" أية عاصفة؟".
" العاصفة التي واجهتني وأنا أقود سيارتي".
" أذن ذهبت فعلا الى منطقة البحيرات؟".
" نعم وكما قلت توقفت سيارتي وقد أتى هذا الرجل لمساعدتي ".
" آه فهمت".
" ثم عرض أن يأويني تلك الليلة وقبلت".
"أستمري".
" في الصباح كان الجو أسوأ – فبقيت في منزله".
" بمفردك مع هذا الرجل".
" لا ليس بمفردي – كلن لديه خادم – كنا ثلاثة".
" وبقيت كل الأسبوع بمنزله؟".
" نعم".
" ووقعت في حبه؟".
" نعم".
" أذن لماذا عدت؟".
" لأنه طلب مني أن أذهب".
نظر مايك للسماء :
" يا ألهي! لماذا؟ ماذا فعلت؟".
لم تستطع هيلين أن تقابل نظرته:
" لم أفعل شيئا , لقد أخبرتك بما حدث".
" بل قصة معينة عما حدث".
" ماذا تقصد؟".
" يا هيلين.... لماذا يطلب منك هذا الرجل أن تبقي في منزله أذا كنت لا تعجبينه؟ ثم لماذا يطلب منك فجأة أن تذهبي؟ أن هذا غير مفهوم , هل كان حقا جذابا جدا؟".
فتنهدت هيلين :
" أنه يعرج- وهذا يسبب كثيرا من المشاكل".
" هل هو كسيح؟".
" ليس بالضبط- أنه يحتاج للراحة".
" وهذا هو الرجل الذي وقعت في حبه؟".
كان مايك مندهشا جدا , وأضاف:
" تقولين أنه يميل اليك وهو كسيح أيضا فوق كل شيء ,يا ألهي! هيلين ,لم أكن أتصور أن...".
نظرت اليه هيلين:
"أعرف ما تحاول أن تقوله يا مايك .... أنك لا تستطيع أن تتصور كيف أجد مثل هذا الرجل جذابا بينما أستطيع أن أتزوج شخا بكامل صحته وبرصيد كبير في البنك فوق ذلك".
" تقريبا".
قالت هيلين وهي تز كتفيها بأستسلام:
" أعرف – أن هذا سيكون شعور والدي بالضبط لو أخبرته".
" هذا طبيعي".
وبدا عليه عدم الأدراك الكامل – فقالت:
" ولذلك لم أخبره".
وهز مايك رأسه بالموافقة:
" لقد بدأت أفهم ".
أخذ يفكر لحظات فيما قالته ثم قال:
" أخبريني يا هيلين- هذه العرقة التي كانت بينك وبين هذا الرجل , هل هي علاقة عاطفية؟".
" يمكن أن تسميها كذلك".
" ولكنه لم يكن مهتما".
" لا".
" هل أنمت متأكدة من ذلك؟".
قالت بضيق:
"طلب مني أن أذهب- أليس هذا كافيا؟".
" نعم ولكن ألم تفكري في أن السبب قد يكون شعوره بعجزه؟".
فحملقت فيه هيلين:
" ماذا تقصد؟".
" من الممكن أن شعوره بالعجز كبير لدرجة تمنعه أن يطلب من أحد مشاركته حياته".
" لا, لا".
رفضت هيلين أن تفكر في هذا الأحتمال الجديد المقلق- أنه ببساطة غير ممكن- أن مايك لا يعرف جميع الحقائق فكيف يمكن أن يعطي تفسيرا معقولا؟ على سبيل المثال فهو لا يعلم أن دومينيك لم يدعها للبقاء في منزله ولكنه حبسها فيه , وهو لا يعلم أنه منذ ذلك الحادث الرهيب الذي قتل فيه شقيقه وأدى لأصابته , يرفض دومينيك مخالطة النساء , وأخيرا لا يعلم أن دو**** كان ينوي في تلك الليلة الأخيرة أن.... ولم يمنعه من ذلك ألا أعترافها المفاجىء بحبها له, هذا الحب الذي رفضه على الفور- لا, أن دومينيك ليس عاجزا بأية حال.
" وماذا ستفعلين الآن؟".
شدها صوت مايك من تأملاتها:
" لا شيء على ما أظن".
" هل تدركين أن والدك ما زال مصمما على أن يعرف أين كنت؟".
فغامت عيناها :
" هل أخبرك بذلك؟ هل طلب منك أن تحاول أن تعرف؟".
قال بصراحة:
" نعم".
وهزت هيلين رأسها:
" لقد خمنت ذلك".
وأمسك يديها بحنان :
" تعلمين أنك تستطيعين أن تثقي بي – أليس كذلك؟".
قالت وهي تبتسم قليلا:
" نعم أعلم ولولا ذلك ما كنت هنا".