لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-04-10, 05:26 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



3- النوبة

كان سرير هيلين مريحا جدا , وذكرتها زجاجات المياه الساخنة بطفولتها عندما كانت والدتها تضعها في السرير وتحكي لها قصة قبل النوم.
لم تكن تتوقع أن تنام , لكن التعب عمل مفعوله! وعندما أستيقظت كانت الغرفة مليئة بضوء الشمس وأنعكاس الثلج , وللحظات لم تستطع أن تتذكر أين هي ولكن على الفور عادت كل الذكريات تتزاحم عليها ,وبرغم ذلك لم تكن تعرف بالضبط أين هي عدا أنها في منزل في منطقة البحيرات وتذكرت مضيفها وكل أحداث الليلة الماضية الغريبة.
ونظرت الى ساعتها " التاسعة والنصف تقريبا , طرقت عيناها بأستغراب ,فقد نامت أكثر من أثنتي عشرة ساعة , ودفعت الأغطية بعيدا وقامت من سريرها وسارت نحو النافذة , فالآن وفي ضوء النهار يمكنها أن ترى المكان وقد ترى منازل أخرى.
منتديات ليلاس
لكن المنظر أمامها كان مخيبا للآمال , فكل ما أستطاعت أن تراه هو حديقة خلفية مغطاة بالثلوج ووراءها حقول بيضاء , أما تحت نافذتها مباشرة فكان هناك فناء قام شخص بتنظيفه ولا شك أنه بولت , وكانت هناك آثار أقدام تدل على أن شخا ما قد خرج , أغلقت الستائر ونظرت الى الغرفة حولها , لم تكن أقل جمالا في ضوء النهار برغم أن الملابس الخارجة من حقيبتها كانت تبدو غير منظمة , كانت متضايقة في اليلة الفائتة ولم تستطع أن تفعل شيئا ألا أن تجد قميص نومها وتدخل في الفراش ,وتجاهلت الفوضى في حقائبها , ودخلت الحمام لتأخذ دوشا ,ولكنها لم تجد دوشا في الحمام فأغتسلت وعادت الى الغرفة لترتدي ملابسها , وبينما كانت تلبس سروالا برتقاليا مضلعا سمعت طرقة خفيفة على الباب , وخفق قلبها بشدة ووقفت ساكنة للحظة تتساءل من الطارق.
ثم سمعت صوت بولت المطمئن:
" آنسة جيمس ؟ أنسة جيمس , هل أستيقظت؟".
" نعم... ماذا تريد؟".
" أحضرت لك أفطارا يا آنسة , فكرت أنك قد تكونين جائعة".
ترددت هيلين , خطر لها أن تأمره بالذهاب وأن يخبر سيده أنها مضربة عن الطعام حتى يتركها تذهب ولكنها فكرت أن هذه الطريقة لن تجدي مع رجل مثل دومينيك لاول , أنه يستطيع أن يتركها حتى تسقط من الأعياء قبل أن يفكر في الأهتمام بها , وحتى في هذه الحالة فهي تشك أنه سيستلم لطلباتها .
فصاحت وهي تسحب بسرعة بلوفر أخضر وتدخله في رأسها:
" لحظة واحدة".
وفتحت الباب وهي تخرج شعرها من فتحة البلوفر , كان بولت أمام الباب بجسمه الضخم الذي أصبح معروفا لها وأكمام قميصه مطوية فوق ذراعيه وقد ظهرت عضلاته البارزة من تحتها , لم يكن يشبه مدبرة منزل ومع ذلك فالصينية التي أحضرها ووضعها على المنضدة قرب سريررها كانت منسقة أحسن تنسيق.
وقال بأبتسامة ساخرة:
" كورنفليكس وبيض وشرائح الخبز والمربى وقهوة , هل هذا يعجبك؟".
نظرت الى الصينية ثم الى بولت وأحمر خدها قليلا ثم قالت بصراحة:
" عظيم- أنني أموت من الجوع!".
قال بولت بلهجة جافة :
" السيد لايول كان يظن ذلك".
أطبقت شفتا هيلين :
" أوه... هو يظن ذلك؟".
وتنهد بول ثم قال:
" الآن هل ستطلبين مني أن آخذ كل شيء ثانية؟".
ترددت هيلين ثم قالت بتمرد:
" ليتني أفعل....".
" هل ستقطعين أنفك لتغيظي وجهك؟ السيد لايول لن يهمه أذا جوّعت نفسك".
وهزت كتفيها قائلة:
" أعلم ذلك".
" أذن لا تكوني عنيدة , تناولي أفطارك وسأحضر لآخذ الصينية فيما بعد".
نظرت هيلين الى الخادم الضخم بشك:
" الى منى يريد...".
ورفضت أن تنطق اسم السيد لايول :
" الى متى ينوي أبقائي هنا؟".
سار بولت نحو الباب وقال ناصحا وهو يخرج:
" تناولي أفطارك يا آنسة".
بعد أن أغلق الباب نظرت هيلين بعجز نحو النوافذ , لماذا أفترضت أن بولت يتعاطف معها؟ كان يجب أن تعرف أنه لا فائدة من كسب ثقته.
وفي أي حال فأن رائحة الطعام في هذه اللحظة كانت أقوى من أن تقاوم , رفعت الأغطية وأندفعت تأكل بنهم , كان أفطارها المعتاد , الخبز المقدد والقهوة , لكنها اليوم أكلت كل ما أحضره بولت وكانت القهوة جيدة فشعرت بالشبع الطيب , بعد أن أنتهت من طعامها قامت وذهبت مرة أخرى الى النافذة , ما المفروض أن تفعل الآن؟ قال بولت أنه سيحضر ليأخذ الصينية فهل هذا يعني أنها يجب أن تبقى في غرفتها؟ كان كل كيانها يتمرد على هذه الفكرة , وبرغم كل الجوانب السيئة في وضعها فأن الصباح كان جميلا , وكانت تتمنى أن تخرج في الهواء الطلق ... فكرت في الفندق الصغير في باونيس الذي كانت تنوي الذهاب اليه , كانت تنوي أن تقضي أيامها في التنزه وقيادة السيارة وتتمتع بالتحرر غير العادي من سيطرة والدها المتزايدة, لكنها الآن تبدو في وضع أسوأوقيود أشد كثيرا مما يمكن أن يتصور والدها.
وجعلها تفكيرها في والدها تتساءل أذا كان قد أستلم الكلمة التي كتبتها له , لقد وضعتها في صندوق البريد في لندن اليوم السابق وهي في طريقها الى الشمال , لم تكن تريد أي أختام بريدية تبين وجهتها , أما الآن فهي تتمنى لو لم تكن قد أخفت آثارها بكل هذه الدقة.
لن يحلم أحد بالبحث عنها هنا , وحتى لو فكروا فكيف سيجدونها ؟ أذا كان دومينيك لايول قد عاش هنا في عزلة السنوات الفائتة فأن أحدا لن يفكر في تعكير عزلته الآن ,وفي الواقع أنها تشك أن أحدا يعلم بوجوده أصلا...
وقطبت جبينها لكن لا بد أن أحدا يعلم بوجوده , لا بد أن هناك من يمدهم بالطعام ,وماذا عن البريد؟ أرتفعت روحها المعنوية قليلا , أذا كانوا سيبقونها هنا فلا بد أنهم سيحتاجون لمؤن أكثر وسيلاحظ من يمولهم بمواد البقالة ذلك.
تنهدت , ولكن بولت يستطيع أن يقول أن لديهم ضيفا ولن يشك أحد في كلامه , أن فرصتها الوحيدة في هذا الأتجاه تبدو في حضور أحد الى المنزل , ساعي البريد على سبيل المثال.


وأخذت تفكر في طرق تلفت النظر اليها , رافضة أن تفقد الأمل , كانت ذكية بما فيه الكفاية لتعرف أن دومينيك لايول لن يسمح لأحد أن يراها , لذلك كان يجب عليها أن تبحث عن المساعدة بطريق آخر , يمكنها مثلا أن تكتب ورقة وتلقيها من النافذة العليا .... لا .... ستختفي تحت الثلوج أو سيطيرها الهواء , وقد تكون هذه فكرة جيدة ..... لكن شعورا باليأس ملأ نفسها فأي عنوان يمكن أن تكتبه؟ أنها لا تعرف أين هي ولا أين يوجد هذا المنزل؟ تفكيرها لا يسفر عن نتيجة , أنها لا تستطيع حتى أن تتذكر أسم القرية التي سألت فيها عن أتجاهها اليوم السابق.
عاودها الأمل مرة أخرى , نعم الناس في تلك القرية , مدير مكتب البريد قد يتذكر سيدة صغيرة غريبة تسأل عن الطريق , بالتأكيد لا يأتي غرباء كثيرون الى هذه المنطقة في هذا الوقت من السنة , نعم أنها متأكدة أنه لو سئل سيتذكر وسيدلهم على الأتجاه الذي ذهبت فيه.
وتقلصت يداها في جيبيها , أنها تبحث عن ذرة أمل في موقف يائس ,ولكنها لا تخدع أحدا ,كل شيء متوقف على بحث والدها عنها , وقد قرر أن ينتظر ليرى الى متى ستتغيب عن المنزل ولكن أذا بحث عنها وأستنفد الأماكن التي قد يتصور أن يجدها فيها , ثم فجأة تذكر الأجازة التي قضياها في منطقة البحيرات وأتجه شمالا ووجد القرية التي سألت فيها...
وسمعت طرقة على الباب مرة ثانية:
ط نعم؟".
فتح بولت الباب وأطل برأسه:
" هل أنتهيت؟".
هزت هيلين رأسها وأشارت الى الصينية :
" نعم أشكرك كان الطعام لذيذا – وقد أكلته بنهم".
وضحك بولت:
" هذا حسن , كل شيء يبدو أكثر أشراقا عندما تكون المعدة مليئة".
" هل تظن ذلك؟".
وفتح بولت الباب ودخل:
" بلا شك- هل ستنزلين الى الطابق الأرضي؟".
" هل مسموح لي بذلك؟".
" يمكنك أن تفعلي ما تريدين يا آنسة".
" هل هذا صحيح؟ أين... أين مخدومك؟".
ورفع بولت الصينية :
" أنه في المكتبة يا آنسة- يستحسن عدم أقلاقه".
ونظرت الى أعلى :
" هل تصورت أنني قد أقلقه؟".
وهز بولت كتفيه ثم نظر الى حقائبها غير المنظمة ثم قال:
" سأتولى أمر أغراضك فيما بعد عندما أرتب السرير".
" لا... لا ... تتعب نفسك".
" أن ذلك لا يتعبني يا آنسة".
" أستطيع أنا أن أرتبها".
لم يرد بولت على ذلك وسار نحو الباب .
" أنه يوم جميل- ألا تحبين الخروج؟".
وحملقت فيه هيلين:
" في الخارج ؟ ماذا يقول الرجل في ذلك , قد أهرب....".
كان تعبير بولت ساخرا:
" لا أنصحك بالمحاولة يا آنسة , أن شيبا مدربة على أصطياد الغزلان ولا أحب أن أراك فريسة لها".
صاحت هيلين رغما عنها:
" أذن من حسن حظي أنك لم تكن معنا بالأمس".
قالت وهي تقشعر عند تذكرها لحوادث الأمس المخيف.
" نعم , لقد سمعت يا آنسة".
قالها بولت وهو ينصرف بأيماءة خفيفة برأسه.
ونظرت هيلين حول الغرفة ثم تبعته على السلالم العريضة الى البهو المشمس في الطابق السفلي , ودخل بولت من باب مغطى بالمخمل الأخضر خلف السلالم فدخلت بدون تفكير وراءه.
ووجدت نفسها في مطبخ فسيح, الأرض مغطاة بالخشب تلمع من كثرة تنظيفها , وبرغم أن المطبخ كان قد تم تجديده بألواح صلب وبحوض من الصلب ألا أن الفرن الضخم الذي كان آداة الطبخ الوحيدة فيما مضى بقي كما هو ., كذلك المدفأة من الرصاص الأسود , والنار تزأر فيها , وكان هناك باب مفتوح يؤدي الى المخزن.
ووضع بولت الصينية على لوح التصفية وبدأ يضع الأطباق المستعملة في الحوض , ونظر الى هيلين وهو يبتسم قائلا:
" لا بد أنك تظنين أن هذا العمل غير معتاد بالنسبة الى الرجل , أليس كذلك؟".
هزت هيلين كتفيها بلا تحديد , وذهبت ناحية المنضدة الخشبية النظيفة التي تتوسط المطبخ , ثم قالت بصراحة:
" لا أظن أنه عمل غريب بالنسبة الى رجل هذه الأيام , ولكنني أعترف أنك لا تبدو الشخص المناسب لهذا العمل".
وضحك بولت قائلا:
" لا... لا أظن أنني كذلك".
ونظرت اليه هيلين:
" ولكن هذا لم يكن عملا دائما.... أقصد أن هذا ليس عملك الوحيد, أليس كذلك؟".
" أنه الآن".
وقال بولت وهو يغمس يديه في صابون الحوض:
" ولكن أظن يمكنك أن تعتبريني صاحب سبع مهن , ففي ابدابة كنت في الجيش وألتحقت به وأنا ما زلت صبيا , ثم عندما تركت الخدمة عملت مصارعا لفترة ,ولكن هذا العمل كان مملا ولم يعجبني , ثم أصبحت ميكانيكي سيارات ".
ثم توقف لحظة وأستطرد:
" والآن أنا مدبر منزل".
وتجرأت هيلين وقالت:
" أنك تحب مخدومك كثيرا... أليس كذلك؟".
قال بهدوء وتأكيد:
"أنه رجل عظيم ".
قالت هيلين:
" نعم . .... ولكن أعذرني أذا أحتفظت بحكمي لنفسي- وهل تعرفه من مدة طويلة؟".
" من حوالي عشرين سنة".
" ولكنك لم تعمل لديه كل هذه المدة؟".
" لديه أو من أجله هذا لا يهم , كان والده هو الضابط الذي أعمل تحت أمرته في الجيش".
" آه.... فهمت".
زذهبت هيلين نحو الحوض , كانت النوافذ العريضة تطل على فناء خلف المنزل وعلى جانبيه بعض السقائف والمباني البسيطة.


وقالت وهي تحاول أن تجعل سؤالها يبدو عاديا:
" أخبرني ... كيف تحضرون المؤن , الأشياء الطازجة مثل اللبن والبيض , وماذا عن الرسائل؟".
" بالنسبة الى الرسائل فأننا نحضرها من صندوق بريد خاص بنا".
هكذا أجاب بولت بهدوء محطما كل آمالها في هذا الأتجاه.
" ولدينا بقرتان وبعض الدجاج ... وفي الصيف تزرع خضرنا وفاكهتنا ونجلدها لنستعملها فيما بعد , لدينا أكتفاء ذاتي , وحنى خبزنا فأنا أقوم بخبزه , لكن لماذا تسألين؟".
" الآنسة جيمس تبحث عن طرق لتتغلب بها علينا يا بولت".
هكذا علق صوت متكاسل ساخر من خلفهما , وأستدارت هيلين فوجدت دومينيك لايول يستند بلا مبالاة على الباب , كان قد عاد الى ملابسه السوداء ,وبرغم لون شعره الفاتح كان مظهره شيطانيا لدرجة مقلقة , وأحنى رأسه بأدب نحو هيلين وأستطرد قائلا:
" صباح الخير يا آنسة جيمس , أظن أنك نمت جيدا , أخبرني بولت أنك كنت مستعدة لتناول أفطارك , هل أستمتعت به؟".
كانت هيلين تتمنى لو أستطاعت أن تقول له أنها لم تذق طعامه ولكن هذا كان مستحيلا بالطبع , وبدلا من ذلك حاولت أن تتخذ موقفا متحديا.
" ماذا تظن أن والدي سيفعل بالضبط , عندما يكتشف بعد حين أنك أستبقتني هنا رغما عني؟".
أعتدل دومينيك وقال:
" أتصور أن هذا سيخلق متاعب لك".
صرخت هيلين بدهشة وأستنكار:
" لي- أنا ! تقصد لك!".
" لماذا يخلق لي متاعب؟ لن أكون موجودا هنا بل أنت".
تحمست هيلين قائلة:
" هل تظن أنه سيترك الموضوع هكذا ببساطة؟ أنه سيجدك أينما كنت".
قال دو**** بسخرية:
" حقا؟ أعذرني أذا كنت أشك بقدرات في مجال البحث والتحري , أذا كان وسط الصحافة بأكمله لم يستطع أكتشاف مكاني منذ عدة سنوات , فلا يمكن أن أشعر بقلق كبير بخصوص جهود والدك".
" يستطيع أن يعطي القصة للصحافة! ويستطيع أن يستأجر أي عدد من المخبرين".
" هل يستطيع ذلك؟".
وقال مفكرا:
" هذا جدير بالأهتمام ,وخاصة أنه يصدر من أنسانة كانت بالأمس فقط تحاول أن تؤكد لي أنني أذا تركتها تذهب فلن تخبر أحدا بمكاني".
أندفع الدم في وجنتيها وردت قائلة:
" كنت أعني ما أقول؟".
" حقا؟ ولكنك الآن غيرت رأيك".
" نعم ... لا ,.... أقصد...".
وبحثت عن الكلمات .
" أحاول فقط أن أبين لك أنك أذا وقفت في طريق والدي فستدفع الثمن".
وهزت هيلين رأسها بعجز:
" لا توقعني في الكلام , أذا تركتني أذهب سأنسى أنك هنا ... أما أذا لم تفعل .... فأنا لست مسؤولة عن النتائج".
ولوى دومينيك شفتيه :
" نعم... هذا طريف جدا , بالتأكيد".
ثم نظر الى بولت قائلا:
" هل تظن أننا نستطيع أن نشرب القهوة ,أود أن أستريح قليلا".
ووافق بولت قائلا:
" بالطبع".
وجرت هيلين قدميها وهي تشعر كطفلة متعبة.
نظر دومينيك الى وجهها العابس وأقترح بهدوء:
" هل تشربين القهوة معي؟".
حملقت فيه وردت بوقاحة:
" لست عطشى!".
" كما تشائين ".
هز دومينيك كتفيه وخرج وترك الباب ينغلق وراءه , وعندما خرج تمنت هيلين لو لم تكن قد تصرفت بهذا التعجل , فرصتها الوحيدة في الهرب تكمن في محاولة أقناعه بتغيير رأيه وطالما أنها تتصرف كتلميذة صغيرة مددلة فلن تتمكن من الوصول الى هدفها.
وجلست بضيق على طرف أحد الكراسي الخشبية أمام المنضدة النظيفة وأخذت تراقب بولت وهو يعد القهوة ويضع فنجانا وحليبا وسكرا على صينية من الفضة


وأتجهت نظرة بولت اليها مرة , ثم كأنه شعر بالشفقة عليها قال:
" هل تريدين تقديمها؟".
نظرت اليه قائلة:
" ماذا تعني؟".
" تعرفين ما أعني , صينية القهوة هل تريدين أخذها للسيد لايول؟".
هزت كتفيها ثم قالت بضيق:
"أن أردت".
نظر بولت الى وجهها المكفهر وقال:
" هل تريدين نصيحة مني؟".
فقطبت جبينها :
" أي نوع من النصيحة؟".
" لا تكثري من التهديدات , السيد لايول ليس ذلك الصنف من الرجال الذي يتقبل هذا الموقف ببساطة".
" آه.... حقا؟".
ورفضت هيلين أقتراحه بأن السد لايول يجب أن يطاع دائما .
" وماذا تريدني أن أفعل؟ هل أجلس وأنتظر حتى يقرر أن يتركني أذهب؟".
" قد يكون هذا أفضل شيء تفعلينه ".
" لا بد أنك تمزح".
وهز بولت كتفيه العريضتين:
" لا تقللي من شأنه يا آنسة جيمس , لا تظني خطأ أن أصابته تنقص من رجولته".
أحمر خداها وقامت واقفة:
" لا أفهم ماذا تعني؟".
" أعتقد أنك تفهمين".
وقال وهو يصب القهوة :
" أن كونه يقضل العيش هنا بمفرده لا يعني أنه لا يشعر بالأحتياجات الطبيعية لأي رجل !".
أحكمت قبضتها وقالت بغبط:
" كنت أظن أنك تستطيع أن تسد جميع أحتياجاته يا بولت!".
نظر اليها بولت نظرة طويلة متفحصة:
" لا يا آنسة جيمس , أن السد لايول ليس ذلك النوع من الرجال".
لم تعرف هيلين أين تخفي وجهها , لم تتصرف بهذه الطريقة السيئة من قبل , وكون بولت الذي عاملها بمنتهى الطيبة والعطف كان هو الذي حمل ثورتها وسوء أدبها تشعر بالخجل الشديد.
وصاحت وهي تضغط يديها على خديها الملتهبين :
" أنني آسفة , أنه خطأ لا يغتفر".
وضع بولت الغطاء على أبريق القهوة ودفع الصينية أمامها عبر المنضدة وقال برقة:
" أعصابك مشدودة , أرجو أن تهدئي نفسك , لا شيء من السوء بالدرجة التي تتوقعها , والآن هل ستدخلين القهوة للسيد لايول؟ ستجدينه في غرفة الجلوس وقد وضعت قدحين من باب الأحتياط".
سقطت يداها الى جانبيها وأبتسمت قليلا:
" أنك لا تستسلم أبدا , أليس كذلك؟".
" لنقل أنني متفائل بطبعي , هل تعرفين من أي باب تدخلين؟".
هزت رأسها بالأيجاب:
" أظن ذلك".
ألتقطت الصينية وسارت الى باب المطبخ ثم أستدارت قائلة:
"أشكرك يا بولت".
" أنه جزء من عملي".
عندما فتحت هيلين باب غرفة المعيشة وجدت دومينيك لايول مستلقيا على الأريكة وعيناه مغلقتان , ولكنه فتحهما عند دخولها وعندما رأى أنها هي التي تحمل صينية القهوة أنزل ساقيه الى الأرض وحاول القيام , ولكن وجهه تقلص من المعاناة وسقط مرة أخرى على الأريكة ويده تضغط على جبهته من الألم.
وحبست هيلين أنفاسها ثم وضعت الصينية وأسرعت اليه قائلة بقلق:
" هل أنت بخير؟".
سقطت يده الى جانبه وأطبق فكه بمرارة وهو ينظر اليها ثم قال بتجهم:
" نعم... أنني على خير ما يرام – أشكرك".
وقفت هيلين بتردد تحدق فيه وتفرك يديها بقلق – كان يبدو شاحبا ومتعبا وتمنت لو أستطاعت أن تفعل شيئا من أجله – أن رؤيتها له في هذه الحال لم تخفف بأي شكل من ضيقها برغم أعتقادها أن ذلك كان المفروض أن يكون شعورها- أنهما عدوان برغم كل شيء وكان المتوقع أن تشعر بالسعادة لأن القدر يقتص منه بطرق أخرى , ولكن هذا لم يكن شعورها , كل ما شعرت به هو أحسا مقلق بالعطف عليه ووعي متزايد بأنجابها اليه .
صاح بخشونة:
" بحق الله لا تحملقي فيّ هكذا كأنك لم تري مثل هذه البشاعة من قبل؟ أنني أعاني من الصداع النصفي- هل تفهمين؟ صمن أشياء أخرى!".
ولوى شفتيه .... ثم تحركت هيلين بقلق تحت نظراته الصفراء مع أنها رأت أنساني عينيه يصبحان كالزجا وحبات العرق تنضح على جبهته بعد المجهود الذي قام به في محاولة القيام.
وقالت محاولة مسادته :
" هل هناك شيء أستطيع عمله؟".
نظر اليها بأحتقار ثم سألها:
" ماذا تقترحين؟ رصاصة في رأسي أم طعنة؟".
أجابت بسرعة وهي تنظر بعجز حول الغرفة:
"لا هذا ولا ذاك- هل لديك دواء تتناوله؟ أأستدعي بولت؟".
وافق أخيرا وهو يغلق عينيه:
" لديّ أقراص".
" أين هي؟".
" لست مضطرة لأن تساعديني – بولت يمكنه أحضرها".
صاحت فيه :
" بحق السماء- سأحضرها- أنني أريد ذلك- فقط أخبرني أين هي".
وفتح عينيه قليلا وهو يسند رأسه على الوسائد- للحظة نظر اليها من خلال رموشه الكثيفة , كانت تجربة مقلقة- جعلت أطرافها تتخاذل والدم يجري بسرعة في عروقها.
ثم أغلق عينيه مرة أخرى وقال:
" أنها في زجاجة في الدرج العلوي لمكتبي".
تحركت هيلين ثم توقفت بتردد : أين مكتبه؟ هل كان يعني ذلك المكتب في ركن الغرفة , المكتب الذي رأت صورة الحادث فوقه؟ عندما بدأت تسير نحوه قال بتعب:
" مكتبي في غرفة المكتب".
" غرفة المكتب!".
ترددت هيلين أين غرفة المكتب؟ فتحت فمها لكنها صمتت , لا بد أنها تفتح على الصالة وقد أصبحت تعرف أغلب الأبواب المطلة على الصالة.


خرجت بسرعة من الغرفة سعيدة لأن الفهدة لم تكن موجودة ثم نظرت حولها , ولاحظت بسرور أنه لم يكن هناك سوى باب واحد عدا الأبواب المعروفة لديها , أدارت المقبض ونظرت الى الداخل , هناك مكتب ضخم من خشب الماهوغني , عليه كثير من الأوراق والكتب , وعلى أحد جوانبه آلة كاتبة , لكن المكتب لم يكن هو الذي أستحوذ أهتمامها ,بل فوق أفريز الشباك – مخبأة تقريبا بالستائر الحمرار الثقيلة – ألة تليفون!
وكان أول رد فعل لها هو أن ترفع السماعة وتستغيث ولكن الأحداث الأخيرة علمتها أن تكون أكثر حذرا , أذ لو تأخرت ولو قليلا لأجراء مكالمة تلفونية فأن دومينيك لايول سيشك فيها وأذا حضر وراءها ... كما أن بولت لا بد سيحضر ليأخذ الصينية فأذا علما أنها تنبهت لوجود التلفون لن يكون لديها الفرصة لأستعماله ولكن أذا أظهرت أنها لم تره...
أبعدت عينيها عن تلك الصلة المغرية بالعالم الخارجي , ثم ذهبت الى المكتب وجلست على الكرسي الجلدي البني خلفه , لا عجب أذن أنه لم يكن يريدها أن تحضر له الأقرا , ولكن من الواضح أن حاجته الشديدة تغلبت على حسن تقديره , وتذكرت وجهه الذي مزقه الألم ففتحت درج المكتب الأعلى على الجانب الأيمن , وبرغم أن مشاعرها كانت ثائرة ضده لموقفه منها لم تستطع تجاهل آلامه.
ونظرة سريعة الى الدرجالذي فتحته أكدت لها عدم وجود زجاجة الأقراص فيه أغلقته ثانية ثم فتحت الدرج الأيسر فوجدته مليئا بالملفات ولكن في أقصى الداخل وجدت ما كانت تبحث عنه , زجاجة بنية فيها أقراص بيضاء.
ونظرت بدون فهم الى الأوراق المكومة على المكتب ثم أغلقت الدرج وقامت لتذهب ,عندما وصلت الى الباب كان بولت خارجا من المطبخ , تخاذلت ركبتاها عندما فكرت أنها لو أستعملت التلفون لضبطها بولت , وقطب جبينه عندما رآها تغلق باب غرفة المكتب وقال:
"هل تبحثين عن شيء يا آنسة؟".
أحمر خداها وبدا عليها الشعور بالذنب , ورفعت يدها بالزجاجة وقالت وهي تشير ناحية غرفة الجلوس متظاهرة بالثبات:
" مخدومك مصاب بصداع نصفي وقد أحضرت له الدواء".
قال بولت وقد بدا عليه الأهتمام:
" آه ... سأحضر بعض الماء".
تحرك كتفاها رغما عنها وقالت برعشة :
" أذا أردت".
وعاد بولت الى المطخ ودخلت هي غرفة الجلوس , كان دومينيك لايول ما زال مستلقيا على الأريكة وعيناه مغلقتان , أجبرت نفسها أن تتذكر أن هذا هو الرجل الذي يبقيها هنا رغما عنها.
وسارت نحو الأريكة ونظرت اليه قائلة بهدوء:
" هل هي الأقراص , بولت سيحضر لك بعض الماء".
وفتح عينيه التعبتين , وقال وهو يرفع نفسه ويأخذ الرزجاجة:
" أشكرك, أنها غلطتي لقد أجهدت نفسي في العمل".
وقطبت هيلين وهي تراقبه يفتح الزجاجة ويخرج منها قرصين.
" في العمل؟"
ونظر الى أعلى ورد:
" نعم – في العمل – هل ظننت أنني أقضي وقتي بالتكاسل؟"".
وهزت كتفيها وسارت بعيدا عن الأريكة , كانت نظراته تتغلغل فيها من ههذه المسافة القريبة حتى وهو في حالة ضعفه.
وأجابت غير صادقة:
" أنا.... لم أفكر في الأمر".
وأنفتح الباب ودخل بولت وهو يحمل أبريقا وكوبا , وسار على الفور الى الأريكة ونظر الى دومينيك برقة ونفاذ صبر .
قال وهو يصب له بعض الماء:
" خذ هذا وأظن أنك يجب أن تستريح في الفراش".
ألقى دومينيك الأقراص في فمه ثم أبتلعها ببعض الماء وأعاد الكوب لبولت قائلا بجفاف وهو يمسح فمه بظهر يده:
ط لا أظن ذلك".
ونظر اليه بولت بلؤم :
" أنت تعرف أنك يجب أن تذهب الى الفراش".
ونظر دومينيك بسخرية في أتجاه هيلين وقال:
" ماذا تقول؟ وأترك ضيفتنا تتناول القهوة بمفردها؟".
وشهقت هيلين بسخط ولكن بولت هز رأسه قبل أن تقول شيئا وقال بحزم:
" أذن بعد القهوة".
ولكن دومينيك أغلق عينيه مرة أخرى كأن مجرد فتحهما يتعبه ثم قال بتسليم:
" حسنا- سأخبرك".


وتنهد بولت وبسط يديه نحو هيلين في حركة عاجزة , أحست بشعور سخيف من التحالف مع بولت في قلقهما المشترك على الرجل , وقال دومينيك فجأة وبعنف كأنه على علم تام بالعلاقات الصامتة بينهما:
" بحق السماء- كفا عن هذه الأشارات التي تخفيانها عني".
وسار بولت فجأة نحو الباب وهو يقول:
" سأحضر بعد خمس عشرة دقيقة".
بعد أنصرافه وقفت هيلين في مكانها تتساءل :
" لماذا لم تذهب هي أيضا ".
فمن الجائز أنه سيذهب الى فراشه لأن هذا في النهاية هو أضمن علاج للصداع , مجرد التفكير فيه في قراشه جعل السخونة تسري في جسمها , كان ضعفه المؤقت مغريا بشكل خطير , وأجبرت نفسها أن تتذكر أنه كالحيوان المفترس الذي يحتفظ به ويدللفهو بلا رحمة , ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته , ومع ذلك كان قميصه مفتوحا حول رقبته , وكانت ترى بدايات الشعر الذي ينمو أسفل عنقه ,وشعرت برغبة قوية في أن تلمسه , وودت لو أستطاعت أن تدلك جانبي رأسه بأطراف أصابعها وترى عضلاته تسترخي تحت يديها.
وفتح عينيه فجأة فوجد عينيها عليه , قال آمرا:
"أجلسي- أنني أستطيع أن أتحمل , لن يغمى علي أو أي شيء سخيف من هذا القبيل".
وأخفت جفونها نظرتها المكشوفة وأنتقلت بصعوبة الى الكرسي الذي يواجه المدفأة وجلست على حافته وهي تدفىء يديها , وفكرت أنه من الأفضل أن تستعمل التلفون بمجرد أن تستطيع ذلك , أذ بدأت تهتم بدومينيم لايول أكثر من اللازم.
وعندما تذكرت التلفون أخذت تفكر في الوقت المناسب لأستعماله , الوقت المضمون يبدو بعد ذهابه للنوم هذه الليلة ألا أن العائق الوحيد قد يكون أنطلاق شيبا في ذلك الوقت.
أيقظها صوته الهادىء من أفكارها فجفلت بعنف:
" ماذا ؟ آه.... أذا أردتني أن أفعل".
وأستدارت ناحية المنضدة المنخفضة ووضعت الأقداح في أطباقها بقرقعة عالية , أنعشتها رائحة القهوة ولكن يديها كانتا ترتعشان وهي تحمل الأبريق.
" حليب وسكر؟".
" لا- كما هي".
أجاب وهو يعتدل في جلسته ليتناول القدح الذي قدمته له.
" أشكرك".
وصبت القهوة لنفسها ووضعت السكر وأخذت تقلبه بشدة.
وسألها فجأة :
" لماذا غيرت رأيك؟".
" غيرت رأيي ؟ عن أي شيء؟".
وللحظة أختلط عليها الأمر .
" بالنسبة لشرب القهوة معي".
" آه.... فهمت".
قالت وهي تتنفس برعشة وهو ت كتفيها:
" كان يبدو من غير المجدي أن أدع أي فرصة لأقناعك بتغيير رأيك".
وضاقت عيناه:
" هل تعنين أنك تستطيعين ذلك؟".
وضعت قدحها الفارغ بحركات مضطربة:
" لا أعلم".
" ولكن ليس لديك مانع من المحاولة ؟".
تنهدت :
" قد آمل أن أحتكم لشعورك بالشرف".
" الشرف؟".
وهز رأسه :
" هذا مفهوم أنقضى زمنه , وكيف تنوين أن تفعلي ذلك , بأن تجعليني أشعر بالأمتنان نحوك؟".
" لا أفهم ماذا تقصد".
" أظن أنك تفهمين أن أهتمامك من لحظات كان يبدو حقيقيا".
كانت هيلين تتفادى عينيه ولكنها الآن نظرت اليه مباشرة:
" يا له من تفكير كريه!".
هز كتفيه:
"أنك تجيدين التمثيل , أنا أشهد لك بذلك ,ولكن من الأفضل أن أخبرك أنني لا أنخدع بسهولة ,ولا أحب أن تضعي نفسك في موقف قد تجدين الخروج منه أصعب من الموقف الأول".
سألت بعدم ثبات:
" وما معنى ذلك؟".
كانت عيناه مغلقتين تقريبا:
"ببساطة لا حاجة بك الى محاولة أغرائي وأستعمال حيلك معي على أمل أن أضعف من ناحيتك".
وهبت واقفة:
" أنك .... أنك تشبع غرورك!".
" لا , أنا لا أفعل".
وقال بجفاف:
" لهذا أنا أحذرك ... أنه أقل خدمة أستطيع تقديمها بعد أهتمامك بي".
كانت سخريته واضحة فأطبقت قبضتيها , كانت ستفشي معرفتها بوجود التلفون في حجرة المكتب وأنها على الأقل ليست كاذبة مثله , ولكنها ظلت صامتة , وما آلمها بشكل خاص أنه شعر بأنجذابها اليه وفسر ذلك تفسيرا خاطئا ,تصور أنها تفكر في أستغلال شبابها وجمالها لتغريه وتثنيه عن هدفه , لكن هذا كان أبعد شيء عن الحقيقة , ففي الواقع مجرد كون هذا الرجل المتجهم القاسي بجسمه المشوه أستطاع أن يحرك أشواقها ورغباتها الدفينة جعلها تشعر بالأشمئزاز من نفسها , أنها لا تريد أن تنجذب الى دومينيك لايول , لا تريد أن تشعر بالأرتباط بشخصيته المقلقة , وعلى الأخص لا تريد أن تفكر في التنفيذ الحسي لهذا الأنجذاب الذي قد يثيره الشعور بيديه القويتين وجسمه النحيل.
قالت وهي ترتعش :
" أظن أنك كريه.... أنك فاسد.... سمحت للتشويه الذي في جسمك أن يشوه روحك!".
فتح عينيه على آخرهما فكانتا قاسيتين كالحجر , ثم قال بخشونة :
" نعم- هذا صحيح ومن الأفضل لك أن تتذكري ذلك دائما!".
نظرت اليه هيلين نظرة أخيرة ثم أتجهت الى الباب , كانت تشعر برغبة في القيء وبصداع في رأسها , للحظة بدا أنسانا , وقد أستجابت بغباء لتلك الشخصية الرقيقة.

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:29 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



4- يوم أبيض

قضت هيلين بقية اليوم في غرفتها على غير رغبتها , قامت بأفراغ بقية حاجياتها من الحقائب , ووضعتها في أدراج التسريحة وخزانة الملابس الضخم , وكانت تحاول أن تقول لنفسها أنه لا داعي لذلك لأنها ستترك هذا المنزل قريبا ألا أن هذا لم يكن يبدو حقيقيا.
في الساعة الواحدة حضر اليها بولت ليخبرها أن الغداء حاضر , وعندما نزلت بعد بضع دقائق فتح باب المطبخ وقال:
" أرجو ألا يضايقك هذا ولكني جهزت الغداء هنا لأن السيد بولت لن يأكل , ففكرت أنك قد تفضلين الأكل معي".
تبعته هيلين الى المطبخ وكتفاها محنيتان بأكتئاب :
"
" طبعا- وأن كنت لست جائعة كثيرا أنا أيضا"
ولم يرد بولت بل أجلسها أمام المنضدة الخشبية وبدأ يضع أمامها أطباق الخضر , وأيا كان الطعام الذي أعدّه كانت رائحته جميلة مما فتح شهيتها .
وقالت بعد أن أنتهيا من الطعام وأخذ يصب لهما قدحا ثانيا من القهوة :
" كان الطعام لذيذا يا بولت , ستجعلني أزداد وزنا أذا لم أكن حريصة".
ضحك بولت وقال وهو ينظر الى جسمها النحيف:
"أشك في ذلك كثيرا كما أنه لن يضرك أن تسمني بعض الشيء".
أبتسمت هيلين وشعرت بالأسترخاء الكامل لأول مرة منذ أن أستيقظت هذا الصباح , برلت رفيق هادىء ليست له متطلبات مثل سيده.
وعلى ذكر دومينيك لايول ذذهب عنها سرروها , يجب ألا تنسى أبدا أنها هنا بالرغم منها ومهما كان سجّانها ظيفا فهو سجان.
قالت وهي تعبث بملعقتها في الطبق :
"هل ذهب مخدومك للنوم؟".
هز بولت رأسه بالأيجاب:
" نعم منذ أكثر من ساعة".
كان يجب أن تكتفي بهذا ولكنها لم تستطع , سألت بطريقة عرضية:
" ما العمل الذي يقوم به؟".
نظر بولت في قدحه وقال:
" أنه يؤلف كتابا يا آنسة".
أثار هذا أهتمام هيلين على الفور فردت:
" كتاب؟ أي نوع من الكتب؟".
قال بولت معتذرا:
" لا أظن أنني يجب أن أناقش أمور السيد لايول معك يا آنسة ,لماذا لا تسألينه هو؟".
تنهدت هيلين :
" فعلا ولماذا؟".
وضع بولت قدحه ثم قال:
" دعيني الآن أسألك سؤالا , ما الذي حدث بينكما هذا الصباح؟".
ركزت بصرها على بقايا القهوة في قدحه , ثم قالت بخشونة :
" لا شيء يذكر".
قطب بولت جبينه:
" ماذا قلت له؟".
" ماذا قلت له؟".
سألت هيلين بغيظ:
" لم أقل له شيا , فقد أحضرت له أقراصه اللعينة".
" أفهم من ذلك أنه لم يقدر هذه المجاملة؟".
" أن هذا تخفيف كبير لما حدث – أن مخدومك رجل فظ".
قام بولت وبدأ يجمع الأطباق المستعملة وهو يقول:
" يجب أن تفهمي...".
ولكنها قاطعته بحدة:
" لماذا يجب أن أفهم أنا أي شيء؟ لماذا لا يحاول هو أن يفهمني – كيف أشعر؟ أنا لم أطلب أن أحضر هنا , وبالتأكيد لا أريد أن أبقى هنا".
نظر اليها بولت بعطف وقال:
" أنا لا أحب أن أراك تتألمين".
قالت هيلين بغضب:
" أنا أتألم؟ لماذا تفترض أنني أتألم؟ أظن أنه وقح وقليل الأدب وأناني كيف يمكنه أن يؤذيني؟".
رفع بولت حاجبيه قائلا بغموض:
" أخبريني أنت".
حمل الصحون الى المجلى وبرغم أعتراضه أصرت هيلين على مساعدته في غسلها , وبعد أن أنتهيا ووضعا كل شيء في مكانه وأصبح المطبخ لامعا نظيفا مرة ثانية قال:
" السيد لايول سيبقى على الأرجح في فراشه طوال بعد الظهر , هل تريدين أن تأتي معي لرؤية الحيوانات الأخرى؟".
نظرت هيلين الى النافذة , كانت الشمس الساطعة قد أختفت جزئيا وبدا كأنما الثلج سيعود للسقوط مرة أخرى ,ولكن أغراء الخروج في الهواء الطلق كان لا يقاوم , فقالت ببساطة:
" أنا أحب ذلك جدا".
وبدا عليه السرور :
" هل لديك حذاء عال ضد الماء وملابس ثقيلة؟".
" نعم,كنت أتوقع أن أقوم برياضة المشي".
وأبتسمت أبتسامة ساخرة مستهزئة بنفسها:
" وأذا جف معطفي ...".
" بالطبع, أنه في غرفة الملابس , علقته هناك هذا الصباح".
سارت هيلين الى الباب بحماس قائلة:
" أعطني خمس دقائق فقط وسأكون مستعدة".


وهرعت صاعدة السلالم الى غرفتها وهي تتساءل أذا كانت تستطيع أنتهاز هذه الفرصة لتستعمل التلفون ,كان بولت مشغولا في المطبخ بستعد للخروج ودومينيك لايول في الفراش , لكن لا , أن فكرة أفساد العلاقة بينها وبين الخادم الضخم لم ترق لها , وهي لا تود أن يضبطها في ظروف سخيفة , فلتترك ذلك الى المساء , خاصة أن أحدا لن يخرج , نزلت مرة أخرى وقد أدخلت ساقي بنطلونها الجينز في حذائها المطاطي اعالي ولبست كنزة أضافية , ثم أستعادت معطفها الأحمر من غرفة الملابس في الصالة وحمدت الله أنه لم يتأثر من الماء الذي بلله ثم جمعت شعرها داخل قلنسوته وذهبت لتبحث عن بولت.
وكان الجو بعد ظهر ذلك اليوم جميلا , وذكرها بطفولتها , فمنذ أنتقالهم الى لندن بات الشتاء فترات باردة مريعة حيث تمتلىء الأرصفة بوحل قذر وتصبح السيارات أماكن دافئة تنقلك من مبنى مدفأ الى آخر.... حان الوقت للتخطيط لقضاء عطلات الشتاء في أماكن مثل جامايكا وباربادوس حيث الشمس ساطعة دائما لتبعد كآبة الشتاء ,ولكن الأمر مختلف هنا ,كان الثلج أبيض والهواء منعشا ولم تكن تشعر بالبرد على الأطلاق فهي شابة وصحتها جيدة وقد فرغت للتو من وجبة لذيذة وكان كل جسمها يفيض بالصحة والسرور.
كان بولت يعنى بالأبقار في الحظيرة فنظف المكان وقدم لها التبن الطازج ,وهيلن التي كانت تخشى الأبقار , بذلت ما أستطاعت من مساعدة , لكنها كانت تفضل حظيرة الدجاج حيث كانت تجمع البيض الطازج.
ورأت زحافة مسنودة الى الجدار فأشارت اليها سائلة بولت , فأوضح لها أنه كان يستعملها أحيانا في نقل طعام الحيوانات ثم قال:
"وجدتها في سقيفة قديمة , عندما أتينا ومن المحتمل أنها ملك لبعض الأطفال الذين كان آباؤهم يأتون للزراعة".
لمعت عينا هيلين وسألت:
"هل يمكننا أن نستعملها؟".
أستغرب بولت :
" ماذا تعنين؟".
" ألا يوجد منحدر هنا يصلح لأن نستعملها عليه؟".
ضحك بولت قائلا:
" هل تقصدين أن نذهب للتزلج؟".
" نعم- هل نستطيع ؟ أرجوك".
كانت تستعطفه بكل سحرها .
نظر بولت متفحصا المكان حوله ثم قال:
" حسنا, هناك منحدر الى جانب المنزل , ولكنه ينتهي الى الجدول , والجدول مغطى بطبقة رقيقة من الثلج لا تتحمل ثقل أي شخص يجب تفاديه".
" سأكون حريصة , أنا أستطيع أن أوجه الزحافة أرجوك أن توافق".
أخيرا أستسلم بولت وسارا حول المبنى الى جانبه وكان الثلج هنا نقيا لم يلمسه أحد , وكانت هيلين سعيدة سعادة صبيانية بأن تسير فيه وتترك آثار أقدامها , كانت الزحافة كبيرة وتتسع لأثنين , ولكن في البداية أصر بولت أن يقف في أسفل التل بجانب الجدول لئلا يقع لها مكروه , ولكن عندما رأى أنها تستطيع أن تتحكم في الزحافة وافق أن ينضم اليها وأخذا يتزحلقان معا على المنحدر ضاحكين خاصة عندما أنقلبت الزحافة عند القاع وألقت بهما في الثلج , وكانت أصعب مرحلة هي الصعود الى أعلى التل مرة ثانية.
وعندما شعرت هيلين بألم في ساقيها , قرر بولت أن يكتفيا بهذا القدر ,وسارا عائدين الى المنزل في صداقة بريئة ,ولاحظت هيلين أنها لم تفكر مرة واحدة في الهرب خلال هذه الساعات التي قضياها في اللهو.
أخذت حماما قبل وجبة العشاء وبعد شيء من التردد لبست ثوبا طويلا من قماش الصوف الجرسيه الأزرق المشرب بالخضرة وطوله يظهر أستدارة جسمها , برغم أنها لم تكن تريد أن تعترف بذلك لكن رغبتها في أن تبدو بأحسن صورة كان سببها السخرية المهينة التي وجهها اليها دومينيك لايول من قبل , كانت تمنى أن يمتدح مظهرها فتجد الفرصة لأحراجه ورد أعتبارها وكرامتها , ولكن أملها لم يتحقق ,عندما دخلت غرفة الجلوس بعد قليل ووجدتها فارغة , وبينما وقفت وسط الغرفة لا تدري ما تفعل , دخل بولت وقال بأعتذار:
" السيد لايول لن ينزل الى العشاء , وسأحضر لك عشاءك بعد دقائق".
تمنت هيلين لو أنها لم تهتم كل هذا الأهتمام بمظهرها- ثم شبكت يديها وقالت بحركة معبرة:
" هلا أنضمممت اليّ يا بولت؟".
نظر بولت الى سرواله الخشن وأكمام قميصه المطوية قائلا:
" وأنا على هذه الصورة يا آنسة؟".
قالت هيلين بنفاذ صبر:
" بالطبع- لا يهمني كيف يكون مظهرك – أنا لا تعجبني فكرة تناول الطعام بمفردي".
أسترخى بولت:
" حسنا يا آنسة- أجلسي وسأكون معك على الفور".


كان بولت قد أعد هذه الليلة شرائح من اللحم مطبوخة في صلصة البصل وجزرا وكان الحلو فطيرة شوكولاتة , كما شربا عدة كؤوس من زجاجة شراب أحمر ,وبعدما أنتهيا جلست هيلين مسترخية في كرسيها وأبتسمت له بكسل:
" أنك حقا أحسن طباخ! هل كنت طباخا في الجيش".
وهز رأسه بالنفي :
" لا يا آنسة في الأسطول".
" فهمت ,ولكن كيف تعلمت الطهي؟".
هز بولت كتفيه:
"علمت نفسي يا آنسة , كما قلت لك أنا صاحب سبع مهن – أعمل كل شيء".
نظرت هيلين في أعماق النار في المدفأة :
"وأنت الآن تعمل لدى السيد دومينيك لايول".
" نعم".
" هل كنت تعمل عنده قبل الحادث؟".
" نعم".
" أذن كنت الميكانيكي له".
" نعم".
فكرت هيلين في ذلك :
" كان حادثا مروعا – أليس كذلك؟".
قال بولت بأسى:
" مات رجلان على الفور".
" أظن أنك كنت تعرفهما".
" أحدهما كان شقيق السد لايول".
أتسعت عيناها :
" لم أكن أعلم ذلك".
وهز بولت رأسه بانفي:
" لم يكن ذلك معلوما لكثيرين , كان يتسابق بأسم مستعار لئلا يختلط الأمر مع دومينيك".
تحركت مشاعر العطف فيها :
" هذ فظيع".
" نعم".
قال بولت وهو يضع الزجاجة الفارغة على الصينية ويبدأ في جمع الصحون المستعملة :
" أظن أنك كنت ما تزالين تلميذة في ذلك الوقت".
أعتدلت هيلين في جلستها وقالت:
"كنت أبلغ السادسة عشرة على ما أظن , وكان والدي يهتم جدا بسباق السيارات ويحتفظ بكل الصور وكل مقالات الصحف , تأثر كثيرا بالحادث".
قال بولت بصوت يكاد يكون غير مسموع:
" من منا لم يتأثر!".
ثم أستطرد:
" عن شيء آخر , أخبريني عن لندن , لم أزرها منذ سنوات".
قالت هيلين وهي تلمس ذراعي الكرسي:
" لندن ؟ أنها كما هي".
" لا تبدين متحمسة".
أبتسمت قليلا:
" لا- لست متحمسة".
" لماذا ؟ أنها بلدك , أليس كذلك؟".
وصححت على مهل ما قاله:
" أنا أعيش هناك".
" ولكن لديك أهل أليس كذلك؟ على الأقل والدك".
" لدي والد وزوجة أب- زوجة الأب التقليدية1".
" ألا تحبينها ؟".
" أيزابيل؟".
هزت كتفيها :
" ليست سيئة على ما أظن , يمكن أن تقول أننا نتحمل بعضنا".
" هل لديها أولاد آخرون ؟ هل والدك له أولاد آخرون؟".
" للأسف لا – أنا أبنته الوحيدة".
وجعدت أنفها وأضافت :
" وهذا يحزن أيزابيل كثيرا".
" لماذا؟".
" أوه... أنها قصة طويلة لا تهمك".
" بل تهمني".
وقطبت جبينها:
"لماذا؟".
" لأنها لن تهتم- لديها ما يكفيها من أهتماماتها الخاصة مما يصرفها عن أن تشغل بالها بشؤوني أنا".
" ووالدك؟".
" أظن أنه يمكن أن يتركني أتحدث معه ولكنه لا ينصت لما أقول , وخاصة أذا كان هناك شيء لا يريد أن يسمعه".
رفع بولت اصينية وقام وهو يقول:
" أظن أن هذا مؤسف".


عندما كان عمري أثني عشرة عاما تزوج والدي من أيزابيل , كان هذا أول زواج لها وثاني زراج له – كانت والدتي قد توفيت وأنا صغيرة جدا وبالطبع كانت أيزابيل تتوقع أن ترزق بأطفال ولكن هذا لم يحدث ,وقد رفض والدي أن يتبنى أي أطفال".
ضحكت قليلا ثم قالت:
" أظن أنه كان من المفروض أن أشعر بالأمتنان , ولكن هذا ليس شعوري".
سأل بولت:
" والدك يدير تلك الشركة الكبيرة , شركة هندسية أليس كذلك؟".
" نعم ,شركة ثورب الهندسية – أنه المدير المسؤول وقد تحسنت أحواله كثيرا خاصة أنه كاد يكون مفلسا عندما توفيت والدتي".
وكان بولت ينصت بأهتمام:
" وكيف أصبح ناجحا؟".
" تزوج أيزابيل ثورب".
هز بولت رأسه :
" آه فهمت – أنه داهية".
" نعم , أليس كذلك؟".
تجهمت هيلين :
" وأدخلوني مدرسو داخلية حتى كبرت وأصبحت أستطيع الأختلاط بالمجتمع".
كانت نظرة بولت رقيقة:
" أنا متأكد أن والدك فعل ذلك لأنه أعتقد أن ذلك أحسن الحلول".
" أحسن الحلول لمن؟".
" لكم جميعا على ما أظن".
" ابي كان ... كان رجل طموح وأمي وحدها تستطيع أن تكبح جماحه , وهندما توفيت...".
ثم تنهدت هيلين :
" ما وال طموحا , لكنه الآن يحتاج اليّ ليحقق أهدافه".
" ولهذا هربت".
" نعم".
" ماذا يخطط؟ زواج على ما أظن؟".
فأبتسمت أبتسامة حزينة:
" وأنت أيضا ذكي جدا , أليس كذلك؟".
وضحك بولت :
" أظن أن الأمر واضح ومن هو هذا الرجل؟ هل هو من الأرستقراطيين أو من النفعيين".
" خليط من الأثنين على ما أظن , والده يملك حصة هامة في شركة يريد والدي الأندماج معها , وجده من ملاكي الأراضي الأرستقراطيين".
" فهمت ... أنه أختيار عظيم".
قالت هيلين بحركة لا أرادية :
" أوه.... مايك على ما يرام وأنا أستريح اليه , قضينا أوقاتا سعيدة معا ... ولكنني لا أحبه".
" هل أنت متأكدة من ذلك؟".
" نعم يا بولت , تعرفت الى شباب كثيرين , بعضهم صغير السن وبعضهم ناضج ولكنني لم أقابل الشخص الذي يمكنني أن أتصور العيش معه بقية عمري , الى جانب ... أظن أنني لا أهتم كثيرا بالرجال .... أقصد من تلك الناحية...".
ولمعت عينا بوبت:
"حقا؟ هذا كلام غير معقول".
هزت رأسها :
" لا- أنه ليس كذلك , أوه- لقد حل الشراب عقدة لساني ... أنني لست معتادة على الأفضاء بما بداخلي لأحد".
قال بولت مؤكدا بهدوء:
" أذن من الجائز أنه حان الوقت لأن تفعلي , هل تتكلمين مع زوجة أبيك؟".
" أيزابيل؟ بالطبع لا , ليس بالطريقة التي تقصدها".
" لماذا؟".
" لأنها لن تهتم- لديها ما يكفيها من أهتماماتها الخاصة مما يصرفها عن أن تشغل بالها بشؤوني أنا".
" ووالدك؟".
" أظن أنه يمكن أن يتركني أتحدث معه ولكنه لا ينصت لما أقول , وخاصة أذا كان هناك شيء لا يريد أن يسمعه".
رفع بولت اصينية وقام وهو يقول:
" أظن أن هذا مؤسف".


تمطت هيلين بأستمتاع وسألته بتكاسل :

" هل أخبرك أحد أنك منصت جيد؟".
" لا , ولكني مستعد دائما للأستماع الى الأطراء !".
ثم بعد خطوات وقال:
" والآن سأغسل اصحون وأذهب للنوم- أنا متعب".
" نعم وكذلك أنا".
قالت ذلك وهي تتثاءب , ثم تذكرت ماذا عليها أن تفعل!!
قامت وهي تقول:
" على فكرة... أنا لم أر شيبا اليوم".
ونظر بولت حوله :
" لا؟ كانت في الفناء هذا الصباح , ثم ذهبت مع السيد لايول الى غرفة نومه منذ دخل لينام".
" هل تنام في غرفته؟".
هز بولت رأسه بالنفي :
" بالطبع لا سأحضرها الى الدور الأرضي قبل النوم , يجب أن تخرج للفسحة ".
" أذن فهي تنطلق في المنزل ليلا؟".
نظر اليها بولت نظرة تقليدية:
" هل تفكرين في العرب – أم ماذا؟".
أحمرت هيلين :
" لا , كنت أريد فقط أن أعرف".
" حسنا – في الواقع أنها تنام في المطبخ".
" فهمت- أنه أمر غريب أن يحتفظ بهذا الحيوان كأنه أليف أليس كذلك؟".
" ربما- أعطاها أحد الأصدقاء للسيد لايول , ولكن هذا الشخص سيستردها قريبا لهدف الأنجاب".
أستوعبت هيلين هذا الخبر:
" آه حسنا- تصبح على خير".
" تصبحين على خير يا آنسة".
وخرج وتركها – تساءلت ما ستفعل الآن ؟ هل ستبقى هنا حتى يذهب بولت الى حجرة سيده في الطابق العلوي , ويحضر الفهدة ويأخذها الى الخارج ثم يذهب لينام- لا أن هذا قد يثير الشك , أحسن خطة هي أن تذهب الى غرفتها وتنتظر حتى هدأ المنزل.
بعد أن أتخذت قرارها صعدت ببطء الى غرفتها , كانت خائفة لعلمها أن شيبا موجودة في مكان قريب , لكنها وصلت بسلام , وخلعت ثوبها الطويل وأرتدت البنطلون الجينز والفانيلة الصوفية وجلست تنتظر.
لم تكن الغرفة دافئة رغم المدفأة الكهربائية كغرفة الجلوس في الطابق الأرضي ,وبعد قليل شعرت أنه مر وقت طويل جدا قبل أن تسمع صوت بولت وهو يصعد السلالم , ثم سمعت أصواتا في الطرف الآخر من الدهليز فتأكدت أن دومينيك لايول ما زال بقظا أيضا.
فامت وأخذت تذرع الغرفة , لكنها أستمرت تشعر بالبرد , خلعت حذاءها ودلفت الى السرير , وسحبت الغطاء عليها , وشعرت بالدفء والحرارة تشع من زجاجات المياه الساخنة التي وضعها بولت بين الملاءات.
كان الثلج في الخارج يعطي أضاءة غريبة للغرفة وسمعت الريح تصفر تحت النوافذ , وكان السرير دافئا , وتثاءبت والنعاس يداعبها , وأغمضت عينيها....كان بولت لطيفا جدا ,ولكنها هي التي تكلمت طوال الوقت هذا المساء , أنه يعرف كل شيء عنها الآن ,حتى عن مايك .... تثاءبت مرة أخرى , أوه , لا أهمية لذلك أنه ليس سرا.
ثقلت عيناها أكثر فأكثر , ثم أستغرقت في النوم , وعندما فتحت عينيها مرة أخرى كان ضوء النهار يملأ الغرفة ولشدة أسفها أدركت أنه الصباح.

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:31 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



5- الكتاب

لحسن حظ هيلين أنها أستطاعت غسل وتغيير ملابسها قبل أن يحضر بولت أفطارها , لم تكن تريده أن يرى أنها نامت بكل ملابسها لئلا يأخذ أنطباعا خاطئا عنها , أما الآن , وهي أمام المرآة تمشط شعرها وتبدو ممشوقة وجذابة , أرتدت بنطلونا من التود وبلوزة بنفسجية ذات أكمام طويلة , طرق بولت الباب وحياها باسما:
" صباح الخير , هل نمت جيدا".
أستطاعت أن تخفي شعورها بالذنب :
" نعم أشكرك, وأنت؟".
" نمت ملء جفوني".
قال وهو يضع الصينية التي يحملها على المنضدة بجانب سريرها :
" أعددت لك فطورا .... وبيضا مخفوقا".
" هذا عظيم".
ثم قالت وهي تنظر نحو النافذة :
" هل سقط الثلج مرة أخرى؟".
" نعم- اليوم ليس صحوا كالبارحة , كما أن الجو أشد بردا".
وتنهدت هيلين :
" آه.... ليس مهما".
جلست بجانب الصينية ثم سألت:
"كيف حال مخدومك اليوم؟".
قال بولت بسرور ظاهر:
" أحسن قليلا , سأراك بعد قليل".
أبتسمت له هيلين وترك الغرفة.
أستمتعت بأفطارها ولكن ليس كالأمس , أمس كانت جائعة جدا , لكنها اليوم متضايقة لأنها نامت هذا النوم العميق , كانت الوجبة شهية رغم ذلك وهندما أنتهت حملت الصينية الفارغة الى المطبخ , وكانت شيبا مستلقية على السجادة في الصالة خارج غرفة مكتب دومينيك لايول , وعندما نزلت هيلين السلالم رفعت رأسها- أقشعرت لتلك النظرة المخيفة ولكن الفهدة لم تتحرك ,وسارت هيلين بسرعة الى المطبخ.
لم يكن بولت موجودا , وبدون تفكير وضعت الأطباق في الحوض وفتحت الصنبور ,ولم تكن غسلت أطباقا منذ تركت المدرسة الداخلية.
" صباح الخير يا آنسة جيمس – هل أعطل عملك؟".
" صباح الخير يا سيد لايول , أنك لا تعطل أي شيء , أية خدمة أستطيع أن أقدمها لك؟".
كان يرتدي بنطلون جينز أزرق وقميص جينز مفتوحا عند الرقبة مما جعله يبدو رشيقا جذابا , وكان البنطلون الضيق يزيده طولا , وعرجه لا يبدو ظاهرا طالما هو لا يتحرك ,ولكن حتى عندما سار نحوها لم تجد في عرجه ما يثير أشمئزازها , بل العكس فالطريقة التي كان يتحرك بها كانت جزءا من شخصيته .
وقال بهدوء:
" جئت لأعتذر عن تصرفي البارحة , أنا آسف".
كادت هيلين تشهق – توقعت أشياء كثيرة غضبا ووقاحة ونفاذ صبر , ولكنها لم تتوقع هذا , تمنت أنه لم يفعل ,كان أسهل عليها كثيرا أن تكرهه عندما يعاملها بعدم أحترام.
وقالت بخشونة:
" أنا... لا داعي لذلك".
" أنا لا أوافقك ".
قال وهو يقترب منها , وبينهما مسافة صغيرة ,ونظرة عينيه الصفوارن نافذة أكثر من اللازم.
" عذري الوحيد أنني كنت متألما ومع ذلك لم يكن لي الحق فيما قلته فرغم رأيك فييّ لم أكت دائما على هذه الدرجة من سوء الأخلاق".
سحبت هيلين يديها من الماء المختلط بالصابون وجففتهما , وكانت تشعر بشدة قربه منها , وكانت تشك أنه يعرف ذلك.
" حسنا , أنتهى الأمر , كيف حال الصداع النصفي؟".
" أحسن كثيرا".
كان يسند نفسه بيد واحدة على المصفاة الصلب وتركزت نظراتها على أزرار قميصه الأسفل فوق حزام بنطلونه الجينز.
أستطاعت أن ترد بأقتضاب:
" حسنا".
" لا داعي لأن تقومي بغسل أطباقك".
" أنا أريد ذلك".
أجبرت نفسها على النظر اليه:
" هل تعلم أين ذهب بولت؟".
قال بدون تحديد:
" نعم أعلم, لماذا؟".
نظرت حولها :
" ظننت أنني قد أخرج قليلا , يبدو أن الثلج سيسقط ثانية و...".
قاطعها دومينيك وهو يفحص وجهها المحرج:
" هل تستطيعين عمل القهوة؟".
قالت بأستغراب:
" نعم , أظن ذلك".
قال وهو يعتدل ويدلك فخذه ثانية :
" حسنا , أعدي لنا بعض القهوة أذا سمحت".
ردت هيلين:
" لنا".
قال وهو يعرج صوب الباب:
" بالطبع وأحضريها الى المكتب عندما تنتهين سنشربها هنا".
وأغلق الباب , فوقفت هيلين تحدق في المكان حيث كان يقف منذ لحظة , لم تكن تعرف أذا كان هذا أهانة أو تكريما لها ولم تكن معتادة على تلقي الأوامر , لكنها شعرت أنه يرفع غصن الزيتون.
ولكن المكتب؟ طل منها أن تذهب اليه هناك! وماذا عن التلفون؟".
هزت كتفيها ونظرت محتارة حول المطبخ , كانت تعرف مكان البن أذ راقبت بولت وهو يعد القهوة لهما في اليوم السابق , أما جهاز تحضير القهوة فهو معروف لديها .
وجدت أنها تستمتع بأعداد الصينية بقدحين من الفخار وطبقهما اللذين أستعملهما بولت ,وأكثر من ذلك وجدت السخان الصغير الذي يوضع تحت أبريق القهوة ليبقيها ساخنة , كانت تتوقع كل لحظة أن يعود بولت ويحاسبها على ما تفعله , لكنه لم يعد.


وعندما أنتهت من أعداد القهوة حملت الصينية وذهبت بها الى المكتب , لم تكن شيبا موجودة ولكن سرعان ما علمت بمكانها عندما طرقت باب غرفة المكتب , ففتح لها دومينيك الباب , وكانت الفهدة في أعقابه ,ولكنه أمرها بالخروج فخرجت الى الصالة وجلست في وضعها الأول , تنحى دومينيك عن الباب ليسمح لها بالدخول ,وجدت أنه أفسح مكانا على مكتبه لتضع الصينية , وأنتقلت نظرتها رغما عنها الى أفريز الشباك في الركن , لكن التلفون لم يكن هناك , توف قلبها عن الخفقان لحظة , هل تخيلته؟ أو أدرك لايول أنها أكتشفته فقام برفعه؟ لاحظت أن الستائر الحمراء تخفي أفريز الشباك جزئيا , من الجائز أنها تخفيه ؟ هل يفعلون ذلك عن عمد؟ أنها لا تستطيع أن تأكد من ذلك.
أشار دومينيك الى كرسي على الناحية الأخرى من المكتب لتجلس عليه .وبعد أن جلست عاد الى مقعده ,ولاحظت أنه يتوقع أن تسكب القهوة فسكبت له قدحا وتركته بدون سكر.
قال وهو يتناول القدح ويضعه أمامه:
"أشكرك, كنت بحاجة الى القهوة".
لم تعرف هيلين بماذا ترد عليه , ولكنها حاولت أن تتحدث معه ببساطة :
" بولت أخبرني أنك تؤلف كتابا".
" حقا؟".
جعلتها نظرة عينيه الصفراوين تتساءل أذا كانت أخطأت القول مرة أخرى :
" نعم , ولكنه لم يقل لي شيئا آخر , أعني أنه رفض مناقشة الموضوع معي".
" هل طلبت منه ذلك؟".
قالت هيلين وقد أحمرت خجلا:
"نعم ... أثار ذلك أهتمامي".
أمال دومينيك رأسه وسالها:
" لماذا؟".
" أظن أن تأليف كتاب لا بد أن يكون تحديا ضخما".
فكر في كلامها ثم قال:
" أنه يتوقف على نوع الكتاب الذي يكتبه المرء , أظن أن بعض الكتب أصعب من سواها".
قطبت هيلين جبينها:
" أظن أن كتاب الرواية أسهل من الكتب غير الخيالية".
فهز رأسه بالنفي:
" ليس بالضرورة , أذا كان الشخص يكتب عن قصة حقيقية فالأمر ينحصر في تقديم الحقائق بطريقة مقنعة , أما القصص الخيالية فتحتاج لمعالجة مختلفة بلا حسابات مسبقة".
" لم أفكر في الأمر بهذه الطريقة".
فقالت وهي ترتشف قهوتها ببطء لتذوقها وقد وجدتها لذيذة كالقهوة التي يعدها بولت :
"ل تكتب رواية؟".
هز رأسه بالنفي:
" أنا؟ لا , كتابي واقعي تماما".
قالت بحذر:
" هل هو عن سباق السيارات؟".
" هذه المرة نعم".
ورفعت حاجبيها:
" هل كتبت كتبا أخرى؟".
" كتابا واحدا".
" وماذا كان موضوعه ؟".
أبتسم بشيء من التسلية الساخرة:
" أنا متأكد أنك لست مهتمة حقيقة".
أحمر وجهها :
" أوه... ولكنني مهتمة فعلا".


تردد ثم قال وهو يدفع قدحه على المكتب:
" كتبت تاريخ حياة والدي".
أثارها ذلك:
" " والدك ؟ كان ضابطا في الأسطول , أليس كذلك؟".
بدأ صبره ينفذ:
" أخبرك بولت بهذا أيضا- على ما أظن".
" نعم ولكن فقط بطريق غير مباشرة , كان يقول لي أنه كان في الجيش , ثم أفلت منه ذلك بدون قصد".
نظرت اليه بأساعطاف :
" لن تغضب منه ,أليس كذلك؟".
تنهد دومينيك:
" لماذا؟ ماذا أخبرك أيضا؟".
هزت كتفيها النحيلتين :
" لا شيء تقريبا , أخبرني عن والدك – هل ما زال حيا؟".
تكلم دومينيك بلا عاطفة:
" لا, مات منذ ست سنوات".
" في الوقت نفسه تقريبا عندما وقع الحادث؟".
قالت ذلك بلا تفكير ثم بعد أن رأت وجهه تمنت لو أنها لم تفعل , وافق بلا شعور:
" نعم في الوقت نفسه تقريبا , هل أستطيع أن آخذ مزيدا من القهوة؟".
" بالطبع".
كانت هيلين سعيدة أنها تستطيع أن تفعل شيئا , تكلمت بلا تفكير وبذلك قطعت الخيط الرفيع الذي بدأ يصل بينهما.
" تفضل".
توقفت وهي تبدو مضطربة :
" ألن تكمل؟ أقصد عن والدك؟".
لم يتكلم دومينيك بضع دقائق فظنت أنه لن يجيبها ولكنه قال ببطء:
" كان يقود قوة هجومية في الشرق الأقصى خلال الحرب , ومنح وسام فيكتوريا لأنه تقدم هجوما على مركز قيادة ياباني في الوقت الذي كان عدد رجاله أقل كثيرا من رجال العدو".
" هذا رائع! لا بد أنك شعرت بالفخر الشديد به".
قال موافقا:
" شعرت أمي بذلك ... لم أكن يافعا الى هذا الحد أما فرانسيس فكان ما زال طفلا".
" لم أقصد ذلك... أي...".
شعرت هيلين بوجهها يحمر مرة أخرى ولحسن الحظ أن خجلها منعها من توجيه الأسئلة الأخرى التي كادت أن تنطق بها ,هل كان فرانسيس شقيقه الوحيد؟ الشقيق الذي قتل في ذلك الحادث المشروم ؟ لو كانت قد أفشت علمها بشخصية شقيقه لأفترض دومينيك أن بولت ناقش الحادث معها بينما هو في الواقع أصر على عدم الكلام في هذا الكلام.
وأنتهى دومينيك من قدحه الثاني ووضعه جانبا , وسحب كمية من الأوراق أمامه ,كان هذا يعني أنه على هيلين أن تنصرف , شعرت بخيبة أمل بلا سبب معقول لكنها كانت مضطرة أن تقوم وتجمع ما أحضرته في الصينية قبل أن تذهب , ورفع دومينيك بصره وهي تضع الأطباق محدثة صوتا عاليا وفهمت أنه شعر بمضايقتها التي لم تستطع أخفاءها , فقال بهدوء:
" سيحضر بولت سريعا , لا حاجة بك للأهتمام بهذه الأشياء".
" أستطيع أن أتصرف".
ألتقطت هيلين الصينية وسارت نحو الباب , لكنه تحرك بخفة وسرعة عجيبتين ووصل الى الباب قبلها وتسارعت أنفاسه نتيجة الجهد المفاجىء ,ونظرت هيلين الى النبض الذي يتحرك عند قاعدة عنقه ثم لمحة من جلده الذي ظهر من بين أزرار قميصه المشدود , وأنتقلت نظرتها آليا الى يده التي تدلك فخذه وشعرت بنبض عنيف في أذنيها , للحظة سرى بينهما شعور ملموس بالأنجذاب ,وكانت متأكدة أنها لو أقتربت قليلا منه لشعرت على الفور بتجاوبه الأكيد ,كانت تجربة مسكرة وقد عبرت عيناها اللتان رفعتهما الى عينيه ببلاغة عن مشاعرها , لكن تعبيره جمّدها , كان يمتلىء بالمرارة وبالرفض الشرس للمشاعر التي كانت متأكدة أنها أثارتها فيه , فتح الباب بعنف وبلا مقدمات , ورغم أنها كانت متأكدة أنه كان سيقول شيئا لكنه بقي صامتا.
منتديات ليلاس

وفي المطبخ أنتابتها رعشة كرد فعل لما حدث , للحظات كان تصرفها غريبا وغير مفهوم مما أخافها ,ما الذي يحدث لها؟ دومينيك لايول لثلاثة أيام فقط ومع ذلك أستطاع في هذه الفترة القصيرة أن يسيطر على عقلها ويفقدها الأدراك السليم لدرجة أنها أصبحت تتخيل علاقات بينهما لم يكن لها وجود ألا في خيالها , ضغطت راحتيها على خديها الملتهبتين , يجب أن تهرب , يجب أن تهرب من هنا قبل أن يحدث شيء لا يمكن علاجه , أغمضت عينيها وهي تشكر القدر الذي منع دومينيك لايول من أن يتصرف بناء على أستفزازها الغبي ,كادتتقفز من جلدها عندما سمعت بولت يقول بأهتمام:
"ماذا بك؟ هيلين ... هل تبكين؟".
فتحت عينيها :
" لا , لا أنا لا أبكي".
هزت رأسها لتدفع عنها ذلك الشعور المنذر بالشر الذي كانت تحس به , طرفت عيناها :
" من أين جئت؟".
أبتسم بولت:
" حضرت من خمس دقائق , كنت أعلق معطفي".
" أين كنت؟".
تنهد بولت :
" ذهبت الى البريد".
حملقت هيلين فيه:
" أين؟".
" في المركز".
" آه... بالطبع, ولم يكن في أستطاعتك أن تصحبني معك".
نظر اليها بولت بصبر نافذ:
" لا".
رأى الصينية على المنضدة أمامها:
" ما هذا؟ هل كنت تصنعين القهوة يا آنسة؟".
هزت هيلين رأسها بالأيجاب:
" دعوتني هيلين منذ لحظات ,يمكنك أن تدعوني كذلك أذا أردت , أنني أفضله على كلمة آنسة".
هز بولت رأسه :
" كنت خائفا عليك , وقد كانت زلة لسان".
قالت هيلين بضيق:
" أنا أيضا زل لساني , أخطأت وذكرت أنني علمت أن والده كان في الجيش ".
" وماذا حدث؟".
" أظن أنه يعتقد أننا كنا نتناقش في أموره".
وتنهدت :
" ماذا ستفعل الآن؟".
" أذا كان السيد لايول قد شرب قهوته أظن أنني أستطيع البدء في أعدادالغداء".
وضعت هيلين يديها في جيبي بنطلونها :
" وماذا عني أنا؟ ماذا أستطيع أن أفعل؟".
" ماذا تريدين أن تفعلي؟".
قالت بسخرية:
" لا بد أنك تمزح !".
" بغض النظر عن ذلك".
" أوه , لا أدري , ألا ترون أحدا هنا ؟ أقصد ألا يأتي اليكم أي زائر؟".
" أحيانا ".
" من؟".
" أصدقاء السيد لايول".
" رجال أم نساء؟".
" النوعان".
أستوعبت هيلين هذا بشكل ما , كانت تظن أن أحدا يزوره , أن الأعتقاد السائد أنه مات أو أنه يعيش خارج البلاد جعلها تفترض أن أحدا لا يعلم بمكانه ,ولكنه بالطيع لا بد أن له أصدقاء – يعلمون أنه يعيش هنا , وكانت تود لو أستطاعت أن تسأل عن زائرين من النساء ,ولكنها شعرت بشكل ما أن بولت لن يتكلم عن هذا الموضوع كما لن يتكلم عن غيره , ومع ذلك فأنها لم تستطع أن تمنع نفسها من أن تتصوره مع أمرأة أخرى ,وقد ضايقتها هذه الصورة.
قالت فجأة :
" سأذهب الى غرفتي".
نظر بولت اليها بأستغراب , ثم قال محتجا وهو يجفف يديه :
" لست مضطرة لذلك".
ولكنها هزت رأسها وأنصرفت.


في غرفتها ألقت بنفسها على السرير غير المرتب , ونظرت بضيق الى السقف ,كانت تشعر بأكتئاب شديد , كل شيء يضايقها , هذا المنزل وظروفها وخاصة دومينيك لايول , أنها لا تفهم ما الذي يجذبها اليه , أنه ليس وسيما ولا جميل الشكل رغم أن بعض النساء قد يجدن في ملامحه الخشنة وعينيه الغائرتين ذات الجفون الثقيلة بعض الجاذبية , ولكن موقفه منها كان دائم السخرية , كما أنه كان يستطيع أن يكون شديد الوقاحة , أذا شاء فلماذا يشغل فكرها الى هذه الدرجة .؟ لماذا لا تفكر في والدها وما قد يكون لهذه العلاقة من تأثر عليه؟ بدلا من أن تنغمس في هذه العاطفة غير المقبولة , أنه تصرف غير طبيعي وغير معتاد وهي تستحق هذا الشعور بالأكتئاب.
حاولت عن عمد أن تسترجع صورة مايك فراملي الى ذهنها , أنه الرجل الذي يريدها والدها أن تتزوجه , أنه شاب غني وجميل , كل صديقاتها يحسدنها عليه ومع ذلك فهو لا يحركها.
أخذت تشد خصلة من شعرها الأسود الناعم وهي تسترجع النفور الذي شعرت به عندما قبلها للمرة الأولى ,وقد قبلها بعد ذلك عدة مرات وه تظن أنها أعتادت على قبلته ولكنها لم تستمتع بها أبدا , فكرت بيأس " لا بد أن هناك شيئا غير طبيعي فيها , لماذا لا تنجذب لمايك؟ لماذا تشعر بالتوتر كلما حاول ان يلمسها؟ ولماذا كانت فكرة الزواج به تملؤها بالنفور؟".
ظنت أن العيب فيها هي , وأن هناك شيئا ينقصها ولكنها الآن ليست متأكدة من ذلك ,تذكرت الطريقة التي أستجابت بها لقرب دومينيك لايول منها , فشعرت بسخونة ترطب جسمها ولاحظت أنها لم تشعر بالأنكماش بداخلها من لمسة يده.
شعرت بالحيرة الشديدة من ردود فعلها المختلفة , هل فقدت التحكم في مشاعرها ؟ هل هو ما يعنيه الناس عندما يتكلمون عن الأنجذاب الجسماني؟ هل هي مشكلتها؟ هل أصبحت مفتونة بهذا الرجل القاسي المدمر؟ لا يبدو ممكنا ولكن هل هناك تفسير آخر؟
أعتدلت جالسة ... أصبحت خيالية أكثر من اللازم , لا بد أن السبب بقاؤها وحيدة أغلب الوقت تفكر وتتخيل الأشياء , قامت من السرير وذهبت الى الحمام ,أنها لا تشعر بالراحة , قررت أن تأخذ حماما يشغلها قليلا ,ويساعد على تمضية الوقت حتى المساء عندما ستستعمل التلفون كما صممت.
خرجت بعد الظهر للتنزه مع بولت.
لقد تناول دومينيك لايول غداءه في مكتبه ,وتناولت هي غداءها مع الخادم في المطبخ , وبعد أن أنتهى من غسل الصحون أقترح بولت أن يخرجها قليلا , شعرت هيلين أنه يحاول أن يعوضها عن عدم أخذها معه في الصباح الى مكتب البريد , لم تستطع ألا أن تتساءل عن بعد مكتب البريد عن المنزل , أذا كان بولت قد أستطاه أن يذهب ويعود في حوالي ساعة أذن فهو ليس على مسافة كبيرة.
عندما خرجت رأت آثار عجلات سيارة وقد سوت الثلج المؤدي الى الدرب الذي سلكته مع دومينيك عندما أحضرها في المرة الأولى وشعرت أنه لا بد أن يكون لديهم عربة من نوع ما.
" هل لديكم سيارة؟".
سالت وهي تقف داخل حظيرة الأبقار تراقب بولت وهو ينظف الروث من الحظائر أذا كان لديهم سيارة – وهذا محتمل- فقد تستطيع أن تهرب بها ,شيبا لا تستطيع أن تؤذيها وهي داخل السيارة.
أستند بولت على الجاروف ونظر اليها قائلا بلطف:
" لدينا عربة جيب".
" آه صحيح".
حاولت هيلين أخفاء سرورها الشديد.
" ولكنني لم أرها هنا".
علق بولت وهو يعود لعمله:
"من الجائز لأنها كانت في الكاراج , هل سبق لك أن قدت سيارة من هذا النوع؟".
أغتصبت هيلين ضحكة مرحة:
" بالطبع لا ... لا أعرف كيف أبدأ".
وبدا على بولت أنه صدقها .
قال وهو يعتدل ليريح ظهره :
" أنها ليست دائما سهلة أذا لم تكوني معتادة عليها ".
غيرت هيلين الموضوع , شعرت أن بولت يحاول أن يقول لها شيئا ما ولكنها لم ترد أن تستمع.


وبعد ذلك أخذها للسير صاعدين التل خلف المنزل وكان الجو كما قال من قبل أبرد كثيرا لكن الحركة جعلت الدم يجري في عروقها , وعادت الى المنزل وهي تشعر أنها أكثر مرحا ولو أنها غير متأكدة أذا كان هذا الخروج أم نتيجة معرفتها بأن تلك العربة تنتظرها في ذلك الكاراج.
وأرتدت ثوبا طويلا آخر ذلك المساء للعشاء , كان أحد ثيابها المفضلة بلون الياقوت الأورق برقبة منخفضة تظهر نقاء جلدها الأبيض وبأكمام طويلة تنتهي بطرف مدبب عند الرسغين , ورفعت شعرها على الجانبين وشبكته بمشبك من الماس عند قمة رأسها وتركت خصلتين صغيرتين قرب أذنيها , وكانت عادة لا تضع الا قليلا من الماكياج وهذه الليلة أظهرت لون عينيها بقليل من الظل الأخضر وطلت شفتيها بأحمر شفاه برتقالي.
كان دومينيك لايول في غرفة الجلوس عندما دخلت وكان يسكب لنفسه كأسا من الشراب بجانبه , نظر اليها بتأمل دون أن يبدي أي أعجاب كانت تنتظره , كما أنه لم يقم لأستقبالها , ترددت قليلا قرب الباب وهي تنظر الى الفهدة أمام المدفأة عند قدميه.
ضغط على الفهدة بقدمه حتى لا تتحرك ثم قال:
" أجلسي , أرجو أن تعذريني أذا لم أقف لأنني هذا المساء أجد من الأفضل أن أبقى جالسا".
شبكت هيلين يديها وتقدمت , تمنت لو أنها لم تهتم الى هذه الدرجة بمظهرها , شعرت أنها متأنقة أكثر من اللازم بينما يرتدي ملابسه السوداء التي أرتداها اليوم السابق ويبدو كشيطان فضي الشعر.
عندما جلست سكب لها قليلا من الشرب وأضاف بعض الصودا وقدمه لها , أخذته هيلين لأنه كان يتوقع ذلك ,ولكنها لم تكن تحب هذا الشراب كثيرا .
قال وهو يتفحصها بوقاحة بعينيه الصفراوين :
" هل هذا من أجل بولت أم نت أجلي؟".
رفضت هيلين أن تتأثر بطريقته وردت ببرود:
" أنا معتادة على أرتداء ملابس خاصة للعشاء ,والدي يقول أن هذا يرفع الروح المعنوية".
هز دومينك رأسه موافقا:
" هل يقول ذلك؟ وكيف حال روحك المعنوية هذا المساء؟".
فاجأها بسؤاله.
" لماذا تسأل؟".
" لماذاترد النساء جميعهن على السؤال بسؤال آخر؟ أنا أريد أن أعرف كيف تستمتعين ببقائك معنا".
ردت هيلين بغضب:
" يجب أن تعرف أنني لا أستمتع على الأطلاق".
" بالعكس0 بولت أخبرني أنك كنت تتمشين وتتزحلقين وتستمتعين بالهواء الطلق , أليس هذا هو ما أتيت للشمال من أجله؟".
فالت بصبر نافذ:
" أتيت الى الشمال لأكون مستقلة وليس لأستبدل عبودية بعبودية أخرى".
" أهو بهذا السوء؟".
وفجأة أختفت السخرية من صوته- وشعرت بأطرافها السفلى تتخاذل , نظرت اليه وهي ترتعش محاولة أن تقرأ التعبير في عينيه اللتين ضاقتا بين رموشه الكثيفة.
كان فمه ينطق بالرغبة وهو يرد نظرتها , فشعرت بأن كل عدائها له يذوب في طيب أشواقها التي لم تشعر بمثلها من قبل , وكان الدم يتدفق بجنون في عروقها وأصبح تنفسها سريعا وسطحيا , كانت تريد أن تذهب اليه وتضع ذراعيها حوله وتقول له أذا كان يريدها فهي لن تذهب أبدا , ولكن هذا جنون مطبق.
أنفرجت شفتاها ولكن قبل أن تنطق قام فجأة ثم أجفل من الألم لأصطدام ساقه .
أنتقل عبر الغرفة ولكن ألمه أنتقل اليها كأنها تشعر به على الفور قامت وذهبت وراءه , كان يقف مستندا بقبضته على طرف المكتب وظهره اليها , وكان وضعه ينم عن شدة تألمه لدرجة أنها وقفت وراءه لا تدري ماذا تفعل وقالت:
" هل... هل أنت بخير؟".
قال من بين أسنانه بدون أن يستدير :
" نعم- أنا على خير ما يرام".
فركت يديها :
" هل أنت متأكد ؟ هل أستطيع أن أحضر لك أي شيء؟ هل تتأمل؟ هل أنادي بولت؟".
أستدار ناحيتها وأستند على المكتب ووجهه يعكس الأزدراء لنفسه الذي أصبحت تتوقعه , ثم قال بخشونة وقد شحب وجهه أكثر من المعتاد.
" أنا أقدر هذا الأهتمام بي وخاصة بعد ما قلته,ولكن لا يا آنسة جيمس – لا يوجد شيء تستطيعين عمله- أشكرك".
كانت ستحتج على ما قاله ولكنها شعرت بأنه مصر على موقفه الجامد ولا فائدة من الكلام ,وكان وصول بولت في هذه اللحظة حاملا العشاء منهيا الحديث بينهما.
لاحظ الخادم قربهما لبعض بجانب المكتب بفضول واضح لكنه هز كتفيه فقط ووضع الصينية على المنضدة المنخفضة بجانب المدفأة .
عاد دومينيك وهو يعرج لمجلسه وفعلت هيلين الشيء نفسه لكنها نظرت بأستغراب عندما قال :
" تعال أنضم الينا في العشاء يا بولت , أنا متأكد أن الآنسة جيمس تجد صحبتك أكثر متعة من صحبتي".
تردد بولت ولكن يبدو أن تفاهما ما تم بينه وبين مخدومه فأبتسم وقبل الدعوة وهو يقول:
" أشكرك يا سيدي , أنا أحب ذلك".
" حسنا , فليكن عشاء ممتعل لثلاثة".
تمدد دومينيك بتراخ هلى كرسيه وأسند ساقه المصابة على السياج الحديدي الذي يحيط بالمدفأة , تساءلت هيلين وهي تنظر اليه عن السبب الذي يجعل كل حركاته تحمل أغراء وسحرا لها , ولكن عندما رأى نظرتها اليه لم تستطع أن تفهم تعبيره.
وبالطبع لم يكن العشاء ممتعا على الأطلاق , شعرت هيلين بشدة أن دعوة دومينيك لبولت كان سببها المشهد الذي حدث بينهما قبل وصول الخادم ,ووجدت نفسها في وضع فخر وهي تشعر أنه يبين لها عن عمد أن تصرفها فيه أحراج له , له هو!
شعرت هيلين بالأهانة والضيق , ما الذي كان ينتابها عندما ينظر اليها بطريقة معينة فتنسى كل عداءها له وتصبح رهن أشارته؟ هل كان يفعل ذلك عن عمد , أم أنه أنجذاب لا أرادي؟ أم أن طبيعته المنحرفة كانت تجد لذة في سذاجتها؟ لم تأكل الا قليلا من الدجاج المحمر الذي أعده بولت ولكن لحسن الحظ أن الرجلين كانت لديهما مواضيع كثيرة للحديث مما جعلهما لا يعلقان على عدم شهيتها للطعام.
عندما أنتهت الوجبة وكان الرجلان يدخنان , نظر دومينيك الى هيلين وقال بتعمد- كما أعتقدت:
" أظن أنني سأعمل بعض الوقت هذا المساء يا بولت – لست متعبا فقد أسترحت بعد الظهر عندما كنتما في الخارج وسأسهر بعض الوقت".
قال بولت بحسم:
"هذا حسن طالما لا تجهد نفسك".
وقال دومينيك وهو يتمطى بكسل وينظر الى وجه هيلين الذي بدت عليه خيبة الأمل فجأة :
" أذا كنا سنترك هذا البلد قريبا يجب أن أحاول الأنتهاء من كتابي".
نظرت هيلين الى يديها المعقودتين , وهي شبه متأكدة الآن أنه يعلم أنها رأت التلفون في المكتب , وكانت هذه طريقته في تحذيرها ألا تأتي وتستعمله هذه الليلة , شعرت بالأختناق في حلقها وغرزت أظافرها في راحتيها , كيف تستطيع في أي وقت أن تشعر بأس شيء غير الكراهية لهذا الشخص الذي يستغلها دائما لأرضاء مزاجه السادي؟



 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:34 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



6- القصة كاملة

في الأيام القليلة التي تلت ذلك , لم تسنح الفرصة لهيلين أن تبحث عن أية وسيلة للهرب , أستبقظت بعد حفل العشاء بصداع وحرقة في حلقها ورشح في أنفها ,وعندما أحضر بولت الأفطار أصر على أخذ حرارتها وعدم مغادرتها الفراش.
وعندما أعترضت عن ذلك لئلا تحمله أعباء أضافية , قال مؤنبا :
" هل تريدين أن تصابي بألتهاب رئوي ؟ أظن أنك أصبت ببرد ليلة وصولك وأنت مبتلة تماما , أبقي حيث أنت وسأحضر لك زجاجات ماء ساخن , فأنك لا تستطيعين النزول وأنت تعلمين ذلك".
وكانت تعلم ذلك فعلا , لأنها كانت تشعر بتعب شديد , وقد أراحها أن تترك نفسها في عناية بولت وهي متأكدة أن ذلك لن يضايقه , ولم ترد أن تفكر فيما قد يكون رد فعل دومينيك لايول , كما أنها لم تفكر فيه طوال اليوم وهي مستلقية في الفراش تعاني من الصداع.
منتديات ليلاس
وفي الصباح التالي شعرت ببعض التحسن ولكن ليس لدرجة تسمح لها بترك الفراش , وأحضر بولت لها كل وجباتها في غرفتها بدون أشعارها بأي حرج , كما أحضر لها بعض الكتب ,وأمضت هيلين يومهافي القراءة والنوم ومحاولة أسترداد قواها.
وفي مرة أو مرتين , سمعت وقع أقدام على السلم , فتوترت متوقعة أن يأتي دومينيك لايول ليسأل عنها , لكنه لم يفعل ,ولم يأت أحد الى غرفتها سوى بولت , وفي اليوم الثالث كانت قد شفيت تماما وعندما أحضر لها بولت أفطارها وأكد أنها يجب أن تبقى في السرير رفضت ضاحكة وهي ترجوه أن يسمح لها بالنزول.
" لقد تحسنت كثيرا – حقا ! واريد أن أشكرك على عنايتك بي وأحضار الأدوية وزجاجات الماء الساخن , أنا لا أعرف كيف أشكرك".
هز بولت رأسه قائلا:
" كنت سعيدا بذلك يا آنسة".
" هيلين".
فضحك وقال:
" حسنا- يا هيلين- أرى أنك تحسنت ولكنني أقترح ألا تتركي فراشك حتى بعد الظهر , أعطي نفسك راحة أكبر , فأنك لم تبقي في الفراش ألا يومين".
فقالت وهي تنظر الى الصينية:
" سأفكر في الأمر....ما هذا؟ عش غراب ولحم ... سأستمتع به".
وبعد أنصراف بولت تناولت هيلين أفطارها ثم ذهبت نحو النافذة وكان يوما جميلا- كانت هناك بعض الغيوم لكن على الأقل لم يسقط الثلج منذ مرضها , ونظرت الى غرفتها ثم قررت أن تغتسل وتنظف أسنانها.
ضاقت بوجودها في الغرفة- وهي الآن تحسنت وتريد أن تخرج وتتحرك ,ورفضت أن تفكر في دومينيك لايول , أنه لم يحاول حتى أن يحضر ويسأل عنها , ولم تستطع ألا أن تشعر بالضيق من ذلك.
وأرتدت بنطلون جينز ضيقا وقميصا بيج وأخذت صينيتها ونزلت الى الطابق الأرضي ,ولم يكن بولت في المطبخ فوضعت الصينية ونظرت حولها , تعجبت أن هذا المكان أصبح مألوفا لديها ويثير فيها شعورا بالترابط لم تشعر به أبدا في المنزل حيث يعيش والدها مع أيزابيل.
وأزاحت شعرها وراء أذنيها ,ونظرت من نافذة المطبخ وهي تتساءل أين يمكن أن يكون بولت ,هل ذهب الى المتاجر مرة ثانية أم أنه في الخارج يطعم الحيوانات , كان باب المخزن مفتوحا على مصراعيه ,وصدر صوت من داخله جعلها تستدير بأستغراب .
" بولت؟ بولت... هل هذا أنت؟".
ذهبت الى باب النخزن ونظرت فلاحظت أن هناك بابا آخر في نهاية المخزن من الناحية الأخرى ,وأنه مفتوح أيضا ,فقطبت جبينها ثم سارت ببطء حتى الباب الآخر ونظرت منه فرأت سلالم تنزل الى أسفل.
وشعرت بقشعريرة من الأثارة , أنه كالقصة التي كانت تقرأها أمس- باب سري يؤدي الى سلالم مخبأة , وبعدها ... بدأت تنزل السلالم , أنها متأكدة أن بولت موجود تحت وفي الأغلب أن هذه السلالم تؤدي الى مخازن البيت حيث يحتفظون بالمؤن.
وفي نهاية السلم بدا أن ما خمنته صحيحا , كانت تقف في قبو مضاء بمصباح واحد معلق ,ولكن بولت لم يكن موجودا وكان هناك باب آخر مفتوح , شعرت بأنها تتطفل وهي تسير نحو الباب الداخلي وتفتحه بهدوء , كانت شهقة كادت أن تفلت منها عندما رأت ما وراءه , لم يكن هذا قبوا عاديا وأنما قاعة رياضية مجهزة أحسن تجهيز بأحصنة خشبية للقفز وقضبان حائط وحلقات معلقة في السقف وحبال وكيس ملاكمة وآلات للتمرينات ,وسارت الى منتصف الغرفة تنظر حولها بدهشة , فهمت لماذا لا يوجد أي شحك أو زيادة في الوزن لدى دومينيك رغم عدم الحركة المفروضة عليه.
وفي نهاية الصالة كان هناك باب يفتح على غرفة للملابس مبطنة بالخشب وملحق بها حمام , الغرفة هنا ساخنة والجو رطب ووجدت هيلين نفسها تتصبب عرقا , كانتالسخونة تأتي من خلف باب آخر وبدون تفكير أدارت المقبض ونظرت الى الداخل.
ملأها شعور بالأثارة , كانت الغرفة الداخلية عبارة عن حمام سونا مضاءة بنور برتقالي ضعيف , وجوها شديد الحرارة ,وكان يتوسطها مصطبة ينام عليها رجل على وجهه , وفي اللحظة نفسها التي تحققت أنه دومينيك الذي قال بصبر نافذ:
" بحق السماء يا بولت أسرع ,أن لدي عملا أريد أنجازه".
وحبست هيلين أنفاسها , لقد سمع الباب ينفتح وأفترض أن بولت هو الذي دخل , فأذا أستدار الآن ورآها ماذا ستفعل ؟ أشتعل خداها , لم تر رجلا عاريا من قبل.
وبينما هي نترددة تفكر في أغلاق الباب والهروب تكلم مرة أخرى , وقال وهو يشير الى نقطة في ظهره:
" هنا يؤلمني!".
شعرت هيلين بمعدتها تنقبض بعصبية , أذا لم تحرك بسرع سيستدير ويراها ,يجب أن تذهب الآن بينما الفرصة مؤاتية ولا تجازف لأكتشافها هنا , ولكن شيئا أقوى من رغبتها في الهرب كان يدفعها للبقاء , كانت تعلم أنها تصرف بغباء , وأن هذا الموقف سيعرضها لمزيد من الأذلال , لكنها أغلقت الباب ودخلت الغرفة , خيل اليها أن بولت مدلك , وهي تعرف عن التدليك ما فيه الكفتية لتحل محله.


كانت يداها ترتعشان ,وعندما وضعتهما على ظهره , وبدأت تدلك العضلات التي تسند العمود الفقري ,وبينما هي تفعل , تخشب جسمه لحظة وظنت أنه سيستدير ويواجهها , ولكنه أسترخى مرة أخرى , فأستعادت ثقتها بنفسها , وأخذت تدلكه بقوة أكبر وتنشط الدورة الدموية , كانت الحرارة في الغرفة تجعل جسمه رطبا ولأنها كانت مرتدية كامل ملابسها شعرت بالحرارة الشديدة , أسرع تنفسها وبدأت ذراعاها تؤلمانها وشعرت بأنها لن تستطيع أن تكمل , وفي هذه اللحظة أستدر على ظهره وسحب منشفة غطى بها نفسه.
فتحت هيلين فمها في أنزعاج ولكن عينيه كانت تعبران فقط عن أعجابه ,قال بلا أثر للحرج:
" أنت ماهرة!".
ولكن هيلين كانت خجلة لأنها أستمتعت بعملية تدليكه وقالت:
" كيف علمت أنه أنا؟".
أبتسم دومينيك أبتسامة كسولة أظهرت أسنانه البيضاء المنتظمة :
"لأن يدي بولت أثقل كثيرا , لماذا فعلت ذلك؟".
نظرت هيلين الى يديها المبتلتين وقالت بأمانة:
"لأنني أردت".
ضاقت عينا دومينيك وعلق بهدوء وهو يجلس على المصطبة بحركة واحدة مرنة:
" ما تقولينه مثير جدا".
" هل هو كذلك؟".
كانت سعيدة أن الضوء البرتقالي يخفي أحمرار وجهها .
" أنت تعلمين ذلك".
كان العرق يتصبب من ذراعيه وصدره ولون شعره أغمق بفعل الرطوبة ولكن هيلين لم تذهب , ونظر اليها ولم تكن في نظرته تلك السخرية التي أعتادتها بل بالعكس كانت فيها ونة مقلقة , شعرت بحلقها يجف , مد يده وجذبها نحوه لم تحرك رغم ذلك , ووقفت متسمرة في مكانها , قال بصوت مبحوح:
" آوه يا هيلين!".
سحبها نحوه وأخذ يقبل وجهها ,وقفت في هذا الوضع المنحني ,وركبتيها ترتجفان وهي تنتظر ذلك الشعور بالنفور الذي كانت تشعر به كلما لمسها مايك , لكن هذا الشعور لم بأت بل بالعكس , أخيرا دفعها بعيدا عنه وقام وسار ببطء وهو يعرج ويضع ثقله على ساقه السليمة قائلا:
" هذا جنون".
راقبته هيلين بعجز ثم تمتمت :
" دومينيك ... دومينيك , ماذا بك؟".
ونظر اليها بنفاذ صبر من خلف ظهره ثم قال بعنف:
" بحق السماء يا هيلين.... لا يمكن أن تكوني بهذه السذاجة . أنك تعلمين ماذا بي . هل لديك فكرة عما تفعلينه بي؟".
أجابت:
"أعلم ما تفعله أنت بي".
أستدار ونظر اليها بضيق ثم قال بعنف:
" ما كان يجب أن تنزلي الى هنا ,ما كان يجب أن أتركك..".
توقف فجأة ثم قال:
" أظن أنه من المستحسن أن تذهبي ".
حملقت فيه هيلين غير مصدقة , لم تستطع أن تقبل صرفه لها بهذه الطريقة المقتضبة , كانت تشتعل بعاطفة لا تستطيع فهمها تماما ,ولكنها تعرف أن دومينيك هو محورها.
بدأت تقول:
" دومينيم .... أرجوك لا تغضب".
" أغضب؟ أغضب؟ كيف تتوقعين أن أغضب؟".
ونظر ال فخذه المصاب ومرت بوجهه نوبة من الأألم :
" هيلين , أخرجي من هنا الآن قبل أن أغير رأيي".
ولم تتحرك هيلين , أنفتح الباب ودخل بولت الى الغرفة كما دخل ذلك المساء منذ ثلاثة أيام ولكن ردة فعله هذه المرة كانت أكثر حدة , صاح:
" هيلين... أنك مبتلة تماما".
جاء الى جانبها ووضع يده على جبهتها:
" أنت ساخنة جدا , ماذا بحق السماء كنت تفعلين؟".
تحولت نظراته الى دومينيك فتغير تعبير وجهه.
" هل تريدين أن تمرضي مرة أخرى؟".
أشاحت هيلين بنظراتها بعيدا عن عيني دومينيك:
" أنا بخير ... يا بولت حقا أنا ساخنة لأن الغرفة هنا ساخنة , هذا كل ما في الأمر , وأنا مبتل لأنني عرقت".
قال بخشونة :
" أقترح أن تدخلي الحمام وتستعملي الدوش , وأذا أخبرتني أين ملابسك سأحضر لك غيارا".
" ليس هذا ضروريا حقا".
أجاب بولت وهو يضع زجاجة الزيت التي كان يحملها .
" بالعكس – أظن أنه ضروري جدا- أظن أنك لن تضليق من الأنتظار بضع دقائق أخرى- أليس كذلك يا سيدي؟".
هز دومينيك رأسه وأستدار بعيدا , أخذ بولت ذراع هيلين وجذبها بأصرار خارج السونا الى غرفة الملابس , وقال وهو يشير الى الدوش ويغلق السونا بحزم يعكس مشاعره الحقيقية:
" هذا هو الدوش – والآن أين ملابسك؟".
أحمرت هيلين خجلا ولكنها رأت أنه لا مفر من الموافقة:
" ستجد ملابسي الداخلية في الدرج وبنطلوني الجينز والفانلة التي كنت ألبسها منذ عدة أيام معلقتين في الخزانة".
سر بولت ورد قائلا:
" حسنا , والآن خذي الدوش وسأحضر لك ملابسك قبل أن تنتهي".
كان الدوش الساخن منعشا ولكن أفكارها كانت ما زالت مع دومينيك لايول , عاشت مرة أخرى الدقائق الأخيرة بكل تفصيلاتها وهي تشعر بالأثارة .
أغمضت عينيها وشعرت مرة أخرى بأحتياجها اليه وتساءلت كيف أستطاعت أن تتصور أنها بلا عاطفة ؟ أن أحدا من قبله لم يترها بهذه الطريقة لكنه أستطاع أن يفعل ويتركها وهي أشد أشتياقا له من ذي قبل.
وأشتعل خداها أحمرار , كيف تتمنى الحب مع رجل يحبسها ؟ لا بد أنها مجنونة كما قال.
تمالكت نفسها وبدأ جسمها يهدأ- لقد سمحت له أن يوقعها في شباكه وهي غير منتبهة , ولكن هل هذا صحيح؟ ألم تكن غلطتها تماما أنه لمسها؟ ألم تستثره هي بلمسة يديها له؟


كان هناك طرق على الباب , فقالت وهي ترتجف:
" من هناك؟".
" أنا بولت ملابسك خارج الباب وسأذهب لأعطي السيد لايول علاجه , هل يمكنك أن تتصرفي يمفردك؟".
أجابت بالأيجاب وعندما خرجت من قاعة الرياضة تحمل ملابسها شعرت بالأنتعاش وتساءلت ماذا يمكن أن تفعل بملابسها القذرة , فليس لديها مسحوق للغسيل ,ولكن لا بد أن بولت لديه ويمكن أن تقوم بغسلها بنفسها , وقررت أن تتركها في المطبخ حتى وقت الغداء ,لكن عندما وصلت الى الطابق الأرضي خطرت لها فكرة مذهلة , دومينيك في غرفة السونا وبولت يدلك له فخذه – وهذا يعني أن المكتب فارغ.
تركت ملابسها في ركن المطبخ , وأسرعت الى الصالة وقلبها يدق بعنف ,ولحسن الحظ لم تر أثرا لشيبا أيضا رغم أنها فتحت باب المكتب بحذر شديد خوفا منها , ولكن الغرفة كانت خالية كما تمنت , وأغلقت الباب وراءها بهدوء وأسرعت نحو النافذة حيث رأت التلفون في المرة الأولى , وسحبت الستارة جانبا , كان التلفون مازال موجودا ويدها ترتعش وهي تمتد اليه و بمن ستتصل؟ والدها في لندن أم بالشرطة المحلية؟ لا , ليس الشرطة , قررت ذلك بسرعة ,أنها لا تريد أن تدخل الشرطة في الموضوع.
ووضعت السماعة على أذنها ثم رأت ما لم تكن قد رأته من قبل , كان السلك الذي يخرج من قاعدة التلفون يتدلى منفصلا بعيدا عن الحائط أذا كان قد تم قطعه.
فألقت السماعة كأنها تحرق يدها ووقفت مشدوهة , شعرت بشعور هائل بالخيانة , في أي حال أخبرها دومينيك بعدم وجود تلفون لديه.
كانت سعيدة أن أحدا لم يرها وهي تتصرف بهذه الحماقة , وذهبت ببطء الى غرفتها , أذن أنتهت قصة التلفون ,وليس أمامها ألا سيارة الجيب وهي لا تعرف حتى مكانها.
ولم تستطع النزول مرة أخرى قبل الغداء , وكانت تقول انفسها: أن السبب أنها مريضة ومكتئبة , ولكن الحقيقة أنها لم تكن تستطيع أن تواجه دومينيك مرة أخرى حاليا.
وعندما نزلت أخيرا وجدت بولت في المطبخ يحضر المائدة لأثنين ونظر اليها بمرح وهو يقول:
" ها قد أتيت؟ بدأت أظن أنني سأتناول طعامي بمفردي ,هل عدت الى سريرك".
هزت هيلين رأسها قائلة:
" لا , كنت أستريح".
" هذه فكرة حسنة".
وأستمر بولت في عمله وأخذت هيلين تعبث بعصبية بالسكاكين الموضوعة على المنضدة.
" هل ... هل السد لايول يتناول غداءه؟".
قال بولت وهو يصفي البطاطس:
" أنه سيتناول شطيرة في مكتبه".
" آه".
شعرت هيلين بخيبة أمل عندما علمت أنها لن تراه رغم كل شيء .
ونظر اليها بولت وقال:
" هيلين.... هيلين.... لا تورطي نفسك نفسك هنا! أنني أقول لك ذلك لالحك".
ركزت هيلين بصرها على المنضدة الخشبية وقالت:
" أنا لا اعرف ماذا تقصد".
" أنت تعلمين جيدا , أنا أعلم أنه ليس من شأني , ويمكنك أن تقولي لي ذلك , ولكنني لست أعمى , وأستطيع أن أعرف جيدا ماذا حدث هذا الصباح".


وجلست هيلين فجأة وهي تقول:
" هل تستطيع ذلك؟ لماذا؟ هل حدث مثل هذا هنا من قبل؟".
قال بصبر نافذ:
" لا , لم يحدث مثل هذا من قبل , ولكنني أعرف دومينيك جيدا الآن وآمل أن تكوني على قدر من الحكمة".
ثم توقف عن الكلام وهو يجد صعوبة في التعبير عما يريد قوله وردت هيلين بصراحة:
"أنه لم يغوني أذا كان هذا ما تحاول أن تقوله".
وأحمر وجه بولت قليلا:
" أنا فقط لا أريد لك أن تتألمي".
" أنك تكرر هذا الكلام , كيف سأتألم؟".
" بالتورط مع السيد لايول ".
" ألا يعتبر هذا الكلام عدم أخلاص للسيد لايول!".
فتنهد بولت وجلس في الكرسي المقابل لها:
" هيلين دعيني أخبرك بشيء لا يعرفه الا القليل , دومينيك يحمل نفسه مسؤولية الحادث- الحادث الذي قتل فيه شقيقه".
فحملقت هيلين بأسى:
" لماذا؟".
فتردد بولت وقال:
" لا أستطيع أن أخبرك- الى جانب أنها قصة طويلة".
" ولكنك يجب أن تخبرني – أرجوك يا بولت أريد أن أعرف".
وهز بولت رأسه بشدة:
" أن هذا لن يعجب السيد لايول".
" هل يجب أن يعلم!".
" وماذا سيحدث عندما تذهبين من هنا؟ عندما تعودين الى عائلتك , من أيضا سيعلم الحقيقة؟".
" لا أحد أقسم لك".
هز بولت رأسه :
" لا أستطيع أن أصدق ذلك".
ونظرت اليه هيلين قائلة:
" أنا لا أكذب".
" أنا لا أقول أنك تكذبين ,ولكن قد تقولين شيئا بدون قصد في وقت ما".
" أوه يا بولت".
ونظر الى وجهها المكتئب لحظات ثم قال بتفهم:
"فات الأوان أليس كذلك؟ لقد تورطت فعلا".
فقالت وأصابعها على خدها:
"أعلم".
ثم هزت كتفيها بحدة:
" أنا لا أريد ذلك, ولا أكف عن الترديد لنفسي أنني يجب أن أكرهه لأنه يبقيني هنا رغما عني , ولكنني لا أكرهه عندما أفكر أنني تركت لندن هربا من الرجال؟".
قطب بولت جبينه قائلا:
" هل أنت متأكدة أنك لا تخلطين بين العطف وشيء آخر؟".
ضحكت هيلين بلا مرح :
" لا أعلم- فق أعرف أنه عندما يقترب مني....".
وتوقفت فجأة ثم سألت:
" هل عرجه شيء مستديم؟".
" نعم , أن جزءا من عظام الفخذ تحطم في الحادث وكان على الجراحين أزالة الأجزاء المفتتة".
" آه – فهمت".
" في ذلك الوقت وبعدما شفي من الأصابات الأولى كانوا يريدون أجراء جراحة أخرى ووضع عظمة صناعية مكان العظمة التي تحطمت , ولكن السيد لايول لم يسمح لهم بذلك".
" لماذا؟".
" لا أعلم! حاول الجميع أقناعه ولكنه رفض- كان يبدو وكأنه يريد أن يتذكر الحادث دائما ,وبالطبع فأن فخذه يؤلمه عندما يقف طويلا كما يؤلمه عموده الفقري – لذلك فالتدليك يساعده".
" أفهم".
وأستطردت هيلين وهي تصغي بأهتمام:
" أعرف بعض الشيء عن هذه الأمور , كانت والدتي تعاني من نوبات صداع عنيف ,وكانت تطلب مني أن أدلك جانبي رأسها وظهر عنقها".
ثم ترددت :
"أوه , ألن تخبرني يا بولت لماذا يلوم دومينيك نفسه بخصوص الحادث؟".


فقام بولت واقفا:
" أنه يعتقد أن أخاه حاول قتل نفسه لأنه أكتشف أن زوجته تحب دومينيك".
" ماذا؟".
" لقد أقتفى فرانسيس أثر والده وألتحق بالجيش , وعندما كان في قبرص قابل كريستينا وتزوجها بدون أن يخبر أحدا , ثم أحضر زوجته معه الى البيت , كانت حقيرة , وبمجرد أن قابلت دومينيك ... يحسن عدم ذكر ذلك الجزء , يكفي أن نقول أنها أقنعت فرانسيس بترك الجيش ودخول سباق السيارات كشقيقه , لكن فرانسيس لم يكن يصلح لأن يكون سائقا , لم يكن هذا يهمها ولكنه كان مفتونا بها لدرجة أنه كان مستعدا أن يعمل أي شيء , وأشترك في بعض السباقات ونجح نجاحا متوسطا لكن هذا لم يكفها , وكان دومينيك يكسب في السباق وهي تحب الرابحين!".
شعرت هيلين بفمها يجف:
" و.... دومينيك؟".
أبتسم بولت قليلا:
" لا... أن دومينيك لم يكن مهتما بها , الى جانب أنها كانت زوجة أخيه".
" وماذا حدث بعد ذلك؟".
تنهد بولت تنهيدة كبيرة:
" كانت الليلة قبل سباق نوربرغرانج , وكنا جميعا قد ذهبنا الى ألمانيا منذ بضعة أيام وأقمنا في فندق قرب حلبة السباق , وتلك الليلة تشاجر فرانسيس وكريستينا وكانا دائما يتشاجران , كانت تريده أن يأخذها الى النزهة بينما هو يريد أن يستريح لأن سباق السيارات رياضة شاقة جدا وتحتاج للياقة بدنية كاملة , لكنها خرجت بمفردها وتأخرت في الرجوع فذهب دومينيك وفرانسيس للبحث عنها , فوجدها دومينيك في حانة وبالطبع كانت ثملة وأضطر دومينيك أن يتشاجر مع أثنين من البحارة قبل أن يستطيع أن يأخذها – ولكنها فسرت تصرفه تفسيرا خاطئا , وعندما عاد فرانسيس أخبرته أنها لا تحبه وأنما هي تريد دومينيك وأن دومينيك يشعر الشعور نفسه نحوها ,ورغم أن دومينيك أنك ذلك تماما لكن فرانسيس لم يصدقه".
" أوه يا بولت!".
" شيء كريه- أليس كذلك؟".
" ماذا حدث بعد ذلك؟".
" أنك تعرفين الباقي – أنزلق فرانسيس على الطريق وفقد سيطرته على سيارته وأصطدم به دومينيك ويوهان باراس , وقتل فرانسيس ويوهان وأصيب دومينيك أصابة خطيرة".
" وبعد ذلك ماذا حدث لكريستينا؟".
" عادت- كانت ما تزال تريد دومينيك ولكن هو لم يكن يريدها منذ البداية , أما بعد الحادث فلم يكن يطيق رؤيتها".
" لا بد أنها كانت تحبه".
" من الجائز , بطريقتها الخاصة".
وبدأ بولت يقطع اللحم الى شرائح:
" ولكن السيد لايول لم يكن لديه وقت النساء منذ ذلك الحادث".
وهز رأسه :
" وكانت لتلك المأساة مضاعفات لم نكن نستطيع توقعها فقد أصيب الكولونيل لايول بالشلل عندما سمع بحادثة ولديه ولم يشف تماما , وماتت زوجته بعد وقت قصير".
وشهقت هيلين:
" هذا فظيع".
ونظر بولت الى وجهها المذعور:
" أنت الآن تستطيعين أن تقدري لماذا هذه القصة ليست للنشر".
" بالطبع".
شبكت هيلين يديها:
" ولكن دومينيك ليس مسؤولا عن الحادث , أليس كذلك؟".
" بالطبع لا- كان الطريق مبللا ولم تكن سيارة فرانسيس الوحيدة التي تزحلقت , ولكن عندما يحدث مثل ما حدث وتكون علاقتك بالشخص المصاب ليست على ما يرام , فمن الطبيعي أن يلوم المرء نفسه أذا ما حدث مكروه , كان السيد لايول قريبا جدا من الوقعة بحيث لا يستطيع أن يرى الموضوع من بعيد- الى جانب ما حدث بعد ذلك , أظن أنه كان يريد أن يبتعد عن المجتمع".
" والآن".
" لديه عمله الذي يشغله- فقد ألف كتابا قبل ذلك عن والده ,وقد تحول الى فيلم".
قالت هيلين وقد أثار ذلك أهتمامها:
" لم يخبرني بذلك , وهل كان فيلما ناجحا ".
" جدا وقد در مالا كثيرا , لكنه لم يغير موقف السيد لايول".
" هل تظن أن أي شيء قد يغير موقفه؟".
" أشك في ذلك , لهذا شعرت أنني يجب أن أخبرك".
ونظرت هيلين الى يديها:
" أنا لست طفلة".
" أعلم ذلك ولكن لا تبني أحلامك على الرمال المتحركة , لا تتوقعي شيئا حتى لا تخيب آمالك".
" هذا كلام متشائم جدا ".
" أن السيد لا يول أنسان متشائم يا هيلين وكما قلت فأنا لا أريدك أن تتألمي".

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 23-04-10, 05:36 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 



7-الهرب

في عصر ذلك اليوم بدأ الثلج يتساقط مرة أخرى , وأستدارت عن النافذة وأخذت تعاين المطبخ الفارغ , خرج بولت ليهتم بالحيوانات وأصر أن تبقى في الداخل , لم تعترض لأنها كانت تشعر بالأرهاق وعدم النشاط , كانت تحاول أن تقنع نفسها أن هذا الشعور سببه الأيام التي قضتها في الفراش لكنها كانت تعلم أن هذا غير صحيح , ورغم ما قاله بولت لها فأن تفكيرها ظل يدور حول ما حدث في غرفة السونا.
وكان تنفسها غير منتظم وهي تذرع الغرف بقلق , أنا المسؤولة عما حدث , بدأت هي بلمسه وتدليكه , ولكنه كان أندفاعا لم تستطع مقاومته , وما حدث ما زال يثيرها ويجعلها تشعر بلمساته.
وصعدت الى غرفتها وألقت بنفسها بنفسها على الفراش وهي تنظر الى ندف الثلج يتساقط خلف النافذة , بدأت تفهم أنه كلما طال مقامها هنا كلما أصبح من الصعب عليها أن ترحل , وما بدأ كحبس أجباري تحول الى أسر لذيذ ولكنه أكثر خطورة , وصلت الى الحد الذي تشعر فيه أنها لا تريد أن ترحل , وجعلتها هذه الفكرة تهب جالسة في راشها وهي تلف ذراعيها على ركبتيها وقد قطبت وجهها بقلق , ماذا ستفعل؟ ماذا تستطيع أن تفعل؟ وماذا تريد أن تفعل؟
بقيت في غرفتها حتى المساء , ثم أخذت حماما وأرتدت ثوبا طويلا من الجرسيه الكريب الأسود الذي يظهر بياض جلدها , وتركت شعرها ينسدل على كتفيها , وعندما نظرت الى نفسها في المرآة تأكدت أنها تبدو في أحسن صورة.
ولكن عندما دخلت غرفة الجلوس بعد بضع دقائق وجدتها خالية فأطبقت فمها , هل سيتركها مع بولت؟ هل هذه طريقته ليعرفها أن ما حدث بينهما لن يتكرر؟ ووقفت في وسط الغرفة تعض على شفتيها عندما أنفتح الباب , ولكن القادم لم يكن بولت كما توقعت بل دومينيك لايول.
كان يرتدي هذا المسء قميصا حريريا كحليا وبنطلونا أزرق ,ونظر بوقاحة الى ملامح هيلين المنتظرة فلم تستطع أن ترد نظراته , وعندما أنتقلت نظرته الى أسفل أرخت عينيها بأضطراب.
ثم فتر أهتمامه ودخل الغرفة وهو يعرج , وأغلق الباب وراءه مر بجانبها فلمس طرف ثوبها بقدمه ثم ذهب , ووقف مديرا ظهره الى المدفأة.
" بحق السماء لا تنظري الي هكذا كأنك تخافين مني؟".
قالت هيلين رغما عنها:
" أنا لا....".
ثم تنهدت وأضافت:
" كيف حالك هذا المساء؟".
وضاقت عينا دومينيك:
" تقصدين بعد تدليكك الفتي؟".
أشتعل خداها:
" لا تضايقني".
" هكذا؟ أذن ماذا أفعل بك".
" تستطيع أن تسأل عني ".
ولوى شفتيه :
" هل هذا ضروري وأنت تبدين في أحسن حال؟".
" لم تحاول أن تأتي وتسأل عني وأنا مريضة ".
" هل كنت تريدين ذلك؟".
فأحنت هيلين رأسها:
"التصرف المهذب يقتضي ذلك".
" ولكنك لا تتوقعين التصرف المهذب مني؟ أليس كذلك؟ كما أتذكر , أنت تجدينني منحرفا فاسدا ومشوها عقليا وجسديا".
ونظرت اليه هيلين وهي ترتعش :
" هذا كان في البداية قبل أن أعرفك".
" أنك لا تعرفينني يا آنسة جيمس".
نظرت اليه بأستعطاف:
" أوه – أرجوك- ألا تستطيع أن تتصرف بلطف".
" أذا كنت تقصدين أن نتكلم عن مواضيع غير شخصية فهذا ممكن – عم تريدين أن تتكلمي؟".
ضغطت هيلين قبضتيها في أحباط:
" أنك تسيء فهمي عن عمد".
" بالعكس يا آنسة جيمس , أفهمك جيدا".
ومن الجائز أن دخول بولت في هذه اللحظة وهو يحمل العشاء ذا الرائحة الشهية كان من حسن الحظ ,كانت هيلين تنتظر أن يدعو دومينيك الخادم لينضم اليهما في العشاء كما فعل من قبل , ولكنه لم يفعل مما أثار دهشتها ودهشة بولت على السواء.
وحاول دومينيك أثناء تناولهما الطعام أن ينفذ ما طلبته بالحديث في مواضيع مختلفة , تكلم عن كتب قرأها وأماكن زارها كما شجعها على الكلام عن حياتها مع والدها وزوجة أبيها , ووجدت نفسها تخبره بما أخبرت به بولت , وتنصت الى تفسيره لتصرف والدها , وقد بدأت تفهم من خلال كلامه الشعور بالوحدة الذي شعر به والدها عند وفاة والدتها , والذي دفعه للرغبة في النجاح كنوع من التعويض عن خسارته وقدرت فهمه العميق الشيء الوحيد الذي لم تناقشه معه هو أرتباطها بمايكل فراملي ولكن هذا لم يكن موضوع مناقشة .
شجعتها رقته فقالت:
" أظن أن كلشيء محتاج لرأي موضوعي كي يفهم مشكلته الخاصة , أقصد في حالتك مثلا , كنت متأثرا لدرجة أنك لم تستطع أن تنظر الى حادث شقيقك نظرة واضحة".
على الفور جمدت عينا دومينيك :
" من أخبرك عن حادث شقيقي؟ أوه – لا تتعبي نفسك بالرد – أنا أعلم- أنه بولت , كان يجب أن أعلم أنه لن يستطيع أن يبقي فمه القذر مقفولا".
شعرت هيلين بأحساس مريع:
" أوه أرجوك0 لا تلم بولت , أنا المسؤولة أذ سألته فأجابني- هذا كل ما في الأمر".
" ليس له الحق في مناقشة أموري مع أحد".
" لم نناقش أمورك , أخبرني فقط بالوقائع".
وقام دومينيك واقفا وقد أجفل من الألم الذي سببته له الحركة المفاجئة , وقف لحظة وهو ينظر الى رأسها المنحني ثم ار ببطء عبر الغرفة وكل موقفه يعبر عن العنف المكبوت , ونظرت اليه هيلين قم قامت من كرسيها وركعت على الأريكة وهي تنظر الى ظهره العريض وتحاول أن تخلصه من مرارته التي لا داعي لها.
أستدار ونظر اليها ببرود:
" دومينيك.... ماذا يهم ما قاله لي بولت؟ حدث هذا منذ وقت طويل- لماذا لا نتحدث؟".
وقف وهو يستند بثقل على ساقه غير المصابة:
" بأي حق تعتقدين أنني أريد الطلام عن الحادث معك؟".
رفضت هيلين أن تتركه يخيفها:
" أريد أن أساعدك".
" حقا؟".
عاد يعرج الى الأريكة :
" بأي شكل يمكنك أن تساعديني؟".
وشعرت هيلين بالأحتقار لنفسها لأنه أستطاع أن يثير فيها شعور القهر رغما عنها .
" بمساعدتك على رؤية الحقائق كما هي , بأن ابيّن لك أن الناس ليسوا بدون شعور كما تظن , يجب أن تتعلم أن تعيش مع الناس مرة أخرى".
" وما رأيك أذا قلت لك أنني أفضل حياتي كما هي الآن؟ وليست لدي الرغبة في العيش كما تتكلمين؟".
وشعرت هيلين بالهزيمة لكنها قالت:
" كيف يمكنك أن تعرف ذلك؟ أنك لم تحاول – أظن أنك خائف".


فألتفتت حول الأريكة بحركة واحدة سريعة وأمسك شعرها بيده وهو يلفه حول أصبعه حتى أهتز رأسها بشدة وآلمها وسألها بقسوة:
" ما الذي تعرفينه عن هذا الموضوع؟ أنك تتكلمين عن الموضوعية وعن الفمه- ما الذي تعرفينه عن هذه الأشياء ؟ ما الذي تعرفينه عن الرقاد شهورا في سرير مستشفى وأنت أقرب الى الموت من الحياة تتمنين لو كنت أنت الضحية – هل تستطيعين أن تكوني موضوعية حينئذ ؟ هل تستطيعين أن تفهمي تلك القوة التي تدمر أنسانا وتترك الآخر مشوها مدى الحياة؟".
فقالت بأحتجاج وهي ترفع يدها الى رأسها الذي يرلمها:
" لماذا رفضت أجراء العملية الجراحية؟".
" كنت أفضل أن أتذكر الحادث الى جانب أنني لا أريد أي تركيبة غريبة في جسمي, فخذي قد يكون ملتويا , ولكنه فخذي وليس صورة محسنة منه".
" دومينيك أنك تؤلمني".
" هكذا ؟ أذن كوني موضوعية".
قال ذلك وهو يصدر صوتا منكرا ساخرا.
وأتسعت هينا هيلين بألم وعدم تصديق وقالت بصوت مبحوح:
" أنك لا تعني ذلك؟".
فأسود وجهه وصدرت عنه آهة تعبر عن لوعة لنفسه ثم جلس بجانبها على الأريكة وأخذ بيدها بين يديه ورفع راحتيها الى شفتيه – ثم قال بصعوبة:
" أرجوك لا تنظري الي هكذا – لا أريد أن أؤذيك ولكنه رغما عني".
نظرت هيلين الى رأسه المنحني وضغط فمه على راحتيها يثيرها , أرتعشت فنظر اليها وعيناه تعبران عن عواطفه , وضع يده خلف عنقها ثم لمس جسمها الناعم.
لم تستطع هيلين أن تتحرك وحتى لو أرادت ذلك- كان تأثيره عليها قويا لدرجة أنها كان يمكن أن تستسلم وأقترب منها أكثر وضمها اليه.
" أوه هيلين أنت لا تعلمين ماذا تفعلين بي".
أصبحت لا تهتم بشيء ولفت ذراعيها حوله , شعرت بأطرافها تتخدر وتمنت لو أستطاعت أن تقضي الليل كله هنا في هذه الغرفة الدافئة المضاءة- همست تحت فمه:
" أنني أحبك يا دومينيك".
تخشب جسمه على الفور وأبتعد عنها وهو ينظر الى السقف وقد تجمدت ملامحه.
وقالت مرة أخرى وهي تعتدل مستندة على مرفقها:
" دومينيك؟ ماذا حدث؟ قلت أنني أحبك- أنا فعلا أحبك".
رد بعنف وهو يقوم عن الأريكة:
" لا تقولي هذه الأشياء لي , أنك لا تعرفين عما تتكلمين".
" أعرف- ما الأمر؟ ماذا حدث؟".
تظر اليها ببرود وهو يصلح ملابسه ثم قال بصراحة:
" أنا لا أحبك و بالنسبة اليّ الحب لا يدخل في هذا..."".
لم تستطه هيلين أن تكتم الشهقة التي أفلتت منها :
"ولكن .... ولكن الآن...".
قال بقسوة:
" كنت أريد أن..... ظننت أنك كنت تريدين الشيء نفسه".
" فعلا...".
" أنني أتساءل ؟ هل كنت مستعدة أن تنسي كل شيء عن الموضوع بمجرد أنتهائه".
" أنسى كل شيء عن الموضوع؟".
قالت هيلين وهي تعتدل وتضم فتحة ثوبها:
" دومينيك – أنا لا أصدق أنك لا تحبني".
نظر اليها بوجوم للحظة ثم عرج نحو كرسيه وجلس عليه ومد يده وسحب زجاجة الشراب.
" أتساءل لماذا لا تستطيع النساء أن تفهم أن الرجال يمكن أثارتهم بدون أن يكون لديهم أكثر من الرغبة البحتة".
فظهر شهور هيلين بالغثيان من تعبيراته , على وجهها ثم قالت:
" أظن أن كلامك هذا مقزز".
" ماذا تتوقعين من شخص منحرف ومشوه مثلي؟".
" أوه يا دومينيك!".
" أسمتي!".
تمتم بذلك وهو يرفع الكأس الملأى الى شفتيه:
" لا أريد أن أتكلم ثانية عن هذا الموضوع , ولا أريد أن أتكلم معك ثانية , أنك تجعلني أشعر بالتقزز".
وكتمت هيلين بكاءها .
" كفى! كفى ترديد هذا الكلام أنا اعرف أنك لا تعنيه , أنا لا أصدقك".
" لم لا؟ هل فكرتك عن نفسك عالية الى هذه الدرجة؟ أؤكد لك أن ما حدث بيننا الآن وقع بيني وبين أخريات من قبل ,بل وبأستمتاع أكثر".
كان هذا أكثر مما تستطيع سماعه فوقفت محاولة المحافظة على كرامتها قدر أستطاعتها وقالت وهي تنظر اليه بعينين معذبتين:
" أظن أنك كريه! كريه! لا أعرف كيف تخيلت أنك رجل محترم؟ وكيف تركتك تلمسني , أنك حقير , حقير , أنا أحتقرك بشدة!".
" حسنا".
قال وهو يستلقي في كرسيه بلا أهتمام:
" هذه هي الطريقة التي أحبها- والآن بما أن هذا منزلي أرجو أن تخرجي من الغرفة لأنني أنوي أن أشرب حتى الثمالة".
وجرت هيلين أ ذيالها وهي تصعد الى غرفتها ,كانت تخشى أن يظهر بولت ويسألها أذا كان كل شيء على ما يرام , لأنه لو حدث هذا لأنهارت تماما أمامه , لكنه لم يظهر ووصلت بسلام وبمجرد وصولها أنهارت على السرير وأخذت تبكي بحرقة أستمرت بضع دقائق وعندما أنتهت العاصفة ظلت راقدة تشعر أن كل قوتها خارت.

منتديات ليلاس
قامت وخلعت ثوبها الأسود بغيظ وهي تشعر أنها لا تريد أن تراه ثانية وألقته تحت الخزانة ثم وقفت بملابسها الداخلية تتساءل: كيف ستقضي يوما آخر في منزل دومينيك لايول.
لم تكن هناك فائدة من أن تكرر لنفسها ما قالته من أنه كريه وحقير وتقنع نفسها بأن تكرهه , لأنها تعلم أن هذا غير صحيح وأنها تحبه , نعم أنها تحبه حقا وهذه الحقيقة أقسى على نفسها من الغضب والأحباط الذي شعرت به الأيام الأولى.
أذن كان بولت محقا فيما قال وعليها أن تتصرف الآن , بالطبع لم تكن تستطيع أن تلجأ الى بولت ليساعدها ولكن ما زال هناك أمكانية أستخدام سيارة الجيب , وكلما فكرت في الأمر كلما تأكد لها أنها يجب أن تهرب من هنا قبل أن تحدث كارثة أكبر.
تنهدت وسألت نفسها : ماذا يمكن أن يحدث أكثر مما حدث , وردت على نفسها : أن البقاء هنا مع دومينيك لايول يؤثر عليها تأثيرا غريبا وتخشى أن يأتي اليوم الذي لا تستطيع فيه أن تمنع نفسها من الأنزلاق الى تلك العلاقة المحرمة , أنها تعلم أن هذا يمكن أن يحدث , ورغم ما قاله فهي تعلم أنه يجدها جذابة ولكن دوافعه ليست مخلصة كدواقعها.
وهزت رأسها ثم أخرجت بنطلونها الجينز وفانلة وأرتدتهما و وأخذت تفكر في موقفها: الساعة تجاوزت العاشرة وسيذهب بولت بعد قليل لينام , وأذا نفّذ دومينيك ما قاله وشرب حتى الثمالة فلن تكون هناك مشكلة معه , أذن لم يبق ألا شيبا , قال بولت أنها تنام في المطبخ , هذا يعني أنها يجب أن تخرج من الباب الأمامي ,ولكن لسوء الحظ الباب الأمامي قريب جدا من باب غرفة الجلوس ولكن هذا أم لا مفر منه , وفكرت بتشاؤم أن عليها التصرف الآن وألا فلن تكون أمامها فرصة أخرى.
وعندما أصبحت الساعة الحادية عشرة والنصف كان المنزل هادئا كالقبو, ونظرت من خلال النافذة فوجدت الثلج ما زال يتساقط ولكن هذا لا يهم! ولكن مع كل هذا الثلج فأن آثارها ستبقى واضحة ,ونزلت بهدوء ثم أحضرت معطفها من غرفة الملابس بالصالة , أنها لن تأخذ سوى حقيبة يدها , أما باقي ثيابها فلا تهمها.
كان هناك مزلاج على الباب الأمامي ,قرب القفل العادي ,ولحسن الحظ أن بياض الثلج كان يضيء الغرفة . فسحبت المزلاج بسهولة ثم أدارت القفل فأنفتح الباب ونظرت حولها هواء الليل بارد ولكن ليس لدرجة التجمد , وتساقط الثلج بخفة على وجهها فشدت تفسها بتصميم وسارت حول المبنى , ولكن كان عليها أن تكتشف الكاراج.
كان الأمر أسهل مما تصورت , كانت آثار عجلات السيارة ما تزال واضحة فتتبعتها بثقة الى مبنى كالجون خلف حظيرة الأبقار , لم يكن الباب المزدوج مغلقا بالقفل فقط بل مقفلا أيضا بلوح خشبي وكادت تسقطه وهي ترفعه من مكانه , عندما أنفلت بجانبها جسم أسود أملس فأرتعبت , ولكنه لم يكن الا أحدى القطط البرية التي تعيش في المباني الملحقة بالمنزل .
جعلها هذا الحادث الصغير عصبية ,وعندما أرتفع صرير الباب لدى فتحه أجفلت ,نظرت في الداخل وهي تركز عينيها لتعتاد الظلام , وشهقت عندما رأت أن العربة لم تكن سيارة جيب كما توقعت بل سيارتها السبور الصغيرة , التي كانت تتخيلها مدفونة في الثلج , لكنها الآن تذكرت أن دومينيك قد طلب من بولت أن ينقلها ومن الواضح أنه نجح, فتنهدت وتمنت لو معها المفاتيح ولو أنها أستطاعت أن تديرها.
ثم أغلقت الباب بلا فائدة , في أي حال لا بد أن السيارة لا تعمل ,ولو حاولت أدارتها فستصدر ضجيجا عاليا بلا فائدة.
ونظرت حولها في الفناء ,كانت هناك آثار عجلات كثيرة , أخذت تتفحصها فوجدتها كلها تتقاطع , ولكن لم يكن هناك سوى مبنى واحد يتسع لسيارة جيب , أقتربت منه بحرص , وكانت محظوظة هذه المرة , فالجيب موجودة بداخله , ومن العجيب أن المفاتيح في مكانها , لم تستطع أن تصدق هذا.
كانت يداها ترتعشان وهي تركب السيارة وتغلق بابها بهدوء , أدوات القيادة فيها لا تختلف عن السيارات الأخرى , قوست ظهرها أستعدادا للصوت الذي ستصدره عند تشغيلها , وضغطت على بدال البنزين , ودبت فيها الحياة فأرتفع صوت محركها , من الآن ستكون قد أفلتت.
بعد لحظات تحركت السيارى خارجة من الكاراج وأستدارت الى اليمين حول المنزل ,وتذكرت في الوقت المناسب أن تضيء الكشافات قبل أن تصطدم بشيء ثم سارت عبر الفناء المرصوف بالحصى أمام الواجهة الأمامية , ما الذي قاله بولت من أن قيادة هذه السيارة صعب؟ الثلج المتراكم لا يمثل أية مشكلة بالنسبة اليها! لو كانت تقود سيارتها لكانت توقفت الآن , ولكن الجيب تسير بسهولة , كانت تتبع الآثار التي لا بد أنها آثار بولت عند ذهابه لمكتب البريد وكانت منفعلة بما يكفي لأسكات الشعور بالخيانة الذي بدأت تحسه , لن تفكر في الصدمة التي سيصاب بها دومينيك لايول عندما يكتشف أنها ذهبت أو لوم وخيبة أمل بولت لأنها بعد كل ما حدث لم تكن جديرة بالثقة , أنها تهرب وهذا كل ما ستفكر به , حققت المستحيل , كان أمامها مرتفع من الثلوج وبطريقة آلية ضغطت على البنزين قفزت السيارة الى الأمام متخطية الثلج , وزادت سرعتها وهي تنحدر بعد ذلك , شعرت هيلين بالأنزعاج ,رفعت قدميها على الفور عن البنزين , فقد كانت تسير بسرعة كبيرة ويجب أن تخفف حتى تستطيع أن تلف المنعطف المقبل , ضغطت قليلا هلى الكابح رغم أنها تعلم أن هذا تصرف خطر , فأنحرفت السيارة وهي تلتف في نصف دائرة ,ولكن هيلين حاولت السيطرة على أعصابها , وأستمرت في القيادة على الطريق الزلق, لكن الطريق كان ضيقا بفعل تراكم الثلج على الجانبين حتى أن مؤخرة السيارة أصطدمت بكتلة من الثلج وأرتدت مرة أخرى الى الطريق ,وضغطت على أسنانها في محاولتها للتركيز وعدم الأضطراب , ولكن دولاب السيارة أنحرف جانبا وأصطدمت بجسر الجليد على الجانب الآخر من الطريق.


كانت تجربة مخيفة , خاصة أن السيارة تسير بسرعة كبيرة في الممر الضيق , وترتطم في هذا الجانب ثم في الجانب الآخر , ورأت المنعطف أمامها , وحاولت أن تدير عجلة القيادة لكنها فقدت السيطرة عليها تماما , فأصطدمت في الكتلة أمامها وألقتها للأمام فأرتطم رأسها بشدة على عجلة القيادة , عندما فتحت عينيها وجدت نفسها راقدة في الطريق وصوت ظنت أنها لن تسمعه ثانية يقول:
" هيلين, هيلين, هل أنت بخير؟".
تركزت عيناها على الرجل الذي يركع بجانبها ,وعلى شعره الكثيف ذي اللون الرمادي الفاتح وقد سقط على جبهته , وعلى ملامحه السمراء المنحوتة وعينيه الصفراوين الغريبتين وقد بدا فيهما الأهتمام وهو ينظر اليها.
تمتمت بصوت خفيض:
" دومينيك- آوه يا دومينيك- لقد أصطدمت!".
" أعرف".
كانت تبدو على وجهه علامات الأجهاد:
" أيتها الغبية الصغيرة! كان يمكن أن تقتلي نفسك!".
" هل كنت ستهتم؟".
غمغم ثم قام واقفا فجأة :
" نعم كنت سأهتم".
وقف بصبر نافذ ينظر الى الطريق... رفعت هيلين رأسها بحذر – لم يكن بها شيء على ما يبدو , عدا ما شعرت به من صداع عنيف.
وقامت جالسة وهي تنفض الثلج عن كتفيها , أستدار دومينيك اليها آمرا :
" أبقي كما أنت! سيحضر بولت الجرار حتلا ويشد السيارة من البركة".
تجاهلت هيلين أمره وقامت بشيء من عدم الأتزان , أستدار اليها دومينيك وقال بضيق:
"قلت لك أن تبقي حيث أنت".
فردت في محاولة للتحدي , وأحتجت قائلة:
" لا تستطيع أن تعطيني أوامر أنا لست بولت".
وكان يبدو عليه التفكير والأكتئاب:
" لاحظت ذلك , أن بولت ليس بهذه الدرجة من الأزعاج".
" أنا آسفة".
وكانت قد بدأت تفقد ما تبقى لها من تماسك , كان الموقف أكثر مما تستطيع أن تحتمل- أتهامه القاسي لها هذا المساء , ثم التوتر الذي سببته محاولتها الهرب من المنزل , وأخيرا جاء التصادم والنهاية التعسة لكل آمالها كآخر قشة تتعلق بها.
وشعرت بالدموع تنهمر على خديها , فهي لم تشعر بمثل هذا الشقاء من قبل.
وسمع دومينيك بكاءها المكتوم فأستدار ونظر اليها , كانت في حالة سيئة , الثلج ما زال عالقا بشعرها وملابسها , وشعور بالهزيمة الكاملة على وجهها.
قال بصبر نافذ:
" أوه يا هيلين!".
وقبل أن تفهم ما يفعله , رفعها بين ذراعيه وأخذ يسير نحو المنزل , لت ذراعيها حول عنقه ورأسها يستند الى صدره وبدأت تشعر بالدفء الجميل يسري فيها ولكنها تذكرت عرجه:
" أرجوك- أنزلني- أستطيع أن أمشي- لا يجب أن تحملني".
قال بتوتر:
" أنا لست عاجزا تماما".
حاولت أن تجعله ينظر اليها ولكنه لم يفعل فأكتفت بأن تستمتع بوجودها بين ذراعيه ,وسارا لعدة دقائق في صمت.
وعندما وصلا الى المرتفع الذي كان السبب في بداية مشاكلها سمعت صوت الجرار فأدارت رأسها ورأت بولت يتجه تحوها وتوقف أمامها تماما ونزل ووجهه ينطق بالغيظ:
" حضرت بأسرع ما يمكن".
صاح وهو يهز رأسه :
ط هاتها! هل أصابتها خطيرة؟".
رفعت هيلين رأسها وردت:
"أنا بخير يا بولت حقا".
ولكنها لاحظت أن كل أهتمامه كان موجها الى مخدومه.
وأعطاها دومينيك لبولت فشعرت هيلين كأنها رزمة غير مرغوب فيها وقالت محتجة:
" أنزلني- أستطيع أن أمشي".
ولكن أحدا لم يلتفت اليها , سارا المسافة القصيرة المتبقية حتى وصلا وقد جعلاها تشعر بشدة أن عرج دومينيك أزداد , وأن بولت يلومها على ذلك , ففكرت بأسى أنها السبب رغم كل شيء.
كان دخولها المنزل مرة أخرى شيئا غير سار وقد أنزلها بولت في الصالة قائلا:
" أذهبي الى سريرك يا آنسة وسأحضر لك مشروبا ساخنا بعد قليل".
" هذا ليس ضروريا".
وبدأت تتكلم ولكنها وجدت أنها تكلم نفسها , سار دومينيك يعرج الى غرفة الجلوس وذهب بولت وراءه وأغلق الباب بشدة كأنه كان يعاقب هيلين , ونظرت الى أعلى السلالم ودمعت عيناها مرة أخرى , فمن الواضح أنه لا يعمها محاولة الهرب مرة أخرى هذه الليلة- ولكن من يستطيع أن يلومها؟ الى جانب شعورها أنها محطمة لدرجة تشك معها في قدرتها على جمع شجاعتها وحماسها لتحاول ذلك ثانية.

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
anne mather, آن ميثر, leopard in the snow, روايات, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, صحراء الثلج, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t140113.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Ask.com This thread Refback 24-09-15 11:59 PM


الساعة الآن 10:31 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية