3-الرجل الثاني
اكتشفت ايما ان الترتيبات المعدة لرحلتها الى ناسو لم تكن قاسية ومرهقة كما تصورتها.
وعندما حطت الطائرة الضخمة في مطار نيوبروفيدانس الدولي وأنهت ايما جميع معاملاتها،ودّعت الأشخاص الذين تعرّفت اليهم اثناء الرحلة ثم توجهت بمفردها الى خارج المبنى الرئيسي.كان الطقس رائعاً والسماء زرقاء صافية،والارتياح بادياً على وجوه العاملين في المطار الذين يرتدون ثياباً خفيفة بيضاء،بعكس ايما التي كانت لا تزال مرتدية ثياباً شتوية سميكة لا تناسب الأجواء الدافئة.
وقفت تتطلع حولها علها تشاهد احداً يشبه دايمون ثورن.فاذا كانت هذه الفتاة كريس احدى قريبات دايمون فانه سيكون بينهما بعض أوجه الشبه.الا انه لم تكن هناك قرب المدخل اي فتاة سوداء الشعر،بل كان شاب طويل القامة شعره نحاسي اللون ينظر اليها متأملا وفاحصاً.
خجلت من كثرة تحديقه بها،فاستدارت الى الناحية الأخرى،وهي تتساءل ما اذا كان من الأفضل ان تذهب لشرب فنجان من القهوة بعد ابلاغ مكتب الاستعلامات عن اسمها ومكان وجودها.لم يكن من الحكمة مطلقاً ان تستقل سيارة اجرة وتذهب الى المدينة،لأنه لم تكن لديها ادنى فكرة عن عنوان البيت الذي ستتوجه اليه.
حملت حقيبتها واستدارت نحو المبنى الرئيسي.تحرك الشاب فجأة وسار نحوها بسرعة.وفيما كان يقترب منها تساءلت ايما من يكون هذا الشاب الوسيم والجذاب الذي لا يتجاوز الثلاثين من عمره!
"أنا آسف لانك بدأت تشعرين بالازدراءنتيجة تأملي لك.ولكنني قدّرت في نهاية الأمر انك لابد ان تكوني ايما هاردينغ.هل أنا على حق؟".
نظرت اليه ايما بارتياح ،وقالت :
"نعم،أنا هي بعينها.هل جئت لملاقاتي؟".
وعندما اومأ برأسه علامة الايجاب،تابعت حديثها قائلة:
"أوه،شكراً.كنت قد بدأت اشعر بشيء من الخوف والارتباك...يبدو ان ابنة عم السيد ثورن نسيتني تماماً".
"الم يقل لك دايمون انني سأكون في استقبالك؟اعني انني كنت على وشك الاصابة بخيبة أمل كبيرة لانك لم تنظري ابداً تجاهي".
"هل أنت كريس ثورن".
" طبعاً ".
ضحكت وقالت :www.liilas.com/vb3
"لا تسألني لماذا اتوقع فتاة بانتظاري!منذ ان ذكر الاسم امامي للمرة الاولى اعتبرت ان كريس هو تصغير لاسم كريستين".
أخد حقيبتها وسار نحو سيارة بيضاء رائعة ووضعها في صندوقها ،وفيما كان يفتح الباب لايما،قال بهدوء وبابتسامة رقيقة:
منتديات ليلاس
"كريس تصغير ايضا لاسم كريستوفر.وبكل صراحة أقول لك انك لم تكوني كما توقعتك.فأنت اكثر شباباً...وأكثر جاذبية وجمالاً".
احمرّت وجنتاها خجلا وقالت بحياء وسرور:
"شكراً لك على الاطراء.لقد عوّضت عن خوفي وترقبي".www.liilas.com/vb
3
كانت رحلة السيارة مع كريستوفر ثورن الى ناسو ممتعة للغاية ولا تنسى.فقد اختار الطريق الساحلي لتشاهد اكبر قدر من المناظر الطبيعية الخلابة. وقالت ايما لنفسها انها لن تتمكن ابداًمن وصف هذا المكان لشقيقها او صديقاتهافي لندن بدون استخدام الكلمات الشاعرية الرنانة والتي توجد عادةفي الكتيبات السياحية الدعائية.ومع انها ظلّت تؤكد لنفسها ان جزر البهاما ليست المكان المفضل لاقامتها،فانها لم تتمكن الا من ابداء الاعجاب الشديد بالشواطئ التي تبهر الأنظار بجمالها وروعتها.كما ان الأسماء التي اطلقت عليها جذابة وناعمة....شاطئ الحب،شاطئ العشاق،شاطئ النعيم.....
التفت كريس نحوها وأشار الى أحد ملاعب الغولف الشهيرة الى يمينها قائلاً بتكاسل:
"هناك أوجه نشاط متعددة للغاية.سباحة،تزلّج على الماء،غطس في الأعماق،هل تمارسين السباحة؟".
"نعم بالتأكيد.ولكني لم أجرب ابداً الرياضتين الاخيرتين".
رد مبتسماً بمرح وزهو واضحين:
"سوف تجربينهما.سأعلمك أنا نفسي".
كانت ناسو تعج بالناس في مثل ذلك الوقت،ولكن كريستوفر تمكن ان يشقّ طريقه بين مئات من راكبي الدراجات وسيارات الأجرة وعربات الخيل ليصل بعدقليل الى باحة فندق ضخم.
"هيا،غرفتك محجوزة سلفاً.أعتقد انك بحاجة الى حمام بارد وثياب صيفية خفيفة".
هزّت برأسها موافقة.www.liilas.com/vb3
تركته في القاعة الرئيسية وصعدت الى غرفتها يرافقها الحمّال الصغير،الذي أوصل لها الحقيبتين وقبض بقشيشه ثم حيّاها باحترام وغادر الغرفة.واستغربت ايما لماذا أزعج كريستوفر نفسه وحجزلها غرفة مع حمام داخلي في دومينيك. استحمت وارتدت ثياباً خفيفة ثم نزلت الى القاعة الرئيسية وهي تشعر بأنها مستعدة لمواجهة العالم.كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة بمجرد خروجها من المصعد وهو يقول لها مبتسماً:
"هيّا،هيّا!اني اتضوّر جوعاً!".
"وأنا كذللك !".
وسمحت له بامساك يدها فيما كانا يسيران نحو المطعم. وكانت طاولتهما التي حجزها كريستوفر في وقت سابق تطل على المرفأ. وطلبت ايما ان يقترح عليها ما يجب ان تأكله.فطلب غداء شهياًاختتماه بفنجانين من القهوة لكل منهما.
"هل اعجبك الغداء ؟".www.liilas.com/vb
3
ابتسمت واجابته بارتياح ظاهر :
"أنت تعرف انه أعجبني ".
"ماذا كنت تفعلين في لندن؟ أعني...أعرف انك كنت ممرضة،ولكن ماذا كانت هواياتك؟هل كنت تسهرين كثيراًاو بالاحرى تمضين وقتاً طويلا خارج المنزل؟".
هزّت ايما راسها وقالت :
"لا،ليس كثيراًكنت احضر بعض المحاضرات...وعدداً من المسرحيات الجيدة بين الحين والآخر.احب الحفلات الموسيقية ومعظم أنواع الموسيقى،كما أنني اهوى المطالعة الى اقصى الحدود".
بدا الاهتمام على وجه كريستوفر وفي عينيه،وسألها:
"ماهي كتبك او موضوعاتك المفضلة ؟".
"اني أقراكل شيء تقريباً. تعجبني القصص البوليسية والعاطفية....".
"هل قرات قصص كريسمس هولي؟".
"كريسمس هولي؟ أوه،طبعاً! انه ذلك المحقق الخاص الذي يكتب عنه مايكل جفريز.انها قصص لا باس بها على الاطلاق.اعتقد انني قرأت اثنتين او ثلاثاًمنها ".
ابتسم كريستوفر بمكر وقال بتعجب :
"قرأت اثنتين او ثلا ثاً فقط! الم تعرفي انني كتبت سبعاً وعشرين من هذه القصص التي...".
قاطعته بدهشة وسرور بالغين:
"أنت مايكل جفريز!ما أروع ذلك! انني الآن بصحبة الرجل الذي خلق الشخصية الذكية المحببة،كريسمس هولي!انه أسمر جميل جداً.كيف اخترت هذا الاسم بالذات؟".
"كريسمس اسم لا يختلف كثيراًعن كريستوفر وهولي نبات شوكي مما يتفق مع اسم عائلتي ثورن، اي الشوكة.انه تلاعب في الأسماء والمعاني.وحتى اسم التأليف المستعار ليس في الحقيقة مستعاراً، فاسمي الكامل هو كريستوفر مايكل جفري ثورن".
علقت ايما بحماس ظاهر:www.liilas.com/vb3
"أعتقد ان الأمر مثير للغاية.فالكتابة اساس القراءة، وأنا لم التق كاتباًاو مؤلفاًفي حياتي. هل تسكن في سانت دومينيك؟"
.
" لا ".
وهز رأسه ثم تابع حديثه عندما لاحظ عليها الانزعاج وخيبة الأمل:
"اني اسكن في سانت كاترين القريبة جدا من مكان اقامتك.انها في الحقيقة لا تبعد اكثر من أربعة كيلومترات تقريبا،مما يعني انك ستصبحين جارتي. وسيكون من دواعي سروري التحدث الى شخص يعجبه عملي".
"عظيم،اوه بالمناسبة...من يسكن في سانت دومينيك،بالاضافة الى انابيل طبعاً؟".
هزّ كتفيه وقال:www.liilas.com/vb3
"هناك تانزي المربية العجوز التي اعتقد انك ستحبينها. كانت مربية دايمون في صغره.وهناك المعلمة لويزا مريديث،وبالطبع بعض الخدم".
"يبدو بالتأكيد ان انابيل ليست بحاجة لي على الاطلاق. فلديها مربية ولديها معلمة وحاضنة".
نظر اليها كريستوفر بجدية وقال وهو يهز رأسه معترضاً:
"أظن انك على خطأ.فتانزي طاعنة جداً في السن ولم تعد بالتالي قادرة على الاهتمام كثيراًبطفلة في السادسة من عمرها،وخاصة في وضع انابيل.اما لويزافانها...الى حد ما...من غير فائدة.أوه،انها تعلم انابيل القراءة مستخدمة اسلوب برايل للأحرف النافرة، كما انها تتحدث اليها ومعها،واعتقد ان انابيل تتعلم منها الكثير.ولكنها من الناحية الأخرى ليست الرفيقة الصحيحة لها.فالطفل يجب ان يعامل كندّلا ان تنظر اليه كمخلوق تافه يتعلم كالببغاء وينفّد الأوامر بدون حق في المنلقشة او الاستفسار المنطقي.لويزا لا يمكنها ابداًان تنسى نفسها بما فيه الكفاية لتلعب مع الطفلة. انها متزمتة ومتحجرة ".
تنهدت ايما بعد سماعها هذا الشرح الوافي وسألته بهدوء :
" ومن كان يهتم بأنابيل فعلياً حتى الآن ؟".
"برندا لوسن،شابة في الثلاثينات من عمرها تزوجت رجل اعمال اميركياً متقاعداً، قرر ان ينقل مكان اقامته الى منطقة أقل صخباً وضجيجاً ".
ثم وقف وسألها :
"هل أنت مستعدة ؟".
اومأت ايما برأسها ايجاباًوسمحت له بأن يساعدها على النهوض ثم خرجا من المطعم. وفي القاعة الرئيسية توقف لحظة وسألها:
" كيف وجدت غرفتك ؟".
"جيدة جدأ، شكراً ".
ثم انتبهت الى انه يعني شيئا آخر، فعقدت جبينها قليلاً وسألته:
"هل ستمضي الليلة في هذا الفندق؟ ".
ابتسم كريستوفر وأجابها بدماثة:
"هذه هي الفكرة. هل من اعتراض لديك ؟".
دهشت ايما وردّت عليه باستغراب ظاهر:
"من المؤكد انك تمزح!اعني انني فهمت من التعليمات المعطاة لي بأننا سنتوجه الى سانت دومينيك بعد الغداء مباشرة!".
علّق كريستوفر ببرودة قائلا:
"تعليمات دايمون!اسمحي، قد يكون دايمون الرجل الكبير وصاحب الكلمة النافذة في بريطانيا والولايات المتحدة ولكنه هنا ليس اكثر من ابن عم لي، وأنا الذي أقرر كافة الخطوات والتفاصيل .ألا تريدين البقاء؟".
تنهّدت ايما واجابته بهدوء:
"ان المسألة لا تتعلق بالتأكيد بما أشعر به او أريده".
"حسناّ! قرري !".
أحنت ايما رأسها قليلاًكي تتفادى نظراته وقالت:
"أرجوك،لا أريد التسبب بأي مشاكل...".
"اذن،نبقي.ما من احد سيحصي عليك تحركاتك هنا...فأنت لست في مستشفي كما تعلمين.الحياة هنا تسير بخطوات معقولة،اذ لا احد يرغب في الركض نحو حتفه".
ثم ابتسم وأضاف قائلا بهدوء ملحوظ:
"كفانا فلسفة ومحاضرات.اريدك ان تبقي كي تشاهدي الجزيرة مع دليل سياحي تعجبك قصصه.نيو بروفيدانس منطقة رائعة ".
كانت ناسو المحطّ الأول في جولتها.وأخدها كريستوفر الى سوق القش،حيت أشترى لها قبعة كبيرة تحمي راسها وعينيها من حرارة الشمس القوية.ثم انتقل بها الى شارع مكتظ بالمحال التجارية التي تغص بالسياح من كل حدب وصوب.الا انهما لم يبتاعا شيئا، اذ انه لم تكن لديها اي رغبة في الوصول الى سانت دومينيك وهي تحمل كميات ضخمة من الهدايا التي ستعود بها الى لندن بعد فترة طويلة.
وتجولا في الميناء حيث شاهدت ايما جميع أنواع الزوارق والمراكب الشراعية واليخوت،ثم استأجر كريستوفر عربة تجرها الجياد وتجولا في جميع انحاء المدينة كسائحين يمضيان عطلة في تلك الجزر الخلابة.وكانت بعض الطرائف التي اخبرها اياها رفيقها ودليلها المثقف،اقرب الى الخيال منها الى الحقيقة.واهتمت ايما كثيراً بتاريخ الجزيرة لدرجة انها عزمت على شراء بعض الكتب التي تتحدث عنها،وذلك في اول مناسبة متاحة لها.www.liilas.com/vb3
بعد فترة من الزمن ذهبا الى الشاطئ حيث سبحا في مياه دافئة ونظيفة أغرت ايما بالبقاء فيها طوال فترة ما بعد الظهر.وكان كريستوفر يتعمد اغاظتها مازحاً بدفعها تحت الماء باستمرار.ولما خرجت من المياه المنعشة وألقت بنفسها على المنشفة الكبيرة التي أحضرها لها كريستوفر،شعرت بلذة وارتياح عظيمين.وكادت ان تصدق تصورها بأنها حضرت الى جزر البهاما بمحض ارادتها وليس لأن دايمون ثورن لم يترك لها مجالا آخر.
اثبت كريستوفر انه رفيق ممتع للغاية.ومعرفته الوثيقة بالمنطقة وسعة اطلاعه في الحقلين التاريخي والاجتماعي،كانتا مثار اعجابها واهتمامها.
وكانت ايما تصغي اليه بانتباه بالغ فيما كان يحدثها عن العبيد الذين احضروا الى جزر الهند الغربية.
"المساكين التعساء!تحرروا من نوع من العبودية ووقعوا فيآخر.في الولايات الجنوبية يضمنون لأنفسهم على الأقل الغذاء والمأوى.اما هنا فكان البعض منهم في بادئ الأمر يموت من شدة التعب والارهاق".
وتنهد كريستوفر ثم تابع حديثه قائلاً :
"كان البيض في تلك الأيام يعتبرون الافارقة شعباً يحتاج الى الزعامة والنظام القاسي كي يتمكن من العيش.لم يكونوا يصدقون ان ابناء هذا الشعب قادرون على تأمين الاكتفاء الذاتي والعيش بكرامة بدون حاجة للاستعباد والسيطرة ".
حركت ايما رأسها تحت قبعة القش الكبيرة وقالت بهدوء:
"أني اعجب لماذا لا تكتب عن الجزر أو تتناول بعض عاداتها وتقاليدها في قصصك!كتبك تدور حول موضوعات اميركية بحثة".
ابتسم كريستوفر ورفع نفسه غلى مرفقه مقترباًبذلك الى حد كبير منها،ثم قال بمرح:
"أساليب يا عزيزتي،أساليب!كتبي ناجحة جداًفي الولايات المتحدة، وهي مورد رزقي الوحيد.فمن أكون انا لأخيب ىمال قرائي؟".
"مرتزق استغلالي !".
قالتها مبيسمة ثم استلقت مرة اخرى على ظهرها وقد بدأت تشعر بالنعاس بسبب الحر والتعب.اقترب منها كريستوفر وسألها بهدوء ومودة :
"ألست مسرورة لأننا لم نذهب اى سانت دومينيك اليوم؟".
فتحت ايما عينيها وأجابته بارتياح :
"اذا كنت تسألني عما اذا كنت أمضي وقتاً ممتعاً،فأنت تعرف ان الجواب هو نعم.ولكني اشعر بالذنب كلما فكرت بالموضوع".
"اذن،لا تفكري! فما من احد يتوقع وصولنازأخبرت انابيل انني لن اعود اليوم".
شعرت ايما بالاستياءوسألته بشيء من الحدة:
"هل فعلت ذلك حقاً؟هل كنت متأكداًالى هذا الحد من أن جاذبيتك وسحرك سيحملاني على البقاء مهما كنت وكانت عليه آرائي ومبادئي؟".
ضحك كريستوفر بمكر وقال:
"يا عزيزتي، لو كنت لويزا مريديث أخرى لكنّا عدنا اليوم بكل تأكيد".
ابتسمت ايما وقالت:
"أوه،حسناً!اعتقد ان يوماً اضافياً لن يؤثر كثيراًعلى احد".
عاد الى الفندق بعد السادسة بقليل،وأبلغها كريستوفر بأن غرفته تقع في طابق أسفل.وقال لها وهو يهم بمغادرة المصعد انه سينتظرها على الشرفة الغربية لتناول بعض المرطبات والفاكهة قبل ذهابهما الى العشاء.تابعت ايما طريقها الى غرفتها حيث استحمت وارتدت فستاناً طويلاً خاطته بنفسها لحضور حفلة راقصة قبل عيد الميلاد. وفرحت كثيراً لأنها احضرت فستان السهرة هذا،اذ ان كريستوفر كان يستقبلها وقد ارتدى سترة بيضاء رسمية فوق قميص حريري جميل وربطة عنق انيقة.نظر اليها باعجاب قائلاً:
"تبدين رائعة !هل قلت لك ان طريقتك في اختيار الملابس تعجبني كثيراً؟".
"سيد ثورن،انك تغازاني مرة أخري!".
ابتسم وردّ عليها بمرح ظاهر :
"لا،أنا لاأغازلك...وأعني ما أقول.ثم...لا تنسي ان الاسم هو كريس!".
اجابته بهدوء وهي تقبل منه بامتنان أحدى سكائره التي أشعلها لها بتهذيب :
"لم أنس.وبالمناسبة،أريد أن أشكرك جداًعلى كل شيء.كان يوماً رائعاً".
"لا تشكريني،أنا الذي يجب أن أشكرك".
ثم نظر اليها بجدية ومضى الى القول:
"مهما كنت تظنين، فأنا لا أجد كل امرأة التقي بها جذابة مثلك يا ايما".
"شكراً لك مرة أخرى"
بعد العشاء، توجها الى قاعة الرقص ورقصا على انغام فريق العازفين المحليين الذين برعوا الى حد كبير في المقطوعات الايقاعية والتقليدية الهادئة.ورقصت ايما مع كريستوفر عدة مرات كما انها رقصت مرتين مع رجلين في الخمسينات من عمرهما
أعجبها رقصه كثيراً...فخطواته خفيفة ومدروسة،وأسلوبه رفيع وراق،ورائحته عطرة ونظيفة،و....
"انك تجيدين الرقص الى حد كبير".
ردت عليه باسمة:www.liilas.com/vb3
"لاتعتقد ان الممارسة هي السبب،فأنا لم أرفص كثيراًفي لندن".
لم يصدّقها على ما يبدو.ماذا سيقول يا ترى لو انها قررت اطلاعه على حقيقة علاقتها مع دايمون؟ من الواضح ان أفراد عائلته واقرباءه نسوا تلك العلاقةزكيف لا،وهم لم يلتقوا بها أبداً!كانت بالنسبة اليهم مجرد اسم...اختفى...منذ عدة سنوات!
منتديات ليلاس
في الحادية عشرة والنصف، خرجا الى الشرفة لتنشق الهواء العليل والتمتع بضوء القمر الساطع.كانت السماء صافية جداً تملأها النجوم المتلا لئة التي تتألق بزهو واعتزاز.انها حقا أمسية رائعة و.....
"ما رأيك في أن نستأجر عربة ونقومبجولة ليلية في المدينة؟".
تطلعت نحوه فشاهدته ينظر اليها بحماس وترقب.ترددت قليلاًثم هزت رأسها قائلة:
"شكراًعلى الدعوة ولكنني مضطرة لرفضها.فالوقت متأخر، وغداً سيكون يوماً حافلاًاليّزاعتقد انني سأذهب الى النوم،ان لم يكن لديك أي مانع".
شعرت بخيبة أمله واضحة وجلية عندما قال لها:
"أوه،ايما!هذا يعني انك ذاهبة ان قبلت او اعترضت".
ثم هزّ كتفيه مستسلماً للواقع وأضاف:
"حسناً، سأوصلك الى غرفتك".
اجابته بتهذيب وهدوء:
"ليس من الضروري ان تفعل ذلك".
"اعرف،ومع ذلك فاني سأرفقك حتى الغرفة".
أحرجها اصراره قليلاً وأحس هو بذلك، فقال لها وهما يدخلان المصعد :
"لا تقلقي،فأنا لاأتوقع تجاوز باب الغرفة.كل ما في الأمر انني أريد الاطمئنان على وصولك بسلام.فالمصاعد والممرات تعج بالاشقياء والاشرار".
ضحكت ايما بمرح وارتياح حقيقيين،وقالت :
"حقاًيا كريس؟ انك حارس امين!".
ولما وصلا الى الغرفة وفتحت ايما بابها، وضع كريس يديه على كتفيها وسألها:
"تمتعت بيومك هذا،اليس كذلك؟".
هزّت ايما رأسها واجابته باسمة:
" الى اقصى الحدود".
"عظيم. تصبحين على خير يا ايما".
ثم احنى رأسه وعانقها،فاستجابت له بصورة عفوية.تراجع فجأءة الى الوراء وقد ازدادت سرعة تنفسه واصفر وجهه قليلاً.ثم شدّعلى يديها وقال لها متمتماً :
"سأذهب على الفور".
راقبته ايما وهو يسير بسرعة نحو المصعد ويختفي بداخله دون ان يلتفت الى الوراء.
دخلت غرفتها وأقفلت الباب وهي تشعر بالرضى والارتياح،على الرغم من الارهاق الجسدي.
يتبع......