سحبت ايما رجليها وطوقت ركبتيها بذراعيها ثم وضعت رأسها فوقهما وأغمضت عينيها ز اما دايمون فقد استلقى على ظهره وسألها فجأة :
" اخبريني يا ايما ! لماذا بالضبط قطعت علاقتنا ؟ " .
صعقت بسؤاله المفاجئ وغير المتوقع . لم تكن مستعدة لسؤال كهذا ، فاجابته بتوتر ملحوظ :
" أنت تعرف السبب " .
" دعيني اصحح كلامك . أنا أعرف ماذا قلت لي انت ....بأن شخصاً تبين لك فجأة انذاك ، أنكما تحبان بعضكما " .
احست ايما بأن جسمها كله ، وليس وجهها فقط ،احمر خجلاً ،ترددت لحظة ثم قالت له :
" هل من الضروري ان نبحث الموضوع الآن ؟ اعني ان وقتاً طويلاً...." .
وتمنت لو ان بامكانها رؤية عينيه وقراءة تعابيرهما. وأحست بشكل قاطع انه تعمد وضع نظارتيه البنيتين على عينيه كي يصبح في موقف متميز .
وسمعته يتمتم بلهجة ساخرة :
" نعم ، أعتقد ذلك . فأنا...أنا هو الشخص الذي نكثت بعهدك له ونبذته كخرقة بالية " .
" اوه ، توقف ! توقف ! كنت مستاء وحزيناً جداً لدرجة انك سارعت للزواج من اليزابيت كينغزفورد ولم يمض على انفصالنا سوى عشرة أسابيع ! " .
ويبدو انها اصابت وتراً حساساً للغاية . فانتزع نظارتيه بعصبية فائقة وحدق بها بعينين باردتين غاضبتين تقدحان ناراً وقال لها بحدة وعنف :
" اريد الحقيقة يا ايما ، واقسم لك بأنني انوي فعلاً التوصل اليها ! ".منتديات ليلاس
" لا أعرف ماذا تعني " .
الا ان محاولتها لصم اذنيها عن سماع كلماته باءت بالفشل ، اذ جاءت كلماته التالية تحمل بين طياتها سخرية باردة اسوء من اي غضب عارم :
" نعم ، تعرفين . لم يكن هناك اي رجل آخر ، اليس هذا صحيحاً؟ وحتى لو كان ثمة رجل في حياتك ، فأين هو ؟ لا يا ايما، لم يكن هناك أحد ،ولكنك انت اعدت النظر في الموضوع. كنت في الثمانية عشرة بينما كنت انا في السابعة والثلاثين ، اي ما يزيد على ضعف عمرك ! لم تعترفي بأنك كنت تعتبريني عجوزاً بالنسبة اليك ؟ في عمر والدك تقريباً ؟ " .
" لا ! " .
خرجت تلك الكلمة من فمها كسهم محترق وحدقت به بعينين زائغتين معذبتين وهي تتمتم بعصبية بالغة :
" لا ،لا ، لا ! هذا ليس صحيحاً ابداً ! " .
نظر اليها دايمون بعينين مشككتين ، فأبعدت وجهها عنه بتألم وانكسار . انه لن يصدقها على الاطلاق ! وشاهدت كريس وبول يقتربان منهما وهما يلوحان بأيديهما فشعرت بالارتياح ز اذ ان وجودهما سيحول على الأقل دون استمرار هذا الحوار المزعج ز ولما سألها بول ان كانت تريد السباحة معه ، قفزت بسرعة شاكرة له دعوته وركضت أمامه نحو الماء .
كانت السباحة منعشة جداً لها ، وعوض سرور بول الواضح برفقتها عن غضب دايمون وتصرفه العنيف معها ز وأخدها بول الى المكان الذي صعد منه وكريس الى حافة صغيرة ثم الى ما يشبه درجاً صخرياً يقود الى فسحة في تلك الصخرة العملاقة كانا يقفزان منها قبل قليل. وسألها بول متشككاً :
"هل يمكنك الغطس من هناك ؟ لا تحاولي الا اذا كنت متأكدة من قدرتك على ذلك " .
ثم أبتسم بتحد وأضاف قائلاً :
" يمكنك أنتظاري هنا " .
" اوه ، لا ! لا أريد الانتظار. لقد غطست عدة مرات في حياتي ، وانا متأكدة من انني سأكون بخير " .
" حسنا ً " .
ابتسم بول وشد على يدها ثم سالها :
" هل تعرفين ان دايمون كان يقفز من قمة الصخرة عندما كان بالطبع أصغر سناً ؟ " .
نظرت ايما الى القمة وهي تهز برأسها غير مصدقة ن فإن العلو شاهق جداً . و سألته بجدية :
" أليس ذلك خطرا ً ؟ " .
" ليس الى الحد الذي تتصورين ، وخاصة مع خبراء القفز. الا ان الخطر يكمن اثناء القفزة نفسها بحيث يضطر الانسان للمحافظة على توازنهز فاذا اختل التوازن ، يمكن للانسان ان يكسر ظهره ...او يدق عنقه ! " .
بلعت ايما ريقها بصعوبة . فتصورها لدايمون وهو مصاب بجروح بليغة ومميتة او بشكل دائم ن لهو امر رهيب ومروع . ثم بدأت تصعد مع بول الى تلك المنصة الحجرية الطبيعة للانقضاض منها الى سطح الماء . وبعد حوال نصف ساعة ، انضم اليهما كريس فيما توجه دايمون بزورقه الى اليخت واحضر انابيل وهي ترتدي ثياب السباحة . ولعب الجميع على الشاطئ ، وسبحوا . وكانت انابيل تختال كالطاووس بعد كل مرة تسبح فيها لبضع دقائق ز وبعد فترة من الزمن ، عادوا جميعاً الى أنابيللا حيث تناولوا بعض المرطبات ورجعوا الى كاترين وسانت دومينيك .
وفي طريق العودة، جلست هيلين بين ايما وانابيل وسألت الكبيرة منهما :
" كيف حصلت على هذه الوظيفة يا آنسة هاردينغ ؟ هل انت ممرضة أطفال ؟ " .
هزت ايما رأسها واجابت بهدوء :
" لا . كنت ممرضة في احد مستشفيات لندن، ولكن تمضية بضعة اشهر في جزر البهاما كانت فرصة ذهبية لم ارد تفويتها".
وقالت ايما لنفسها ان الوضع الحقيقي تغير بصورة جذرية ز فبينما كانت مسألة استخدامها في البداية امراً مؤلماً ومذلاً للغاية ، اصبحت مهمتها الآن ممتعة الى حد كبير ...على الرغم من بعض المواجهات العنيفة مع دايمون . وشعرت بأنها اصبحت تفضل البقاء في البهاما اكثر من لندن ، ولكن دايمون فقط يظل ذكريات من الماضي تداعب قلبها وعواطفها وسمعت هيلين تسالها بحشرية واضحة :
"انا ....انا تقدمت اليها عندما قرأت اعلاناً عنها " .
" هل اعلن عنها ؟ هذا امر غير مألوف بالنسبة الى دايمون . فهو يطلب عادة من أحدى الشركات او الوكالات المتخصصة استخدام موظفيه " .
احمر وجه ايما واضطرت للمضي في كذبتها البيضاء ، فقالت :
" في هذه الحالة اعلن عن الوظيفة مباشرة " .