كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
ان غرور جايك عائد في معظمه الى هذا الاهتمام القوي الذي يحظى به في أي مكان وزمان وكادت الا تلاحظ أن نظرات الرجال الموجودين في القاعة لم تجذبها شخصية جايك...بل جمالها هي...جمال وجهها الهادئ وجمال قدها الرشيق.
كان جايك يبدو كئيبا طوال الفترة التي امضياها في تناول طعام العشاء لم يتحدث الا نادرا واكتفى ببضع كلمات يرددها بايجاز كلما علقت هيلين بشئ عن الطعام أو الفندق أو المطر وشعرت بأن عليها أن تقول شيئا بين الفترة والاخرى كيلا يظن الأخرون المهتمون بهما أنهما متخاصمان ولا يتكلمان مع بعضهما.
واخيرا وعندما كانا يشربان القهوة تطلعت هيلين به فجأة وقالت له بكثير من الحدة:
" الشخص الذي كنت أتحدث معه على الهاتف قبل مغادرتنا البيت ليس الا جنيفر. انها هي التي دعتنا سوية الى العشاء مساء الأحد "
لم يتفوه جايك بشئ فعيل صبرها وسألته مستغربة:
" هل سمعت ما قلته لك؟ "
رفع رأسه قليلا وقال لها بهدوء مزعج:
" نعم سمعتك يا هيلين "
" حسنا! اليس لديك ما تقوله؟ "
" وماذا تريدينني أن أقول؟ "
ضغطت هيلين بشدة على شفتيها عندما لاحظ أنها على وشك البدء بالبكاء.
يا للسخرية فلأنه قرر الجلوس عابسا ومقطب الجبين هكذا بسبب جدالهما اضطرت هي الى التفسير والتوضيح مرة أخرى ومنحته بالتالي فرصة جديدة لأذلالها وتحقيرها وبدون أن ترد على سؤاله وقفت فجأة وخرجت من قاعة الطعام.
اخذت معطفها والقته على كتفها بلا اكتراث وخرجت الى العراء غير آبهة بالهواء البارد الذي كان يصفعها وبالمطر الغزير الذي كان يبللها بلا شفقة أو رحمة.
سارت بسرعة نحو السيارة ولكنها بالطبع وجدتها مقفلة. زررت معطفها ورفعت ياقته ووضعت يديها في جيبي المعطف واخذت تعض شفتيها بقوة لتمنعهما من الارتجاف وأسنانها من الاصطكاك.
لم تشعر بطوال حياتها الفتية بمثل هذه التعاسة.
سمعت صوت الباب يغلق ويفتح وشاهدت جايك يسير نحوها بعصبية ظاهرة ويوجه اليها نظرات حادة وقاسية وخاصة بعد أن رأى شعرها المبتل ووضعها المزري.
لم يقل شيئا بل فتح باب السيارة بسرعة واخذها بذراعها ودفعها بقوة الى الداخل.
أغلق الباب بعنف وكأنه يريد تحطيمه ثم توجه الى الناحية الثانية وفتح بابه وجلس وراء المقود وفجأة استدار نحوها وكانت هيلين تجلس صامتة بدون حراك تنتظر الغضب الصاعق ولكن قبل أن يصل توترها الى أشده سمعته يقول لها بصوت خافت ومتردد:
" حسنا, حسنا أنا آسف "
تطلعت به هيلين وقد أصابتها الدهشة واتسعت عيناها استغرابا ورددت كلماته كالصدى وهي لا تكاد تصدق ما سمعته اذناها:
" أنت...أنت آسف؟ "
" نعم, نعم! اللعنة يا هيلين ماذا تريدين مني أن اقول أكثر من ذلك؟ حسنا لقد تصرفت معك بقسوة ووحشية ولم اصدقك. أما الآن فاني أصدقك "
" أوه جايك! "
وانهمرت دموعها حارة على خديها ولاحظت أنها تبكي مع أنها حاولت جاهدة اخفاء ذلك عنه بوضع يدها على خديها وكأنها تفكر فقال لها باصرار وهو يوجه اليها نظرات ذات معان كثيرة:
" بربك يا هيلين قلت لك انني متأسف. لا تبكي, بحق السماء, لا تبكي! أنا لا استحق هذا البكاء صدقيني "
حركت رأسها ببطء من صوب الى آخر وقالت له متمتمة ويدها تشد بقوة على فمها:
" دعني أرجوك...سأشعر بتحسن بعد لحظات "
" كفى يا هيلين! كفى يا امرأة! "
وضمها نحوه واضعا رأسها على صدره ومربتا بيده الأخرى على رأسها بحنان ظاهر.
كانت تلك المرة الأولى منذ زواجهما التي تقترب فيها منه الى هذا الحد ولذا ظلت على تلك الحالة عدة دقائق مرتاحة البال وسعيدة بذلك الشعور من الأمان والطمأنينة الذي أوحاه لها قربه منه على هذا الشكل.
وعندما هدأت دموعها تخف تدريجيا اخذت هيلين تشعر بأحاسيس مثيرة آخرى خافت أن تقلقها وتقض مضجعها في وقت لاحق.
اعجبها دفء جسده وقوته عضلاته وطيب الرائحة التي تفوح من جسمه! ومع أنها شعرت انه لابد من الابتعاد عنه قليلا لتجفيف دموعها الا أنها لم تكن راغبة على الاطلاق.
كانت تريد البقاء هكذا دهرا...ولكنه افقدها المبادرة فقد ازاحه عنه برقة واعادها بحنان الى وضعها السابق في المقعد المجاور ثم اطفأ النور الداخلي للسيارة واشعل سيكارة قبل أن يدير المحرك وينطلق بهدوء وروية.
لم يقل شيئا بعد ذلك وكانت هيلين مسترخية في مقعدها ترتجف! لقد لاحظت فجأة وللمرة الأولى في حياتها انها لا تجد لمسة الرجل أمرا مستهجنا أو غير مرغوب فيه.
.....................نهاية الفصل الرابع..................
|