كاتب الموضوع :
اماريج
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
-3الوحدة القاتلة
..........................
كان المطعم في هذا الوقت من الصباح غاصا بالزبائن ومعظمهم من سيدات المجتمع الأنيقات اللواتي اخترن هذا المكان للقاء بعضهن بين فترات التسوق الصباحية وفي هذا الجو الذي يعج بالضحكات والثرثرة ويعبق برائحة العطور النادرة والباهظة الثمن كانت هيلين وجنيفر تشربان القهوة وتأكلان الحلوى.
وفيما كانت جنيفر على وشك البدء بقطعة كبيرة ثانية من الحلوى تطلعت بقوامها منتقدة وقائلة:
" يجب أن أحاول بجدية حقيقية الحد من تناول الحلويات لن افرح كثيرا إذا أضفت إلى وزني بضعة كيلوغرامات أزياء العصر لا تتناسب مع السمنة "
نظرت إليها هيلين وقالت بلطف:
" لا اعتقد أن هناك خطر على قوامك يا عزيزتي انك نحيلة وذات قد جميل "
" نعم ولكن إلى متى أظل هكذا إذا واصلت التهام هذا القدر من الحلويات؟ "
ثم تنهدت وتابعت حديثها:
" هل تذكرين عندما كنا في المدرسة؟ كنا نأكل كميات ضخمة ولا ترف لنا عين! ولذا أعجب من تزايد وزننا كلما تقدمنا في السن "
قالت هيلين:
" اعتقد أن السبب الرئيسي يعود إلى قلة الحركة والتمارين بالمقارنة مع أيام الدراسة. اذكر أننا كنا نمارس السباحة بكثرة كما كنا نمضي عدة ساعات في الاسبوع في ملاعب كرة المضرب "
ابتسمت جنيفر ثم قالت:
" اوه نعم كرة المضرب! كنت جيده جدا في تلك اللعبة "
هزت هيلين رأسها وتنهدت بارتياح. ذكريات ايام الدراسة اراحت اعصابها نوعا ما.
في تلك الايام كانت تربطها بجنيفر صداقة متينة فلماذا تغيرت العلاقة الى هذا الحد؟ بالطبع انهما الان متزوجتان وكل منهما اصبح لها بيتها ومسؤولياتها وواجباتها.
ولكن المسألة لا تقتصر على ذلك فالمشكلة انه لم تعد تجمع بينهما تلك القواسم المشتركة وتلك الاهتمامات المتبادلة.
وفجأة سألتها جنيفر ببساطة مصطنعة:
" بالمناسبة...كيف حال جايك هذه الايام؟ "
رفعت هيلين فنجان القهوة مرة اخرى وقالت:
" بخير, على ما اعتقد...انه مسافر "
" مسافر؟! مرة اخرى؟ "
لم ترفع هيلين نظرها عن فنجان القهوة ولكنها أوضحت بشئ من التردد:
" انه ألان في شمال انجلترا ذهب لتفقد معمل للكيماويات "
" وماذا حدث تلك الليلة بعد حفلة الاستقبال في السفارة؟ هل كان منزعجا كثيرا من ظهور كيث على ذلك الشكل؟ "
كانت هناك حشرية واضحة في أسئلتها ونظراتها وشعرت هيلين أيضا بأن روحا من الشماتة تغلف هذه الأسئلة.
نظرتها إلى جنيفر اختلفت كثيرا بعد الكلام الوقح الذي سمعته عنها من جايك بنفسه ومع أنها حاولت أن تقنع نفسها بعدم صحة ما قاله فقد ظلت تراودها بعض الشكوك حول تصرفات صديقة الدراسة ولكن...أليس من الممكن أيضا أن يكون ذلك هدف جايك بالذات؟ فرق تسد...هزت رأسها وأعادت الفنجان الفارغ إلى الطاولة.
مهما كان الأمر فالواضح أن جنيفر تبدي اهتماما غير عادي بمجمل القضية وعليها بالتالي أن تدرس جوابها بدقة قبل أن تتفوه بأي كلمة قد يساء فهمها أو تنقلب ضدها:
" ولماذا يتضايق عندما يكون هو ذاته الذي اعد لذهابي مع كيث إلى الحفلة الموسيقية؟ "
بدت جنيفر غير مرتاحة لهذا الرد فعادت إلى السؤال:
" هل تعنين انه لم يكن متضايقا أبدا؟ "
تنهدت هيلين وأجابتها بهدوء:
" أنا لم اقل ذلك بالضبط ما قلته هو أن جايك لا يجب أن يتضايق لأنه هو الذي اعد لحضوري تلك الحفلة مع كيث "
" اعتقد انك أنت المذنبة بحق نفسك عندما تسمحين له بهذا التسلط. أنا لا يمكن أبدا أن ادع جايلز يتصرف بحياتي بمثل هذا الشكل! "
ابتسمت هيلين وقالت:
" جايك ليس هكذا على الإطلاق واعتقد أن الترتيبات المتفق عليها فيما بيننا تسير بصورة حسنه وطبيعية "
" ماذا! ماذا تحاولين قوله يا هيلين؟ جايك مسافر معظم الوقت وأنت قابعة في البيت تنتظرين! هل تعتقدين إنني اسمح لجايلز بالذهاب وحده إلى تلك الأمكنة الرائعة والمثيرة؟ لا, وحقك لا! أني أصر على الذهاب معه كل مرة يغادر فيها لندن "
|