6
***
**
*
مرت أربعة أشهر على خطبتى من " على " ، و خلال هذه الفتره كان على يعاملنى برقه ، و يحاول أرضائى بشتى الطرق و الوسائل ، لذا فحين طلب منى أن نعجل بزفافنا ، لم أمانع و وافقت دون تفكير . .
و لأننى لم أكمل جهازى بعد فقد تغيبتُ عن المدرسه و بدأتُ فى شراء ما ينقصنى . .
و فى الحقيقه أن هذا ليس فقط السبب فى تغيبى عن الدراسه ؛ فإن السبب الأساسى تعرفونه جيداً . . ألا و هو إياد . .
فمنذ أن قال لى ( أنتِ لن تتزوجى من على ) و أنا أشعر بالخوف منه . .
صحيح أنه كان بأمكانى أن أخبر على بما قاله لى إياد ، لكننى خشيتُ أن يتعاركا و يؤذى أحدهما الأخر . .
و بما أن إياد كان ضخماً ، عظيم البنيان ، فستكون يد الغلبه بطبيعة الحال له هو !
على أى حال أعتقد أن الأمر هكذا قد أنتهى . .
كنتُ جالسه أشاهد إحدى المسلسلات فأقبلت دره و تناولت منى أداة التحكم عن بعد الخاص بالتلفاز ( الريموت ) و أخذت تقلب القنوات قائله :
" دعكِ من هذا المسلسل السخيف . . بعد قليل سيبدأ برنامجى المفضل . "
هززتُ كتفاى و لم أعلق ، بينما تابعت دره :
" بالحلقه السابقه عرضت مذيعة البرنامج قصة فتاه كان زفافها بعد أسبوع واحد فأتى أبن عمها و شوهها تماماً .. مسكينه هذه الفتاه . . لقد كانت جميله قبل الحادث . . "
وضعتُ يدى على قلبى بحركه تلقائيه و قلتُ بذهول :
" لماذا فعل هذا ؟ "
دره مطت شفتيها قائله :
" لأنه يحبها ويريد الزواج منها وهى رافضه أياه تماماً . "
قلتُ مُستهجنه :
" ألأنه يحبها يقوم بتشويهها ؟ ! أى حب هذا ؟ ! "
دره قالت :
" رُبما كان مريض نفسى . . لستُ أدرى لما لا يضعونه هو و أمثاله بمستشفى المجانين و . . . . ؟ ! آه . . ها قد بدأ البرنامج . "
أنشغلت دره بعد ذلك فى مشاهدة البرنامج ، أما أنا فلم أستطع التركيز بمشاهدة البرنامج و أخذت عبارة دره تتردد بأذنى . .
( كان زفافها بعد أسبوع واحد فأتى أبن عمها و شوهها تماماً )
( كان زفافها بعد أسبوع واحد فأتى أبن عمها و شوهها تماماً )
كما أخذت عبارة أياد أيضاً تتردد بأذنى . .
( أنتِ لن تتزوجى من على )
( أنتِ لن تتزوجى من على ) !
أيعقل أن يفعل إياد هذا بى أيضاً ؟
لا . . لا أظن . . ليس لهذه الدرجه . .
رُبما كان إياد سخيف و مجنون لكنه لا يمكن أن يفعل شيئاً مثل هذا . .
لا يمكن أبداً . .
*-*-*-*-*
بدأ العد التنازلى .. و ما عاد يفصلنى عن الزفاف سوى يوماً واحداً فقط ..
لن أستطيع أن أقول لكم أننى سعيده مائه بالمائه ؛ فأنا حتى الأن لم أشعر بأى مشاعر خاصه نحو على ، لكنهم يقولون أن الحب سيأتى فيما بعد . .
و لا تسألوننى من هم هؤلاء الذين يقولون هذا ؛ لأننى لا أتذكر كم عددهم ، فإن المتطوعين بأبداء الرأى كثيرون !
على أى حال أننى أ أمل أن يأتى الحب فيما بعد و . . . . .
قاطع تأملاتى صوت رنين هاتفى المتواصل ، فنظرتُ إلى رقم المُتصل فوجدته رقم على . .
أجبت على الأتصال قائله :
" أهلاً على . . "
أتانى صوتاً رجولياً غريباً يقول :
" السلام عليكم . . الأنسه دانه معى ؟ "
قلتُ بأستغراب : " أجل . "
أجاب الرجل بعد فتره :
" لقد أصيب على فى حادث طريق و . . . . "
لم أدعه يتم جُملته إذ أننى قاطعته قائله بذعر :
" ماذا أصابه ؟ هل هو بخير ؟ "
أجاب الرجل :
" فى الحقيقه .. إصابته ليست خطيره ، لكنه فاقد الوعى تماماً . "
سألته بشغف :
" وأين هو الأن ؟ هل هو بالمستشفى ؟ "
قال :
" كلا . إنه بمنزلى . "
قلتُ بحسم :
" أذن . . أعطى عنوانك و أنا قادمه . "
أرتديتُ ملابسى بسرعه و بلا أهتمام ، و غاردتُ حجرتى و أنا أترنح فى مشيتى و أكاد أتعثر . .
قابلتُ دره فى طريقى لباب الشقه ، و حين رأتنى مرتديه ملابسى كامله قالت بدهشه :
" دانه ! إلى اين أنتِ ذاهبه ؟ "
قلتُ :
" لدى مشوار . . لن أتأخر . "
دره قالت :
" أين هذا المشوار ؟ أنتظرى . . "
إلا أننى لم أجيبها و غادرتُ المنزل بسرعه و أستقليتُ سيارتى ، و أنطلقتُ إلى العنوان الذى أعطانى أياه ذلك الرجل . .
وكان ذلك العنوان بمزرعه تبعد كثيراً عن منزلنا ، فأستغرق وصولى إليها حوالى نصف ساعه . .
وأخيراً وصلتُ إلى العنوان . .
و كان المنزل مكون من طابقين و يشبه فى تصميمه المنازل الريفيه الأمريكيه ، حيث أن أسقفه على شكل مظلات مثلثه و مقلوبه . .
و فى الحقيقه بدا لى مُخيفاً ، حتى أننى فكرتُُ فى الهرب من هذا المكان لولا أن غادر المنزل شاباً فى منتصف العشرين و أقترب منى قائلاً :
" أنتِ الأنسه دانه . . أليس كذلك ؟ "
أومأتُ برأسى إيجاباً ، فتابع الرجل :
" أنا من خابرتكِ فى الهاتف . "
قلتُ مباشرة :
" أين على ؟ "
أجاب :
" فى الطابق الثانى . . تعالى معى . "
وقادنى إلى داخل المنزل وصعدنا إلى الطابق الثانى ، ودخل إلى إحدى الحجرات قائلاً :
" تفضلى هنا . "
دلفتُ إلى الحجره التى كانت تحوى سرير ، و خزانة ملابس ، و مكتب ، و عدة مقاعد أسفنحيه كبيره !
نظرتُ إلى ما حولى بحيره و قلتُ :
" ما هذا ؟ أين على ؟ "
أجاب الشاب بهدوء :
" الطبيب بحجرته الأن . . حين ينتهى من فحصه سأتى لأصحابكِ إلى حجرته . "
سألته بقلق :
" هل هو بخير ؟ "
فأجاب :
" أجل . . أطمئنى . . إنه بخير . "
و غادر الشاب الحجره . .
ظللتُ أذرع الحجره ذهاباً و أياباً بتوتر لمدة نصف ساعه دون أن يأتى ذلك الشاب !
هل يستغرق فحص " على " كل هذا الوقت ؟
أتمنى ألا يكون الأمر خطيراً . .
فى هذه اللحظه سمعتُ صوت أقدام بالخارج ، فتوقفتُ عن الحركه ، و أخذتُ أرهف السمع ، إلى أن بدأ صوت الأقدام يقترب من الحجره حتى توقف صاحب هذه الخطوات أمام باب الحجره المفتوح و وقف ساداً فتحته بجسده الضخم . .
أطلقتُ شهقة ذعر ، و أتسعت عيناى بدهشه ، و أنا أقول بذهول : " أنت ؟ ! "
أبتسم إياد و قال بسخريته المعهوده :
" هل تجديننى مألوفاً يا أنسه ؟ "
*-*-*-*-*
تتبع