لأننى نمتُ طويلاً فى الحافله أثناء رحلة العوده ، فلم يكن لدى رغبه فى النوم بعد وصولى إلى المنزل ، فأخذتُ حماماً منعشاً ، أزال عن جسدى أرهاق اليوم بأكمله ، ثم ذهبتُ إلى الفراش ، و أضأتُ القنديل ( الأباجورة ) المجاور لفراشى ، و تناولتُ من أرفف المكتبه رواية ، و أخذتُ أقرأها علها تساعدنى على النوم . .
لكننى شردتُ تماماً بعد قراءتى لأول صفحه ، و أخذتُُ أفكر بما قاله لى على اليوم أو بالأدق برد فعل إياد عليه . .
ألا توافقونى بأن رد فعله كان غريباً بعض الشئ ؟ !
بل كان غريباً جداً أن يتخلى إياد عن سخريته المعهوده فجأه و يتحدث إلى بأهتمام و جديه !
لن أنكر أننى كنتُ قاسيه معه كثيراً ، و أننى أشعر بالندم على هذا لكنى لا أتحمل أن يدس أنفه فى كل صغيره و كبيره تخصنى كأنه ولى أمرى . .
على كل ٍ ، أنا أنوى الأعتذار له غداً حين أقابله ، كما أننى أنوى أيضاً رفض عرض على بأدب . .
ظلت الأفكار تلعب برأسى ، إلى أن أعيانى التفكير بعد فتره و رحتُ فى سباتٍ عميق ..
أستيقظتُ فى تمام الساعه التاسعه ، و بما أن اليوم هو يوم السبت - و هو أجازه رسميه - فلم يكن علىّ الذهاب المدرسه . .
أزحتُ الغطاء جانباً ثم نهضتُ عن فراشى ، و أخذتُ أمدد أطرافى بنشاط ، ثم ذهبتُ لأفتح النافذه وأزيح الستائر عنها لأسمح لنسمات الهواء العليله فى الدخول إلى غرفتى ، و الشمس بأضاءة الغرفه ..
ولم أستطع مقاومة منظر حديقة المنزل التى يعتنى بها أبى و يملأها بالزهور الملونه الجميله ، فظللتُ واقفه لفتره أتأمل الحديقه و أستنشق الهواء العليل المختلط برائحة الفل و الياسمين . .
يا له من صباح جميل !
بعد فتره من الزمن أقبلت أمى و قالت :
" هل أستيقظتِ ؟ كنتُ أتيه لأوقظكِ . . لقد أنتهيتُ من إعداد الفطور . . هيا تعالى وشاركينا الطعام . "
قلتُ لأمى :
" حسناً . . سأغسل وجهى و أوافيكم . "
حين ذهبتُ إلى حجرة المائده كانت أمى و " شقيقتى الصغرى دره " - التى تصغرنى بعامان - قد أتخذا مجلسهم حول المائده ، فألقيتُ على دُره تحية الصباح ، و جلستُ بجوارها ، و أخذتُ أتناول طعامى بشهيه ..
سألتنى دره فيما كنتُ أشرب القهوه بعد أنتهائى من تناول الطعام :
" كيف كانت الرحله ؟ "
قلتُ :
" كانت رائعه . . أستمعتُ كثيراً بوقتى . . و أعتقد أن الفتيات بدأوا يألفونى . . "
أمى قالت :
" أذن كان فهمى على حق . "
قلتُ :
" طبعاً . . و هل يخطئ خالى فى شئ أبداً ؟ "
دره قالت :
" أخبرينى يا دانه كيف حال ذلك المدرس الخفيف الظل ؟ صحيح ما أسمه ؟ "
كانت تقصد الأستاذ إياد . . فهى تجده خفيف الظل بالرغم من سخافته !
قلتُ :
" أسمه إياد . . و هو بخير . "
دره قالت مُبتسمه :
" يا له من أسم جذاب . . هل هو جذاب هكذا مثل أسمه ؟ "
أمى نظرت إلى دره بحده و نهرتها قائله : " دره ! "
إلا أن دره واصلت أسألتها قائله :
" هل ذهب معكِ إلى الرحله ؟ ! "
قلتُ : " بلى . "
قالت دره مُبتسمه :
" كم أتمنى رؤيته ! "
ضحكتُ و قلتُ :
" لا أراكِ الله شيئاً بشعاً . "
*-*-*-*-*
تتبع