3
***
**
*
منذ أول لحظه وقعت فيها أنظارى على وجه دانه الجميل و أنا أشعر بنبضات قلبى تخفق بلا هواده كلما ألتقيتُ بها . .
صحيح أننى أستنكر معظم أفعالها ، و أسخر منها دائماً ، و أحاول مضايقتها بشتى الوسائل و الطرق ، إلا أن كل هذا ليس سوى غلاف سميك ، أغلف به مشاعرى نحوها ، التى برغم الأشهر القليله التى عرفتها خلالها ، أخذت تنمو و تكبر ، حتى أحتلت حجرات قلبى الأربعه بأكملها . .
و بدون أن أشعر وجدتُ نفسى مهوساً بها ، و أعتبرتها شيئاً خاصاً بى .. و ملكاً لى . .
و من يجروء على الأقتراب منها مسافة عشرة أمتار فقط ، سأسحقه سحقاً . .
لن أتحدث عما حدث اليوم - بشأن عرض على للزواج منها - لأن هذا الزواج لن يتم طالما أنا حى أرزق . .
و الأيام ستثبت لكم صدق قولى . .
و ستعرفون أننى فعلتُ الكثير . . و الكثير جداً لكى لا يتم هذا الزواج . .
قد تعتبرون هذا جنوناً .. أو رُبما أشد درجات الجنون .. لكنى لا أهتم لرأيكم بى ؛ لأن أهتمامى فى هذه اللحظه منصب على تلك الفتاه التى تبلل قدميها بمياه البحر ، و التى تعبث نسمات الهواء بشعرها الحريرى لتنثره حول وجهها ، فتبدو بهذا لوحه رائعة الجمال ، من صنع الخالق عز وجل . .
ظللتُ لفتره لا أعلمها أتأملها مأخوذاً بكل شئ بها . . ببشرتها الخمريه النقيه كبشرة الأطفال . . و ملامحها الرقيقه البريئه . . و عيناها اللتان فى لون الربوع الخضراء اللتان تزينهما أهداب طويله بنيه . . و شعرها البنى الحريرى الذى يصل إلى نهاية ظهرها والذى دائماً ما ترفعه على هيئة ذيل الحصان . . إلى أن أقترب منها على ، و شوه جمال اللوحه . . بل و شوه جمال الكون بأكمله . .
نهضتُ من مكانى فجأه كمن لدغه عقرب ، و أقتربتُ منهما قائلاً لدانه :
" هل لا عدتِ إلى مكانك يا دانه ؟ فأنا سأذهب للسباحه ، ولا يوجد أحداً ليراقب متعلقاتنا سواكِ . "
طبعاً لن أتركه يتحدث معها و لو للحظه واحده !
دانه رشقتنى بنظره حاده ، ثم عادت لتجلس تحت المظله ، بينما أخذ على يشيعها بنظراته !
وكدتُ أنا أقتلع عينيه من محجريهما !
أقتربتُ من على و قلتُ له :
" لا أظن أنك أكتفيت من السباحه .. "
على أبتسم و قال :
" بل أظننى أكتفيتُ من السباحه بالفعل . "
يقصد بذلك أن يذهب ليجلس مع دانه !
و ما كان منى إلا أن أحطتُ كتفيه بزراعى قائلاً :
" لكنى .. كنتُ أفكر فى أن نتسابق و نرى من منا سيصل إلى حاجز الأمواج هذا قبل الأخر. "
على قال :
" سأستريح الأن و نتسابق فيما بعد . "
قلتُ أستفزه :
" أنت خائف من مواجهتى أذن ؟ "
وما كان من على إلا أن قال :
" أذن .. تعالى لأريك كيف سأسبقك . "
وبدأنا فى السباق ، و طبعاً كان الفوز من نصيبى . .
وحين عدنا لنجلس تحت المظله ، كانت الأستاذه سلمى ، و الأستاذه أميمه قد حضرا ، وبرغم هذا كان علىّ أن أجلس بين على ودانه لكى لا يدور بينهما أى حديث ..
وطوال الرحله بقيتُ ملازماً لدانه كظلها ، ومراقباً لها ، وحائلاً قوياً ومنعياً بينها و بين على ..
وفى طريق العوده كانت دانه تجلس بجانب سلمى ، وكانت نائمه معظم الوقت ، أما أنا فلم يغمض لى جفن ، و ظللتُ ساهراً إلى أن وصلنا إلى المدرسه من جديد ..
كانت خيوط الفجر قد بدأت تزحف إلى السماء لتعلن عن بداية يوم جديد حين غادرتُ الحافله ، فأستقليتُ سيارتى عائداً إلى منزلى ..
فى الحقيقه كان التعب قد أضنانى ، و الأرهاق قد بلغ بى مبلغه ، فأستلقيتُ على فراشى و رحتُ بسرعه فى سُباتٍ عميق ..
*-*-*-*