كاتب الموضوع :
أم ساجد
المنتدى :
القصص المكتمله
حين أفقتُ من نومى كانت الشمس ترسل أخر شعاع لها إلى السماء و قد تسلل هذا الشعاع من نافذه الحجره الزجاجيه ليخف من حدة الظلام بالحجره . .
لم أدرك للوهله الأولى أين أنا ففركتُ عينى و ظللتُ أحدق فيما حولى فى محاوله لتذكر سبب وجودى بهذه الغرفه . .
و بينما كنتُ أدور ببصرى فى أرجاء الحجره أصطدمت نظراتى بنظرات إياد التى أنعشت ذاكرتى فجأه و جعلتنى أنتفض ذعراً و أقفز من مكانى و قد أمتدت يدى تلقائياً لتغلق أزار قميصى العلويه ، و قلتُ بحده لا تخلو من الخوف :
" لماذا تجلس هكذا ؟ ماذا تريد ؟ "
إياد أشار لى بأن أهدأ و قال برقه :
" أهدأى يا عزيزتى . . أنا لن أؤذيكِ بأى شكل من الأشكال . . "
قلتُ :
" أذن ماذا تسمى أحتجازك لى هنا ؟ "
قال متجاهلاً عبارتى :
" أريدكِ أن تثقى بى ثقه عمياء ، و أن تطمئنى على أنكِ حين تغادرين هذا المكان ، ستغادرينه و أنتِ فى أحسن حال . "
و نهض من مكانه و ألتقط عدة أكياس من فوق إحدى المقاعد و أخذ يخرج ما بهم قائلاً :
" أحضرتُ لنا العشاء . . آه . . بالمناسبه هل تحبين شطائر الجبنه المقليه و الهمبورجر ؟ "
قلتُ بحسم :
" أنا لن أتناول أى شئ . "
إياد توقف عن إخراج مُحتويات الأكياس و نظر إلىّ متسائلاً :
" ماذا تقصدين ؟ "
كررتُ جُملتى بحده :
" أقصد أننى لن أتناول أى شئ . "
قال :
" تقصدين اليوم ؟ "
قلتُ :
" لا . . بل كل يوم . . إلى أن أعود إلى منزلى طبعاً . "
إياد قال بحسم :
" قلتُ لكِ أننى لن أسمح لكِ بمغادرة هذا المكان . "
قلتُ :
" لكن هذا ليس عدلاً . . أنك بهذا ستجعلنى أخذل أهلى . . هل تعرف ما معنى أن يلغى الزفاف قبل موعده بيوم و احد لأن العروس هربت مع رجلاً أخر ؟ إنكِ بهذا ستجلب العار لأهلى و لى ؛ فمن سيقبل أن يتزوج بفتاه هربت مع رجلاً قبل زفافها ؟ ! "
إياد عقب على جُملتى مباشرة و قال مُنفعلاً :
" أنا لم أفعل كل هذا لأتركك تتزوجين من رجلاً غيرى فى النهايه . "
رمقته بنظره مستهجنه و صرختُ به :
" و من قال أننى سأقبل الزواج منك ؟ "
إياد قال بتحدى :
" أنا قلتُ هذا . . و هذا ما سيحدث أجلا ً أم عاجلا ً . "
قلتُ بمزيج من الدهشه و الأستنكار :
" هل سترغمنى على الزواج منك ؟ "
إلا أن إياد هز رأسه نافياً و قال :
" بل سأتزوجكِ بكامل رغبتكِ و أرادتكِ . . و الأيام بيننا يا دانه . "
صرختُ به :
" أنت واهم . . فأنا لن أقبل الزواج منك وإن أنطبقت السماء على الأرض . "
إياد قال بهدوء :
" هل أسجل هذا الكلام و أسمعكِ أياه يوم توافقين على الزواج منى ؟ "
عدتُ أصرخ به :
" أنا لن أتزوجك . . بأى لغه تفهم أنت ؟ أنــا لــــن أتـــزوجـــــك . "
إياد تنهد و قال بأسى :
" وليكن . . هيا تناولى الطعام قبل أن يبرد . "
عقدتُ زراعاى أمام صدرى و و ليته ظهرى قائله بحده :
" لن أتناول أى شئ . "
هز كتفيه قائلاً :
" أضربى عن الطعام كيفما شئتِ . . لكن لا تظنين أنكِ بهذا ستؤثرين علىّ . "
قال هذا و أخرج الشطائر و أخذ يتناولهم أمامى بنهم . .
" أمممممم . . الطعام شهى للغايه . . ألن تغيرى رأيك يا حبيبتى ؟ "
رمقتُ إياد بنظره حاده و ذهبتُ لأتطلع من النافذه معلنه بذلك رفضى للطعام . .
" أنا ذاهب لأنام . . سأترك لكِ الطعام فربما تغيرين رأيك . "
قلتُ بدون أن أنظر إليه :
" خذ الطعام معك ؛ فأنا أنوى البقاء بدون طعام حتى الموت . "
إلا أن أياد ترك الشطائر بمكانها ثم غادر الحجره . .
*-*-*-*-*فى حوالى الساعه الرابعه عصراً ، خرجت دانه من المنزل و حين سألتها عن وجهتها أخبرتنى أنها ذاهبه لمشوار هام ، و قبل أن أستفسر منها عن هذا المشورا أنصرفت . .
تصرفات دانه صارت غريبه مؤخراً . . ألا يقولون أن العروس عادة ما تكون عصبيه قبل الزفاف ؟
لكن دانه ليست عصبيه فقط ، لقد صارت حزينه و شارده معظم الوقت . .
إننى قلقه عليها جداً . .
من حين لأخر أذهب لأتطلع من النافذه و أترقب حضورها ، لكن ها قد مضت ساعه كامله على ذهابها و لم تعد بعد . .
قررتُ أن أتصل بها ، فأتجهتُ نحو حجرتى لأتصل بها من الهاتف الموجود بحجرتى ، إلا أننى توقفتُ فى منتصف الطريق و تسمرتُ فى مكانى حين أنطلقت صرخه من إحدى الغرف زلزلت المنزل بأكمله . .
هرعتُ إلى حجرة المعيشه لأجد أمى مستلقيه على الأرض و قد أغشى عليها تماماً . .
أخذتُ أهزها و أحاول أنعاشها بشتى الطرق إلا أنها لم تستجيب لى فتفاقم قلقى عليها و بينما كنتُ فى ذلك لمحتُ هاتفها الملقى بجانبها ، فألتقطته و هممتُ بالأتصال بأبى ليحضر الطبيب إلى المنزل ، إلا أن يدى توقفت حين لاحظت وجود تلك الرساله . .
" أسفه لأننى خيبت ظنكم بى ، لكنى لا أريد الزواج من على ، و سأتزوج من شخصاً أخر ، سامحونى . . دانه . "
تفاجأتُ بل صُعقتُ و كدتُ أسقط فاقده الوعى أنا الأخرى . .
لا . . مستحيل أن تفعل دانه هذا . . مُستحيل . .
صدرت عن أمى أنه جعلتنى أفيق من دهشتى و أتصل بأبى و أطلب منه أن يحضر الطبيب . .
لم تمض ِ نصف ساعه إلا و كان أبى قد أتى برفقة الطبيب الذى أخبرنا بخطورة وضع أمى و طلب نقلها إلى المستشفى . .
حملناها برفق و حذر إلى سيارة أبى فأنطلق أبى على الفورو بأقصى سرعه إلى أقرب مستشفى . .
و بعد أن تم فحصها بالمستشفى أخبرنا الطبيب أنها كادت أن تصاب بجلطه بالمخ لولا أن أسرعنا بالذهاب إلى المستشفى و تم أحتجازها هناك لتبقى تحت الملاحظه حتى لا تحدث لها مضاعفات لا قدر الله . .
ظللنا برفقة أمى إلى أن حل المساء ، أمى كانت غائبه عن الوعى معظم الوقت و كانت كلما أفاقت تسأل عن دانه و تقول بعض الكلمات المشتته . .
" أين دانه ؟ ! "
" هى لم تهرب أليس كذلك ؟ "
" أبنتى لا تفعل هذا أبداً . "
" غداً هو يوم زفافها ستكون عروس جميله . "
أبى تسأل عن معنى ما تقوله ، فلم أجد بداً من أن أخبره بما حدث . .
أبى صُدم لهذا الخبر الغير متوقع إلا أنه كان أشد تماسكاً من أمى و لم ينهار مثلها . .
فى الحقيقه أنا نفسى لا زلتُ لا أصدق ما حدث ؛ فإن دانه أعقل كثيراً من أن تفعل هذا !
أبى غادر المستشفى فى المساء بينما ظللتُ أنا برفقة أمى طوال الليل . .
و أخبرنا على بأن الزفاف تأجل بسبب أزمة أمى الصحيه و بهذا تم تأجيل الزفاف إلى أجل غير مُسمى .
*-*-*-*-*
تتبع
|