استيقظت جيني من قيلولتها, وبدات بتجهيز نفسها للسهرة وكان عليها الاستعجال فسيحضر مايك وآل لوكهارت لاصطحابها بعد ساعة.
اخرجت لها فستان ازرق طويل مصنوع من الحرير , وجلست بعد ان ارتدته امام المراة لتسرح شعرها , امسكت المشط واذا بها تتذكر ذلك الحلك الجميل واخذت تتساءل عن سبب ظهور هاريسون في حلمها, ايعقل ان تكون قد اغرمت به دون وعي منها؟
ابعدت جيني هاريسون عن تفكيرها وانشغلت بوضع المساحيق الخفيفة على وجهها ومن ثم اعادت وضع السلسلة الذهبية التي اعطاها اياها مايك والتي خلعتها قبل الاستحمام, وبعدها فتحت الدرج السفلي لاخراج لها حذاء مناسب ووقع نظرها على حذاء دون كعب.
نظرت جيني اخيرا الى نفسها وشعرت انها مستعدة للتوجه الى الاسفل, فلم ترى اي من غاري ومارثا فسالت عنهما اندريا والتي اخذت تمدح جمالها.
"لقد ذهبت السيدة ويلسون برفقة لويس الى النادي لملاقاة بعض من رفيقاتها ام السيد فانا لم اره منذ فترة الغذاء".
"حسنا, ساذهب الى المكتبة لاسلي نفسي بالقراءة, وعندما يحضر مايك اخبريني".
توجهت جيني الى المكتبة وهي تنوي قراءة تلك الرواية التي سبق ان راتها"الزوجة الغريبة". قرات في الامس الاختصار ونوت ان تقراها الا ان الفرصة لم تسنح لها, وما ان دخلت المكتبة حتة ندمت اذ انها قد وجدت غاري نائما على الاريكة.
راقبته جيني اثناء نومها وعلمت انه لا يختلف كثيرا عن غاري الرجل اليقظ, اذ يبدو انه المسيطر حتى في نومه فكل حركة يقوم بها كما لو انها تطيعه, فتذكرت قوله عند حضورها هذا المنزل اول مرة انه ينتظر من الجميع الطاعة دون استثناء.
استمرت بمراقبته وحين تحرك الى الجانب الاخر ارادت ان تخرج من هذه الغرفة الا انها كانت بطيئة كعادتها, فقد استيقظ غاري من نومه واخذ ينظر اليها بعينين تحملان تعبير لا تفهمه, فشعرت بالخجل حين فكرت انه يعلم بمراقبتها له, فلم ترد التفكير بسخريته الجارجة فتقدمت الى الامام لتخرج الرواية.
اقترب غاري منها ليقول:" ان هذه الرواية جيدة, فشخصيتها فتاة صغيرة ضعيفة, اخبريني هل تتضامنين مع الشخصية؟".
ارادت جيني الابتعاد عنه الا انها شعرت انه ملتصقةبها وكانت انفاسه الحراة تلفح رقبتها فالتفتت اليه وهي تقول بصوت حازم:"لم اقراها , اعجبتني الفكرة لكن لم تسنح لي الفرصة".
"انا متاكدة انها ستحجبك , عدا ذلك فهي فتاة حائة ايضا, فهي لا تعرف لمن ستسلم قلبها , لذلك الرجل الساخر دوما روبرت , ام ذلك الطبيب الطيب ايفري؟ هما الاثنان ايضا من عائلة واحدة فهم ابناء عم, الا تبدو لك القصة معروفة؟".
فهمت جيني الآم يلمح , فنظرت في عينيه لترى السخرية الحادة وارادت وقفه عند حده الا ان اندريا دخلت معلنة قدوم مايك, ممات دفعها لتنظر اليه باحتقار وبعدها تبعت اندريا الى غرفة الجلوس.
اقتربت جيني من مايك الذي يرتدي بذلة سوداء تزيد من جاذبيته, فقبلته بينما اخذ الاخير يدها ودارها حول نفسها وهو يقول :" انت جميلة جدا".
"شكرا, وانت ايضا لا باس بك".
"يكفي مجاملات , ان جورج ودرو ينتظراننا في السيارة".
صعدت جيني الى غرفتها لتحضر حقيبة يدها وهي تبتسم وتفكر ان على جورج ان يدفع ثمن عشاء شخصين اضافيين, وحين صعدا السيارة سالت جيني عن ديفيد وعلمت انها سيقابلهما في المطعم.
ابتسمت جيني وقالت مازحة:" انا اشفق عليك جورج , سوف تدفع ثمن باهضا الليلة".
ادار جورج السيارة وقال مبتسما:" يسعدني هذا, فهناك اسباب كثيرة, اولا احتفل بنجاح اصدقائي, ثانية دخول اطفالي الى الحضانة اما ثالثا وهو الاهم, حصول درو على علاوة في عملها".
ضحكت جيني منه ساخرة ومن ثم التفتت الى درو سائلة :" كيف الصغير؟ ارجو ان لا يكون قد سبب المتاعب".
"لدي اخرين , هل تذكرين؟ تركتهما مع الحاضنة , واخبرتها اننا قد لا نعود باكرا".
تكلم الجميع اثناء الطريق لقتل الوقت, عن كل ما خطر ببالهما حتى وصلوا المطعم, فترجلوا من السيارة فاعطى جورج المفاتيح لاحد العاملين لكي يوقفها في مكان اخر, ومن ثم دخلوا.
اراد الجميع الجلوس على طاولة من ستة مقاعد الا ان جيني ارادت الجلوس على طاولة ذات ثمانية مقاعد بحجة انها الابعد عن جهة المدخنين, وهذا افضل لدرو.
استدعى جورج النادل وطلب كل الموجودين الطعام الذي يوده وفي اثناء الانتظار طلب لهم جورج شرابا ليحتفلوا بالاسباب الذي سبق ان ذكرهم.
اخذت جيني تنظر الى ساعتها بخفة وهي تقول ان هاريسون قد تاخر كثيرا , واذا بها تراه عندما رفعت راسها ونظرت نحو الباب برفقة ساندي التي كانت ترتدي الفستان الابيض القصير, فتوجهت جيني بنظراتها اليه واذا بها تتذكر الحلم.
وفي النهاية ابعدت بصرها حتى لا يكتشفها احد, وانتظرت بفارغ الصبر قدوم هاريسون نحوهم.
"اصبحت هذه عادة ان نتقابل هنا".
رفع ديفيد بصره لينظر الى اخيه ومن ثم الى ساندي , فاستطاعت جيني رؤية المه لرؤية الاثنان معا, فابتسمت ابتسامة استطاع مايك رؤيتها فقرب راسه اليها وقال:" هذه خطة جميلة صغيرتي الغالية".
"ماذا؟".
"هيا عزيزتي, انني اعرفك جيدا".
ابتسمت جيني لمايك ابتسامة تدل على اعترافها بذنبها ومن ثم نهضا كما فعل الجميع.
"اردنا انا وساندي بعض الخصوصية لذا اتينا الى هنا, لكننا لم نتوقع ان نراكما جميعا , هل من مناسبة خاصة؟".
ابتسم ديفيد وقال:" اننا نحتفل بتاسيس شركة خاصة بنا, جورج من دعانا".
ضحك هاريسون وقال:" جورج من سيدفع؟ انا لا اصدق هذا... حسنا سنترككم وشانكم".
هم هاريسون وساندي بالرحيل الا ان جيني قد اوقفتهم قائلة:" نحن لا نمانع ان انضممتما الينا , اليس كذلك رفاق؟".
لم يمانع احد على هذا الاقتراح فعرفت جيني كل من مايك وهاريسون وساندي على بعضهما البعض, ومن ثم جلس الجميع. ازاح هاريسون الكرسي القريب منه والذي بجانب ديفيد سامحا لساندي لكي تجلس , ومن ثم لف من حول الطاولة ليجلس بالقرب من مايك ومقابل جيني.
انشغل هاريسون عن ساندي كما لو انه قد نسي وجودها واخذ يتحدث بشكل عام مع الجميع سواها كما كانت تنص الخطة, فحزنت جيني لضيق ساندي فاقتربت من ديفيد وقالت:" هيا ديفيد حارب من اجل حبيبتك, فهي لا تعني لهاريسون شيء".
"انها خطيبته".
"انه لا يستحقها, يبدو انه لا ولن يغرم بها ابدا, هل ستحكم عليها بالتعاسة؟".
انتبهت جيني الى هاريسون الذي كان يحدثها طالبا منها الرقص , فامسكت بيده متجهة الى الرقص وهي تنظر الى ديفيد وكانها تقول :" انه حتى لا يلتفت اليها".
"اظن ان الخطة تنجح, ان تصرفاتك تغضب ديفيد كثيرا".
"هذا جيد... انت تبدين جميلة جدا هذه الليلة".
ابتسمت جيني واخذت تراقص هاريسون , فلاحظت جورج يرافق درو الى قاعة الرقص بينما بقي مايك وديفيد الغاضب وساندي الحزينة.
انتبه هاريسون الى حيث تنظر جيني وقال:" كنت اود لو استطيع ان امحو الالم الذي يشعران به , انما علي ان احث ديفيد على التصرف".
"انا اوافقك الراي, لذا اظن ان عليك مراقصة درو بعد انتهاء هذه الرقصة".
"اتظنين هذا جيد؟".
"هذا سيثبت لديفيد انك لا تهتم مطلقا لامر ساندي مما يزيد من غضبه".
انتظرت جين انتهاء الرقصة حتى يستطيع هاريسون الرقص مع درو الحامل بينما رقصت هي مع جورج, كانت تذهب بنظراتها من وقت الى اخر نحو ديفيد وساندي, ها قد ذهب مايك وبقي الاثنان معا, رات جيني ديفيد يمسح دموع محبوبته من على خديها واخيرا اللحظة التي كان تنتظرها, قبل ديفيد ساندي.
فرحت جيني ونظرت الى هاريسون الذي كان ينظر اليها واشارت اليه براسه ان ينظر الى المائدة, وحين فعل ابتسم بدوره.
انتهت الاغنية وعاد الزوجان الى المائدة, فدهشا جراء ما يحدث فنظرا الى هاريسون الهادىء.
من شدة اشتياق ديفيد وساندي لبعضهما وانتظار اللحظة التي يكونا فيها معا لم ينتبها للرؤوس التي تقف فوق راسيهما مما دفع هاريسون للعطس معلنا وجودهم.
نهض ديفيد محاولا الشرح لهاريسون الا ان الاخير اوقفه قائلا ليبعد الحرج عنه:" كنت اتساءل متى ستفعل هذا".
"ماذا؟!".
"انا لست اعمى, لاحظت منذ وقت طويل انكما مغرمان ببعض, لذا كان علي القيام بعدة امور".
"ماذا تقصد؟".
حضر مايك وراى الجميع واقفون لذا سال:" ماذا حصل هنا؟".
ابتسمت جيني قائلة:" اخيرا تجرا ديفيد على المحاربة من اجل محبوبته".
نظر كل من درو وجورج الى بعضيهما وقالا:" هناك شيء يحدث ولا علم لنا به".
جلس الجميع وشرح هاريسون كل شيء كما اخبر جيني سابقا , وحين انتهى من حديثه نظر ديفيد الى جيني وسال:" اكنت تعلمين هذا؟".
ابتسم مايك وقال:" من تظنه دبر كل شيء هذه الليلة؟ اتفقا معا, اقصد تصرفاته الانانية".
نظرت جيني الى ديفيد وقالت:" انت صديق عزيز علي, لذا عندما اخبرني هاريسون الحقيقة رغبت بمساعدتك".
"هل يعلم ابي شيئا؟".
صمت هاريسون قليلا ومن ثم قال بنبرة جافة :" في الحقيقة لا, فالشخصان الوحيدان اللذان كانا يعلكان هما انا والسيد ريد, عندما اتى الى ابي بالخطة التي سبق ان رسمناها معا فضل ابي ان تقوم انت بخطبتها, لقد فكر انها تستطيع ان تقومك, لكن السيد ريد رغب ان تقترن ساندي بشخص مسؤول لذا قلت لابي انني معجب بها وارغب بالزواج منها, والباقي اصبحت تعرفه".
ها قد حضر العشاء فابتسم جورج وقال:" لديكم انتم ايها الاخوة اسباب اكثر للاحتفال, لذا اعتقد ان عليكم الدفع".
انتهت السهرة على الف خير وقد دفع جورج الحساب بما ان الدعوة دعوته, فغادر مايك برفقة آل لوكهارت بينما اصطحب ديفيد ساندي الى منزلها مما جعل هاريسون يرافق جيني.
ارقف هاريسون السيارة اما منزل عائلة ويلسون ومن ثم التفت الى جيني وقال:" هل توافقين على دعوتي للعشاء غدا؟".
"لا استطيع, غدا الاحد واريد قضاء اليوم مع ابني, اشعر كما لو انني لم اعد اقضي وقتا طويلا معه وذلك من ان دخل الحضانة".
"اذا اظن انني ساراك في الحفلة يوم السبت القادم, يمكنك دعوة مايك".
"سوف افكر, الى اللقاء".