الفصل الرابع:
مرت الايام والاسابيع بثقل وبطء شديد , وازدادت حدة النقاشات بين جيني وبريندا مما دفع غاري الى الجنون, ورفض التدخل فيما بينهما وهروبه الى العمل , هاربا من شعور غريب يغزو كيانه تجاه الاولى وشعوره بالذنب تجاه الاخرى.
خرجت جيني الى الحديقة من الباب الخلفي لتجلس على طاولة من الخشب, واذا بظل يقترب منها بعد ساعة من التامل.
" اخبرني لويس اين اجدك".
ابتسمت جيني بسخرية قائلة:" توقعت هذه, فهو يفضل ان تكوني انت سيدة هذا المنزل... ماذا تريدين بريندا؟".
"اريد ان اسالك ان كنت عازمة على النزول الليلة؟".
نظرت جيني الى بريندا ومن ثم سألت بحدة:" هل اخبرك غاري انه دعاني؟".
ابتسمت بريندا ومن ثم جلست لتقول بتاكيد:" طبعا انه يقول لي كل شيء".
التقت عينا جيني بعينا بريندا وسالت بخبث ومكر :" هل انت متاكدة انه يخبرك كل شيء؟".
" ماذا تقصدين؟".
" لا شيء, انما اتساءل ان كان قد اخبرك انه قد قضى معي ليلة تحت ضوء القمر؟... اقصد بعد حضوري الى هذا المنزل طبعا".
" انت تكذبين".
"لا, لا افعل, انها الحقيقة, اساليه لنرى ان كان سينكر ان واجهته بالامر... وعدا لك هل تعلمين اننا حين كنا نخرج معا اخبرني انني افضل امراة قد تعرف بها وانه لن يجد مثلي ابدا؟ ولا تنسي انه قد تعرف عليك قبل ذلك بسنتين... انا اعرف كل شيء عنكما, انت صديقته وامراة اسراره... تسلينا كثيرا بالتحدث معا عنك".
" انت امراة حقيرة ودنيئة جدا".
" هنا انت مخطئة, كل ما في الامر انني لست فتاة ساذجة مثلك, هلا تخبريني لما لم يتزوج غاري بك حتى الان؟ صحيح انني قد اوقفت زفافك , لكن لما لم تتزوجا لاحقا؟ انت تعرفين السبب... غاري لا يحبك, فهو كفراشة ينتقل من امراة الى اخرى, الفرق بيني وبينك انني قد اعترفت انني كنت لغاري مجرد امراة اخرى في طابور العديدات, اما انت غير مستعدة لفعل هذا".
"لن اسمح لك بتدمير علاقتي بغاري".
"لن افعل الكثير, فهو لن يتغير, اتريدين نصيحة؟ احضري برفقتك اليوم رفيق لتتكئي عليه عندما يكون غاري برفقة نساء اخريات, والان اعذريني علي الذهاب للاطمئنان على ابني".
نهضت جيني من مقعدها وابتعدت عدة خطوات الا انها عادت لتأخذ الهاتف الخلوي الذي نسيته فاستغلت بريندا هذا لتقول:" انا اراك تحملين هذا الهاتف ذهابا وايابا طوال الوقت, الم يتصل حبيبك بك بعد؟ انا متاكدة انه قد اكتشف حقيقتك وهي انك مجرد مخادعة لعينة".
مع ان جيني كانت تنتظر اتصال مايك بكل شوق الا ان نبرة صوتها لم تتغير وهي تقول بحدة:" انت محقة, فهو قد اكتشف انني اخونه مع غاري".
اسعدت نظرة الغضب والشك الموجودة في عيني بريندا جيني الا انها لم تعيرها الانتباه واتجهت الى داخل المنزل وهي تفكر انه بعد خمسة ساعات الحفلة المنتظرة.
دخلت جيني وهي ترى جميع العاملين منشغلين ومستعدين للحفل, ومن ثم سألت اندريا عن صغيرها:" انه في غرفة السيدة , ارادت ان تعتني به الا انه رفض الذهاب معها دون توفر وفي النهاية انصاعت لمطالبه".
ابتسمت جيني قائلة:" انه ابني, لا يسمح لاحد ان يقول له ما يفعله, اخبريني هل استطيع المساعدة بشيء ما؟".
" لا جيني, سنهتم بكل شيء".
"حسنا , انا في غرفتي ان سأل عني احدهم".
ذهبت جيني الى غرفتها وتمددت على سريرها وهي تحمل هاتف مايك دون ان تقطع الامل من اتصاله, واذا بها تغفو دون ان تعي الوقت. فشعرت ان احدهم يقفز على سريرها ففتحت عينيها لتجد انه جوي بينما توفر يجلس على الارض , فامسكت بابنها لترقده على السرير وتشبعه من قبلاتها وهي تقول:" انا الوحش, من الذي يفسد نومي؟".
" انا. نمت كثيرا".
اجابت جيني:" هذا غير صحيح".
" بلى. حضرت قبل ساعتين الى غرفتك, اردت ايقاظك الا ان جدتي قالت انك قد سهرت في الامس وانه علي تركك تنامين".
نظرت جيني الى ساعتها, فعلمت ان جوي محقا فالساعة السادسة مساءا فوضعت الملامة على مايك فهي فعلا لم تنم في الامس, وذلك لانها كانت تفكر به وبصحته وفيما اذا كان سيتصل قريبا ام انه مازال يرفض ان يمنح نفسه فرصة العيش.
"ما الذي فعلته اثناء نومي؟".
"خرجت للعب مع توفر, رايت كل التزيين فاخبرتني اندريا انه ستقام اليوم حفلة, لا علي ان اتناول طعامي والنوم باكرا".
"هذا صحيح. سوف اغسل وجهي , لاطعمك واللعب معك قليلا قبل موعد الحفلة". استعادت جيني نشاطها ومن ثم طلبت من اندريا تحضير عشاءا لجوي وبعد ان تناوله صعدت الى غرفته للعب معه.
"امي كم بقي من الوقت للحفلة؟".
نظرت جيني الى الساعة وقالت:" لم يبق وقت كثير, سوف يبدأ المدعوين بالولوج بعد اقل من نصف ساعة".
"لما لا تذهبي لتجهيز نفسك؟".
تعجبت جيني من سؤال ابنها وقالت:" ايها الصغير, ما الذي تتكلم عنه؟".
"لقد حكى لي مايك لي قصة لي عن اميرة جميلة استحوت على عقول الرجال , لما لا تكوني مثل تلك الاميرة؟".
ضحكت جيني قائلة:" اولا لن اسمح لمايك ان يحكي لك هذا القصص لانك طفل, وثانيا انا لا اعرف كيف افعل هذا".
"اطلبي المساعدة من اندريا فهي تبدو جميلة حين تخرج مع حبيبها ايام الاحد". لم تستطع جيني الامساك بجوي اذ انه قد هرع مسرعا خارج الغرفة.
"جيني, هل استدعيتني؟".
"اردت استشارتك بشيء... انا لا اعرف ماذا علي الارتداء للحفلة".
"انا اعرف, لقد لمحت لك مرة فستانا جميلا مخبئا في الخزانة".
اتجهت اندريا الى غرفة جيني بينما لحق بها جوي ووالدته وتوفر! ففتحت الخزانة لتخرج منه فستانا مثيرا للغاية قائلة:" هذا يبدو مناسبا".
"لا, ليس هذا فهو مغر جدا, وانظر الى لونه فهو احمر فاقع ولا اظن ان احد سيسر برؤيته علي".
"انت مخطئة. لا بد ان الرجال سيتهاتفون عليك وسيرغبون بمراقصتك, هيا ارتديه لنراه عليك".
دخلت جيني الحمام لتخرج بعد دقائق وهي تشعرانها عارية في هذا الفستان اذ كان يلاءم خصرها بدقة ويكشف بعض من مفاتنها, وكان ذا فروجا من الجانبين حتى الركب.
" اشعر انه ضيق بعض الشيء".
"لا امي انت جميلة".
"لا اعتقد انك بحاجة الى رايي بعد ما قاله ابنك, لكن علي وضع بعض المساحيق والبعض من الحلي".
"لن اسمح لك باقناعي هذه المرة".
لا تعلم كم من الوقت استغرقت اندريا وهي تجهز جيني الا انه عند نزول السلالم شعرت جيني انها امراة مصطنعة وانها ليس ذاتها, خرجت جيني اولى الخطوات الى الحديقة واذا بالعيون المختلفة ترمقها بنظرات لم تستطع المعرفة ان كانت هذه عيون الاعجاب او الاشمئزاز الا انها لم تعيرها الانتباه.
انتبهت الى المدعوين ولاحظت من بعيد غاري وهو يقف مع بريندا ووالدها, وامراة اخرى فعلمت جيني انها فتاة الصورة, فهي لم تنسى شكلها, امراة طويلة , رشيقة, وسمراء , اتجهت نحوها , وفي الطريق اخذت البعض من اطراف الحديث الذي يتبادله المدعووين وعلمت انهم يتحدثون بالاعمال.
"مساء الخير. ظننت ان الجميع اتوا للاستمتاع, لكنني ارى ان الرجال لديهم نية اخرى".
"هذا من عادة الرجال. مرحبا, انا سارة كوينز".
"تشرفت بمعرفتك و انا جيني والتر, كيف تتدبر النساء امرهن هنا؟".
ابتسمت سارة وقالت:" انهن يتشاورن كيف يكن زوجات افضل".
ابتسمت جيني ومن ثم نظرت الى غاري والاخرون وهي تقول:" انت وسيم جدا الليلة غاري, وانت بريندا تبدين جميلة... اظن انك السيد جاكسون ".
"تقابلنا في الكنيسة, لكن لم تسنح لنا الفرصة بالتحدث فعلا".
"لا اظن انك كنت تريد محادثتي فعلا. اعذروني اريد ان اندمج مع الاخريات لاعرف من الزوجة الفضلى, وانت سارة سعدت بلقائك".
ابتسمت سارة ومن ثم اتجهت جيني الى المشرب لتطلب لها ما تشربه.
بينما كان الساقي يحضر لجيني مبتغاها اخذت تراقب الحديقة المضاءة من التزيين وعلمت انه لابد ان مارثا قد طلبت العديد من الموظفون واخذت تبحث بنظراتها عنها ووجدتها , كانت تحدث احد الرجال البارزين في المجتمع.
"طلبك أنستي".
اخذت جيني الكأس وهي تراقب نظرات الاعجاب التي كان يرسلها لها الساقي فابتسمت.
"مرحبا.. اتتمتعين بوقتك؟".
"طبعا".
نظرت سارة الى جيني وهي تقول:" كان رائعا ما فعلته في الكنيسة".
تفاجات جيني فنظرت الى سارة قائلة:" ماذا؟!".
ابتسمت سارة واكملت قائلة:" انا احب غاري, وقد خرجنا معا قبل فترة, لكن بسبب تلك اللعينة بريندا انفصلنا, لقد رمت بمتاعبها على كتفه وسلبته مني".
وضعت جيني كاسها على المشرب ومن ثم شبكت ذراعيها ووضعتهما على صدرها وهي تقول:" ان كان ما تقولينه حقيقي, فلما لم تمنعيها؟".
"الم تتعرفي على بريندا؟ انها فتاة مثالية بالنسبة الى اي رجل, فهي حساسة, بريئة, وساذجة جدا, من لا يرغب فيها... اعتقد ان غاري فضلها علي لانها فتاة طيبة ولن تزعجه بكثرة اسئلتها, بعكس اي امراة اخرى, فهما لا يحبان بعضهما حقا, ان بريندا تتمسك به ليكون لها درع في هذا العالم القاسي... ما كنت لاتغلب عليها".
علمت جيني ان سارة تحقد على بريندا كثيرا فرغم كل شيء فهي من فازت بالرجل الذي تحبه, لكن هل هذا صحيح ما تقوله؟ ارسلت بنظراتها الى بريندا وغاري ووجدتهما يرقصان ولاحظت ان بريندا سعيدة جدا كما انها فعلا فتاة رائعة ولو كانت الظروف مختلفة واجتمعا في مكان وزمان اخرين لاصبحتا افضل صديقات.
"انظري اليها... تظن نفسها ملكة الحفل". قالت سارة ذلك وهي تنظر الى المكان التي تنظر اليه جيني وعادت الى النظر الى الاخيرة وهي تقول:" اريدك ان تفعلي كل ما بوسعك للفصل بينهما جيني".
دهشت جيني وسألت :" ماذا؟!".
"هيا, انا افهمك جدا فكلتانا جرحتا من قبل غاري, اريدك ان تبعدي بريندا السخيفة عنه لاحظى انا به".
"انت؟!".
"وهل تريدينه انت؟".
هزت جيني راسها بالنفي مما دفع سارة ان تقول:" احذرك من المحاولة, ابعدي مخالبك عنه".
ابتسمت جيني لهذه التفاهات وقالت:"ان اردت يمكنني الفوز به, فانا املك ما لا تملكه اي منكما انتما الاثنتين".
"حقا؟! وما هو؟".
وضعت جيني يدها على بطنها قائلة:" لقد سبق ان حملت بطفله في احشائي, وان اردت استطيع فعل هذا مرة اخرى".
غضبت سارة وانصرفت بينما ابتسمت جيني وتوجهت حيث تقف مارثا.
اخذت جيني كاسها ومشت بخطوات ثابتة وبطيئة وحين وصلت قالت:" ارجو الا اكون قد ازعجتكم".
ابتسمت مارثا قائلة:" انت لا تزعجينا على الاطلاق. انا اعرفك على ارنست صديقي ومحامي العائلة".
"تشرفت بمعرفتك ارنست".
"وانا بالمثل جيني, واسمحي لي بالقول انك تبدين فاتنة جدا. والان اسمحن لي ايتها السيدات الجميلات لقد رايت شخصا ابحث عنه من بعيد".
ما ان ذهب ارنست حتى قالت جيني :" دائما تجتمعون لاجل العمل؟".
"هذا هدف الحفلات. ماذا تشربين؟".
رفعت جيني كاسها الى فمها وشرفته شرفة واحدة ووضعته على احدى صواني الشراب التي يقوم بتنقيلها النادلون ومن ثم قالت :" عصير التفاح, الا انني بحاجة الى شرب الويسكي لتمر هذه الليلة على خير".
ابتسمت مارثا وهي تضع يدها على كتف جيني متجهة الى حيث يقف غاري وقالت:" تبدين جميلة جدا اليوم".
"ساعدتني اندريا في اختيار لباسي ووضع المساحيق".
وصلت كل من مارثا وجيني الى غايتهما بعد لحظات , فوقفت جيني امام غاري ليحصل ما لم تتوقعه ابدا.
"انجي هيملتون؟!".
التفتت جيني الى الوراء فرأت رجلا وسيما وراءها مبتسما , رجل من الماضي لم تتخيل ان الحياة قد تضعه في طريقها مجددا.