الفصل الثالث
نظرت جيني إلى صاحبة الصوت وإذا بها بريندا العروس التي تركت غاري أمام المذبح لكنها أكثر بساطة , فهي ترتدي بنطلونا اسودا مع بلوزة قصيرة سوداء ومن الظلال التي تحت عينيها قدرت جيني أنها قد بكت كثيرا.
"سألت ماذا تفعل هذه الحقيرة هنا؟". كررت بريندا سؤالها وهي تشير بإصبعها إلى جيني ومن وقاحة الأخرى الزائدة قالت :" أنا أتناول طعامي".
صرخت بريندا مرة أخرى ومن ثم قالت :" غاري ألن تشرح لي ماذا يحدث هنا؟ ظننتها رحلت".
رغبت جيني بإحراج غاري أكثر فأكملت قائلة :" نويت السفر , لكن ماذا افعل إن لم يطق غاري بعدي عنه".
"هيا جيني اصمتي , بريندا أنستطيع التحدث على انفراد؟".
"لما ؟ تستطيعان التكلم هنا؟".
غضب غاري من جيني كثيرا فصرخ بوجهها مما دفع بريندا للقول :" هذا جيد . يبدو انك لا تطيق فعلا الابتعاد عن هذه الطفلة ".
شعرت جيني أن هذه اكبر اهانة أن يقال عنها طفلة لذا قالت :" أنا لست طفلة , ولو كنت كذلك لما رغب بي غاري".
"حقا ؟ أنا ما زلت لا اصدق أي كلمة مما تقولين, فأنت فعلا طفلة غير ناضجة وسخيفة".
نهضت جيني من مقعدها قائلة بغضب :" تريدين التحدث بهذه الطريقة ؟ أنا أصلا في الثانية والعشرون مما يعني أنني حين تعرفت على غاري كنت قد بلغت سن الرشد, أما أنت فأظنك تعرفينه من مدة طويلة, إن كنتما على وشك الزواج, لكن ما زال يبدو انه يبحث دائما عن فتاة جديدة,
ما الذي يعنيه هذا عنك؟".
"ماذا؟!".
"اعتقد انك تقبلين أن يخونك غاري طالما يعود إلى أحضانك في المساء".
"جيني! إني اطلب منك الصمت , وأنت بريندا لا تعيريها الانتباه ولنذهب لنتحدث".
اخذ غاري بريندا من ذراعها بقوة لوقف النقاش بينها وبين جيني بينما جلست الأخيرة على مقعدها وهي تقول :" أنا لا اصدق أن هناك فتاة بهذه الغباء, كيف يمكنها البقاء مع رجل لا يقدرها ولا يقدر حبها له؟".
"إن ما يجمع بين هذين الاثنين قوي ولا يستطيع احد أن يفرق بينهما؟".
"ماذا؟ الحب؟ حتى الحب لا يستطيع أن يجمع بين شخصين".
"أنت مخطئة فالحب...".
"اعذريني مارثا, الأغبياء فقط من يظنون أن هناك ما يسمى الحب, لأنه لا يوجد شيء كهذا, فالجميع يتحجج بهذه الكلمة لكي يبرروا تصرفهم الأخرق... أنا اعرف امرأة فضلت البقاء وحدها لتربي طفلتيها بدلا من أن تتزوج وتعيش حياتها وذلك بعد أن تخلى عنها زوجها لصالح امرأة أخرى, وفتاة ما تظن حبها مستحيلا فتهرع لأحضان أول رجل تصادفه, وأخر يكتشف أن حبيبته تبادله الشعور ذاته لكن بعد فوات الأوان... أنا لا اعرف لماذا لا يكون الهدف الوحيد للزواج هو إنجاب الأطفال؟".
"ما الذي حصل؟".
انتبهت جيني أنها كانت تتحدث دون وعي ودون أن تنتبه لما تقوله لذا سألت:" حصل لمن؟".
"للأشخاص الذين ذكرتهم".
التقت عينا جيني بعينا مارثا وعرفت أنها قالت أكثر مما يجب لذا صمتت
قليلا وهي تعيد خصلات شعرها وراء أذنيها ومن ثم قالت :" في الحقيقة لا ادري عما كنت أتحدث فهذه مجرد أمثلة".
"أنا لا اعتقد هذا ف...".
"اعذريني علي الذهاب للبحث عن جوي, لابد انه يتساءل عني".
"ماذا عن الطعام؟".
"لقد فقدت شهيتي".
*****
"هيا غاري, ألن تتكلم؟".
نظر غاري إلى بريندا صديقته وخطيبته قائلا:" أنت تعرفينني وتدركين انه كان علي فعل هذا".
"أتصدقها ؟ ربما كانت تكذب".
امسك غاري بذراعي بريندا وقال محاولا أن يخفف عنها :" لا إنها لا تكذب , فجوي ابني , أنا واثق من هذا فما أن انظر إليه حتى اتاكد".
"يا الهي, لا اعرف ماذا افعل".
"ما الذي يقوله والدك؟".
"في البداية كان غاضبا جدا, لكنني أقنعته انه حين خرجت مع تلك الفتاة, لم نكن أنا وأنت تجمعنا علاقة عاطفية, وانك في تلك الفترة, لم تكن تدري ما الذي تفعله, لذا أنت لا تذكرها".
"هذا صحيح".
"أصدقك القول إن احترامه لك قد تزايد بعد أن هرعت إلى المطار لوقفها, لكنني لم اعلم انك قد أحضرتها إلى هنا, إلى هذا المنزل".
"لم اعرف ماذا افعل غير هذا لمنعها من السفر, فانا لست قاسيا لإبعاد
طفل عن أمه".
"إلى متى ستبقى هنا؟ أنا لا احتملها".
عانق غاري بريندا قائلا :" لا تخافي سوف أجد حلا ما".
"لن يتغير شيء بيننا, أليس كذلك؟".
لم يعرف ما الذي يجيبه لكنه أيقن أن بريندا مهمة جدا له لدرجة أن يعدها بالزواج طالما تقبل به, ولا يعير ذلك الشعور الذي بدأ يكنه لجيني والذي لا يدري ما هو لذا قال :" طبعا, ن يتغير أي شيء".
"هذا جيد... فقد خفت أن تحاول تلك الفتاة إغوائك نكاية بي".
ابعد غاري خصلات شعر بريندا وهو يقول لا تقلقي".
خرجت جيني إلى الحديقة وأخذت تلتفت حولها علها تجد ابنها وحين رأته توجهت إليه معاتبة تقول:" أرى انك قد نسيتني عزيزي".
هرع جوي إلى جيني فأوقعها على الأرض معانقا إياها سائلا :" أين كنت أمي؟".
أخذت جيني وجوي بالتدحرج معا وبالضحك وإذا بجسم ثقيل يقفز على جيني واخذ يداعبها فنظرت إليه وإذا به كلب اصفر كبير فابتسمت له ومن ثم مدت يدها لتضعه وراء أذنيه.
"أمي, هذا توفر انه يعيش في هذا المنزل".
"الآن عرفت لماذا قضيت اليوم في الخارج".
ضحك جوي وقال وهو يرمي الكرة:" هيا توفر تعال إلى هنا".
ركض توفر وراء جوي ومن ثم رماه على الأرض فابتدأت جيني
بالضحك ومن غير قصد التفتت وإذا بها ترى غاري وبريندا متعانقين
فعرفت جوي أن سعيها للتفريق بينهما قد باء بالفشل لذا قالت:" أنت تحلم غاري إن ظننت أنني سأسمح لك أن تكون سعيدا, لكن الآن كل ما أريده قضاء ما تبقى من اليوم مع ابني".
ركضت جيني نحو جوي لتلعب معه وأخذت بمناداة توفر ليلحق بهما , رمت الكرة وإذا بها تقع في المسبح, فقفز توفر فيه فتطايرت المياه عليهما وتبللا ومن ثم طلب جوي من والدته القفز هو الآخر وبعد العديد من التوسلات سمحت له.
"هيا أمي , ادخلي إن الماء جيد".
"لا استطيع هذا".
"هيا".
ابتسمت جيني وفي النهاية دخلت المسبح وبدأت باللعب مع الاثنين .
"أقنعني مايك بعد محاولات كثيرة لشراء هذه الملابس ولم أتوقع إتلافها بهذه السرعة, سوف أطالبك بشراء غيرها يوم ما".
"أظن أن الوقت ما زال مبكرا على هذا الكلام".
التفتت جيني لترى غاري , فابتسمت وهي تقول :" سأحاول تذكر كل شيء ارغب به لأطالبه من جوي حين يكبر".
"عندما يأتي الوقت سيحضر لك العديد من الأشياء دون حاجة لطلبها".
ضحكت جيني ومن ثم التفتت إلى ابنها وهي تقول :" هيا جوي , حان وقت الخروج من الماء".
"لا, أمي أريد البقاء قليلا واللعب مع توفر".
"لا, أنا لا أريدك أن تمرض.... حسنا , إن خرجت من الماء استطيع السماح لك بالنوم مع توفر".
فرح جوي كثيرا فاقتربت منه جيني ونشلته خارجا وبعدها أخرجت توفر وقالت:" اذهب واجلس على إحدى تلك الكراسي".
بينما غطست هي بالماء متظاهرة بعدم سماع غاري وهو يتحدث:" أنا اعرف انك تسمعينني".
خرجت جيني بعد دقائق غير معدودة لتسأل :" كم مكثت تحت الماء؟ أنا أحاول تحقيق رقم قياسي".
"لما فعلت هذه المسرحية أمام بريندا؟".
"أتعرف أنني لم أكن يوما في المسبح... بالأحرى لم ادخل البحر حتى, لطالما كنت مشغولة, لذا لم اخرج كثيرا".
سئم غاري لعب جيني المستمر فسأل بنفوذ صبر :"ألن تجيبيني؟".
"عادة يعتقد الناس أنني استمتع بوقتي إلا أن هذا غير صحيح , فانا من صغري كنت اذهب من المنزل إلى المدرسة وأعود من المدرسة إلى بيتي أو بيت مايك, لكن بعد وفاة أمي سكنت مع مايك وجوي , ولم اخرج سوى معهم".
حاول غاري عدم الاهتمام بما تقوله جيني رغم انه قد بدأ يؤثر به فقد اكتشف أن ما يربط بين جيني وجوي وبين مايك رباط قوي جدا.
"ما زلت تغيرين الموضوع".
"هل ذهبت؟".
ابتسم غاري وقال:" هل هذا طبعك؟ أن تلفي وتدوري؟ نعم لقد ذهبت".
"أنا آسفة".