الفصل التاسع:
لقد كان هذا الشهر مليئا بالاحداث والتطورات, اولا مغادرة اندريا المنزل, وثانيا التحضيرات التي كان يقوم بها كل من مايك وديفيد مع عمال الصيانة, واخيرا الوضع الذي كان يسوء من وقت لاخر بين جيني وغاري.
غير غاري كل تصرفاته مع جوي واخذ يعامله كما لو كان الوحيد في حياته, الا انه كان يتحاشى جيني طوال الوقت ولم يتحدث معها الا عندما يكون جوي موجودا وذلك كي لا يلاحظ الصغير التوتر السائد بين والديه وعدا ذلك الاثنان يرغبان بمصلحته.
وبالمقابل فان الصداقة بين جيني وهاريسون كانت تتوطط مع الايام, وكان الاخير يحاول بكل جهده الحصول على مودة جوي كما فعلها ديفيد من قبل لذا فقد كان يصطحبه هو ايضا الى مطعم فاميليا مع جيني واحيانا كان الراشدان يخرجان للسهر وحدهما.
اتت فترة الغذاء ولم يتواجد على المائدة سوى غاري وجيني اذ ان اليوم السبت وقد خرجت مارثا الى النادي, اما جوي فقد فضل قضاء الوقت مع ال لوكهارت, لذا كان الموقف غريبا ومتوترا جدا.
عرفت جيني ان الوضع تازم بهذا الشكل بسببها , صحيح ان الوضع كان سيئا بينهما سابقا لكن ليس الى هذه الدرجة, لذا فقد اخذت على عاتقها تصحيح الامور او ارجاعها الى سابق عهدها.
"ما الذي قررته مارثا بشان مايك؟".
نظر غاري الى جيني واجاب بهدوء:" بعد ان جلس على المائدة ذلك اليوم , ايقنت امي انك لم تخبريه, لا فقد احترمت الوعد الذي قطعته عليك رغم عذابها... فعلت هذا متعمدة, اليس ذلك؟".
"ماذا تقصد؟".
"طلبت من مايك مشاركتنا".
سكتت جيني قليلا الا انها اردفت قائلة :" لم اتجرا على قول ما قاله لها".
"هذا ما قالته امي ايضا".
لاحظت جيني ان غاري اكثر هدوءا فاستغلت الفرصة للاعتذار منه لذا قالت :" غاري؟... انا اسفة على ما قلته سابقا".
"لا عليك".
" انت لا تقصد هذا. انا احاول ان اعتذر منك الا انك تبعدني عنك بعيدا, ما الذي تتوقع مني فعله؟".
"اخبرتك ان هذا لم يعد مهما , ماذا تريدين اكثر؟".
لاحظت جيني الغضب في كلام غاري وعينيه فلم تهدا الا انها غضبت ورفعت صوتها قائلة:" انا اريدك ان تقصد كلامك, لا اريد ان تعتبرني مجرد حمل تريد التخلص منه كما تتخلص من القمامة".
"يا اااااااااااالهي, لماذا تحاولين اخراج الكلمات من فمي بالقوة, وتقولين اشياء لم اقلها, هل تريدين ان تكوني محقة دوما؟".
غادر غاري المائدة دون ان ينتظر اجابة جيني فعلمت انها قد افسدت الامور مجددا بينها وبينه وغضبت من نفسها كثيرا وسرعان ما لامت غاري انه يستخلص منها كل ما هو سيء فيها.
اتصلت درو بعد نصف ساعة لتطلب الاذن من جيني ان تصطحب جوي مع الصغار الى فندق خارج البلدة وقد قالت انهم سيعودون غدا مساءا فوافقت جيني لانها لم ترد ان يلاحظ ابنها كم تسوء العلاقة بين والديه,
لم تشا جيني المشاجرة مع غاري اكثر لذا اتصلت بهاريسون طالبة منه ان يصطحبها للعشاء وقد وافق برحابة صدر.
" ما هذا المطعم؟".
ابتسمت جيني وقالت:" انه مطعم اعتدنا انا ومايك المجيء عليه, اذكر اول مرة احضرني الى هنا, كان قد تخرج من الجامعة بامتياز, لذا اتينا هنا للاحتفال, لم تستطع امي مرافقتنا بسبب العمل, لم يملك الكثير من المال ومع ذلك قال لي ان اطلب ما اشتهي وقد فعلت, كانت الفاتورة باهضة الثمن لذا اضطر الى غسل الصحون, لا تعرف كم استمتعت ذلك اليوم".
ابتسم هاريسون وسال:" وماذا كنت تفعلين حين كان يغسل؟".
ضحكت جيني وقالت:" طلب مني ملازمة الطاولة وهذا ما فعلته".
"كم كنت انانية".
"كنت فتاة مطيعة لا اكثر".
انتبه جيني الى سعادة الماضي حين تحدثت عن الماضي لذا سال:" انت تحبين مايك كثيرا, فهل حصل ان فكرت به كحبيب؟".
"طبعا لا".
"اذا هل احببت يوما؟".
نظرت جيني الى هاريسون واجابت:" لا , لم افعل, لم اؤمن بالحب , ولم اجد الرجل الذي يغير نظريتي بهذا الشان, ماذا عنك؟".
ما ان توقفت جيني عن التحدث حتى علمت الاجابة , نعم لقد فعل, لكن ما يبدو انه قد عانى كثيرا جراء هذا فارادت ان تغير الموضوع الا ان هاريسون اطرق قائلا:" لم اكن الرجل ذاته الذي يجلس امامك, بل كنت شخصا مستهترا وفاسدا و...".
"يصعب علي تصديق هذا".
اكمل هاريسون حديثه قائلا بغضب وسخرية تصاحبهما نبرة الحزن:" لم اكن اريد ان اصبح رجل اعمال, في الحقيقة لم اعرف ما الذي اريده, فقرر ابي عني, اجبرني على دخول الجامعة لتعلم التجارة واذكر انني كرهته كثيرا , وعندما تخرجت من الجامعة تعرض ابي لنكسة صحية واجبرت على العمل بدلا منه, لذا سعيت وراء الانتقام, كان قد هددني ان لم ادخل الجامعة وانصاع الى اوامره فسوف يحرمني من الميراث, وفي تلك الفترة من حياتي كنت اعتمد عليه كثيرا من الناحية المادية, لذا فقد استغليت مرضه لافعل ما اشاء, كنت ابذر النقود على النساء والمشروبات, كما كنت اغازل جميع الموظفات الجميلات, واخيرا نشرت اعلان ابحث فيه عن سكرتيرة شخصية وبصراحة لم اكن لاهتم بسيرتها الذاتية , كنت اريدها ان تكون جميلة لا غير, تغير موقفي عندما حضرت هي, فتاة جميلة, لكنها لم تكن من نوعي المفضل, لكن النظرة الحزينة في عينيها جعلتني اوظفها فورا, كنت اجبرها على تدبير المواعيد لي, ارسا بطاقات اعتذار انفصل فيها عن امراة ما, شراء الورود.. وما الى ذلك, فقد كنت اعلم مدى احتياجها للعمل.
ساءت حال ابي مع مرور الاشهر الا انني لم اهتم لانني كنت اريده ان يعاني لذا استمريت بتبذير الملايين".
"هاريسون, انا..".
"ذات يوم تعرضت لصدمة قوية, فقد احضرت لي مغلفين, الاول انذار انها ستترك العمل في الاسبوع المقبل, والثاني دعوة لحضور زفافها بعد اسبوعين, انا لم اكن اعرف حتى انها مخطوبة, فشعرت فجاة بطعنة في قلبي, وخشيت فقدانها الى الابد, كيف سيمر يوم دون مقابلتها, ان اجادلها, اسخر منها, فاكتشفت انني واقع بحبها حتى العضم, فاخبرتها بذلك, فبدات تتهمني انني مجرد شخص اناني يرغب بالحصول على ما هو ملك لغيره, وانني كاذب, فانا لم اهتم اليها ابدا, انما طعنت كرامتي, حاولت ان افهمها ان هذه ليست الحقيقة, لذا عانقتها رغم عنها, ورغم انني شعرت بتجاوبها مع قبلاتي في مرحلة ما, فقد ابتعدت عني وتركت العمل في اليوم ذاته, اصبحت اخرج مع نساء كثيرا لكي انساها لكن في يوم زفافها عرفت ان علي ان اقنعها بحبي, لذا ذهبت الى الكنيسة لكن الاوان قد فات, فقد تزوجت... علمت ان تصرفاتي هي من ابعدت المراة التي احبها عني, لذا علي ان اتغير, اسمي كان قد تلطخ وعلاقتي مع والدي اصبحت شبه معدومة ولم يعد احد يثق بي, ففعلت المستحيل لارد الثقة للشركة ومن ذلك الوقت اصبحت الرجل الذي ترينه الان, لكن طوال تلك السنوات كانت في داخلي رغبة ان اقابل تلك الفتاة لاخبرها انها كانت مخطئة وانني احببتها حقا".
"وهل فعلت؟".
ابتسم هاريسون بمرارة وقال:" نعم, لكن هذا لم يفد بشيء".
اخذت جيني تفكر بهاريسون ولم تستطع ان تمنع نفسها من التفكير ان هاه ما زال يحب تلك الفتاة ام لا, فهي لا تريد ان تتعلق برجل قلبه ملك لاخرى.