لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


357 - كاذبة ولكن - كاثرين روس ( كاملة )

الملخص كاذبة ولكن.... بيني كينيدي مستعدة لفعل أي شيء كي تنقذ منزلها العائلي من براثن لوكاس داريان.....حتى لو اضطرت أن تنتحل صفة

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-12-09, 02:40 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Newsuae2 357 - كاذبة ولكن - كاثرين روس ( كاملة )

 

الملخص




كاذبة ولكن....




بيني كينيدي مستعدة لفعل أي شيء كي تنقذ منزلها العائلي من براثن لوكاس داريان.....حتى لو اضطرت أن تنتحل صفة سكرتيرته الخاصة!




ولكن ما لم تحسب له بيني حساباً هو أن تقع ضحية لسحر مديرها المتعجرف.... وسرعان ما وجدت نفسها مقربة منه كثيراً.....



ولكن ماذا إذا أكتشف حبيبها اللاتيني هويتها الحقيقية!




وبأي طريقة سينتقم منها؟منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 25-12-09, 02:41 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الاول:
_ كاذبة ولكن.....







تري ماذا يقول المثل...؟ شيئاً معناه إبقاء الأصدقاء قريبين منك والأعداء أشد قرباً..... تسمرت بيني وهي تدخل إلي المكاتب الرئيسية لشركة لوكاس للشحن. حسناً, إنها تخطو خطوتها الأولي نحو معسكر العدو, لكنها تشعر بأنها تقوم بعمل مفيد عوضاً عن الجلوس بانتظار المصيبة, كما يفعل والدها.
منتديات ليلاس


شعرت بلفحة من الهواء البارد تضرب جسمها وهي تدخل من الخارج إلي داخل المكتب, من الهواء الاستوائي الكاريبي إلي المكتب البارد بهواء المكيف. ارتعشت, أتراها ترتعش من البرد أو من التفكير بردة فعل والدها إذا عرف بما تنوي فعله. فمنذ بضعة أسابيع، حين اتصلت بوالدها وعرضت أن تتصل بلوكاس شخصياً وتطلب منه المزيد من الوقت لتسديد ما عليه، استشاط والدها غيظاً وصاح:



- لوكاس هو الشيطان بحد ذاته.



ردت بهدوء: ( ولكنك لست واثقاً يا أبي، فقد كنت تواجه مشاكل مع والد لوكاس، وقد توفي الآن. ولعل ابنه أفضل منه).



تضاعف غضب والدها: ( تتصرفين بسذاجة بالغة أحياناً يا بيني. فلوكاس داريان نسخة طبق الأصل عن والده، وأسمعي جيداً ما أقوله: أفضل أن أغرق في الديون وأخسر كل ما أملك علي أن أدين لعضو من أعضاء هذه العائلة بخدمة ما).



كان بإمكان بيني أن تنسي الأمر, فبعد التفكير هذا الأمر لا يعنيها، إنه عمل والدها. فهي تملك مهنة خاصة بها بعيدة كل البعد عن هذه الأجواء، فهي مديرة في منتجع جمالي متنقل راق جداً. إلا أنها، وبعد أن اتصلت بوالدها أكثر من مرة عرفت أن غضبه قد استحال انهياراً، وأيقنت أنها تهتم لأمره كثيراً، لذا لا يمكنها الوقوف ومشاهدته علي هذه الحال. تمنت لو نملك مبلغاً كافياًمن المال لتكفله، لكن هذا الأمر لن ينجح. لذا، فالحل الثاني يقضي أن تأخذ إجازة من العمل وتسافر إلي مكتب لوكاس داريان الرئيسي في بورتوريكو.



ربما يفترض بوالدها التخلي عن العمل والتقاعد. فقد عانت صناعة السكر من متاعب مؤخراً، وكان والدها يناضل منذ بعض الوقت لتحسين وضع عمله. ولكن لا يفترض به أبداً خسارة منزل العائلة والأرض أيضاً. فهذا المنزل ملك للعائلة منذ ثلاثة أجيال.... وهو أثمن من أن يتم التخلي عنه دون مقاومة....



- هل أستطيع مساعدتك؟



نظرت عاملة الاستقبال بريبة فيما اقتربت بيني منها. كانت امرأة شابة في بداية العشرينات, شعرها أشقر وقد ظهرت علامات الاستياء في عينيها الزرقاوين.



- جئت أقابل لوكاس داريان.



قالت بيني هذا بكل ما أوتيت من ثقة بالنفس، متجاهلة واقعاً صغيراً يقضي بأنها لم تضرب معه موعداً.



- آه, لا بد أنك ملدريد بانكروفت، المساعدة الشخصية الجديدة للسيد لوكاس.



اختفت فجأة معالم الاستياء من وجه عاملة الاستقبال وابتسمت بدفء لبيني: ( آه، كم سررت لرؤيتك....).



وقبل أن يتسنى لبيني قول أية كلمة، رن الهاتف بجوار المرأة فاستدارت تجيب عليه.

شعرت بيني بأنها في مأزق. فإن اعترفت بأنها ليست ميلدريد، المساعدة الشخصية الجديدة، فهي علي ثقة أنها لن تتخطي عاملة الاستقبال ولن تري لوكاس داريان اليوم. فقد سبق أن اتصلت مرتين، محاولة تحديد موعد، وقيل لها بأنه عليها الانتظار حتى آخر الشهر للحصول علي موعد. إلا أن والدها لا يملك كل هذا الوقت. فقد تسلم أمراً بإخلاء المنزل قبل الخامس والعشرين من الشهر الحالي.

آه, مرحباً!
ضحكت عاملة الاستقبال لما قيل لها عبر الهاتف وتابعت:
- لا، باتت الأمور تتحسن الآن، فقد وصل المخِ لص أخيراً، بوصول المساعدة الشخصية الجديدة. لذا يفترض بهذا أن يخفف عني بعض الضغط.... الحمد لله. نعم، يمكنني الخروج للعشاء الليلة....
دوى صوت آت من المكتب الداخلي: ( شونا!! هلا أحضرت لي الملفات التي طلبتها منك منذ نصف ساعة!).
- علي أن أذهب بول.
أقفلت شونا الخط بسرعة وابتسمت لبيني.
- إنه المدير, ولكن لا تقلقي، فالكلب الذي ينبح لا يعض.... أعني أنه لطيفا جداً لا تقلقي.
- أريد هذه الملفات اليوم، ما لم أكن أزعجك.
- آتية سيد داريان.
احمرت خجلاً وهمست وهي تبحث بين كومة من الأوراق وضعت بجانبها من دون ترتيب:
- لقد قطعت صديقته علاقتها به منذ بضعة أسابيع، واستقالت مساعدته الشخصية لأنها ستتزوج، وهو غارق في العمل حتى أذنيه..... محاولاً تنظيم أعمال والده المتوفى. أما أنا، فيترتب علي عاتقي مسؤوليات كبيرة وكثيرة....
همست بيني: ( أحقاً؟).
سرت لمعرفتها بأن العدو يعاني من المشاكل، ولم تستطع منع نفسها من التمني أن يكون تعيساً للغاية. فهو يستحق ما يناله بسبب الطريقة التي عاملت بها عائلته والدها، وقفت تتفرج علي شونا وهي تبحث بين الأوراق وأصابعها ترتجف وتمتمت:
- أين وضعت هذه الملفات بحق السماء! كانت معي منذ لحظات! ألا ترينها؟ إنها موضوعة في ملف أخضر اللون.
أحبت بيني هذه الفتاة البسيطة المنهمكة في العمل: ( أليست هناك؟).
وأشارت بيني إلي ملفين موضوعين علي الرف بجانب فنجان وصحن وضعا علي صينية فضية.
هتفت شونا: ( الحمد لله! آه! لقد نسيت قهوته وقد بردت الآن ها قد نلت نقطة سوداء أخرى.....).
قالت بيني بعطف: ( حسناً، لا يمكنك القيام بكل شيء دفعة واحدة).
ابتسمت المرأة بامتنان: ( لا ... أنا مسرورة جداً لأنك هنا).
جاءت كلماتها صادقة للغاية إلي حد أن بيني بدأت أن تشعر بالذنب لأنها ليست ميلدريد المساعدة الشخصية الجديدة.
- شونا! لم تستغرقين كل هذا الوقت؟
ظهر لوكاس داريان وقد فقد صبره.
جال نظر بيني عليه بدءاً من الحذاء الأسود اللماع صعوداً إلي البذلة السوداء الرسمية. كان طويلاً جداً ونحيفاً أيضاً إلا أن كتفاه عريضتان وتسمر نظرها علي عينيه الغامقتين وشعرت بالدهشة. فلوكاس داريان مختلف تمام الاختلاف عما توقعته، إنه خلاب جداً!
إنه في السادسة والثلاثين من عمره تقريباً، عيناه خلابتان، ووجهه جميل، فكه قاس ومربع يوحي بالقوة والعزم، وشفتاه مثيرتان للغاية وأجبرت نفسها علي تمالك أعصابها.
حسناً، إنه جذاب... جذابا إلي حد يليق به لعب دور البطولة في فيلم رومانسي! ولكن، لا يمكنها أن تنسي من هو فعلاً، إنه لوكاس داريان، عدو والدها، وليس بطلاً سينمائياً يسرق الألباب.
قالت شونا بهدوء: ( أعرفك إلي ميلدريد بانكروفت يا سيد داريان، مساعدتك الشخصية الجديدة).
ظهر حس المفاجئة في عينيه: ( أحقاً؟ أنت مختلفة تماماً عما توقعته).
وجال بنظراته عليها وكأنه يقيمها فشعرت بالدم يجري ساخناً في عروقها.
همست وهي ترفع ذقنها بتحد: ( وأنت أيضاً مختلف تماماً عما توقعت).
سألها فوراً: ( وماذا توقعت؟).
في الواقع، توقعت أن تراه شبيهاً بوالده، فقد سبق أن التقت ذلك الأخير مرتين. إنه طويل ووسيما كابنه, ولكن الشبه بينهما يقف عند هذا الحد. فلورانس داريان يتمتع بسمات انكليزية، شعر أشقر باهت، وعينان زرقاوان باهتتان، وأنف ارستقراطي، ولكن لا .. لوكاس مختلف تماماً عن والده البارد الارستقراطي .. ومن الواضح أنه يشبه والدته الإسبانية.
- حسناً ...
قاطع لوكاس حبل أفكارها، وعرفت أنه ينتظر جواباً منها.
فارتجلت: ( حسناً، أنت أصغر سناً مما توقعت).
فإن أطلعته علي حقيقة هويتها، فقد لا يسمح لها بالدخول إلي مكتبه والتحدث إليه.


ابتسم لوكاس: ( كنت سأقول لك الشيء ذاته. فبحسب سيرتك الذاتية التي أرسلتها لي الوكالة، توقعت أن تكوني في الخمسين من العمر علي الأقل).
أحمرت بيني من دون أن تفقه السبب. من الواضح أنه يعلم أنها ليست ميلدريد بانكروفت.
- آه ... حسناً ... يمكنني أن أفسر لك...
مر لوكاس من أمامها ليتوجه إلي عاملة الاستقبال التي بدت مسمرة تراقب ما يجري، قال:
- شونا! أحضري لنا فنجانين من القهوة متى تسني لك الوقت لذلك.
ثم تحدث إلي بيني: ( تفضلي إلي مكتبي).
يبدو أن الأمور تسير علي ما يرام، فكرت بيني مبتسمة. لقد عرف أنها ليست مساعدته الشخصية، وبالرغم من هذا قرر تخصيص بعض الوقت لها.
- شكراً لك.
ابتسمت له ابتسامة مشرقة وهي تدخل مكتبه. إلا أنه لم يبادلها الابتسام، الأمر الذي كان غريباً قليلاً بالنسبة لها. فبيني امرأة جميلة في الثامنة والعشرين من عمرها. شعرها أشقر طويل، وعيناها لوزيتان خضراوان، ووجهها صغير ناعم، وقد اعتادت أن يبتسم لها الرجال دائماً.
بدا المكتب مظلماً مقارنة بالضوء الساطع في ردهة الاستقبال، وقد احتاجت عيناها نحو دقيقة لتعتادا علي الضوء. كانت الجدران مزينة برفوف من الكتب، أما المكتب في وسط الردهة فكان غارقاً بالملفات.
رأت خلف المكتب خزانة ملفات وجراراً مفتوحاً علي مصراعيه كما لو كان أحدهم يبحث عن شيء فيه، في زاوية المكتب طاولة أخرى تكدست عليها صناديق ملأي بالكتب والملفات.
قادها إلي الكرسي المجاور لمكتبه، وراقبها وهي تجلس. لاحظت نظرة الاهتمام التي ظهرت في عينيه. أقله ليس محصناً تماماً تجاهها! لقد اختارت بتأن فستانها الأخضر الفاتح هذا الصباح، وهي تعلم أنه يبرز قامتها الهيفاء. علمت بيني إن كانت ستطلب الرحمة من عدو والدها، فستحتاج إلي كافة أنواع المساعدة.
جلس علي كرسيه قبالتها وأسند ظهره إلي الخلف يراقبها بعينين ضيقتين: ( من الواضح أن سيرتك الذاتية ليست دقيقة تماماً).
تفاجأت بيني، فقد ظنته علم حتماً أنها ليست ميلدريد. وقبل أن تتمكن من صياغة الرد تابع كلامه: ( لنرى... لديك عشر سنوات من الخبرة في "دانوفات" ... وخمس سنوات بصفتك المساعدة الشخصية للسيد غوردون مايسون ... ثم وظيفتك الأخيرة... ثلاث سنوات في خدمة مونتغومري كليف في باربادوس! فما لم تبدأي العمل وأنت في العاشرة من العمر، أقول أن شيئاً ما ليس صحيحاً يا آنسة بانكروفت).
انزعجت من اللهجة الساخرة التي يتحدث بها معها.
- أو هل لي بمناداتك ميلدريد؟
واقترب إلي الأمام كما لو أنه مهتم بسماع ردها.
فقدت أعصابها للحظة، ولعل السبب في ذلك هو طريقة حديثة أو عينيه، وبعد جهد تمكنت أن تقول: ( آه... يمكنك مناداتي ميلدريد إن شئت ... ولكن اسمي ....).
بدت وكأنها تعاني من مشكلة في النطق، فقالت في نفسها بحزم: ( تمالكي نفسك يا بيني، قولي له من أنت، وأخبريه بمدي قلقك علي والدك. واذرفي الدموع حتى، أن دعت الحاجة لذلك....
- جيد، ميلدريد إذاً!
لم يمنحها فرصة لتكمل حديثها، بل رجع إلي الوراء وقد بدت علي وجهه ابتسامة رضي.
طقطق بأصابعه علي المكتب. وبسبب توتر أعصابها، شعرت أن صوت الطقطقة هذا أشبه بقرع الطبول قبل عملية الإعدام.
- في الواقع، إن كنت مؤهلة لهذه الوظيفة، فأنا مستعد للتغاضي عن بعض البلاغات في سيرتك الذاتية. فكما تلاحظين، أنا بحاجة ماسة إلي موظفين، لذا يمكننا أن نجرب عملك هنا لمدة أسبوعين، ما رأيك؟
- في الواقع لوكاس، حصل سوء تفاهم، وأشعر بأن علي إخبارك.....
- حقاً ميلدريد، لا أحتاج إلي سماع الشروحات حول السيرة الذاتية ولا أريد هذا. من الواضح أنك أثرت إعجاب الوكالة لأنهم قالوا أنك تستحقين أن أنتظرك، وهذه الوكالة تتمتع بسمعة طيبة. فإن كنت تستطيعين استلام العمل بأقرب فرصة ممكنة سيكون الأمر رائعاً.
دخلت شونا وهي تحمل صينية القهوة. فقال لوكاس ضاحكاً:
- نحن بحاجة ماسة إلي المساعدة هنا أليس كذلك يا شونا؟
أومأت شونا وابتسمت إلي بيني: ( آه نعم، فأيلين، مساعدة السيد داريان الشخصية السابقة قد غادرت دون أن تقدم إنذاراً مسبقاً وتراكم العمل هنا بشكل جنوني. فكل تلك الصناديق بحاجة إلي ترتيب وفرز وأنا عاجزة من القيام بكل شيء بمفردي).
أزاح لوكاس بعض الأوراق وتناول الصينية من شونا:
- شونا لا تحولي لي أي اتصال ريثما أنتهي من الكلام مع ميلدريد.
وما أن أقفلت شونا الباب، ابتسم لوكاس وقال:
- مسكينة شونا، فهي تبذل جهداً كبيراً لتتأقلم.
- نعم، لقد لاحظت هذا.
- ثمة عمل كثير في هذا المكتب، فنحن نتعامل مع شركات كبري في الكراييب، ومع شركات استيراد وتصدير من مختلف الجزر. وفوق كل هذا لدينا أعمال والدي لتصفيتها، فقد توفي منذ ستة أشهر ولم تكن أعماله مرتبة كما يجب.
- آسفة.
شعرت بضرورة تقديم التعازي بالرغم من عدم شعورها بالأسف فعلاً.
- حسناً... لكن العمل ليس صعباً كما يبدو. فقد اضطررت مؤخراً إلي إعفاء المحامي المسئول عن أعمال والدي من مهمته لأنه كان يتصرف كما لو أنه المالك بالرغم من عدم درايته بأمور شتى. لذا، تم نقل كافة الصناديق التي ترينها أمامك، والخزائن خلفي بالإضافة إلي غرفتين مليئتين بالمستندات في المنزل من مكتب أبي إلي، وها أنا أحاول إيجاد طريقي وسط هذه الفوضى العارمة، وهنا يأتي دورك، فأنا أريدك أن تفرزي هذه الفوضى، وترتبي الملفات وتنظمي......
- لوكاس، أشعر بأننا نتصرف بطريقة خاطئة. فكما تري فقد أساءت شونا فهم الموقف تماماً عندما دخلت مكتبك. أنا.....
- هل تتناولين الحليب والسكر مع القهوة؟
- الحليب فقط.
وتساءلت غاضبة لم لا يصغي إليها؟
تابع كلامه: ( الحقيقة أن عدداً من مستندات والدي الهامة قد ضاعت. صكوك ملكية وغيرها من المستندات حول منزل قديم في أربودا.... لعلك لم تسمعي بهذه الجزيرة من قبل. إنها جزيرة جنوبي جزر العذراء البريطانية).
شعرت بيني ببعض الانزعاج. طبعاً سمعت بجزيرة أربودا، فقد ترعرعت علي هذه الجزيرة، ويبدو أنه يتحدث عن عقار والدها.
- بالطبع سمعت بها. أتحاول أن تقول أن صكوك هذا العنوان قد ضاعت؟
- حسنا، إنها ليست ضائعة تماماً، بل هي في مكان ما وسط هذه الفوضى. ولكنني بحاجة إلي إيجادها بسرعة. فقد كان والدي بصدد إعادة إمتلاك العقار عندما توفي. فقد كان يحتفظ بالصكوك كضمانة إضافية لأن الرجل العجوز الذي يعيش هناك ويدعي ويليام كيندي، يدين له بالمال منذ سنوات. لقد كانا شركاء في العمل، إلا أن والدي واجه مشاكل معه، ففض الشراكة. قال لي أنه ترك الدين إلي هذا اليوم بدافع الشفقة، فكينيدي لن يستطع يوماً ما تسديد ما عليه. لذا يستحسن به ترك المكان الآن قبل أن تتراكم عليه المزيد من الديون.
- أحقاً؟
شعرت بيني بأن نبرة صوتها قد قست. كيف يجرؤ علي الحديث عن والدها بهذه الطريقة؟ لقد عمل والدها جاهدا طيلة حياته.... كان رجلاً نزيهاً .... صادقاً.... مختلفاً تمام الاختلاف عن والده. فلورنس داريان لم يكن سوى قرصان... يجر والدها إلي الإفلاس ثم يحاول سلبه أرضه. أسوأ ما قام به والدها في حياته كان الدخول في شراكة مع ذلك الرجل...
- لسوء الحظ، أعجز عن المضي قدماً في استعادة الأرض ما لم أجد المستندات اللازمة.
تابع لوكاس كلامه من دون أن يلاحظ مدى غضب بيني: ( وما لم أجد هذه المستندات في خلال أسبوعين أو ثلاثة كحد أقصي، فستتهدم المشاريع التي بناها والدي حول هذا المكان).
سألته بيني، وهي تحاول جاهدة ألا تظهر أنها مهتمة أكثر من اللزوم:
- وما هي مشاريع والدك؟
- يملك والدي أرض الشاطئ المجاور، وثمة مشروع لبناء نحو مئة منزل هناك. وسيؤمن عقار ويليام كينيدي منفذاً إلي الطريق الرئيسية بعيداً عن الشاطئ.
سيبنون مئة منزل علي طول الشاطئ الرائع الذي لم تمسه يد الحضارة بعد! شعرت بيني بأن قلبها توقف عن الخفقان. صحيح أنها لم تعد تعيش في أربودا وبأنها تقضي معظم وقتها في العمل ولكن كلما أخذت إجازة كانت تعود إلي المنزل... وهي تحب قضاء بضعة أسابيع بمفردها تتمشي علي الشاطئ. فالمناظر الطبيعية التي تحيط بمنزل العائلة هي الأروع والأكثر بعداً عن المدينة في منطقة الكراييب. إنه موطن طبيعي لأعداد كبيرة من النبات والحيوان التي بات يندر وجودها. ترى كيف تمكن لورانس داريان من الحصول علي ترخيص لبناء مئة منزل؟
وتابع كلامه ليقطع حبل أفكارها:
ولسوء الحظ تنتهي رخصة بناء المنازل في غضون شهر.، فإن لم نبدأ العمل قبل هذه المدة لن نستطيع الحصول علي رخصة بناء ثانية بسبب تغير الإدارة المسئولة عن التخطيط المدني في أربودا.
- أتعني أن والدك رشي أحد المسئولين في مكتب التخطيط وهذا الشخص لم يعد هناك لتسوية الأمور؟

تنهد لوكاس: ( نعم، علي الأرجح. علي كل حال يمكننا البدء بأعمال البناء من دون الحصول علي أرض كينيدي، لكن ما لم نحصل عليها خلال الأسابيع المقبلة، فستفشل الخطة بأكملها).


قالت بنبرة جافة: ( يا للأسف)!


- نعم.... أليس كذلك؟


ارتشف القهوة وقال: ( إذاً، كما ترين، كلما أسرعت في فرز هذه الملفات كلما زادت فرصتي في الانتهاء من المشروع الأخير الذي كان والدي يعمل عليه).


لم تنطق بيني بكلمة فقد كان عقلها يعمل علي تحليل أمور أخري. فإن لم يتم العثور علي المستندات المطلوبة، لن تجري أعمال البناء، كما أن الموعد المحدد ليخلي والدها الأرض سيتأجل.


ولكن هذا التصرف غير نزيه، وهي ليست بشخص غير نزيه. أضف أن ميلدريد الحقيقية قد تظهر في أية لحظة


وتكشف سرها.


ولكن، ألم يكن والد لوكاس غير نزيه في تعامله مع والدها، كما أنه حصل علي طريقة البناء بطريقة مزورة؟ وبالتالي، فهي ستعمل علي إعادة الأمور إلي وضعها الطبيعي ليس إلا.


في الواقع، إن أخفت مستندات أرض والدها، فستحافظ علي أرض رائعة الجمال وستكسب بعض الوقت الإضافي لوالدها. فخلال بضعة أسابيع سيحصد قصب السكر وسيملك والدها ما يكفي من المال ليسدد دفعة من المال تساعده علي إيفاء دينه.


وفجأة سألها لوكاس: ( إذاً متي تظنين أنك قادرة علي البدء بالعمل؟).


أخذت بيني نفساً عميقاً. ستتدبر أمرها حتماً لبضعة أيام، وتعمل كمساعدة شخصية. فهي تملك بعض الخبرة في مجال عمل السكرتيرات، وردت بسرعة قبل أن تتمكن من تغيير رأيها: ( ما رأيك إذا بدأت الآن؟).

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-12-09, 02:43 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثاني:
- فتاة تحب الحرية
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
لم تستطع بيني أن تنام تلك الليلة. قضت الليل بطوله تتقلب في فراشها وقد شعرت بالندم لتسرعها وادعائها أنها مساعدة لوكاس داريان الشخصية.
ما فعلته جنون مطبق، فقد تظهر ميلدريد بانكروفت غداً وستقع عندها مشكلة كبيرة. وقد يتصل لوكاس بالشرطة، وقد تحاكم بتهمة التزوير.
لم تخالف طيلة حياتها القواعد والقوانين. والآن وبسبب لحظة جنون من الممكن أن تقع في مأزق كبير. ولكنها انزعجت كثيراً من الصفات التي نعت بها لوكاس والدها، فقد كان والدها رجل أعمال محترم قبل أن يتورط مع لورانس داريان.
أما كلام لوكاس عن كرم أخلاق والده وتحمله كل هذا الوقت كي يسدد له كينيدي بدافع الصداقة فأمر محض رياء وكذب. لقد أراد لورانس أن يفلس والدها والخلاف الذي وقع بينهما منذ سنوات عديدة لم يكن بدافع المال بل بسبب حب امرأة.... وهذه المرأة ما هي إلا والدة بيني.
فقبل أن تتزوج والد بيني، كانت كلارا تواعد لورانس داريان، وكانت متيمة بحبه حتى الجنون. ثم اكتشفت أنه متزوج وله أبن وزوجة في بورتوريكو. انهارت كلارا والتجأت إلي ذراعي ويليم كينيدي بحثاً عن العزاء، وبعد شهرين تزوجا.
جن جنون لورانس وعاد إلي بورتوريكو مهدداً بالانتقام وتاركاً أعماله غير المنتهية مع ويليم، وعاد والد بيني إلي إدارة ممتلكاته محاولاً نسيان أمر لورانس داريان. وولدت بيني بعد مرور عام علي زواج والديها وبدا الزوجين سعيدين للغاية. عاشت بيني طفولة مثالية، ولم يكن أحد يتحدث عن لورانس داريان إلا بإيجاز ومن دون إعطاء أهمية كبرى للموضوع. إلا أن بيني شكت أن والدها لم يكن واثقاً تماماً من حب والدتها له، وأنها قبلت به لنسيان حبها.
ولكن عندما بلغت بيني السادسة عشر من عمرها، توفيت والدتها، وتغير كل شيء.
ظهر لورانس داريان في الدفن، وقدم تعازيه لوالدها وتعانق الرجلان وبدا وكأنهما استعادا صداقتهما... وفيما بعد علاقة العمل التي كانت تجمعهما. فلم يكن قد وضع حد قانوني لشراكتهما، لذا سهل استكمال الأمور من حيث توقفت.
لم ترتح بيني لهذه العلاقة بين والدها ولورانس داريان. تذكرت جلوس الرجلين علي الشرفة يحتسيان الشاي حتى وقت متأخر من الليل.... وتذكرت تلك النظرة القاسية التي كانت تظهر في عيني لورانس كلما ذكرت والدتها المتوفاة. وعندما أخبرت والدها بمشاعرها، صرف النظر عن الموضوع وقال لها أنها تتوهم ليس إلا. ولكنها لم تكن تتوهم، فقد عقد لورانس العزم بكل شر وقوة علي إفلاس والدها. وعندما أيقن ويليم هذه الحقيقة كان الأوان قد فات.
لم يكن حكم والدها علي الأمور صائباً لا لأنه عديم الفائدة أو غبي، بل لأنه كان في حداد، وقد استغل لورانس هذا. حتى أنه استطاع الحصول علي سندات ملكية عقارهم. والآن، وبعد مرور نحو ثلاثة عشر عاماً علي الموضوع، وبالرغم من موته، ما زال مصراً علي الانتقام. عادت بيني تتقلب في فراشها، فإن سنحت لها فرصة للتعادل مع آل داريان، ألا يحق لها استغلالها.
وتذكرت آخر مرة رأت فيها لورانس داريان وسألته لم يعامل والدها بهذه القسوة. ابتسم ببرودة الثلج، وتمتم قبل أن يدير ظهره وينصرف: ( أنا أسوي دائماً حساباتي القديمة).
إذن ألم يحن دورها لتسوي الحسابات؟ ألم يحن وقت انتقامها لوالدتها التي تأذت كثيراً بسبب هذا الرجل؟ ولوالدها أيضاً...
وأخيراً، بعد أن طلع الفجر، استسلمت بيني للنوم. ولكن صفو نومها تعكر بأحلام لا بل كوابيس مزعجة. كان لورانس داريان يلاحقها في أروقة مظلمة وحين أمسك بها أخيراً قال لها:
- إن كنت تظنين أنك قادرة علي خداع فرد من أفراد عائلتي، فأنت مخطئة جداً.
جعلت لمسة يده التي وضعها علي كتفها دمها يغلي، ولكن فيما كان يدير وجهها لتواجهه، حدث شيء ما. لم يكن الوجه البارد الذي يحدق فيها هو وجه لورانس، بل وجه لوكاس.
تمتم وهو يحدق إليها: ( ثمة ثمن لخيبة الأمل).
وفجأة تحول شعورها في الحلم من الخوف إلي الإثارة، وقال:
- آمل أنك قادرة علي التسديد....
- وما هو الثمن؟
انحنى نحوها فاستيقظت حواسها كلها كما أنها قد قفزت من طائرة علي علو ثلاثة آلاف قدم...
وقفزت من مكانها علي صوت المنبه. كان قلبها يخفق بقوة وشعرت بدوار. لم يسبق أن راودها حلم بهذه الغرابة. وحتى الآن وبعد أن استيقظت، ما زالت تشعر بانزعاج... انزعاجا حقيقي لم تعرف له مثيلاً.
أزاحت عنها الغطاء وتوجهت إلي الحمام لتستحم. من الواضح أنها تناولت العشاء في وقت متأخر ليلة أمس... أو لعله الحر في الغرفة. فالمكيف معطل والمروحة لا تفي بالغرض.
إذا كانت تنوي البقاء في الفندق لليلة أخري عليها أن تعلم مكتب الاستقبال. ترى هل يفترض بها أن تبقي لليلة أخرى؟ أعليها أن تعاني خيبة الأمل؟ أو عليها العودة إلي المنزل ومواساة والدها... ومساعدته علي حزم ممتلكاته والاستعداد للرحيل؟ قالوا لها في الشركة أنها قادرة علي أخذ إجازة لمدة خمسة أسابيع لتملك ما يكفي من الوقت لتنظيم عملية الانتقال.
شعرت بالغضب لمجرد التفكير في الانتقال. لِمَ يفترض بوالدها ترك منزله؟ هذه الفكرة مزعجة جداً. لمَ يجب أن ينجو لورانس داريان بفعلته؟ لا، عليها أن تبقي هنا، وتلعب دور ميلدريد بانكروفت أقله لهذا اليوم.
لعلها ستكون محظوظة وتجد الأوراق فوراً.... وتضعها في مكان ما لن يخطر ببال لوكاس البحث فيه ثم السفر مجدداً إلي ميامي والالتحاق بسفينتها.
لن يربط لوكاس بينها وبين الأوراق التائهة... وقد لا يعرف حتى هويتها الحقيقية. وحتى لو فعل، فإخفاء الأوراق لا يعتبر جريمة.
- ميلدريد...؟ ميلدريد...؟ ميلدريد... هل أنت صماء؟
نظرت بيني إلي الأعلى فلاحظت أن لوكاس يتكلم معها:
- آه عذراً! كنت شاردة الذهن!
اقترب لوكاس من مكتبها وحدق إليها: ( بم كنت تفكرين بحق السماء؟).
لم يكن اقترابه منها مريحاً لها، كما لم تكن نظراته وابتسامته أيضاً.
- كنت أفكر...
حاولت التفكير بحجة مقنعة، فقد حضرت إلي المكتب في التاسعة صباحاً، ولم تخرج للغداء، والآن حان وقت العودة إلي المنزل... ولم تجد بعد أي أثر للأوراق التي تبحث عنها، وهي لم تفرغ إلا خزانتين.
- كنت أفكر بأنه لا بد حان وقت العشاء.... فقد بدأت معدتي تؤلمني.
- لا يفاجئني هذا، فأنت لم تتناولي الغداء، كما أنك تعملين بجد.
ونظر برضي إلي الطريقة التي نظمت فيها الأوراق وبوبتها وقال:
- أنت دقيقة جداً.
تنهدت بيني، فهي دقيقة ومنظمة في إدارة المنتجع، وترتيب مكتب لوكاس أمر سهل بالرغم من استغراقه بعض الوقت.
قال لوكاس وهو ينظر إلي ساعته: ( يستحسن إذن أن تتوقفي عن العمل لليوم، فقد غادرت شونا منذ نصف ساعة.
تفاجأت بيني لأنها لم تسمع المرأة الأخرى تغادر:
- أحقاً؟ لم أع أن الوقت متأخر إلي هذا الحد.
ابتسم لوكاس: ( لديها موعد مهم ولم يطاوعني قلبي علي القول لها أنها تغادر باكراً فقد بقيت لساعات بعد الدوام خلال الأسابيع المنصرمة).
فكرت وهي تنظر إليه بأنه قادر علي التصرف بلطف، كما أنه يبدو وسيماً للغاية في هذه البذلة الداكنة اللون. وتساءلت إن كان يمارس الرياضة ليحافظ علي هذه البنية الرشيقة أو تراه اكتسبها من دون عناء. وفجأة.. وجدت نفسها تتذكر الحلم الذي راودها هذا الصباح... فأجتاحها الخدر في مختلف أنحاء جسمها لهذه الفكرة.
وبسرعة، أشاحت بوجهها بعيداً، لا فائدة من التفكير بهذا الحلم، فهو لا يعني شيئاً... ثم ركزت انتباهها علي كومة الأوراق الأخيرة الموضوعة علي مكتبها. فالانجذاب نحو لوكاس داريان لا يعني سوى المتاعب. فبغض النظر عن سحره لا بد أنه شبيه بوالده... كما أنه قد يكون متزوجاً... ولكن ألم تقل شونا شيئاً عن تعكر مزاجه لأن صديقته قطعت علاقتها به؟ حسناً لعله غير متزوجا؟ لكن ما همها هي؟؟
- علي فكرة ميلدريد، أحتاج لمعرفة بعض التفاصيل عنك كي أتمكن من إدراج أسمك في الملفات. أنت تعلمين، الأمور المعتادة، رقم حسابك المصرفي وغيره كي أتمكن من تحويل راتبك مباشرة إلي المصرف و...
- إن كنت لا تمانع، أفضل الانتظار حتى انقضاء أسبوعي التجربة قبل أن تدرج أسمي في الملفات وغيره.
قاطعته بيني بكل ثقة، وتفاجأت لأنها بدت واثقة من نفسها إلي هذا الحد علماً أن قلبها يخفق بسرعة خوفاً ورعباً.
نظر إليها لوكاس مباشرة، وقد جالت عيناه السوداوان علي وجهها:
- ولم هذا؟ أتفكرين بعدم البقاء؟
- لا...
حاولت بيني أن تبتسم، عليها أن تلعب هذا الدور بحذر شديد، لأنه إن عرف لوكاس بأنها محتالة، فستسوء الأمور كثيراً، وبسرعة كبرى أيضاً.
- أفضل فقط إبقاء الأمور غير رسمية إلي أن تجعل وظيفتي دائمة.
تنهد لوكاس: ( حسناً، هذا حقك. يستحسن بي إذن أن أحسن التصرف إذا أردت الاحتفاظ بك).
شعرت بيني برغبة في الاستسلام وبمبادلته بعبارة لطيفة. فبسبب أسلوبه اللطيف، يسهل عليها تقبل أي شيء فيه. فكرت بهذا وهي تنظر إلي الدفء البادي في عينيه... دفء يجعل من السهل علي المرء التجاوب معه... لكنها فضلت أن تلزم الحذر، فهزت رأسها وقالت:
- نعم، هذه فكرة جيدة.
وابتسمت له قبل أن تدير ظهرها وتعود إلي كومة الأوراق المتبقية.
أردف لوكاس: ( إذاً ما رأيك لو أحسن التصرف وأوصلك إلي المنزل؟).
- ما من ضرورة. شكراً، هذا لطف منك.
ومرة جديدة ابتسمت له ببرودة ثم تابعت عملها.
كانت تدعي انهماكها فيما تفعله، إلا أنها كانت منتبهة كثيراً إلي قربه منها وتمنت لو أنه يبتعد.
- أعلم أنه ما من ضرورة لذلك، ولكنني أعرض عليك أن أوصلك.
بدا لوكاس منزعجاً من ردودها الباردة فتابع: ( في أي منطقة تسكنين يا ميلدريد؟).
أثار هذا السؤال البسيط الريبة في قلب بيني. وتمنت لو أنها تعرف شيئاً عن تلك المرأة التي انتحلت أسمها. نظرت إليه وقد بدا الضياع واضحاً في عينيها الخضراوين. إنها تكره ما يجري معها... فهي لا تجيد الكذب... سيكشف أمرها حتماً.
وفجأة تذكرت ما قاله لها لوكاس عندما كان يجري معها المقابلة. كانت ميلدريد تعمل كمساعدة شخصية للكولونيل مونتغومري كليف في باربادوس طيلة ثلاث سنوات. وتمسكت بهذه الذكري كغارق يتشبث بمركب الأمان.
- منذ أن تركت باربادوس، أعيش حياة الترحال. إذ بقيت كمية كبيرة من ممتلكاتي موضبة والآن أنا أقيم في فندق في سان خوان.
بدا كلامها مقنعاً. ودهشت بيني لطلاقتها.
- إذاً أنت لست واثقة من رغيتك بالبقاء هنا والإقامة في بورتوريكو، صح؟
أومأت بيني، وقد رضيت أن توافق علي نظريته وهي تأمل أن يتوقف عن طرح الأسئلة.
- حسناً، لا أظنك ستندمين علي مجيئك إلي بورتوريكو، فهي جزيرة جميلة جداً. من أين أنت أصلاً؟
لم تتوقع سؤاله: ( حسناً، أنا...).
سعلت بيني، إن قالت له إنها من أربودا، فلن يطول به الوقت حتى يدرك الحقيقة.
- أنا من باربادوس.
- جزيرة جميلة، لا بد أن حياتك فيها أمر جميل ورائع.
- نعم... رائع...
أحست بيني باحمرار وجهها وشعورها بالانزعاج.
- أما زالت عائلتك في باربادوس؟
- آه..
سعلت مجدداً وحاولت أن تأخذ نفساً عميقاً.
- هل أنت بخير؟
وتقدم منها وربت علي ظهرها وهي تحاول أن تتنشق كمية كبيرة من الهواء.
همست: ( شكراً... أنا بخير..).
وقف وذهب ليحضر لها كوب ماء من براد الماء الموضوع خارج باب المكتب. راقبته بيني بحذر من تحت رموشها. أتراوده الشكوك بشأنها؟ يبدو أنه يطرح الكثير من الأسئلة.
تمكنت من استعادة رباطة جأشها قبل أن يعود، إلا أنها ادعت عدم حصولها علي كمية كافية من الهواء وذلك تحسباً لرغبته بطرح المزيد من الأسئلة. إلا أن لوكاس لم يتابع الحديث بل وقف في مكانه يتفرج عليها وهي تشرب الماء البارد.
همست وهي تضع الكوب جانباً: ( شكراً لك).
- أنت علي الرحب والسعة.
ابتسم ومد يده ليطفئ المصباح الموضوع علي مكتبها، وأردف:
- هيا لنذهب من هنا، أظن أن كلينا قد عمل بما فيه الكفاية ليوم واحد.
تناولت بيني حقيبة يدها، وقد سرت بالوقوف، فقد أرادت أن تبتعد عنه بأسرع ما يمكن كيلا يطرح عليها المزيد من الأسئلة. فقالت باقتضاب: ( حسناً، سأراك غداً صباحاً).
نظر إليها ورفع حاجبيه: ( غداً السبت يا ميلدريد).
- أحقاً؟
حزنت بيني، فآخر ما تحتاج إليه في هذا الوقت هو عطلة نهاية الأسبوع، من الضروري جداً أن تجد الأوراق التي تبحث عنها قبل أن تظهر ميلدريد الحقيقية ويفتضح أمرها ...
همست: ( لقد فقدت الإحساس بالوقت).
- في الواقع، كنت سأسألك إن كنت لا تمانعين في العمل بضع ساعات إضافية نهاية هذا الأسبوع.
قال هذا وهو يطفئ الضوء الآخر ويمسك الباب لتخرج، ثم تابع:
- في الواقع أحتاج إلي هذه المستندات بسرعة والوقت لا يعمل لصالحي.
- نعم، أفهم تماماً ما تعنيه. لا أمانع أن أعمل في عطلة نهاية الأسبوع.
ابتسم لوكاس: ( هذا عظيم، وسأجعل الأمر يستحق العناء علي الصعيد المالي طبعاً).
أومأت بيدها كمن لا يهتم، فآخر ما يشغل بالها في الوقت الحالي هو مبلغ المال الذي سيدفعه لها لوكاس، فهي لا تنوي البقاء حتى قبض مستحقاتها علي أية حال.
- سنسوى هذه المسألة لاحقاً عندما أقرر أن أبقي. أو لعلك اتخذت قرارك وتريدني أن أبقي...
رد لوكاس مبتسماً وهو يفتح لها الباب الخارجي.
- أشعر أنه من النادر ألا يرغب أصحاب العمل بأن تبقي للعمل لديهم، أليس كذلك؟
- تواضعي يحول دون إجابتي علي هذا السؤال.
لم تستطع بيني ألا تبتسم. يبدو أنه لا يشك في شيء، كل ما في الأمر هو أن ضميرها يؤنبها.
قال لوكاس وهو يقفل باب المكتب: ( إذاً إلي أين أقلك، فسيارتي في الأسفل).
- سأستقل الباص يا لوكاس....
- لا تتصرفي بسخافة.
وابتعد عنها متجهاً نحو مدخل المرآب، من دون أن يترك لها أي مجال لتغير رأيها.
من جهة، سرت لأنها وجدت من يقلها فهي تشعر بالتعب والحر، ومن جهة أخرى، سيعرف لوكاس أين تقيم.... وسيستطيع الحضور إلي الفندق والتحري عنها.
منتديات ليلاس
فتح لوكاس باب سيارة مرسيدس رمادية اللون فجلست في المقعد المجاور لمقعد السائق.
سألها وهو يخرج من المرآب متوجهاً إلي الشارع المزدحم بالسيارات: ( حسناً، إلي أين؟).
- أقيم في حي سان خوان القديم.
علق لوكاس وهو ينتظر أن يتحرك السير: ( مكان جميل أليس كذلك؟).
- إنه خلاب.
- في أي فندق تنزلين؟
- كاساديل ملاريندا. إنه فندق جميل قرب...
- أعلم تماماً أين يقع.
- آه...
صمتت. تمنت لو أنها لم تقل هذا، فلسبب ما شعرت بأنها ضعيفة. وراحت تتساءل إن كان يعرف مالكي الفندق أيضاً، وتخيلت أن يقابل في يوم ما أصحاب الفندق في مكان عام، ويقول لهم تقيم مساعدتي الشخصية ميلدريد لديكم، ويري نظرة الاستغراب في عينيهم.
شعرت برعشة قوية. فنظر لوكاس إليها: ( هل مكيف الهواء قوي بالنسبة إليك؟).
- لا، أنا بخير.
- ولكنك ترتجفين. افتحي النافذة قليلاً ودعي بعض الهواء الساخن يدخل إن شئت.
- شكراً.
لا يفوت لوكاس داريان شيء أبداً.
زادت سرعة السيارة قليلاً عندما خفت زحمة السير ودخل بعض الهواء الساخن يداعب شعر بيني ويقربه من وجهها.
سألته وهي تحاول إدعاء عدم المبالاة: ( كيف تعرف مكان الفندق الذي أنزل فيه؟).
- إنه ذائع الصيت والجميع يعرف مكانه.
لا يبدو أنه يعرف أصحاب الفندق... الحمد لله.
تابع لوكاس ببرود: ( كنت أفكر أنه يستحسن بك أن تعملي غداً في منزلي. لدي غرفتان مليئتان بملفات والدي، لذا كلما أسرعت بالبحث فيهما كلما كان ذلك أفضل).
غرفتان! قضت اليوم بطوله ترتب خزانتي ملفات صغيرتين فكم سيستغرق من الوقت البحث في غرفتين مليئتين؟
وتابع لوكاس كلامه عندما لم تجبه بشيء:
- ولكن لا تقلقي، سأساعدك علي ترتيبها غداً إذ لدي الوقت.
- آه حقاً! ما من داع لذلك!
فآخر شيء تريده هو السماح للو كاس بمراقبتها تعمل.
- سننهي العمل بسرعة أكبر إن عملنا سوية.
- أظن أنك محق.
لم يعد من مجال لتقول له شيئاً.
استدار لوكاس نحو الشمال، وارتجت السيارة علي الطريق المليئة بالحصى لدي دخولهما شارع سان خوان. كانت الأبنية ذات الطراز الإسباني منتشرة علي طول الشوارع الضيقة، وكانت مطلية بألوان فاتحة وشرفات حديدية مليئة بالأزهار.
قالت وهما يقتربان من تقاطع الطريق الذي يؤدي إلي الفندق:
- يمكنك أن تنزلني هنا إن شئت.
- سأوصلك أمام باب الفندق، لا مشكلة.
رد لوكاس بنبرة لا تحتمل الرفض ثم سألها وهو يسلك الطريق الفرعية:
- ما الذي جعلك تقررين المجئ إلي بورتوريكو؟
شعرت بأنفاسها تنقطع: ( لقد عرضت علي الوكالة الوظيفة، فبدت مثيرة للاهتمام... إذ أنني أحب التنقل ورؤية أماكن مختلفة...).
- أنت فتاة تحب الحرية إذاً؟
- نعم، أظنني كذلك.
أقله الآن بيني تقول الحقيقة. فهي تحب السفر وقد كان هذا أحد الأسباب التي دفعتها لقبول العمل في منتجع سياحي متنقل علي سفينة.
توقف أمام الفندق: ( هذا أمر مشترك بيننا، فأحد الأسباب التي دفعتني إلي تأسيس شركة شحن ولعي بالشواطئ النائية)
- هل ساعدك والدك علي تأسيس شركتك؟
- لا، لم يهتم يوماً بالتجارة البحرية... بل البرية فقط.
- وهل كنت تعمل معه في صفقاته؟
لم تعلم لم سألته هذا السؤال، وظنت أنه بدافع الفضول.
- لا، كنت شديد الانهماك بأعمالي، ولكن لم تطرحين علي هذا السؤال؟
سرت لأن الظلام قد حل كيلا يري احمرار وجهها: ( لا شيء، أردت فقط أن أعرف إن كنت تملك فكرة عن المكان الذي يفترض بنا البحث فيه عن الملفات غداً).
- لا.... للأسف لا أملك أدني فكرة.
ردت بإيجابية: ( لا تقلق، فبعملنا معاً غداً، لا بد أنا سنجدها).
- فلنأمل ذلك.
قالت في نفسها ولنأمل أن أجدها قبلك! ويا للدهشة، خرج لوكاس من السيارة وفتح لها الباب. يا له من تصرف لائق! أمسكت يده التي مدها نحوها. وبعثت لمسة يده علي يدها في داخلها إحساساً غريباً. وبسرعة أفلتت يده.
ردت بتهذيب: ( شكراً لك لأنك أقليتني!).
ابتسم: ( أنت علي الرحب والسعة، فهذا أقل ما أستطيع فعله بعد أن عملت جاهدة طيلة اليوم ولم تخرجي إلي الغداء حتى).
تلك الليلة كان الهواء منعشاً يعبق برائحة الياسمين والفل المزروع في حديقة الفندق.
وقفت للحظة تحدق إليه. وفكرت وهي تشعر بشيء من الدوار بأن لوكاس داريان جذاب للغاية. إنه طويلا ونحيل وتنبعث منه قوة غريبة. ولعل السبب في ذلك هو عرض كتفيه مما يمنحه حضوراً قوياً، أو لعل نظراته الهادئة إليها هي التي تمنحه هذا السحر.
قال بهدوء: ( سأمر لاصطحابك غداً في التاسعة إلا ربعا).
شعرت وكأنها خضعت للتنويم المغناطيسي تحت سحر عينيه، فاستغرقت بضع لحظات لتدرك أن اصطحابه لها ليست بالفكرة الحميدة. فإن سأل أحدهم في الفندق عن الآنسة ميلدريد بانكروفت فستقع في ورطة كبيرة.
ردت بتسرع: ( لا بأس، إن أعطيتني عنوان منزلك سأستقل سيارة أجرة).
ابتسم: ( تحبين أن تكوني مستقلة، أليس كذلك؟ ولكن ما من مشكلة، فأنا مضطر إلي المجيء إلي الرصيف غداً صباحاً، علي إنهاء بعض الأعمال).
- حسناً.... ولكن.
- إن كنت سأتأخر سأتصل بك. ما هو رقم غرفتك؟
- لا... لا أتذكر. ولكن اسمع، يسهل علي حقاً أن أستقل سيارة أجرة و...
مد لوكاس يده ورفع ذقنها إلي الأعلى، فاضطرت إلي النظر في عينيه مجدداً. نظرت إليه برهة إلا أن سيلاً من المشاعر اجتاح أنحاء جسمها كافة.
قال بحزم: ( سأمر لاصطحابك غداً، ولا تقلقي بشأن رقم الغرفة فأنا واثق من أن ميلدريد بانكروفت واحدة تنزل في هذا الفندق).
هذا ما تظنه أنت! وراقبته وهو يبتعد عنها.
- أراك غداً يا ميلدريد.
- نعم... غدا....
صعد لوكاس إلي سيارته، لكنه لم يذهب بل انتظر ريثما تدخل إلي الفندق. وللحظة لم تكن سوى خيال منعكس علي الضوء.
لاحظ شكل جسمها في الفستان، ولون شعرها الذهبي. وتذكر كيف نظرت إليه منذ لحظات وكيف استعرت عيناها بمشاعر عميقة... لقد نظرت إليه بهذه الطريقة مرات عديدة ذلك اليوم. وبدت تارة وكأنها علي وشك أن تنقض عليه لتفترسه، وطوراً كأنها مستسلمة له بهناء وصفاء.
إنه مستعد للتضحية بأي شيء لمعرفة ما الذي يجول في خلدها. أدار لوكاس سيارته وابتعد. مازال عطرها يعبق في سيارته، ويعيد إليه ذكرى عينيها الخضراوين. ثمة شيء في هذه الآنسة بانكروفت يثير فضوله، غموض يشده ليعرف المزيد عنها....

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-12-09, 02:44 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث:
- ضاع الأمل
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
استيقظت بيني من الفجر واستحمت بسرعة ثم ارتدت تنوره بيضاء اللون مع قميص زهري. وضعت بعض التبرج علي وجهها محاولة إخفاء علامات عدم النوم، ثم نزلت علي السلالم إلي مكتب الاستقبال.
حزنت عندما رأت أن السيدة التي اعتادت بيني رؤيتها في مكتب الاستقبال غير موجودة، بل جلس مكانها الرجل الذي سجل أسمها وبياناتها يوم وصلت إلي الفندق.
منتديات ليلاس
حياها مبتسماً عندما وصلت إلي مكتب الاستقبال:
- صباح الخير سيدة كينيدي، لقد استيقظت باكراً هذا الصباح.
حاولت بيني عدم ملاحظة اهتمامه الظاهر بها وابتسمت له:
- فكرت في الذهاب في نزهة قبل أن تزداد أشعة الشمس قوة.
- فكرة ممتازة، ألديك مشاريع معينة لهذا اليوم؟
- في الواقع، أنا خارجة لتمضية النهار.... مع صديق.
حافظت علي ابتسامتها مرغمة:
- في الواقع، سيمر لاصطحابي بعد بضع ساعات، هل ستبقي في العمل حتى هذا الوقت؟
- نعم، أنا باق حتى العاشرة.
- سأكون ممتنة لو تتصل بي عندما يصل.
ثم رمته بابتسامة من ابتساماتها الساحرة، وقالت:
- آه! كدت أن أنسي. سيسأل عني تحت أسمي المهني ميلدريد بانكروفت.
سأل الرجل بسرعة قصوى: ( ولم تستعملين أسماً مهنياً؟).
- في الواقع أمارس مهنة الكتابة في وقت فراغي تحت أسم ميلدريد بانكروفت لذلك أنا في بورتوريكو، لإيجاد موضوع لكتابي الجديد. وسأكون ممتنة إن قمت بإعلام بقية موظفي الاستقبال إن ورد اتصال باسم ميلدريد بانكروفت بأن يحولوه إلي غرفتي أو يأخذوا رسالة بالنيابة عني.
أوشك عامل الاستقبال طرح المزيد من الأسئلة حول أنواع كتاباتها، لكنها لم تشأ المغالاة في الكذب أكثر.
- علي كل حال، أفضل أن أمضي، فالوقت يمر بسرعة، ولن أستطيع الذهاب في نزهتي ما لم أسرع.
كان قلبها يقفز من دون انتظام وهي تغادر الفندق نحو الشمس المشرقة. كانت تكره كل هذه الأكاذيب، وتساءلت إذا أقنعت الرجل بقصتها.
وجدت ساحة قبالة الفندق ومقهى صغير يقدم القهوة.
جلست قرب النافذة ليتسنى لها رؤية سيارة لوكاس إن حضر باكراًً، ثم طلبت فنجان كابوتشينو.
كانت تحتسي فنجان القهوة الثاني حين رأت سيارة لوكاس تركن قرب الفندق. وبسرعة وضعت بعض الأوراق النقدية علي الطاولة وخرجت من دون أن تنتظر الفكه.
- صباح الخير يا لوكاس.
نادت عليه من الشارع المقابل وهو يهم بإغلاق باب سيارته. وخيل لها للحظة أنه لم يسمعها، ثم ما لبث أن استدار نحوها.
- صباح الخير.
استند إلي سيارته وراح يراقبها وهي تتجه نحوه، جالت عيناه عليها، تلاحظان ساقيها الطويلتين تحت البذلة الأنيقة، وارتدائها حذاء عالي الكعب يعيق تقدمها علي الطريق المليء بالحصى.
قال لها ما إن وصلت إليه: ( أنت جاهزة والوقت لا يزال مبكراً).
- فكرت في استنشاق بعض الهواء النظيف قبل أن يزداد حر النهار.
- فكرة ممتازة.
ابتسم لها. بدا دافئاً وحنوناً. ثمة شيء غريب في لوكاس داريان يجعل نبضها يتسارع . حاولت إقناع نفسها بأن السبب وراء توترها هو الأكاذيب التي لا تنفك تلفقها، ولكن لا، ففي قرارة نفسها تعرف أن السبب مغاير لما تحاول إقناع نفسها به. فالمشكلة أنها تجده جذاباً بشكل خطير.
قال لوكاس وهو يتوجه ليفتح لها باب السيارة:
- لطالما اعتبرت أن الصباح هو الفترة الأفضل في اليوم.
وافقته الرأي وهي تحاول جاهدة التركيز علي الحديث لا عليه:
- نعم، وخاصة إن كنت تنوي قضاء بقية اليوم داخل المكتب.
- هل تتمنين لو أنك لم توافقي علي العمل لساعات إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع؟
- لا، أنا لا أمانع.
- حسناً، أعدك بأن لا أدعك تكدين في العمل. سنتوقف عند الظهيرة ونتناول غداءً شهياً، ما رأيك بهذا الاقتراح؟
ردت من دون أن تلتزم بوعد: ( فلنر كم سننجز من الملفات اليوم قبل أن نقرر لكم من الوقت سنستريح).
قال ممازحاً: ( إن كنت تحاولين إثارة إعجابي بمدى التزامك بالعمل آنسة بانكروفت، فلقد نجحتِ).
صعدت إلي السيارة، ونظرت إليه يسير في الاتجاه المعاكس ليوافيها. المشكلة أنها تركز علي الأمور الخطأ عندما يكون بجوارها. إنه يشتت انتباهها كثيراً، كما أن ملابسه هذا الصباح تزيد من تشتت انتباهها. كان يرتدي سروال جينز أزرق فاتح مع قميص يظهر عرض كتفيه.
وبصعوبة أشاحت بنظرها عنه. لا تفكري بأمور كهذه يا بيني! ركزي انتباهك علي سبب وجودك هنا! لوكاس داريان هو العدو.
صعد إلي السيارة وابتسم لها، فبادلته الابتسامة. يا إلهي يا لروعة عينيه!
- لا تنسي وضع حزام الأمان.
- لا، طبعاً لا.
وبسرعة استفاقت من حلمها ومدت يدها لتتناول حزام الأمان. فالغريب بالأمر هو أنها لم تشعر منذ سنوات بانجذاب كهذا نحو رجل ما. فآخر رجل أثار اهتمامها كان نيك، وانتهت علاقتهما بكارثة حقيقية، وكانت السبب الرئيسي لمغادرتها أربودا والذهاب للعمل في البحر.
كانت متيمة بحب نيك. وظنت أنه يبادلها الشعور نفسه. وصدمت صدمة كبيرة عندما عرفت أنه يقابل امرأة أخرى خفية عنها. وبأن الليالي التي كان يدعي فيها العمل لساعات متأخرة لادخار المال لزواجهما، كان يقضيها مع امرأة أخرى في السهر واللهو. لقد تألمت لخيانته، وأقسمت ألا تغرم بأحد مجدداً.

بالرغم من مرور عامين علي انفصالها عن نيك، ما زال التفكير بالموضوع يزعجها. وبحزم وجهت انتباهها إلي المناظر الطبيعية علي طول الطريق. لقد غادرا المنطقة الآن، وكانت السيارة تتجه صعوداً نحو طرقات جبلية ضيقة. كان الجبل أخضر واستوائياً، وبدا المنظر من الجبل الأخضر نحو البحر الأزرق خلاباً يخطف الألباب.
اتجه لوكاس بالسيارة نحو ممر ضيق يقود إلي حدائق مزينة تسورها أشجار جوز الهند قبل الوصول إلي منزل قائم علي تل. كان الدرج يقود إلي شرفة كبيرة تلف المبني مفروشة بكراس من قصب وأرجوحة موضوعة تسمح للجالس عليها بالتمتع بمنظر الأشجار والبحر خلفها.
أول ما لفت انتباه بيني عندما ترجلت من السيارة كان الصمت والسكون المحيطان بالمكان.
قالت وهي تصعد الدرج برفقته وصولاً إلي الشرفة: ( منزلك جميل هنا).
- كان بحاجة إلي الكثير من التصليح عندما اشتريته، واحتاج إلي الكثير من العمل ليعود إلي جماله، ولكن أظن بأننا نجحنا أخيراً.
فتح لها باب المدخل وأدخلها قبله إلي ردهة استقبال كبيرة. لاحظت بيني فوراً أنه لم يوفر أي مال في سبيل إعادة المنزل إلي رونقه وجماله. كانت الأرض من الخشب الصلب مغطاة بسجادة فارسية، ودرج كبير واسع وضعت قبالته ساعة حائط كبيرة وقديمة. لاحظت إلي اليمين غرفة للرسم مفروشة بأثاث أزرق وذهبي، أما إلي اليسار فغرفة الطعام تتوسطها طاولة ضخمة من خشب الماهوغاني.
- مكتبي في الجهة الأخرى من المنزل.
وتوقف لوكاس عن الكلام عندما فتح باب وركضت فتاة صغيرة في الرواق يتبعها كلب لابرادور ينبح فرحاً.
قالت الفتاة وهي تركض نحو لوكاس وتتوق ليحملها: ( أحزر ما حصل اليوم صباحاً؟).
حملها بين ذراعيه، ثم انحنى يداعب الكلب: ( ماذا جري؟ أصمت يا فلينت).
فصمت الكلب فجأة وهو يهز بذنبه وينظر إلي لوكاس.
سأل لوكاس الفتاة مجدداً: ( إذاً، ما سبب كل هذه الحماسة؟).
- كانت السيدة غوردن تخبز قالب حلوى فاحترق وبات أسود كالفحم، وتصاعد الدخان من الفرن وانطلق جهاز إنذار الحريق وراحت تصرخ وتصرخ من دون توقف.
استدار لوكاس نحو بيني:
- ما من صباح ممل في هذا المنزل! ميلدريد أقدم لك ابنتي ايزوبيل.
للوكاس ابنة... دهشت بيني دهشة ما بعدها دهشة. أيعني هذا أنه متزوج أيضاً؟ إذ عندما ذكرت شونا انفصاله عن صديقته، استنتجت بيني أنه عازب. ولكن كان حرى بها أن تعلم، فهو زير نساء تماماً كما كان والده.
نظرت الفتاة إليها بعينين واسعتين ملؤهما الفضول. تبدو في السادسة من عمرها وهي رائعة بوجهها الناعم وشعرها الأسود اللماع الناعم، وعينيها السوداوين كالفحم.
ابتسمت بيني لها: ( مرحباً ايزوبيل).
بادلتها الابتسامة: ( مرحباً).
ظهرت امرأة في الرواق تضع واحدة من يديها علي خصرها ووجهها مقطب: ( ايزوبيل، تعالي ونظفي الفوضى التي أحدثتها من فضلك).
- حاضر سيدة غوردن.
لم تسر ايزوبيل بما طلب منها إلا أنها أذعنت للأوامر ونزلت من بين ذراع والدها علي مضض وتوجهت نحو السيدة الأخرى.
قال لوكاس ممازحاً: ( أظنك عرفت نشاطاً غير عادي في المطبخ هذا الصباح سيدة غوردن!).
ردت المرأة وهي تهز رأسها: ( لا بد أن منبه الوقت في الفرن معطل، لم يسبق أن حصلت معي كارثة مماثلة).
ونظرت إلي الكلب الذي حاول اجتيازها ليتبع الطفلة خلسة:
- كما وقلت مراراً أن المطبخ ليس بمكان يدخل إليه الكلب.
ثم قالت مشيرة بأصبعها إلي الكلب: ( هيا اذهب من هنا!).
ابتعد فلينت ثم جلس يراقب الباب بحسرة بعدما أغلق وراء المرأة والفتاة.
قال لوكاس مبتسماً وهو يدل بيني إلي رواق:
- هذه السيدة غوردن مدبرة منزلي... ومربية ايزوبيل. لا تنخدعي بمظهرها القاسي، فهذه المرأة كنز ثمين وتدير المنزل بفعالية تامة... حسناً غالباً ما تفعل هذا، فهي لم تحرق شيئاً من قبل.
تمتمت بيني: ( نمر كلنا بأيام صعبة. لا بد أن زوجتك ممتنة للحصول علي مساعدة فهذا المنزل كبير ويصعب تولي أمره).
- لسوء الحظ توفيت زوجتي منذ أربع سنوات.
- أنا آسفة جداً.
نظرت إليه بيني بأسي، وشعرت بالذنب لاعتقادها أنه زير نساء كوالده.
فتح لوكاس الباب لتظهر غرفة كبيرة فسيحة ملئي بالصناديق وخزائن الملفات التي تحجب رؤية النافذة الكبيرة الفرنسية الطراز.
قال لوكاس عندما استدار ورأي التعابير التي ارتسمت علي وجهها:
- قلت لك أنه ثمة الكثير من العمل.
لكن بيني لم تكن تفكر في كمية الملفات بل في أن من الخطأ أن تخدع هذا الرجل.
وقبل أن تتمكن من قول أي شيء، رن هاتف المكتب فأجاب لوكاس:
- مرحباً...لا، لم أجد الملفات بعد. آمل أن أجدها اليوم فنطرد ويليم كينيدي في نهاية الشهر وتتمكن الجرافات من بدء العمل.
شعرت بيني بقلبها ينقبض عندما سمعت أسم والدها يذكر بتلك الطريقة الباردة.
- سأتصل بك وسأعلمك بما يجد يا سلفادور. نعم.... ما من مشكلة، كيف حال ماريا؟ حسناً أرسل لها سلامي.
أغلق لوكاس سماعة الهاتف ونظر نحو بيني: ( هل أنت بخير؟).
ولاحظت أنها تقف مسمرة في مكانها تحدق إليه.
ردت بسرعة وهي تغلق الباب خلفها وتدخل: ( نعم... بخير).
- إنه سلفادور، صديق العائلة، ومحامي. تنتظر زوجته طفلها الأول، لذا فالجو في منزلهما مليء بالإثارة.
قالت بيني وهي تتجه نحو المكتب: ( يفاجئني أن يفكر بالعمل نهار السبت إذاً).
- نعم، أنه رجل ممتاز. أنا ممتن له لأنه قبل الحلول محل محامي والدي السابق. فذاك الرجل كان محتالاً للغاية ولم أثق به يوماً.
ولعل هذا هو السبب الذي دفع والده لتوظيفه.
- إذاً سيحرص صديقك علي تنفيذ أمر الإخلاء بحق السيد كينيدي.
- إن استطعت إيجاد المستندات اللازمة.
حاولت بيني إفساح المجال علي المكتب حتى تبدأ العمل وسألت:
- هل تراودك الشكوك حول هذا الأمر؟
- حول ماذا؟
- حول طرد رجل عاجز من ممتلكاته!
لم يجب لوكاس فوراً، ونظرت إليه وأيقنت أنها تريد من كل قلبها أن يجيب بالإيجاب. وإن أقر بهذا، فقد تخبره الحقيقة.
ابتسم ابتسامة جافة: ( تطرحين سؤالاً غريباً).
- أحقاً؟
تملكها الرعب وخافت أن تكون قد تجاوزت الحدود.
وقف لوكاس قرب خزانة الملفات وحدق إليها متسائلاً:
- نعم، لم تطرحين هذا السؤال؟
- لقد تذكرت بأنك قلت لي أن الرجل كان شريك والدك في العمل، وكنت أتساءل إن كنت تشعر ببعض التردد لاتخاذ الأمور هذا المنحي، ليس إلا.
- حسناً تعرفين ما يقال ميلدريد... لا يمكن للمشاعر أن تلعب دوراً في الأعمال.
جاء جوابه مطابقاً للجواب الذي كان سيدلي به والده لو طرح عليه السؤال عينه، فخاب أملها. أرادت أن تقول له بأن ما يجري ليس عملاً، بل هو انتقام مدبر ضد رجل عجوز ضعيف، انتقام أصر والده القاسي القلب علي المضي قدماً فيه حتى بعد وفاته. ولكن أن تقول هذا يعني أن تكشف الحقيقة، ولم تكن واثقة من رغبتها بالإقدام علي هذه الخطوة، وخاصة الآن بعد أن سمعته يتحدث إلي محاميه.
- حسناً، أظن أن علينا البدء بالعمل.
قالت هذا وهي تخلع سترتها وتتناول ملفاً من الملفات. تباً له علي كل حال! فكرت وهي تفرغ محتويات الملف علي المكتب، وتنظر إليها بحثاً عن صك ملكية منزل والدها. يستحسن بها استغلال الفرصة إلي أقصي حد. فهذه هي الفرصة الوحيدة التي يملكها والدها للخروج من مأزقه.
طارت الساعة تلو الأخرى بسرعة جنونية، وبدا البحث عن الملفات دون جدوى. وعندما اقترح لوكاس التوقف عن العمل لأخذ استراحة الغداء، رفضت بيني وتمتمت:
- علينا أن نكمل، فالوقت يداهمنا ولا يعمل لصالحنا.
- حسناً، اسمعي، سنأكل ونحن نعمل، بشرط واحد.
نظرت إليه: ( ما هو هذا الشرط؟).
ابتسم: ( أن تبقي لتناول العشاء معي هذه الليلة).
ثمة شيء في الطريقة التي وجه فيها الدعوة إليها جعلت قلبها يتوقف للحظة. ردت بتسرع: ( لا أظن أنني أقدر).
- ولم لا؟
- هذا لطف بالغ منك... ولكنني لا أريد أن أتطفل.
- أنت لا تتطفلين، فأنا أريدك أن تبقي.
والمزعج في الأمر أنها أرادت أن تبقي، بالرغم من أنها تدرك ضرورة إبقاء مسافة بينهما والحفاظ علي علاقة عمل فحسب.
- أظن أننا نستطيع عندها متابعة العمل بعد العشاء.
محاولة أن تبرر لنفسها سبب قبولها الدعوة.
- هل تتكلمين بجدية؟
نظر إليها لوكاس ممازحاً. جعلها سؤاله ونظراته تحمر:
- حسناً، أحاول أن أتصرف بطريقة مسئولة. فالوقت يمر بسرعة.
- أظن بأننا سنكون قد أنجزنا كمية كبيرة من العمل حتى وقت العشاء. والآن اعذريني، سأذهب للبحث عن السيدة غوردن لأطلب منها أن تعد لنا شيئاً خفيفاً نتناوله هنا ريثما يحل وقت العشاء.
رجعت بيني إلي الوراء علي كرسيها وتنهدت عندما غادر الغرفة. حبذا لو أنه بارد وقاس لكان سهل عليها مهمتها. نظرت إلي الملفات التي يعمل عليها وفكرت أن تلقي نظرة سريعة عليها قبل عودته.
كانت بيني تنظر إلي كومة من الرسائل حين عثرت علي رسالة بعثها والدها في العام الفائت. وبسرعة نظرت أكثر في الملف، فإن وجدت فيه رسالة لوالدها، فلا بد أن هناك المزيد.
وما إن استغرقت في البحث حتى سمعت وقع خطوات لوكاس. وبسرعة البرق دمجت هذا الملف بالملف الذي كانت تعمل عليه وعادت إلي مقعدها.
دخل لوكاس ما إن جلست علي الكرسي.
- كيف تجري الأمور؟
- بخير.
وضع كوباً من القهوة بجانبها: ( هل وجدت شيئاً؟).
- ليس بعد!
- لعلي سأكون محظوظاً بهذا الملف. لاحظت وجود بعض الرسائل من ويليم كينيدي، فربما تكون المستندات هنا أيضاَ.
- هذا مبشر فعلاً.
شعرت بيني بانقباض في معدتها. فهي لم تعي أنه سبق له أن نظر إلي علبة الملفات. سيعرف حتماً أنها أخذتها.
تمتم وهو يبحث في الملف: ( غريب أعجز عن إيجاد الرسائل).
- لا بد أنك تنظر في الصندوق الخطأ.
وقفت بيني ونظرت إلي خزانة من خزائن الملفات الموضوعة خلفه، تشغل نفسها في ترتيب أوراق سبق أن فرزتها. لن تستطيع تحمل الجلوس قبالته لأنه إن نظر إليها مباشرة وسألها إن هي أخذت الملف، فسيصبح وجهها أحمر كالدم.
فتح باب المكتب ودخلت السيدة غوردن تحمل السندوتشات. ووقفت ايزوبيل عند الباب خلفها.
قالت بخجل: ( لا تنس أنك وعدتني بأن تسبح معي بعد الظهر).
نظر لوكاس إلي ابنته: ( لا، لن أنسي يا حبيبتي).
ابتسمت الفتاة وهرعت إلي داخل المكتب لتجلس علي حضن والدها.
- لكم من الوقت ستعمل بعد يا أبي؟
- امنحيني ساعة من الوقت وسأكون بتصرفك.
وأزاح شعرها الأسود الناعم عن وجهها ثم سألها: ( هل تناولت الغداء؟).
أومأت إيزوبيل: ( نعم، تناولت البيتزا).
سألها وهو يرفع حاجبه: ( وهل تناولت بعض السلطة معها؟).
حكت إيزوبيل أنفها، فقال لوكاس بحنان:
- تعرفين أن عليك تناول بعض الخضار يا إيزي، سبق أن تحدثنا عن هذا الموضوع... أتذكرين؟
- نعم.
دغدغها لوكاس وضحكت ثم قال:
- يستحسن أن تتناولي الخضار أيتها الآنسة الصغيرة وإلا ستقعين في مشكلة كبيرة.
- حسناً.... حسناً...
قبل جبينها وقال:
- أنت فتاة مطيعة، والآن أذهبي ودعي والدك يعود إلي عمله. سأوافيك بعد قليل لنسبح.
لفت الفتاة ذراعيها حول والدها وقبلته: ( أحبك أبي).
- وأنا أيضاً يا صغيرتي.
وهرعت إيزوبيل نحو الباب حيث كانت السيدة غوردن تنتظرها.
- عذراً للمقاطعة. لكن كما استنتجت حتماً أنا مضطر لتركك لبضع ساعات لأقضي بعض الوقت مع ابنتي.
- لا بأس.
عادت بيني إلي مقعدها. لقد أثر بها ما جري بينه وبين ابنته.
- لا بد أن الأمر متعب أن تكون مدير شركة ووالد أعزب في الوقت عينه.
- الأمر ليس سهلاً، وأكره حين أضطر إلي العمل لساعات إضافية. لكن السيدة غوردن قادرة علي تحمل المسئولية، وإيزوبيل تحبها كثيراً، مما يخفف عني الضغط.
ومد يده إلي الملف الموضوع أمامه.
توقعت بيني أن يعلق علي الرسائل الضائعة، لكنه لم يعاود ذكر الموضوع.
نظرت إليه فإذا به غارق في قراءة مستند ما. وعلي مضض. عادت إلي كومة الأوراق الموضوعة أمامها.
ساد الصمت في الغرفة لا يقطعه سوى حفيف الأوراق، وصوت قلمها وهي تبوب المستندات. وتساءلت بم هو منهمك إلي هذا الحد.
وفجأة قال لوكاس: ( حسناً، هذا أمر مثير للاهتمام!).
- ماذا؟
- وجدت بعض الأوراق المتعلقة بالشراكة بين والدي وكينيدي.
- أحقاً؟
- كما وجدت صك ملكية كينيدي.
وحمل مستندات صفراء اللون ولوح بها عالياً.
اتسعت عينا بيني. لم تصدق ما تري. تباً! يا لحظها السيئ!
حاولت إبداء بعض الحماسة:
- آه، رائع، أيعني هذا أنك ستمضي قدماً في عملية الإخلاء فوراً؟
- لا، فبحسب سلفادور، أحتاج إلي المزيد من الأوراق، كنسخ عن الإنذارات السابقة، وغيرها. ولكن حصولي علي صك الملكية يسهل علي الكثير من الأمور.
أبعد لوكاس كرسيه عن المكتب:
- سأضعها في مكان آمن لآخذها إلي سلفادور صباح الاثنين أو ربما غداً إن كان متفرغاً.
راقبته بيني يتجه نحو الدرج الأعلى ويضع الملفات فيه، ثم يغلقه بالمفتاح ويضع المفتاح في جيب سرواله. قال لوكاس ببرودة: ( سأقضي بعض الوقت مع ابنتي. إذاً أستطيع تركك تعملين علي الملفات وتبحثين عن الإنذارات ...).
- طبعاً.
راقبته يغادر الغرفة وقد تبعه فلينت عن كثب. ثم رجعت في كرسيها إلي الوراء وأنت.
ظنت أن كل ما تستطيع فعله الآن هو محاولة إيجاد بقية الأوراق. جالت بعينيها علي الغرفة تنظر إلي الصناديق والخزائن المعدنية. وفجأة أحست بصعوبة مهمتها أكثر فأكثر، وانتابها شعور مزعج إذ أحست بأن ميلدريد الحقيقية ستظهر قبل أن تجد تلك الأوراق.
* * *

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-12-09, 02:45 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الرابع:
- انتبهي وإلا....
ــــــــــــــــــــــــــــــ
عملت بيني بجهد طيلة فترة بعد الظهر، إلا أنها لم تجد الأوراق. وما برح نظرها يميل نحو الخزانة المقفلة التي تحتوي علي صك منزل والدها.
سمعت ضحكة طفلة في الخارج فوقفت بيني تتفرج من النافذة. استطاعت أن ترى حافة بركة السباحة والمصطبة الطويلة حيث تناثرت كراس وطاولات ومظلات. وفيما هي تنظر، رأت لوكاس يسبح وإيزوبيل تركض بلباس سباحة أحمر اللون.
وقف لوكاس في الماء ومد يديه نحو ابنته. وببهجة قفزت الفتاة فحملها لوكاس ووضعها علي كتفيه.
- مجدداً...مجدداً...
وصل صوت إيزوبيل إلي مسامع بيني، كما وصلت ضحكتها عندما كان لوكاس يدور بها قبل أن يضعها علي حافة بركة السباحة لتكرار العملية نفسها.
يا لصبره معها! فكرت بيني مبتسمة وهي تشاهد لوكاس يلاعب ابنته. وفجأة انحرف تفكيرها من مدى روعته كوالد إلي جسمه الرائع.
وبغضب ابتعدت عن النافذة وعادت إلي العمل. عليها أن تكف عن التفكير بلوكاس كرجل بل عليها أن تذكر دوماً أنه العدو، فكل تفكير آخر هو جنون مطبق. كانت غاضبة جداً من نفسها، فانكبت علي العمل بسرعة أكبر. إلا أن سرعتها في العمل لم تفدها بشيء، فلم يظهر أي أثر للأوراق.
ولحين عودة لوكاس إلي المكتب بعد حوالي الساعة، كانت قد استكملت العمل علي أكثر من صندوق ولكن من دون جدوى، وشعرت بالإحباط الشديد.
قال لوكاس مسروراً وهو ينظر إلي المساحة التي فرغت في الغرفة:
- لقد أنجزت الكثير من العمل، فهل حالفك الحظ بايجاد الأوراق؟
هزت رأسها نفياً. ابتسم: ( لا تقلقي، فهي ليست مهمة للغاية الآن وقد وجدنا صك الملكية. لعلنا سنجدها غداً. والآن لم لا تنضمين إلي لشرب شيء بارد قبل العشاء علي الشرفة؟).
أسندت بيني ظهرها علي الكرسي ونظرت إليه. لاحظت أنه غير ملابسه وارتدي سروال جينز أسود وقميصاً. كان شعره منسدلاً إلي الوراء ولا يزال رطباً.
يا للأسف! إنها تجده جذاباً إلي هذا الحد، فهذا يزيد من سوء الوضع.
حدق إليها بنظرة قاتلة: ( إذاً ماذا قلت؟ هل نشاهد الشمس تغرب ونحن نتناول بعض الشاي المثلج أو العصير؟).
بدا العرض مغرياً جداً. وقد ضاقت ذرعاً من العمل.
- هذه فكرة جيدة.
تركت سترتها معلقة علي ظهر الكرسي ووقفت وتبعته إلي خارج المكتب. وبالرغم من أن الهواء دافئ في الخارج إلا أن هناك نسيم عليل يلطف الأجواء. انحنت بيني علي الشرفة الخشبية وحدقت إلي الحديقة فإلي الأشجار التي يطل البحر خلفها. بدأت الشمس بالغروب فأضاءت البحر بألسنة من نار.
انضم لوكاس إليها وقدم لها كوباً من الشاي المثلج.
ابتسمت له: ( شكراً، لديك منظر طبيعي رائع من هنا).
- نعم.
ساد الصمت للحظة تأمل فيها كلاهما الشمس تغرب، استدارت قليلاً لتنظر إليه فوجدت عينيه مسمرتين عليها. ترى هل تتخيل الأمور أم أنه يراقبها عن كثب؟ قال: ( بما أنك آتية من باربادوس، فلا بد أنك معتادة علي المناظر الطبيعية الجميلة).
إنه كلام طبيعي، ولكنه نبه أعصابها وحواسها، فوافقت محاولة التحدث بطريقة عادية خالية من الانفعال.
- باربادوس جزيرة جميلة.
- أين كنت تعيشين؟ أفي الجزء التابع للكاراييب أو للمحيط الأطلسي من الجزيرة؟
- الأطلسي.
إنها تكذب طبعاً، فلقد عاشت علي الساحل الأطلسي لجزيرة أربودا.
- المناظر الطبيعية رائعة هناك وخصوصاً علي الشاطئ الجنوبي ناحية بيتشابا.
- أري بأنك قد زرت باربادوس.
حاولت تغيير مسار الحديث لينصب عليه، فكل تلك الأكاذيب تشعرها بالانزعاج.
- أذهب في رحلات عمل كثيرة إلي هناك. كما وأنني قضيت شهر عسلي علي تلك الجزيرة.
- إنه مكان رومانسي جداً لتمضية شهر العسل.
- نعم...
صمت لوكاس لبرهة. ظنت بيني أنها رأت في عينيه بعض الغضب ولكنها لم تكن واثقة.
قالت: ( لا بد أنك تفتقدها كثيراً).
أحنى رأسه: ( كان الأمر صعباً علي في السنوات الفائتة).
هبط الليل كستار أسود، وبات صوت الحشرات يسمع كأنه أوركسترا تعزف من دون انسجام.
- أتمانع إن سألتك ماذا جرى لها، أم أنه سؤال شخصي جداً؟
تنهد: ( لا، لا أمانع. توفيت وهي تحاول إنقاذ رجل من الغرق، ما كان يفترض به النزول إلي الماء، فقد كان ثملاً كما أنهم أذاعوا طيلة النهار عن احتمال وصول عواصف. والمضحك المبكي في الأمر هو أن الرجل بخير الآن. فقد تمكن من العودة إلي الشاطئ، أما كاي، التي كانت سباحة ماهرة ومعلمة رياضة، فلم...).
ذعرت بيني: ( هل كنت معها عندما حصلت الحادثة؟).
هز لوكاس رأسه نفياً: ( لا، كنت في العمل. لم أعلم بما جري إلا عندما حضر رجال الشرطة إلي مكتبي لإعلامي بالفاجعة).
- آسفة فعلاً يا لوكاس، لا بد أنك تألمت كثيراً.
- احتجت إلي الكثير من الوقت لأتقبل الفكرة.
وتوقف للحظة عن الكلام وشرب بعض الشاي المثلج ثم أكمل:
- علي كل حال، كفي حديثاً عن هذا الموضوع المأساوي وأخبريني عنك.
- أنا؟ ما من شيء هام أخبره.
تفاجأت لتحول الحديث نحوها مجدداً.
- لا أصدق هذا، أنا علي ثقة من وجود الكثير من الأمور المثيرة للاهتمام والتي يمكنك إخباري إياها.
شعرت بيني بالانزعاج: ( هذا رهن بما تسميه مثيراً للاهتمام).
- حسناً، لم تفتقر سيرتك الذاتية إلي الدقة؟
شعرت بيني باحمرار وجنتيها.
- أنت تعلمين هذا، فبحسب الأوراق التي أرسلتها لي الوكالة، يفترض بك أن تكوني في الخامسة والخمسين من العمر. كم عمرك أساساً؟
- ألا تعلم أنه لا يفترض بالرجل النبيل أن يسأل السيدة عن عمرها؟
- لم أدع يوماً أنني رجل نبيل. أظن أنك في السادسة والعشرين من العمر.
صححت معلوماته: ( في الثامنة والعشرين).
- حسناً، لن أقول المزيد، ولكن ثمة شيء غير دقيق.
- كل ما في الأمر هو أن عدداً من أصحاب العمل يفضلون الحصول علي مساعدات شخصيات كبيرات في السن، فأضفيت بعض المبالغات علي سيرتي الذاتية. كما أنني ما إن أبدأ العمل، فلا أحد يتذمر مني.
- وأنا لا أتذمر أيضاً... أقله حتى الآن، فبالإضافة إلي المغالاة في السيرة الذاتية، ماذا تنوين بعد؟
قفز قلبها من مكانه.
عفواً؟
أوضح سؤاله: ( ماذا تفعلين في وقت فراغك؟).
ابتسمت وتابعت: ( آه... فهمت. حسناً أحب القراءة، والاستماع إلي الموسيقي، وممارسة اليوغا لأسترخي، وتعلمت الإبحار عندما كنت في أر.... باربادوس).
أوشكت أن تقول أربودا وتكشف الأمر كله. قفز قلبها في صدرها. لم تكن تجيد الكذب كما أنها تكرهه، وتكره أن تكذب عليه بشكل خاص. جال بنظره عليها، وقال: ( أنا أيضاً أحب الإبحار عندما أملك الوقت. في الواقع لدي يخت راس في مكان غير بعيد من هنا).
أقله لم يلاحظ زلة لسانها، ولكن عليها أن تلزم الحذر. سألها:
- لعلك تودين مرافقتي للإبحار في عطلة نهاية أسبوع ما؟ كعربون شكر علي عملك الشاق.
ابتسمت: ( فكرة رائعة).
وفيما نظرت إلي سواد عينيه أيقنت أن هذه الفكرة فعلاً رائعة. إنها تود لو تمضي المزيد من الوقت معه، والتعرف إليه عن كثب..... وبسرعة أشاحت بنظرها بعيداً وشربت جرعة من الشاي، لن يحصل أبداً ما تفكر فيه. إنها هنا لسبب واحد. إنه عدو والدها وهذا كل ما تحتاج لمعرفته عنه، فبمجرد التفكير أنه طيب، تخون والدها.
تابع: ( ربما يمكننا الذهاب في عطلة نهاية الأسبوع المقبلة. أشعر بأننا سنكون قد انتهينا من هذه الأعمال حتى وقتها).
- فلنأمل هذا!
- حسناً! إن لم أجد الأوراق المطلوبة حتى ذلك الوقت، فيمكنني توديع صفقة أربودا لأن رخصة البناء ستكون قد انتهت مدتها. مما يعني أنني سأفقد شاري المشروع أيضاً.
نظرت إليه بيني وقد ارتسمت علي وجهها أسئلة كثيرة.
- لقد عرض علي شخص مبلغ كبيراً من المال لقاء عقار كينيدي والشاطئ المقابل وقد وافقت علي العملية لأنني لا أنوي أبداً الإشراف علي المشروع بنفسي. ولكن المشكلة الوحيدة هي أننا إن لم نتم صفقة البيع قبل نهاية الشهر، تلغي الصفقة.
- يا للأسف!
- حسناً، فلنأمل الآن بعد أن وجدنا الصك ألا تكون الأوراق الأخرى بعيدة.
يا لوقاحة هذا الرجل! لقد وجد مشترياً لمنزل والدها الذي لم يصبح ملكه بعد!
وصلت مدبرة المنزل ووقفت أمام الباب خلفهما: ( العشاء جاهز).
- شكراً لك سيدة غوردن.
وابتسم لبيني ثم قال: ( علي كل حال كفانا حديثاً عن الأعمال لهذه الليلة).
- نعم، أنت محق. أظنني سأري صناديق من الأوراق في أحلامي الليلة.
ضحك لوكاس: ( يبدو هذا الحلم أشبه بكابوس).
أكثر مما تتصور، فكرت وهما يدخلان إلي المنزل.
جهزت غرفة الطعام الواسعة لشخصين. كان ضوء الشمعة يرقص وينعكس علي الطاولة اللامعة، وعبقت الغرفة برائحة السوسن الأبيض.
مرت السيدة غوردن بجانبها وقالت: ( لطالما أحبت السيدة داريان وضع زهور نضرة في المنزل).
عندما انفرد لوكاس وبيني، قال لها: ( السيدة غوردن مخلصة جداً لزوجتي، فقد كانت تعتني بكاي عندما كانت طفلة، وقد فكرت فيها كاي وحدها عندما بدأنا نبحث عن مدبرة للمنزل).
سُمع صوت في الرواق فاستدار.
- أبي...
وقفت إيزوبيل في وسط الغرفة ترتدي بيجامة بيضاء وتحمل دباً صغيراً في يدها.
- قالت لي السيدة غوردن أنه علي أن أتمني لكما ليلة سعيدة. ولكن ألا يمكنني السهر لفترة أطول، فما من مدرسة غداً؟
- لا أظن ذلك يا عزيزتي. فعليك أن تنهضي باكراً في الغد... قالت جدتك أنها ستمر لاصطحابك في السابعة والنصف.
اقتربت إيزوبيل أكثر.
- ولكنني لست متعبة.
- ستتعبين غداً ما لم تنامي جيداً هذه الليلة.
مد لوكاس يده وحملها ليضعها علي ركبته. ضحكت ونظرت إلي الجهة الأخرى نحو بيني بعينين تشعان: ( هل أنت صديقة أبي الجديدة؟).
ولسبب من الأسباب، لاحظت بيني بأن لوكاس ينظر إليها:
- لا إيزوبيل، أنا أعمل مع والدك، أساعده علي ترتيب كافة الملفات الموجودة في المكتب.
أومأت إيزوبيل ثم أخبرت بيني بجدية: ( سألعب دور الأميرة الجنية في مسرحية المدرسة).
- أنا واثقة من أنك ستكونين أميرة جنية جميلة جداً. ماذا سترتدين؟
عبست إيزوبيل: ( لا أعرف).
- حسناً! ترتدي الأميرة الجنية عادة فستاناً أبيض طويلاً، وتضع علي رأسها تاجاً صغيراً، وتحمل صولجاناً علي رأسه نجمة. أتظنين أنك سترتدين شيئاً كهذا؟
ابتسمت إيزوبيل ابتسامة عريضة:
- لا أعرف، يمكن.... ستصطحبني الآنسة غوردن للتسوق.
وصلت المربية في تلك اللحظة.
- لن آخذك للتسوق أيتها الآنسة الصغيرة، ما لم تذهبي إلي النوم خلال خمس دقائق.
أنت إيزوبيل بغنج، ثم قبلت والدها علي خده: ( طابت ليلتك أبي).
- عمت مساءاً صغيرتي، سأصعد بعد قليل لأتمنى لك أحلاماً سعيدة.
نزلت الفتاة من حضن والدها، ويا للمفاجأة توجهت نحو بيني وقبلتها أيضاً، كانت رائحتها كرائحة معظم الأطفال وكان شعرها ناعم الملمس علي خد بيني.
سألتها بعينين جديتين: ( أتظنين أنني سأحتاج إلي جناحين لأبدو كأميرة الجن؟).
- بالتأكيد، فكل الأميرات الجنيات يملكن أجنحة.
ابتسمت إيزوبيل: ( لا أقوى علي الانتظار).
ثم لوحت لوالدها بيدها وغادرت الغرفة.
وما إن غادرت السيدة غوردن، سألها لوكاس:
- كيف تجدين الإقامة في الفندق يا ميلدريد؟
- إنها مريحة جداً.
ما زالت تستغرب عندما يناديها ميلدريد.
- أظنك ستبحثين عن شقة قريباً، هذا إن قررت البقاء طبعاً.
- أظن ذلك، لكنني لم أفكر في الموضوع بعد.
ادعت أنها مهتمة بالقريدس والأفوكادو الموضوع أمامها. قالت محاولة تغيير موضوع مستقبلها: ( يبدو هذا لذيذاً).
- نعم، فالسيدة غوردن ماهرة جداً في الطهي، ثمة شقق جديدة في مبني قريب من المكتب، وقد سمعت أنها حسنة، ويبدو أنها مصممة بطريقة ممتازة، ما من ضير في إلقاء نظرة عليها.
- سأتذكر هذا.
- إنها شقق للإيجار، لذا لن يكون الالتزام بها أمراً شاقاً، علماً أنك تحبين التنقل كثيراً.
ارتشفت جرعة من العصير، ثم قالت:
- قد أذهب في الأسبوع المقبل وألقي نظرة عليها إن تسني لي الوقت.
- سأعطيك فرصة غداء طويلة نهار الاثنين.
سألته ممازحة: ( هل تقبض عمولة جراء تأجير هذه الشقق إذ تبدو مصمما علي أن ألقي نظرة عليها؟).
- أحاول أن أساعدك ليس إلا. أعرف أنه سيكون من الصعب عليك محاولة الاستقرار في العمل والبحث عن مكان تقيمين فيه في الوقت عينه.
تأثرت لاهتمامه بها، وشعرت بالكثير من الذنب إلي حد أنها عجزت عن النظر مباشرة إلي عينيه وهي تقول:
- شكراً لوكاس، أقدر فعلاً ما تحاول فعله.
وسرت بيني عندما عادت السيدة غوردن لإفراغ الطاولة
أزاح لوكاس كرسيه واستأذن: ( عذراً ميلدريد، سأذهب لأغطي إيزوبيل وأتمنى لها ليلة سعيدة).
بقيت بيني بمفردها لوهلة في الغرفة فراحت تراقب انعكاس ضوء الشمعة علي الكريستال. كل ما يحيط بها مسالم جداً بالرغم من ذلك شعرت بالانزعاج.
ربما يفترض بها أن ترحل الآن، أن تترك كل شيء قبل أن يحدث أي خطب. وفيما قررت الخروج، دخلت السيدة غوردن وهي تحمل الطبق الرئيسي: ( تفضلي يا عزيزتي).
قالت هذا وهي تضع أمام بيني طبقاً يحتوي علي شرائح من لحم البقر. ثم تابعت:
- سيحضر لوكاس بعد قليل، فإيزوبيل تغفو خلال دقيقتين عندما يجلس والدها بقربها ويتمني لها ليلة سعيدة.
- شكراً لك.
ابتسمت بيني للمرأة وأيقنت أن المغادرة ليست خياراً مطروحاً الآن. فسيكون تصرفها فظاً للغاية بعد أن تعبت السيدة غوردن في تحضير العشاء. ربما يجدر بها ادعاء المرض عندما يعود لوكاس إلي الطاولة! فقد تدعي إصابتها بصداع مفاجئ وتطلب منه أن يقلها إلي الفندق.
وضعت السيدة غوردن طبقاً من الخضار والفاكهة، وقالت فجأة وهي تنظر إلي بيني:
- إن كنت لا تمانعين أن أقول هذا، فأنت تذكرينني كثيراً بزوجة السيدة لوكاس رحمها الله. كانت كاي شقراء مثلك وعيناها خضراوين أيضاً.
دهشت بيني لكلام السيدة غوردن:
- أحقاً؟ شعر إيزوبيل أسود قاتم، فظننت أن كاي كان لها لون الشعر نفسه.
هزت السيدة غوردن شعرها نفياً: ( ورثت إيزوبيل شعرها الأسود عن والدها، فهي تملك دمه الإسباني، وطبعاً يرث لوكاس شكله عن والدته... إيزابيلا. كانت سيدة رائعة الجمال).
قال لوكاس مبتسماً وهو يدخل غرفة الطعام: ( أراك تحصلين علي نبذة عن تاريخ العائلة!).
تابعت السيدة غوردن من دون خجل: ( كنت أتغني بجمال والدتك ليس إلا. كيف حال إيزوبيل؟).
- لقد نامت بسرعة، شكراً لك سيدة غوردن.
وبسرور غادرت مدبرة المنزل الغرفة.
قال لوكاس عندما أغلقت السيدة غوردن الباب خلفها:
- إن خضعت السيدة غوردن لامتحان حول تاريخ عائلتي، فستنجح بامتياز.
كانت السيدة محقة في أمر واحد، لوكاس مختلف تماماً عن والده في الشكل.... ولعله أيضاً في الأخلاق.
- لن أتناول الكثير من الطعام كي أبقي مرتاحاً للخطوة التالية.
- الخطوة التالية؟
- نعم، إيصالك إلي المنزل.
- آه، فهمت. أسمع لوكاس يمكنني حقاً الذهاب بسيارة أجرة.
- لا، طبعاً لا. أود أن أوصلك إلي الفندق.
جاء كلامه حنوناً فشعرت بالدم يغلي في عروقها....
- إذاً أخبريني قليلاً عن نفسك... ميلي. أتمانعين إن ناديتك ميلي؟ إذ يبدو لي أن هذا الاسم يليق بك أكثر من ميلدريد.
رطبت شفتيها بعصبية: ( أحقاً؟).
- نعم.
وابتسم.
التقت عيناهما وشعرت بقلبها يخفق بقوة.
- هيا أخبريني كيف كانت حياتك وطفولتك في باربادوس؟
وبسرعة استعادت رباطة جأشها: ( أظنها شبيهة كثيراً بالعيش هنا).
قال لوكاس: ( ذهبت إلي مدرسة داخلية في انكلترا لسنوات عديدة، وتحديداً إلي المدرسة عينها التي تلقي فيها والدي تعليمه).
سألت بيني بفضول: ( ألم تكن تشعر بالحنين إلي المنزل؟).
تنهد: ( اعتدت الأمر، إلا أن أمي لم تسعد يوماً بهذا، لكن طباع والدي حادة وغالياً ما كان ينفذ ما يراه مناسباً).
- نعم أتخيل هذا.
قالت بيني هذا بازدراء ثم لاحظت بأنها بدت عنيفة جداً، فاستدركت الموقف: ( أعني أتخيل كم كان الأمر صعباً علي والدتك. لا بد أنها اشتاقت إليك كثيراً).
- نعم، أظن أنها كانت تشتاق إلي، فقد كنت ولداً وحيداً، ووالدي مسافر دائماً بسبب أعماله.
فكرت بيني باشمئزاز: نعم كان في أربودا يقيم علاقة مع النساء.
- أفهم من كلام السيدة غوردن أن والدتك متوفية؟
أومأ لوكاس: ( نعم، لقد توفيت منذ اثنتي عشر عاماً).
- أنا آسفة.
وتساءلت إن كان لوكاس يعلم بما جرى فعلاً في أربودا. سألته بفضول: ( وهل كنت تتفق مع والدك؟).
- لا أنكر أننا كنا نختلف، ولكن والحمد لله حللنا خلافاتنا قبل وفاته. وقد سرني هذا الأمر كثيراً.
لا بد أنه يرفض سماع أي كلام سوء عن والده.
- وماذا عنك؟ أبنيت علاقات طيبة مع والديك؟
- نعم، توفيت والدتي وأنا في السادسة عشر من العمر. وشعر أبي بالإحباط لفترة. ولسوء الحظ أتخذ بعض القرارات الخاطئة، ودخل شراكة مع شخص سيء كان يضمر له نوايا سيئة... وبدأت الأمور تتدهور. فعلت كل ما بوسعي لمساعدته، استلمت إدارة المنزل وبذلت جهدي لتسوية الأمور، لكن الوضع كان صعباً وراح يتدهور من سيء إلي أسوأ.
- إذاً، كيف حال والدك الآن؟
ترددت: ( علي الصعيد المالي لم يتحسن وضعه، في الواقع ما زال يناضل وآمل أن تتحسن أموره في القريب العاجل).
- يبدو أنه عاني وقتاً عصيباً.
- نعم، وكل ذلك لأنه انخدع بكلام رجل محتال.
- وهل حاولت تصحيح الوضع بواسطة القانون والمحاكم؟
- آه، نعم.... لجأت إلي المحامي مراراً علي مر السنين إلا أن الأمر لم يجد نفعاً، بل أدي إلي دفع فواتير باهظة، وزيادة الدين ليس إلا.
- أظن بأن الوقت قد حان ليضع حداً لخسارته ويقلص الدين.
- أظنه يفضل الموت علي...
- إنه مال ليس إلا، كما أن لديه ابنة محبة تدعمه، وهذا يعني الكثير.
ابنة محبة تدعمه وتتناول العشاء مع العدو، فكرت بيني بمضض. والأسوأ من كل هذا هو أنها تستمتع بوقتها. إذ يسهل الكلام مع لوكاس، وهو ساحر فعلاً. ولكن ألم تري والدتها لورانس داريان من المنظار نفسه؟
ما من فائدة من جلوسها وإخبار لوكاس عن والدها ما لم تطلعه علي الحقيقة كاملة... وإن فعلت هذا فستقوم القيامة. كان يفترض بها أن تغادر منذ فترة كما قررت.
- العشاء لذيذ فعلاً، لكن علي أن أرحل.
عبس: ( الآن، ما زال الوقت مبكراً. تناولي القهوة معي في غرفة الجلوس علي الأقل).
هزت بيني رأسها ووقفت: ( لم أكن أعلم أن الوقت متأخر إلي هذا الحد).
وقف لوكاس أيضاً: ( لا بد أنك متعبة. لا تقلقي بشأن استكمال العمل باكراً غداً صباحاً، فالآن بعد أن وجدت صك الملكية خف الضغط قليلاً. فقد أوصل الأوراق إلي منزل سلفادور غداً صباحا، وهكذا أصطحبك قرابة الحادية عشر إن كنت لا تمانعين؟).
- حسناً.
توترت لمجرد ذكر صك الملكية.
- لا تقلقي حيال والدك، وأعلم أن ما سأقوله كلام تقليدي، ولكن طالما يتمتع بصحته فهذا هو المهم.
يسهل عليه أن يقول هذا الآن. ولكن ماذا كان سيفعل لو كان والده مكان والدها؟ وإن كان والده هو الذي يعاني الأمرين؟
- ولكن المال مهم يا لوكاس. فلنواجه الأمر، لو لم يكن المال مهماً لما كنت تتحضر لطرد ذلك الرجل العجوز من منزله!
للحظة ضاقت عينا لوكاس في وجهه: ( الأمران مختلفان تماماً).
ردت بصوت يرتجف: ( أعجز عن رؤية وجه الاختلاف بينهما).
ولدهشتها مد لوكاس يده إلي ذقنها ورفع وجهها عالياً: ( مهلاً..... هل أنت بخير؟).
ابتلعت ريقها بصعوبة: (( طبعاً أنا بخير).
- هذا العمل في أربودا هو جزء من وصية والدي ورغبته الأخيرة. أضف أن سلفادور يدقق في كل هذه الأمور وأنا أؤكد لك بأن الأمور تجري بشفافية.
- أحقاً؟
وتشتت انتباه بيني فيما كان لوكاس يمرر يده علي خدها بحنان. وفجأة لم تعد تفكر بوالدها، بل تسمرت عيناها علي عينيه وشعرت برعشة. أحست بأن أنفاسها تنقطع.... وبأن نبضها يتسارع. مرر يده بلطف علي خديها، فاشتعلت ناراً، ثم وصل إلي شعرها الناعم.
منتديات ليلاس
كان يقف بعيداً بضع إنشات عنها، إلا أنها شعرت بنبض جسمه يدعوها للاقتراب منه. أرادت أن تقترب منه بشدة. فبذلت مجهوداً جسدياً كبيراً كي لا تفعل.
تمتم اسمها: ( ميلي....).
لكنه لم ينادها باسمها.... إنه أسم مزيف، وصلت تلك الحقيقة إلي ذهنها بسرعة البرق. يفترض بها أن تتراجع، ولكنها عاجزة عن ذلك.
وفجأة، وبشكل غير متوقع، تراجع لوكاس إلي الخلف. وتساءلت بيني إن كانت أساءت قراءة العلامات، وإن كانت قد توهمت تلك الجاذبية التي شعرت بها. نظرت إليه وقد عجز لسانها عن الكلام، وفي الصمت الثقيل، تمكنت من سماع دقات قلبها.


- ميلي، أنا.....


انقطع كل ما ينوي قوله بصوت جلبة قوية آت من خارج الغرفة.


- ما هذا بحق السماء؟


تبعته بيني إلي الردهة، وسمعا صوت أنين شخص يتألم. تبعا الصوت مباشرة إلي المطبخ، وإذا بالسيدة غوردن واقعة أرضاً وقد سقطت آنية المطبخ والطناجر من حولها.


- آه يا إلهي، هل أنت بخير؟


وهرع لوكاس نحوها وقد ارتسمت علي وجهه علامات القلق .


- نعم... نعم، أنا بخير.


تحركت المرأة وتمكنت من الجلوس، لكن وجهها كان أبيض كالثلج وشفتاها ترتجفان، وتبدو وكأنها علي وشك البكاء.


قالت وهي تنظر إلي الأرض: ( يا للفوضى التي أحدثتها! حاولت الإمساك بالطاولة كي لا أقع، ولكن وقعت الآنية كلها علي رأسي).


- لا تهتمي لهذا الأمر، فأهم شيء هو أن تتأكدي أنك لم تكسري رجلك أو يدك.


حركت السيدة غوردن رجلها وأنت.


- لا، لا أصدق أنني كنت بهذا الغباء. لقد وقع بعض الماء علي الأرض ونسيت أن أمسحه فوراً. وفجأة انزلقت رجلي.... يا لغبائي....


قال لوكاس بلطف: ( يستحسن ألا تتحركي، أين تتألمين؟).


- سأكون بخير.


وبإصرار وعزم وقفت السيدة غوردن واستندت إلي الطاولة.


- حسنا، إن كنت مصرة علي الوقوف، فدعيني أساعدك.


وبسرعة وضع لوكاس يده حولها ورفعها.


ابتسمت بشجاعة وهي تستند إلي الطاولة: ( شكراً لك، أتري... أنا بخير).


وما إن حاولت وضع رجلها علي الأرض حتى صرخت من الألم.


قال لوكاس بحزم: ( علينا الاتصال بسيارة الإسعاف).


بدت المرأة مرتعبة: ( لا، لا أريد إحداث جلبة).


قالت بيني برفق: ( عليك الذهاب إلي المستشفي سيدة غوردن).


- سأكون بخير حقاً.


وهي تتكلم حاولت وضع رجلها علي الأرض مجدداً ولكنها تألمت كثيراً.


- سآخذك إلي المستشفي بنفسي، يستحسن أن يعينك طبيب ما.


وقال لبيني: ( هلا بقيت مع إيزوبيل ريثما نذهب إلي المستشفي؟).


- طبعاً.


- شكراً.


ابتسم لها، وتجاهل اعتراضات مدبرة المنزل، فحملها كما لو كانت ريشة خفيفة الوزن وتوجه بها نحو الباب.


أسرعت بيني لتفتح له الباب، ثم تبعته في الظلام لتفتح له باب السيارة أيضاً.


قالت السيدة غوردن بصوت متقطع: ( كل هذا العذاب بسبب سقطة صغيرة، حقاً سأكون بخير بعد أن أنام هذه الليلة).


- سأرتاح أكثر أن عاينك طبيب. أرجوك كفي عن الرفض يا إيثل.


وبلطف ساعدها علي الجلوس وأدخل تنورتها كي لا تعلق في الباب. قال لميلي وهو يصعد في السيارة: ( سأعود في أسرع وقت ممكن).


- لا بأس، ما من عجلة.


تراجعت بيني إلي الخلف وراقبته يدير محرك السيارة وينطلق بعيداً. ولم تدخل إلي المنزل إلا بعد أن تلاشت أضواء السيارة في البعيد.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, دار الفراشة, روايات, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, كاذبة ولكن, كاثرين روس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:00 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية