كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
أدركت أنه على مقربة شديدة منها.. ولكنها لم تستطع معرفة مكان وقوفه فقالت وهي تحاول أن يبدو صوتها هادئاً:
- ميردت..أرجوك لا تفعل ماقد تندم عليه فيما بعد.
لم يرد..سمعته يدنو منها وكم ندمت أنها تكلمت فقد كشفت بذلك موقعها له، وقبل ذلك لم يكن يعرف أين هي..عضت شفتها السفلى بقوة ثم التصقت بالجدار بعيداً عن الباب، كاتمة أنفاسها، ثم بعدما تأكدت من ابتعادها عنه، اندفعت إلى الأمام وراحت تسرع بمقدار ما تسمح لها به ركبتها المصابة آملة أن تستدير من خلفه وتجد الباب مجدداً لتفتحه وتهرب إلى الردهة مجدداً.
كانت قمر الليل في طريقها إلى الباب عندما امتدت ذراعه الطويلة لتلتف حول خصرها تشدها إليه.. ظلت للحظات مشلولة و مقطوعة الأنفاس ثم وجدت يده الأخرى وجهها وأمسك ذقنها ليجبرها على النظر إليه.. كانت ذراعه حول خصرها كرباط من حديد تسحقها عليه.. لم يكن هناك مجال لتجنب تهجمه عليها.
بقيت تاي للحظات عاجزة في ذلك العناق الشديد.. ثم شعرت أن شيئاً ما يومض في عقلها..ولم يعد بحاجة لأن يشدها إليه..لأنها كانت تضغط نفسها بكل إرادتها عليه.
دفعها بعيداً عنه، وقال بلهجة ملؤها التأنيب:
- الآن قولي لي إنك لا تريدين..قولي إنك ترفضين.. ولو فعلت لكنت كاذبة..أما زلت راغبة في إيقافي عند حدي؟
همست قمر الليل: ليس في الظلام.آه ليس في الظلام..أريد رؤية عينيك..رؤية لونهما، أنا لا أعرف لون عينيك..أرجوك ميردت أضئ النور.
عرفت أنها فأجاته بطلبها، لأن يديه استرختا عن خصرها وضحك قليلاً.
- فليكن..سأضي النور لتستطيعي رؤية عيني إذا ذلك يسعدك.
تركها وهذا ماكانت تأمله وما إن ابتعد عنها حتى تنحت جانباً ومدت يديها إلى خلفها وهي تتراجع إلى الجدار حتى لامست الخشب.
ثم أخيراً مدت يدها فوجدت مقبض الباب وما إن أضاء ميردت النور في الغرفة حتى فتحت الباب و أسرعت تعرج إلى الردهة.
لا جدوى من الخروج من الباب الأمامي في مثل هذه العاصفة الثلجية الربيعية إلى اليسار رأت درجاً أنيقاً يفضي إلى الطابق العلوي وما إن سمعت ميردت يرعد باسمها ووقع أقدامه تتعالى حتى أخذت تعرج متألمة وارتفعت الدرج.
- تاي..أين أنت؟ أين ذهبت بحق الله؟
نظرت إليه من فوق كتفها فإذا هو واقف في الردهة ورأسه مائل إلى جانب واحد يصغي لصوت تحركها، فتوقفت عن الصعود، وكتمت أنفاسها..كان قلبها يخفق بقوة حتى ظنت أنه يسمعه.
ولكنه دنا من غرفة الجلوس..فأطلقت أنفاسها الحبيسة وتابعت الزحف على الدرجات تاركة الظلمة المخملية تبتلعها.
لم تتقدم أكثر لأنها خشيت أن تصطدم بشيء..ثم أرادت أن ترى الردهة في الأسفل كي تعرف ماذا سيفعل ميردت، استندت إلى الدرابزين وراحت تلتقط أنفاسها وتصغي إلى خفقات قلبها فشعرت للمرة الأولى بشيء من المرح في الموقف، إنها أشبه بلعبة كانت تلعبها في صغرها..عمادها أن تغمض فيها عينا طفل ثم عليه أن يحاول إيجاد أكبر عدد من الأولاد وهم يرقصون ويغنون حوله.
يتبع
|