كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات احلام المكتوبة
نظرت كينان إلى ماحولها من الرفوف الخشبية إلى الجدران المغطاة بالخشب
المصقول، التي علق عليها أدوات الطبخ النحاسية و أضافت:
- هو من صمم هذا المطبخ كما شارك في بنائه حين سارت الأمور ببطء في
الشتاء الماضي..
رأت تاي في عيني أختها بريق فخر أثار اهتمامها مجدداً.. فعلقت قائلة:
- أعتقد أنك بشوق لرؤية تصميماته التي أعدها لغرفة الطعام، هذا عدا
رؤيته، أعد أن أبتعد عن طريقك مدة ساعتين ..أراك لاحقاً.
ارتدت ثياباً دافئة: سروالاً من الجينز و سترة واقية من الريح، و قبعة صوفية
و قفازين صوفيين ألوانها براقة و انتعلت مداساً عالياً ثم انطلقت لتسير نزولاً
في شارع" ماين ستريت".
كان الشارع ضيقاً لا رصيف له، وهو يتبع خط مصب النهر المتعرج..على
كلا جانبيه تصطف بيوت خشبية قديمة غير متشابهة.للمنزل الأول لوحة
نحاسية مثبتة على جداره تظهر أن له قيمة تاريخية فقد بني عام 800م لطبيب
حارب ضد الإنكليز في الثورة الأمريكية.
من ناحية الشارع الآخر، منزل أصغر حجماً معروف بأنه " منزل الخطيئة"
لأن صاحبه الأصلي كسر التقاليد الدينية، بالعمل أيام الآحاد في بناء المراكب
خلف المنزل، فناء المراكب المكتظ بصواري المراكب.. وخرج رجل من باب
المنزل الأمامي مرتدياً سروالاً من الجينز وسترة واقية و تحت ذراعه لفافة
ورقية وهو في حوالي الأربعين من عمره، نحيل، رمادي الشعر.
هز رأسه بود لتاي، و توجه إلى الشارع ماين.. راقبته ملياً ثم تكهنت أنه
شاركي سوير الذي هو الآن في الطريق لرؤية كينان.
مرت تاي بالكنيسة البرتستانتية ذات النوافذ الملونة والأبواب الخشبية
المصنوعة من السنديان..كم مرة حضرت القداس فيها حين كانت تقيم صيفاً
مع أبويها في نورثبورت..طالما أقاموا في أحد الأكواخ المواجهة لمصب النهر.
متى سارت هنا آخر مرة؟ آه..منذ ثماني سنوات تقريباً، آخر عطلة أمضتها
مع والديها كانت في الثامنة عشرة، وكانت قد تخرجت للتو من الثانوية
العامة و تخطط للذهاب إلى نيويورك لدراسة الموسيقى، ثماني سنوات من
عمرها مضت بسرعة غريبة..ثماني سنوات من الإخلاص لمهنتها التي اختارتها
بنفسها، وهي مهنة أبيها.
ارتجفت قمر الليل شفتاها و اغرورقت عيناها بالدمع فقد تذكرت والدها
الحبيب، الآن ..رجل نشيط، وحساس، متحدر من أصلى إيطالي، ولكنه
مات أكثر من ثلاث سنوات بالسرطان، إن أول درس في الموسيقى تلقته منه،
ومنه تعلمت إدارة شريط التسجيل لمعزوفة سوبرانو وهي الخامسة من
عمرها.. كان يعزف في قسم المزامير الخشبية في فرقة موسيقية، وكم سيسر
وهو يراها عازفة كلارنيت ناجحة ..كم تفتقده!
ربما لهذا السبب التجأت إلى برنابي كورنتر فقد أرادت الدعم العاطفي و
النصيحة الموسيقية .. كان أستاذاً في معهد الآلات النفخية، واقترح أن تنضم
إلى الفرقة الموسيقية التي كان يعزف فيها..ولكنها أحبته رغم نصيحة أمها..
اللعنة..! لا تريد أن تفكر فيه، لقد قصدت هذا المكان لأنه لم يكن فيه يوماً..
هذا المكان المشهور بهدوئه و سكينته.
مرت بأقدم منزل في القرية، وتابعت سيرها ، إنه منزل من طابقين، في فنائه
الخلفي أشجار تفاح قديمة وقد بني عام 1664 على يد أحد المستوطنين
الإنكليز الأوائل، خلف المنزل ركام مرتفع مغطى بالعشب، وهو كل ماتبقى
من قلعة قديمة بناها المستوطنين الفرنسيون.
يتبع
|