خيبة أمل
عندما ترددت لتفكر في أحسن طرية لإخباره,قال بعنف:"لا.قلت إنك لن تعودي إليه أبدا,لن أسمح بأن تبيعي نفسك من أجلي"
-أنا لا أقوم بشيء كهذا.
وأدركت أن عليها أن تقنعه بشكل ما,وإلا فسيرفض العون من رايان.قالت:"إسمع,ما كنت لأعود إليه فقط من أجل المال,ولكن.."
-ولكنك لا تستطيعين التفكير في الزواج من رجل مفلس.أنا لا ألومك...
-أرجوك,هل لك أن تكف عن مقاطعتي وتصغي إلي؟إذا لم يكن لديك قرش واحد,وكان عليك أن تذهب إلى السجن لبقيت أريد أتزوجك لو كنت حقا أحبك...
قال وكأنه يعلم ذلك دوما في أعماقه:"لكنك لا تحبينني"
واعترفت هي قائلة:"ليس إلى حد كاف"
-ربما كنت أعلم دوما أنني أعيش في فردوس زائف,لكنني لم أشأ أن أعترف بذلك.
-أردت أن أحبك.حاولت ذلك...
فتنهد من أعماقه:"مازلت تحبين فالكونر,أليس كذلك؟"
-نعم.
-رغم أنك حاولت أن تنكري هذا,أظنني كنت أعرف ذلك دوما.كنت أحاول أن أقنع نفسي أنني مخطئ,ولكن ذلك النهار في المطعم,كان حبك له واضحا بشكل مؤلم.
-أنا آسفة.
-وكنا على وشك الزواج.
-كنا سنرتكب غلطة.فأنت تستحق زوجة تحبك من أعماق قلبها,زوجة تشعر نحوك كما أشعر أنا نحو رايان.
-هل ستعودين إليه؟
-نعم.
-قلت من قبل إنك لا تريدين العودة إليه.
-هذا صحيح,لم أكن أريد ذلك.
وكبحت رجفة تملكتها:"لكنني لم أستطع السيطرة على نفسي"
لم يكن تشارلز أحمق.وبعد لحظة,قال:"هكذا عندما أخبرته أنني في مأزق,عرض هو المساعدة بشروط,وهنا قررت العودة إليه"
-لا.أنت مخطئ.
فقال متعبا:"لا فائدة.أنا أعلم أنك تقومين بهذا من أجلي فقط"
-أنت مخطئ!أنا عائدة إليه لأن هذا ما أريده.سبق وقررت هذا حتى قبل أن أعلم نوع المأزق الذي كنت فيه...انتظرتك لأخبرك.
انتصب في جلسته:"تقولين إنك قررت أمرك قبل أن تعلمي بمشاكلي؟"
-نعم.
-ومتى تكلمت معه عن ذلك؟
أجابت على أساس أكثر أمانا:"لقد عاد إلى لندن واتصل بي إلى المعرض بعد خروجك مباشرة,سيعود إلى وطنه غدا ويريدني أن أذهب معه"
وعندما رأت أن تشار لز غير مقتنع تماما,أضافت:"إسأل هيلين إذا كنت لا تصدقني.فقد ردت هي على الهاتف وعرفت صوته.."
رن جرس الباب أثناء كلامها:"هذا سائق رايان,جاء ليأخذني وقد أحضر الشيك"
وأسرعت إلى الباب لتجد ماكسويل واقفا,فناولها مغلف أبيض وقال:"طلب مني السيد فالكونر أن أسلمك هذا المغلف وأنتظرك"
عادت بالمغلف ووضعته في يد تشارلز,ففتحه ونظر إلى الشيك.بدا على وجهه مزيج غريب من الرهبة والإرتياح والقلق:"لقد دفع فالكونر مبلغا طائلا.إما أنه سخي للغاية,وإما أنه يكن لك تقديرا بالغا"
ثم سألها بسرعة:"هل أنت واثقة حقا من أنك تريدين العودة إليه؟"
-واثقة تماما.
-قال أنه يريد استعادتك فقط ليثأر منك.
فقالت بحذر:"قد يكون هذا صحيحا,لكن أفضل العيش مع رايان على العيش من دونه"
-أنا أفضل ان أمزق هذا الشيك وأستسلم لمصيري,على أن أدعك تجازفين بنفسك.
-يمكنك ذلك,إذا شئت,لكنني سأعود إلى رايان على أي حال.
ورأته مترددا,فعادت تقول:"أنت تعرف الوضع الآن.من الخسارة أن تمزقه,إلا إذا كانت كبرياؤك تمنعك من الإحتفاظ به..."
-المال غير مهم بالمقارنة...
-آه,بل هو كذلك.إنه لا ينقذك فقط,بل ينقضني أنا أيضا,فهو يمكنني من تركك من دون أن أشعر بالذنب.
حاول أن يبتسم:"لا أستطيع أن أشعر بغير الأسف لهذا"
-ستجعل امرأة محظوظة حبيبة رائعة.امرأه مثل هيلين التي تحبك من كل قلبها.
رأت الدهشة على وجهه.من الواضح أنه لم يكن لديه فكرة عن الموضوع.ربما سينظر إلى المرأة الأخرى بشكل مختلف,ولو استطاع فقط أن يرى كم هي جذابة...
-فرجينيا...
كانت عند الباب فالتفتت إليه,فقال:"إذا لم تنجح الأمور معك,فأنا مازلت هنا حتى لو بقينا صديقين فقط"
-شكرا.
وابتسمت له قبل أن تحمل حقيبة يدها وتخرج من المنزل.
الرحلة كانت بطيئة بسبب زحمت السير,لكن فرجينيا لم تلحظ ذلك.فقد جلست منهكة,شاعرة بالخواء,تحدق أمامها بعينين لا تريان.
عندما وصلا إلى الفندق,حمل ماكسويل حقيبتها ثم رافقها إلى الجناح الملكي.
فتح رايان الباب بنفسه,وأخذ منه الحقيبة قائلا:"شكرا يا مكسويل"
في الداخل,ألقى رايان بالحقيبة وأخذ يتأمل وجه فرجينيا الشاحب:"تبدين محطمة للغاية.أظن أن عليك أن تذهبي مباشرة إلى السرير.سندع الحديث حتى الصباح"
كان شعره الأسود مازال مبللا,وقد حلق ذقنه لتوه.
قادها إلى غرفة نوم مطلية باللونين الأزرق والرمادي,يتوسطها سرير فسيح.وعلى الفور وجدت نفسها تتذكر بوضوح ما قاله لها في الحديقة العامة:(الآن,بعد أن عثرت عليك,أريدك أن تعودي إلي)
وتملكتها رجفة.لقد جاهدت في إقناع تشارلز بأن هذا ماتريده,وأنها لن تعاود التفكير في النتائج.وهاهي الآن هنا,وقد فات الآوان على التراجع.لو كان أمرها يهمه مثقال ذرة فقط...ولكن لا.إنه يريدها فقط لكي يعذبها انتقاما منها لأنها تركته.
وسيكون الأمر أسوء عندما يصلان إلى أميركا لأن هذا يعني مزيدا من الآلام والإذلال.ستصبح كبش الفداء بينما تنظر إليها مادلين مستمتعة متشفية.ولكن عليها أن تحتمل كل ذلك,بشكل ما,حتى يحقق إنتقامه ويتملكه السأم أخيرا.
منتديات ليلاس
وقاطع صوت رايان أفكارها الكئيبة التعيسة:"تبدين وكأنك لا تستطيعين الوقوف"
كان الأمر ليصبح أفضل لو أن بإمكانها أن ترفضه عقلا وجسدا معا,لكنها تعلم جيدا أن ذلك مستحيل.ولو أن الأمر كذلك,لما رغب رايان فيها,فهو ليس بالرجل الذي يستمتع بحب امرأة كارهة له.
حتى لو كان ذلك للإنتقام منها فقط.
-أليس من الأفضل أن تصعدي إلى السرير حالا.
أجفلت لكلامه,لكنه قال بهدوء:"سأتركك لتغيري ملا بسك وتخلدي إلى النوم"
كانت من التوتر بحيث مرت لحظات قبل أن تشعر بالرضى لأن رايان لن يضايقها.
ظلت في البداية متصلبة بجفاء,ثم شيئا فشيئا,راح جسدها يسترخي وكأنها عادت إلى بيتها بعد طول غياب ومعاناة.
لم يكن رايان غافلا عما تشعر به نحوه,فأحس بالرضى.لكن سؤالاً واحداً يحيره ولن يرتاح قبل أن يعرف جوابه.كان واثقا بحد ما بأن الجواب سيرضيه,إلا أنه بحاجة إلى أن يطمأن نهائيا,فسألها:"لم يكن رينور حبيبك أبداً,أليس كذلك؟"
هزت رأسها نفيا,غير قادرة على الكذب.
-ولكن أثناء السنتين والنصف الماضية,لا بد أنك عرفت غيره؟
-لا.
سمعته يتنفس الصعداء قبل أن يقول بانتصار:"يا حلوتي,أنت لي وحدي"
لم تستطع أن تظهر أي امتعاض.فوجئت به يسألها:"لماذا لم يكن لديك أي حبيب؟"
لأنه الوحيد الذي أحبته في حياتها.وعندما لم تجب, عاد يلح عليها:"أنت صغيرة وجميلة فلماذا لم تتخذي حبيبا آخر؟"
خوفا من أن يتكهن الحقيقة ويستعملها سلا حا ضدها,سألته:"ألم تسمع قط بالمثل القائل:من لدغته الأفعى يخاف من الحبل؟"
فقال بمرح:"جعلتني أبدو و كأنني أفعى مخيفة"
لكنها كانت واثقة من أنه أصيب بخيبة أمل.
*****
أيقضتها جلبة خفيفة ففتحت عينيها لترى رايان واقفا عند الباب وقد اغتسل وارتدى ملابس بسيطة.
-سيكون الفطور جاهزا بعد دقائق,كما علينا أن نترك الفندق.
وأضاف وهو يبتسم لها:"أنت المرأة الوحيدة التي تستيقظ رائعة الجمال عند الصباح"
فاحمر وجهها,ونزلت من السرير وهربت إلى المطبخ تتبعها ضحكته ال****ة.
كيف أمكنها أن تتخلى عن سيطرتها على مشاعرها بهذه السهولة؟
أخذت تتساءل عن ذلك بغيظ,وهي تفرك أسنانها بشدة لا ضرورة لها.
لقد كانت حمقاء ضعيفة! أين قوة إرادتها؟
ولكن مافائدة تعنيف نفسها؟هكذا سيبقى حالها مع رايان.
الحب,وكل تلك المشاعر المضطرمة التي تكنها له,تجعلها تنتمي إليه أكتر مما تنتمي إلى نفسها.وعندما أخبرت تشارلز أنها مازالت تحب رايان,كانت تنطق بالحقيقة,فهي لم ولن تتوقف عن حبه أبدا.
ارتجفت بالرغم من البخار المعطر الذي يعبق في الحمام.حبها يجعلها ضعيفة للغاية,ويمنحه قوة هائلة يستغلها ضدها..وبقسوة بالغة.
لعل فرصتها الضعيفة والوحيدة هي إنكار هذا الحب...
عندما انتهت,أسرعت إلى غرفت النوم وفتحت حقيبتهاثم أخرجت ملابس نظيفة ارتدتها بسرعة.وضعت
زينة خفيفة على وجهها,وكانت على وشك أن تربط شعرها لكنها عادت فغيرت رأيها,وتركته منسدلا.
كان رايان واقفا عند النافذة ينظر إلى الشارع المزدحم المؤدي إلى حديقة كينيليم العامة,فيما عربت الإفطار بالانتظار.استدار عند دخولها بأدبه المعتاد,سحب لها كرسيا لتجلس,ثم قال بعد أن سكب لهما كأسين من عصير البرتقال:"أتريدين بيضا مع اللحم؟"
-شكرا.أريد قهوة وخبزا محمصا فقط.
نظر إليها وهي تدهن الخبز بالزبدة,ثم سألها:"الآن كيف تقبل رينور الأمر؟ظننته سيعترض على بيعك نفسك"
عضت شفتيها باختصار:"لقد فعل.في الواقع كان مستعدا لتمزيق الشيك"
-أظنك أقنعته بقبوله وإلا لما كنت هنا.في الواقع شعرت بالارتياح لأنه اهتم بمصلحته أولا.
شعرت بنبرة خفيفة من الازدراء في صوته,فهبت في وجهه تقول:"لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق.لا تحكم عليه وأنت لا تعلم شيئا عن الأمر.اضطررت إلى الكذب,فأخبرته أنني أريد أن أعود إليك"
-وهل صدق ذلك؟
-ليس في البداية.بقي يفكر في أنني فعلت هذا من أجله.
-وكيف استطعت إقناعه؟
-أخبرته أنك اتصلت بي في المعرض وأن هيلين ستؤكد له هذا.ولأنني أدركت أن الزواج منه غلطة,وافقت على العودة إليك وذلك قبل أن أعلم أن لديه مشاكل.
-مازال هذا العذر يبدو ضعيفا بعض الشيء.
-اضطررت في النهاية إلى أن أخبره بأنني أحبك.
-وهل تحبينني حقا؟
-لا بد أنك تمزح!
توتر فمه قبل أن يجيب بجفاء:"أظن أن شعورك نحوي لم يعد مهما مادمت هنا"
وفكرت بمرارة في أنه لا يهتم مثقال ذرة بمشاعرها,وهذه الحقيقة ستظل تؤلمها إلى الأبد.
-صدقني,ما كنت لأعود إلى هنا لو أن أمامي خيار آخر.لكنني لم أستطع الوقوف جانبا فيما تشارلز يتحطم.
-ألا تظنين أن الذنب ذنبه لتهوره وحماقته؟
-تشارلز ليس متهورا ولا أحمق أبدا.
عبس رايان لدفاعها عنه:"حسنا,عليك أن تعترفي بأنه جازف وهو يشتري لوحة أصالتها غير مؤكدة تماما.على أي حال,لعله لم ير قط اللوحة الأصلية,وإذا رآها فربما كان ذلك في صباه,لأنها بين مجموعة أوتيس جفرسن منذ ثلاثين عاما"
-تشارلز يعرف لوحات رواسير جيدا,وكان مقتنعا بأنها حقيقية ثم من أنت حتى تدينه؟هل سجلاتك دوما بيضاء ناصعة؟
سكتت فجأة عندما خطرت لها فكرة.لقد افترض تشارلز أنها أخبرت رايان بأمر اللوحة الزائفة بعد أن عاد هو إلى البيت وأخبرها بذلك,لكنها لم تفعل ذلك بالتأكيد...كانت على حق...لا بد أن رايان يعلم منذ البداية.فسألته بصوت حاد:"كيف علمت بكل هذا؟من المفترض أن الأمر تم في سرية تامة.لا بد أنك كنت تعلم أي مأزق سيقع فيه تشارلز قبل أن يشتري.."
وتزايد الشك فتابعت تقول:"لا,هذا مستحيل,إلا إذا.."
فقال يكمل جملتها:"إلا إذا كان لدي حاسة سادسة؟"
-ولكن ليس لديك حاسة سادسة!
-لا,ليس لدي.
-فكيف علمت إذن؟ثلاثة أشخاص فقط عقدوا هذه الإتفاقية...البائع,ولا يمكن أن يكون هو من كشف الأمر,وتشارلز نفسة,وأندرسن,الرجل الذي أشترى اللوحة الزائفة.
عندما تردد رايان,وكأنه يقرر ما إذا كان عليه أن يخبرها أم لا,ألحت فرجينيا:"أريد أن أعرف كيف عرفت بذلك"
بدا الهزل لحماستها هذه فرفع يديه بإستسلام:"لا بأس.سأخبرك.كما تعلمين,كنت أبحث عن بعض اللوحات التى رسمتها أمك,فرتبت أمر تناول الغداء مع رجل يدعى أندرسن,وهو سمسار وجد لي في الماضي بعض اللوحات.وقد أشار إلى أن لوحة(آثار أقدام)ستعرض للبيع...على أن يبقى الأمر سرا.اهتممت للأمر,لأنني أعرف صاحب اللوحة جيدا.فالسيد همفري بوست ليس صديقي فقط,بل هو أيضا عم بيث...
رغم أن فرجينيا تعلم أن بيث إنكليزية,إلا أنها شعرت بالدهشة تصل إلى حد عدم التصديق.لكن رايان تابع قائلا:"قال السيد همفري إنه اشترى اللوحة ليضمها إلى مجموعته الخاصة وأنه لا ينوي بيعها على الإطلاق...وعندما ذكرت ذلك لأندرسن ,بدا متكدرا للغاية لأنه دفع ثمن ماعلم الآن أنه زائف...وقد انخدع رينور بها مثله.."
ساور فرجينيا الشك.رغم أن ما قاله رايان منطقي للغاية...لكن المسألة كانت من التنظيم بحيث لا يمكن أن تكون مجرد مصادفة.
وبعد أن تأمل وجهها لحظة,تابع كلامه بشكل عفوي:"لا أظنك رأيت اللوحة؟"
-لا,لم أكن أعرف شيئا عنها حتى الليلة الماضية.رغم أنني كنت دوما أتمنى لو أرى هذه اللوحةإلا أنني لم أرى سوى نسخة عنها.
-إذا كنت ترغبين في رؤية اللوحة.فأنا واثق من أن السيد همفري سيسعده أن يسمح لك برؤيتها.
في أي وقت آخر,كانت فرجينيا ستقفز فرحا لهذه الفرصة,ولكن هذه الظروف...قالت بحذر:"كنت سأسر بذلك,ولكن..."
-سأتصل وأرتب أمر المرور إلى بيته ونحن في طريقنا إلى المطار.
*****
كان منزل السيد همفري الفخم جميلا قديم الطراز ومبنيا من الحجر.وكان السيد همفري في أواخر السبعينات من العمر,ذا مظهر أرستقراطي مميز,بشعره الفضي وعينيه البنيتين اليقضتين,مما ذكر فرجينيا ببيث,وصعقت على الفور لهذا الشبه العائلي الكبير بينهما.
قال السيد همفري يخاطبها:"كنت أرجو أن تمكثا حتى وقت الغداء,لكن رايان يقول إن عليكما أن تكونا في المطار قبل الظهر.وهكذا,إذا تفضلتما بالمجيء من هنا"
عبرا الردهة الطويلة ذات الجدران المغطاة بخشب السنديان إلى غرفة محصنة لحفظ الكنوز.
قال وهو يقودها إلى حامل لوحة ويزيح عنها خرقة تغطيه:"والآن,بالنسبة إلى اللوحة التي تريدين رؤيتها...أخشى أنك لن تريها في أفضل حالاتها"
نظرت فرجينيا إلى اللوحة وأدركت على الفور لماذا اعتبرت من أفضل أعمال رواسير,فهي قوية التأثير ومثيرة للعواطف معا.
قالت فرجينيا بصوت خافت:"إنها رائعة"
وبدا الرضى على السيد همفري:"نعم,هذا هو رأيي دوما"
وقال رايان فجأة:"حان الوقت لذهابنا,ياحبي.شكرا جزيلا ياهمفري"
شكرته فرجينيا بدورها.وعندما ودعاه ربت على كتف رايان:"سررت لسماع أخباركما السارة.لا تنسى أن تدعوني إلى العرس"
-لن ننسى.
شعر رايان بتصلب جسم فرجينيا,فمنحها ابتسامة جانبية وهو يتابع حديثه مع العجوز:"سنعلمك بالموعد حالما تسنح لنا الفرصة,أليس كذلك يا حبيبتي؟"
إذن فهو ينوي الإستمرار وكأن شيئا لم يحدث...حسنا,لن تكون شريكة له في هذا...
ما إن ساعد رايان فرجينيا على الصعود إلى السيارة وجلس بجانبها,حتى أنطلقت بهما.
رأت فرجينيا أن الزجاج الذي يفصل بينهما وبين السائق مفتوح,فعضت شفتها ولم تقل شيئا,فهي لا تريد أن تبدأمعركة يستمع إليها شخص آخر.
نظرة رايان أنبأتها بأنه يعلم جيدا مايدور في ذهنها,لكنه كان ****ا بأن يجعلها تترقب اللحظة المؤاتية.
كانت الرحلة إلى المطار صامته نسبيا.وحالما تمت الإجراءات الرسمية,صعدا إلى طائرة الشركة النفاثة.
رغم الغيظ الذي كان يملأ فرجينيا,اجتازت الإجراءات كلها كشخص يمر بحلم سيء,ولا يحاول الهرب لأنه يعلم أن لا مهرب له.وبعد فترة وجيزة,أقلعت الطائرة.
بعدئذ,دخل مضيف ببزة بيضاء يدفع أمامه عربت الغداء.وحين انتهيا بقيا لوحدهما,وأصبحت فرجينيا قادرة على أن تنفس عن الغضب الذي يغلي في صدرها.
ما إن انغلق الباب,حتى استدارت إلى رايان تسأله:"لماذا أخبرت السيد همفري بأننا سنتزوج؟"
-هل تريدين أن تبقي الأمر سرا؟
صرفت بأسنانها وهي تقول:"ليس في نيتي أن أتزوجك"
-هل تراجعت عن الإتفاقية؟
-لكننا لم نتحدث عن الزواج؟
-هل تظنين أنني أخطط لعلاقة قصيرة.لا,أنا أريد ما أردته دوما.الزواج,وعلى أساس دائم.
في أعماقها كانت تفكر أن بإمكانها دوما أن تهرب مرة أخرى.ولكن الزواج سيصبح قيدا...
أضاف وهو يراقب وجهها الشاحب:"عندما دفعت ذلك المبلغ الكبير,كنت أتوقع في مقابلة شيئا كبيرا...أريد زوجة وأسرة"
أسرة؟وكيف يمكنها تحمل أولاد رايان فيما هي تعلم أنه لا يحبها؟
وفجأة قالت بيأس:"لا أظنني أستطيع إحتمال ذلك"
فتغير وجهه:"هل الأمر سييء إلى هذا الحد؟مر وقت كنت فيه سعيدة بالزواج مني"
-كان ذلك حين ظننت أنك...
وابتلعت عبارة(كنت تحبني)لتقول:"تعني زواجا حقيقيا"
-وهل من زواج غير حقيقي؟
وإذ لم تستطع احتمال تهكمه,غطت وجهها بيديها:"لا أريد أن أتزوجك.يكفي سوءا أنني مضطرة للعودة إلى نيويورك لأواجه أسرة تكرهني,وامرأة ستبتهج لتراني ذليلة,محطمة الكرامة.."
-الأسرة لا تكرهك.وأنا واثق من أنهم سيكونون مسرورين جدا بعودتك إليهم...أما بالنسبة إلى مادلين,فقد رحلت إلى الأبدطلقها ستيفن بعد أن هربت مع مخرج سينمائي.
للحظة واحدة ارتفعت معنويات فرجينيا,إلا أن منطقها حدثها بأن غياب مادلين لن يؤثر كثيرا على علاقتها برايان.لقد وقع الكثير من الضرر,ولو أن الأسرة لا تكرهها فقد كرهها هو.ولعله يلومها أيضا على هروب مادلين الذي ما كان ليحصل لو لم تفسد عليهما خطتهما بفرارها,تلك الخطة التي مازالت تثير فيها مشاعر الغضب والغيظ المر.صرخت به:"سواء كانت مادلين هنا أم لا,مازلت لا أحتمل فكرة الزواج بك.لا أريد أن أرتبط برجل يقيم علاقة مع زوجة أخيه.."
تصلبت ملامح رايان:"عندما نعود إلى البيت,أريدك أن تحتفضي بهذه الإتهامات لنفسك,خصوصا أمام بيث"
ورغم أنه قال هذا بهدوء,إلا أنها أدركت أنه يأمرها بذلك.
وأضاف قبل أن تحاول تحدي أوامره:"أنا أرفض أن أكرر ماقلته مرة أخرى"
ليت رايان يهتم بها كما يهتم ببيث,وليت مادلين لم تكن موجودة أبدا...
وفجأة,تنهدت فرجينيا شاعرة بالهزيمة والتعب.فسألها برقة:"هل أنت متعبة؟"
-قليلا.
-لم تنامي جيدا الليلة الماضية!
منذ عودة رايان إلى حياتها وقلة الراحة جزء منها.
وأضاف بجفاء:"يمكنك أن تنامي فلدي عمل أنهيه"
نهضت محمرة الوجه,محدثة نفسها بأن هذا يريحها,ولكن هذه الراحة كانت في الحقيق,خيبة أمل.
*****