لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


305 - في عينيك اللقاء - لي ولكنسون ( كاملة )

الملخص لقد عاد ليستعيد كبرياءه...وعروسه! أن تهرب منه فرجينيا ليلة الزفاف,أمر لا يمكن أن يتركه رايان من دون عقاب.هذا هو السبب الذي جعل رايان يعود بعد سنتين... كان يريد

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-09, 05:01 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Thanks 305 - في عينيك اللقاء - لي ولكنسون ( كاملة )

 

الملخص

لقد عاد ليستعيد كبرياءه...وعروسه!
أن تهرب منه فرجينيا ليلة الزفاف,أمر لا يمكن أن يتركه رايان من دون عقاب.هذا هو السبب الذي جعل رايان يعود بعد سنتين...
كان يريد أن يعلم لماذا هربت منه فرجينيا بعد الحب العنيف الذي كان بينهما.وأكثر من هذا,كان يريد أن ينفذ انتقامه كما يحلو له...
ولن يستطيع أحد أن يقف في وجهه!


منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس

قديم 25-10-09, 05:03 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

1- مفاجأة غير سارة
تسللت شمس حزيران من النافذة تبعث الدفء بعد انقضاء فصل الربيع البالغ البرودة.
نظرت فرجينيا من نافذتها في الطابق الثاني,فرأت كرة حمراء تلقى بين الأشجار.ابتسمت ثم عادت إلى عملها في الفهرسة.
وماهي إلا لحظة,حتى رن هاتفها,فمدت يدها النحيلة الطويلة الأصابع لترفع السماعة:"آلو؟"
جاءها صوت هيلين يقول بلهجة رسمية:"ثمة سيد يا آنسة أشلي يسأل عما إذا كان لدينا لوحات لبراد أو مايا آدامز.أخبرته أن ليس لدينا أيا منها في الفهرست,لكنه يريد ان يعلم إن كان بإمكاننا ان نحصل على واحدة"
أثناء السنوات الأخيرة,كثر الطلب على لوحات آدامز,ونشأت فرجينيا على فكرة أن والديها مشهوران...على الأقل في عالم الفن.فقالت : "أنا قادمة".
منتديات ليلاس
اطمأنت إلى ان شعرها البني الحريري مرتب وانيق,ورفعت عن عينيها النظارات السميكة التي تغير مظهرها وتجعلها تبدو اكبر من سنوات عمرها الأربع والعشرين,ثم غادرت مكتبها بخطوات واسعة,فبدت عملية بطقمها الحريري الأسود.
كان المعرض بيضاوي الشكل,ذا شرفة داخلية وتنير كوة عالية في السقف,مغطاة بستارة معدنية لتحمي المكان من أشعة الشمس الساطعة.
نظرت فرجينيا من الأعلى فرأت أشخاص عدة يتمشون.وفي الناحية البعيدة,رأت رجلا طويلا حسن البنية أسود الشعر يقف قرب مكتب الإستقال.
كان الرجل يقف باسترخاء,لايبدو عليه أي أثر لفروغ الصبر,رغم ان الانتظار كان واضحا عليه.
عندما وصلت فرجينيا إلى السلم الذي وضعت عند أسفله لوحة مربوطة بحبل كتب عليها(خاص)التفت لينظر في اتجاهها... رايان!
لم تخطئ في تمييز ذلك الوجه القوي الملامح,وتنك الكتفين المستقيمتين,وذلك الرأس المرفوع الأسود الشعر وتلك القامة القوية رغم رشاقتها.
ورغم انه كان من البعد بحيث لم تميز لون عينيه,إلا أنها تعلم جيدا أن لونهما يتماوج بين الاخضر والازرق.
انحبست أنفاسها وجمدت في مكانها,وهي تتمسك بحافت السلم بيدين متشنجتين.
حتى بعد ان غادرت نيويورك وعادت إلى لندن,مازالت خائفة من أن تراه.وتشعر بتوتر في اعصابها كلما رأت رجلا طويلا.لكنها ومنذ ستة أشهر فقط,أخدت تشعر بأمان نسبي,واثقة من أنها تركت الماضي خلفها.
والآن يبدو أن ثقتها تلك لم تعد في محلها.
راح قلبها يخفق,وتملكها التوتر.فاستدارت وهربت عائدة إلى مكتبها الآمن.
جلست خلف مكتبها وهي تشعر بالغثيان,وتوسلت الله ألا يكون قد رآها وعرفها.فهو إذا ما عرفها,ليس بالرجل الذي يعود بهدوء من حيث جاء.وتذكرت ما قاله مرة:"لن ادعك ترحلين أبدا"
وارتجفت.بالرغم من كل ماكان بينهما,فقد تركته لأنها لم تعد قادرة على احتمال ألم خيانته,ولأنها خافت من مواجهت الدمار الذي قد يسببه ذلك للأسرة.هربت من دون ان تقول كلمة.
لذلك لن يصفح عنها بسهولة.
لكن إذا لم يعرفها,فربما بالإمكان إنقاد الوضع...
تناولت سماعة الهاتف راجية أن يكون تشارلز قد عاد من موعده المقرر بعد الظهر.
لم تحصل على أي جواب من مكتب الطابق الأرضي.اتصلت فرجينيا بغرفة العروض الخاصة لكن من دون فائدة وفي قمة يأسها اتصلت بغرفت العروض الثمينة,فإذا به يجيب مذهولا:"نعم...ماذا هناك؟"
كادت تبكي لشدة الارتياح:"آسفة لإزعاجك.ولكن هل يمكنك ان ترى زبونا ينتظر في مكتب الاستقبال؟"
-ماذا يريد الزبون؟
-سأل ما إذا كان بإمكاننا الحصول على أي من رسوم آدمز من أجله.
فقال بدهشة:"يمكنك بالتأكيد أن تتولي الأمر".
-إنه شخص كنت...عرفته من قبل ولا أريد ان أراه...مرة أخرى.
ورغم أن فرجينيا حاولت جهدها أن تقلل من أهمية رؤيتها لهذا الرجل,إلا أن تشارلز لاحظ اللهفة في لهجتها,فقال:"لابأس.دعي الأمر لي".
أحال الخوف لون عينيها الذي هو في الأصل مزيج من الأخضر والرمادي,أسود تقريبا.راحت تتساءل عما جعل رايان يأتي إلى هذا المعرض الفني من بين معارض المدينة كلها.
منذ عودتها إلى لندن منذ سنتين ونصف,وهي تستعمل إسمها الأوسط كشهرة لها,وتعيش مختبئة.لا أحد يعرف مكانها حتى والديها.وهي تقيم في فندق رخيص,مكتفية بالقليل من المال.لكن بما ان عيد الميلاد يقترب وهي بحاجة ماسة للعمل,أرسلها مكتب العمل إلى مكتب رينور حيث أجرى معها المقابلة تشارلز بنفسه.
حدثته عن دراستها الفنية في كلية الفنون,موضحة له أنها وصلت لتوها من الولايات المتحدة.وبعد أن تأملها بتفكير عميق وهي تتحدث,عرض عليها أن تعمل كمساعدة له.
بعد أن عملت عنده حوالي سنة,أخد المعرض يتعامل مع أسرة آدمز.وعندما أقترح تشارلز عليها أن تكون حلقة الوصل بينهما, اضطرت إلى أن تخبره بجزء من الحقيقة.فقال محتجا:"فرجينيا,عزيزتي,بما أنك ابنتهما,من المؤكد..."
-لا أريدهما أن يعلما بمكاني.
إنهما من معارف رايان,وهذا يجعل أي اتصال بهما خطرا للغاية.قطب تشارلز:"ولكن ألا يقلقان عليك؟"
-لا,وأنا واثقة من ذلك.لم نكن قط أسرة عادية.
وإذ رأته غير مقتنع,شرحت له:"كانت أمي قد تخرجت حديثا من كلية الفنون عندما تعرفت إلى أبي القادم من الولايات المتحدة.كانا يرسمان منذ طفولتهما,وعاشا من اجل الفن.وبعد زواجهما عاشا في غرينويتش فيلاج قبل ان يعودا ليستقرا في انكلترا.عندما ولدت أنا كانا في الثلاثينيات من عمرهما.كنت,بالنسبة إليهما,غلطة.فأي منهما لم يكن يريدني.ولو أن أمي لم تنشأ على عقيدة أن الحياة ثمينة لما أنجبتني".
-آه,حتما هذا غير صحيح!
-كانا من الإنشغال بعملهما بحيث شكل طفل غير مرغوب فيه,تعقيدا لحياتهما...
ورغم أنها كانت تتحدث بفتور وهدوء,إلا أنه شعر بألم كامن في نفسها فرق قلبها عليها.
-كانا غنيين فوجدا الحل في سلسلة من المربيات,ثم في مدارس داخلية للبنات.وكنت على وشك مغادرة المدرسة ودخول كلية الفنون,عندما عادا إلى أميركا ليعيشا هناك.
-وتركاك خلفهما؟
-كنت قد قاربت الثامنة عشرة حينذاك.
-ولكن,لاشك أنهما استمرا في مساعدتك,أعني ماديا؟
-لا.لم أقبل بذالك,بل فضلت أن أعمل في المساء وفي العطل الاسبوعية لأبقى مستقلة.لذا فعدم معرفتهما بمكاني حاليا لن يقلقهما.في الواقع أشك في أن يكونا قد فكرا بي لحظة واحدة.
-حسنا,إذا كنت واثقة؟
-أنا واثقة تماما.
-إذن سأتعامل معهما شخصيا.
فسألته بلهفة:"ولن تخبرهما شيئا؟"
-لا.سرك دفين عندي.
شعرت بدفق من العطف نحوه.فهو رجل بالغ الرقة واللطف,وتنفست الصعداء لثقتها بأنه سيحفظ وعده.
حتى الآن...
وتحرك قفل الباب.رفعت بصرها بحدة وكاد قلبها يقفز من صدرها.
كان تشارلز,أنيقا متحفظا,في بذلة العمل الرقيقة,وقد تدلت خصلة من شعره الأشقر الأجعد على جبهته فمنحته مظهرا صبيانيا,لا يفضح عمره الحقيقي الذي قارب الثالثة والأربعين.
عندما رأى وجهها يشحب,قال يطمئنها:"لا حاجة بك للقلق,فقد ذهب"
ربما,في عقلها الباطني,كانت تتوقع أن يندفع رايان إلى المكتب.واكتسحتها موجة من الارتياح إلى ان خطرت لها فكرة جعلتها تسأله بقلق:"ألم يسأل عني؟"
رفع حاجبيه الأشقرين يسألها وهو يجلس على كرسي أمامها:"ولماذا يسأل؟"
فعضت شفتها السفلى:"كنت أهبط السلم عندما عرفته.ظننته,رآني وعرفني"
فقال تشارلز بهدوء:"لم يذكر ذلك.وبما أنه من النوع الذي لا يتردد في السؤال عن أي شيء يريده,أظن أن بإمكاننا أن نفترض أنه لم يعرفك".
وعندما رأى الارتياح البالغ على وجهها,تساءل عما حصل بينها وبين ذلك الرجل القوي الشخصية الذي كان يتحدث إليه منذ برهة.
بدا واضحا من رد فعلها,أن شعورها نحو ذلك الرجل أعمق بكثير من قولها ببساطة إنه شخص عرفته يوما.ولعله جزء من السبب الذي جعلها ترفض عرضه للزواج بها.
سألته آملة أن تطمئن أكثر إلى أن زيارة رايان مجرد صدفة:"ماذا قال بالضبط؟وكيف تصرف؟"
-كان سلوكه عاديا هادفا.أخبرني أن اسمه رايان فالكونر,وأنه يريد لوحات قديمة لآدمز.أخبرته انني سأبحث له عنها,ثم أخبره بالنتيجة في أسرع وقت ممكن...
-هل هو مقيم في إنكلترا؟
-لعدة أيام كما يبدو.أعطاني عنوانه في مانهاتان ورقم هاتف فندق في حي مايفير.
مايفير!زكبحت رجفة تملكتها.إنه قريب منهم للغاية...ما جعل شعورها بالارتياح يتبخر.
-رغم إنه رجل أعمال ,إلا أنه يهتم بالفن ويملك معرض فنون في نيويورك...لكن ربما تعرفين ذلك.
-نعم.
وعندما لم تزد في الكلام تابع يقول:"على أي حال,أظن أن اللوحات التي يرجو أن يشتريها هي لمجموعته الخاصة.ذكر لوحة من رسم مايا آدامز يريدها بشكل خاص,إسمها(صبية الأربعاء)"
وجمدت فرجينيا في مكانها.
-يعتقد فالكونر أنها رسمت منذ سبع أو ثماني سنوات,وهي إحدى لوحاته المفضلة...لكني لم أسمع بها قط...أوضح لي أن المال لايهم,لهذا وعدته أن أبذل جهدي.طبعا حتى لو استطعت الحصول عليها,قد يرفض مالكها الحالي أن يبيعها.
شيء ما في مظهر فرجينيا الجامد,جعله يسألها:"هل تتذكرين هذه اللوحة؟"
تنفست بعمق,واعترفت قائلة:"في الحقيقة,نعم.إنها صورتي أنا,ولم أكن فد بلغت السابعة عشرة بعد"
لمعت عيناه الزرقاوان اهتماما,وهتف:"لم أكن اعلم أن أمك اتخذتك نموذجا!
-حصل ذلك مرة واحدة فقط.دعيت لقضاء العطلة الصيفية مع زميلة لي في المدرسة.كانت جين من أسرة كبيرة سعيدة,وكنت متلهفة لقضاء العطلة معها,لكنها ألغيت في آخر لحظة,فعدت إلى بيتنا.قالت أمي إن من الأفضل أن تستغل وجودي.حاولت جاهدة أن أفعل ما طلبته مني,ولكن لسبب ما,لم تعجبها اللوحة عندما انتهت,فلم تطلب مني بعد ذلك قط أن أجلس لترسمني.
-ماذا كان رأيك أنت في اللوحة؟
فأجابت بفتور:"لم أرها.وعندما عدت إلى البيت في العطلة التالية كانت قد بيعت".
والآن يريد رايان أن يشتريها.
هذه الحقيقة بعثت فيها الاضطراب بقدر رؤيته مرة أخرى...لكن لعل اختياره لوحة(صبية الأربعاء)مجرد صدفة.ربما لايعلم أنها صاحبة الصورة.
لكن حدثتها غريزتها أن لادخل للصدفة في ذلك وأنه يعلم الحقيقة تماما.
وارتجفت,وكان تشارلز يراقب وجهها,فسألها بهدوء:"إذا وجدت تلك اللوحة واشتريتها,فماذا سيكون شعورك حيال امتلاك فالكونر لها؟"
فقالت بحذر وهي تقلل من شأن الأمر:"أضل ألا يمتتلكها"
-سأخبره إذن انني لم أعثر عليها.
تذكرت الخسارة المالية التي عانى منها تشارلز في السنة الماضية,فابتلعت ريقها بصعوبة وأرغمت نفسها على القول:"لا.إذا استطعت أن تعثر عليها,ودفع هو مبلغا حسنا,فلا تدع تحاملي عليه يقف في طريق العمل"
-حسنا,سنرى.قد تتحسن الأمور.
قبل أن تسأله تفسير قوله الغامض نوعا ما,نظر إلى ساعته:"إنها الرابعة تقربا.من الأفضل أن أتابع العمل"
نهض واقفا,واقرح باهتمام بالغ اعتادت عليه:"تبدين شاحبة قليلا.لم لاتذهبين إلى بيتك؟"
كانت تشعر بقلق بالغ وبعدم رغية في العمل فقالت شاكرة:"لدي صداع بسيط,ولهذا أظنني سأذهب إذا كنت حقا لاتمانع"
هز رأسه باسما:"بما أن اليوم هو الاثنين,أنا واثق من قدرتنا,أنا وهلين,على مواجهة أي طارئ"
ثم توقف عند الباب,ليقول:"آه,بالمناسبة,لن أعود إلى البيت في الوقت المعتاد,فقد قبلت دعوة على العشاء مع الزبون الذي قابلته اليوم"
غاص قلبها.فبعد ماحدث,كانت بحاجة إلى وجوده المتفهم.
-وحيث أنه دوري في الطهو...
كانت فرجينيا قد انتقلت إلى الغرفة الإضافية لديه,واتفقا على أن يتناوبا على الطبخ للعشاء.وتابع مقترحا:"يمكنك أن تحضري طعاما جاهزا على نفقتي..."
فسألته:"هل ستمر على المطعم الصيني لتحاسبه؟"
فرد ضاحكا:"ربما,إذا وعدتني بأن تبقي لي بعض القريدس المقلي"
-سأفعل هذا!
كم هو بالغ اللطف والاهتمام بالغير,كما خطر لفرجينيا بعد خروجه.سيكون زوجا رائعا,كما أنه رفيق ممتاز,سهل المعشر حسن المزاج,بالإضافة إلى تلك الميزة النادرة وهي قدرته على أن يتفهم وجهة نظر الآخرين.
وهو رجل وسيم ذو جاذبية هادئة لايمكن تجاهلها.وفرجينيا واثقة تقريبا من أن هلين غارقة في حبه منذ سنة.من المؤسف أنها لم تستطع أن تحبه كما يحبها.
منذ أسابيع,فاتحها بموضوع الزواج بخجل وحذر خوفا من أن يفزعها.حتى ذلك الحين,كانت تظنه أعزب ثابتا على مبدئه,ولم يخطر لها قط أن يعرض عليها الزواج.
-لم أكن أدرك كم تنقصني الصحبة حتى جئت أنت...حتى عشت هنا...حسنا,أحدث ذلك تغيرا كبيرا في حياتي...ويبدو أنك سعيدة بهذا الترتيب بيننا...
فابتسمت بحرارة:"نعم.هذا صحيح"
شجعته ابتسامتها,وبدا الجد في عينيه,ثم تطرق إلى الموضوع:"فرجينيا,أود أن أطلب منك شيئا,ولكن,إذا كان جوابك(لا),فعديني ألا يغير ذلك شيئا من صداقتنا"
-أعدك
-لابد أنك تعلمين أنني أحبك...
فسألته برقة:"ألا تظن أن لشعورك هذا صلة بتقاسمي الشقة نفسها معك؟"
فهز رأسه:"لقد أحببتك منذ أن وقع نظري عليك"
ثم أضاف:"يسعدني جدا أن توافقي على الزواج مني"
تملكها الإغراء لحظة.ورغم أنها تحب مهنتها وتعبت جدا في تعليمها,إلا أنها كانت دوما تضعها في المرتبة الثانية بعد تأسيس أسرة.
لكن الأمر لن يكون منصفا بحق تشارلز.إنه يستحق زوجة تحبه,وليس إمرأة مثلها لاتشعر نحوه سوى بالعطف.
وهكذا تنفست بعمق:"آسفة...آسفة أكثر مما يمكنني أن أقول...لكنني لا أستطيع"
-هل هو فارق السن؟"
فقالت صادقة:"لا"
لو كانت تحبه حقا لما وجدت للعمر أهمية.
دفع خصلة الشعر الشقراء التي كانت تتدلى على جبهته وقال:"كنت أرجو أن تفكري على الأقل.لكن لعلي لا أعجبك بما يكفي"
-بل أنا معجبة بك وأحترمك أيضا,وفي الواقع أنا مولعة بك جدا,ولكن...
-من المؤكد أن هذا يكفي لإنجاح الزواج.
قال هذا بلهفة,لكنها هزت رأسها:"إنه ولع أخوي,وهذا لا يكفي"
-أنا مستعد للجربة.كثير من الزيجات مبني على أقل من هذا.
-لا.لن يكون هناك إنصافا لك...
وعندما رأى عدم الإرتياح على وجهها,قال بحزم:"لاتقلقي.أعدك بألا أتطرق إلى هذا الموضوع مرة أخرى.ولكن لاتنسي أنني أحبك وأنني مستعد للقيام بأي شئ لأجلك...وإذا غيرت رأيك ذات يوم,فما يزال عرض الزواج قائما"
لقد حاولت,بعد ما واجهته من أخطار,أن تنسى حب رايان لكنها فشلت.إلا أنها لن تفكر فيه بعد الآن...
وخيل إليها أن رايان بوجهه الأسمر وعينيه الزرقاوين يبتسم لها ساخرا من تفكيرها هذا.
الفكرة الوحيدة التي خطرت لها في أول لقاء لهما هي أنها لم تر من قبل عينين بمثل هذا اللون الخلاب.تبا,ها هي ذي تفكر فيه.
صرفت بأسنانها وهي تفلق النافذة,ثم حملت حقيبة يدها,واتهت إلى السلم الخلفي.وبدل من أن تتجه إلى الطريق الرئيسي لتستقل سيارة أجرة,كما تفعل عادة عندما لايوصلها تشارلز إلى البيت بسيارته,وقفت مترددة.
بدت الحديقة العامة بديعة للغاية وأشعت الشمس تداعب الأزهار.فكرت في أن تسير إلى بيتها عبر الحديقة,عل هذا يعيد الصفاء إلى ذهنها ويبدد التوتر الذي يتملكها.
وفجأة,فرغ صبرها من نظارتها فدستها في حقيبتها,ثم دخلت الحديقة.
كانت تسير بنشاط وكأنها تحاول أن تسابق أفكارها.لكن رغم محاولاتها,كانت أفكارها تعود دوما إلى رايان,وسبب مجيئه إلى المعرض,ورغبته في أن يشتري لوحة(صبية الأربعاء)
أتراه يريد صورة لها...ليخزها بالدبابيس,فينتقم منها؟
التفكير في القدر من الغضب المكبوت والكراهية لها أخافها حتى الموت.أخدت ساقاها ترتجفان فألقت بتفسها على أول مقعد خشبي رأته,وأخدت تحدق بعينين لا تبصران.
كانت ترجو أن يخفف الزمن من العداوة التي يكنها لها.ولكن لم يفف الزمن من شعوره ذاك,بينما لم يفف من شعورها هي نحوه؟
الحيرة,الإستياء,الشعور بالغدر,جرح الكرامة...
ومن دون إنذار مسبق,سمعت من خلفها صوتا أجش يقول في أ ذنها:"خمني من أنا؟"
شعرت وكأن قبلها توقف عن الخفقان,وكاد الإغماء يصيبها ليحملها إلى الهاوية...
ما إن بدأ الضباب ينقشع,حتى وجدت نفسها آمنة والشمس الدافئة تدغدغ وجهها.فتمالكت نفسها.
كانت خفقات قلبها كضربات المطرقة,وأنفاسها سريعة ضحلة.حدقت إلى ملامح رايان الصلبة الخشنة...الى وجه تعرفه كما تعرف وجهها.وجه لطالما نظرت إليه وهما مخطوبان,لم تتمكن من نسيانه على الإطلاق.
كان شعره الكث الأسود مقصوصا,فمه لايزال جميلا كما تتذكره,وكذلك عيناه بأهدابهما الطويلة ولونهما الأزرق الداكن.
إنهما عينان كفيلتان بأن تجعلا أي رجل عادي,يبدو ساحرا وجذابا.إلا أن رايان أبعد ما يكون عن الرجل العادي حتى من دون هاتين العينين الرائعتين.فسيبدو شخصا مميزا ولو كان بين جمع غفير من الناس.
وبحركة متملكة,أزاح عن وجنتيها الشاحبتين خصلة شاردة من شعرها البني الأجعد.
أجفلت ظنا منها أنه سيصفعها.وبدا الألم على وجهه وهو يقول معاتبا:"ياعزيزتي فرجينيا,لا تتصرفي وكأنك تخافين مني"
فقالت بصوت أجش:"إذن,فقد رأيتني في المعرض؟"
-لمحة واحدة فقط قبل أن تهربي.يبدو أن الهرب حصنك المنيع.
عضت شفتها ثم سألته:"لماذا لم تقل شيئا لتشارلز؟"
فأجاب سآخرا:"فكرت في أن أجعلها مفاجأة لك"
وقد نجح في ذلك.ورغم الجو الدافئ,ارتجفت:"كيف علمت أنني سأكون في هذه الحديقة؟"
-انتظرت حتى رأيتك تخرجين من المعرض,فتبعتك.
-لماذا تبعتني؟
لمعت أسنانه بابتسامة الذئب:"خطر لي أن الوقت حان لكي نتفاهم"
-ما من شيء يقال بيننا.
وقفزت واقفة,ثم خطت بشكل غير ثابت.
-لا تستعجلي بالذهاب.
وقطع عليها الطريق فقالت وهي تترنح:"دعني أذهب.لا أريد أن أتحدث إليك"
جعلها تجلس على المقعد بهدوء محاذرا أن يؤذيها.وبعد أن جلس,ابتسم قليلا:"إذا كنت لاتريدين أن تتحدثي معي فيمكنني أن أفكر في شيء أكثر تشويقا"
فصرخت مذعورة:"لا!"
وإذ لم يعد أمامها خيار آخر,أذعنت قائلة:"ما الذي تريد أن تحدثني عنه؟"
-أريد أن أعرف سبب هربك,ولماذا تركتني من دون أي كلمة...
كان صوته عادة,دافئا جذابا...ولطالما سحرها.لكنه بدا الآن باردا كالثلج,مما أرسل قشعريرة في جسدها.وتابع يقول:"لماذا لم تخبريني على الأقل,عما أغضبك؟"
نظرت نحوه لتواجهه بغضب بالغ وعينين ملتهبتين:"كيف تتضاهر بالبراءة؟وبالجهل؟فتسألني عما أغضبني؟"
تنهد:"يمكنك أن توفري ثورة الأعصاب هذه وتخبريني"
ولعدم رغبتها في الكشف عن مدى ألمها ووحشتها,ابتلعت اتهامها الغاضب,وقالت بألم:"لقد انتهى ذلك منذ عامين.ولا أرى ذلك مهما الآن"
لكنه مهم طبعا,وسيكون كذلك دوما.
وتابعت تقول:"أصبحنا شخصين مختلفين الآن.والفتاة التي كنتها ذات يوم لم تعد هي نفسها"
-لقد تغيرت بكل تأكيد.
اعترف بذلك وهو يتأمل وجهها البيضاوي وملامحها الرقيقة,وعينيها الخضراوين الرماديتين بأهدابهما الطويلة,وأنفها القصير المستقيم وفمها الجميل العاطفي.وتابع يقول:"حينذاك,كنت صغيرة برئة متوهجة الجمال,متألقة"
إذا كان هذا صحيحا,فلا بد أن الحب هو الذي كان يجعلها تبدو كذلك.فالسعادة منبع للجمال.
-والآن أصبحت...
وتلاشى صوته وسكت فجأة..لكنها تعلم جيدا ما الذي أوشك أن يقوله.في كل صباح كانت مرآتها تعكس لها صورة امرأة صدمتها الحياة.امرأة تلاشى تألقها,وأصبحت ضعيفة,حزينة العينين رغم جهودها لكي تبتسم.
وغصت بريقها وهي تقول:"أدهشني أن تعرفني من تلك اللمحة البسيطة"
-كدت لا أعرفك.وشعرك البسيط الصارم والنظارات على عينيك غيرت مظهرك إلى حد كبير.واسم(الآنسة آشلي)جعلني أتساءل.ولو أنني لم أكن أتوقع رؤيتك...
فقاطعته بحدة:"إذن كنت تعلم أنني هنا؟"
-نعم.أعلم.علمت ذلك منذ فترة.هل ظننت حقا أنني لا أستطيع العثور عليك؟
لم تجب وإنما سألته:"ما الذي جعلك تأتي إلى المعرض؟"
-قررت أن أرى الأمور شخصيا.
-أخبرت تشارلز أنك تريد لوحة(صبية الأربعاء).
-هذا صحيح.
-لماذا؟
-يمكنك أن تخمني السبب بكل تأكيد.هل هو قادر على أن يجدها لي؟
-ليس لدي فكرة.
-لكنه لن يجدها إذا استطعت أن تمنعيه؟
لم تجب,فأضاف مبتسما:"لا أظن أنني سأكون بحاجة إلى لوحة(صبية الاربعاء)عندما يصبح لدي الأصل"
خافت أن تسأله عما يعنيه,فبقيت صامتة,وهي تبعد نظرها عنه.وتابع يقول:"فهمت من تصرفات تشارلز أنك لم تخبريه عن..خطبتنا...؟"
-هذا أمر لا أحب التحدث عنه.
عبس للهجتها:"ماذا ستخبرينه الآن,بغد أن رآني في مكان عملك؟"
-قلت له لتوي إنك رجل عرفته ذات يوم ولا أريد أن أراه مرة أخرى.
-ياله من تبخيس وعدم مبالاة.
-وهذه هي الحقيقة.
رأت وجهه يتوتر غضبا قبل أن تعود ملامحه إلى الجمود:"عليك أن تقولي له انني كنت أكثر من مجرد شخص عرفته ذات يوم"
تململت متلهفة للرحيل,لكنها كانت تعلم أنها لن تتمكن من ذلك إلا بإذنه.فقالت بتوتر:"كل هذا من الماضي وقد أنتهى كل شيء"
-هذا غير صحيح.
-بالنسبة إلي,كل شيء انتهى.
فهز رأسه:"أنت مخطئة في ذلك.أريد أن تعودي إلي"
-ماذا؟
وكرر بهدوء:"أريدك أن تعودي إلي"
فصرخت وقد جعلها الاضطراب تتلعثم:"لن أ...أعود إليك أبدا"
فقال بمرح:"كلمة (أبدا) هي مدة طويلة"
-أنا أعني ذلك يارايان.لاشيء تقوله أو تفعله سيجعلني أغير رأيي.
-لا تراهني على ذلك.
وجعلت ابتسامته الصغيرة الملتوية الدم يجمد في عروقها.ووجدت نفسها تتوسل إليه:"أرجوك يا رايان...لقد بدأت حياة جديدة,ولا أريد سوى أن تتركني أستمتع بها"
-أخبرتني ذات مرة أنك تكرهين العيش وحدك.
-أنا لا أعيش وحدي.
كانت كلمات متمردة تقصد بها التأثير عليه.
-دعيني أفهم الأمر.هل نتحدث عن مجرد المشاركة في المسكن؟
فأجابت بوقاحة:"لا.ليس مجرد مشاركة"
إذا اعتقد أنها متورطة مع شخص آخر,فقد يتركها وشأنها.فهي لاتريد أن تسبب لنفسها الألم مرة أخرى.
جمد في مكانه قبل أن يسألها بهدوء:"هكذا إذن؟من هو ذلك الرجل؟"
-هذا ليس من شأنك.
-أنا أجعله من شأني.
وسمرتها عيناه الزرقاوان ثم كرر:"من هو؟"
-تشارلز.
فضحك غير مصدق:"ذلك العجوز؟"
-إياك أن تجرؤ على وصف تشارلز بالعجوز,فهو لطيف وحساس وأنا مدينة له بالكثير.لقد منحني العمل والمأوى حين كنت في غاية اليأس.
-أعلم أنك تشاركينه منزله...مخبري الخاص تبعكما بما يكفي.لكن معرفتي بك تجعلني أتردد في تصديق أن (عرفانك)لجميله كاف ليجعلك ترتبطين به.
-ليس عرفانا بالجميل وحسب,فأنا أحبه ومن كل قلبي.
حدثتها ابتسامته الساخرة أنه لم يصدق حرفا من ذلك.
-لكن علاقتكما لا تبدو حميمة جدا في المنزل..أعني ليس كشخصين متحابين.
-وما الذي يجعلك تظن ذلك؟
-أنا لا أظن,بل أعلم.
-وكيف تعلم شيئا كهذا؟
-يمكن للخدم أن يكونوا مصدرا ممتازا للمعلومات.السيدة كرابتري تسعد بالأقاويل.
غاص قلب فرجينيا.السيدة كرابتري,الثرثارة البشوش!وهذا قالت تعترف:"لا بأس فتشارلز يفضل المحافظة على التقاليد ويحرص على المظاهر"
-هذا ليس مدهشا.إنه كبير في العمر بما يكفي ليكون أباك.
-إنه ليس كذلك.
-هراء.لابد أنه في الخامسة والأربعين.
-بل هو في الثالثة والأربعين.على أي حال,لا علاقة للعمر بذلك,فهو شخص رائع.
كانت تشعر بتأنيب في ضميرها وهي تتكلم.لم يكن منصفا بحق تشارلز أن تستغله بهذه الطريقة.ربما عليها أن تخبر رايان الحقيقة...لكنها ابتعدت كثيرا عن الحقيقة بحيث لم يعد بإمكانها أن تتراجع الآن.
فقال وفي عينيه لمعان خطير:"أرجو,ولمصلحة الجميع,أن تكوني كاذبة"
-هل تتوقع مني حقا أن أعيش من دون حب طيلة حياتي؟
-كنت كذلك عندما عرفتك.
-كنت ساذجة بر يئة.لكنك علمتني الكثير,ومن الصعب جدا أن أعود إلى الوراء.
نظرت إليه متسائلة...وقررت أن توجه إلى غرور الرجل فيه:"هل تظن نفسك الرجل الوحيد الذي يمكن أن يثير مشاعري؟"
-لكنني لم أكن أعلم أن تشارلز هو من النوع الذي يعجبك.
-نحن منسجمان تماما,وهو يريد أن يتزوجني.
احمرت وجنتا رايان:"لن يتحقق هذا إلا على جثتي.لن أدع أحدا يأخذك مني"
فقالت وكأنها تتعلق بقشة:"قلت لتوك إني تغيرت كثيرا,حتى أنني لم أعد جميلة"
-هذا غير صحيح,فأنت لم تعودي جميلة وحسب,بل أصبح جمالك حاداً لايبارح النفس.
-حتى ولو كان هذا صحيحا,فالعالم ملئ بالنساء الرائعات الجمال.
خصوصا واحدة بالذات.
-في الماضي,حصلت على نصيبي من النساء الجميلات.لكن ما من واحدة منهن تصلح لي.أنت وحدك التي أريدها في حياتي.
فصرخت يائسة:"لا أفهم السبب"
فقال بصوت بارد كالفولاذ:"لسبب واحد,وهو الثأر.وأنت مدينة لي"
***

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:04 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

2-هزة في الأعماق
همست وقد ابيضت شفتاها:"ثأر؟"
-لماذا يدهشك هذا؟لابد أنك تعلمين أن تركك لي بذلك الشكل جعلني أبدو أحمق للغاية؟
لم تستطيع أن تنكر ذلك.جزء منها أراد أن يثأر منه,أن يجرحه كما جرحها,ويدمره كما دمرها.
وخوفا من أن يقرأ هذا في عينيها,حولت نظراتها بعيدا,تنظر إلى صبي يركض ناحية البحيرة.
منتديات ليلاس
عندما ركع قرب حاجز منخفض لكي يضع سفينته في الماء,نادته أمه التي كانت تدفع عربة طفل:"حذار يا توماس فالمياه عميقة"
وعندما عادت فرجينيا بنتباهها إلى رايان,أخذ يقنعها:"بعد أن أختفيت ولم أعد أعرف مكانك,كدت أجن من القلق.ومنذ ذلك الحين أمضيت سنتين ونصف,وأنفقت مبلغا طائلا من المال في البحث عنك.وها قد وجدتك الآن,وأريدك أن تعودي إلي..ألا تثير هذه الفكرة مشاعرك؟"
اكتسحتها موجة ساخنة,وقالت بصوت ثقيل:"لا,لا أستطيع احتمال التفكير في العودة إليك"
تألقت عيناه الجميلتان:"سيمنحني ذلك رضى بالغا,ويضيف إلى بهجتي قدرا غير محدود من السعادة..."
وإذا بصرخت رعب ترتفع,وتخبط في الماءيقطعان عليه الحديث.
وسرعان ما ركض رايان نحو البحيرة,فيما تابعت المرأة التي تجر العربة صراخها الهستيري.وماهي إلا لحظة حتى ألقى بنفسه في البحيرة.
تسمرت فرجينيا في مكانها وأخذت تنظر إليه وهو يرفع الجسم الصغير من الماء ويضعه على كتفه.وأنبأها صراخ الخوف الصادر عن الطفل بأنه لم يصب بسوء.
أخذ ذهن فرجينيا يعمل بسرعة.أدركت أنه لم يحدث أي ضرر حقيقي,فأمسكت حقيبة كتفها ثم هربت,تاركة رايان وحده.
أسرعت قدر إمكانها إلى أقرب باب,ثم خرجت إلى الشارع المزدحم.
مرت سيارة أجرة فأوقفتها ثم قفزت إلى داخلها وهي تلهث وخفقات قلبها تتسارع.
-إلى أين سيدتي؟
-ستة عشر,شارع أشر.
أسندت رأسها إلى الخلف وكان العرق يتصبب منها بغزارة,ثم أخدت تنظر إلى ناحية الحديقة العامة.لم تر أي أثر لرايان إلا أن كل عضو فيها كان يرتجف.وراحت تشكر الله لأنها تمكنت من الهرب.لكن إلى متى؟فرايان يعلم كل شيء عنها,مكان عملها, وعنوان سكنها, وتحركاتها...لقد قال إنه يريد أن تعود إليه,وهو ليس بالرجل الذي يذعن.
مجرد رؤيتها له مرة أخرى,هزمتها.لكن معرفة أنه يريد استعادتها,زادت الأمر سوءً.فهي لم تتوقع ذلك على الإطلاق.ولم تفكر قط في أنه قد يرغب بعودتها إليه.
إنها فكرة تجمد الدم في عروقها.كل مايريده هو الإنتقام.فهو لايحبها.ولو أحبها لاختلف الأمر...
لكن لو أحبها لما تركته منذ البداية على الإطلاق.
وقطع حبل أفكارها المحمومة صوت سيارة الأجرة وهي تستدير وتدخل شارع أشر,ثم تقف أمام المبنى الذي تقيم فيه.
كان تشارلز قد ورث هذا البيت عن والديه منذ حوالي الخمس سنوات,وهو مرتاح فيه,لا سيما وأنه قرب معرضه.
وفجأة شعرت فرجينيا بالضيق وهي تتذكر ما قاله رايان عن أن مخبره الخاص يتبعها أنى ذهبت.
خرجت من السيارة ثم صعدت الدرجات راكضة لتدخل إلى المبنى.شعرت وكأن عينينغير مرئيتين تثقبان ظهرها.
أسرعت من الر هة إلى غرفة الجلوس الجميلة الأثاث وألقت بحقيبتها على الأريكة ثم سارت إلى النافذة تنظر من خلال ستائرها بحذر,متوقعة أن ترى رجلا غريبا يقف هناك ليراقبها.لكن الشارع المشمس الذي تحيط به الأشجار,كان خالياً.
وما لبثت أن شعرت بالوهن,وأخذت تؤنب نفسها.لكن محاولتها للخروج من حالتها هذه,فشلت بشكل محزن.فالخطر المحدق بها حقيقة مخيفة لايمكن تبديدها بسهولة.
شعرت برأسها ينبض بعنف,فسارت إلى المطبخ لتحضر لنفسها كوبا من الشاي وتبتلع قرص أسبر ين,ثم قررت أن تستحم وتغسل شعرها,فقد يشعرها ذلك بشيء من التحسن.
عندما مدت يدها إلى الشامبو,وجدت نفسها تفكر في رايان.لابد أن ملابسه تبللت تماما بعد أن غطس في الماء...أتراه عاد إلى الفندق سيرا على قدميه؟أتراه هو أيضا يستحم في هذه اللحظة بالذات؟
وبينما كان البخار المعطر يرتفع حولها,جمدت يداها وهي تتذكر عينيه الزرقاوين تحدقان بها...
ارتجفت فأقفلت صنبور الماء وراحت تنشف جسدها بنشاط لا ضرورة له.وتدعك جلدها الذهبي حتى أصبح وردياً متوهجاً.
كانت لاتزال حافية القدمين وشعرها المجعد مبللا ومرسلا على طبيعته فوق كتفيها,حين رن جرس الهاتف.
أوشكت أن ترفع السماعة عندما خطر لها أن المتصل قد يكون رايان,فترددت.من غيره يمكن أن يتصل بها؟من غيره يعلم أنها في بيتها قبل موعدها المعتاد؟
تركته يرن,لكن إلحاحه أخد يمزق أعصابها فرفعت السماعة.
-فرجينيا؟
كان هذا تشارلز,وقد بدا في صوته شيء من القلق.
فقالت بسرعة:"نعم,نعم.أنا هنا"
-هل من خطب ما؟
تنفست بعمق:"لا.طبعا لا"
-اتصلت لأطمين عليك.
-نعم,أنا بخير.
هل هذا أكيد؟
قاومت رغبتها في أن تخبره عن رايان,وأن ترجوه أن يعود إلى البيت,ثم قالت ببشاشتها المعتادة:"هل لديك فكرة عن موعد عودتك؟"
-ينبغي أن أكون في البيت حوالي الثامنة والنصف.لاتنسي أن تبقي لي بعض القريدس المقلي.
-لن أنسى.الى اللقاء.
يمكنها أن تتصل بمطعم ليرسل لها عشاءها.وهذا لا يعني أنها جائعة الآن,لكن لابد لها أن تأكل شيئا فقد يساعدها على التخلص من الشعور بالفراغ والغثيان اللذين يلازمانها منذ سمعت صوت رايان يقول(خمني من أنا)في الحديقة العامة.كان وجه رايان يسبح أمام عينيها,حين أجابها صوت رتيب:"مطعم"جيد غاردن".مساء الخير"
كان ذهنها مشغولا برايان,مما جعلها تتخبط في الكلام وتتلعثم مرات ومرات.
عادت إلى غرفة الجلوس تتجول في أرجائها,وقد منعها القلق والتململ من الإستقرار في مكان واحد...
ما الذي سيفعله رايان؟كانت واثقة من أنه لن يدع الأمور على حالها.فهو يريدها وهو لا يتخلى أبدا عن أهدافه...
ورغم أنها كذبت وادعت أنها على علاقة بتشارلز,إلا أن ذلك لم ينتج التأثير المطلوب.
لكن حتى لو صدقها,فهل سيمنعه؟ وتذكرت وجهه وهو يقول(لن أدع أحدا يأخذك مني)واقشعر جلدها.
رؤيته مرة أخرى,وشعورها بقوة إرادته,جعلاها تشك في قدرتها على الصمود في وجهه.
لا!عليها أن لاتفكر بهذا الشكل.وإذا أضطرت ستخبر تشارلز الحقيقة كلها,طالبة صفحه ومساندته.فهو ليس عجوزا ضعيفا كما وصفه رايان ساخرا.في الواقع,كان بمثل قوة رايان وعزيمته الهادئة,لكن ذلك لايبدو واضحا عليه.
لكن كيف بإمكانها أن تطلب العون من تشارلز,وتسأله أن يدعي أنه حبيبها,فيما أنكرت عليه هذا الحق حين رفضت عرضه للزواج؟
وفجأة شعرت بالخزي يتملكها لمجرد التفكير في توريطه أكثر.عليها أن تتدبر أمورها من دون مساعدته.
تعرف أن رايان مخطط ممتاز إلا أنه ارتكب هذه المرة غلطة شنيعة,فقد اعترف أنه جاء ليجعلها تدفع ثمن هجرها له.
ورغم أن جاذبيه لم تفقد قوتها,إلا أن معرفتها لنواياه ستمكنها من الصمود أمامه.سوف تمنعه من القيام بشيء.
قطع رنين جرس الباب حبل أفكارها.لقد وصل العشاء من المطعم أسرع من المعتاد.
حملت كيس نقودها لتدفع ثمن العشاء وسارت إلى الباب تفتحه.
لكن المفاجأة جعلتها تبطئ في صفق الباب في وجه رايان الذي دخل مالئا الردهة بعرض كتفيه وقامته الطويلة.
أغلق الباب خلفه ووقف مستندا بظهره إلى الجدار.بدا أنيقا وجذابا للغاية.
صرخت بذعر:"أخرج! لا يحق لك الدخول إلى هنا عنوة"
-لم أدخل إلى هنا (عنوة).رغم أنني كنت سأفعل هذا إذا اضطررت.
أخد يتأمل ثيابها,ووجهها المتألق والشعر البني المجعد المسترسل على كتفيها,ثم قال:"تبدين وكأنك على وشك الخلود إلى الفراش,أليس كذلك؟"
وعندما توترت شفتاها الناعمتان ولم تقل شيئا,أضاف:"أخبريني يا فرجينيا,هل يغازلك تشارلز بشغف؟"
فصرخت به:"كفى!"
-بعد ما أخبرتني به,لا تلوميني على فضولي هذا.
قالت وهي تتمنى بحرارة لو أنها أبقت فمها مقفلا:"أريدك أن تخرج الآن!قبل أن يعود تشارلز.فهو لن يتأخر"
هز رأسه:"لا فائدة,يافرجينيا,ياحبيبتي.أعلم جيدا أنه لن يأتي قبل وقت طويل..."
كيف علم بذلك؟
-لكن,أتظنين حقا أن احتمال قدوم رينو سيخيفني ويجعلني أخرج؟
لا.إنها لا تظن ذلك.رفعت رأسها وقالت تهدده:"بإمكاني دوما أن أستدعي الشرطة"
-نعم,بإمكانكذلك.لكنني لا أظنك ستفعلين.على أي حال,لدى الشرطة,انشغالات أهم بكثير مما لاشك يعتبرونه مشكلة بيتية تافهة.
في المناوشات الماضية,كان أسرع بديهة منها,وهو الرابح دوما في كل معركة كلامية.لكنها لن تتركه يربح هذه المرة,فقالت وهي تصرف بأسنانها:"هذه ليست مشكلة بيتية تافهة.إنه دخول غير شرعي إلى منزل شخص آخر"
-وكيف يكون(دخول غير شرعي)وقد فتحت لي الباب بنفسك؟
-ظننت أن القادم هو نادل المطعم.
نظر إلى كيس النقود في يدها,وقال:"فهمت.حسنا,إذا طلبت عشاء,فربما ستدعينني للمشاركة فيه"
صرخت به وقد ازداد غضبها:"لا,لا أريدك أن تبقى.ولا أدري لماذا جئت أصلا"
-جئت أولا,لأننا لم ننه حديثنا...
-ما من كلام يقام.أنا لن أعود إليك أبدا.وأنت تضيع وقتك وحسب.
استمر يقول بصوت هادئ خطير وكأنها لم تقاطعه:"وثانيا,لن أدعك تهربين مني"
لأول مرة,أدركت أنه غاضب للغاية,فتملكها الخوف.
تقدم نحوها,فبدت إلى جانبه أقصر مما هي في الواقع بطولها البالغ مئة وسبعة وستين سنتيمترا.كانت عيناه مسمرتين على وجهها وفي وجهه الأسمر حدة وتصميم.توسلت إليه قائلة:"لا!آه,أرجوك رايان.إذهب.."
-لن أذهب إلى أي مكان إلا وأنت معي.
أرادت أن تبتعد عنه وقد أربكتها نظراته.فتعثرت بالسجادة.
كيس النقود الذي كانت متشبثة به كحبل نجاة سقط على الأرض,ورغم كل جهودها للإبتعاد عنه,راح الدم يتدفق بعنف إلى أذنيها,ودارت الدنيا من حولها.دار رأسها وتضاربت مشاعرها وتنبه كل عصب فيها...حتى أنها بدت ضائعة مخبولة عندما دق جرس الباب.
سبق وعي رايان وعي فرجينيا,فقادها برفق إلى المطبخ.
آه رباه,يالي من حمقاء! أخذت تعنف نفسها,فقد صممت أن توضح له أنها لم تعد واقعة تحت سحره.
وبدلا من ذلك,لابد أن شعورها بالضعف أمامه زاد من ثقته بنفسه,وجعله واثقا من نجاحه...
وهذا مالا ينبغي له.عليها ألا تدعه ينجح.
رغم اضطرابها النفسي,انتبهت إلى فتح الباب الخارجي وصوت رايان يقول:"شكرا,كم تريد مني؟"
وعندما عاد إلى المطبخ حاملا كيس ملونا كانت قد استجمعت بقايا شجاعتها.فوقفت أمامه بثبات:"أريدك أن تخرج.الآن,وفي هذه الدقيقة"
فقال بليونة:"يبدو أنك طلبت طعاما يكفي لاثنين,لدى من المخجل أن تضيعه سدى"
بدت مذهولة من كثرة الطعام,وأدركت أن تكرارها للكلمات جعلهم يحضرون طعاما كثيرا.
قال ساخرا وهو يراقب وجهها:"هل هذه زلت لسان؟هل كنت,في عقلك الباطن,تريدين أو تتوقعين حضوري؟"
-لا.على الإطلاق.لو أردت أحدا هنا,لكان تشارلز.
أدركت من توتر فم رايان أن جوابها أغاظه.
قد يصر على البقاء,لكن هذا لايعني أنها مستعدة للإحتفاء به.
أخذ يفتح الأغطية وهو يقول:"لماذا لاتجلسين إلى المائدة وتخبريني بأي نوع تريدين أن تبدئي؟"
فقالت وهي لاتزال واقفة:"لا أريد أن آكل.لقد فقدت شهيتي"
فرفع حاجبيه:"هذا مؤسف.ومع ذلك,هل أنت واثقة تماما من أنك لن تأكلي؟"
نبهتها نبرة التهديد الخطرة في صوته,والتألق في عينيه,فتلاشت كل رغبة في القتال لديها,وجلست فجأة,بينما ضحك هو فبدت أسنانه البيضاء:"لا؟آه...حسنا.."
وجلس أمامها وسألها:"ماذا تريدين إذن؟القريدس بالسمسم مع الخبز المحمص يبدو لذيذا"
كان قميصه الحريري الداكن يظهر عضلانه القوية.رفعت بصرها فتلاقت عيناها بنظراته الساخرة,وشعرت بالاحمرار يكسو وجنتيها.
قال مظهرا البراءة:"يبدو أنك تشعرين بالحر.هل لديك مرطبات باردة؟"
ملأ كأسين,ثم التقط قطعة دجاج بالشوكة,ومدها إليها عبر المائدة,ففتحت فمها دون وعي منها.
حركته هذه كانت أشبه بصدمة عصبية قطعت أنفاسها وجعلت قلبها يخفق بشكل غريب.
عندما تناولا الطعام لأول مرة معا,أخبرته أنها طلبت هذا النوع من الدجاج لأنها شغوفة بالدجاج بالكاجو.
وكعادة العشاق,أطعمها الكاجو من صحنه.وبعد ذلك أصبح هذا طقسا من طقوس الحنان بينهما.
لكن ذلك,كان مجرد تمثيل.ربما رغب فيها,لكنه لم يحبها في الحقيقة,لم يشعر نحوها بحنان حقيقي مطلقا.كان يريد فقط أن يستغلها.لكنها رفضت هذا الإستغلال,رغم أن هجرها له حطم قلبها...
وكأنما تابع مجرى أفكارها,فقد قال فجأة:"لم تخبريني بعد لماذا هربت مني"
-من المفترض أن تعلم.
-إذا كان الأمر ما أفترضه...
فانفجرت تقول:"هل ظننتني لن أمانع؟ظننت أنني سأدعك تستغلني من دون أن أقول شيئا؟"
قطب جبينه:"ليس لدي أدنى فكرة عما تتحدثين عنه.من الأفضل أن تفسري كلامك"
قفزت واقفة وقد ثار غضبها لإنكاره:"ليس في نيتي أن أفسر أي شيء.أريدك أن ترحل ,وإلا سأرحل أنا!"
وعندما همت بأن تبتعد,قال بهدوء:"اجلسي وأنهي طعامك"
وتشابكت نظراتهما.
أرادت أن تعصي أوامره,وتذهب.لكنها لم تستطع المغادرة.
وهكذا وجدت نفسها تجلس على كرسيها مستكينة.وبعد لحظة,سألها برقة:"لماذا لم تطمئنيني على الأقل,إلى أنك بخير؟"
-حاولت ألا أفكر فيك على الإطلاق.
-وماذا بالنسبة لبقية أفراد الأسرة؟
وعندما لم تجب,تابع يقول:"تكدرو جميعا وقلقو لرحيلك من دون كلمة,خاصة‘‘بيث‘‘"
أنا آسفة لذلك.فقد أحببت زوجة أبيك.
في الواقع,أحبت الأسرة كلها باستثناء شخص واحد.
فعاد يقول بفتور:"أصابتها نوبة قلبية أخرى"
وحبست فرجينيا أنفاسها.وإذ رأى التوجس على وجهها,تابع يقول بسرعة:"كانت نوبة بسيطة والحمد لله"
-إنها إذن بخير؟
-وشفيت تماما لحسن الحظ.
-أتعني أنها لو لم تشفَ لحملتني المسؤولية؟
-أنا أحملك المسؤولية فعلا.
أجفلت فرجينيا لسخريت القدر المرة هذه.فالسبب الرئيسي لهروبها بذاك الشكل,هو المحافظة على صحة زوجة أبيه الضعيفة.
-وماذا عن جانيس وستيفن؟
-مارأيك؟
غاص قلبها.ومع ذلك,فكرت أنه من الأفضل أن يلوماها هي,وهي الغريبة نسبيا,من أن يعلموا شيئا يمزق علاقتهم العائلية المتينة.
كان جزء منها يتسائل غير مصدق,كيف استطاع رايان أن يفعل مافعله.لكن لعله لم يستطع منع نفسه.فللحب سطوة قوية,يمكن أن تتغلب على كل شيء...وكذلك الرغبة في الإنتقام.لكن رغم أنه أخطأ بحقها أكثر مما أخطأت هي بحقه إلا أنها حطمت كل خططه التي وضعها بعناية,كما جعلته يبدو أحمق,في نظر نفسه على الأقل.
وهذا أمر لاينساه رجل مثله بسهولة.
ارتجفت فسألها:"أواثقة من أنك لاتشعرين بالبرد؟"
-لا.
-خجلي من نفسك.
-ولماذا أخجل من نفسي؟
-أعرف عدة أسباب,الأول,وهو الأهم,أنك عاملت امرأة كانت قد أحبتك من صميم قلبها,بتلك الطريقة القاسية...
ربما كان عليها حينذاك,أن تترك لهم ورقة تختلق فيها سببا لرحيلها..لكنها لشدة صدمتها,لم تعرف ماذا تفعل.
-آسفة إذا بدا الأمر كذلك.لم أقصد إيذائها قط...
قطع كلامها رنين حاد فمد يده إلى جيب سترته يخرج هاتفه الخلوي:"فالكونر...أصحيح؟هذا حسن...نعم...نعم...سأكون معك حالا"
أعاد الهاتف إلى جيبه ثم نهض واقفا وارتدى سترته:"آسف.علي أن أرحل بسرعة"
فقالت بلهجة لاذعة:"آسفة لأنني لا أستطيع أن أقول لك الشيء نفسه"
رمقها بنظرة عتاب قاسية,ثم ابتسم قليلا وقال:"عندما تكونين وحدك في سريرك الليلة,يمكنك أن تحلمي بي"
فأجابت بعنف:"لا,سأمنع نفسي من ذلك"
-ربما ستحلمين بي بالرغم منك.
-لست مشتاقة إليك.
ابتسم وهو يثبت نظره عليها:"لطالما كنت كذلك"
لم تعد قادرة على تحمل المزيد,فقفزت مبتعدة عنه وقالت:"ألم يغب عن بالك أمر ما؟أم ينبغي أن أقول شخص ما؟قد لايكون تشارلز شابا بمقياسك,لكنه مناسب لي"
رأت شفتيه تتوتران,وسرها غضبه فضحكت.فقال يحذرها بنعومة:"إياك حتى أن تفكري بذلك.من الآن وصاعدا سأكون أنا الرجل الوحيد في حياتك.إذا فكر رينو بالتقرب منك,فعليك أن ترفضي,وأنا أعني ذلك"
ثم قال ساخرا:"سأراك فيما بعد"
وماهي إلا لحظة,حتى سمعت الباب الخارجي يصفق.سارت إلى الردهة وهي ترتجف,عاجزة عن تثبيت ساقيها.
كان رايان قد رحل.لكنها لاحظت,بذهن شارد,أن كيس نقودها وضع بجانب الهاتف.
جلست على آخر درجة من السلم وهي ترتجف,وأخذت تحدق إلى الفراغ مفكرة.رباه,ماذا عليها أن تفعل؟زيارة رايان غير المرغوب فيها أثبتت أمرين مفزعين,الأول هو أنه جاد للغاية,والثاني أنها لاتملك القدرة على مقاومته.
منذ البداية كان الوضع على هذا النحو.رأته فأحبته.وإذ أدركت بغريزتها أنه الرجل الذي أنتظرته طوال حياتها,استسلمت لحبه سعيدة واثقة,راجية السعادة معه بقيت الحياة.
لكن بقيت الحياة تلك كانت قصيرة,شهران فقط بين البداية البهيجة والنهاية المرة...
والآن سيبدأعذابها من جديد,إلا إذا وجدت طريقة تبعد بها رايان عنها.
ستبقى المرأة الأخرى دوما بينهما.حتى وإن كان شعوره نحوها قد مات,فهي لن تتحمل هذا الوضع.
وبالرغم من قوله إنه لا يريد سواها,إلا أنها أدركت أنها لايمكن أن تصدقه أو تثق به مرة أخرى.ويجب أن يعلم هذا...ولعله يتعمد أن يجعلها تشعر بالغيرة,كجزء من انتقامه منها...
لا,لا...لاتستطيع,وهي لاتبغي العودة إليه.
لكن,حتى ولو حاولت أن تقنع نفسها بذلك,فهي تدرك أنها,مثل الفراشة,عاجزة عن منع نفسها من الإنجذاب نحو لهب الشمعة,غير قادرة على المقاومة.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:07 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

-حبل النجاة
صرفت بأسنانها,محاولة أن تنبذ تلك الصورة المخيفة.عليها أن تتدبر أمرها...أن تجد طريقة تتوقف بها عن حب رايان.
لو أستطاعت أن تحب تشارلز بما يكفي لتتزوجه...لكن المشكلة ليست أنها لا تحب تشارلز,بل أنها مازالت تحب رايان.
أما كيف يمكنها الاستمرار في حب رجل يكرهها,رجل يريد فقط أن يؤذيها,فهذا جنون خالص.هذا النوع من الحب المدمر للذات يمكنه أن يحطم حياتها كلها,ولن يبقى لها سوى مستقبل فارغ.
بالنسبة إليها,الحب والاخلاص رفيقان لاينفصلان.وهي لاتؤمن بالعلاقات العابرة.والزواج من تشارلز,الرجل الذي تشعر نحوه ببالغ المودة والاحترام هو الحل الأمثل لها.عندئذ ستصبح آمنة,كما يمكن أن ترزق بأطفال وتعيش حياة عائلية سعيدة.
منتديات ليلاس
أما بالنسبة إلى تحفظها واعتبارها أن ذلك لن يكون منصفا له.حسنا,لقد أطلعته على شعورها نحوه بكل صدق,فقال إنه لايرى مشكلة في ذلك...
ما المانع إذن؟تفتقر العلاقة إلى العواطف المحمومة من ناحيتها على الأقل,ولكن إذا كان بإمكانها أن تجعله سعيدا...
نبهتها دقات الساعة فنهضت وعاد إلى المطبخ لتغسل الأطباق مصممة على التفكير في مستقبل تتصوره أسعد من ماضيها التعيس.
كانت قد فرغت لتوها ووضعت إبريق القهوة على النار,عندما سمعت صوت مفتاح تشارلز يدور في القفل.
أسرعت إلى الردهة وابتسمت له:"لقد عدت باكرا"
سمع نبرة الإرتياح في صوتها,فسره أن يكون قد عاد مباشرة.
وسألته:"كيف كان موعدك؟"
-بأحسن حال.
-هذا حسن.
أحس في صوتها شروداً,وكأن ذهنها مشغول بأشياء أخرى.
تأمل وجهها الشاحب المنهك,ثم سألها بلطف:"هل مازال الصداع يزعجك؟"
-كلا.فقد أذت دواءً حال مجيئي إلى البيت.
كان شعرها المجعد منسدلاً على كتفيها,فبدت له جميلة أكثر من أي وقت آخر.كما بدت محفوفة بالخطر.ثمة شيء حدث فكدرها بشكل جاد.
تسائل عما إذا كانت تريد أن تتحدث عن ذلك أو أنها تفضل أن يدعها وشأنها,فسأل محاذرا:"أتفكرين في النوم باكراً الليلة؟"
هزت رأسها:"لا أشعر بالنعاس"
-إذا كنت لاتريدين النوم,فلماذا لاتشربين القهوة معي؟
-نعم سأشرب.ثمة أمر أريد أن أخبرك به.
وحملت القهوة إلى غرفة الجلوس.
سكبت له فنجانا ووضعت فيه السكر والقشدة,ثم ناولته إياه.
فقال هازلاً:"شكرا,لا أدري ما الذي فعلته لأستحق أن ينتظرني أحد عند عودتي"
منعها التوتر من الجلوس بهدوء,فتركت فنجانها من دون أن تلمسه ثم سارت إلى النافذة حيث وقفت تنظر من خلالها.
حانت الآن اللحظة الحاسمة.لكنها لاتعرف كيف تتطرق إلى الموضوع.
أخذ ينظر إليها,وتكهن بما تشعر به من صعوبة,فسألها:"ما الذي تريدين أن تخبريني به؟"
مازالت مترددة.لعله غير رأيه بالنسبة إلى الزواج,واعتبر طلبه مجرد غلطة لا غير.
حسنا,ثمة طريقة واحدة لمعرفة ذلك.استدار إليه وقالت:"عندما عرضت علي أن أتزوجك,قلت لي إنني إذا غيرت رأيي يوما ما,فالعرض سيبقى قائما.."
مضت لحظات قبل أن يجيب مؤكداً:"هذا صحيح"
تنفست فرجينيا الصعداء,وإمتلأت عينا تشارلز بالأمل,وسألها بلهفة:"هل غيرت رأيك؟"
-نعم.وسأتزوجك إذا كنت لاتزال تريد ذلك.
قفز واقفا وقال بلهفة:"صدقيني,لم أتمنى في حياتي قط شيئا أكثر مما تمنيت ذلك"
لكنه عاد ليسألها:"ما الذي غير رأيك؟"
-حسنا...لقد فكرت...أنا أريد زوجا وبيتاً وأسرة...أتريد أنت أطفالاً؟
سألته ذلك بشيء من القلق,فأجاب بصدق:"لم أفكر في ذلك قط.لكن إذا كان ذلك يجعلك سعيدة...كم ولداً تريدين؟"
-أريد إثنين على الأقل.وربما ثلاثة أو أربعة.تشارلز هل أنت واثق من أن هذا ماتريده؟أعني زوجة وأسرة؟
-لكنني لم أعد شابا,لذا متى ستتزوجينني؟
-بالسرعة التي تريدها.
-كيف تريدين عرسك؟
-أريده هادئاً.
-ألا تريدين ثوبا أبيض بكل ملحقاته؟
ارتجف قلبها لذكر ثوب العروس الأبيض وكأنه ذكرها بأمور جاهدت لكي تنساها.حاولت الإبتسام في وجهه,إلا أن تشارلز بحساسيته البالغة أدرك أن هناك أمر يزعجها.أحست فرجينيا أن عليها أن تخبره بالحقيقة,فقالت بفتور:"سبق أن بدأت التحضير لزفاف...لكن أموراً حصلت وجعلت مشروع الزواج يفشل.آسفة إذا كان هذا يزعجك"
فقال لها بهدوء:"هل كان رجلاً مميزاً,أعني هل أحببته كثيراً؟"
-نعم.
اعتصر قلبه فالعلاقات العابرة لاتعني شيئا في الحقيقة..لكن وجود شخص مميز في حياتها,أمر آخر.
وتذكر تشارلز ردة فعل فرجينيا على وصول الرجل الأسمر ذي المظهر القوي,إلى المعرض.فقال:"كان رايان فالكونر,أليس كذلك؟"
أومأت برأسها وهي تبلل شفتيها.عادت إلى الأريكة,وعندما غاصت بين الوسائد جلس على كرسي بجانبها:"أظن أنه من الأفضل أن تخبريني عنه"
آخر رجل أرادت التحدث عنه في تلك اللحظة هو رايان.ولكم تمنت إرجاء ذلك الحديث,فقالت متلعثمة:"أنا...أنا لاأدري كيف أبدأ"
وإذ رأت أن لامناص من ذلك,استجمعت شجاعتها,ثم قالت:"تعارفنا منذ ثلاث سنوات.كنت قد تركت كلية الفنون وحصلت على وظيفة في معرض ترانتور للفنون.دخل ذات صباح رجل..."
ودت أن تخبره بما يهمه فقط من تلك القصة,فإذا بالذكريات تنفجر مفصلة,وتكشف عن الماضي وكأنه لايزال حيا.
***
كان الوقت قرابة الظهر,والمعرض هادئا.
كانت فرجينياجالسة وراء مكتب الاستقبال,تتفحص محتويات كتيب,عندما انفتح الباب الزجاجي ودخل ذلك الرجل .
كان طويلا, متين البنية,ذاشعر الأسود كثامجعدا قليلا.عندما اقترب منها,رأته في الاوائل الثلاثينات من عمره,بوجه خشن يفيض بالرجولة,وملامح قوية,وفم رائع الجمال.كان أكثر الرجال الذين عرفتهم جاذبية,بل كان أكثر من مجرد جذاب,إنه بالغ الروعة.
-الآنسة ادامز؟
ابتسمت لها عينان مذهلتان فاستحال على فرجينياعدم التحديق فيهماوقد حف فمهاوتسرعات خفقات قلبها. سألته متلعثمة"نع...نعم؟"
-اسمي رايان فالكونر, وأنا من معارف والديك.
فقالت بغباء:"إنهما يعيشان في نيويورك"
تألقت أسنانهالبيضاء بابتسامة"نعم,أعلم هذا. تناولت الغداء معهمامنذ يومين.أخبراني أين أجدك"
كان صوته عذبا,دافئافيه بحة,ونبرته الأميركية غير ظاهرة:
"هناك أمرأحب أن أتباحث معك بشأنه. لذا,قد تسمحين لي بأن أدعوك إلى الغداء"
امتزجت في نفسها الإثارة بخيبة الأمل,فقالن:"لقد تناولت كوبا من اللبن لتوي.."
فقال ساخرا بلطف:"حسنا, إذا كان اللبن هوكل مايمكنك تناوله.."
ارتبكت لسخريته,وقالت تشرح له الأمر:"كما ترى مامن أحد يأخد مكاني,ولا أستطيع أن أتغيب لأكثر من عشر دقائق"
نظر في أنحاء المعرض :"من غيرالممكن أن تكوني هنا وحدك"
-آه,لا.السيدة والسيد ترانتور في المكتب.
- سأتكلم معهما.
فقالت بسرعة :"من الأفضل الاتفعل"
فرفع حاجبه الأسود:"ألا تريدين حقا أن تنماولي الغداء معي؟"
-ليس ذاك.لكنني لاأظنهما يوافقان على خروجي...
- آه, أظنهما يوافقان ... تذكرت الإيجار الباهظ الذي يتوجب عليها أن تدفعه من أجل شقتها فتوسلت إليه:"أرجوك ياسيد فالكونر,استلمت لتوي شقة ولا يمكنني أ، أتحمل خسارة وظيفتي..."
- قولي رايان,أرجوك.اطمئني فلن تخسري وظيفتك أبدا.
وقبل أن تعود إلى الاحتجاج, تقدم من باب المكتب وقرعه,ثم دخل إليه ,كأنه ملكه.ومالبث أن عاد بسرعة بصحبة السيدة ترانتور .وذهلت فرجينيا وهي ترى المرأة ,التي يلقبونها باسم(التنين),تبتسم.
-لامانع لدي,ياسيد فالكونر, ويسعدني أن أهتم بمكتب الاستقبال بنفسي.اذهبي,ياآنسة آدامز.
أسرعت فرجينيا,وهي تتلعثم بالشكر, لتحضرسترتهاوحقيبة يدها,متوفقة قليلا لتمشط شعرها الجعد.وبعد دقائق خرجت معه وكان ذلك في أوائل تشرين الأول, وكان الطقس بارداوجافا, والشمس تلطف ألوان الخريف.
قال رايان بلهجة عفوية:"مارأيك في الذهاب إلى مطعم(بتناغرام)؟"
لكن فرجينيا كانت تسير فوق السحاب برفقة هذا الرجل الغريب الساحر,لم تكن لتهتم حتى لو ذهبا إلى دكان لبيع الشطائر.
قالت بشيء من الخجل:"لاأدري إن كانت ملابسي مناسبة"
نظر إلى طقمها البني وبلوزتها التبنية اللون وقال:"تبدين ممتازة في نظري"
بعد أن سارا مسافة قصيرة,اقتربت منهما سيارة ليموزين,نزل منها السائق,وفتح لهما الباب.
صعدت فرجينيا إلى السيارة شاعرة أنها سندريلا عصرية.وبعد لحظة,ابتعدت السيارة الفخمة عن المنعطف لتسير في زحمة الشارع.
التفت رايان إليها باسماً.كانت ابتسامة خفق لها قلبها وانحبست أنفاسها.
كان قريبا منها إلى حد شعرت معه بالدوار كما لو أنها جالسة على حافة هاوية.ومع ذلك,ازدادت قوة الملاحظة لديها فانتبهت لطول أهدابة وجمال أذنيه,والخط الواضح في ذقنه وسواد شعره,والغضون الخفيفة حول فمه التي كانت تعمق عندما يبتسم...
وإذ انتبهت إلى أنها تحدق إليه كالمنومة مغناطيسياً حولت نظراتها عنه شاعرة بالخجل.
التوت شفتاه,فقالت ببرودة بعد أن شعرت أنه تكهن بشعورها تماما:"قلت إن ثمة ماتريد أن تناقشه معي"
-هذا صحيح.ولكن بعد الغداء.
-لا أدري إذا كان الوقت كافياً,ياسيد فالكونر,لكي..
قاطعها مصرا:"ادعني رايان.ولا تقلقي,لدينا الكثير من الوقت.السيدة ترانتور منحتك عطلة لبقية النهار"
قالت ذاهلة:"عطلة لبقية النهار؟وكيف أمكنك أن تقنعها بذلك؟"
كشر بأسى هازلاً:"يمكنك أن تعتبري ذلكى نتيجة ظرف بالغ"
تذكرت وجه السيدة ترانتور فقالت:"أنا واثقة أن للظروف دوراً في ذلك"
-إن لهم مصلحة معي.كل مافعلته هو أنني ذكرت أنني أريد أن أبتاع لوحات(جوناثان كاس).
طرفت فرجينيا بعينها.إذا كان ينوي أن يشتري إحدى لوحات جوناثان كاس,فهذا يدل على أنه يدفع مليونا أو مليونين,وأنه ذواقة في الفنون أيضاً.
-أنت إذن من عشاق الفن؟
فكر قليلا ثم أجاب:"رجل أعمال على الأغلب.لكن بما أنني أهتم بالفن,فأنا أشتري كل مايعود علي بنفع.لكني لا أبتاع سوى مايعجبني لمجموعتي الخاصة"
-وهل أعمال كاس...؟
-إنها لمجموعتي الخاصة.رغم أني قد أعلقها في المعرض لفترة لجلب الإهتمام.
-هل لديك معرض؟
-نعم,في شارع ماديسون.وهذا هو سبب معرفتي بوالديك.لكن أخبريني,يافرجينيا...هل بإمكاني أن أدعوك فرجينيا؟
-طبعا.
-لماذا لم تخبري آل ترانتور أن والديك هما براد ومايا آدامز؟
سألته بسرعة:"وكيف عرفت أنني لم أخبرهما؟"
-هذا واضح تماما.لو علما,لما عاملاك وكأنك مجرد موظفة استقبال.
لسوء الحظ,أنا كذلك حاليا.
منذ متى تعملين في هذا المعرض؟
-منذ أربعة أشهر تقريبا.
فقطب جبينه:"ولماذا تقبلين بهذا الوضع؟لم تمضي تلك السنوات في تلك الكلية لكي تجلسي خلف مكتب استقبال وتجيبي عن أسئلة تافهة"
-هذا صحيح.لكن الوظيفة في عالم الفن لا تأتي بسهولة.
إذا علم الجميع هوية والديك,فستفتح في وجهك الأبواب.
هزت رأسها بعناد:"إذا لم يكن لدي موهبة مبدعة,فإن هوية أبوي لاتشكل فرقا"
رأت في عينيه مزيج من الإعجاب والإحترام قبل أن يقول:"أتعلمين؟أنت فتاة غير عادية حقا.أكثر الناس يستعملون كل الحيل ليستفيدوا...لكنني من ناحية أخرى,لم أتوقع أن تكوني كمعظم الناس ووالداك موهوبان"
وسكت فجأة ثم أضاف بحزم:"وأنا لا أعني ذلك بالشكل الذي تظنينه"
فقالت بجفاء:"وما الذي تعنيه إذن؟"
التفت إليها بعينيه المذهلتين,ما جعل قلبها يخفق بقوة,قبل أن يتابع:"أتصور أن تربيتك لم تكن سهلة مع أبوين يشغل الفن حياتهما"
ومن دون أن ينتظر جوابا,تابع يقول:"أظنك كنت طفلة وحيدة,ولابد أنك شعرت غالباً أنك وحيدة مهجورة"
-نعم, كنت أشعر بذلك.
اعترفت بذلك,ثم وجدت نفسها تخبره بشيء لم تخبر به أحد من قبل:"كان لدي كل ما أحتاجه من الناحية المادية,لكن لم يكن لديهما وقت يخصصانه لي,لم يجلسني أي واحد منهما قط على ركبتيه أو يحتظنني"
-أظن أن الناس الذين يعيشون من أجل الفن,أو الذين يشغلهم أمر آخر,يميلون لعدم الإهتمام بأولادهم.
-يبدو وكأنك تتكلم من خلال خبرة شخصية.
فابتسم ساخرا:"أظننا من نوع واحد.ورغم انه كان لدي كل مايستطيع المال أن يشتريه,كل ماعرفته عن الحب هو كيف أعيش من دونه"
أدركت شعوره حينذاك,فتلهف قلبها إلى ذلك الطفل التعيس المهجور.
عندما رأى العطف في وجهها,تابع يقول:"كان اهتمام أبي الرئيسي ينصب على السياسة وكسب المال.ونادرا ما كنت أراه.وما كان هذا ليهمني كثيراً لو أن أمي خصصت وقتها لي,لكنها هي أيضا مولعة بالسياسة,وعندما منحت أبي,رغما عنها,الوريث الذي يريده,سلماني للمربيات,وفي مابعد,لعدد من المعلمين.."
تملكها إحساس غريب وهي تنظر إلى وجهه وتصغي إليه.إنها تعرف هذا الر جل وكأن روحه تعكس روحها...إنها مجرد تخيلات,كما أخذت تحدث نفسها بحزم,إلا أن شعورها بأنه نصفها الآخر بقي يلح عليها.
-كنت في العاشرة تقريباً حين قتلت أمي في حادث اصطدام.لم أكن اراها إلا نادرا حتى أنني,بعد أشهر عدة,لم أعد أذكر شكلها.ولم أعرف معنى الرعاية والحنان إلا بعد أن تزوج أبي ثانية.وكانت بيث أرملة إنكليزية لديها صبي صغير وطفلة من زوجها السابق.أحبتني من كل قلبها ومنحتني الحب الذي كان ينقصني حتى ذلك الحين...آه,هاقد وصلنا!!!
وقفت بهما السيارة في شارع هادئ,تحف به الأشجار,أمام مبنى جميل بدا أشبه بمنزل خاص منه مطعم.
قال وهو يساعدها على النزول:"آسف"
فأجابت بحيرة:"لماذا؟"
-كان في نيتي أن نتحدث عنك,بدلا من أن أضجرك بأخباري.
-أنت لم تضجرني مطلقا.
-إما أنك حسنة السلوك جدا,وإما دبلوماسية.سأتمكن من الحكم عليك عندما أعرفك أكثر.
قوله إنه ينوي معرفتها أكثر,جعلها تسير فوق السحاب.
-سيد فالكونر...ما أجمل أن نراك مرة أخرى.
-يسرني أن أراك,مايكل.
-هل أنت هنا لمدة طويلة؟
-لعدة أيام.
وارتفع صوت نداء هادئ,فقال المدير:"إنهم يريدونني,أرجو المعذرة.سيرافقكما ألفونس إلى مائدتكما"
برز الناذل فجأة,فقادهما إلى قاعة طعام تغطي أرضها سجادة سميكة,وتزينها زخارف باللونين الذهبي والقرمزي.
كانت مائدتهما مغطاة بشرشف مطرز,وقائمة قرب نافذة مستطيلة.
حالما جلست فرجينيا,اختفى رئيس الندل وجاء بلاً منه نادل شاب بصينية فضية عليها كأسان من العصير.قال رايان بما يشبه الهمس:
-كل ما يقدمونه هنا هو من أرقى الأصناف.لكن لايحق لك الإختيار.
-أتعني أنك لاتعلم ما ستحصل عليه إلا بعد أن يصل الطلب إليك؟
فقال هازلاً:"نعم,إلا إذا سألت أو أسترقت النظر إلى المائدة المجاورة,وهذا مرفوض"
كانت فرجينيا واثقة من أنه يسخر منها,إلا أنها قالت بهدوء:"حسنا,لا أرى هنا الكثير مما لايعجبني.."
-تعجبني المرأة التي تتمتع بروح المغامرة.
-إلا الرخويات البحرية.
التمعت عيناه السوداوان:"الرخويات هي من اختصاص هذا المكان"
قاومت رجفة تملكتها,فسأها بإخلاص:"أرجو ألا أكون وترت أعصابك؟"
فردت كاذبة:"أبداً"
ثم أضافت:" في أسوء الأحوال,لن آكله"
-لايمكنك ذلك إن شئت أن تخرجي من هنا حية.
تأكدت الآن من أنه يسخر منها,فابتسمت تلك الإبتسامة الجميلة التي تظهر أسنانها البيضاء والغمازتين حول فمها,وتعل عينيها الخضراوين تتراقصان.
قال رايان برقة:"أنت ساحرة جدا عندما تبتسمين"
وعندما رأى الإحمرار يكسو وجنتيها,قال:"ظننت أن هذا زال مع العهد الفيكتوري"
ماهو الذي زال مع العهد الفيكتوري؟
بدت على شفتيه إبتسامة تسلية صغيرة وهو يقول:"إحمرار الوجه خجلا لسماع تعليق ما.أجد ذلك...منعشاً للغاية"
ازعجتها إبتسامته تلك وقالت بحدة:"أتعني أنك تجده(مسليا)؟"
قال رافضاً أن تسكته لهجتها الحادة:"وهذا أيضاً, ولاكن بطريقة حسنة جدا"
-حمرة الخجل هو كل ما يصدر عني,فلا تتوقع مني أن أصاب بالهستريا أو أصرخ عندما أرى فأراً.
فقال هازلا:"إذا رأيت فأراً هنا الآن فأنا الذي سيصرخ"
حدقت فيه غير مصدقة,فقال:"هذا يسئ إلى سمعت المطعم,وبما أن لدي حصة فيه.."
-حصة فيه؟ظننتك تسكن في نيويورك؟
صحيح,ولكن بما أنني مستثمر عالمي,فإن لدي أسهماً في الكثير من المشاريع.
وعندما انتهى من الحديث,وصلت فطيرة الطعام البحري
فسألها:"لا بأس في هذا؟"
-إنه ممتاز,شكرا.
أجابته بأدب لكنها سرعان ما أدركت أن الطعام أكثر من مجرد ممتاز,فهو لذيذ للغاية.
لم يتكلم أي منهما أثناء الطعام,لكن عينا رايان كانتا تتجولان غالبا على وجهها أكثر منهما على طبق الطعام.
عندما نظرت إليه مستفهمة,قال:"أنت أول إمرأة أحضرها إلى هنا ولا تثرثر دون انقطاع أثناء تناول الطعام"
تسائلت عما إذا كان يجدها مرافقة فاترة بطيئة الفهم لكنه تابع يقول:"من هو الذي دعا زوجته(الصمت الرحيم)؟"
-لا أدري.
شعرت بشيء من الزهو والسرور لكلماته.ورغم أنهما تعارفا لتوهما,إلا أن إستحسانه لها كان يعني لها الكثير.
سألها وهو يمد ساقيه الطويلتين:"أخبريني يافرجينيا.هل ذهبت قط إلى نيويورك؟
-لا,لكنني لطالما تمنيت ذلك.
أومأ وكأن جوابها سره,قبل أن يسألها:"ما رأيك في العمل هناك؟"
-أحب هذا كثيراً,ولكن...
ثم سألته غير واثقة:"أتراك تقدم لي وضيفة هناك؟"
-ألا تريدين واحدة؟
فقالت بارتياب مفاجئ:"هذا يعتمد على سبب تقديمك للوظيفة"
-تظنين أن للأمر علاقة بوالديك؟
-أليس الأمر كذلك؟
-سبق أن قلت بنفسك(شخصية أبوي يجب ألا تشكل أي فرق,إنما فقط ماتعلمته وما أنا قادرة على القيام به).وأنا موافق على هذا.
وأضاف مقطباً:"هل تعتقدين حقا أن هوية والديك تهمني مقدار ذرة؟"
قالت شاعرة بأنها حمقاء:"من المفترض أنهما تحدثا عني,وإلا لماعلمت بوجودي قط"
-أنا لا أنكر أننا تحدثنا عنك.
-لا أتخيل السبب.فقد مضى أكثر من ثلاثة أشهر منذ وردني منهما خبر.
-بدا عليهما الزهو البالغ بما أنجزته.وقد فهمت أنك حصلت على جائزة خاصة.
-نعم.
-من أجل ماذا بالضبط؟
-كان المطلوب إقامة معرض لفنان مجهول انطلاقا من الصفر.
-وهل استمتعت بذلك العمل؟
-إلى درجة كبيرة.
-ألا تحبين القيام بالعمل نفسه؟
سألته بحذر,محاولة أن تكبت حماستها:"هل هذه هي الوضيفة التي تعرضها علي؟"
-نعم.
-لماذا؟
-لأن مساعدتي الآنسة كالفيلد سترحل لتتزوج.
-لماذا اخترتني أنا؟لا بد أن هناك الكثير ممن هم أكثر خبرة مني,ويسرهم جدا أن يشغلوا وظيفة كهذه.
هز كتفيه:"كلامك صحيح.لكنني أؤمن بإعطاء الجيل الجديد فرص للعمل".
-يبدو هذا رائعا,لكنني سأكون بحاجة إلى مسكن.
-ثمة شقة مخصصة لشاغل هذه الوضيفة,أما الراتب...
ونطق برقم خيالي بالنسبة إلى فرجينيا ثم تابع وكأنه قرأ أفكارها:"الحياة في نيويورك ليست رخيصة,لكنني أظنك ستستمتعين بها"
كان يتكلم وكأنها قبلت بالوظيفة وانتهى الأمر,ورغم أنها لم تستطع أن تصدق رجلاً مثل رايان فالكونر يبذل جهده لتحسين وضعها ويقدم مثل هذه الفرصة لها,إلا أن الحماسة خنقتها.
ستعيش في أكثر المدن إثارة في العالم,وتقوم بالعمل الذي لطالما أرادت القيام به.لكنها ستعمل عنده...
هل هذا أمر حسن؟حذرها صوت خفي في داخلها.فقد فتنها رايان بشكل خطير.إن رجلا في مثل عمره وجاذبيته لابد أن يكون متزوجا.
وحتى إذا لم يكن متزوجا,فهي ليست سوى فتاة عادية,وبالتالي ليست من طبقته...وإذا سمحت لمشاعرها بالتطرف,فسينعكس عليها بشكل سيء.فهل من المنطق أن تقبل عرضه المغري هذا؟
وخرق رايان الصمت الذي طال ليسألها بهدوء:"ربما تشعرين أنك لا تستطيعين أن تقبلي عرضي هذا بسبب اشتراك والديك فيه.."
-لا,ولكن...
-أؤكد لك أنهما لم يتدخلا في الأمر...
وهي تصدق ذلك,فهما لايهتمان بها بحيث يفعلان ذلك.
-لقد أخبراني أين أجدك,لكن ليس لديهما أي فكرة عن عرض العمل هذا...
وبشيء من نفاذ الصبر والتحكم بالنفس,سألها:"ماهو رأيك إذن؟"
أدركت أن عليها أن ترفض,إلا أنها ألقت بالحذر جانبا,وقالت بلهفة:"نعم,شكراً.سأقبل"
ابتسم وللحظة واحدة كان بإمكانها أن تقسم أن الارتياح بدا عليه.لكن لابد أنها أخطأت في فهم التعبير الذي بدا على ملامحه...
مد يده قائلا بمرح:"حسنا,بعد أن حسمت أمرك,فلنتصافح"
وضعت يدها في يده,فانتابها شعور غريب بأنها تقابل قدرها,وشعرت بهزة كهربائية تسري في ذراعها.
ثأثيره عليها كان قوياً,وحذرها التعقل من أن تلعب بالنار,لكنها كانت تشعر بأن هذا الأمر لايمكن تجنبه وأنها تورطت بحيث لم يعد يهمها شيء.
نبهها طبعها العملي,فأخذت تتساءل كم من الوقت يستغرق جمع ثمن الرحلة بالطائرة.وسألته:"متى تريدني أن أبدأ؟"
-بأسرع مايمكن.الأسبوع القادم مثلا.سأخبر رأيسك أنك لن تعودي,ونسوي الأمر معه.
قالت فرجينيا بارتباك:"ليس هذا فقط"
فقال بحدة:"هل هناك تعقيدات أخرى؟ربما صديق؟"
-لا,على الأقل ليس بشكل جاد.
عاد الإرتياح على وجهه مرة أخرى,وقال:"ذكرت أن لديك شقة...هل هي مستأجرة؟
-نعم.
-لا مشكلة إذن...أرجو ألا تكوني ممن يصيبهم الغثيان في الطائرة؟
-لا,لاأظن ذلك,فأنا لم أسافر يوماً بالطائرة.
-ولكن هل لديك جواز سفر؟
-نعم.
أخذ رايان يتأملها,ثم سألها:"إذن ماهي الصعوبة بالضبط؟"
فقالت رغما عنها:"ليس لدي مايكفي أجرة الطائرة"
-يا عزيزتي فرجينيا,أنا لا أتوقع منك أن تدفعي ثمن تذكرتك.في الواقع,فكرت في أن آخذك معي في طائرة الشركة النفاثة.
أخدت تفكر متأملة,في أنه يحاول جهده لكي يحصل عليها.
-هل بإمكانك نجهيز نفسك للسفر يوم الجمعة؟
عدا عن إخبار صاحب الشقة بأنها ستتركها,وحزم حقيبتها,لم يكن لديها سوى القليل لتقوم به.
-نعم,يمكنني أن أكون جاهزة.
-هذا حسن.
تغلب الفضول على خجلها الغريزي,فسألته:"ماذا كان سيحدث لو قلت إنني لا أستطيع القبول بالوظيفة؟"
فابتسم:"كنت سأبقي طاترتي في الإنتظار"
وإذا رأى مدى ذهولها,أضاف ساخرا من نفسه بطريقة تعودت عليها:"أنا الرئيس,والحصول على ما أريد هو القاعدة".

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:09 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

- المغامرة
كانت طائرة الشركة النفاثة قمة في الرفاهية,والرحلة فوق المحيط سهلة وهادئة.أما بالنسبة لفرجينيا فهي أجمل ما قامت به في حياتها.
كانت نيويورك,بناطحات سحابها,تمثل كل ماتوقعته فرجينيا من عظمة وجمال.وشعرت أن عليها أن تقرص نفسها لترى إن كانت تحلم.
منذ أخذها رايان إلى المطعم لم يتركها إلا نادرا.وعندما سألته مترددة,عما إذا كان لديه عمل أكثر أهمية ليقوم به,أجاب بابتسامة عريضة:"أهم شيء عندي هو أن أحرص على أنك لن تغيري رأيك"
لماذا يهمه عدم تغيير رأيها إلى ذلك الحد؟أم أن قوله هذا مجرد ملاحظة لاتعني شيئا؟
منتديات ليلاس
ظل يظهر رغبة في مرافقتها ويصر على أن يتناولا العشاء معا.وفي كل مرة يعيدها إلى شقتها آمنة في ساعة مقبولة للغاية.
كانت لاتفك تحذر نفسها أن من الجنون أن تقع في غرامه,إلى أن أدركت أن الأوان قد فات,وأنها أصبحت أسيرة حبه,وأن كل قواعدها عن التحكم في النفس ذهبت أدراج الرياح.وبعد أن أكتشفت فرجينيا أنه ليس متزوجا,أصبح من الصعب عليها أن ترفض دعواته.
إلا أن عقلها بقي يحذرها,فالتورط مع رجل مثله قمة الغباء.ومع ذلك أحست أنها تورطت وانتها الأمر منذ اللحظة التي دخل فيها المعرض...أصبحت على ااستعداد للقيام بأي شيء لكي تبقى قربه,حتى من دون أي ضمان لاستمرار ذلك.
لو كانت امرأة عصرية لتقربت منه,لكنها ليست من ذلك النوع فهي لاتملك الشجاعة ولا الثقة بالنفس,كما منعتها من ذلك كبرياؤها.لعله لا يهتم بها كامرأة,رغم أنها لمحت في أكثر من مناسبة شيئا من اللهب في عينيه جعل خفقات قلبها تتسارع ودفعها إلى الاعتقاد بأن التجاذب متبادل.
لكن طالما أن رايان متحكم في نفسه, فهي آمنة.كان يعاملها كصديقة حميمة,وبشهامة تسرها وتحيرها في نفس الوقت.
لم تستطع أن تقتنع بأنه يعامل موظفاته بهذا الشكل...فما الذي يجعلها مختلفة عنهن؟
السبب الوحيد الذي خطر في بالها هو والداها,لكنها لم تقل شيئا بهذا الشأن.
عندما دخلا المدينة بالسيارة,كانت زحمة السير شديدة.وعندما وصلا إلى الشارع الخامس كان الوقت عصراً فبدى الشارع ساحراً.
رغم تعودها على إخفاء مشاعرها,فشلت فر جينيا لأول مرة في حياتها في ذلك.لقد خلب لبها الجمال والحيوية في ذلك الشارع الشهير,الذي بدا وكأنه في عيد.فهتفت:"أليس هذا رائعا؟"
ابتسم رايان لها:"إذن فلن تمانعي في العيش هنا؟"
ظنت أنه يعني المدينة,هتفت:"أنا واثقة من أنني سأحبها للغاية"
ثم سألت بلهفة:"أين سأسكن بالضبظ؟"
فأجاب:"هنا"
-هنا؟من المؤكد أنك لاتعني (الشارع الخامس)؟
-بل أعني (الشارع الخامس).في هذه البناية بالذات.
قال هذا والسيارة تقف أمام ناطحة سحاب,تظهر واجهة معرض متألقة على جانبي مدخلها البالغ الفخامة.
-ناطحة السحاب هذه معروفة بإسم(فالكونر)وقد بنيت منذ ثلاثين سنة فقط حين قرر أبي أن يستثمر في عقار حقيقي.
ساعدها على الخروج من السيارة,وهو يقول للسائق,كاتماً إبتسامة خفيفة:"هل لك أن ترسل الأمتعة إلى أعلى مباشرة؟"
-بكل تأكيد سيد فالكونر.
تطاولت بعنقها لترى البرج الزجاجي,ثم قالت:"إنه بالغ الإرتفاع.كيف يمكنكم قطع كل تلك المسافة إلى أعلى؟"
-أنا اسكن حاليا في الطابق الأخير.
تأمل وجهها ثم قال بلهجة ذات معنى:"أما أنت,فستسكنين شقة صغيرة بجانب شقتي"
وعندما نظرت إليه مذهولة,قادها إلى ردهة مضاءة بعدد من الثريات حيث حياهما حارس قصير البنية.
قال له رايان:"هذه الآنسة آدامز.ستسكن في الطابق الأعلى"
وعندما أرتفع بهما المصعد بهدوء,حاولت فرجينيا أن تلتقط أنفاسها.كانت تتوقع غرفة واحدة في منطقة ما ولم تتصور قط أن تسكن في الشارع الخامس بجانب رايان.
الأمر كله لايصدق.ومرة أخرى أخذت تتساءل,لماذا لا؟
لعل مساعدته الحالية لاتزال تسكن الشقة التابعة للمعرض؟
سألته :"هل هذا ترتيب مؤقت؟"
نظر إليها جانبيا:"لا.ليس مؤقتا.المبنى الذي تسكن فيه الآنسة كالفيلد سيتم إعادت تأهليه.وبما أن الشقة الملاصقة لشقتي خالية في الوقت الحالي..."
وتسائلت عما يجعل شقة في بناية فخمة كهذه تبقى خالية ؟
وكأنه قرأ أفكارها,فقال:"كنا نتوقع أن تنتقل إليها جانيس,ابنة زوجة أبي,عندما تنهي دراستها في الكلية,لكنها غيرت رأيها بالنسبة للإقامة في نيويورك"
ووصل المصعد وانفتح بابه.
قال:"إنها تحت السطح بقليل.يبدو أنها فكرت أمي,وبما أنني كنت قد ولدت لتوي,قرر والدي أن يحقق لها هذه النزوة.على أي حال,لطالما أحببت هذه الشقة"
ولاحظت نافذة كبيرة للغاية تطل على مشهد مثير فوق السطح"اعتدت أن اسمي هذا نافذتي إلى السماء"
وعلى الجدار المقابل رأت سلسلة من النوافذ الصغيرة المتماثلة على كل جانب من جوانب باب كبير منقوش بشكل جميل.
-هذه شقتي.كانت بيت الأسرة الرئيسي في حيات أبي.
ثم قاد فرجينيا إلى باب أكثر تواضعا,فتحه ودخل وهو يقول:"وهنا ستسكنين أنت.هيا لأريك الشقة.إن الشقة صغيرة,لكنها تقع في زاويت المبنى,وبهذا لديك مشاهد جيدة من الناحيتين..."
شعرت وكأنها في حلم,فتركت حقيبة يدها وتبعته,وإذا بها تكتشف أن شقتها الصغيرة أكبر حجما واتساعا مما كانت تتصور.
كانت غرفة الجلوس تطل على شرفة جميلة وحديقة على السطح فيبدو المنظر منها خلابا.
سألها :"هل أعجبك؟"
فأومأت من دون كلام.
-عندما تستريحين,سنتناول العشاء في مطعم"الغيوم"..
وأربكها تماما,حين أضاف بلهجة عفوية:"سنمر على بقية أفراد الأسرة ليتم التعارف بينكم".
وفجأة وجدت صوتها لتسأله:"بقيت أفراد الأسرة؟"
-بيث وجانيس تشغلان شقة في الطابق الذي يقع تحتنا مباشرة.وستيفن وزوجته مادلين يعيشان في شقة بجانبهما.
إذن ستعيش محاطة بعشيرة فالكونر كلها...كما أخذت فرجينيا تفكر مبهورة.
-إنهم يتوقعون منا أن نزورهم.لاتقلقي,فالأمر ليس كما يبدو.وأنا واثق من أنك ستحبين بيث...
بدا واضحا من الرقة التي بدت على وجهه أنه مولع للغاية بزوجة أبيه.
وعندما تبعته إلى الردهة ,أضاف يقول:"أرجو أن تنسجمو معا"
وإذ رأته ينتظر جوابا,قالت بقناعة أكبر مما تشعر به:"أنا واثقة من ذلك"
إذا كان هذا مايريده رايان فستبذل كل مافي وسعها لتنسجم معهم.لكن ماذا سيكون شعورهم نحوها؟
كان واضحا أنهم أسرة ثرية نافذة في مجتمع نيويورك بحيث يختلطون بالرؤساء أمثالهم.أما هي,ورغم ثقافتها الجيدة,فمتواضعة بالنسبة إليهم,إذ تعتاش من عملها.والأسوء من ذلك هي موظفة عند رايان...
رن الجرس ففتح رايان,وقال:"إنها الأمتعة.اترك هاتين الحقيبتين.أما الحقيبتان الأخريان فأدخلهما إلى هنا...أين تريدين أن يضعهما؟في غرفة النوم؟"
رفع حاجبيه مستفهما,فقالت محاولة أن تجعل صوتها عمليا جافا:"نعم.أرجوك"
وضع الغلام الحقيبتين,فناوله رايان بعض الدولارات,فتمتم شاكرا,وخرج.
قال رايان وهو يقف عند الباب المفتوح:"حسنا,سأتركك لكي تفتحي أمتعتك وترتاحي.."
فجأة,وربما لأول مرة بدا كل شيء حقيقيا.إنها هنا في نيويورك لتبدأ عملا جديدا,وتسكن في الشارع الخامس بجانب شقة رايان.ولم تدر إن كان ذلك لمصلحتها أم لا...
ابتسمت له,وعلى وجهها كل الحماسة والتوقعات,وغمرها السرور لوجودها معه.
وقف رايان ينظر إلى وجهها المشرق من دون أن يقوم بمحاولة للذهاب,فيما بدا وجهه متوترا بشكل غريب.ثم قال بنعومة:"كان يوما شاقا ولا بد أنك بحاجة إلى النوم باكرا.سأعود في حوالي الساعة السابعة"
وفيما وقفت جامدة كالتمثال,خرج هو مغلقا الباب خلفة بهدوء.تسمرت مكانها ولم تستطيع الحركة إلا بعد أن استجمعت شتات نفسها فاتجهت إلى غرفة النوم.
***
لم تكن الساعة قد بلغت السابعة عندما رن جرس الباب.سارت فرجينيا إلى الباب تفتحة وقد ارتدت الثوم الرسمي الوحيد الذي لم يره رايان عليها.بدت ****ة عن نفسها لأنها أنيقة ومتألقة بقدر استطاعتها.
كان يرتدي سترة أنيقة وقميصا حديث الطراز,وبدا شعره الأسود الكث جعدا قليلا.وقف يبتسم لها,جاعلا خفقات قلبها تتسارع وركبتيها ترتجفان.
بدا رايان وسيما إلى حد يخطف الأنفاس,وكان هادئا واثق من نفسة إلى حد أن ثقتها بنفسها تبخرت على الفور,وجدت نفسها تسأله بقلق:"هل مظهري حسن؟"
نظر إليها متأملا شعرها البني اللامع ووجهها الجميل بعينيها الخضراوين,وفمها الدقيق,وقوامها الرشيق في ثوبها الأخضر البسيط,ولاحظ أنها لاتضع أي مجوهرات,ثم فكر أنه لم يرى قط امرأة أجمل منها.
قال يطمأنها:"سيحسدني كل الرجال هذه الليلة"
نظر إلى أهدابة الطويلة وقد أسبلتها,ووجهها الذي تورد قليلا,وشعر بموجة من المشاعر جعلت صوته أجش تقريبا وهو يسألها:"هل لديك معطف؟"
أحضرت سترة من الفراء,فساعدها على ارتدائها قبل أن يقترح عليها:"بما أن الأسرة تسكن تحتنا بطابق واحد,فهل ننزل سيرا على الأقدام؟"
مخاوفها السابقة عاودتها,فأومأت محاولة أن تخفي توتر أعصابها.
وبابتسامة مطمئنة,نظر إليها ثم نزلا معا السلم الرخامي.وما كاد رايان يلمس الجرس حتى انفتح الباب,مادل على أن سكان الشقة كانوا في انتظارهما بلهفة.
-لابد أنك الآنسة آدامز,تفضلي.
وقادت امرأة باسمة,فضية الشعر,فرجينيا إلى ردهة جملية:"أنا اليزابيث فالكونر,زوجة والد رايان..."
ولم تجد أثراً للتعالي الذي خافت منه.
كانت اليزابيث فالكونر تتكلم بلهجة إنكليزية رغم السنوات العشرين التي أمضتها في الولايات المتحدة.كانت قصيرة القامة ورشيقة,ذات عينين بنيتين ناعمتين,ووجه جميل رقيق.
وأحبتها فر جينيا من أول نظرة.
-تعالي لتتعرفي إلى بقية أفراد الأسرة.
وفي غرفة الجلوس الفسيحة الجميلة,وجدت ثلاث أشخاص,امرأة شقراء مذهلة الجمال في أوائل الثلاثينات,ورجل حسن المظهر معتدل الطول ذو شعر أشقر وعينين زرقاوين.كما جلست على مقعد منخفض أمام النار المشتعلة,امرأة صغيرة السن ذات شعر أسود طويل.
وقالت بيث بمحبة:"هذه ابنتي جاينس"
قالت بابتسامة ودودة:"إذن أنت فرجينيا..رايان على حق"
قالت جملتها الأخيرة بلهجة ناقدة.وتابعت بيث تقول:"وهذا ابني ستيفن"
كان الشبه العائلي واضحا.وعندما تقدم ستيفن ليصافحها بحرارة قال:"تسرني مقابلتك,يا آنسة آدامز.هل لديك مانع في أن أدعوك فرجينيا؟"
-أرجوك أن تفعل ذلك.
بدا في ابتسامة فرجينيا الارتياح والسرور,وتابع ستيفن بزهو واضح:"هل لي أن أقدم لك زوجتي مادلين؟"
كانت مادلين شقراء مذهلة القوام,وهي إحدى أجمل النساء اللاتي قابلتهن فرجينيا.
تأملتها بعينيها الفيروزيتان ببرود:"مرحبا,يا آنسة آدامز.يجب أن أعترف أننا ذهلنا بعض الشيء حين قال رايان إنه سيعود وبصحبته امرأة عرفها لتوه"
الكلمات والابتسامة كانتا مهذبتين ظاهريا,لكن فرجينيا أحست بنبرة من الانتقاد,فقالت:"أنا واثقة من ذلك.حدث كل شيء بسرعة ومازلت أشعر بالغرابة"
-ألا تخلعين سترتك وتجلسي؟
وقبل أن تتمكن فرجينيا من أن تجيب,قال رايان الذي وقف صامتا طوال الوقت,بحزم:"شكرا ,لكن كارلسن ينتظر في السيارة.فنحن سنتناول العشاء في مطعم الغيوم"
رافقتهما بيث إلى الباب ثم ابتسمت لرايان ابتسامة خفيفة وربتت على ذراعه وكأنها تظهر له موافقتها الضمنية.
ثم التفتت إلى فرجينيا:"بما أننا أهل,نحن نرحب بكي على الدوام..بالمناسبة,حرصت على أن يكون لديك في الشقة كل ما تحتاجينه حتى تستقر أمورك,وإذا احتجت إلى شيء فأخبريني"
وفي المصعد قال لها رايان:"هل شعرت أنك تخضعين لامتحان قاس؟"
-على الاطلاق.كانو لطفاء للغاية.
فقال بفظاظة:"لا تكن مادلين المودة للنساء الأخريات,خصوصا الجميلات منهن"
أجفلت فرجينيا وقالت باحتجاج:"لكنني لست جميلة"
فالتفت إلها باسما:"إنها وجهة نظر.فأنا أراك كذلك"
ورغم أنها لم تكن توافقه الرأي,إلا أنها أحست بنفسها تسير فوق الريح لأنه يراها كذلك.
كان مطعم الغيوم أحد أرقى المطاعم في مانهاتان,ويطل على مشاهد خلابة للمدينة المرصعة بالجواهر.
كانت عينا فرجينيا غالبا مسمرتين على الرجل الجالس أمامها عند مائدتها الصغيرة.
في البداية حاولت أن تكون عملية,أن تسأله عن المعرض وعن الوظيفة التي ستستلمها قريبا,لكن رايان هز رأسه:"هذا ليس وقت التحدث عن العمل.نحن هنا لنرتاح ونتمتع بوقتنا,أليس كذلك؟"
-وهو كذلك.
قررت فرجينيا أن تستمتع بالحاضر والمكان من حولها,رافضة أن تدع المشاكل التي يمكن أن تواجهها,تضعف سعادتها.قررت أن تفرح بوجودها مع رايان في مثل هذا المكان الرائع.
مر الوقت بالحديث والضحك,وأكل الطعام الذيذ الذي لم تكد تتذوقه وهي غارقة في الحب حتى اذنيها.كان رايان مرافقا ساحرا,بث فيها شعورا بالحيوية البالغة وأشعرها بأنها أذكى وأكثر فتنة مما تعهده في نفسها.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لي ولكسنون, أحلام, دار الفراشة, lee wilkinson, روايات, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية, ryan's revenge, في عينيك اللقاء
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:36 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية