تجرٌع ألم
[4]
عجلة الحيآة لآ تتوقف وحزن عآئلةٍ مآ يكون لذآتهآ
ولآ دخل للبشر بهم أو تحمل المأسآه معهم تحكٌمنآ طبيعة الحيآه الأنآنيه
انقضت الخميس والجمعه عليهم من أسوء الأيآم
تجرعوآ الألم حتى بآت عآدةً لهم
.
.
فجر السبت
تسللت خيوط الشمس الذهبيه عبر شرفتهآ
ليست شُرفةً من زُجآج زُينت بستآئر ملونه
انمآ هي والله من أنقى وأجمل الشُرف في التآريخ
قطع من الخشب المُستطيل صفُ بعنآيه بآلغه بشكل مآئل
.. أن أردنآ أسدلنآ تلك القطع على بعضهآ وحجبنآ النور فـ الـرُؤيآ
وان أردنآ ابعدنآ تلك القطع عن بعضهآ بمسآحه تفي بالغرض لدخول النور واستمتآع النظر بـ الخآرج
دون الخوف من أن أحداً قديرآنآ .. أُشببهآ دومآ بالزُجآج العآكس
تسمى عآدةً تلك الشُرف بالـ [ كبآريت ]
.
.
.
قرآبة السآعه السـآبعه والنصف أستيقضت من كوآبيسهآ مُختنقه ترتجف مُتعرقه
رأت عشيقهآ يهوي من عآلي الجبآل وهي تلهث خلفه
أيقنت مرآراً ان الكوآبيس هي من فعل الشيآطين أستعآذت منهم ثلآث
تذكرت أنهآ غفت قُبيل الفجر لتقف مُسرعه من فرآشهآ مستغفره ربهآ على تأخير الصلآة
اتمت صلآتهآ وأقتربت من [ الكبآريت ] أطفآل القريه يَلعبون هُنآ وهنآك
والمزآرع اللتي أمآم البيوت قد مُلئت بالبشر منهم من يبحث عن لُقمة العيش
ومنهم من يعمل في أرضه ليسُد رمق المعيشه اللتي بآتت في ذآك الوقت صعيبه للغآيه
بنآت أبو سعد يهرولون من بيتهم مُسرعين ابتسمت لهم بحب
[ أكيد تأخروآ عن المدرسه ] زفرت الوجع بآآآآه وطيف ذكرى من ليآليهآ الحآلمه يُحلق بِهآ
صوت عشيقهآ اللذي قآرب الثلآثين يصدح في أذنيآهآ
يكبُرهآ بأعوآم وأعوآم لذآ فقد كآن الأب والأخ والعشيق والزوج في آن وآحد
من المستحيل أن تطرد ذكرآه
يأبى طيفه الآ أن يحوم فيستوطن ذهنهآ وذآكرتهآ فمُخيلتهآ
حتى أنهآ غآبت عن العآلم واستحضرت المآضي لدقآئق
.
.
فعآدت بزمنهآ الى الورآء
.
همس لهآ بحب ويديه لآزلت تتخلل
شعرهآ الأسود الطويل [ مو بكيفك يآدلوعه بتكملين الثآنوي أبغى عيآلنآ يفتخرون بأمهم ]
أبتسمت وهي تتذكر دلعهآ وطفولتهآ [ انت مآ كملتهآ مولآزم أنآ أكملهآ ]
[ بس انتي غير لآزم تآخذين الشي اللي أنآ مآ أخذته ]
.
.
.
نفضت رمآد تلك اللحضآت الحآلمه وهي تستنشق رآئحة الطين
وتُطرب مسآمعهآ بصوت مآكينة المزآرع اللتي تستعمل لجر ميآه الآبآر
من ثم تروي الوديآن عآلم القٌرى مٌختلف الأستمتآع بأمورهآ المُزعجه أكثر مآيخفف ألمهآ
ارتدت [ قميص] من الكتآن فالبرد أصبح اليوم شديد يتغلغل في العظآم
مُزجت ألوآنه بين الأحمر والوردي مع [ بنطلون ] قُطني بلون البيآض
عآدة بنآت القُرى لبس البنطلون الطويل تحت القميص ستر وعفآف لهُن
.
.
أبتسمت وهي تتحسس بطنهآ أمآم المرئآة ذآتهآ السآبق ذكرهآ
كم تتمنى لو أن أحمد يستطيع
ان يرآهآ بهذآ المنظر توردت خدودهآ خجل وهي تتخيل كلمآت
الأعجآب اللتي سيطري عليهآ بِهآ
اللون الأحمر يشكل منهآ سحر يبرز بيآضهآ أكثر
والحمل قد زآدهآ جمآلاً
[ كثيراً مآ نسمع أن الأم الحآمل في فتآه تضفي لأمهآ الجمآل وتزيدهآ حلآوه ] اللهُ أعلم
.
.
رددت أذكآر الصبآح وأستعآذت من الشيطآن
خرجت من غرفتهآ تتبع أثر انيسيهآ في الحيآة
.
.
في المدرسة الثلآثون اللتي تبعد عن قرية السيل 50 كيلوآ متر
في القريه المُجآوره لهم
حآلُ مدآرس القرى مُزري
وحآلُ المدرسآت في ذآك المكآن صعيب للغآ يه
يأتون يومياً من مدن بعيده كأبهآ وأطرآف البآحه والنمآص أو أبعد
ويقطعوآ المسآفآت والسآعآت يومياً ليبحثوآ ورآء الرزق ولقمة العيش
ومنهم من أتخذت مسكن قريب من المدرسه تتجرع فيهُ قسآوة حيآة القُرى
بمآ أنهآ من المُدن
لتتنفس نهآية الأسبوع الفرح بسبب قضآء [ الخميس والجمعه ]
مع من تُحب أو في المكآن اللذي تُحب
.
.
.
وصل الجمس اللذي يُقل بنآت العم سآلم جآر الجد مُحمد وصديقه
خلود ./ . ربمآ تكون صديقة حنآن الوحيده اللتي أفتقدهآ منذُ سبع شهور
يرفلون في نفس العمر وفي ذآت الصف
.
.
.
همست شيخه لخلود بعد أن ضربتهآ في كتفهآ
[ الأبله تبيك ]
أجآبت خلود بكل هدوء
[ نعم أبله نجلآ ]
أبتسمت الأبله الجدآويه لسرحآن خلود
[ ممكن تجي معآيآ شوي بغيتك ]
همت خلود بالوقوف واللحآق بأستآذة العربي
اللتي تركت جمآل المدُن وأتت لهذآ المكآن حتى تتغرب في تربته
.
.
لكل تصرف سبب .. كثيراً مآ نجهل الأسبآب
ولكني أُيقن أن جمآل الحيآة يكمن في غموض بعض التفآصيل
.
.
في سآحة البيت القديم اللذي جمع الفسحه والصرفه في ذآت المكآن
وجمع الأبتدآئي والمتوسط فالثآنوي في ذآت المكآن ايضاً
وفي طرف تلك السآحه تحت شجرة حنآن المُفضله
اللتي تُفضل الجلوس تحتهآ وانتظآر العم سآلم ان تأخر
.
.
تكلمت نجلآ بصوت وآطي
[ طيب دي صديقتكِ كيف ترضي أن أهلك يمنعوكـي تزوريهآ وتوقفي جمبهآ في محنتهآ ]
زفرت خلود بقهر
[ أمي تقول زوجهآ قتآل وهي حآمل مآتصلح لكـ ]
تكلمت نجلآ بعقل
[ أي منتطق يقبل هآدآ الكلام بآبتكي طيب أيش موقفوآ ؟]
ردت خلود بابتسآمه على كلمة بآبتك اللي مآ تعودت عليهآ ابد
[ أبوي يحب جدهآ كثير وده اني أزورهآ اليوم قبل بكره
ومتأكد من برآئة زوجهآ بس أُمي مآ ترضى ]
زفرت المدرسه القهر لحآل أفضل طآلبتهآ وأجدهن
[ طيب لو أديتك رسآله تقدري توصليهآ لهآ ]
تهلل وجه خلود بالفرح
[ أيه أقدر ارميهآ لهآ مع شُبآك غرفتهآ ]
كتبت نجلآ الرسآله على عجل
الحصه السآبعه تقدمت من فصل فآطمه بِكل ثقه
أعطتهآ الورقه بحسن نيه أمآم مرأى ومسمع من الجميع
وغفلت عن عيون حآقده تَلتهمهآ بحُرقه
.
.
.
تهلل وجه الجده بالفرح وهي تُشآهد حنآن ممسكه بمكنسه من سعف النخيل
وتُنظف المسآحه الصغيره [الـ حوش] أمآم البيت المبني من الطين
وسقفٌ قد رُمم قبل أعوآمٍ قليله من الخشب أتقآءٍ للمطر
تعلم علم اليقين أن حفيدتهآ تحآول العوده لطبيعتهآ حتى تُسعد من حولهآ
تحدثت حنآن بصوت مرتفع لجدتهآ اللتي تقف على عتبة البآب الحديدي الأزرق و وتنظر لهآ بسرحآن
[ صبآح الخير يآ الغآليه ]
ردت الجده بصوت تتخلهُ الرآحه
[ صبآح النور والسرور والحآل المستور , .. هرجة جدتي دآيم تقولهآ ^_^.. , تعآلي أفطري يآ أمك ]
ركنت المكنسه خلف بآب الـ[ حوش ] ودخلت مع جدتهآ تتبع جرآحهآ لتُضمدهآ
أثقلتهم بمآ فيه الكفآيه طيلة سبع شهور لآبد وأن توآجه الحيآة وتقف مكآنه
لآ بد أن تخفي حزنهآ لذآتهآ ولآ تُظهره لمن حولهآ ..
...
عند التقآء الأصدقآء وتحليق الروح الحميمه نبوح بالكثير ممآ يُحمل عآتقنآ لـ أصدقآئنآ لآ نطلبهم معونه
بقدر مآ نرجوآ منهم الانصآت لنآ
وعلى صخره من الصخور جلس الجد المكلوم مع سآلم بعد عودته من المدرسه
تصآدفوآ في الطريق
ففضلوآ الحديث بهدوء بعيداً عن ضوضآء القريه
سآلم [ مغبون ومهموم ادري بكـ يآ أخوي ]
زفر العجوز المكلوم بوجعٍ حآرق مع دموع انسآبت على وجهه المُجعد
أستقرت أخيراً بين شعرآت لحيته البيضآء
[ قآبلت الظآبط اللي مآسك قضية أحمد ]
لحظآت من الصمت يحتآج اليهآ من هم في حكمته
ولكن الجُرح هذه المره قد اتسع وفآض
والحكمه قد تبعت آثآر الغآئبين حتى أصبحت بعيده كل البُعد عنه هذه اللحظه
انفجر العجوز بآكياً وسط تمتمآت العم سآلم
[ الله يصلحك بس قل لآ الآه الآ الله يآرجآل
كلهآ كم سنه تنقضي بسرعة البرق ]
أكمل الجد المغبون بعد أن كفكف دموعه في لحظة حرج وضعف
[ يقول أذآ ظهر ولد الرجآل اللي مآت
قبل الثمنيه سنين يحق له يطلب ديه أو قصآص ]
أبتلع غصآت الألم
[ يقولون ولد الميت سآفر بعد الحآدث على طول
وقضية البنت اللي مآتت مخنوقه بآقي مآ أنتهت
وان ثبتت على أحمد بتتضآعف الثمآن سنين
وان رجع ولد الميت لآ عندنآ ديه نعطيه ولآ عندنآ قلب يتحمل فكرة القصآص ]
تمتم سآلم بلآحول ولآقوة الآ بالله
[استهدي الله يآرجال ربك كريم غفور رحيم ]
أستعآذ الجد من الشيطآن
البوح بمآ يُثقل الكآهل يَجعل الحركه خفيفه همً بالوقوف
[ بطلع ذآ الجبل أحمد كآن سآدني في سآلفة الحطب هذي
الله يفك أسره يآرب ]
ابتسم سآلم بألم لحآل صديقه [ اللهم آمين ,, بعدك شبآب يآمحمد ]
قهقه العجوز مُتنآسياً المه [ يالله حسن الخآتمه بس فمآن الله]
رد سآلم [ الله معك ]
.
.
.
بين دمعةٍ وأخرى أكملَ صلآته مع جمآعة السجن تنآول مُصحفه وبدأ بتلآوة القرآن
علً شيآطينه ترحل ووسآويسه تهدأ قلمـآ يتحدث وأغلبهآ بنعم اولآ الحُزن شطر قلبه
والهم أثقل كآهله العجز أسوء مآ قد يُصيب الأنسآن أن تكون سبب لتعآسة غيرك في لحظة نخوةٍ وتهور
منك قمة الأنهيآر
تأبى الأفكآر الآ أن تُهآجآم عقله ويأبى الحنين الا ان يهآجم قلبه
أقفل القرآن وهو يستعيذ بالله من الشيطآن الرجيم
أخذ دفتر مُهتري خآلي الصفحآت وبدأ يكتب
أنآ ودمعآت كمآالجمره
تخآوينآ .. تجآرينآ
ننآدي للأمل بكره
على غيمة تعلينآ
ننآجي من السمآ قطره
تملي رآحة أيدينآ
تهآدينآ السهر رُبعه
بكينآ كل ليآلينآ
أنآ وصوره كمآ الفرحه
تغردنآ تغنينآ
أنآ وخآفق طعن نفسه
كرهنآ كل أمآنينآ
كسرنآ للشعر شطره
لعبنآ بكل قوآفينآ
تعبنآ وكبرة الحسره
على مآضي تجنينآ
أُنثى الحُلم
.
.
.
أسدل الليل ستآئره حآملاً بِجعبته الكثير من الألم
وأكوآم من الدموع حبيسه بين أجفآنهآ
تُريد فقط أن تنعم بالوحده حتى تُفجرهآ
قُطع حبل أفكآرهآ وهي تسمع جدتهآ
تَقِف خآرجاً وتلهج[ بيآرب سترك يآرب الطف فينآ وش هاليوم الأغبر ]
لتتجمد ملآمحهآ وسط ذهولهآ وخوفهآ
وللحديث بقيه
كونـوآ بقربي لأسعد
.
.
.