كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح متجدد منعش ومتألق كألقكم
اليوم أريد أن أرحب ترحيب خاص جدا بكل المنظمات الجدد للرواية
والمشتركات من أجل الرواية منذ بدايتها وحتى الآن
وبطلات التعليق الأول والوحيد أحيانا
بعض التعليقات طوال مسار الرواية كانت أشبه بقطع أدبية ثمينة أشعرتني بالفعل بالخجل
الكثير من الخجل
أتمنى بالفعل أنني كنت عند حسن ظنكم الغالي
.
.
نتوقف عند بعض التساؤلات التي قد بعضها تأخر ردي عليه كم يوم أرجو العذر فعلا
.
هل مريم تدرس طلاب بعمر فهد؟؟
أعتقد إذا لم أكن مخطئة.. أن معهد النور يدرس به الطلاب حتى ما يوازي الصف السادس الابتدائي
يعني عمر قريب من عمر فهد
.
هناك من تظن أن سلطان هو شقيق فارس فلماذا لا يسكن معهم
سلطان ابن عم فارس وأخوه بالرضاعة
أم مشعل زوجة عبدالله هي من أرضعت فارس
.
ساعة باتيك فيليب التي أحدثت فوضى الغنى؟؟
حين قالت موضي لراكان: هل هناك صديق سيهديك ساعة عُرفت أنها ساعة الملوك؟
في هذا معلومة طريفة قد تسليكم
ساعة باتيك ليس المقصود أنها ساعة بالملايين..إطلاقا
هي ساعة ثمينة جدا لكن في حدود المعقول
ولكن ميزتها الكبرى أنها كانت لتصميمها الرسمي طراز مفضل لعدد من الأمراء والملوك
كان أول وأشهر مستخدميها الملكة فكتوريا
ممن لبسها الملك فهد رحمة الله عليه والملك حسين رحمة الله عليه والأمير شارلز ولي عهد بريطانيا ملك وملكة الدنمارك وغيرهم
لذا عُرفت بساعة الملوك
وبس
.
.
والآن استلموا
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.
أسى الهجران/ الجزء المئة وأربعة
موضي أنهت استحمامها
خرجت ملتفة بفوطتها وروبها.. والتعب بادٍ تماما على وجهها
قفز راكان واقفا وهو يمد يده لها فور أن رآها
موضي وضعت كفها في كفه المحتوية وكأنها تستمد القوة من قوته
راكان احتضن كفها بحنو وهو يقول لها بحزم حنون: شوفي سالفة القولون الملتهب خلاص ما تدخل مخي
قولي لي وش فيش.. ولا تدسين شيء علي
موضي أنزلت عينيها للاسفل وسالت دموعها بصمت
راكان بجزع حقيقي وقلبه يتمزق شظايا متناثرة: ودموع بعد؟!! والله إن السالفة كايدة
موضي بضعف: راكان يمكن تستغرب بس أنا مبسوطة.. مبسوطة فوق ما تخيل.. سعيدة سعادة عمري ماعشتها
راكان بدهشة عميقة: مبسوطة وأنتي مريضة وتبكين؟!!
موضي بصوت مستنزف من الإرهاق: اسمعني راكان
أدري إنه يمكن كان عندك مخططات تبي تسويها في حياتك بعيد عني
وفي قلبك حبيبة يمكن باقي لها مكان فيه
وأنا ما أقدر أمنعك من أي شيء تبي تسويه
بس تكفى راكان تكفى... حتى لو ماكنت مبسوط بالخبر
بيّن إنك مبسوط عشاني.. لا تكسر فرحتي
راكان بتوجس: أي خبر؟!!
موضي بتوتر وترقب رقيقين وهي تدعك أناملها بحدة:
أنـــــا حـــــامــــــــل !!!
راكان قطب جبينه وهو يركز في تفاصيل وجهها المتعب
اعتقد إنه ربما سمع خطأ..
هل يعقل ما سمعه؟!!
هل يعقل؟!!
لم يتخيل أن كل هذا الكم المهول من السعادة كان يخبئه له الله عز وجل!!
حلم كثيرا بشيء غامض وعميق سيربطه يوما بموضي
رباط أزلي أبدي
لم يعلم ماهو هذا الشيء.. تمناه بكل الوجع.. وتمنى أن يحدث هذا الشيء وبسرعة
فما عاد به طاقة للاحتمال
ولكن لم يخطر له أن يكون هذا الشيء بهذه الروعة
طفل!!
طفل!!
راكان شعر بثقل في لسانه.. يخشى أن يكون الخبر مجرد خطأ بالسماع.. همس ببطء موجوع: عيدي موضي اللي قلتيه
موضي شعرت بالاختناق: تكفى راكان أنا مبسوطة إني بأصير أم لولدك.. لا تكسر فرحتي.. هذي نعمة من رب العالمين
حـــيـــنــــهـــا
أشرق وجه راكان.. أشرق بشكل ثوري..
جـــذري..
غير مسبوق
كان وجهه كشمس بزغت بعد طول غياب
برزت من خلف سحابات سوداء طال مقامها
همس بسعادة حقيقية ونبرة موجعة مثقلة بالرجاء: أنتي اللي لا تكسرين فرحتي
متأكدة موضي إنش حامل؟؟.. تكفين لا تمنيني وأنتي منتي بمتأكدة
ابتسمت موضي وسعادة مختلفة عميقة متجذرة تتسلل لروحها: متأكدة إن شاء الله
أصلا خلاص بأدخل الشهر الثالث
حــيــنــهـــا
احتضن راكان وجهها بين كفيه باحتواء حانٍ وهو يغمر وجهها بعشرات القبلات العميقة الدافئة
ويهمس بين كل قبلة والأخرى بسعادة وعمق متجذرين حتى أقصى مساحات الأفق:
أحبش..
والله العظيم أحبش
واللي خلقش وخلقني أحبش
موضي كانت تشهق بعنف حاد على إثر كل كلمة يقولها.. وأحرف كلمة (أحبك) تنسف روحها نسفا..
وتبعثر مشاعرها المستنزفة ضغطا وأملا
لم تصدق إنها تسمع كلمة (أحبك) من راكان
الكلمة التي حلمت بها وتمنتها وكانت تظنها بعيدة المنال كنجمة معلقة في السماء
لذا انهارت باكية في حضنه وهي تهمس بين شهقاتها: تكفى راكان ما تكون تجاملني عشان أنا حامل وتعبانة..
أنا ما تمنيت شيء في حياتي قد ما تمنيت حبك
راكان احتضنها بقوة حانية وكأنه يخشى أن يؤلمها.... أو يؤذي طفله..
"طــفــلــه!!"..
يا الله!! يالا جمال هذه الكلمة!!
"طفل ووالدته موضي!!"
أزال الفوطة عن شعرها وهو يطبع قبلاته على شعرها المبلول ويهمس بعمق رجولي موجع.. عمق بعمر قرون وقرون:
الحب كله لش يا موضي.. أول وتالي
موضي رفعت رأسها عن كتفه الذي تبلل من شعرها وهي تتتساءل بوجع:
وحبيبتك؟؟
راكان مد يده لجيبه وتناول قلما.. ثم فتح كفها وكتب فيه رقما
وهمس بعمق: شايفة الخزنة اللي في الزواية.. هذا رقمها
لها أكثر من أربع سنين ما انفتحت.. بالتحديد يوم ملكتش من حمد
سكرتها ولا عاد فتحتها
كانت في غرفتي القديمة.. ويوم كلمني ناصر يبي الغرفة كانت هي الشيء الوحيد اللي وصيت إنه ينحط في غرفتي الجديدة
افتحيها.. وشوفي اللي فيها
وأنا بأروح أصلي قيامي في الصالة.. ثم بأنتظرش لأنه يمكن تطولين شوي
بس باتناش مهما طولتي
أنا الظاهر كنت أنتظرش عمري كله
فما يضر انتظرش ذا الشوي.. ولو أني خلاص ماعاد فيني صبر
راكان خرج وأغلق الباب خلفه
وموضي توجهت بخطوات وجلة مترددة ثقيلة إلى الخزنة..
أي سر تخفي قبع داخلها لأكثر من أربع سنوات؟!!
فتحت كفها وهي تدخل الرقم لخانات الرقم السري بأنامل مرتعشة
فتحتها
كان يقبع بداخلها دفتر جلدي أسود بالغ الفخامة يشبه راكان في غموضه وفخامته..
كان مظهره وظاهره كمظهر راكان وظاهره..
فهل سيكشف داخل الدفتر عن دواخل راكان؟!!
موضي تناولته بيد مرتعشة
جلست على الأرض بقرب الخزنة.. فما بها جَلد للتحرك
فتحته بيد أكثر ارتعاشا
كان ديوان شعر بخط راكان الفخم.. بعضها له تاريخ محدد وبعضها الآخر لا..
القصائد الأولى تعود لحوالي أحد عشر عاما مضت
مازالت موضي لم تستوعب تماما مقصد راكان من طلبه منها أن تفتح الخزنة لتجد هذا الديوان
بدأت القراءة بارتعاش أكثر..
القصيدة الأولى كانت قصيدة رقيقة بمشاعر شابة وثابة يشتكي فيها حرمانه من رؤية حبيبته بعد تغطيتها لوجهها
شعرت بألم عميق.. خوف وتوجس.. هي غطت وجهها قبل أحد عشر عاما.. هل هي مجرد مفارقة عفوية؟!!..
شعرت أن ألم قلبها يتزايد ويتزايد مع انثيال القصائد بمشاعرها العميقة
اسمها الصريح لم يرد حتى وصلت للقصيدة الثامنة.. ليتكرر بعدها في كل قصيدة تقريبا
حين قرأت اسمها ظنت أنها تتخيل.. وأن هذا مجرد خداع بصري شكّلته رغباتها هي
ولكن اسمها تكرر وتكرر في تأكيد فريد لما قاله (إنها كانت كل الحب أولا وأخيرا)
حتى وصلت القصيدة الأخيرة وهي تشعر أنها تكاد تفقد وعيها لفرط الانفعال:
يا أغلى من الروح..لا والله من الدنيا!!
يا أغلى من الشوف..إلا يانظر عيني!!
تدرين يا موضي هواك الساكن بقلبي..
لكن ظروفي ماخلت شي بيديني!!
ودي أحطك في صدري يابعد حالي..
وأسكر الصدر وتلمك شراييني
لا تحسبني ماحبك يوم خليتك..
بديت قدرك على اللي باقي فيني!!
القلب بعدك قفلته وضاع مفتاحه!!
وأشوف روحي تغادرني وتخليني
يحرم علي ذكراك بعد اليوم يا موضي
روحي تهني وأنا خلي مع طعوني
كانت تشهق بعنف وهي تتذوق طعم حزنه في القصيدة
شعرت بعمق آلمه... وكأنه يبكي فيها مشاعره التي سكبها بين جنبات هذا الديوان طوال سبع سنوات
وهو يودع الديوان ومن كُتب لها الديوان!!
ماعادت تحتمل ضغط كل هذه المشاعر
(أ يعقل؟؟ أ يعقل ؟؟
كنت أنا منذ البداية؟؟ أنا؟؟ كيف لم أعلم؟؟ ولم أشعر؟؟
أ يكون يحبني كل هذا الحب ومنذ ذلك الوقت؟!!
راكان بكل روعته ورجولته يحبني أنا؟!!
أنا؟!! أنــــا؟!! أنــــــا؟!!)
موضي انهارت تماما.. فكل هذا كان كثيرا عليها.. كثيرا جدا..
انخرطت في بكاء موجع.. موجع حتى النخاع!!
بكت عذابها الذي طال لسنوات
بكت فرحا لحياتها المقبلة
بكت ألما من أجل راكان
بكت كل شيء.. وكأنها تريد توديع البكاء!!
راكان في الصالة أنهى قيامه وجلس ينتظرها
ولكنها أطالت عليه.. أطالت كثيرا
لذا توجه للداخل.. فتح الباب بخفة
فُجع وهو يراها جالسة على الأرض بقرب الخزنة ومنخرطة في بكاء خافت ولكن عميق الشهقات.. كانت تبدو منهارة تماما
توجه ناحيتها وهو يرفعها بخفة ويهمس بحنان: حبيبتي لا تجلسين على الأرض.. مهوب زين لش
قال (حـبـيـبـتـي)...
يستطيع الآن أن يقولها بكل حرية
فهي حبيبته.. وحبيبته..
وحــبــيــبــتــه
بل هي أصبحت أقرب له كل شيء
تنبض في روحه وتنتشر في كل خلاياه
إن كان أحبها في صباه وهي مجرد خيال لا يعرفه حقا
فهاهو اليوم يحبها بكل مافيها شكلا ومضمونا
ربما لو كان رسم في خياله نموذجا للزوجة الحلم التي يتمناها.. فإن موضي في عينيه تجاوزت كل أحلامه ونماذجه
موضي ارتمت في حضنه بدون أي حاجز لأول مرة
لا خوف.. ولا تردد.. ولا ترهات نقص.. ولا شبح حبيبة مجهولة
احتضنها بكل قوته.. بكل حنانه
الاحتضان الذي يمثل شخصيته تماما: القوة والحنان
كانت تهمس بعمق موجع ورأسها يسكن بين أضلاعه:
أحبك راكان..
والله العظيم أحبك
قبلك ما عرفت للحب لون ولا معنى
ليش خلتيني لحمد.. ليش؟؟ أنا كنت أعرف بزواجك وكان يشرفني أكون مرتك
راكان يمسح على شعرها ويهمس بعمق حنون: هذا اللي الله كتبه
وخلاص انسي كل اللي فات ونبدأ من جديد
أنا بس يهمني أكون الأول هنا (قالها وهو يضع كفه على الناحية اليسرى من صدرها)
يا ترى أنا الأول؟؟
موضي تشدد احتضانها لخصره وهي تطبع قبلاتها على صدره حيث يصل رأسها وتهمس بكل عمق الكون:
إيه والله الأول.. وربي إنك الأول.. ولا غيرك أول
*****************************
قبل ذلك بوقت
بيت محمد بن مشعل
غرفة مشاعل وناصر
الحوار مستمر بين مشاعل وناصر
مشاعل ابتسمت وهي تهمس بخفوت وتنغم جملتها ببطء كلمة كلمة:
يعني أنت تكون عندك فرس طيبة.. وولدك مايصير عنده مهر طيب؟!!
أبيه فارس مثل ابيه
ناصر شعر تماما مثلما لو كان سُكب على وجهه ماء مثلج بشكل مباشر ومفاجئ
شهق بعنف: تكلمين جد؟؟ وإلا تلعبين علي؟!!
مشاعل أدارت جسمها ناحيته بشكل كامل وهي تهمس بجزع: بسم الله عليك يا قلبي.. تنفس.. تنفس.. خذ نفس
ناصر مد يديه ليمسك عضديها بقوة وهو يهمس بترقب موجع غريب:
خليش مني... خليني أولي
أنتي حامل صدق؟!!
مشاعل تبتسم وهي تهمس بمرح رقيق: أشلون أخليك تولي.. ما يصير
تبي ولدي يجي ومايلاقي ابيه
حينها قفز ناصر وهو يصرخ بفرح مجنون: يعني حامل صدق.. صدق
وأنا باصير أب.. أنا أب أنا؟!!
مشاعل بخجل وهي تشده لتجلسه: بس ناصر بتقوم البيت كله
اللي يشوف صياحك يقول لنا أربع سنين متزوجين وماجبنا عيال
ترا مالنا إلا أربع شهور متزوجين
ناصر يعاود الوقوف والصراخ: خليني أعبر عن فرحتي.. لا تجيني سكتة..
قلب ناصر حامل.. وبتجيب ولد لي.. وما تبين أصيح بعد؟!
زين ما أروح أطلع برج إسباير في ذا الليل وأصيح فوق رأسه لين ينتفخ رأسي
أنا بأصير أب
أنا بأصير أب
أنا بأصير أب
مشاعل بخجل عميق: تكفى ناصر اقعد.. غرفتنا ملاصقة لغرفة عمي.. لا تقومه من نومه
ناصر يعاود الجلوس ليحتضنها بكل قوته ويهمس في أذنها: خله يقوم عشان أبشره
أصلا أنا هو راجعين من عشاء فارس سوا.. مابعد رقد
وبالفعل لم ينهِ جملته حتى كان هاتفه يرن.. كان والده من يتصل
رد ناصر بابتسامة شاسعة: حيا الله ابو مشعل
أبو مشعل بغضب: أنت يالمفلوج وش ذا الصياح اللي عندك؟!!
ماتعرف السحا أنت؟!!
ناصر بابتسامة و(عيارة): يبه يوم أمي بشرتك بحمالها بمشعل وش سويت؟؟
أبو مشعل يبتسم ابتسامة شاسعة وهو يتفهم مقصد ناصر: طلعت أصيح أدور أمي أبغي أبشرها
لبّني جدك مشعل بعصاه
ناصر يضحك: زين تعال لِبّني بالعصا
أبو مشعل بشجن وسعادة عميقين: مبروك يا أبيك.. مبروك.. الله يتمه على خير
أم مشعل التفتت لزوجها بترقب وتوجس: على ويش تبارك له؟؟
أبو مشعل بابتسامة ودودة: أبشرش مشاعل حامل..
أم مشعل قفزت: صدق.. صدق
كانت تريد الخروج.. همس لها أبو مشعل بحزم: وين رايحة؟؟
أم مشعل باستعجال وهي لا تستطيع كتم فرحتها: باروح أشوفها
أبو مشعل بذات الحزم: اقعدي يامره.. من أصبح أفلح
أم مشعل بلهفة: مافيني صبر
أبو مشعل يبتسم بحنان: مايصير يأم مشعل حن أخر الليل
أم مشعل تعاود الجلوس وتهمس بشجن: يالله ياكريم لا تحرمني شوفت عيالهم كلهم
ناصر وراكان والعنود ومريم
******************************
واشنطن
بيت يوسف
الليلة الأولى التي يقضيها يوسف في بيته
باكينام نزلت للأسفل.. كانت من أعدت العشاء بنفسها.. لأول مرة تفعلها.. تشعر بإحساس الزوجة الفعلي ومسؤولياتها الأسرية
ولكنها حين أخذت عشاءه للأعلى.. كان قد صلى ونام بالفعل
شعرت باكينام بالأسى.. فهو لم يأكل شيئا.. ولكنه كان مستغرقا تماما في النوم.. لذا لم ترد أن تكدر عليه نومه
تركت الطعام مغطى على طاولة في الزاوية.. أبدلت ملابسها وارتدت بيجامتها.. ثم صلت
أحضرت لها مقعدا.. ثم أحضرت كتابها لتدرس.. فالامتحانات أصبحت قريبة جدا
وضعت المقعد قريبا منه.. وجلست
مضى عليها وقت وهي تدرس.. ثم نامت وهي جالسة
بعد منتصف الليل بوقت
كان يوسف يفتح عينيه.. رآها تجلس أمامه
نظر لها بشجن عميق وهو يتمعن في ملامحها المسترخية برقتها
ثم همس لها بمودة: باكينام.. باكينام
باكينام فتحت عينيها بكسل وهتفت برقة: أيوه يوسف.. تتعشى؟؟
يوسف بشجن حنون: ليه نايمة كده؟؟
باكينام بصدق شفاف: كنت بادرس.. وخفت تحتاج حاجة..
يوسف يتراجع قليلا للوراء وهو مازال متمددا: تدرسي ماشي..
بس تنامي كده لأ
ثم همس برجاء عميق وهو يشير للمكان الذي انزاح عنه:
تعالي نامي جنبي
باكينام وقفت بعفوية وهي تستجيب له بدون عناد لأول مرة منذ زواجهما
تعبت من العناد.. تعبت حقا
أ ليس لها حق في السعادة؟!! ومع الرجل الوحيد الذي أحبته وتحبه وستحبه؟!
باكينام تمددت جواره وعلى ذراعه.. يوسف احتضنها بكل الوجع والقوة وهو يهمس في أذنها بكل ألم:
وحشتيني يائلبي.. وحشتيني
مش كفاية هجر ؟!!
باكينام لم ترد عليه ولكنها تناولت ذراعه التي تغفو على خصرها واحتضنتها قريبا من صدرها
وسالت دموعها بصمت!!
****************************
صباح اليوم التالي
بيت سعد بن فيصل
الصباح الباكر
مريم تجلس أمام التسريحة تبحث عن مشطها لتمشط شعرها
لم تجده.. تحسست طويلا ولم تجده
سعد كان يغتسل في الحمام.. انتظرته حتى خرج
ثم همست بهدوء: سعد شفت مشطي؟؟
سعد يجفف يديه ويهمس بهدوء: دقيقة باجيبه لش
موجود على الطاولة اللي ناحيتي
مريم بهدوء: وممكن أعرف وش اللي وداه هناك؟؟
سعد يبتسم: آسف البارحة خذته حسبته مشطي وعقبه خليته هناك
مريم بعتب: سعد أنت تعرف ذا التفاصيل الصغيرة توترتي..
إذا مالقيت أشيائي الخاصة في مكانها أتوتر..
سعد يحضر المشط ويتوجه ناحيتها.. وضع يديه على كتفيها وقبّل رأسها من الخلف وهمس بحنان:
آسف حبيبتي خلاص.. آخر مرة.. سماح ذا المرة
مريم تناولت المشط الذي وضعه في يدها وابتسمت: آخر مرة
سعد يتوجه للدولاب لتناول ملابسه ويهمس بهدوء: فهيدان ذا الأيام أشوفه عاقل.. وش اللي صاير؟!!
مريم تبتسم وهي تمشط شعرها: اللي صاير إنك كنت معطيني معلومات غلط عنه
وفهد ماشاء الله عليه عاقل ومؤدب ويسمع الكلام
سعد يرتدي ثيابه ويضحك: أنتي متأكدة إنش تكلمين عن فهد ولدي مهوب حد ثاني
لا تكونين متسلفة ولد الجيران؟!!
مريم بمودة: شوف سعد.. لازم تبين إنك مبسوط فيه.. وتشجعه على التغيير
لأنه التغيير صعب عليه ولازم له مساندة قوية
سعد يبتسم: قولي إن فيها مخططات..
حاضر عمتي.. إن شاء الله
****************************
قسم راكان
الصباح الباكر
راكان يصحو من نومه على صوت منبهه
لم ينم هو وموضي إلا بعد أن صليا الفجر
ولم ينم إلا أقل من ساعتين
ينظر إليها بشجن ووله كبيرين وهي تتمدد جواره
ابتسم بعمق وشفافية.. أصبح يعرف سبب نومها الثقيل مؤخرا..
من تأثيرات الوحم
يوم تنام بثقل.. ويوم تقضيه تتقيأ
مد يده ليلمس خدها بحنان.. يشعر ناحيتها بحنان غامر وبحب غامر وباحتواء غامر
كل مشاعره ناحيتها تتدفق بلا قياس بلا مقدار
وكأن مشاعره طوال الثلاثين عاما الماضية من عمره كانت تنتظرها لتتفجر بكل العنفوان والتدفق
مسح بظاهر أصابعه على خدها.. ثم أعاد أصابعه لشفتيه وقبلها
فتحت موضي عينيها وهمست له بابتسامة عذبة: ترا ممكن تصير بدون وسيط توصيل
ابتسم راكان وهو ينحني ليقبل خدها: أحسن بعد
سعادة محلقة يتبادلها الاثنان.. يعيشان سعادة جذرية تعوضهما عن أيام العذاب التي عاشها كل منهما
موضي ابتسمت بعمق وسعادة حقيقية: حبيبي اليوم بأروح للدوام.. تكفى ما تقول لا
راكان بابتسامة ملولة: وأنا أصلا أبي أطلب منش تأخذين إجازة لين تولدين
موضي تنفض الغطاء عنها وتنهض: لا فديت قلبك
بس تعدي أيام الوحم وأكون زينة إن شاء الله
ودامني قادرة أداوم تكفى ما تمنعني
راكان ينظر لها بوله عميق.. وكأنه لا يشبع نظرا إليها ويهمس بذات الوله:
ولا يهمش يا قلبي
بس خليني لين اشتري لي سيارة ثانية واطية.. عشان سيارتي عالية عليش
شكلي بأسوي مثل مشعل وسياراته الثنتين
ثم أردف بابتسامة: سيارة للقنص.. وسيارة لش
موضي تبتسم: يا سلام عليك وتبيني أقعد لين تشتري سيارة وتخلص أوراقها
دامني ما ثقلت أقدر أركب أي سيارة
راكان هز رأسه بابتسامة شفافة: الواحد مايقدر عليش..
والله مايقدر عليش
همس جملته بعفوية وكأنها جملة عابرة
ولكنها حملت في عمقها عشرات عشرات المعاني غير العابرة
المعاني الأعمق من اليأس والبعد والألم والجرح والعشق والوله والغرام
كل قاموس المشاعر الموغلة في قوتها وتجذرها
كــــلــــهـــا!!
****************************
ذات الصباح الباكر
بيت مشعل بن محمد
لطيفة أنهت مهمامها الصباحية وأولادها توجهوا لمدارسهم
عادت لغرفتها وهي تستبدل ملابسها لترتدي جلابية رقيقة وفخمة من الحرير والدانتيل
تمشط شعرها.. وتتعطر بخفة
ثم تمددت بجوار مشعل وهي تهز كتفه برقة وتهمس بعذوبة:
حبيبي مشعل قوم للشغل
فتح مشعل عينيه ببطء عاد لإغلاقها وكأنه غشيها نور ساطع لا طاقة لعينيه به
همست لطيفة بدلال مدروس وهي تقترب أكثر حتى شعر أن رائحة عطرها اخترقته تماما: حبيبي ماوراك دوام؟!!
أعاد فتح عينيه وهو يتنهد بعمق في داخله
ثم يهمس ببرود: أكيد وراي دوام... وخري عني خليني أقوم
لطيفة تأخرت قليلا وهي تشعر بحزن يتعمق في روحها
ربما مازال في اليوم الثاني من مخطط بروده
ولكنها جربت دفئه وتدفقه وحنانه..وطوال الأشهر الماضية لم تعرف سوى مشعل الحنون بمشاعره الجياشة
وبروده هذا بات يجرحها وبعمق
فهو خلال بروده معها طوال سنوات زواجهما كان برودا اعتياديا نابعا من شخصيته التي لم تجد شيئا يدفعها للتفجر
ولكن هذا البرود المتعمد الذي يقصد به معاقبتها بات يجرحها ويجرح أنوثتها في العمق
تنهدت بعمق وهي تشيعه بنظراته وهو يتناول فوطته ويدخل الحمام
وهمست بوجع:
"مطولين كذا يا مشعل؟!"
*************************
واشنطن
بيت يوسف
الصباح
باكينام صحت من نومها ولم تجد يوسف.. شعرت بالقلق..ثم شعرت بالرعب
أ يعقل أن يكون قد عاد للسكن؟!!
لن تسامحه إن فعلها..لن تسامحه!!
نزلت للأسفل.. وجدت ماريا تنظف أعمدة السلم..
همست باكينام بجزع: فين يوسف؟؟
ثم أردفت بالانجليزية وهي تكتشف أنها سألت بالعربية: أين جو؟؟
ابتسمت ماريا: لِمَ الجزع ياصغيرتي؟؟ جو يدرس في مكتبه
تنهدت بعمق وهي تتوجه للمكتب.. طرقت بخفة ثم دخلت
حين رآها ابتسم ابتسامة شاسعة وهو يغلق الكتاب ويضعه على المكتب
ويشير لها لتجلس في حضنه
ولكنها توجهت وجلست في المقعد الآخر المقابل للمكتب
همس يوسف بشجن: هاتعب وأنا بحاول أخطي حواجزك
باكينام بعمق: مش حواجز.. لكن الاستعجال ممكن يخرب كل حاجة
يوسف بهمس عميق يخفي ورآه ألما ما: أو يمكن عشان فيه احساسين مختلفة
الأكيد إنو حب كبير من ناحيتي
بس أنتي ....
باكينام تقاطعه بألم: يوسف ما تفسرش على كيفك..
وما يجيش في بالك إنه أنته اللي حبيت واتعزبت وتعمل نفسك ضحية.. لأنو أنته أبعد واحد عن دور الضحية
ابتسم يوسف وهو ينظر للبعيد البعيد: أنتي عارفة أنا حبيتك من أمتى؟!!
من أول يوم شفتك في الكوفي
كنتي لابسة بنطلون أبيض وبلوزة زهر
وردة.. وردة شفتها تفتحت ئدامي
حسيت إني مش ئادر أئف وئلبي اتخطف مني..
تحركت بس لما شفت إنه فيه واحد من الجرسونات كان ماشي ناحيتك
مسكتو وئلت: سيبها.. دي ليا.. سيبها
باكينام شعرت بدهشة عميقة.. حتى لباسها يتذكره!!
همست بتساؤل مستغرب: جاوبني بصراحة.. كنت عارفني وئتها؟!!
ابتسم يوسف: أول مرة لأ.. بس بعدها آه ..عرفت أنتي بنت مين
باكينام عضت طرف شفتها السفلية وهي تهمس بارتباك حاولت ألا يظهر في صوتها
لتسأله عن شيء يشغلها منذ زمن طويل وكانت تنتظر الفرصة لتسأل عنه وهاهي الفرصة أتتها: والشامة؟؟ عرفت عنها إزاي؟!!
صمت وابتسامة خبيثة تتلاعب على شفتيه: الإجابة أبسط مما تتخيلي
باكينام تسلل لها شبح ابتسامة: اللي هي؟
يوسف بخبث شفاف: مش أنا كنت واد مكسيكاني زي الئشطة وماشبهش الغفر اللي مصر وأنتي كنتي بتلسني ئدامي بالمصري براحتك....
باكينام قاطعته بحرج: ربنا يخليك يوسف ما تفكرنيش
يوسف يضحك: ماهو ده الجواب..
في يوم كنتي أنتي وصاحبتك ئاعدين بتئرو إعلان اتوزع في الكوفي
عن دكتورة بتعمل عمليات تجميل بأسعار خاصة بمناسبة الافتتاح وبتعمل ليزر وإزالة شامات..
فصاحبتك بتضحك وتئول: أنا عندي شامة صغيرة عند ودني.. هاروح عشان استغل سعر الافتتاح
وكنت أنا وئتها بأنزل لكم الكوفي وأنتي رديتي عليها بضحكتك اللي دوبت ئلبي: لا أنا عندي شامة كبيرة في آخر ظهري وهاروح أشيلها
ما انكرش إني من يومها وأنا أحلم باليوم اللي هاشوفها فعلا.. لحد ماشفتها
باكينام تقف وهي تهمس بخجل: لازم أروح أدرس شوية امتحاناتي ئربت
يوسف ابتسم وهو يقول لها: طيب تعالي ادرسي هنا.. على الأئل أشوفك ئدامي
ثم أردف: وعلى فكرة منائشتي هتكون بداية شهر 6..
****************************
مر أسبوع على الأحداث الأخيرة
أصبحنا في بداية شهر مايو
والحال كما هو عليه بالنسبة لغالبية أبطالنا
راكان وموضي وناصر ومشاعل يعيشون سعادتهم العميقة والخاصة
خبر حمل الاثنتين بدأ بالانتشار
موضي مازالت تعاني مع ثقل وحمها.. ولكن مشاعل لم يبدأ معها الوحم فعليا..
فارس والعنود
فارس تحسنت حاله كثيرا وصحته تتحسن ووجهه يعود للاشراق
وهو يتحرق لإعادة العنود ويريد استغلال أقرب فرصة ليطلب من عمه أن تعود معه لبيته
ولكن لأن لديه دورة عمل خلال هذه الأيام ولا يعرف وقتها بالتحديد
لم يرد أن يرجعها وهو سيسافر وسيتركها في رحلة عمل
ولكن العنود تشعر بحزن عميق
كانت تتوقع على الأقل أنه سياتي لأخذها.. ولكن هذا لم يحدث
رغم سعادتها العميقة بخبر حمل موضي ومشاعل.. ولكن حمل مشاعل بالذات بث في روحها حزنا ما
فهي ومشاعل تزوجتا في ليلة واحدة.. وهذا ذكرها بخيبة أملها
مشعل ولطيفة
مازال الحال كما هو عليه
مشعل يمثل البرود ببراعة ومخططه يسير في مساره المحدد..
لطيفة تأثرت نفسيتها بشدة من بروده
تحاول بشكل مستميت ومتكرر إرضاءه ولكن كل محاولاتها الكثيرة ذهبت أدراج الرياح
مشعل وهيا مستغرقان في الدراسة
فمناقشة مشعل بعد أيام وكذلك امتحانات هيا
ساكنا واشنطن الآخران
المخلوقان الأسعد بعيشهما لمشاعرهما بحرية أكبر.. بالتأكيد مازالت باكينام تتحفظ قليلا.. ولكنها سعيدة جدا بقرب يوسف
وهو أكثر سعادة بخضوعها النسبي أخيرا
مريم وسعد
رائع هو التفاهم الناضج بينهما
لا تخلو حياتهما من منغصات بسيطة.. فوضع مريم ليس بالوضع الهين وسعد مازال يعتاد عليه
فهو لم يعتد على الوجود الأنثوي منذ سنوات.. فكيف بوجود أنثى ضريرة تحتاج لمراعاة خاصة؟!!
ولكن كما مريم تحتاج لمراعاة خاصة فلها حضورها الخاص وهي تشبع حياة سعد التي كانت خالية بروحها الصافية.. بأنوثتها الرقيقة.. بنضجها العميق
كانت له أكثر من انثى.. أكثر من صديق.. أكثر من شريك
وهي تحكم سيطرتها على سعد وولديه وخصوصا فهد الذي كان بحاجة بالفعل إلى حنان أم.. وجده عند مريم...
لا يزال فهد يكابر ويفاجئها بمقلب بسيط من حين لآخر.. ولكن مقالبه خفت وتيرتها كثيرا..
فهو مازال طفلا ويحتاجها.. ولكن هذا لا يمنعه من العناد وادعاء الرجولة
أما فيصل فقد كان في عالم لوحده.. قد يستغرب البعض سرعة تفاهمه مع مريم
ولكن من يعرف في خفايا المراهقين لن يستغرب
لو أن فيصل وفي عمره بالتحديد كان فتاة.. كان سيكره مريم لأبعد حد
لأن الفتاة في تلك السن تشتد غيرتها على والدها
ولكن المراهق في سن فيصل يبدأ بالانفصال في عوالمه الخاصة وهو يلج عالم الكبار..
ومريم بطبيعتها كانت حنونة ومحتوية.. فلِـمَ العناد والمشاجرة؟!!
فهو يحب حضورها الحنون ويستمتع باهتمامها الذي يذكره باهتمام والدته رحمة الله عليها
الجيل الأصغر في الناحية الأخرى
سلطان بن عبدالله.. بقدر مافرح لحمل موضي حزن لحمل مشاعل
لأنه يرى أن هذا المولود الجديد سيستولي على مشاعل بالكامل ولن يبقى له في قلبها واهتمامها أي مكان
*******************************
واشنطن
شقة مشعل
بعد صلاة العصر
مشعل يراجع اطروحته باهتمام
فمناقشته بعد يومين
هيا تضع دلال القهوة والشاي أمامه على الطاولة ثم جلست جواره
وهي تحتضن ذراعه بقوة وتضع خدها على عضده وتهمس بعمق:
يالله يا كريم ينصرك عليهم كلهم.. ولا حد من لجنة المناقشة يفتح ثمه بكلمة
مشعل يبتسم وهو يمد يده الأخرى ويربت على خدها: آمين
هيا رفعت رأسها بحماس وهي تقول: توني سكرت من هل الدوحة
مشعل بمودة: شأخبارهم؟؟
هيا ترقص حاجبيها: أختك حامل
مشعل يرفع حاجبه وهو يبتسم: قديمة.. راكان قال لي
هيا بابتسامة أوسع: أنت اللي قديم ومغبر.. أختك العروس الثانية
التمعت عينا مشعل وهي تتسع على آخرهما وهو يلتفت لها بكامل جسمه ويبتسم من قلبه: مشاعل؟!!...
ثم أردف بغيظ: نويصر الزفت.. ماحتى كلمني يبشرني
هيا تضحك: أعصابك لا ينقطع لك عرق
الشباب في الدوحة عارفين مناقشتك قربت وعشان كذا ماحد منهم يبي يزعجك
مشعل يبتسم : ياسلام على العذر.. وشمعنى راكان ماقال كذا.. وكنت أول حد بشره
أختي أعرفها.. تستحي من خيالها.. لكن أبو لسانين نويصر دواه عندي
هيا بابتسامة: خلاص كلها من يوم ونرجع للدوحة.. وداوي نويصر على قولتك
مشعل بابتسامة: مستعدة للرجعة ياقلبي؟؟
هيا بشجن: الله يكفينا شر شفقتي على هلي في الدوحة.. مشتاقة لجدتي وسليطين أكثر شيء
وأنت وش بتسوي بانجاز معاملاتنا عقب؟؟
مشعل يعود لمراجعة أوراقه ويهمس: الشباب كلهم ما يقصرون.. قالوا لي ارجع بهلك وحن بنسوي كل شيء
***************************
بيت عبدالله بن مشعل
بعد صلاة العصر بساعة
بنات عبدالله بن مشعل يجتمعن مع والدتهن وجدتهن
الجدة هيا بشجن: على البركة يابناتي المذكور (تهنئة العجائز المعتادة بخبر الحمل)
مشاعل أنزلت عينيها بخجل..
بينما موضي هتفت لجدتها: الله يبارك فيش يمه
وترا كنها بنت والله ما يكون لها من الاسماء غير هيا إن شاء الله..
قدام تحلفين علي أنا وراكان مثل ما حلفتي على عيالش
الجدة هيا ابتسمت من تحت برقعها وابتسامتها تتضح من تجاعيد عينيها:
أنا حلفت على عيالي.. وأنتو ابانكم يحلفون عليكم
وأنتو إن سميتو علي أبشروا بالسماوة
موضي تبتسم: كفو يأم محمد.. مايأتي الطِيب إلا من هل الطِيب
ريم قفزت من ناحيتها: وكنه ولد؟؟
موضي بابتسامة شفافة: مشعل إن شاء الله.. راكان يبي مشعل
ريم تحركت خلف مشاعل وضربتها بخفة على مؤخرة رأسها: وأنتي يالمستحية.. وش بتسمين شواذيش؟؟
(الشواذي عيالش يالقردة!!
ماعاد باقي اللي تمدين يدش على مشاعل
دواش عندي.. بتشوفين شغلش ذا الحين!!)
كان هذا صراخ سلطان الذي كان ينزل من الطابق العلوي
ريم قفزت برعب خلف جدتها: يمه أنا زبيتش.. زبينتش
الجدة تضحك: ولو أنش ماتستاهلين من يزبنش.. بس تراها زبينتي وياويل اللي بيجيها
سلطان وصلها وهو يهمس بغضب لأنه يعلم أنه لن يستطيع مسها وهي في حماية جدته: يعني عاجبش تمد يدها على مشاعل؟!! وتزبنينها بعد؟!!
(الزبـين: من هو في حماية شخص آخر)
موضي تضحك: لو ريم رافستني في بطني كان عادي عنده
بس تلمس الشيخة مشاعل لا
مشاعل بمودة ورقة: جعلني ماذوق حزن روحه الغالية.. تعال جنبي فديتك
سلطان جلس جوار مشاعل.. ومشاعل احتضنته بخفة وحنان وهي تقبل رأسه
سلطان احتضن خصرها وهو يهمس بحزن طفولي: إيه عقب كم شهر بيطيح كرتي
مشاعل همست في أذنه بحنان: تذكر يوم قلت لك إنه غلاك مايلحقه حد
أعيدها عليك وأقول لو أجيب عشرين بزر.. غلاك يزيد ما ينقص
أنت ولدي الكبير.. الأم إذا جا لها ولد ثاني تعيف ولدها الأول؟!!
ابتسم سلطان: أكيد..ما تلعبين علي؟!!
مشاعل برقة: أفا عليك.. ومتى قد كذبت عليك
موضي تنظر لهما وتبتسم.. وتتسع ابتسامتها مع رؤيتها لابتسامة سلطان الشفافة
ثم تميل على لطيفة وتهمس: انحلت قضية الشرق الأوسط والشيخ سلطان رضى
لطيفة انتفضت: هاه؟؟ نعم؟؟
موضي تضحك: اللي ماخذ عقلش... لا .. أنتي كنتي في عالم ثاني يا حجية
لطيفة تهز رأسها: لا يابنت الحلال معكم معكم
موضي تغمز وتهمس بنبرة خاصة: إيه مبين معنا؟؟ شأخبار أبو محمد؟؟ عاده صابر عليش؟؟ والا فاضت به وانفجر؟!!
لطيفة حاولت أن تبتسم وهي تهمس: الحمدلله كل شيء تمام
آخر ما تحتاجه لطيفة هو لوم موضي بها.. وخصوصا أن موضي ويالا المصادفة حذرتها وفي ذات الليلة المشؤومة التي قالت فيها لمشعل ماقالته
فما بها من ألم لبرود مشعل وتجاهله يكفيها وزيادة.. ولن تحتمل المزيد
كانت أم مشعل تنهي اتصالا ثم همست للمتواجدين: فارس جاي ذا الحين
الجدة ابتسمت: فديت الطاري
موضي (بعيارة): مهوب ذا اللي كنتي زعلانة عليه قبل شهر عشان العنود..
زعلتي قبل الظهر وماجاء عقب الظهر إلا أنتي راضية
الجدة تبتسم: شأسوي.. عظامي ما تشلني على فارس..
ثم أردفت بشجن عميق: والله يوم أشوف زوله يفز قلبي كني شايفة زول سعود الله يبيح منه..
أم مشعل احتضنت كف خالتها وهمست بمودة: جعلش تشوفين عياله
الجدة بحزن: خلي العنود ترجع ذا الحين وعقبه بشروني بحمالها
ثم أردفت بحزم رقيق: والله يامن بشرني بحمال العنود إذا رجعت إن شاء الله.. إن له اللي هو يبي.. إن شاء الله يبي سيارة
سلطان قفز وهو يشرق ويكح: من جدش يمه؟؟ من جدش؟؟
الجدة تبتسم: وليه متى جدتك قالت ولا فعلت
وقتها كان فارس يطرق الباب ويدخل وسلطان يقفز ناحيته وهو يمسك بيده ثم يجلس على ركبة واحدة على الأرض ويهمس باستجداء:
تكفى يافارس تكفى طالبك يأخيك طالبك
فارس بنخوة: اطلب عزك
سلطان برجاء حماسي عميق: إذا حملت العنود تقول لي أنا عشان أنا أبشر جدتي.. تكفى جعلني فدا خشمك
فارس يبتسم: زين خلها ترجع بيتها ذا الحين.. وعقب نتفاهم على البشاير
سلطان بإصرار: لا.. لا.. اللي أوله شرط.. هذي طلبه.. ماتعرف الطلبة
أفا يا اخي ويا ولد عمي وزوج خطيبتي سابقا
فارس بغيظ مرح: عشانك خطيب زوجتي سابقا.. اقلب وجهك
سلطان يعاود مسك يده: أفا أفا.. يا أخي نمزح نمزح
فارس يزيحه بخفة: خلني أسلم على العرب الحين.. ووعد مايصير إلا اللي يرضيك
*************************
ذات الوقت
بيت جابر بن حمد
حمد ينزل من الأعلى ليشرب قهوة العصر مع والدته
بعد الأحاديث العابرة
وتبادل أكواب وفناجين القهوة والشاي همست نورة بنبرة مقصودة: تدري إن بنات خالك حوامل
حمد يرتشف قهوته ويهمس بهدوء: مبروك.. من من بنات خالي؟؟
نورة بذات النبرة المقصودة: مشاعل... وموضي
شعر حمد برعشة والتبست مشاعره.. ولكنه توزان بسرعة.. فما مضى قد مضى
وهو بدأ حياته فعليا بعيدا عن كل حياته السابقة..
لذا همس بهدوء طبيعي تماما وغير مصطنع: مبروك.. الله يتم عليهم بخير
نورة بذات هدوء: آمين الله يتم عليهم بخير ويستاهلون الخير
ثم أردفت بالنبرة المقصودة إياها: بس ذا الشيء مايخليك تستغرب
حمد بتساؤل: أستغرب ويش؟؟
نورة تتنهد: موضي قعدت عندك 4 سنين.. وكل ما سألتك عن الحمال لمحت لي إن العيب فيها.. هذي هي حملت على طول من راكان
حمد تنهد بعمق.. من حق والدته أن تعرف.. ربما حينها ترتاح من الإلحاح
همس بهدوء موجوع: خلاص أنتي قلتي الإجابة بنفسش
والدته شهقت وهي تشعر بالصدمة الكاسحة التي كانت تخاف منها تخترقها كسهم وجع مسنون:
يعني العيب منك؟؟
ألمها لا حدود له.. لا حدود له..
أ يُكتب عليها ألا ترى أولاده؟!! أحفادها؟!!
أي ألم هذا؟!!
أي ألم؟!!
لا ترى أبناء وحيدها؟!!
لا تسمع " جدتي" أو "أمي العودة" من شفاههم البريئة؟!!
حلمت لسنوات بكل خطوة سيخطونها
وبكل سن سينمو لهم
وبكل كلمة سيقولونها
حلمت بأشكالهم وأسمائهم وهيئاتهم وحتى طباعهم
فكيف لن يأتون؟!!
كيف؟!!
اللهم لا اعتراض
اللهم لا اعتراض!!
حمد همس بألم عميق وهو يحتضن والدته التي نحره تقافز الدموع الغالية من عينيها:
يمه تكفين لا تضايقين روحش.. هذا اللي الله كتبه لي..
وماحد يعترض على حكم الله سبحانه
*************************
مساء الدوحة
بيت مشعل بن محمد
لطيفة عادت هي وبناتها من بيت أهلها بعد صلاة المغرب مباشرة
فهي تريد أن تدرس
أبدلت لبناتها..ثم توجهت لغرفتها
والولدان كانا في المجلس..والبنتان تلعبان في غرفتهما
دخل عليها مشعل
ارتبكت بشدة.. فهو عاد كما كان طوال زواجهما يبعثرها كأحجار الدومينو وهو وحده القادر على جمعها
سلّم وفق مخطط بروده ودخل إلى الحمام ليتوضأ لصلاة العشاء
لطيفة تأففت بعمق: أووووف... لمتى وحن على ذا الحال؟!! مايحس هذا..
حين خرج وهو يجفف وجهه ويديه ويستعد للبس ثوبه همست له لطيفة بهدوء وهي جالسة على مكتبها: وين حمود وعبودي؟؟
مشعل يغلق أزرار كمه ويهمس ببروده العتيد: في المجلس عند جدانهم.. واعتقد إنش عارفة
تنهدت لطيفة بحزن.. بالفعل ماعاد بها جَلد لاحتمال بروده
فهي عاشت دفئه الذي غمرها به طوال الفترة الماضية
أصبحت تعرف تماما نكهة دفئه وحنانه المختلفين
تفتقدهما حتى النخاع.. حتى نخاع النخاع
تعرف أنها ما جلبت ذلك لنفسها..
ولكن أ لم يكتفِ من معاقبتها بعد؟!!
كان مشعل على وشك الخروج ويريد أن يمر ببناته ليراهن قبل الصلاة
دخلت مريم كأعصار باكٍ وهي تصرخ بهستيرية: يمه.. يمه.. الحقي على جود
بلعت تيلة (كرة زجاجية صغيرة).. بتموت يمه.. بتموت
لطيفة قفزت لتضرب بعنف في المكتب وهي تركض وتتعثر..
مشعل سبقها ركضا لغرفة البنات ليجد وجه الصغيرة مزرقا وهي عاجزة عن التنفس
حينها دخلت لطيفة ورأت وجه ابنتها
بدأت بالصراخ الهستيري: ياحيّ بنتي.. ياحيّ بنتي.. بتموت يامشعل
بتموت..بنتي بتموت
مشعل يصرخ بها وهو ينكس جود ويمسكها من قدميها: اذكري الله روعت البنيات.. مافيها إلا العافية
مشعل ذاته كان مرعوبا على صغيرته.. ولكنه مر بهذا الموقف عدة مرات.. ابنائه كلهم سبق أن قاموا بذات التصرف وإن كان لم يكن بهذه الصعوبة
قد لا يكون تصرف مشعل بالتصرف الطبي الدقيق ولكن لم يكن لديه أي خيارات فالصغيرة كانت تختنق فعلا
لذا حملها بشكل منكوس وهو يضرب على ظهرها من الأعلى.. حينها بصقت الكرة..
وشهقت بعنف لتعود بعدها للتنفس ووجهها يعود للونه
حينها احتضنها مشعل بحنان أخفى خلفه خوفه العميق عليها وهمس بحنان مصفى: كذا روعتينا يالنتفة
الصغيرة بدأت تبكي.. ولطيفة حينها انهارت وبركت على الأرض تبكي بدورها
مشعل حمل الصغيرة ووضعها في حضن لطيفة
احتضن الاثنتين وهمس بحنان: مافيها شيء يا بنت الحلال.. اذكري الله
لطيفة احتضنت جود بعنف وهي تبكي بهستيرية أكبر.. فهي رأت الموت قريبا من ابنتها وشعرت كما لو أن الروح على وشك أن تسحب منها
حينها التفت مشعل لمريم الواقفة كانت تبكي بصمت.. مشعل أشار لها بحنان أن تقترب منه..
حينها بدأت تشهق: والله العظيم كنت منتبهة لها.. بس هي خذتها وبلعتها بسرعة
مشعل احتضن مريم بحنان: ماحد قال لش شيء.. مهوب ذنبش حبيبتي.. لا تبكين
مريم تشهق ووجهها مختبئ في خصر والدها: أنا خفت عليها تموت
مشعل بحنان كبير: مافيها إلا العافية.. تبي تتدلع على أمها
حينها انحنى مشعل على لطيفة الجالسة على الأرض.. وضع يده على كتفها وهمس بخفوت: لطيفة بس.. روعتي البنيات.. شوفي وجه مريوم
حينها لطيفة رفعت رأسها ومسحت دموعها وهي تفلت جود.. وتهمس لمريم بحنان:
تعالي ياقلبي.. شوفي جودي مافيها شيء
مريم جلست على الأرض بجوار والدتها بتردد.. حينها احتضنتها لطيفة بحنان:
مافيها شيء فديتش.. لا تخافين
حينما رأى مشعل أن الوضع قد استتب تماما
انسحب بهدوء ليذهب للمجلس ويأخذ ابناءه معه للصلاة
**************************
بعد صلاة العشاء
بيت سعد بن فيصل
الجلسة الخاصة بأولاد سعد
مريم تسمع صوت التلفاز وتتجه ناحيته حتى تطلب من فهد أن يتعشى معها
لأنها تعلم أن فيصلا ذهب به والده ليعزي معه على أهل متوفٍ.. أخوه في كتيبة سعد..
وبعد ذلك سيعودان ليتعشيا في المجلس
كانت مريم تتجه بخطوات اعتيادية هادئة لأنها أصبحت تعرف الاتجاهات وأماكن قطع الأثاث تماما
كانت وصلت لداخل الغرفة حين سمعت صراخ فهد الجازع: عمتي انتبهي انتبهي
ولكن صرخته حدثت بعد أن تعثرت فعلا في أشيائه المبعثرة
لتسقط بشكل حاد ومباشر
على الطاولة الزجاجية التي تتوسط الغرفة
ليتهشم الزجاج
وتسقط مريم على أكوامه المتناثرة
#أنفاس_قطر#
.
.
.
قبل ما تقولون أي توقع
رجاء
رجاء
رجاء
ارحموني
لا حد يتوقع مثل أختي اللي لما قرت البارت صرخت:
"مريم بيرجع لها نظرها"
فأنا ضربتها بالمخدة لأن التوقع رفع ضغطي
مريم فقدت بصرها في مرض وليس في حادث.. فالعمى ناتج عن ضمور في خلايا العين وليس صدمة حتى تعيده صدمة
توقعوا لنا توقعات أخرى
.
.
أعلم أني أنهكتكم بالقفلات طيلة الأجزاء الماضية
سامحوني يا نبضات قلبي.. سأعوض عليكم في يوم الخميس بجزئين طويلين
الساعة الثامنة والنصف صباحا
.
موقف جودي حين ابتلعت الكرة الزجاجية
استمتعت بكتابته.. لأني بالفعل رأيت هذا الموقف يتكرر كثيرا
تذكرون لطيفة حين تصرفت بحكمة في موضوع ابنها محمد
بينما مشعل خانه التفكير المنطقي.. والآن العكس
وهذا بالفعل ما يحدث في كثير من البيوت
حين يُصاب الطفل أي إصابة فإن الأم تبدأ بالعويل الهستيري بينما الأب من يتولى زمام الأمور
والعكس لو حدثت مشكلة بعيدا عن الدم والأمراض والأصابات
كالتأخر الدراسي أو التدخين أو الهروب من المدرسة مثلا نجد أن الأب يكاد يفقد صوابه بينما الأم هي من تقوم بعملية التهدئة
.
.
نهار عسل للناس العسل
.
.
|