كاتب الموضوع :
#أنفاس_قطر#
المنتدى :
القصص المكتملة (بدون ردود)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سوري ياجماعة على التاخير والله مهوب قصدي راحت علي نومة... والحين أنفاسوه بتقص رقبتي معطتني ألف تحذير ما اتاخر عن الموعد.. والله يا بنات شكلي باهاجر واهج.. جننتني بدقتها في الكتابة وهي تخليني أعيد اللي هي تمليني عشرين مرة... ثم تطلع لي أخطاء بعد... إيه وش عليها هي منسدحة على جنبها وأنا اللي أكتب.. ونزلي ذا وارفعي ذا وحطي مسافة يووووووووه.. يالله ما أبي أطول عليكم.... السموحة على التاخير والبارت الجاي عقب صلاة الجمعة حوالي الساعة وحدة الظهر
أسى الهجران/ الجزء التسعون
بيت محمد بن مشعل
صالة البيت الرئيسية
الساعة 9 مساء
أم مشعل وبناتها مريم والعنود كن في الانتظار
ومعهن مشاعل ولطيفة
في ذلك الوقت كانت سيارة راكان تتوقف في باحة البيت
راكان يلتفت لموضي المتوترة جواره
يتناول كفها ويحتضنه بحنو وتملك ويهمس لها: ترا مافيه حد داخل غير الناس اللي أنتي خابره
ماحد منهم تغير.. ليش التوتر؟؟
موضي بقلق: بس يمكن أنا تغيرت
شد كفها بقوة أكبر وحنان أعظم: وش اتفقنا عليه؟؟
للمرة الأولى تبادر موضي وتشد هي كفه التي تحتضن كفها
شعر راكان بألم غير مفهوم في عمق فؤاده مع ضغط أناملها الرقيقة
همست برجاء: ادخل معي
هز أعماقه بعنف امتدادها القوة منه ورغبتها في الاحتماء به
تمنى لو يستطيع أن يخبئها بين رموش عينيه لو استطاع
همس لها بهدوء حانٍ: كان ودي ادخل معش.. بس شوفي جودي واقفة عند الباب
معناته لطيفة داخل
مهوب أمي وخواتي بس
أنا بأروح المجلس.. الرياجيل ينتظروني على العشاء
وباجيكم عقب
موضي تنهدت وهي تسمي بسم الله وتنزل بخطوات مترددة
عكس خطوات راكان الواثقة الواسعة وهو يتجه لجود ويحملها ويغمرها بالكثير من قبلاته
ثم ينزلها ويتوجه للمجلس
وجود تركض لناحية خالتها وترمي نفسها عليها
لتحتضنها موضي بحنان وهي تحملها وتقبلها بعمق ثم تدخلها معها لداخل البيت
بعد حوالي ساعة
انتهى العشاء عند كلا الطرفين
النساء والرجال
مجلس الحريم في بيت محمد بن مشعل
لطيفة وموضي متجاورتان
مريم والعنود ومشاعل يشتبكن في الحديث معا
وأم مشعل استأذنت لتناول أدويتها
لطيفة تبتسم وهي تهمس لموضي بخفوت: غريبة شايفتش مستحية.. مهوب عوايدش
بالعادة شاقه القاع وقايلة باع
موضي تبتسم: يا شين أمثلتش بس.. يأ أختي خليني أمثل مستحية.. وش عليش
لطيفة بنبرة مقصودة: المشكلة أنش ما تمثلين يا موضي.. مستحية صدق
صمتت موضي
ولطيفة أكملت حديثها: شالسالفة موضي؟؟ ما عمرش دسيتي علي شيء
لا تكونين منتي بمبسوطة مع راكان؟؟
موضي بجزع عفوي: لا والله.. ياحظها اللي يصير راكان لها.. مامثله في الرياجيل اثنين
لطيفة باستغراب: ياحظها؟!!
ليه هو صار حق حد غيرش؟؟!!
موضي بحرج: ما أقصد.. لا تصيدين علي كل كلمة
لطيفة تتنهد: براحتش موضي.. أظني إنش تعرفيني.. اذا صار في خاطرش شيء تقولينه تراني حاضرة
عاودت موضي الصمت
في حياتها مع حمد.. كانت تخبر لطيفة بكل شيء
ولكنها الآن غير مستعدة لإدخال أحد في عالمها هي وراكان.. العالم الغريب والعميق والمجهول والمثير
همست موضي بعد دقيقة بهدوء: قومي معي أروح أسلم على أمي وجدتي..
ألحق أرجع قبل يجي راكان
على الجانب الآخر
مشاعل تهمس برقة: عنودة وش فيش؟؟ ليش مكتمة كذا؟؟
العنود بنبرة مصطنعة: مافيني شيء
مريم بهدوء عميق: من حيث فيش.. فأكيد فيش..
مشاعل ابتسمت: يا الله وهذي مريم ساندتني بعد
العنود تحاول أن تبتسم: ياشينكم.. ما أسرع اتفقتو.. الله يكفي شركم
أصلا كل وحدة منكم حاستها السادسة رادار.. اتفقتو يعني مافيكم حيلة
مريم تبتسم: والمعنى أنه فيه شيء فيش..
العنود ببساطة: مافيه شيء.. فارس عصب علي شوي قبل أجي.. عشان كذا متضايقة
(جزء من الحقيقة ولكنها ليست الحقيقة)
مشاعل بحنان: ياقلبي يا العنود.. عشرين ألف مرة قايلة لش.. فارس يعصب بس والله قلبه طيب
العنود بضيق: أدري.. بس ما أقدر أمنع نفسي ما أتضايق
مريم بعمق: وأنا قلت لش لا عاد تسوين شيء يخليه يعصب
العنود تتنهد: خلاص خير.. الموضوع كله بسيط.. أنا وهو نعرف نتفاهم
ذات الوقت.. مجلس آل مشعل
راكان وناصر
ناصر بمرح: هاه وشرايك في الحياة الزوجية يالعريس؟؟
راكان يبتسم: مالك شغل.. ما نعطي كورسات للبزارين
ناصر يضحك بصوت خافت: عشتو.. أظني إني معرس قبلك يا أخ أنت
راكان بابتسامة: وأظني أكبر منك يا أخ أنت..
ناصر بمودة ومرح: حتى لو ما قلت.. باين عليك متشقق..
من يوم دخلت علينا وابتسامتك شاقة.. بالعادة تبتسم في المناسبات الرسمية والعيدين..
راكان مازال مبتسما: ياملغك بس
(أحقا ماعدت قادرا على السيطرة حتى على ابتسامتي؟!!
ولكني بالفعل سعيد
لا أعلم سببا لهذه السعادة
ولكنها سعادة جديدة بدأت تتسلل لروحي المثقلة
هناك ما ينغصها.. نعم
ولكنها تبقى سعادة عميقة
لأول مرة ..سعادة بهذا العمق ترفرف في كل أنحاء روحي)
رن هاتف ناصر.. رد بصوت خافت..ثم أنهى المكالمة
وألتفت لراكان ليقول باستغراب: أختك دلوعتنا مهيب صاحية متصلة فيني تسألني عن رجالها
أقول لها ليه ما تتصلين فيه
تقول جواله مقفل
شكلها تتدلع عليه
ابتسم راكان وهمس بحنان:خلها تدلع الغالية.. الدلع أصلا ماخلق إلا لها
ثم أردف باهتمام: بس فارس كنه تأخر
أنا تعبان من السواقة وأبي أنام
بس أبي أشوفه الأول
ناصر (بعيارة): عدال.. تعبان من السواقة وإلا مستعجل على شوفت بنت عبدالله؟؟
راكان بغضب شفاف: نويصر تحشم
ناصر يضحك: ياشين دور الأخ الكبير عليك.. لازم تكعمني يعني (تكعمني/تجعمني/ تأنبني وتسكتني)
فارس توه اتصل فيني من دقايق.. يقول خلص شغله وجاي في الطريق
ومع انهاءه لجملته كان فارس يدخل المجلس
وناصر يكمل بمرح: ليتنا طرينا مليون ريال بدال وجه رجال أختك الودر ذا
قبل ذلك بقليل
زاوية أخرى
سعد ومشعل
مشعل أخبر سعد بما طلبته منه مريم
سعد يرد غاضبا: مشعل أنت شايفني بزر أسوي شيء ماني بمقتنع فيه
مشعل بهدوء: هدي أعصابك.. أنا قلت لمريم كذا
بس هي تقول هذا زواج.. وعشرة عمر
وهي وحدة ضريرة وتخاف إنها تكون حمل عليك مع مسؤوليات عيالك
وتقول إنها حاسة أنه....
والله ما أدري أشلون أقولها لك...
إنه... يمكن يكون ذا الزواج مشروع فاشل
ووحدة في عمرها ووضعها ماتستحمل مشاريع فاشلة
سعد بصدمة: زواجها مني مشروع فاشل؟!!!
مشعل يتنهد: يا ابن الحلال لا تفهمها بذا الطريقة
الفشل من ناحيتها مهوب من ناحيتك
أنت رجال كامل.. والكامل وجه الله
لكن هي متحسسة من ناحية إنها ماتشوف.. وتخاف تكون حمل عليك
سحب سعد نفسا عميقا ثم همس لمشعل: مريم عمرها كانت حمل عليكم؟؟
مشعل يبتسم: لا والله حن اللي حمل عليها.. وإلا هي ماعمرها ثقلت على حد
سعد يبتسم: خلاص عشانا عقب رجعة راكان من سنغافورة.. الخميس اللي عقب 3 أسابيع
***************************
قسم ناصر الذي أصبح لراكان
الساعة 11 مساء
لطيفة تدخل مع موضي للبيت
موضي تخطو للداخل بتردد
ولطيفة تحمل جود التي تشعر بالنعاس وتهمس بخفوت:
شوفي أنا رتبت كل أغراضش وأغراض راكان
أنا رتبت مثل ما أعرف إنش تحبين ترتبين أغراضش
لو ما عجبش شيء خلاص بكيفش رتبي مثل ما تبين
موضي بعذوبة: مشكورة يأم محمد.. ومن اللي ما يعجبه ترتيبش
ثم أردفت: ايه لطيفة.. كنت أبي أسألش الكنبة اللي تنفتح اللي في صالة غرفتش من وين اشتريتيها؟؟ عاجبتني
لطيفة باستغراب: ليه وش تبين فيها؟؟
موضي بحرج: أبي أرتب الغرفة الثانية بأحط فيها مكتب لي ولراكان وأبي أحطها فيها
لطيفة نظرت لها بنصف عين: لا تكونين ناوية تطردين راكان
موضي بحرج أشد: الشرهة علي اللي سألتش
لطيفة باستعجال: خلاص لا تطنقرين (تزعلين) علينا.. إذا بغيتي تشترين وديتش
والحين لازم أروح.. تأخرت على بيتي
أنا ساحبة فاطمة من بيت هلي عشان تقعد عند عيالي اللي رقدتهم قبل أجي
الحين فاطمة بتسطرني.. كل مرة تلاغيني تقول أنا أشتغل عند أنتي وإلا عند ماما؟؟
ثم أردفت وهي تخرج: بكرة بأجي لش مع الكوافيرة عقب صلاة المغرب
موضي دخلت للداخل بخطوات مترددة.. تعرف المكان جيدا فهي جاءت مع لطيفة عدة مرات لترتيب أغراض مشاعل هنا
علقت عباءتها التي كانت بيدها
وقررت أن تستحم أولا لتهدئة أعصابها المستنزفة
ثم خرجت ملتفة برداء الحمام
فتحت الدولايب لتختار لها ما تلبسه
شعرت بالتوتر يتزايد
تريد أن تلبس شيئا أقل تزمتا مما كانت ترتديه أمام راكان طيلة الأيام الماضية
ليس لأنها تريد
فلو كان الأمر برغبتها لبقيت ربما بعباءتها وشيلتها
ولكن لأنها لابد أن تفعل ذلك.. حتى تقنع راكان أنها تحاول تجاوز مافعله حمد بها
فراكان كالبقية لا يعلم أن حمد يعاني من مرض نفسي يتعالج منه في مصر
ومن يعلم هن لطيفة ووالدتها وموضي وهيا ووالد حمد فقط
وموضي لا تريد أن تخبر أحدا بسر علاجه
ومن ناحية أخرى لا تريد أن يظن راكان أنه بقي لحمد أي تفكير في مخيلتها
استقرت على اختيار معين لملابسها
ارتدت ملابسها ثم ارتدت ثوب الصلاة فوقها وصلت قيامها
بعدها توجهت للتسريحة
شعرت برغبة ملحة غير مفهومة أن تتعطر.. تتزين.. بعضا من أحمر شفاه فاتح ربما
تعطرت بكثافة وعطرت شعرها
ولكنها قررت أن تتوقف عن فكرة التزين التي بدت لها لا داع لها بل ومبتذلة
وتركت وجهها صافيا خاليا من المساحيق
ثم توجهت للصالة لتجلس فيها انتظارا لراكان
لم يطل انتظارها
فبعد دقائق كان يدخل بخطواته الثقيلة الثابتة قادما من بيت والده بعد أن سلم على والدته وشقيقاته..
توقف للحظات وكأن الزمن توقف معه وهو ينظر للبهاء المكتمل الجالس أمامه
ارتعش شيء ما في داخله.. شيء ما!!
ولكن هذه الرعشة لم تتجاوز داخله مطلقا
كانت تجلس أمامه ببيجامة أنيقة
قميصها (التوب) القطني بدون أكمام (هاي نك) باللون الفستقي الكامل
وبنطلونها الحريري (برمودا) لتحت الركبة بقليل حرير مشجر باللونين الفستقي والابيض..
وشعرها المستحيل متناثر على كتفيها ويلتف حول رأسها عصابة حريرية من نفس لون وقماش بنطلون البيجامة
وترتدي خفين فستقيين برباطين يعقدان عند الكاحل
كانت طلتها مثيرة ورقيقة.. وموجعة.. وصادمة..
فهو لم يراها طيلة الأيام الماضية سوى بلباس غاية في الرسمية والاحتشام
حتى البيجامات كانت ترتدي فقط البيجامات الكلاسيكية الحريرية موحدة اللون
بعد أن اشترت منها عدة قطع من أحد مجمعات دبي..
بقي مذهولا للحظات لم تشعر بها موضي ولكنه هو من شعر بها
ولكنه تماسك بسرعة وهو يبتسم ويسلم ثم يجلس قريبا منها
لتخترقه رائحة عطرها المختلط برائحتها العذبة
تنهد وهو يقول لنفسه (أنا اللي جبته لنفسي )
راكان يشعر بألم غير مفهوم
فهي توقظ فيه الرجل
ولكن أين العاشق؟؟
يستحيل أن ينظر إليها كما ينظر أي رجل لأي أنثى
فليس هو بأي رجل
وليست هي بأي أنثى
بل هما راكان وموضي!!
ابتسم وهو يسألها: زال توتر المقابلة الأولى؟؟
ابتسمت وهي ترفع عينيها له: زال.. وترى جدتي تسأل عنك
راكان يضرب على جبينه: يوه.. والله حسبتها نايمة.. الحين وش بيرضي هويه علي .. بتقص رقبتي
موضي بمرح رقيق: خلك من المهايط.. ومن اللي يقدر عليك
أنت بالذات جدتي عمرها مازعلت عليك
زعلت من كل عيال عيالها إلا أنت.. ما أدري وش مسوي لها؟!!
راكان بابتسامة: وهم ليه يزعلونها؟؟
موضي بعذوبة: ولو أن هذا مهوب جواب على قولتك
بس تدري أمي هيا تحب تجرب غلاها
راكان بمودة: وهي تدري إنها عندي غالية..ومافيه داعي تجرب
وقفت موضي وهي تهمس بمرح: ماشاء الله.. ماحد يقدر عليك في الحكي
كانت موضي تريد التحرك.. لولا أن يد راكان الجالس أطبقت على أناملها بقوة لتوقفها مكانها
ارتعشت موضي بعنف..
لاحظ ارتعاشها وأناملها الساكنة بين أناملة تنتفض كعصفور بلله القطر
ولكنه تجاوز ارتعاشها رغم تأثره به وهو يهمس لها بحنان: وين بتروحين؟؟
موضي بصوت مرتعش: بأروح أجيب لي ماي.. تبي أجيب لك شيء.. أو أسوي لك شيء
راكان بهدوء حانٍ: لا.. مشكورة.. أنا بأقوم أصلي.. ثم بأرجع
ثم أردف بشفافية: مشتهي أسولف معش
(فأنا لم أرتوي بعد من النظر إلى محياكِ
ولا من سماع همسكِ
ولكن
هل سأرتوي يوما؟!!
هل؟؟
لا أريد أن أرتوي.. لا أريد
أريد أن أعيش مابقي من أيامي ضارعا إلى عينيكِ
غارقا بين همساتكِ
.
.
.
راكان ما الذي يحدث لك؟؟
أي جنون أصابك؟!!
يبدو أنني فقدت السيطرة المنطقية على تفكيري!!
لا أريد أن أخسر موضي كإنسان وصديق نادر
وأنا وعدتها بالحماية والاحتواء
.
.
ولكني لم أمارس أي تجاوز لعلاقتنا كأصدقاء
فهل هناك أحب إلى الإنسان من النظر إلى وجه صديقه والاستماع إلى حديثه؟!!)
**************************
بيت فارس بن سعود
الساعة 12 مساء
غرفة فارس والعنود
العنود بعد أن اطمأنت إلى عودة فارس سالما من شقيقها ناصر
استعادت شعور غضبها منه
قد تكون تحملت منه الكثير
ولكنه أيضا تغير كثيرا من أجلها.. وهي تعلم ذلك
من رغبة بالزواج حتى يأدبها على تطويلها لسانها عليه إلى عاشق متيم
ولكن هل حقا كان يرغب في تأديبها أو في تأديب نفسه المتجبرة القاسية؟!!
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" النساء يغلبن الكريم ويغلبهن اللئيم"
وفارس ليس لئيما أبدا
بل هو رجل كريم النفس واليد ومن نسل كريم
وهكذا حين تحكم العروق الطيبة..يحضر الطيب وتفوح روائحه العطرة
ولكن هذه العروق الطيبة بها كبرياء متأصل عتيد أيضا!!
فكيف التلاقي بين الطيب.. والطيب؟!!
و من ناحيتهاالعنود لا تريد أن تكون من مكفرات العشير..
اللاتي ما أن يبدر من أزواجهن أي إساءة لهن.. حتى ينكرن عشرتهم وينفين كل طيبهم معهن
ولكنها على الجانب الآخر تعلم أنها لن تحتمل مرة قادمة قد يمد يده عليها فيها
دخل فارس بهدوء.. كان خالي الذهن تماما
فهو لم يظن للحظة أن العنود قد تكون غاضبة منه
دخل وهو يتلفت بحثا عن طيف فاتنته
كانت تجلس على مكتبها مقابلة لحاسوبها تعد ورقة عمل مطلوبة منها
اقترب منها
وهي اضطربت وبدأت طباعتها تتحول إلى سلسلة من الأخطاء
لم يكن اضطرابها خوفا.. ولكن تبعثرا
فحضوره يبعثرها غصبا عنها
وقف خلفها وهو يسلم وهي ردت السلام بخفوت
انحنى عليها وهو يرفع شعرها عن عنقها ويميل أكثر ليطبع قبلته عليه
ولكنها وقفت قبل أن تصل شفتيه إليها وشعرها يفلت من بين أنامله
فارس نظر لها باستغراب وتقطيب وهو يراها تبتعد لتجلس على الأريكة
اقترب وجلس قريبا منها وليس جوارها
وهمس بهدوء: وش فيش؟؟
العنود تهمس بحزن دون أن تنظر له: إسأل روحك
فارس بهدوء حازم: وش الجريمة اللي سويتها حتى تكلميني بدون ماتطالعيني؟!!
إذا صار عندش شيء تقولينه حطي عينش في عيني وكلميني
أو احتفظي بكلامش كله لنفسش
العنود رفعت عينيها له وهي تهمس بحزن أكبر: ليه أنت منت بداري حتى وش سويت؟؟
فارس بنبرة حادة نوعا ما: العنود بلاها حركات الدلع.. أنا ما سويت شيء
إذا أنتي عندش شيء قوليه
حينها بدأت عيناها تغيمان بالدموع.. وهو شعر بالجزع.. قد يحتمل كل شيء إلا دموعها
حينها وقف وجلس جوارها واحتضن كفها وهمس بحنان: ودموع بعد
حبيبتي تكفين قولي اللي تبينه بس من غير دموع.. تدرين ما أستحمل دموعش
حينها أسندت العنود رأسها لكتفه وهو احتضنها بحنو وهو يهمس: يالله قولي لي
وش مزعلش على فارس ثقيل الدم؟؟
العنود تحاول السيطرة على سيول دموعها وحتى لا تبدأ بالشهقات
فإن كان لا يحتمل دموعها.. فهي لا تحتمل نبرة الحنان الدافئة المختلفة في صوته
همست بخفوت: الليلة لما طلعت للمداهمة.. تقدر تفهمني اللي تبي بدون ما تمد يدك علي
مد اليد للبهايم وأنا ماني ببهيمة.. وعمري ماخالفتك
شعرت العنود بعضلات صدره تتصلب بقوة تحت خدها وهو يهتف باستنكار:
أنا مديت يدي عليش؟؟
العنود رفعت رأسها وهي تهمس بألم: أجل وش تسمي إنك تدزني وتطيحني على الأرض
فارس بذات نبرة الاستنكار: أنا؟؟
العنود تحكي له الموقف باختصار
وفارس يتنهد ويهمس بهدوء: حتى لو كان صار.. فأعتقد إنش عارفة إني مستحيل أقصد أمد يدي عليش
وأنتي المفروض ما تصغرين عقلش وتحملين الموضوع أكثر من احتماله
العنود بعتب: الحين أنا الغلطانة.. بدل ما تطيب خاطري.. تطلعني الغلطانة
فارس بحزم رقيق: اسميني العنود.. أنا يوم غلطت في حقش اعتذرت وما تشاينتها
بس أنتي مهوب تطالبيني أعتذر حتى لو ما غلطت..لأنه مستحيل يصير
أصلا الاعتذار صعب علي يوم أكون أنا الغلطان
فاشلون وأنا ما غلطت
العنود وقفت وهي تقول بغضب حزين: خلاص لا تعتذر ولا تراضيني
بس هذا أنت صار عندك خبر.. ومرة ثانية تمد يدك علي انسى إن لك مره أساسا
فارس وقف وهو يقول بغضب حقيقي: العنود لا تهدديني.. واتقي شري
العنود صمتت.. فهي تعلم أنها استفزته بما فيه الكفاية.. وتعلم أنها ليست ندا لغضبه
هي توجهت لسريرها وتمددت
وهو توجه للحمام ليستحم ويهدئ غضبه
حين خرج من الحمام ..صلى قيامه.. ثم تمدد جوارها
كلاهما يشعر بالألم
الكثير منه
فبرغم كثرة ماكان يثور عليها ويتخاصمان إلا أن خصامهما لا يطول مطلقا
ولم تمر عليهما ليلة باتا فيها وهما متخاصمان
فكيف سينامان الليلة؟!!!
*************************
بيت مشعل بن محمد
غرفة مشعل ولطيفة
الساعة 12 إلا ربع
مشعل يدخل ليجد لطيفة تدرس على مكتبها
يسلم وترد عليه السلام
لتقف وتتجه ناحيته وتأخذ غترته منه
تحتضنها وهي تشمها وتهمس برقة: مغير عطرك؟؟
مشعل يجلس وهو يبتسم: مغيره أبي أقص على مريم السكنية.. بس صادتني
لطيفة تضع غترته في سلة الغسيل وتعود وتجلس جواره وهي تهمس بمودة:
ياحليلها مريم.. تعرف كل واحد فينا مهوب بس بالريحة.. حتى بالخطوة والمشية
مشعل يهمس بهدوء: وعلى طاري مريم ترا عرسها الخميس اللي عقب 3 أسابيع
مجرد عشاء بسيط لكم يا النسوان.. مثل ما مريم تبي
بس الرياجيل سعد بيسوي عشاء كبير في مجلسه
لطيفة باستغراب: وليش قدموه كذا؟؟
مشعل حكى لها عن رغبة سعد باختصار.. ولطيفة ردت: ليش لا.. عنده حق
على كذا بانشغل الأيام الجاية أتشرا لمريم
مشعل يقبل رأسها وهو يقول بتقدير عميق: طول عمرش أم الجميع يأم محمد
لطيفة بحنان: مريم بالذات غلاها غير..
مشعل يبتسم: وأبو محمد وش علومه من الغلا؟؟ ماله نصيب؟؟
لطيفة تحتضن ذراعه وتقبل كتفه: الغلا كله للعيار أبو محمد وهو داري
مشعل بجدية رقيقة: ويوم أبو محمد غالي.. بأطلب منش شيء ولا تقولين لأ
لطيقة بعذوبة: عيوني لك
مشعل بحنان: تسلم العيون وراعيتها.. أشرايش نروح أنا وأنتي عمرة.. وعقب نقعد كم يوم في جدة..
أنا صار لي فترة مضغوط في الشغل.. وابي أغير جو
وأنتي العطلة خلصت مارحتي مكان..
خلصي سوق مريم ذا الأسبوع.. ونروح الأسبوع الجاي
لطيفة بهدوء: ومن اللي يعيي من العمرة.. بس عيالي عندهم مدارس وش أسوي فيهم.. وجودي خبرك متعلقة فيني واجد
مشعل يقاطعها: ومتعلقة في موضي بعد
لطيفة بذوق: ما أقدر أخليها عند موضي وموضي عروس مالها عشرة أيام
وش تبي راكان يقول علينا؟؟
مشعل بهدوء: أصلا أنا اخترت ذا الموعد بالذات لأنه راكان بيروح الأسبوع الجاي بطولة في سنغافورة
وبيغيب أسبوع.. أكيد موضي بتروح بيت هلش.. نخلي العيال عندهم
هاه وشتقولين؟؟ خليني أخلص من عيالش لو مرة..وأسافر أنا وأنتي بروحنا
لطيفة تبتسم: خلاص شورك وهداية الله...
***********************
بيت محمد بن مشعل
غرفة ناصر ومشاعل
الساعة 11 ونصف
ناصر كان قد جاء مع راكان الذي جاء للسلام على أمه وشقيقتيه
دخل أولا..
ونبه مشاعل أن راكان سيدخل
لذا صعدت للأعلى
كان هذا قبل أكثر من نصف ساعة
وخلال هذه النصف ساعة أبدلت مشاعل ملابسها وصلت قيامها
وجلست تنتظر ناصر وهي تقلب في دليل مهامها الموكلة إليها من المدرسة
التي ستبدأ العمل فيها خلال الأسبوع القادم
حين دخل ناصر ارتبكت كعادتها
ابتسم ناصر وهو يسلم ويهمس لها بمرح: طالبش بلاها ذا النظرة
أحس أني كني طالع عليش من فيلم رعب عشان أخوفش
صمتت مشاعل بخجل
وناصر جلس بالقرب منها وهو يسألها بمودة: أشلونها موضي؟؟ عساها مبسوطة؟؟
مشاعل برقة: الحمدلله
ناصر بشفافية: تدرين يا قلبي.. أنا الليلة مستانس فوق ما تتخيلين
مشاعل ابتسمت بتلقائية وهي تشعر بسعادة لسعادته: الله يونسك بالعافية
ودوم يارب
ناصر بابتسامة واسعة: أول مرة أحس راكان مبسوط كذا.. طول عمره شايل هم خلق الله وما يفكر بروحه
الليلة حسيت فعلا وجهه منور وعيونه تلمع.. شيء متغير فيه فعلا
والله أختش هذي جبارة.. ودي أحب رأسها والله العظيم
مشاعل شهقت وهي ترفع عينيها له: نعم.. تحب رأسها؟؟
ناصر خطر بباله الخبث.. لذا رد بانكسار مصطنع: إيه أحب رأسها
وش أسوي؟؟ ما عندي حد أحب رأسه
مشاعل أُخرست وهي تنظر لأناملها وتدعكها بخجل
وناصر تنهد وهو يقول في داخله
(ماعليه.. أقله ما هربت
تطور ملحوظ
عقبال ما تجي تهرب تطيح في حظني يارب)
************************
قسم راكان وموضي
الصالة
الساعة الواحدة والنصف ليلا
أخذهما الحديث وتشعب.. تحدثا كعادتهما مؤخرا في كل شيء.. واللاشيء
المهم أن يتحدثا
وكل واحد منهما مأخوذ بطريقة الآخر في الحديث.. نبرة صوته.. صياغته لعباراته وأفكاره
إعجاب متبادل وعميق.. عميق لأبعد حد
موضي تنظر للساعة وراكان ينظر لها ويهمس: تمللتي مني؟؟
موضي تبتسم: ياحلات ثقل الدم عليك
راكان يبتسم: تدرين في شغلنا في الديوان البروتوكول والاتيكيت مهم عندنا
ويعطونا دورات خاصة فيه
النظر للساعة دليل تملل.. أو إشارة للرغبة في إنهاء الحديث والطرف الثاني لابد يراعي هالشيء ويخفف استعدادا لإنهاء الحوار
موضي برقة: وبعد شيقولون لكم؟؟
راكان بهدوء:
موضي بابتسامة: بس أنا لما كنت أشوف الساعة عشان أحس إني أنا نسيت نفسي في السوالف وطولت عليك
لأنه أنت اللي كنت تسوق وتونا واصلين الليلة وما بعد ارتحت
راكان يضحك: حلوة الترقيعة.. بس ما مشى حالها
موضي تضحك برقة: والله ما أرقع..
تدري.. بكيفك.. خلنا قاعدين لين صلاة الصبح.. بس لا تشتكي لي بكرة إنك تعبان
راكان بعمق شفاف: لو أقعد مقابلش عمري كله.. وأنتي بس تسولفين علي
عمري ما اشتكي
موضي همست بحرج: مهوب كنك تجاوزت المجاملة للنفاق الاجتماعي يا نصير البرتوكول
راكان ابتسم: أنا قلت لش هم يعلمونا البروتوكول كأسس.. بس حن غير ملزمين نجامل.. وأنا قلت لش قبل إني ما أجامل
ثم أكمل بعمق شفاف:
خصوصا معش.. أحس فعلا إني على سجيتي.. واللي في خاطري أقوله
موضي بشجن مؤلم: تكفى راكان ما تكون رقيق ورائع وشفاف لذا الدرجة..
والله وقتها جد أحس بالوجيعة عشانك.. وإني أنا جنيت عليك بفكرة زواجنا
راكان وقف بحدة وهو يتنهد بعمق وكأنه يعد من الواحد إلى العشرة
ثم يقول من بين أسنانه ويرص على كل حرف:
أكثر من مرة طلبت منش تنسين ذا الكلام السخيف
وأنتي تدرين إنه يضايقني.. أفهم يعني إنش تعمدين تضايقيني؟!!
تدرين الأحسن نوقف الليلة كلام.. ومافيه داعي تقولين أي شيء.. عشان أنا لحد الحين مسيطر على أعصابي
وأنا حذرتش قبل إني لو عصبت بتمنين عمرش ماشفتي عصبيتي
راكان أنهى كلامه وتوجه للداخل
وموضي شعرت أن كلماته سهام مسنونة انغرزت في جسدها
ليس من أجل نفسها
ولكن من أجله..
كيف تتسبب له بالألم وهي تتمنى لو تحمل كل الألم عنه؟!!
كيف تضايقه وهي تتمنى لو تتلقى كل أذى العالم نيابة عنه؟!!
قد تكون تألمت كثيرا في حياتها
ولكنها الآن مستعدة وبصدق غريب غير مفسر أن تتألم أضعافا مضاعفة
مقابل فقط أن تزيل نظرة الضيق التي شوهت عمق نظراته الحانية
************************
واشنطن
مساء
بيت يوسف
يوسف وباكينام والجدتان يصلون جميعا للبيت
بعد إنهائهم لجولتهم السياحية
كانت جولة طويلة وممتعة للغاية
هدنة رقيقة ربطت جميع الأطراف
ويوسف كان دليلا رائعا ومضيافا ومتحدثا لبقا شاسع الثقافة
العجوزان استمتعتا كثيرا بزيارة المتاحف ووجدتاها فرصة لهوايتهما الأثيرة:
تمجيد مآثر شعبيهما العريقين.. أفضل شعوب الأرض قاطبة.. كما هما يرونهما!!!
أما باكينام فكانت أكثر الأطراف سعادة بهذه الهدنة وإن كانت لم تظهر هذه السعادة
لطف يوسف ورقته وأريحيتيه بعثت سعادة عميقة في روحها
وخصوصا أنه طوال الجولة وهو يحتضن كفها
وكلاهما يدعي أنه يمثل أمام العجوزين
ولكن ما أن يفلت أحدهما يد الآخر حتى يبدأ في بحثه المحموم عن دفء أنامل الآخر حتى تعاود أصابعهما الالتقاء وأرواحهما السكون
عادوا جميعا للمنزل بعد أن تغدوا وتعشوا خارجا
العجوزان مستنزفتان من الإرهاق
فاستأذنتا الذهاب لغرفتهما
باكينام صعدت لغرفتها.. ويوسف توجه للمسجد ليصلي العشاء
وعاد بعد أن صلت باكينام واستبدلت ملابسها
كانت أمام المرآة تمشط شعرها حين دخل يوسف
ابتسمت بتلقائية
فابتسم لها وهو يقول بحنان تلقائي: ضحكتك حلوة أوي
مش حرام عليكي حرماني منها
حينها قطبت بتلقائية أيضا
فهمس بشجن: خلاص سحبت كلامي
المهم تضحكي
حينها التفتت له وهي تبتسم وتهمي برقة: ميرسي عالنهار الحلو ده
ستاتي انبسطوا خالص.. مش عارفة أشكرك أزاي
حينها همس يوسف بتساءل: ستاتك هم اللي انبسطوا بس؟؟
صمتت باكينام وهي تتوجه للأريكة وتجلس عليها
تحرك يوسف باتجاهها وجلس جوارها
تناول كفها واحتضنها: أنا عارف إن الهدنة عندك ما بتطولش
بس حاولي تطوليها ئد ما تئدري
باكينام شددت احتضانها لكفه وهمست بشجن: أعتقد أنو أنا اللي مفروض أئول لك كده
يوسف ترك كفها ليحتضن كتفيها وهي أرحت رأسها على صدره
ومضى زمن ما.. غير محدد بدقائق أو لحظات
والاثنان يغوصان في بحر عاصف من المشاعر التي اتعبها الكتمان وتغيير الاتجاهات ولي أعناقها
قطع جوهما الغريب والمشحون رنين هاتف يوسف.. ونهوضه للرد عليه
************************
قبل ذلك بقليل
شقة مشعل
مشعل يدخل إلى شقته قادما من صلاة العشاء في المسجد
وجد هيا تتمدد على الأريكة في الصالة
توجه ناحيتها ورفع رأسها ليضعه على فخذه ويجلس.. ليهمس لها بحنان: عادش قرفانة من غرفتنا؟؟
هيا تقطب جبينها: ايه والله قرفانة منها.. زين ما انقرفت من غرفتي القديمة وإلا من البيت كله
مشعل يبتسم وهو يمرر أنامله عبر خصلات شعرها: يا خوفي بكرة تنقرفين مني
مثل أمي في وحامها الأخير بريم.. أكثر وقتها كانت قاعدة في بيت خالي جابر
صحيح هي كانت تستحي تقول قرفانة من شيبتها.. بس حن كنا دارين
هيا تضحك برقة: أكيد من حبها لعمي عبدالله فديته..
أصلا يقولون العجايز.. المرة اللي تحب رجّالها يجي وحامها فيه
وأنا بعد أحبك وأموت فيك
مشعل يضحك: ما أبيش تحبيني.. دخيل الله اكرهيني.. المهم ما تنقرفين مني
موضوع الحب والكراهية أعاد لهيا ذكرى الاثنين الراقصين على حبال الحب والكراهية: باكينام ويوسف فهمست بعذوبة:
مشعل حبيبي متى بتشوف يوسف
مشعل بتذكر: زين ذكرتيني..
خلاص بأقوم أتصل فيه.. وأتواعد أنا وهو نتقابل بكرة
**************************
اليوم التالي على كل الجبهات
الدوحة
قسم راكان وموضي
الساعة العاشرة والنصف صباحا
موضي أعدت الفطور لراكان ثم أبدلت ملابسها وتأنقت لأقصى حد
وهاهي تجلس في انتظار أن يصحو من نومه
فهي تريد أن تقدم اعتذارا بطريقة غير مباشرة.. رغم أنها قدمت البارحة اعتذار مباشرا.. وتصافيا
البارحة حين غضب منها راكان ودخل للداخل
لم تجرؤ مطلقا على اللحاق به أو فتح أي باب للحوار
وهو عاد بعد دقائق وهو يحمل مخدة وغطاء وتمدد على الأريكة وتغطى دون أن يوجه لها الحديث
تعلم أنه لا يريد أن يتكلم وهو غاضب منها
ولكنها لا تستطيع النوم وهو غاضب
وهما اتفقا على المصارحة وألا يضعا أي حواجز بينهما
لذا اقتربت منه بخطوات مترددة
جلست على الأرض وهي تقف على ركبتيها بجواره
نقرت كتفه بحنان وهي تهمس برقة: راكان.. راكان
راكان أزال الغطاء عن وجهه وهو يلف لناحيتها.. كان يتوقع أنها واقفة
لذا صُدم وهو يرى وجهها على هذا القرب ولكنه اعتصم بالصمت وهو مازال متمددا ويتأمل عينيها من هذا القرب القريب
همست موضي بشفافية: راكان حن اتفقنا على الصراحة
وأنا مستحيل أقدر أنام وأنا عارفة أنك ماخذ على خاطرك مني
خلاص راكان والله العظيم ما عاد اجيب سيرة ذا الموضوع اللي يضايقك
وينقص لساني لو فتحته مرة ثانية
لم يرد عليها..
ولكنه مد ظهر سبابته ليلمس شفتيها ثم يمررها على وجنتها
وموضي شعرت كما لو كانت قنبلة موقوتة ما على وشك تمزيق وجهها لشدة توترها وهي تشعر بدفء سبابته على بشرتها
ثم لتشعر بما يشبه الطعنة العذبة وهي ترى راكان يعيد سبابته لشفتيه ويقبلها ثم يبتسم لها ويغطي رأسه
لم يحتاجا للحديث بعد
كل منهما فهم ما أراد وفق ما يريد
وكلاهما نام مرتاحا مطمئنا
حتى صلاة الفجر
بعد عودة راكان من الصلاة أستأذنها أن يفرش فراشا في الغرفة لينام لسبيين
السبب الأول وبكل صراحة: أنه اعتاد على وجودها معه في ذات المكان
والسبب الثاني أنه يخشى أن يأتيهما أحد ويجده نائما في الصالة
وهاهي موضي تجلس في الصالة انتظارا لنهوضه وهي تفكر
قوله الرقيق أنه اعتاد وجودها معه جعلها تعيد التفكير في طريقة تأثيث الغرفة الأخرى
شتان بين فكرتها عن زواجها براكان قبل أن يتزوجا فعليا
وما يحدث الآن
فهي لم تتوقع حتى للحظات أن علاقتها براكان ستتعمق لهذه الدرجة وبهذه السرعة
الوضع بات ملبسا وغريبا
وماعادت حتى تعرف ماهي حدودها في هذه العلاقة التي تحمل اسم زواج وهي لصداقة غريبة عميقة أقرب
(السلام عليكم)
صوته العميق المختلط ببقايا نعاس انتزعها من أفكارها
همست بابتسامة: وعليكم السلام
كان ينظر لها إليها بتمعن ثم همس بعمق رقيق: الدوحة تخلي الناس حلوين كذا؟؟
موضي ابتسمت بخجل: عيونك هي اللي تشوف الناس حلوين
راكان بابتسامة: والله قبل دقايق كنت أشوف لي وجه في المرايه
حاولت عيوني تخليه حلو بس بدون فايدة
موضي بعذوبة مرحة: يبقى عيونك ماعندها سالفة اللي ماشافت ذاك الوجه حلو
كان مازال واقفا.. توجه ناحيتها وجلس جوارها
ارتعشت موضي وهي تشعر بثقل جسده جوارها ثم احتكاك كتفه بكتفها
راكان تساءل بهدوء: تضايقش جلستي جنبش؟؟
موضي بشفافية: تضايقني لا.. استحي يمكن
راكان يلف بجسده قليلا ناحيتها لينظر لها بأكبر درجة من الوضوح وهو يقول: دامها ما تضايقش باقعد.. تستحين مني لأ
موضي ابتسمت له برقة: زين منت بمتريق؟؟.. قاعدة انتظرك
راكان بهدوء: نتريق ليش لأ.. ولو أن شوفة وجهش تكفي عن كل شيء
وياويلش لو قلتي لي إني أجامل
كانت تنتظر أن يقف ليتوجها لطاولة الطعام حيث رتبت الفطور
ولكنه فاجأها بتناوله لكفها
وفاجأها أكثر بتقريب يدها من شفتيه
ليطبع على كل إصبع من أصابعها قبلة رقيقة دافئة وطويلة
موضي شعرت بدقات قلبها تتسارع وتتسارع حتى أصبحت عاجزة عن سحب أنفاسها وهي تدعو الله بعمق أن يتوقف قبل أن يبدر منها تصرف يضايقه
كأن تنتزع يدها بعنف منه
فهي تتوتر من لمساته وهو يعلم هذا..
بينما هو عاجز عن التوقف.. عاجز عن المضي
عاجز عن الفهم.. عاجز عن التفسير
ولكنه أجبر نفسه على التوقف... وهو يعيد احتضان كفها ويصمت
التفسير لا معنى له.. وسيحيل تيار المشاعر المهول هذا إلى الابتذال والتسطيح
لذا احتضن كفها وهو يقف ويشدها لتقف معه.. ثم أفلت يدها
وهمس بهدوء يخفي خلفه توتر عارم وقلق عظيم لهذه المشاعر المجهولة التي بات عاجزا عن السيطرة عليها: يالله نتريق
***************************
اليوم التالي في واشنطن
مشعل ويوسف تواعدا على الإلتقاء في المقهى حيث كان يوسف يعمل
طاقم الخدمة رحب بهما ترحيبا عميقا من أجل زميلهما القديم جو
ويوسف أخبر مشعلا أنه كان يعمل هنا كنادل
مشعل ابتسم: زين وليه اشتغلت هنا؟؟ يعني ما اعتقد أنك كنت محتاج الراتب
يوسف يضحك: وليه لأ.. الفلوس حلوة
ثم همس بنبرة جدية: بس أنا اشتغلت هنا عشان أعمل دراسة ميدانية لرسالة الدكتوراة بتاعتي
زي منت عارف أنا علم اجتماع.. ورسالتي عن التغير الاجتماعي عند العرب سكان أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر
يعني ازاي اتغيروا.. واتغيرت أفكارهم.. حتى طريقتهم الاجتماعية في التواصل اتغيرت
وشغلي هنا في الكوفي اداني فرصة أراقب الطلاب العرب هنا.. بدون ما يتحسسوا إني عربي زيهم.. لأنه الغالبية كانوا فاكرين إني مكسيكان
وأنا كل اللي اشتغلته هنا تلات شهور تقريبا
من نص شهر 9 لنص شهر 12
مشعل بابتسامة: تدري إنك غريب بس بالصورة الإيجابية مهيب السلبية
يعني شغل مثل هذا بصراحة مايقدر عليه أي حد وخصوصا لو كان واحد عنده خير
يوسف يبتسم: بس كان له نواحي ايجابية كتير أهمها إني تعرفت على مراتي هنا
مشعل تنهد .. فالحديث وصل وبسرعة لمربط الفرس كما يقال.. مشعل بدأ بترتيب أفكاره وتركيز عباراته واختيار ألفاظه
لذا همس بنبرة تقدير مقصودة: والنعم بمرتك مثل ما يقولون عندنا
أنا أشهد أنه أمثالها قليل... تدري قبل كم شهر توفت أم زوجتي هنا
والله وقفت معنا وقفة حتى الرجال ما يوقفونها
ابتسم يوسف بشجن مؤلم.. كم هي عظيمة!! وكم أذاها وآلمها!!
وكم آذته وآلمته أيضا!!
ومشعل يكمل كلامه بذات النبرة المقصودة: حتى في مصر ما خليناها في حالها
وهي ما ترد أحد.. ولا ترفض طلب أحد
كانت تزور ولد عمتي حمد في المصحة........
يوسف حين سمع اسم حمد توتر وغضب عارم تصاعد في روحه
ومشعل يستكمل كلامه: يعني المسكينة كانت تقول لزوجتي إنها مشغولة في تجهيز عرسها
ومع كذا ظلت تزوره وتطمننا عليه لأنه زوجتي وعمتي جننوها من كثر ما يطلبون منها تزوره
وهي والله ما قصرت ولا تقصر
عينا يوسف كانتا ترمشان بسرعة وهو يغلقهما ويفتح ثم همس لمشعل بتساءل مفجوع: نعم؟؟ ممكن تعيد الحكاية دي لو سمحت
أنا لسه ما استوعبتش...
#أنفاس_قطر#
.
.
.
.
|