كاتب الموضوع :
نوف بنت نايف
المنتدى :
القصص المكتمله
.
.
الحديقة
10 : 11 مساءًا
شملهما الصمت و هما يسيران في الحديقة ، كانت مفتونة بالحديقة الفسيحة .. بأزهارها الملونة و أشجارها الغريبة المتنوعة ، هتفت و هي تشير إلى حوض قريب : نبتتي المفضله !! .
و اقتربت منها لتقطف إحدى ورداتها ، قال و هو يقترب منها : فل ؟؟!! .
ابتسمت و هي تغمض عينيها و تستنشقها : إيوه ، أمي الله يرحمها كانت تموت فيه.
أدارتها بصمت متأملة لبتلاتها البيضاء ، ثم همست : كان جنب بيتنا حديقه ، و كل يوم لما أرجع من الجامعه أوقف عشان أقطفلها مجموعه .
ترقرقت الدموع في عينها و هي تهمس : يالله .. قد ايش كانت تفرح !! .
ربت على كتفها في حنان و هو يتكأ على أحد عكازيه .. نقية الروح .. طيبة القلب .. وقفت إلى جواره و كانت ذكية بما يكفي لتنتشله من قيود فكره السوداء ، لن ينسى دموعها التي كانت تذرفها في الخفاء لرفضه لمساعدتها في كل ما يخصه !! .. كم كان ساذجًا ..، و لكنها صبرت و تحملت ، كانت نعم الشريكة و لم تزل ، وضعت يدها على ظهرها و هتفت بضيق : ياااسر و الله ظهري يعورني و ما فيني أمشي مره ثانيه.
رفع بصره إلى السماء مغممًا : الله يخارجنا .. يلا كلها شهرين و تفكينا من هالزن .
ضربته على صدره بحنق هاتفه : آه منك.. يعني هذا اللي شايلته مو ولدك؟؟.
ضحك في مرح و سألته هي بحيرة : دحين اش الموضوع الضروري اللي طلعتني عشانه و ما قدرت تأجله ؟؟!.
صمت للحظة حتى شاهد البراء و هو يخرج للحديقة ، جذبها ليجلسا على الكرسي العريض ثم أدار جسدها ليكون مقابلا له و ضمها بين ذراعيه ، هتفت بدهشة : اشــبك ؟؟ .
همس في أذنها : شايفه هذا القمر اللي واقف قدامك عند الكرسي الخشب .
وضعت ذقنها على كتفه ثم تطلعت إلى البراء قائلةً : ايوه .. البراء .. اشبه ؟؟ .
صمت للحظة ثم قال : هذا ولد أخوك عادل .
اتسعت عيناها بـــصـــدمـــة عــظـــيـــمــة و لــســانــهــا يــنــعــقــد بــين فكيها ، همس في أذنها و هو يضمها أكثر : تساهير .. أخوك عادل الله يرحمه جاله هذا الولد قبل ما يموت و أخذه تركي بعد وفاته و ربّاه .
شهقت في ذعر و هي تـــنــتــزع نفسها من بين ذراعيه و تسأله بانفجار باكي : و لـــــــــــــــــيـــش دحـــــــــــــــــيــــن يــــــــــــــــــعــلـــمـــنــي .. لـــــــــــــــيييييييش مــــــــــــــــــــاعـــــــــــــلــمــنــي مــن أول .. لــــــــــــــــــيييييييييش ؟؟؟؟؟ .
أمسك بكتفيها و تطلع إلي عينيها الباكيتين و هو يقول بهدوء : أمك ما كانت راضيه عن الزواج لأن أم البراء أجنبيه .
حركت حدقتيها بصدمة و هي تتطلع إليه و الدموع تغرق وجهها ، قبض على كتفيها بحنان قائلاً : و أمك الله يرحمها ما حبت تضايقك بالموضوع ، كانت عارفه إن الولد عند تركي و شافته قبل ما تتزوج .
انهارت باكية في حرقة شديدة و هي تدفن وجهها بين كفيها و قلبها ينتفض من صدمة الخبر، ربت عليها ينشد تهدئتها : حبيبتي .. قولي الحمد لله .. أحد من عيلتك عايش .
اشتد بكاؤها ودموعها تتساقط من بين كفيها .. ابن شقيقها!! .. عادل !! .. من يصدق !! .. لقد مضى على وفاته قرابة الست سنوات و لم تعلم حتى بأنه قد تزوج .. و الآن .. يظهر ابــنـه !! ، شهقت بعنف .. أدموع الفرح لوجود فرد من عائلتها بقربها ... سند جديد لها في هذه الدنيا ؟؟!! أم حزن على ذكريات تفجرت في روحها ؟؟!! ، تناهى إلى مسامعها صوت ياسر و هو يهتف مناديًا : الـــبراء ؟؟َ.
التفت إليه البراء و علامات الضجر بادية عليه لأنه لم يجد المفاتيح التي أمره تركي بإحضارها : هلا عــمي ؟؟!!!!!!!.
أشار إليه ياسر بيده فتقدم منهما و القلق بادٍ على عينيه الزرقاوين بسبب بكاء تساهير ، ربت ياسر على كتفه و سأله برفق : تركي قلك إنه عمتك بتجي تزورك قريب .. صح ؟؟ .
أومأ البراء برأسه في خوف فابتسم ياسر و أشار إلى تساهير : هذي هي عمتك .. تساهير .
اتسعت عيناه في مفاجأة حقيقة و تساهير تندفع نحوه و قد تناست حملها لــــــــــــــتـــضـــمـــه إلى صدرها بكل شوق الدنيا و صورة شقيقها تتوهج في عقلها ، وقف البراء مبهوتًا لا يدري بم ينطق و لا يعلم كيف يتصرف .. إنها عمته .. شقيقة والده الذي حدثه عنه تركي ، والده الطيب الحنون .. ، تراجعت و هي ممسكة بكتفيه و جالت ببصرها في وجه الطفل الذي علت الحيرة ملامحه ... رباه!! .. كيف لم تلحظ هذا الشبه الكبير بينه و بين عادل ؟؟!!.. كيف ؟؟ ملامح الوجه هي ذاتها .. و لكنها أصغر .. الغريب فقط .. زرقة عينيه التي لابد أنه ورثها من أمه ، ابتسمت من بين دموعها الغزيرة و همست باكية و هي تمسح وجهه بكفها : تشبه أبوك كثير يالبراء .. تشبه أخويا عادل .
تطلع إليها بحيرة خائفة و دموعه تترقرق في عينيه ، زمت شفتيها لتقاوم دموعها الحارة ثم احتضنته بعمق مجددًا لتنفجر باكية : يالله .. ما ني قادره أصدق .. و الله ماني قادره أصدق .. والله !!.
اقترب ياسر منهما و غمم و هو يربت على كتفها هامسًا: تساهير الولد بعده موب مستوعب .. عطيه فرصه .
قبلت جبينه و وجنتيه و هي تهتف بسعادة جمة من وسط شهقاتها : حبيبي ولد أخويا .. اليوم راح تنام عندي .. لا .. من اليوم و رايح ما بخليك أبدًا .
اشتدت حيرة البراء و هو يتطلع إليها دون أن ينطق ، تنحنح ياسر مغممًا: و هذا شي ثاني لابد نتكلم فيه .
لم تفهم ما يعينه .. و لكن البراء نطق على الفور و الخوف ينبض في حدقتيه : يعني راح أسيّب تركي ؟؟.
انعقد لسانها و قد أدركت المعنى !! ، أسرع ياسر ليخفف من توتر الجو و هو يتحدث برنة مرحة : لا يا بطل و اشلون تتركه و انت معه من سنين .. بتجلس معه .. لكن بتزور عمتك من فتره لفتره .. و هذا حقها عليك .. اتفقنا ؟؟ .
انفرجت أسارير الفتى فيبدو أن ذلك الأمر هو ما كان يشغل تفكيره منذ البداية ، التفت إلى تساهير و هتف بصوت مرح : كيف حالك يا عمتي ؟؟؟ .
ارتعشت شفتاها بألم .. تريده أن يبقى إلى جوارها .. لا يفارقها أبدًا .. ، و لكن كيف لها أن تنتزعه من عالمه الذي يهوى و مربيه الذي يحب ؟؟.. ابتلعت غصتها و هي تمسح على شعره الأسود .. لن تكون سببًا في ألمه و عذابه ، ابتسمت باكية للسعادة التي أشرقت على وجهه ، يكفيها أن تراه مرتاحًا .. سعيدًا .. ما لذي تريده أكثر ؟؟ .
انتزعت ضحكة لتهدئة انفعالها و هتفت ببقايا دموعها : بخير يا وجه الخير .. بخير يا أحلى بروّ فـ الدنيا كلها .
ضرب جبهته هاتفًا : أووووبس .. نسيت المفاتيح .
همّ بالركض لولا أن استوقفه ياسر بهتافه : معاي .
رفع البراء حاجبيه و التفت إليه متسائلاً : مفاتيح تركي ؟؟!!.
أخرج ياسر المفاتيح من جيبه : ايه .. خفت تلاقيها وتطلع قبل ما أكلمك .. فخذيتها .
مد البراء يده ليأخذها و لكن ياسر أعادها إلى جيبه و الابتسامة ترتسم على شفتيه : أنا بعطيها له .. الحين اجلس مع عمتك .
و غادر المكان بهدوء لتجلس زوجته .. مع اليتيم .. ابن شقيقها المتوفى .
.
.
.
.
ابتسم تركي الذي كان يقف على مقربة لتصل إليه أصـــواتــهــم ، تنهد براحة و الماء الزلال يطفئ نيران قلقه : يا حبيبي يا برّو .
قطع المسافة التي تفصله عن الباب القريب و لسانه يهمس بالشكر لله ، لم يتوقع بتاتًا أن ينتهي الأمر بتلك السهولة !! .. خشي حقًا من أن تصر تساهير على اصطحابه معها .. و لكن .. حمدًا للرب .. سيبقى إلى جواره كما تمنى !! .
توقف للحظات و شرد ببصره في الأفق المتلألئ بالنجوم و الهدوء يغلف المكان ، .. مضى عامان كاملان .. كم هي الأيام مسرعة في سيرها !!! .. لا يزال يذكر حديثه الأخير مع عباس كأنه البارحة .. ذلك اللقاء الذي قطع آخر أمل له .. لن ينسى أبدًا مرارة الحزن و الفقد .. و لو مرت السنون .. سيبقى جرحًا غائرًا في أعماق قلبه إلى أن ينتهي عمره !! .. و يرحل .. ، إن فقد الأمل بلقائهم هنا .. فلن يفقده بلقائهم هناك .. لمعت عيناه فأشاح بهما إلى ساعته ، ابتسم بحنان و حث الخطى إلى الداخل .
.
.
.
.
30 : 11 مساءًا
علقت عبائتها جانبًا و أخذت ترتب شكلها أمام المرآة ، كانت كوردة نضرة تتألق سحرًا و جمالاً بذلك اللون الأحمر ، دققت النظر في لمسات مكياجها الناعم ، ثم ارتدت أقراطها الأنيقة ، أخرجت زجاجة العطر من حقيبتها الصغيرة و رشت من عبقه على قوامها الرشيق لتغدو كــ فتنة مجسدة تذهب العقول ، ابتسمت لنفسها ثم خفضت بصرها إلى حقيبتها لتعيد زجاجة العطر ، يقتلها الشوق إليهن .. و إلـــــيـــه !! رغم أنها تركته عصرًا .. زفرت و هي تضع حقيبتها جانبًا ، التفتت إلى المدخل المؤدي للمجلس الكبير و التقطت كمية من الأكجسين ثم زفرتها و حشرجة من دموع غريبة تداعب صدرها ، لم ترهن منذ يوم الزفاف .. أطرقت ببصرها أرضًا .. كثيرة هي تلك السعادة التي تعيشها الآن .. ربما هي ما تدفع الدموع إلى عينيها !! .. لقد مضى عامان كاملان .. ربما كانا كافيين لتجاوز الألـــــم القديم .. الــحـــزن و الــــوجـــع .. و بــقـايـا الـعذاب !! ، توهجت دموعها و هي تتحسس ذلك العقد الحبيب .. مهما حاول .. لن يخفي حزنه عنها ، حزنه المتجذر في أعمق أعماق قلبه .. حزنه على أم لا يعرفها و على أب يجهله ، قصته المريرة تخنقها أيضًا .. لن تنسى يومًا حروفه عندما صارحها بالقصة .. حروفه التي عذبتها قسوة الألم .
انتفض قلبها لصوتٍ داعب أحاسيسها : بقي نص ساعه و تصيرين سندريلا المعكوسه .. اللي تجي الساعه 12 !! .
ابتسمت ضاحكة و هي تلتفت إليه لـــتــصــيـبـه فـي مـقــتـل ، لمعت عيناه انبهارًا و هي تقول : عارفه إني تأخرت ، بس والله يا دوب تطمنت عليها و على البـيـبي و جيت جري !!.
اقترب منها و عيناها معلقتان به .. اتسعت ابتسامتها و هي تشبك كفيها .. كم أصبح وسيمًا بالـلحـية !! لقد أضفت عليه وقارًا دافئًا ، توقف أمامها و سحر جمالها يسلب لبه ، سألته بخفوت و هي تضع كفها الرقيق على صدره : كيفك بعد موضوع البراء ؟؟ .
ابتسم بخفة و هو يحتضن كفها في راحته ، همس بقوله : الحمد لله ، هم و انزاح عن قلبي .. كنت خايف إنها تصر و تآخذه و أنا مالي غنى عنه .
أومأت برأسها متفهمة .. تدرك مقدار حبه لذلك الطفل اليتيم الذي أحبته أيضًا ، أطرقت ببصرها في خجل و هو يطبع قبلة على كفها : و كيفها أم هيثم ؟؟؟!!.
عادت لتنظر إليه هامسة بفرحة صادقة : طيبه الحمد لله ، جابت بنوته زي القمر!! .
مرر كفه على وجنتها حيث غمازتها التي يعشق و همس بابتسامة هادئة : عقبالنا إن شاء الله .
ترقرقت الدموع في عينيها و السعادة تحط الرحال على قلبها بعد طول البؤس ولوعته ، زوى ما بين حاجبيه في قلق و هو يحتضن وجنتها بكفه : اشبك ؟؟!! .
هزت رأسها نفيًا و هي تشيح ببصرها خشية من انهمار دموعها : و لا شي .
عادت إلى المرآة و هي تحاول عبثًا أن تتغلب على ثورة دموعها : تأخرت ع البنـ
شعرت به يمسك بذراعيها فأغمضت عينيها و هو يجذبها إليه و يديرها لمواجهته ، همس و هو يضم كفيها : أحد مزعلك ؟؟!.
هزت رأسها نفيًا و هي تهرب من النظر إلى عينيه : لـ .. لا .
همس بقلق : أجل اشبك ؟؟ .
عضت على شفتها و دموعها تتدفق لشدة انفعالها فابتسم و هو يضمها إلى صدره ، كان ينتظر دموعها تلك منذ الزفاف قبل ثـــلاثـــة أشــهـر .. لقد شعر بشيء تخفيه في أعماقها .. قد تبقى رواســـــب الماضي لعهد قريب .. ثم ترحل !! .. مسح على ظهرها و هو يشعر بدموعها تبلل صدره و ذراعيها النحيلتين ملتفتين حوله ، طبع قبلة على رأسها و هو يمسح على ظهرها و يهمس برقة : ليه كابته هذا كله ؟؟.
شهقت و هي تدفن وجهها في صدره أكثر ، كل ما حولها يثير دموعها و لا تدرِي لِم !! .. ألأنه الحلم الذي انتظرته طويلاً ؟؟.. سعادة لطالما تمنتها !! .. أن تمضي بقية عمرها إلى جواره دون منغصات ، لقد خشيت العودة بداية و أنهكها التردد .. لا لشيء .. سوى أنها قد تعجز عن مساعدته لتجاوز ألمه فتزيده همًا ، و الآن .. هو من يتناسى كل ما مضى كأنه لم يكن .. يعاونها دون أن يدري على قتل الذكريات التي ترهقها .. رغم ألمه لا زال قلبه عامرًا بالأمل !!، تجاوزت غصتها العميقة و همست باكية : أنـا.. أنـ
اختنقت الكلمات في صدرها .. لا قدرة لديها على نظم الأحرف .. هي نفسها عاجزة عن تفسير ما يخالج مشاعرها ، ابتسم بتفهم و هو يضمها مهدئًا ، ويهمس : عارف .. فاهمك يا قلبي .
مست الكلمات شغاف قلبها فازداد فيض دموعها وشهقة باكية تند من بين شفتيها : تـ
: الدكتوره فدوى و عاذرينها ع التأخير ، بس هيا الفالحه .. أوريها!! .. الظاهر تبغى زفه من نوع ثاني!! .
ساد الصمت للحظات بعد حديث مرام الذي تردد صداه من البعيد ، حاولت عبثًا أن توقف بكاءها و هي تبتعد عنه خطوة هامسة : دحين من جد راح أسير سندريلا المعكوسه !! .
ابتسم بخفة و هو يمسح دموعها بأصابعه هامسًا : لا تخافين .. ما تخرب شي .. قمر زي ما انتي .
همست بضحكة مخنوقة : و الدليل إن الــمـكـيـاج طبع على ثوبك !! .
ضحك و هو يحيط وسطها بذراعيه .. كم يـــحــبــهـــا !! .. المجنون !! .. كيف انفصل عنها يومًا ؟؟!! ، دنا منها ليضع جبينه على جبينها ، و همس لها بفيض حبه : أحبك يا رهـف .
ابتسمت برقة و دموعها تتلألأ على رمشيها ، وضعت يديها خلف عنقه هامسة : أحبك يا تـركي .
.
.
.
.
.
.
.
"
■ ■ ■ ■
1423 هـ
رفع حاجبيه قائلاً : فاجأتني الصراحه !! .
تراجع الوليد في مقعده قائلاً : طول عمري أفاجأك .
لوح الجالس على المقعد المقابل للمكتب بيده قائلاً : بس هذي المره غير !! .
هز الوليد كتفيه و لم يعقب فيما طرح الجالس سؤاله بحذر : و راح تعلمه ؟؟!! .
رفع الوليد بصره إليه للحظات ، ثم قال باختصار : يمكن .. إلين دحين ما فكرت في الموضوع .
أخرج الرجل هاتفه المحمول و نظر إلى شاشته و هو يقول : على العموم أهم شي إنك ربيته على مزاجك و دحين مستحيل يخرج من تحت جناحك .
وضع هاتفه على المكتب و الوليد يبتسم قائلاً : دايمًا فنان فـ تفصيل الأمور .
ضحك و هو ينهض واقفًا : طبعًا !! .. خابزك و عاجنك يا سلطان .
و سار نحو الباب هاتفًا : توصي شي ؟؟!! .
هتف سلطان بقوله : سلامتك .
لوح له الرجل بيده و خرج مغلقًا الباب خلفه ، تعلقت عينا الوليد بالباب لدقائق كأنه منشغل بأمر ما ، سويعات فقط أدخل بعدها يده في جيبه و أخرج سلسلة عريضة من المفاتيح ، أمسك بمفتاح أسود اللون و دسه في ثقب جانبي في المكتب ، فتح الدرج العريض ليظهر له ذلك الملف ، أمسك به و أخرجه من مخبأه .. فتحه لتقابله تلك الصفحة القديمة التي سرقها ذات يوم و تطلع إلى البيانات التي كُتبت عليها ، ابتسم بخفة و هو ينتزعها من مكانها و يقول : الصدمه بتذبحك لو دريت إن أبوك
و تحركت شفتاه بذلك الاسم الذي يعرفه حق المعرفة ، تراجع في مقعده و هو يمسك بتلك الولاعة ، حرك إصبعه لتشتعل نيرانها .. قربها من طرف الورقة التي مضى عليها ما يزيد عن العشرين عامًا ركز بصره على ذلك الاسم في وسطها و النيران تنتشر في أطرافها بشراسة ، تابعها ببصره حتى احترقت و تناثر رمادها ثم تنفس الصعداء و هو يقول : ودحين انتهى كل أثر .
أعاد كل شيء إلى مكانه ثم انشغل بعمله و إذ بالباب يطرق ، رفع بصره إليه هاتفًا : تفضل .
دلف ذلك الرجل إلى الحجرة مبتسمًا و هو يقول : طيب قلي إني نسيت جوالي !!!!.
نقل الوليد بصره إلى الهاتف المحمول القابع على سطح المكتب : والله أعرف إن ذاكرتك قويه !!.
ضحك الرجل و هو يتقدم للداخل قائلاً : هذاك أيام العشرينات .. مو دحين و أنا على نهاية الأربعينات.
و أخذ هاتفه ليضعه في جيبه على الفور و هو يوجه حديثه للوليد : لا تنسى الموعد الشهر الجاي .. صفقه ما وراها مليون صفقه .
ابتسم الوليد و هو يعود إلى عمله : لا توصي حريص .
غادر الرجل المكتب مجددًا : مع السلامه .
.
.
.
جلس أمام مقعد القيادة في هدوء ، تلفت حوله ببطء حيث مواقف السيارات الخالية ، ثم أخرج هاتفه المحمول و ضغط على ذلك المفتاح ، لم تمض دقيقة على إغلاقه للباب حتى تردد ذلك الصوت الخفيف
" الصدمه بتذبحك لو دريت إن أبوك () "
ابتسم بخبث شديد و هو يرهف سمعه لما تبقى
" ودحين انتهى كل أثر "
ضحك في سخرية مقيتة و هو يعيد هاتفه إلى جيبه و يغمم : ما قلتلك إني خابزك و عاجنك يا سلطان ؟؟!!.
و حرك سيارته و ابتسامة خبث كبيرة تكبر في داخله ...
و تكبر..
و تكبر....
■ ■ ■ ■
.
.
.
النــــــــــــــــهـــــايــــــــــــــــــة
/ لا أحلل نقل الرواية بدون ذكر اسمي /
>>
|