كاتب الموضوع :
نوف بنت نايف
المنتدى :
القصص المكتمله
تنبيه : لا أحلل لمن يقوم بنقل الرواية أو جزء منها بدون ذكر (اسمي و هذا التنبيه).
.
المملكة العربية السعودية
جده
1409 هـ
الأحـــــــــــــد
15 : 2 صباحاً
***
سماء سوداء ملبدة بالغيوم ..
رياح باردة تتغلغل في الطرقات ..
.. شوارع خالية ..
.. سكون مخيف ..
.
.
.
جلست على كرسيها الصغير
واضعةً كفيها على رأسها
الدموع تنساب من عينيها بغزارة
و الحرقة تسري في قلبها وجوفها
و ألم يعتصر قلبها بلا رحمة ..
.
الهدوء و الظلمة
كانا يحيطان بها من كل جانب ..
و مع نحيبها المرتفع
تكون مشهد مخيف ..
.
.
.
مررت كفيها ببطء على وجهها
لتمسح تلك الدموع ..
جعلت كفيها يكملان المسير
ليستقرا على سطح المكتب ..
و ظهرت ملامحها ..
.
عينان حمراوان
و شعر أسود مشعث ..
كحل أسود
أذابته الدموع
فعكّر صفاء الوجه الفاتن ..
.
أراحت رأسها بلا وعي على سطح المكتب
و اعتصرت بأناملها ذلك المظروف الأبيض ..
ثم صاحت بألم : لااااااااااااااااااااااا , ما أصدق , لااااااااااااااااااا ..
و لم يكد لصدى صوتها أن ينتهي
حتى ُفتح باب الجناح ..
انتفضت برعب
و هبت من مكانها فزعة ..
تراجعت للخلف ببطء ..
التصقت بالجدار
و عيناها معلقتان بمدخل الباب
تترقبان دخول القادم ..
.
.
.
دلف إلى الحجرة بهدوء ..
مد يده وأشعل الضوء ..
ثم رفع حاجبيه بصدمة .. قبل أن يتردد صوته هاتفًا :
: ريم !!!!!!!!!!!!!!!!! .. خير ؟؟ .. واشبك ..؟؟ ..
اقترب منها بقلق
عيناه تحملان تساؤلات عديدة
و عندما حاول أن يمد يده إليها..
.
.
صرخت برعب : لااااااااااااااااا .. لا تقرب مني .. لااااااااااااااااااااا ..
هربت من أمامه بسرعة ..
لكن
يده كانت أسبق ..
قبض على ساعدها
و جذبها إليه ..
حاولت أن تتخلص من قبضته ..
لكنها ..لم تقدر ..
صرخت في جنون : هدني , لااااااااااا , لا تــــلــــمـــســـنــييييييييي ..
ارتسمت الصدمة على محيّاه فأمسك كتفيها بقوه و نظر إلى عينيها و هو يهتف بحيرة قلقة : ريم حبيبتي , علميني واش فيك ؟؟ .
صرخت بألم و هي تحاول أن تتحرر منه : أقلك خلني .. رجعني الرياض الحين .. الحين ترجعني الرياض..
ما لك حق تلمسني .. خلني بروحييييييييي..
حدّق فيها بدهشة : انتي واش جالسه تقولين ؟؟ ريم , أنا زوجك سلطان ..
عضت على شفتها بألم و هزت رأسها بانهيار .. لا .. لا ..
.
هو ..
ظن بأن هناك شيئاً مسّها , تركها منذ ساعة لعمل ما و كانت بصحة جيدة ..
إذاً ..
ما الذي أصابها الآن !! لماذا هذا التحول ؟؟ و هكذا فجأة !!! ..
.
أجلسها بحنو على السرير هامسًا: اجلسي , خليني أقرا عليك ..
هبت من مكانها و صرخت : لااااا , أنا ما فيني شي , ما فيني شي ..
اشتعل غضبه فصاح : رييييم ..
تراجعت للخلف و هي تنظر إليه ثم توقفت ..
ابتلعت ريقها و ضمت كفيها إلى صدرها و هي تشهق بألم هامسةً: سلطان .. أنـ .. أنـ .. أنا .. أنا ..أنـ
قاطعها بلهفة : انتي ايش ؟؟ تعبانه ؟؟ حامل ؟؟ ايش بالضبط !!..
هزت رأسها بانهيار هامسة بذات التردد : لا .. أنـ .. أنا .. أنا ..
أخـ ..
أخـ ..
أختك ..
.
أنهت كلمتها وهي تجثو على ركبتيها , قبل أن تضع وجهها بين كفيها و تنخرط في بكاء مرير ..
نظر إليها بصدمة هاتفًا: ريم !! ريم انتي واش جالسه تقولين !!!؟؟ ..
صرخت وهي تهز رأسها : آآآآآآه , أنا أختك يا سلطان , أنا أختك من الــــــرضـــــــــــاعــه ..
انتفض غضباً وصرخ: واش هالكلام الفاضي اللي تقولينه ؟؟ ..
رفعت رأسها إليه و الدموع تسيل هاتفةً برجاء: و الله العظيم , و الله العظيم ..
نزل إليها و قبض على يدها بقسوة ..
صرخ في وجهها : انــــــــــــتـــي انــهبــلـــتي , من وين جايبه هالكلام الفاضي ؟؟
أقلك أنا سلطان زوجك , تقوليلي أخوي بالرضاعه !!!! ..
خنقتها عبرتها
لم تستطع أن تنطق بكلمة
دموعها تحدثت عنها ..
و لكنّ سلطان
لم يفهم شيئا من حديثها ..
.
رفعت يدها الحرة و أشارت إلى المكتب ..
التفت إلى المكان الذي أشارت إليه و التقطت عيناه المظروف الأبيض ..
ترك يدها بجفاء ثم نهض من مكانه بصمت و توجه ببطء إلى المكتب ..
تناول المظروف بيده ..
فتحه ..
جذب بأصابعه الأوراق المختبئة فيه ..
و تلك العينان الباكيتان تتبعانه في خوف ..
و ما هي إلا لحظات ..
حتى
سقطت الأوراق من يده في صدمة , التفت إليها في حدة و الشرر يتطاير من عينيه ..
.
هي ..
ابتلعت ريقها بصعوبة و قلبها ينتفض بين ضلوعها ..
تحرك نحوها بهدوء مخيف ..
هتفت بتوتر شديد : أنا ما أدري عن شي , واحد دخّله من تحت باب الفيلا بعد ما طلعت , ما أدري مين , ما أدري ..
لم يعر بالاً لحديثها بل واصل سيره نحوها بنفس الثبات المهيب ..
أحست بالخطر يقترب فنهضت من مكانها بسرعة و ركضت ..
و لكن ..
: آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآه
تعالت صرختها عندما شعرت بخصلات شعرها تتمزق بين أصابعه..
جرّها مع شعرها بكل قوته ثم صرخ في غضب و هو يهزها : يالـــــــحـــــــــــــــــــــقـــيــييره ..
صرخت بدورها و هي تحاول أن تحرر شعرها من قبضته القوية :
و الله ما أدري عن شي , هــدنيييييييييي ..
زمجر بغضب كاسر و هو يهوي على وجهها بصفعة قاسية ..
شهقت في ألم قبل أن يدفعها بكل قوته نحو الحائط ..
اصطدم رأسها بعنف ..
و سقط جسدها النحيل على البلاط البارد ..
.
.
.
. .
. . .
.
.
.
.
فتحت عينيها ببطء , الصورة ليست واضحة أمامها , عادت و أغمضتهما و هي تتأوه في ألم واضعةً كفها على رأسها محاولة أن تخفف قليلاً من الصداع الذي ينخر رأسها ..
..
.
فجأة !!!!!..
سمعت صوتاً من فوقها ..
رفعت بصرها بحدة إلى الأعلى ثم جحظت عيناها رعباً وهي تصرخ في ارتياع :
: لاااااااااااااا , سلطااااان , لااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااا
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
~ æ~¤~♥ عـــــــــبـــــراتـــ الـــحــــنــــــيـــــنـ ♥~¤~ æ~
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
**و مضت عشرون عاما ً **
**
@@@@@@@@@
الفصل الأول
~~~~~~~~~
~ الـــطـــعــنــة ~
**********************
قد يُنعم الله بالبلوى و إن عظُمت و يبتلي الله بعض القوم بالنعمِ
*************************
المملكة العربية السعودية
جدة
1429 هـ
السبت
5 0 : 10 صباحًا
# مــــــــــــقــبـرة الـــفـــيـصــلـيـة #
...... من تحت الغيوم الكثيفة .......
هبت ريح باردة ..
خدش زئيرها سكون المقبرة ..
و أضفى على جنباتها المزيد من الوحشة ..
.
تطايرت ذرات الرمال من حوله ..
و هو يقف ساكنًا أمام ذلك القبر ..
قد علق بصره بسطحه الرملي ..
و مضى يستعيد ذكريات أعوامِ مضت ..
.
اشتدت الريح أكثر ..
فاقتحمت ذرات من الرمال عينيه الساحرتين ..
أغمضهما فورًا وهو يشيح بوجهه إلى الجهة الأخرى ..
.
~ ترررن .. تررررن .. تررررن ~
أدخل يده في جيب ثوبه ..
ثم أخرج هاتفه المحمول ..
: ألو ..
......: أستاذ تركي .. اتصل علينا مكتب الأستاذ حسن ناصر و بلغونا بتقديم الموعد للساعه
30 : 10 الصباح ..
رفع تركي رأسه إلى الأعلى ينظر إلى الغراب الذي ينعق على السور : و السبب ؟؟ ..
.......: اجتماع مستعجل ..
نظر تركي إلى ساعته الفاخرة ..
ثم قال : تم ..
أغلق هاتفه ..
و ..
عاد إلى تأمل القبر ..
.
و بعد لحظات طويلة ..
أيقظه شعاع الشمس الذي تسلل إلى وجهه من بين الغيوم ..
أيقظه .. من ظلمة أفكاره ..
.
همس بحزم : اليوم يا لغالي راح أبدأ أول خطوه و أخذ حقك , بالغصب,
وعدتك ولا واحد منهم بيرتاح و راح أوفّي بكلمتي ..
وضع نظارته الشمسية على عينيه ..
و سار من بين القبور ..
حتى تجاوز سور المقبرة ..
انعطف لليمين و
............. : تركي ؟؟!!!
قطب تركي حاجبيه و التفت إلى الخلف ..
ابتسم الرجل الذي يقف أمامه قائلا بتساؤل: تركي بن الوليد ؟؟!! ..
دقق تركي النظر في الرجل بلحيته البيضاء التي تصل إلى صدره و ملامحه الوقورة .. ثم قال : عبد الله صلاح ؟؟ ..
أومأ الرجل برأسه في إقرار ..
و صافح تركي بحرارة : حيا الله تركي .. اش هذي المصادفه اللي خلتني أشوفك ؟؟..
لاح شبح ابتسامة على شفتي تركي : هِيّا نفسها اللي عرفتني عليك يا ابو مشعل ..
تمتم أبو مشعل : الله يرحمه و يغفر له ..
أمنّ تركي بصوت منخفض ..
ربت أبو مشعل على كتفه وقال بمرح : يللا ما أعطلك .. توكل على الله ..
بس بما إني شفتك مره ثانيه .. صدقني .. ما راح أفكك ..
قال تركي في احترام : البيت بيتك في كل وقت يالطيب ..
اتسعت ابتسامة أبو مشعل : تسلم يالشيخ .. في حفظ الله ..
و تركه .. متوجهًا إلى داخل المقبره ..
تحرك تركي إلى سيارته السوداء ..
استقلها .. و ..
توجه إلى لقائه المنتظر ..
@@@@@@@
جده
مكتب الأستاذ حسن ناصر
30 : 12 ظهرًا
~ رائد ~
وقف بصمت ..
قلبه ينزف ألماً و قهراً ..
حاول أن يلتقط شيئاً من الهواء ..
علّه يطفئ النار المشتعلة في صدره ..
و لكن ..
انتصر عليه شعور الاختناق ..
قطرات العرق بدت واضحة على جبينه الواسع ..
قبض على كفه بألم ..
و بصعوبة ..
نطق : و يعني ؟؟؟ ..
.
~ حسن ~
رمقه بنظرات صارمة قاسية
: يعني تنفذ اللي قلت لك عليه و بدون أي نقاش ..
رفع رائد بصره ..
كان يشعر بأن الدموع ستفر من محجريهما ..
و هتف برجاء شديد : بس .. بس يا أبويه رهـ
هب والده واقفاً على قدميه وقاطعه بغضب شديد : أقول بلا كلام زايد .. سوي اللي قلت لك عليه و بدون أي نقاش ... راح أفسخ هذي الخطوبه .. و لا همني * جاسم * و لا أخوه .. فهمت ..
أطرق رائد برأسه في صمت ..
أتم حسن حديثه : تنقلع معاها بكره عشان تسوي التحاليل.. أنا كلمت عايد يطلعها خلال يومين ..
تمتم رائد : خير إن شاء الله ..
استدار ببطء عائداً إلى الباب ..
و ضع يده على المقبض البارد ..
أدراه بهدوء ..
و خرج ..
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
|