منزل عبد الله صلاح
00 : 12 صباحًا
ابتل وجهه المدفون وسط كفيه من فرط الدموع ، في صدره تتفجر آلام موجعة ، أحرقت قلبه تلك الصدمة التي رآها على وجهه ، أشعلت في حناياه شفقة عظيمة و قهرًا أشد .. الوليد .. يكذب تلك الكذبة الشنيعة و يلقي بذلك المسكين بين براثنها بطول يده .. ليس هذا ما يثير جنونه فحسب .. بل خبر شريط آخر يخفيه عباس .. مالذي يمكن أن يحمله يا ترى .. قبضة شديدة تعتصر قلبه عندما يتذكر تلك الحلقة المفرغة في عقله و التي عجز عن تفسيرها حتى اللحظة رغم أنه قد مر عليها زمن بعيد .. نعم !! .. قدر الله الذي جعله يدخل بالخطأ إلى تلك الشقة ليستمع إلى الحديث الذي دار بينه و بين عباس .. كان ذلك بعد ولادة تركي مباشرة .. حديث غريب أثار في نفسه تساؤلات كثيرة
■ ■ ■ ■
1401 هـ
تصلبت قدماه قرب مدخل الباب و حديث الاثنان يثير دهشته العميقة ، هتف عباس بنبرات متعاطفة : و اللي راح تسويه ؟؟.
تناهت إلى مسامعه زفرة سلطان الحارة و هو يغمم : لازم أسافر قريب و أدور على علاج بأي طريقه .
ساد الصمت بينهما للحظة و عبد الله يقطب جبينه في حيرة ، و عباس يغمم : سلطان.. لا تشيل هم دحين .. أخذت الولد و لا من شاف و لا من دري و
قاطعه سلطان بصوت مرتفع : خير .. خير .. المهم إني أرتب موضوع السفر بأسرع وقت .
انتفض عبد الله عندما شعر بخطواته تقترب .. فحث الخطى على أطراف أصابعه نحو الباب الخارجي و قلبه يخفق و آلاف من علامات الاستفهام تومض في عقله .
■ ■ ■ ■
اشتدت أعصاب وجهه و هو يستعيد تلك الكلمات الغريبة التي جاهد نفسه لتناسيها حتى لا تشوش على علاقته بسلطان ، تفجرت خفقات قلبه بعنف شديد و نبضت العروق في قدميه و فكرة مدمرة تكبر في رأسه ، هز رأسه بجنون و هو يحتضنه بين كفيه و يهمس : لا .. لا يا عبد الله لا .. مستحيل .. مستحيل يكون اللي تفكر فيه صح .. بـ
انقطعت أحرفه و ريقه يجف ، و عيناه تتسعان ببطء ، نعم .. إن ما يفكر به واردٌ جدًا .. إنه التفسير الأقرب لتلك الكلمات .. اعتدل في جلسته و نظر إلى ساعته التي تحيط بمعصمه المرتعد ، نهض من مكانه ببطء و همس بأنفاسه المخطوفة : ما في إلا حل واحد .
: أبويـــــــــــــــه .. أبويـــــــــــــــــــــــــه !!!!!!!!!!!.
رفع بصره إلى الباب و ابنه ذا الأربعة عشر ربيعًا يهتف : فيه رجال يبغونك عند الباب .
زوى ما بين حاجبيه و هتف بقلق : رجال ..؟؟!!!.
.
.
.
نقل أبو مشعل بصره بين أحمد و تركي الذي كان يتطلع إليه بترقب شديد و بصيص من أمل موجع يشع من حدقتيه ، تنحنح قليلاً و نبض من حيرة قاتلة يدوي في فؤاده ، لو كان ما يفكر فيه صحيحًا فهذا يعني أنه سيقتل تركي بكشفه للخبر ، لتلك الشكوك التي تحيط بالقصة ، وجّه حديثه الخاوي إلى تركي : كنت متوقع إنك بتطلبني بعدها ، لكن ... اللي أبغاك تعرفه و ربي الشاهد .. إني ما طالعت فـ الشريط و لا أعرف اش اللي فيه إلا من كلام سلطان .
التفت أحمد إلى تركي الذي تجاهل تلك العبارة و طرح سؤاله بحذر :أسألك بالله يا أبو مشعل ، تعرف شي عن الشريط اللي عند عباس ؟؟ .
رفع أبو مشعل حاجبيه و هتف بانفعال : ورب البيت يا تركي إني ما أعرف عنه شي ، أصلاً ما دريت إن فـ يده شريط إلا لما علمتوني .
تراجع تركي في مقعده و هو يشعر بروحه تحترق .. ذلك الـقاتل !!!.. كيف رتب الأمور بهذه الصورة .. لماذا وضع الشريطين في مكانين منفصلين ، لا شك لأنه يعلم بشخصية كل منهما .. فقد أراده أن يتم انتقامه قبل أن يعرض عليه خبر الاختطاف .. لذلك كلف عباس الخبيث بتلك المهمة عوضًا عن الطيب الآخر ، هتف تركي بعصبية مفاجئة : و لــــــيــــش مـــــــــا تــــــزوج عــــلـــى الــــريــــم و هـــــيا عــنــدها مشـــاكــل فـ الــحــمـل ؟؟!!!!.
حدقا فيه بدهشة من فرط تلك العصبية ، هز أبو مشعل رأسه باستنكار و هتف بصوت مخنوق : كيف ؟؟!.
صاح تركي بعصبية أشد : مــــــــــو كــــــــــــان يـــــــــــكـــرهـــــــــــــهـــا ؟؟!! لـــــــــــيــــــــــش مـــــا تـــــزوج عــلـــيــهــا عــشــان يــجــيــب الــعــيــال بــــدل مــ
بتر عبارته عندما قبض أحمد على كفه و ضغط عليها .. ليصمت .. ليس بالضرورة أن يعرف الجميع بالخبر .. يكفي من عرف و انتهى .. ثم إن الصدق واضح في عيني الرجل ، ارتجفت شفتا أبو مشعل و هتف بصدمة : و مين اللي قالك إنه عندها مشاكل فـ الحمل ؟؟!.
ضرب تركي الطاولة بعصبية اهتز لها فنجانا القهوة : هوا اللي قال .
امتقع وجه أبو مشعل و وضع أصابعه على شفتيه و بصره حائر ، ذاهل في وجه تركي المحتقن ، أغمض أبو مشعل عينيه و جسده يبدأ رحلة الانتفاضة التي رافقت قلبه المحترق : أبوك اللي كان صعب عليه يجيب أطفال .
تصلب جسد تركي بلا حراك ، هب أحمد من مكانه و أخذ يصفع وجنته وقلبه ينتفض بين أضلعه خوفًا من انهيار آخر : تركي .. تركي لا تنّح كذا .. خليك معايا .. خلاص .. خلاص .. انتا عرفت المهم و كل هذا ما بيغير شي فـ القصه .. تركي طالع فيني دحين .
رفع تركي بصره المصدوم إلى أحمد الذي زفر في حرارة و هو يشد على كتفه هامسًا بحزم : تذكر انك عرفت كل القصه و سلطان هذا و زوجته ما يعنولك شي دحين .. واضح ؟؟!!.
أطرق عبد الله برأسه و أنفاسه تضيق .. كل تلك أكاذيب ... أكاذيب يا سلطان ؟؟!!! ، ازدادت سرعة أنفاس تركي و أحمد يبتعد عنه قليلاً ليستمع إلى بقية حديث أبو مشعل : بعد فتره من زواجهم اكتشف هالشي .. و طعنه فـ الصميم، و الحقيقه إنه ما قلي .. بس سمعته مره بالصدفه و هو يكلم عباس فـ شقته و .. اضطر .. اضطر .. اضطر إنه يآخذ علاجات قوية .. و رزقه الله بعدها .
زاد أحمد من ضغطه على كتف تركي و الأمور تتضح له الآن بصورة أكبر ، اختطاف تركي من تلك الحضانة رد فعل طبيعي له و هو يدرك حقيقة عجزه ، إضافةّ إلى الحلم بالإنجاب مع الأمل الضعيف .. المهم أن لا يُظهر لمن حوله أنه عاجز ... هذا ما استنتجه حتى الآن عن شخصية سلطان الغريبة .. ردة فعل لا تختلف عن تلك التي جعلته يوصي تركي بالانتقام من الثلاثة .. فهو حنق على استغفالهم له و اللعب بعرضه مما شرخ شيئًا في جبروته و شخصيته النرجسية ، تركي قال له بأنه كرر اسم حسن .. لذلك لا شك في أنه هو الذي ظهر معها في الصور .. بغض النظر عن كون مراد هو شقيقها و المعد للخطة .. و لكن الآخر مس عرضه و شرفه .
ازدرد تركي لعابه ثم همس بصوت متحشرج : فيه شي ثاني تعرفه عن ماضيه و يهمني ؟؟!.
هز كتفيه و وجهه يستعيد لونه الطبيعي شيئًا فشيئًا : بس العمليه اللي سواها فـ أمريكا قبل زواجه الثاني .
هتف تركي بصدمة منفعلة : إيوه ، لما جلست عندك .
غمم أبو مشعل : هذيك العمليه كانت العلاج الحديث للمشكله اللي يعاني منها و اللي ما كان موجود من قبل ، و بعدها مباشره تزوج أم جوري .
تراجع تركي في مقعده بصدمة الدنيا أمام هذا الكم من الحقائق، دنا أحمد على أذنه هامسًا : الحمد لله ، الحمد لله .. خلاص .. انتهى سلطان .. سلطان انتهى وراح و ربي حسيبه ، ربي الرحيم كشف لك كذبه و خلاك تعرف الحقيقه كلها .. معاد فيه شي مهم دحين إلا موضوع أهلك إللي ممكن نلاقيه عند عباس و بس .
وتراجع إلى الخلف و أنفاس تركي تعود إلى وضعها الطبيعي ، رغم عينيه اللتين لم تفرغا من جحوظ خفيف .. غمم أبو مشعل بخفوت : هذا كل اللي أتذكره .
ثم أردف بنظراته الأبوية الحانية : يمكن تلاقي الإجابات اللي تبغاها عند عباس يا ولدي ، أنا علمتك بكل اللي أعرفه .. لكن .. زي ما قلتلك عباس كان أقرب للوليد مني و يمكن تلاقي عنده الإجابات اللي تبغاها.
نهض تركي من مقعده و كلاهما يتطلع إليه بقلق ، حث الخطى للخارج دون أدنى حرف فلحقه أحمد على الفور و اكتفى أبو مشعل بوضع وجهه بين كفيه .. كم من الصعب أن تكون هذه نهاية الحديث عن سلطان .. صديقه المقرب ، شهق بخفوت هاتفًا بحرقة : ليه يا سلطان .. ليه .. ليه ؟؟!! .
.
.
.
في السيارة التي يقودها تركي و الجمود يغلف محياه ، تطلع إليه أحمد بقلق مغممًا : تركي ، كلف غيرك يقوم بالمهمه .
أجابه باقتضاب و هو يزيد من سرعته : ما راح يغمض لي جفن إلين أطلع الكلام من حلقه و بالغصب .
قبض أحمد على أصابعه و التوتر يعصف بكيانه .. محال أن يتركه وحيدًا في هذه اللحظات العصيبة .. رغم أنه في داخله يخشى من شيء ما .. ليس بالضرورة أن يعرف سلطان العائلة التي اختطف منها الصبي .. بل المهم أنه قد حصل على ما يريد .. و لن يهمه ما يريد تركي .. فقد أصبح من أملاكه و تحت يده ، تابع الطريق ببصره و هو يتساءل ..... عن نهاية اللقاء القريب .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
جده
منزل منى
في نفس اللحظات
هتفت بصوت متهدج و هي ترفع رأس شقيقتها : رهف يا قلبي .. الله يسعدك .. لازم تشربين الدوا .
زمت شفتيها بألم و هي تهز رأسها رفضًا و دموعها تغرق وجهها ، همست بأسى و هي عاجزة عن فتح عينيها : معايا غثيـ ... غثيان .. خليني .. مـ .. ما أبغى أشرب شي .. ر .. راح أرجّع .
زفرت منى بضيق و هي تعيد رأسها إلى الوسادة و تهتف بعصبية من خوفها على شقيقتها : كذا راح تسوء حالتك .. منتي راضيه تآخذين أدويتك و لا تحطين فـ فمك لقمه .
شهق ابنها ذا العشر الذي يقف خلفها فالتفتت إليه بحدة هاتفة : اشبــــــــــــك .
أجابها بحاجبيه المرفوعين و يده على ساق رهف : جسمها مــــــــــــــــــولّـــعععععع.
صرخت عليه بعصبية : طيب انقـــــــــــــــــــلـــــــــــــــــع براااااااااااااا .
انتفض ابنها ثم انطلق ركضًا إلى الخارج ، عضت على شفتها بحنق و هي تعود ببصرها إلى شقيقتها التي تأن بخفوت : يا ربي اش أسوي فيها .. أخاف تموت بين يديني و هيا على هذي الحاله .
زوت ما بين حاجبيها و هي تنظر إلى ذلك الشيء الذي تقبض عليه فوق قلبها ، مدت كفها ببطء و وضعته على كف شقيقتها الدافئ ، شعرت برجفة تسري في جسدها رهف و صوتها الرقيق المبحوح يتمتم : سيبيه .. لا تمسكينه .
لم تفهم منى شيئًا من حديثها و هي تدنو منها أكثر و تدقق النظر في تلك القطعة تحت قميصها ، همست بحيرة: اش هذا ؟؟ .
تطلعت إلى رهف مجددًا و صفير غريب أصبح يلازم أنفاسها ، اعتدلت في جلستها و هي تمسك بقطعة من المنديل لتسمح به أنف شقيقتها ثم أخرى لتجفف تلك الدموع ، زفرت في حرارة و هي تهز رأسها في أسى : لازم تتنومين فـ المستشفى إلين حالتك تخف .. إنتي منتي راضيه تساعديني .
و نهضت من فوق الكرسي و عيناها تتسعان في صدمة و رهف تأن بذلك الاسم و رأسها يتقلب بعصبية على الوسادة : تركي .. تـ .. تركيييي .
قبضت منى على أصابعها بحنق حتى اصفرت و هي تهتف من بين أسنانها : حسبي الله عليه اللي ضيعك .. حسبي الله عليه .
و اندفعت خارج الحجرة لتجري اتصالها مع مازن و بودها فقط .. لو تقتل ذلك التركي .
حاولت رهف أن تفتح عينيها بضعف .. يا إلهي !!! .. لا زالا يقفان هناك و ينظران إليها من البعيد ..!! .. لماذا تقول أمي و لا تستجيب تلك المرأة الصامتة .. بل لماذا تهتف باسم ذلك الشاب و لا يظهر على وجهه سوى الخواء ؟؟!! ، أعتمت الغشاوة عينيها فمدت يدها ببطء إليهما .. وهمست باكية : لا تروحون .. تعالوا كلموني .. خـ .. خـ.. خليكم عندي أنـ
تهاوت يدها بضعف و الدوار يعصف برأسها .. و من خلف الباب يطل ابن شقيقتها برأسه و هو يحدق فيها بحيرة خائفة و يهمس لشقيقه الذي يقف إلى جواره : صارت مجنونه !!!
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
جده
أمام فيلا عباس رأفت
45 : 12 صباحًا
نزل من سيارته و هو يندفع بعصبية نحو باب الفيلا ، نزل أحمد مع الباب الآخر و تركي يصيح على الحارس الذي وقف فور رؤيته : عبــــــــــــاس ويــــــــــــــنه ؟؟!!!!!!.
أجابه الحارس بحنق من هذا الأسلوب : ما في موجود .
و كأنما كان ينتظر تركي ذلك الرد ليندفع كالسهم إلى الباب و يضرب عليه بعصبية مدمرة : اطلــــــــــــــــــع يا عــــــــــــباااااااااااااااس ... اطـــــــــــــــــلع دحـــــــــــــــين و و ريني و جهـــــــــــــــــــــك يا لكـــــــــــــــــلـ *.
لم يرق الأمر للحارس الذي صاح على تركي و هو يقترب منه : أنـــــــــــا فـــــــــــي قـــــــــــول مــــــــــــــــا فــــــــــــــــــــي مـــــــــــــــــــــــــوجـــــــــــود .
شهق في صدمة من لطمه تركي القاسية التي أردته أرضًا و هو يصيح : الجــــــــبــــاااااان والله لأطـــــــــــــــلـــعــه لــــو مــن تــحــت الأرض .
و عاد ليفجر غضبه على الباب المعدني : اطــــــــــلع من مخباك يالخسيس المنـــــــــــــحط .. اطلــــــــع .
نهض الحارس من مكانه إلى حجرته القريبة و هو يضع يده على جانب وجهه الذي أوشكت أن تحطمه لطمة تركي ، لاحظ أحمد الأمر فركض إلى رفيقه و من خلفه عدد من أبناء الحي يصلون إلى المكان و الاستنكار بادٍ على وجوههم ، أمسكه أحمد مع كتفيه هاتفًا : تركي خلاص .. الناس تجمعوا و الرجال قلك مو فيه .
حاول تركي أن يدفعه بحنق و هو يصيح بوجهه المحتقن : و ربي لأطلع الكلام منه بالـــــــــــــغصب .
شهق الناس من خلفهم فالتفت كلاهما إلى الفور إلى الحارس الذي قدم نحوهما و في يده قطعة حديدية طويلة ، صاح عليهما بغيظ : أنــــــا قــــــول هـــــوا مــــا فــــييييييي .. يلاااا رووووووووووووه .
و لوح بالقطعة قاصدًا إخافتهما ، انطلقت صيحة تركي و هو يهم بالانقضاض عليه لولا أن كبله أحمد جيدًا و هو يهمس في أذنه بحنق : تركي امسك أعصابك عشان لا تصيبك عاهه و تحلم بعدها تكلم عباس .
صك تركي على أسنانه بقهر و أنفاسه تتلاحق و الحارس يحدجه بنظرات حاقدة ، همس أحمد في أذنه مجددًا و أعداد الناس في ازدياد : لا تخلي الناس كلها تعرف و لا تحمل جهازك العصبي فوق طاقته عشان لا تطيح و معاد ترجع تقوم .
استسلم ليد أحمد التي تقوده نحو السيارة و دماؤه تفور في عروقه ، استقلاها في صمت و أحمد يجلس أمام مقعد القيادة و ينطلق على عجل و هو يغمم و عيناه على الطريق : انتا دوبك طالع من انهيار حاد لا تحرق أعصابك أكثر ، كلم اللي وظفتهم أول عشان يدورون على جوري و بإذن الله يطلّعون مكانه و وقتها تفاهم معاه براحتك .
أشاح تركي بوجهه إلى النافذة و هو يحاول السيطرة على أعصابه النافرة و تجاوز نبضات الألم التي تنتشر في صدره و أحمد يردف : طريقك يبغاله صبر و طولة بال ، و مو كل شي ينحل بالقوه .. خاصه فـ موضوعك الحساس .
أخرج تركي هاتفه المحمول على الفور و هو يبحث عن رقم ياسين و آخرين معه و هو يغمم بأنفاس كالجمر : خلينا نروح الشركه نقلب فـ مصايبه القديمه على ما هما يدورون على الـ ##### الثاني .
انعطف أحمد بالسيارة على الفور و هو يهتف : كذا لازم تفكر .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
فيلا أبو ياسر
30 : 3 صباحًا
مستلقية على سريرها وسط الظلام و عيناها تلمعان بوهج غريب و صوته القوي يتردد في عقلها مرارًا و تكرارًا ..
■ ■ ■ ■
:عــــــــــــروب !! ، و ربي في سماه إني بكمل حياتي معاك بكامل رضاي
■ ■ ■ ■
انسابت دمعة ساخنة على جانب خدها و انحرفت عن مسارها لتتهادى إلى أذنها ، رمشت عيناها بفيض جديد من دمع منساب
■ ■ ■ ■
:ارحم قلبي المنشغل فيك ليل نهار .
■ ■ ■ ■
غطت وجهها باللحاف لتنخرط في بكاء حار .. لماذا لا تصدقه ؟؟!!! .. لماذا تشعر بأنه كاذب ؟؟!! .. مخادع .. ينتظر اللحظة المناسبة ليكشر فيها عن أنيابه المسمومة ..!! .. و لكن في عينيه نبض من صدق غريب .. و .. تلك الهدية تثير جنونها .. هل تعطي تصرفه اهتمامًا أكبر مما يستحق ؟؟!! .. أم أنه بالفعل يستحق ؟؟!! .. أكان كل همه أن يصلح ما بينهما حتى لا يقع في موقف لا يحسد عليه أمام والده ؟؟!!..
وضعت كفها على جبينها بحنق و هي تهز رأسها رفضًا .. كيف وصل بها التفكير إلى هذا الجانب الأسود .. إنه شقيق ربى .. و لم تذكره يومًا إلا بالخير .. و لكن لماذا ؟؟ .. لماذا أخفى عنها معرفته بموضوع فارس و لم يخبرها منذ البداية بأنه على علم بالأمر ؟؟!! ..
انتفضت في مكانها للرسالة الجديدة التي وصلتها ، رفعت الغطاء عن وجهها وجسدها يهتز من عمق الشهقات ، مدت يدها حيث الشاشة المضيئة و أمسكت بالهاتف لتفتح الرسالة
-------------- من صافي الروح ----------
في غيـــــــــــبتك
تثقل علي الدقايق
والوقت مع غيرك ماعاد
ينطاق
.
ربطتني مابين عهد
ووثايق
وخليتني بس للقصايد
والأوراق
.
واليوم أقولك دون
الخلايق:
ماعيني لغيرك من
النـاس
تشتــــــــــــــاق
----------------------------------
ارتعشت شفتاها الحمراوان ، و بصرها يميل إلى ذلك الصندوق الذي تلمع أشرطته تحت بصيص من نور تسلل من تحت الباب ، أتمنحه فرصة أخيرة ؟؟!! .. إنه مصيرها الذي لا مفر منه .. و لن تكون البادئة في تحويله إلى جحيم مميت ، ازدردت لعابها و رنين هاتفها يعلو بـ ( ست الحبايب ) اعتدلت جالسة و صفت صوتها ثم أجابتها على الفور : هلا يمه ، صاحيه يا قلبي .. ايه .. ثواني و أنا عندك .
أنهت المكالمة و وضعت هاتفها جانبًا و هي تنهض من على سريرها ، ارتدت حذائها ذا الفرو الأبيض و سارت حتى توقفت أمام هديته التي لم تمسها منذ أن خرج ، تحسستها بأطراف أناملها الناعمة و صورته تتوهج أمام عينيها
■ ■ ■ ■
:أوعدك .. ما بضيق صدرك فـ يوم و بتنسين كل الحزن من هذي اللحظه و قد ما يكتبلنا الله من عمر
■ ■ ■ ■
هزت رأسها بـ لا و حاجز في داخلها يأبى أن ينكسر !! ، لقد شعرت بتلك الحقيقة منذ البداية .. لا تتقبله !! .. كلما نظرت إلى عينيه تذكرت .. أنه يعلم !! .. يعلم بما حصل لها .. جاهدت لنزع صورة الرجل - المُحسن الــمتفضل – من عقلها .. و لم تقدر ..
مسحت الدموع التي تبلل وجهها .. لم يمل من المحاولة .. لا زال مصرًا على مواصلة الطريق .. و لكنها على ثقة تامة بالفــشل .. تشعر بأنها ستنهار في منتصف الطريق إن لم يكن في بدايته ..
تعالى رنين هاتفها مجددًا فحثت الخطى نحو الباب و هي تهمس ببقايا دموعها : لازم أستغل الثلث الأخير من الليل ، بيضيع مني رمضان و أنا شاغله نفسي بالنكد و البكا .
.
.
.
جلس الجميع على طاولة الطعام و لم يتبق إلا عروب التي قدمت هاتفة : السلام عليكم .
رفع ياسر بصره إليها و ردوا عليها السلام و مروان يحاول أن يفتح عينيه المنطبقتين من شدة النعاس : يا ليحاااااااا ، يمه اغرفي بالمـ .. بالمقالع كلها و
تثاءب بقوة كادت أن تمزق جوفه و هي مصحوبة بتلك الآهة الطويلة ، دمعت عيناه و هو يردف : و كبيها فـ كرش بنتك العصلا يمكن تنتفخ بدل ما تحشيني بذا الرز و اللحم و أنـ .. أنا .. نعسااااااااااااااااااااااان .
و أطلق تثاؤب آخر جعل والده يصيح عليه : مـــروانـــــــوه صـــــك فـــمـــك عــلــّك بــالــــعــافــيـه .
ترددت عروب للحظة فلا يوجد مكان شاغر إلا بجوار ياسر الذي صرف بصره عنها حتى لا يضايقها ، مسح مروان فمه بكم بيجامته الزرقاء لتتلطخ بما علق بشفتيه من بقايا الطعام و
: مــــــــــــــــروان !!!!!!!!
انتفض لصرخة والدته التي هتفت و هي تشير إلى ملابسه : ثيابك يالهبــيل !!!!!!.
نظر إلى كم ثوبه بعينين نصف مفتوحتين و هو عاجز عن استيعاب سبب الصرخة التي تفجرت في عقله بدوي مزعج ، عاد ينظر إلى والدته من طرف عينه ثم أخذ يحك رأسه مغممًا : انتم وراكم صحيتوني هالحزه و الشمس ما طلعت ؟؟! .
هزت الأم رأسها و هي تزفر و تمد له بكرة من الأرز : خذ ، عجنتها لك .. يلا يا ولدي وراك صيام باكر إن شاء الله .
فتح فمه بلا وعي لتدخل والدته اللقمة في فيه ، رفع الأب حاجبيه بضيق هاتفًا: أم ياسر ولدك رجال لا تأكلينه كنه بزر ، اتركيه .. اذا ذاق مر الجوع يعّود يتسحر مثل العالم .
حك مروان رأسه أخرى و هو يلتفت إلى والده الذي يحرك شفتيه بصوت مزعج بدا كطلاسم متنوعة ، عقد جبينه ببلاهة و هو يدقق النظر أكثر لتنفلت ضحكة ياسر التي لم يستطع كبتها و التفت إلى يمينه حيث عروب التي تفجرت ضحكتها رغمًا عنها في اللحظة ذاتها ، التفتت إليه هي الأخرى فابتسم على الفور لينهي الحرب الباردة بينهما : اش رايك ؟!.
انتشت روحها بسعادة عميقة لمرأى الابتسامة و للسؤال الذي وجهه لها ، هزت كتفيها باسمة و هي تهتف : ما عندي مانع بس انتا اللي تصور .
ضربها على كتفها بخفة و هو يضحك : انزين جيبيها .
تعالت ضحكتها و هي تنهض من فوق الكرسي و تركض للدور الثاني ، التفت إليه والده مغممًا : الحين وقتك انت و أختك تصورون ؟؟.
اتسعت ابتسامة ياسر و هو يشير إلى شقيقه الشبه نائم : بسويله فيديو معتبر عشان يتّوب ينام متأخر .
و استرخى في مقعده براحة لنهاية الخلاف ، فتح عينيه على صوت والده الذي قال : كلمتك عبير عن الهديه اللي بتقدمها للبنيه ؟؟.
اعتدل في جلسته و هو يهتف : إيه .
و لم ينتبه لذلك الضيق الذي توهج في حدقتي والدته و صوت عروب المرح يهتف من البعيد : جبتــــــــــها !!
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
[/ ]