]بسم الله الرحمن الرحيم
.
الـــــــــــفـــصــــل الــــــعــــــاشـــــــــــر
~~~~~~~~~
~ جِــــــــــمَارُ الـــــــــــــدم ~
******************
دَعِ المَقادِير تَجْري فِي أعنّتها .. و لا تَنَامنّ إلا خَالي البَالِ
مَا بَيْن غَمْضَةِ عَيْنٍ و انْتِباهَتِها .. يُغير اللهُ مِنْ حَالٍ إلى حَال
*************************
الرياض
منطقة صحراوية نائية
35 : 12 صباحًا
تحت السماء المظلمة التي تناثرت في أعماقها نجوم لامعة متفرقة ، توسطت تلك الأرض الخالية خيمة صغيرة معدة بعناية ، جلس أمامها ثلاثة شبان على فَرشٍ خاص و أمامهم نار مشتعلة على الحطب و عدد من أباريق الشاي .
انفجر مالك بالضحك : لا .. و سيقانها تقول عمدان شارع .
شاركه رامي في ضحكه وهو يضربه بخفة على رأسه : الله يخسك يالملعو* .
استرخى فارس في مجلسه و هو يرتشف من كوب الشاي ، رفع رامي أحد حاجبيه و سأله : الحين ممكن أعرف اشلون عايش و انت ما تقدر تشم ؟؟ .
رمقه فارس بنظرةٍ جانبية مخيفة و قال : ابلع لسانك يالجبان اللي للحين و انتم ما سويتم اللي وعدتو فيه .
التفت رامي إلى مالك الذي هتف : أقووول يا أبو الشباب ولد عمك ذا صويحي و يبيله ضربه بلفات .
وضحك و هو يتكأ على جانبه الأيمن : خلنا الحين ننبسط و أبشر باللي تبيه بعد كم يوم ، يعني بعد ما أفكر و أخطط .
مط فارس شفتيه و هو يفتح أزرار قميصه و غمم : أقول انت واياه .. انقلعوا الحين و هاتوا العشا .. تراني ميت من الجوع .
نهض مالك البدين هاتفًا : أنا بجيبه لأني مشتهي شي معين.
و التفت إلى رامي آمرًا : و انت انقلع و هات باقي الأغراض من البقاله بسرعه .
ثم غادر إلى سيارته و رامي يقف و هو يوجه حديثه إلى فارس : إلا .. الوالد ما دق عليك ؟؟.
ضحك فارس في سخرية و هتف : أكيد كسّر الدنيا .. بس أنا مقفل كل شي .. أبي أرّووووووووق الحين و إذا فقت فكرت أرجع .
هز رامي كتفيه و هو يسير قائلاً : براحتك .. بس ما أظن بيعديها لك .
سكب فارس لنفسه كوبًا آخر من الشاي و غمم : خله ينفلق عجوز القايله .
تركه رامي و غادر المكان إلى سيارته ، و بقي فارس وحيدًا في تلك المنطقة النائية التي لا يأتي إليها إلا من يعرفها حق المعرفة ، بقي هناك .... و رمال الصحراء تحيط به من كل جانب .
@@@@@@@@@@@@
الرياض
فيلا أبو ياسر
40 : 12 صباحًا
خرج إلى المجلس الكبير و التقط هاتفه المحمول ثم توجه إلى الباب الخارجي ، تأفف في غيض عندما سمع رنين الهاتف .. نظر إلى الرقم و زوى ما بين حاجبيه هامسًا : يا رب سترك .
وضع السماعة على أذنه و هو مستمر في سيره : ألو .
أتاه صوت إبراهيم : السلام عليكم .
امتطى أبو فيصل السلالم الصغيرة و هو يجيبه : و عليكم السلام و رحمة الله .. بشّر يا إبراهيم ؟؟ .
: الحمد لله .. وافقوا على التسويه و
قاطعه أبو فيصل و هو يركب السيارة : لا .. قصدي موضوع فارس .
غمم إبراهيم بحيرة : كلمت ياسر قبل شوي .. ما علمك ؟؟ .
تحدث أبو فيصل في حدة : لا .. واش لقيت ؟؟ .
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
المنطقة الصحراوية
00 : 1 صباحًا
وضع يديه خلف رأسه ثم أسنده إلى المسند و هو يغمم : هدى جايه هالأسبوع .
وضحك و هو يردف : الليالي الكئيبه بتزين يا فارس .
مضت ربع ساعة .. و إذ .. بضوء سيارة يلوح في الأفق ، قطب حاجبيه و هو يغمم : مسرع جا الثور ؟؟.
و عندما اقتربت السيارة أكثر ، أدرك أنها لا تمت لصديقيه بصلة ، هب من مكانه و يده تحسس جيبه بحذر ، توقفت السيارة الفضية على مقربة من المكان ، لم يتمكن فارس من رؤية قائدها لأن ضوئها الشديد كان يحجب الرؤية ، و ضع يده فوق عينيه و
اتسعتا في صدمة وهو يهمس : يــــــــــــــــــــــــــــاســـــــــر ؟!!!!!!!!.
خرج ياسر من السيارة بعد أن أطفأ محركها و هتف باقتضاب : حيا الله فارس .
لم يحرك فارس ساكنًا بل قال مستهزئًا : حيا الله حبيب البابا ؟؟.
تجاهل ياسر سخريته و تقدم منه أكثر و هو يقول ببرود : ليش مقفل جوالاتك .. و مخلي عمي يقلب الدنيا لجلك .
رمقه فارس بنظرة صارمة و هو يجيبه : موب شغلك .
قبض ياسر على كفه بحنق و هو يقترب منه أكثر حتى توقف أمامه مباشرة ، لا تفصل بينهما سوى بضعة سنتيمترات اخترقتها رياح الصحراء الباردة بهديرها المخيف .
خفق قلب فارس بخوف عميق ..كان يتوقع بمقدار 94 في المائة أن الموضوع متعلق بعروب و لكنه لم يتوقع أن يعرف ياسر بالأمر بتاتًا.
تطّلع إليه ياسر بصرامة الدنيا كلها و قال ببطء : و اش كان بينك و بين سرياتي ؟؟.
هوى قلب فارس بين ضلوعه .... الآن فقط لم يعد هناك مجال للشك ...... لقد كُشف أمره ......
احتوى خوفه و لم يظهر شيئًا على ملامح وجهه سوى البرود : من ؟؟؟؟.. أول مره أسمع باسمه ؟؟!! .
منع ياسر نفسه من الانفجار و صك على أسنانه و هو يقول : الحقير اللي كنت تقابله من فتره لفتره .
و اقترب منه أكثر و هو يردف بهدوء مخيف : و كنكم تخططون لشي .
ضحك فارس يخفي ارتباكه و هتف : أنا تربطني بذاك السواق ؟؟؟ صدق مجنون .
دار على عقبيه و تصلبت أقدامه عندما قبض ياسر على ذراعه بقسوة، التفت إليه في حدة هاتفًا : نـــــزل يدك .
قبض ياسر على ذراعه بشدة أكبر و أنفاسه الحارة تلفح وجه فارس و هو يغمم : الحين تذكرت إنه السواق ؟؟؟.
امتقع وجه فارس عندما أوقع نفسه في الفخ ، نفض يده بتوتر صائحًا : أقلك ابــــــــــــعــد .
صرخ ياسر وهو يمسك بتلابيبه : قــــــلي .. و اش كان بينك و بينــــــه .. تــــــــــــــــــكـــــــــــلم .
دفعه فارس بشدة و هو يصيح : ابــــــــــــــــعــد انـــــــــــــت و الــــــــــــمــخــرف ولـــــــــد عــــمــك الـــلـــي تـــــــــــتــــبـــــــــلـــون عــــــــــــــــــليّ .
لم يفهم ياسر ما يقصده و لم يبالي .. بل اندفع نحوه و أسقطه أرضًا و هو يصيح بغضب : عــــــــــــــــلـــى ويــــــــــــــن ؟؟!!!!!!!!!!!! .
صرخ فارس في حنق إثر ارتطامه بالأرض الصلبة : ياحــــــــــــــــــــــــــيـــواااااااا*
جثم ياسر على أنفاسه بقوة و هو يصيح بغضب هادر : اعــــــــــــتــرف الــــــــــــــــــــحيــــــن .
ابتسم فارس بسخرية عندما أدرك أن ياسر لن يتراجع أبدًا ، اشتعلت الدماء في عروق ياسر لمرأى تلك الابتسامة الساخرة ، صرخ في عصبية و هو يلكمه على أنفه : تــــــــــــــــكـــلــم .
صرخ فارس بألم شديد : آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه .
تفجرت الدماء الحمراء من أنفه و سالت على شفتيه ، زمجر بعصبية وهو يمسك بحفنة كبيرة من الرمال و يلقيها على وجه ياسر صائحًا: يــــــــــــــــــــــــالـــكـــلـــــ*
ارتد ياسر في عنف و هو يحاول أن يفتح عينيه اللتين تضررتا من الرمال ، وصلته ضحكات فارس الشامتة ، فتح عينيه بصعوبة و هو يزمجر بغضب .... و اتــــــســــــعـت عيناه رغم الألم .....
لوّح فارس بسلاح بإحدى يديه و بيده الأخرى يحاول إيقاف الدماء التي تنزف من أنفه بغزارة ، اتسعت ابتسامته المقيتة و هو يهتف : الظاهر تبي تلحق بأختك ؟؟؟؟.
و انفجر بضحك هستيري وسط صدمة ياسر الكبيرة ، استدرك فارس حديثه شامتًا : قلـــــــي .. كيفها بعد سرياتي اللي تـ
شهق في صدمة عندما اندفع ياسر نحوه و في عينيه غضب الدنيا كلها ، تراجع فارس إلى الخلف ..وخطته بإخافة ياسر بذلك السلاح الفارغ من أي رصاصة تــــنـــهــار .. لأنه من الصعب أن يوقف شخصًا تــــــــــــــــأكـــــــــــــل المرارة كيانه أكلاً ، تعالى صرير إطارات في المكان و لم يأبه ياسر بالأمر بل أمسك بياقة فارس و الــــــــــــــــغــضــب كل الــــــــــــــــــــغــضــب يزلزل أركانه : يـــالـــــــــــــــــــــــــحـــــــــــيــوووووواااااااا ااااااااااااااااا*
و قبل أن يمد يده ليلكمه..
انطلقت تلك الصيحة المدوية : فــــــــــــــــــــــــــــــااااااااااااااااااااااارس
و اخـــتـــــــــــــــــرق الـــــــــــــــهـــواء خـــــــــــيــط مــــــــــــن الـــــــــــــضــوء بدوي حاد ليرتــــــــــــطــم بــيـــاســر ........
خفق قلب ياسر بعنف و آلام شديدة تندفع إلى جسده و شيء سائل يتسلل على ظهره ، جحظت عيناه في ألم و الدنيا تظلم أمام عينيه ، همس بصعوبة : لا لـ
و انهار على الأرض و سيل من الدماء الحمراء يغرق ثوبه ، رفع فارس بصره و صاح في عمق صدمته : يـــــــــــــــــــــــــــــــــــا الــــــــــــــــــــمــــجــــــــــــــنـون .
خفض رامي سلاح الصيد في ارتباك شديد و هو يهتف : كان بيتقاتل معك و
قاطعه فارس بتوتر أشد وهو يندفع للأمام: بـــــــــســـرعه لم الأغراض وخلنا نمشي قبل ما يجي أحد .
شاركه رامي و الذعر المتفجر في وجهه يسري في جسده النحيل ، حملا الحاجيات بسرعة و وضعا كل شيء في السيارة ، استقلاها .. و هربا بعيدًا عن ذلك الجسد المسجى وحيدًا في وسط الصحراء المظلمة ، ذلك الجسد الذي اصطبغت الرمال قربه بـــــــــــــالدماء ، دارت عينا صاحبه في محجريهما و هو يهمس : لا .. فـ
و اختنقت الكلمات في صدره ..... لــيغرق في الظــــلام .
@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
فيلا الجازي
00 : 5 فجرًا
أنهت أذكارها ثم نهضت من مصلاها ، انحنت و أمسكت بالسجادة ، لفتها مع ثوب الصلاة و أعادتهما إلى الخزانة المخصصة ، زفرت و هي تحرك شعرها بكفها و تجلس على سريرها ، مالت عيناها إلى الهاتف المحمول الذي تميز بلونه الوردي المشرق ، اغتصبت ابتسامة و هي تقاوم غصة في صدرها .. أي حنان ذاك الذي يملأ قلبه الكبير ؟؟!!! شعرت به و إن لم ينطق ......
أطرقت برأسها و هي تتذكر كيف وقف إلى جوارها يوم وفاة والدتها .. بل يوم أنقذها من ذلك المعتدي .. يوم أن أخرجها من المصعد .. و قبل أيام قليلة عندما أحضر لها هذا الهاتف .
ز فرت و هي تستلقي و تسبل عينيها و زقزقة العصافير مع الصباح الباكر تنعش حجرتها الصامتة ، لمعت الدموع على رمشيها وذلك الصدى يتردد في عقلها
■ ■ ■ ■
: و الله منتي صاحيه .. ياسر رجال وألف مين يتمناه .. و انتي زوجته و حلاله و ما تبغين تصلحين اللي بينكم ؟؟.
■ ■ ■ ■
وضعت كفها على عينيها و هي تهمس بصوت باكي : أية زوجه يا مرام ؟؟؟ .. أية زوجه ؟؟؟.
شهقت لتنفجر باكية ، انقلبت على جانبها الأيمن و غربة تجتاح مشاعرها النقية .. قسوة تلك التي يصعقها بها تارة .. و فيض من الحنان الخفي يحتويها به تارةً أخرى .. فمن هو يا ترى ؟؟ .. أي مشاعر يكنها لها ؟؟ .. ما موقعها من حياته بالضبط .. أحشرة حقيرة يتمنى أن يدوسها بقدمه اليوم قبل الغد ليفنيها من سجل حياته .. أما ذبابة عابرة ينفضها بيده لتطير بعيدًا و تريحه من أزيزها المزعج ... أم ماذا بالضبط ؟؟؟.
أجهشت ببكاء أشد .. لأنها تعلم يقينًا أنها لو كانت حرة من القيد المقدس الذي يربطها به .. لكانت الآن أسعد .. فلا مجهول يحيط بها و يفزعها بكوابيسه كل ليلة ، و لا أفكار تنخر عظامها صبح مساء و تنحر روحها على منصة الضياع ألف مرة ، و لا صور تربطها به و تبعثر تفكيرها يمنة و يسرة ، لا ذكريات تشتت كيانها في إعصار من المشاعر المختلفة .. مشاعر تلقي بروحها من ارتفاع شاهق لترتطم بعنف بأرض الـــــواقــــــع .
استبد برد الحجرة بجسدها فأمسكت باللحاف و غطت نفسها .. تشعر بدفء حُرمت منه روحها ، أغمضت عينيها و استكانت بذكر الإله .
@@@@@@@@@@@@@@@@
جده
فيلا تركي
30 : 5 فجرًا
ابتسمت و هي تسترق النظر إليها من تحت اللحاف ، تتقلب في انزعاج شديد كأنها عاجزة عن اصطياد ذلك النوم ، كتمت ضحكتها و هي تستمع إلى تأففها ، رفعت أحد حاجبيها و رنين هاتفها يعلو ، هتفت الأخرى بضيق : خالتووووووووووووووو .. و النهايه مع جوالك ؟؟؟؟؟ .
رفعت مرام اللحاف عن جسدها و هتفت مداعبة : و الله إنتي اللي مصره أبات عندك مع إن فيه أكثر من غرفة نوم .
غطت جوري وجهها باللحاف و هي تزفر في غيض من شدة التوتر الذي يعصف بكيانها ، هزت مرام رأسها و الابتسامة مرسومة على شفتيها و أمسكت بهاتفها ، خفق قلبها بعنف و هي ترى اسم المتصلة ، اعتدلت جالسة و هبت من سريرها و هي تهتف لجوري : دقايق و راجعه .
فتحت جوري إحدى عينيها و تبعتها ببصرها حتى اختفت ، ثم همست بصوت مختلج : يا ربيييي .. بموووت من الخوف .
.
.
وضعت خصلة من شعرها خلف أذنها و هي تقول : إيوه يا هديل .
أتاها ذلك الصوت المخنوق : السلام عليكم .
جلست على الفور و الخدر يسري في قدميها من شدة الخفقات التي أشعلت دمائها : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .
صمتت هديل للحظة ، قبل أن تهتف متسائلة بذلك الصوت الباكي : مرام وينها رهف ؟؟!!!.
امتقع وجه مرام و هي تضع يدها على جبينها و همست : هديل .. والله إلى الآن ما جاني أي خبر عنها .
شهقت هديل و هتفت بحرقة : من زمان و أنا أسألك و كل مره تكررين نفس الإجابة .. كيف يعني .. أخــــتـــي مـــــــــــــــــــاتـــــــــــــت و لاّ حــــــــــــــــيـــة ؟؟؟؟؟.
ارتعدت أطراف مرام وسرت رعشة في جسدها كله ، و دوي الكلمة يتفجر في عقلها كقنبلة غاشمة ، هتفت بحرقة مماثلة و دموعها تتفجر : هديل لا تقولين كذا الله يسعدك .. الله يخليك يا هديل لاااا .
صاحت هديل بقهر : أجل اش تبغيني أقول و أنا فوق الشهرين ما سمعت صوتها .. إذا انتي القريبه منه ما أخذتي منه شي أنا اش أقول ؟؟!!! .. مازن له أسابيع يحاول يوصلّه و مو قادر .. و الله إنه يفكر يسويله مصيبه و أنا اللي أمنعه و أقله اصــبر .
ارتعدت شفتا مرام و قلبها يضج بخفقات مجنونة .. مـــــــــــــصــــيـــبــة .. مـــــــــــــصــــيـــبـــة لـــتـــركـــي ؟؟!!!!!! ... ربـــــــــــــــاه ؟؟!!! .. أي شيء هذا الذي استيقظ في أعماقها بعد ســــبـــات .. سبـــــــــــــات طـــويــل ..
شي انتعش في أعماقها بعد كلمة هديل و عاد لنشاطه بعد ســـــــــنـــــوات ....
مــــصـــيــبـة ؟؟!!!! .. ألا يكفيه ما تخفيه في صدرها ؟؟؟.. ما أغلقت عليه و دفنته في عمق الظلام .. ألا يكفيه ما سمعت ؟؟؟.. ألا يكفيه أمر خُفي عنه ؟؟؟.. أمر قـــــــــــاتــل .. ما أشد مراراته .. ما أقسى وقعه .. هي نفسها لم تحتمله .. خُلع قلبها من شدة هوله .. فكيف به و هو يتعلق بحياته .. كــــيــــف ؟؟؟!!!.
أجهشت في بكاء مرير و هي تهتف : معليش يا هديل .. اصبري عليا الله يخليكِ .. اصبري و قولي لمازن يستنى .. راح أحاول .. أحاول و أردلك .. إن شاء الله إنها بخير .. إن شاء الله .
همست هديل بصوت متحشرج : راح أصبر يا مرام .. راح أصبر و مو أكثر من أسبوع .. و بعدها ما أقدر أرد مازن أكثر .
ارتجف قلب مرام و هي تهتف : الله يخليكِ قوليله يستنى قد ما يقدر .. و أنا أوعدك بكره إن شاء الله أكلمه .
همست هديل : طيب .. أنتظر اتصالك .
مسحت مرام دموعها المتدفقة و همست : توصين على شي ؟؟ .
أجابتها بخفوت : لا .. في أمان الله .
سحبت المنديل من العلبة أمامها و هي تهمس : مع السلامه .
أنهت المكالمة و وضعت الهاتف على الطاولة أمامها ، مسحت أنفها بالمنديل .. ثم أسندت جبينها إلى ذراعيها و خصلات شعرها السوداء تنسدل على وجهها .. لتخفي ملامحًا تشرّبت من الحزن أقساه ، و من المر لوعته ... قلبها ينصهر عذابًا و صورة تركي بتلك الابتسامة التي تذكرها تتوهج في عقلها ، شهقت بعنف و رأسها ينهار بسيول جارفة من دموع محرقة ، رفعت ساقيها و دفنت وجهها بينهما و هي تهمس : يا ربي .. يا ربي كيف أعلمه كيف ؟؟!! .. كيف أعلمه بالحقيقه .. كيف ؟؟؟ .. يا الله .. ما أقدر .. ما أقدر ..صعب .. صعب .. صعب .
لفت ذراعيها على ساقيها و احتضنت نفسها و هي تطلق لدموعها العنان .
@@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
شقة في أحد أحياء الرياض
00 : 7 صباحًا
هب من مكانه و ركض إلى دورة المياه ليفرغ ما في جوفه ، لوا مالك شفتيه باشمئزاز و هو يشيح ببصره إلى فارس المستلقي على الأريكة ، تجرع من زجاجة الخمر التي يمسكها ثم هتف : الحين انت و هو ولد عمك ما صابتك هالفجعه اللي تخليك تفر للحمام كل دقيقه .
غمم فارس بحنق و ذراعه على جبينه : خله يستاهل .. هو اللي أطلق و يتحمل النتيجه .
ثم اعتدل في جلسته و رمق باب دورة المياه بنظرة حادة و هو يهمس : و إذا جات الشرطه بيتحملها لوحده .
زوى مالك مابين حاجبيه و تطلّع إليه و هو ينهض من مكانه و يصيح بقهر : الحين لو وصل للعجوز أي خبر و ربي ما بشم ريحة الفلوس مره ثانيه .. عساه بالـــــــــــسم .
و دلف إلى إحدى الحجرات و هو يغلق الباب خلفه بعنف ، التفت مالك إلى الباب الذي خرج منه رامي و يده على معدته و هو يتأوه في إعياء شديد ، ألقى بجسده المنهك على الأريكة و أسبل عينيه ، ارتشف مالك رشفةً أخرى و بصره شارد في المستلقي ، همس بعد برهة : و يبيني أطيّر ولد عمه الثاني ؟؟!!! .
و التفت إلى حيث اختفى و تمتم : الظاهر تحسبني غبي يا فويرس .. مو أنا مالك اللي يرمي نفسه بين أسنانك .
و هب من مكانه و هو ينفض بنطاله مغممًا بحنق : ما يكفي إني تورطت بسبتكم و الحين مضطر أختفي معكم فـ هالمقبره .
ثم توجه إلى حجرة أخرى و أغلق الباب و رامي يركض من خلفه إلى دورة المياه .
@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
المستشفى
00 : 1 ظهرًا
أصوات مختلطة ، هدير مزعج ، صرخات مفزعة ، أناس ، أطفال يـبكون و
" ياسر "
توترت عضلات وجهه و سواد يطغى على المكان من حوله ، شعر بنفسه يغرق و يغرق و
" ياسر تسمعني ؟؟"
اشتعلت أضواء شديدة في وجهه ، حاول أن يفتح عينيه بصعوبة و هو يهمس : مين ؟؟ .
" افتح عيونك و طالعني "
فتح عينيه بضعف شديد ، لم تستقر حدقته على منظر معين ، إلى أن اتضحت الصورة فطالعه وجه مبتسم : الحمد لله على سلامتك .
زوى ما بين حاجبيه و هو يتأمل الرجل بمعطفه الأبيض ، همس بإعياء : أنا وين ؟؟ .
ربت الطبيب عليه قائلاً : لا تخاف .. انت في المستشفى .
همس بقلق : مستشفى ؟؟؟ كـ
اندفعت الذكريات إلى عقله في شراسة فشهق في ذعر : فـــــــــــــــارس !!! .
فغر الطبيب فاه و تبادل نظرة مع الطبيب الآخر قبل أن يقول : انتظر .. الشرطه بتجي بعد شوي .
خرج الطبيبان من الحجرة ووضع ياسر يده على رأسه و هو يغمم : يا الله يـ
: يــــــــــــــــــــاســــــــــــــــر!!!!!!!!!!
همس بصدمة و هو يفتح عينيه : أبوي ؟؟!!! .
اقترب منه في فرحة شديدة و ضمه هو يهتف : الحمد لله على سلامتك يا ولدي .. الحمد لله .
ثم استطرد في توتر و هو يبتعد عنه : علمني و اش اللي صار .. من الكلـ* اللي سوى فيك كذا ؟؟.
امتقع وجه ياسر و لكن أنقذه الطبيب الذي دلف بقوله : لا تجهده الحين .. اذا جت الشرطه يقص الحكايه مره وحده .
أشاح ياسر بوجهه للحظة ، و إذ بدوار شديد يعصف برأسه ، همس بضعف : ليش أحس بدوخه ؟؟.
أجابه الطبيب مطمئنًا : جسمك الآن تحت تأثير المخدر .. شوي و يرجعلك نشاطك .
التفت إلى الباب الذي يطرقه شخص ما و قال : لحظه .
و خرج ليقابل الرجلين .
.
.
هتف الشرطي في غضب : و اشلون ما علمتوه للحين ؟؟ .
حرك الطبيب يده مبررًا : قلتلك صعب نعلمه الآن .. طبيعي بينهار .. كيف بتستجوبونه وقتها ؟؟ .
عقد الشرطي الآخر يديه أمام صدره و هو يقول في صرامة : ضروري يكون عنده خبر بإصابته .. ممكن يتنازل عن المجرم اذا ظن نفسه سليم .
هز الطبيب رأسه نفيًا و غمم : ما أتوقع .
تبادل الشرطيان نظرةً صامتة قبل أن يقول الأول : تم .. بس خل أبوه يطلع .. نبي نستجوبه لوحده .
.
.
.
جلس أحدهما على المقعد المجاور للسرير و هو يوجه حديثه لياسر : ممكن تحكيلنا عن اللي صار ؟؟ .
تنحنح ياسر قبل أن يقول بخفوت : رحت أدور على ولد عمي اللي مختفي من فتره طويله .. و
احتقن وجهه للحظة كأنه يجد صعوبة في استخراج الكلمات ، استحثه الشرطي : و .. ايش ؟؟ .. كمل ؟؟ .
غمم ياسر : كنت واقف معه و .. و .. سمعت صوت واحد يناديه و ما اهتميت و مـ .. ما دريت إلا بشي يضرب فـ ظهري .. و .. ظلمت الدنيا فـ عيوني .
لم ترق قصته للشرطي الذي سأله بشك : ثم ؟؟ .
أغمض ياسر عينيه في إرهاق و هو يغمم : لقيت نفسي فـ المستشفى .
مال الشرطي بجسده إلى الأمام و هو يقول بحذر : ياسر .. حنا قبضنا على عمك أبو فيصل .
انخلع قلب ياسر و هو يفتح عينيه و يهتف بحدة : كــــــيــف ؟؟!!.
أردف الشرطي قائلاً : هو اللي بلغنا بالحادث .. و يوم جينا و حققنا في الموضوع لقينا انه المتهم الوحيد و
قاطعه ياسر بعصبية : لاااا .. عمي موب المسؤول .
ابتسم الشرطي في خبث و قال: و اشلون عرفت انه موب المسؤول و قصتك تقول إنك ما شفت الجاني ؟؟ .
هتف مجيبًا بغضب : لأني سمعت صوت اللي نادى ولد عمي و اللي أشك إنه أطلق علي .
سأله الشرطي على الفور : و ميزت الصوت ؟؟!!.
هز رأسه نفيًا و هو يجيبه بصدق : لا .
أومأ الشرطي برأسه و هو يكتب بعض الملاحظات في الدفتر الصغير الذي يحمله : و اش اسم ولد عمك اللي كنت تدور عليه ؟؟.
شعر ياسر بقبضة باردة تعتصر قلبه ، و شي غاب عن عقله يـــــكــــــــــــوي أحــــــــــاســــيـــســه
■ ■ ■ ■
1410 هـ
ضحك في مرح شديد و هو يتطلّع إلى وجهه الذي رسم معالم الدهشة ، طرق على المكتب بيده و هتف ضاحكًا : حياك حياك أبو فيصل .. اقلط اقلط يا رجال .
تحرك نحوه و الابتسامة تشرق على وجهه و هو يهتف : تتنطز علي يا سوير ؟؟!!.
هب ياسر من فوق المقعد و هم بالركض لولا أن أمسك به عمه من الخلف و رفعه إلى الأعلى ليطلق صيحات مرحة : خلااااااص يا عمي .. توبه والله توبه .. والله والله معاد أجلس على كرسي المكتب .
ضحك أبو فيصل و هو يدغدغه : توبه ؟؟!!! .. هذي كم مره سمعتها منك يالملسون ؟؟!!.
انفجر ياسر بضحك شديد و الدموع تتفجر من عينيه : خلااااص واللي يعافيك .
و ضعه أبو فيصل على الأريكة المجاورة و هو يقول : آخر مره تجلس هنا وتلعب بالأغراض .. لا تغث نفسك بهالشغلات الحين .. توك صغير .
هز ياسر رأسه نفيًا و هو يبتسم : لاااااااا .. أبي أروح معك الشركه باكر يعني باكر .
داعب أبو فيصل شعره بحنان و هو يقول : أبشر يا حضرة المدير .
ثم أردف بحنان أكبر : كل يوم أشكر ربي على إنك رضعت مع فارس .
وضع ياسر يديه على خاصرته و هو يهتف باستعلاء : ايه .. بس أنا أحسن من فويرس .
زفر أبو فيصل و جلس على المقعد المقابل ، ثم ابتسم مغممًا : ليت عيالي كلهم مثلك يا ولدي يا ياسر .
■ ■ ■ ■
: أخ ياســــــــــــــــــر .
رمشت عيناه بارتباك و هو حائر في ما يقول .. قد يضع فارس في مشكلة كبيرة .. كيف سيتقبل عمه هذا الخبر ؟؟؟؟.. أبو فيـــصل .. والده .. عمه الذي يحب ... كيف ؟؟!!!!!!!!!! كيف يجازيه على ما مضى بتوريط ابنه ؟؟!!!! .. ولكنها أخته أيضًا .. شــرفه .. عرضه ذاك الذي انتهك و بأبشع صورة .. ماذا يفعل ؟؟ ... ماذا ؟؟!!!!!!!!! .. صحيح أنه ليس الجاني و
: أخ ياسر عجّل إذا سمحت .
تنحنح قبل أن يقول بخفوت : فارس .
دقق الشرطي النظر إليه و سأله : و اسم أبوه ؟؟.
اختنقت الكلمات في صدر ياسر و قلبه يشتعل بدماء من نار .. ، همس قائلاً : خالد .
قلب الشرطي في الدفتر الذي يحمله ثم قال و هو يتوقف عند صفحة معينة : قبل فترة بسيطة كانت لك قضيه مع شخص هجم على فيلا عمك .. صحيح ؟؟ .
تطلّع إليه ياسر و هو يجيب باختصار : إيه .
رفع الشرطي بصره متسائلاً : هل لك أي أعداء تشك فيهم ؟؟!!.
أشاح ببصره إلى السقف : لا .. مالي أعداء و الحمد لله .
مط الشرطي شفتيه و هو يقول : و .. ولد عمك فارس كم له مختفي عنكم ؟؟ .
قبض على أصابعه بحنق و هو يغمم : فوق الشهرين .
حرك الشرطي القلم في يده قائلاً بحذر : كونه مختفي هالفتره كلها .. و خلاك بعد إصابتك و هرب .. هذا دليل قوي على إن له يد فـ الموضوع .
لم ينبس ياسر ببنت شفه و لم يبدي أية ردة فعل .. بل كتم غضبه الهادر في أعمق أعماق قلبه ، سأله الشرطي و هو يعتدل في جلسته : فيه شي ثاني تبي تضيفه ؟؟.
أجابه ياسر بالنفي فأغلق الدفتر الذي يحمله و هو ينهض : شكرًا على تعاونك
رمقه ياسر بنظرة حادة مشوبة بشي من القلق و هتف : طلعوا عمي من الحجز .. والله بريء.
أومأ الشرطي برأسه و قال : لا تشيل هم .
و خرج من الحجرة قبل أن يلحقه زميله ، رآهما أبو ياسر و هما يغادران المكان فهتف بأحدهما : لحظه .. واش اللي صار ؟؟!!.
لوح أحد الشرطيين بيده و هو يلتفت إليه : ما شاف الجاني .. لكن بنتحرى عن ولد عمه و بنوصله إن شاء الله .
رفع أبو ياسر حاجبيه باستنكار و هتف بصدمة : و لد عمه ؟؟!!!!!!!!!!!!!!.
توقف الشرطي و واجهه و هو يقول : هذا اعترافه .. يقول إنه كان يكلم ولد عمه اللي اسمه فارس و سمع صوت شخص يناديه و جاته الطلقه قبل ما يعرف المنادي .
صعق أبو ياسر و هو يحدق فيهما بنظرات ذاهلة ، حيّاه الشرطي برأسه و هو يلحق برفيقه الذي سبقه ، همّ أبو ياسر بالدخول للحجرة بوجهه الممتقع و مشيته المتثاقلة و لكن الطبيب منعه بيده : لحظه يا أبو ياسر .. ولدك توه اللي فاق و نفسيته أكيد تعبانه بعد الحادث .. أجّل النقاش معه لوقت ثاني و خلني الحين أفحصه عشان أشخّص حالته تشخيص نهائي ، و أنا بخبرك بالوقت المناسب اللي تكلمه فيه .. صحته و راحته الحين أهم .
قبض أبو ياسر على أصابعه و هو يتراجع بضعف و يجلس على المقعد خلفه و قلبه يرتعش و أنفاسه مختنقة ،
ربت الطبيب على كتفه في تعاطف ثم استدار لباب الحجرة ، فتحه و دلف للداخل و الابتسامة تعلو شفتيه: ياسر.. ممكن تساعدني شوي ؟؟.
زوى ياسر مابين حاجبيه و هو يقاوم الدوار و هتف بضيق : واش تبي ؟؟ .
أغلق الطبيب الباب خلفه و تقدم منه ليربت على كتفه قائلاً : أبي أفحصك .
تطلّع إليه ياسر وهو يكشف الغطاء الأبيض عن قدميه و يخرج من جيبه قطعة معدنية على شكل أنبوب ، مرر القطعة المعدنية بحركات خاصة على طول القدم و عيناه الخبيرتان تلحظان ردة فعل الأعصاب من تحتها ، ضاقت عيناه و هو يمررها طلوعًا و نزولاً بيده الخفيفة .. و لم تُبد الأعصاب أي استجابة ، زفر و هو يعيد القطعة إلى جيبه و ياسر يسأله بحيرة قلقة : ليش ما أحس بالحديده على رجلي ؟؟!.
رفع الطبيب بصره مجيبًا: لا تشيل هم .. هذا محتمل يكون من تأثير الضربة و بعدين لا تنسى إنه جسمك ما تخلص من كل المخدر ؟؟ .
ثم مد يديه و بدأ يضغط بهما على نقاط معينة لقدمي ياسر ، نقاط يحفظ أماكنها جيدًا .. أخذ يحرك يديه و يضغط هنا و هناك .. و لا أثر لاستجابة الأعصاب .
اعتدل في وقفته بعد أن انتهى من فحصه و ياسر يسأله بعصبية : ليس ما أحس بشي .. انتم زايدين الكميه ؟؟؟.
اغتصب الطبيب ابتسامة زائفة و هو يجيبه : لا .. بس مخدر جديد و الظاهر مفعوله ممتاز و أرجع و أقلك الإصابة لها ردة فعل قويه يعني لا تشيل هم .. ارتاح الحين و برجعلك فـ الليل.
رمقه ياسر بنظرة شك و همّ بسؤاله و لكن شيء ما منعه ، ابتلع ريقه و ضع رأسه على الوسادة من شدة الدوار الذي يلف رأسه .
@@@@@@@@@@@@@@@@@
جده
فيلا تركي
00 : 6 مساءً
ابتسمت و هي تتراجع للخلف ، و تتأمل تلك الأيدي الخبيرة التي بدأت عملها لتجهيز العروس ، التقت عيناها بعيني جوري عبر المرآة ، فاتسعت ابتسامتها حتى بدت أسنانها البيضاء ، بادلتها جوري ذات الابتسامة .. ثم انشغلت بمتابعة تلك اليدين اللتين تتحركان على شعرها لتجفيفه ، تنفست مرام الصعداء و خرجت من الحجرة الكبيرة إلى الصالة الرئيسية ، تصاعد رنين هاتفها ، هزت رأسها و هي تضع السماعة على أذنها و هتفت : يا بنت الناس تراكِ رجتيني .. و الله والله مو زواجك اليوم .
وصلها صوت ساره العصبي : أدري مو زواجي علّك بالعافيه .. سويتي شي فـ نفسك و لا لسا ؟؟!!!.
ضحكت مرام و هتفت و هي تجلس على الأريكة : لا .. ما لي نفس دحين .. بآكلّي لقمتين بعدين أخليهم يبدؤون فيني .. بعدين أنا ما أبغى شي مفشخر بزياده ، شي خفـ
قاطعتها صيحة ساره المنفعلة : خفيف فـ عينك يا لعصلاااااا .. خالة العروس إنتي .. لازم يطلع شكلك شيك ، ولا ناسيه اني بعرفكِ على القبيله كلها .
حركت مرام شعرها بيدها و هتفت ضاحكة : أقول فارقي و رتبي كشتكِ البهيه .. يمكن مجّووود يطلب يشوفك اليوم .
و انفجرت بالضحك و هي ترفع السماعة عن أذنها حتى لا تصلها صيحات ساره و شتائمها الحانقة ، قربت السماعة من شفتيها و هتفت : خلاااااااااااااااااااص .. انقــــــــــلعي .
و أنهت المكالمة و هي تنهض واقفة ، سارت إلى المطبخ و تعالى رنين هاتفها مجددًا ، ابتسمت و هي تفتح الرسالة التي وصلتها :
-------- من حبي الوحيد ----------
مساء الحب يا غايب .. يا سكر بالعسل ذايب
عسانا بس في بالك .. عسا ظني مهو خايب
___________________
رفرف قلبها بسعادة لا نهائية و هي تبحث عن تلك الرسالة
احترت بأغلى شي يفداك و أعطيك
مابي أقدم شي وتقول معروف
ودي بشي مني جد يرضيك
شي تضمه ضمة القلب بالجوف
ماعندي إلا قول واحد يوفيك
سطرته لشخصك بأبيات وحروف
اقسم قسم إني احبك وشاريك
وانك تساوي بنظر عيني الشوف
ضغطت زر الإرسال ثم رفعت رأسها لمسمع تلك الضحكات البريئة المختلطة بذلك الصوت الرجولي القوي
: الله .. برّو عريس دحين .
نهشها الفضول ، فاقتربت من الباب القريب و مالت برأسها تنظر إلى الداخل .. لتجد البراء يقف بثوبٍ أبيض مناسب لحجمه ، و طاقية و شماغ أحمر فوق رأسه ، ابتسمت بلا تفكير .. كم كان منظره رائعًا .. تراجعت إلى الخلف عندما دنا منه تركي و هو يقول بمرح : يلا .. تنزله دحين عشان لا يتوسخ و بعدين ترجع تلبسه مره ثانيه .
انقبض قلبها و هي تتراجع للخلف أكثر و أصوات الماضي السحيق تتداخل في عقلها
■ ■ ■ ■
رجب
1426 هـ
سعل بشدة و الآخر يهتف : لا ترهق نفسك يالوليد .. لا ترهق نفسك .
تحدث بصوت مبحوح : عــ ـباس .. الـ .. الشريط اللي أعطيتك إياه أمس .. الـ
و انقطع صوته أخرى من شدة السعال ، هتف عباس بألم : الله يخليك يالوليد خلاص و
قاطعه بذات النبرة : سلّمه لتركي بعد ما ينفّذ الوصيه اللي قلتلّك عليها .. سلمه لتركي يا عباس من يوم ما .. مـ .. ما يخلص الوصيه .
سأله عباس بحيرة : و ليش نسخته ؟؟ مو انتا أعطيت عـ
قاطعه الوليد بصعوبة : لـ ..لا .. الشريط اللي أعطيتك فيه
■ ■ ■ ■
هزت رأسها بعنف لتقطع الذكرى و الدموع تتساقط من عينيها ، وضعت كفها على شفتيها و صوته المرح و هو يلاعب البراء يملأ المكان من حولها .. ندت من بين شفيتها شهقة باكية جعلتها تركض بعيدًا عن المكان و أعصابها تصرخ بألم لا مثيل له ، دلفت إلى حجرتها و استندت على الباب و هي تصرخ باكية : ليتني ما دخلت هذاك اليوم .. ليتني ما دخلت .. ليتني ما دخــــــــــــــــــــــــــــــلت .
غطت وجهها بكفيها و هي تنهار على الأرض باكية .. تداري حزنًا رهيبًا بين جـــــنــــــــــبـــيــهــا .
@@@@@@@@@@@@@
[/ ]