الرياض
فيلا الجازي
00 : 10 صباحًا
في حجرتها ، تنظر مع النافذة و رجلها تطرق الأرض بتوتر ، فرقعت أصابعها و هي تتذكر ليلة البارحة ، ســــــــجـــــدت شكرًا لله ، سبحانه من لا يرد يدي عبده صفرًا ، سبحانه مجيب دعوة المضطرين .
التفت إلى الباب في حدة عندما سمعت طرقًا: مييين ؟؟.
: مدام .. في هرمه يبغو انتي .
شهقت في فرحة : مـــــــــــــرااااااام .
ركضت و فتحت الباب و من ثم اندفعت نزولاً إلى الدور الأول ، وجدت خادمة الاستقبال واقفة أمام الباب ، حسب تعليمات أبو فيصل لن يفتحوا الباب إلا بأمر تساهير ، هتفت بلهفة و هي تلهث: اش اسمها ؟؟ .
: مارام .
تجمعت الدموع في عينيها و هي تهتف : افتحولها .. بسرعه ..
أومأت الخادمة برأسها و حدثت الحارس مع الجهاز و ما هي إلا لحظات حتى فّتح الباب و طلّت من خلفه تلك المرأة التي أزالت الغطاء عن وجهها ليظهر جمالها الذي لم تنسه تساهير ، تلك التي تسمرت قدماها و هي غير مصدقة لما أمامها ، و ضعت مرام طرحتها على كتفيها لينساب شعرها الأسود بأريحية ، ترقرقت الدموع في عينيها و هي ترى صدمة تساهير .. صديقتها الغالية التي لم ترها منذ قرابة الثلاث سنوات ، فتحت ذراعيها و همست بفرحة مخنوقة : رورو .
ركضت تساهير و ضمتها إلى صدرها بقوة و هي تصيح بشوق كبير : مــــــيــمـــــــــــــيـــي !!!!!!!!!!!!!!!!!!.
انخرطت في بكاء مرير فاحتوتها مرام بحنان و هي الأخرى تبكي ، ضمتها تساهير أكثر كأنها تخشى أن يكون حلمًا .. وهمًا .. سرابًا .. ، من يصدق ؟؟؟ .. مرام صديقتها أمامها الآن ؟؟!!!!!!!!!! .. هنا في الرياض !!!!!.
انتحبت في حرقة و ذكريات الجامعة و أيامها برفقة عائلتها تندفع إلى عقلها ، ذلك الزمن القريب الذي تحن إلى دقائقه و ثوانيه بحلاوتها و مرارتها ، ابتعدت مرام عنها و هي تهتف بمرح : خلاص يا خبلونه .. خليتيني أبكي معاكِ .
تحسست تساهير وجه مرام برهبة ، تثبت لنفسها أكثر بأنها حقيقة و ليست صورةً يرسمها قلبها في سماء الخيال ، خفق قلب مرام في ألم و هتفت : رورو .. و الله أنا مرام والله .
لوت تساهير شفتيها كأنها تستعد للبكاء مجددًا ، كممت مرام شفتيها و هتفت : خـــلااااااص .. ستووووب .
ابتسمت تساهير برقة و بادلتها مرام الابتسامة و هي تهمس : تدرين إنه أبو فيصل يعزك بشكل ما تتصورينه ؟؟.
قطبت تساهير حاجبيها بحيرة و هي تقول : ليش تقولين كذا ؟؟ .
جالت مرام ببصرها في الفيلا التي لم ترها منذ مدة طويلة و قالت : تعرفين مين الجازي ؟؟ .
هزت تساهير رأسها نفيًا ، فعادت مرام تنظر إليها قائلةً : هذي .. زوجة أبو فيصل الأولى .. كان يموت على التراب اللي تمشي عليه و لأنها عقيم أجبره أبو خالد يتزوج عليها.. لكنه ظل رافض إلين توفت الله يرحمها و بعدها بسنوات .. تزوج أم فيصل.
سألتها تساهير بلهفة : طيب؟؟
أردفت مرام قائلةً : قبل ما تتوفى .. كان مسوي لها هذي الفله مفاجئه .. لكنها ماتت قبل ما تشوفها ..عشان كذا سماها الجازي .
خفضت تساهير عينيها و ما يقال أمامها الآن دليل أكبر على طيبة قلب ذلك الرجل و أصالة معدنه ، و مرام تردف بنبرة متعاطفة : كان ما يخلي أحد يعتّبها .. و دايمًا كنت أسمعه يتكلم عنها فلة الجازي .. الجازي .. الكل عرف قد ايش هيا غاليه عليه و دحين .. أعطاكِ اياها .
أشاحت تساهير بوجهها حتى لا تفضح دموعها الجديدة ، فابتسمت مرام و هي تربت على كتفها : عشان تعرفين انه بالفعل يبغى يكفر عن ذنبه .
فركت تساهير يديها بتوتر و همست: ميمي أنـ
قاطعتها مرام : أدري اش اللي تبغينه .. بس .. بدخّل عمّار المجلس .. تراه واقف برا .
سألتها تساهير بدهشة : مــيـن ؟؟ .
ضحكت مرام في مرح : قدامنا قصص كثييييره نحكيها لبعض .. هذا يا ستي .. زوجي .
فغرت تساهير فاها في صدمة فدفعتها مرام إلى الداخل برفق و هي تهتف: أقووووووول لا تنتحين .. أوصّله للمجلس و ألحقكِ .
@@@@@@@@@@@@@
جده
فيلا تركي
في نفس اللحظات
شدت شعرها بكلتا يديها في غيظ : يوووووووووه يا خالتووووو .. و قتك دحين تسافرييييييييييين .
أخذت تسير في الحجرة ذهابًا و إيابًا ، كانت تشعر بارتباك شديد .. الأمر برمته جديد عليها ، صعب أن تعد نفسها لحفلة زفافها و حيدةً ، غطت وجهها بكفيها و هي تهدد نفسها : لا .. لا يا خبله .. لا تبكين .. يا ويلك .. لاااااااا تبكييييييييييييين .. يووووم و بترجع .
و أخذت تنفخ مُدَافَعَةً لدموعها التي تحرق عينيها ، رن هاتفها المحمول فصاحت في فرحة و هي تقفز إليه .. كانت تظنها خالتها و لكنها عقدت حاجبيها هامسة: رقم غريييييييب .
تأففت في حنق لأن تعليمات تركي الصارمة منذ أن اشترى لها أول جهاز تأمرها بأن لا ترد على أي رقم غريب و لكنّ شدة حاجتها إلى محادثة خالتها جعلت كونها المتصلة فكرة ملحة ، و رغم غرابة الرقم حسمت أمرها و رفعت الهاتف إلى أذنها : ألو .
: جوري حياتي .
تجمدت الدماء في عروقها ..
أتاها الصوت الباكي : جوري حبيبي .. أنا ماما يا قلبي .. الحقيني يا جوري أنا تعبانه ، تعبانه مره .
جفّ حلقها من هول الصدمة و اختنق صوتها من شدة الذعر ..
■ ■ ■ ■
: ما ني ناقصه زيادة مشاكل مع أخوها .. بعد ما أخلص من شغلي معاه .. خذها بالعافيه ..أما دحين .. لااا ...
: أبـــــــــــــوكِ ماااات .. مااااااات .. و التراب فييييييييييه .. عارفه يعنيايه و التراب فيه
: أنـــــــا أســوي اللي أبغاه .. وانـــــــتـــي مــــــــالـــــــــــكالـــــــحــــــــق تــفـــتــحــيــن فـــمــك .. ولا تـــعــتــرضــيــن عـلـــىشــــــــييييي ..فـــــــــــااااااااهمه .
: قــــــــــفلــي فـــمــك الله يـــــــــآخــذ روحــــــك .. انــتـــــــــيأصـــلاً مــا مــنـك فـــايــده زي التراب على جزمتي.
■ ■ ■ ■
: جيجي .. حبيبي لازم أشوفك .. الله يسعـ
شهقت عندما سحب أحدهم الهاتف من يدها دارت على عقبيها و هتفت في حدة : تـــركي ؟؟!!!!!!!!!
ألقى الهاتف على الأرض بعنف ليتحطم إلى قطع متفرقة ، وضعت يديها على وجنتيها في خوف شديد و هو يرفع بصره إليها بعتاب صارم : أنا ما قلتلك لا تردين على الأرقام الغريبه ؟؟؟.
أغروقت عيناها بالدموع هي عاجزة عن شرح الإجابة ، أردف بصرامة أشد : أنا الغلطان اللي طلعتلك بدل فاقد عن شريحتك القديمه .
ثم استطرد في حزم : اليوم بتجيكِ الشريحه الجديده .
انسابت الدموع من عينيها في صمت فتنفس الصعداء و قال : ما كنت محتاج لذكاء كثير عشان أعرف إنها هيا اللي داقه عليك .
ثم أشار إليها قائلاً: طالعي فـ وجهك و شوفي كيف مقلوب .
التفتت بلا تفكير إلى المرآة .. و هالها منظر وجهها الممتقع و عيناها الغائرتان ..كأنها شاهدت مجزرة شرسة مضجّرة بالدماء ، اهتز جسدها من فرط البكاء : قالتلي إنها تعبانه و
: جــــــــــــــــوري !!.
غطت وجهها بكفيها و انفجرت تبكي ، زفر في حنق ..الخطأ منه هذه المرة .. لم يكن عليه أن يحضر لها بدلاً فاقدًا للشريحة القديمة التي فقدتها ، قال في صرامة : أعتقد إنك شفتي بعيونك شرّها و حقدها و
همّ بقول المزيد ..و لكنه في قرارة نفسه يدرك أنها والدتها .. و مهما اشتدت المأساة تبقى والدتها .
غممّ في هدوء : جيجي .. ما اتفقنا ننسى الموضوع ؟؟.
مسحت دموعها بأصابعها و براء يدلف إلى الحجرة و الفضول يلمع في عينيه ، ابتسمت له و هي تحاول تناسي ألمها و تناسي اللحظة المريرة التي مضت .. حملته فورًا بين يديها قبل أن يصل إلى تركي و هتفت لتغير دفة الموضوع : ليش شلته أمس ؟؟؟.. كنت أبغى خاله تشوفه .
تجاهل حديثها و أشار إليها بيده : تعالي افطري معايا .. و بعدين أبغاك تختارين شكل الديكور .
زوت ما بين حاجبيها و همست متسائلة : ديكور ؟؟!!.
ضربها بخفة قائلاً : ديكورات الحفله .. عشان الشركه تجي تسويها السبت .
نظرت إليه في صمت للحظات كأنها تستوعب ما يقول : قصدك هنا فـ الفله ؟؟.
حرك عينيه بغيظ و هو يتأفف ثم جرها مع يدها مغممًا : انتي شكلك فاطره فول .. امشي بسرعه .
سارت إلى جواره هاتفة : طــــــــــــيــب .. بشووويييييش .
خفف من سرعته ، فسألته : عارف إنه خالتو سافرت الرياض ؟؟.
هز رأسه نفيًا : لا .. بس قالولي إنها طلعت في الليل مع زوجها .
هزت كتفيها في حيرة : خالتو عليها طلعات ما أدري من فين .. نفسي أعرف بس اش هذا الموضوع الضروري اللي تقصده .
التفت إليها وهو يجلس إلى طاولة الطعام : قالتلك موضوع ضروري ؟؟ .
و ضعت البراء في المكان المخصص له ثم جلست على مقعدها مجيبةً : كتبتلي في الرساله.
هز رأسه بتفهم و عقله يحاول تحليل الموضوع ..
**هذي كيف تسيّب جوري و تنط للرياض فـ هذا الوقت ؟؟!! **
و زفر و هو يُطعم البراء من صحنه
** أصلاً وجودها من عدمه ما يهمني .. هيا بس جوري اللي تحتاجها .. **
أمسك بقطعة من الخبز و هو يتذكر شيئًا ما
** ممكن راحت عشان زواج ياسر ؟؟..**
@@@@@@@@@@@@@
جده
فيلا عريقة .. تطل على مزرعة واسعة
10 : 10 صباحًا
صرخت في غيظ و هي تدور في الحجرة كنمرة جريحة : الله يلعـ** الله يآخذه الحقيييييييييييييير الـ######### .
هز فوزي رأسه في أسف دون أن يتلفظ بكلمة ، وصل إلى المكان صوت ضحك ساخر ، التفتت ساميه إلى مصدرها بحدة و هي تصرخ : وجـــــــــــــدي .. هذا مو وقتك .
دلف إلى المكان بقامته الطويلة و جسده الممتلئ و شعره الغزير الذي كساه الشيب ، حرك كتفيه بلا مبالاة : لا تحطين حرّتك فيني .. اش أسويلك إذا خططك دايمًا تفشل .
ضربت الأريكة بقدمها في عصبية مفرطة و صرخت بوجهها المحتقن : الــــــــــــــــحــيـــــوا** قفلت السماعه فـ وجهي .. لاااااا .. و الــــســـبــّه مــنــه .. ســـــــــمــعــتـهـا و هــيــا تــــــــنـــاديـــــــــه .. الله يـــــــــــقــلــب الـــــــــــــــدنـــيــا عــــــــــــــلـى راســــــــــــــها و راســـــــــــــــــه.
جلس وجدي إلى جوار فوزي في أريحية و قال بصوته الثقيل : سوسو حياتي .. بعصبيتك هذاي راح تعجّزين بسرعه .
فركت يديها في عصبية متجاهلة حديثة : قولولي اش أسوي .. كيف أسحبها ناحيتي كييييييييف ؟؟؟.
نهض وجدي من مكانه و هو يتأفف و توجه إلى المدفأة الكبيرة في صدر الحجرة ، تحسس السلاح الأسود المعلق فوقها بطريقة فنية و قال بنبرة غريبة : و الله من أول علمتك ع الطريقه السهله و انتي رفضتي .
زمجرت بحنق هاتفة : جربتها من قبل و ما نفعت .
توجه وجدي إلى النافذة الضخمة التي تبتلع معظم الحائط و أخذ يتأمل مزرعته الواسعة من خلفها و هو يقول : سوسو .. أقترح إنك تآخذين سلاح صيد من عندي و تروحين تفرغين قهرك فـ كم أرنب بدل ما تصدّعين روسنا بصريخك .
و أشار إلى المزرعة مشجعًا : يلا .. خذي راحتك المزرعه مزرعتك .
صرخت في غيظ و هي تندفع خارج الحجرة ، تبعها فوزي ببصره حتى اختفت ثم همس : إذا عصّبت تسير شيطان .
قال وجدي ضاحكًا : و انتا اش مخليك تحب هذا الشيطان ؟؟ .
تجاهل فوزري سؤاله و هو يتّجه إلى السلاح الأسود : هاه .. ما قررت تبيعه ؟؟ .
هز وجدي رأسه نفيًا : نو نو .. هذا أفضل أسلحتي و مشتريه بذاك الكلام عشان أشبع غروري .. و تبغاني أبيعه ؟؟؟!!.
سأله فوزري في اهتمام وهو يتأمل السلاح بحذر : كم فيه ؟؟ .
أخذ وجدي ينفث دخانسيجارته و هو يغمم : مو كثير .. بس عشره رصاصات و دحين بطّلك من الأسئله الزايده و انقلع ورا شيطانتك لا تكسر لي شي في البيت .
لوا فوزري شفتيه بضجر و تحرك إلى خارج الحجرة .
@@@@@@@@@@@@@@@
الرياض
فيلا الجازي
40 : 10 صباحًا
تراجعت في مقعدها و الدماء تثور في عقلها الذي يعيد تصنيف كلمات مرام و يربطها بكل ما ما مر بها .
~
تعرفت إلى رهف في المرحلة الثانوية و عندما انتقلتا إلى الجامعة كان اللقاء الأول بمرام و ساره و هناك تكونت الصداقة الوثيقة التي جمعت بينهن ، ساره كانت أقرب المقربات إلى مرام بحكم الفترة الطويلة التي قضتاها برفقة بعضهما البعض و لذلك كانت هي الوحيدة التي تعرف عن قصة مرام و زواجها .
و الآن .. مرام كذلك تكون أخت أم خالد من الأب فقط و هذا ما يُفسر فارق السن الكبير بينهما .
~
: تساهير .
رفعت رأسها فأمسكت مرام بكفها قائلةً : قلتلك أنا أكلم ياسر .
هزت تساهير رأسها نفيًا و همست بصوت حزين : لا تجبرينه يا مرام .. من حقه يرفض وجودي فـ حياته .. أنا ما ألومه أبدًا .
شدت مرام على يد تساهير و هتفت معترضة: لاااااا .. مو من حقه .. طالما إنك بريئة مو من حقه .
لم تشأ تساهير أن تتعمق في الموضوع الذي يرهقها أكثر ، لذلك غيرت دفته هاتفةً : في شي واحد نسيتيه .
رفعت مرام حاجبيها هاتفة : اش هوا ؟؟ .
اعتدلت تساهير في جلستها قائلةً : تركي .. اش علاقته بياسر ؟؟.
امتقع وجه مرام ، هذه هي النقطة التي كانت تخشى الولوج فيها و لكن سواء كان ذلك اليوم أو غدًا ..لا بد أن تجد تساهير الإجابة .
أخذت ترسم على يد تساهير بإصبعها في تردد ثم قالت : ولد عمه .
رفعت تساهير أحد حاجبيها وقالت في استنكار : ايش ؟؟؟ كيف ولد عمه و اللقب مختلف ؟؟.
تنفست مرام الصعداء قبل أن تقول : يا قلبي .. هذي قصه قديمه و طويله .
احتضنت تساهير الوسادة في ترقب : قوليلي .. أبغى أسمع .
رمقتها مرام بنظرةٍ خبيثة : بشرط .
تراجعت تساهير إلى الخلف : آمري .
ابتسمت مرام بمكر : تقابلين ياسر و تـ
: لااااااااااااااااااااااااااا
هبت من مكانها و لحقت بتساهير التي تركت الحجرة هاتفةً: اســـــــــــتـــنــــــــــي .
هزت تساهير رأسها نفيًا و هي تدلف إلى حجرة نومها هاتفةّ : قلتلك لا لا لا .. يعني لا .
و جلست على سريرها و هي تهتف بضيق : ميمي الله يوفقك قفلي على الموضوع .
رفعت مرام أحد حاجبيها و هي تجلس على المقعد المقابل و قالت : و الله منتي صاحيه .. ياسر رجال وألف مين يتمناه .. و انتي زوجته و حلاله و ما تبغين تصلحين اللي بينكم ؟؟ .
ابتسم تساهير بمرارة و هي تشيح بوجهها و تعبث بخيوط اللحاف قائلةً : انتي قلتي .. رجال .. و اللي تناسبه بنت ناس كامله و مو ناقصها شي و
اختنقت الكلمات في حلقها فأردفت بصوت متحشرج : وبس .
تأملتها مرام للحظة بتوجس .... منذ البداية و هي تفر من الحديث عن ياسر بإصرار عجيب ، قالت بخفوت : انتي واركِ شي يالدب .
تصلبت يد تساهير و هي تدافع دموعها التي تجمعت في عينيها ، نهضت مرام من مكانها و جلست أمامها هامسةً : تساهير حبيبي .. علميني باللي فيكِ .
ترددت لحظة و هي تحاول أن تحافظ على صلابتها .... و لكن الــمــشــهــد الــقــديم حطم دفاعاتها ، انهارت و هي تغطي وجهها بكفيها وتنفجر بالبكاء ، اتسعت عينا مرام بصدمة و ضمتها إلى صدرها و هي تهتف : أفاااااااااااااااا عليكِ ؟؟!!!.. ليه هذا كله .. ليه كابته فـ نفسك كذا ؟؟!!!!!!!!!!.
شهقت تساهير بعنف و هي تهتف : طـ .. طلال .. ما أدري اش سوا يا مرام .. ما أدري .. صحيت ولقيته واقف قدامي و أنا بهذاك اللبس .. الحقييييييييييييييير اللي ما يخاف الله .
انتفض قلب مرام بين ضلوعها و هي تتراجع إلى الخلف و تنظر إلى وجهها بصدمة هاتفةً : كـــيــــــف ؟؟!!!!!!!!!!.
أشاحت تساهير بوجهها و الحرج و الألم يفتتان قلبها ، مسحت دموعها بأصابعها المرتعدة و هي تهمس من بين شهقاتها : عــ ـشــ ـان كــ ـذا المفروض ياسر يكون بعيد .. ياسر تناسبه بنت طاهره .. مو وحده مـ
قاطعتها مرام بحدة : لااااااا.
و وضعت يديها على جانبي رأس تساهير لتجبرها على النظر إلى عينيها ، همست تساهير بصوت متحشرج : مرام .. الله يخليكِ .. هذي الحقيقه ، قفلي على الموضوع .. خلاص .
تطلّعت مرام إلى عينيها و همست بجدية دفعتها أعصابها المشدودة : جاوبي على اللي أقوله .
زوت تساهير مابين حاجبيها لتنساب دموعها و مرام تميل على أذنها و تهمس ، أرهفت تساهير سمعها لذلك الحديث قبل أن تتسع عيناها و يحمر وجهها بحرج شديد و هي تصيح باستنكار : لاااااااااااااااااااااا
تراجعت مرام إلى الخلف و نظرت إليها هاتفةُ ببراءة : والله ؟؟!!!.
غطت تساهير وجهها المحترق بكفيها و هي تقول بخفوت : إيوه الله يآخذ شيطانك .
انفجرت مرام بضحك شديد و هي تضربها على كتفها : و شيطانك يا مجنونه .. فجعتيني فـ عمري !!! .
و نهضت من مكانها هاتفةً : لا تشيلين هم يالمجنونه .. يا دار ما جاكِ شر .
اهتزت شفتا تساهير و هي ترفع كفيها عن وجهها و تهمس بانفعال مخنوق : والله ؟!!!!.
ضحكت مرام بسعادة هاتفة : إيوووووووووووووووه .. اسألي الدكتوره مرام .. ناسيه إني خبيره من أيام الجامعه .
و غمزت بعينها فأطرقت تساهير بوجهها في خجل شديد و هي تهمس : لسانك مفلوت من يومه يا لعصلااا .
قهقهت مرام و هي تجرها مع يدها هاتفة : قومي يلا و خلينا نتمشى في الحديقه شويه بعد فـــــــــــــجـــــعـــتــك المحترمه .
نهضت تساهير من مكانها و سارت إلى جوارها و الذهول الممزوج بالراحة متفجر في ملامحها و قلبها .... انتهى خوفها و انتهت كوابيسها .... ستنام قريرة العين بعد تلك الليالي السوداء .
: و غير جوري .. ساره ملّكت .
شهقت تساهير في فرحة و هي تهتف بصوت لم يتحرر من قيود الدموع : من جد ؟؟!!!.
@@@@@@@@@@@@@
الرياض
الشركة
00 : 1 ظهرًا
خرج من مكتب عزام متوجهًا إلى مكتبه و في يده مجموعة من الملفات ..
: يـــــاســر !!
التفت إلى مصدر الصوت و هتف : نــــادر .. أخذت الأوراق اللي تبيهم من المكتب !!
لوح نادر بيده في انزعاج : ايه ايه .. بس جوالك أزعجني .. منذو مبطي و هو ينافخ .
ابتسم ياسر و هو يتابع سيره : نسيـــــــــــته و اش أسوي ؟؟.
دلف إلى داخل مكتبه و أغلق الباب ، جلس على مقعده الجلدي الأسود و أمسك بهاتفه : الله .. 12 مكالمه مره وحده .
قطب حاجبيه عندما رأى اسم المتصل : خالتي مرام ؟؟!!!!!!!!!!!!! اللهم اجعله خير .
همّ بالاتصال إلا أن رسالةً و صلته ، فتحها على الفور ..
--------- من أم المرام --------
ياسر .. كيفك يا قلبي ؟؟ .. من يوم ما تخلص من الشركه مرّني .. أنا فـ فلا الجازي و تراني كلمت عمك أبو فيصل .. يعني سيدا على الفلا ..
______________________
اشتدت ملامحه و ضرب سطح مكتبه في قهر و هو يهتف : ليـــــــــــش يا عمي .. ليش تدخل خالتي .. ليــــــــــــش ؟؟؟.
تعالى لهيب أنفاسه و الغضب يتصاعد في عروقه : يعني لازم تربطوني فيها .. ما ني متقبلها .. يا نااااااااااس .. ليش ما يفهمووون .
ألقى بهاتفه على الأريكة و هو يزمجر في حنق ، غطى وجهه بكفيه و هو يهمس : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
@@@@@@@@@@@@@
الرياض
فيلا الجازي
00 : 4 عصرًا
أراح رأسها على صدره و همس قائلاً : يلا .. خلصي موضوع صحبتكِ و ياسر .. و جوري .. عشان نسافر .
تمتمت : يعني عادي تنتظر شويه ؟؟.
طبع قبلةً على رأسها و هو يجيبها : عاديّين يا روحي .
أغمضت عينيها و هي تستكين على صدره و.. انتفضت عندما رن جرس الفيلا.. ، ضحك قائلاً : يالخوااافه .
ضربته بخفة هاتفةً : ماني خوافه .. بس كنت بنام.
نهضت من مكانها و عدلت من وضع لباسها و هي تسأله : كيف شكلي ؟؟
و غمزت بعينها و هي تردف : أنفع مصلحه اجتماعية ..مو ؟؟ .
ابتسم بمرح و هو يهتف مشجعًا : قمـــــــــــــــــــــــر .
بادلته الابتسامة و خرجت لاستقبال ياسر ..
.
فتحت الباب الخارجي بهدوء ، كان وجهه مخيفًا لشدة الوجوم الطاغي عليه .. ، هتفت و هي تضع يدها على قلبها : بسم الله الرحمن الرحيم .. خيييير .. هذا شكل تستقبل فيه خالتك ؟؟؟.
سلم عليها دون أن ينطق بكلمه وقبل أن يعتدل في وقفته أمسكته مع تلابيبه بحدة و هي تهتف : امسح هذا البرود اللي على وجهك .. و الله لو منتا عزيز و غالي .. كان وريتك العين الحمـــــــــــرا .
صك على أسنانه بغيظ : ليش .. لجل الـ
قاطعته بعصبية و هي تتركه : ما أبغاك تطيح من عيني .. عشان كذا .. لا تــــــــــــــــمــسـها بـــــــــــــــــكـــــــــلـــــمـه ..و لعلمك قبل كل شي .. مو أبو فيصل اللي كلمني .. لااااا
تطلّع إليها بصدمة فأردفت قائلةً بصرامة : تساهير .. اللي تسير صديقتي من أيام الجامعه يا أستاذ ياسر .
ظهرت المفاجأة على وجهه فابتسمت بانتصار هاتفةً : شفت كيف .. ربي ما يضيّع أحد .
ثم أشارت بيدها للداخل و قالت آمرة : امشي للدور الثاني لو سمحت و لا تسوي إزعاج لأنها نايمه .
عدل من وضع شماغه و هو يحدجها بنظرات حادة ثم أكمل طريقه إلى حيث تشير .
.
.
.
بعد فــترة
عقدت يديها أمام صدرها : و أرجع و أقلك .. البنت أطهر منها مافيه .. ما قد شفت عليها شي غلط ، يكفي إنها كانت بارّه بأمها .. و أعتقد إنك شفت هذا الشي بنفسك .
خلع شماغه من فوق رأسه و مسح على شعره بإرهاق و هو يغمم : و أرجع و أعلمك إني بنفذ اللي عمي طلبه.
صاحت في اعتراض : لاااااا .
رفع رأسه إليها فاحمر وجهها غضبًا و هي تردف : يا تعاملها كزوجة .. يا تنهي الموضوع كله .
ضحك في استنكار : خالتي انتي صاحيه ؟؟ .
ضربت مرام الطاولة بقبضتها و هي تهتف بحدة : ايوه صاحيه .. و اذا خايف من أهلك أنا و أبو فيصل بنتكفل بالموضوع ، لكن تخليها كذا زي المعلقه هذا شي أنا ما أرضــــــــــــاه.
مسح على وجهه بكفيه ..
: طلقها
رفع يديه بصدمة و حدق فيها قائلاً : ايش ؟؟.
نهضت مرام من مكانها و هي تقول بحزم : طلقها و خليها تشوف حياتها مع واحد ثاني طالما حضرتك مو مقدر قيمتها .
حرك يده بلا مبالاة مجيبًا : آسف .. لكن رضا عمي يهمني و هو اللي طلب مني أخليها على ذمتي لجل كذا .. انسي .
عضت مرام على شفتها بحنق و هي تقول : أنا أتفاهم مع أبو فيصل .
نهض ياسر من مكانه مغممًا : براحتك .. سوي اللي تبينه .
و التقط شماغه و طاقيته و هو يستطرد : و رجاءً سكّري على الموضوع لاني ما بتكلم فيه مره ثانيه .
و خرج من الحجرة على عجل و كلماتهم و صورتها .. تلهب عقله ، لا ينكر أنه بدأ بتقبل الفكرة و لكن
: آآه
تراجع إلى الخلف عندما اصطدم بشيءٍ ما رفع بصره ..
## و اصــــــــــــطــــــــــــــدم بـــــــــهــــــا ##
عينان عسليتان تائهتان ، شفتان توتيتان ، أنف أنيق ، و شعر بني ذو تموجات ناعمة ، كفاها مضمومان أمام صدرها في خوف و لمعة من الدموع تتوهج في عينيها ، انعقد لسانه ..إنها هي .. هي ذاتها .. لكن لماذا تبدو الآن أجمل .. أجمل .. بمئات المرات ؟؟ .
غرقت في بحر عينيه الواسعتين فتراجعت إلى الخلف أكثر ، ارتبك كيانه من خوفها و شعر بتيار مبهم يسري في قلبه ، أشاح بوجهه على الفور و مر من جوارها على عجل هاتفًا : آسف .
وغادر المكان برمته ، زمت شفتيها بألم و الرعدة تستبد بجسدها صاحت بقهر : مــــــــــــــــــــرااام .
خرجت مرام من الحجرة و ركضت إلى حيث تقف و هي تهتف بهلع : اشــــــــــبـــــــك ؟؟!!!.
تساقطت الدموع من عيني تساهير و هي تهتف بألم : ليش كلمتيه .. ليييييييش ؟؟؟؟؟.
و أردفت بعصبية : ما أبغاك تغصبينه .. خليييه .. لاتجبرينه عليا لا تجبريييينه .. إذا هوا مو راضي خلااااااااص .
و ركضت إلى حجرتها و هي تبكي ، اضطربت ملامح مرام كما اضطربت أعصابها ، طرقت الأرض برجلها و هزت رأسها بقهر ، أولاً ياسر و تفكيره الغريب .. من أجل عمه فقط .. و الآن هذه المسكينة التي لا تريد المحاولة ، تنفست الصعداء ثم لحقتها بصمت .. علّها تهدئ من روعها .
@@@@@@@@@@@@@
** الــــــــــــــــــــسبـــــــــــــــــــــت **
جده
المستشفى
00: 10 صباحًا
أمسك بيده الصغيرة و هو يبتسم في وجهه الذي يرسم معالم الخوف و القلق و هو يتلفت حوله و يمد يده بانزعاج لذلك الشيء الأخضر الذي يغطي رأسه ، قال بحنان : لا تخاف يا حبيبي يا برّو .. بس شويه تجلس هنا و بعدين أطلعك و نروح الملاهي .. اتفقنا ؟؟ .
ترقرقت الدموع في عيني البراء و هو ينظر إليه بخوف : دحــين رووووح البيت .
اعتصر الألم قلبه و هو يحتضن كفه الصغيرة بحنان أكبر و يهتف : من عيوني .. بس تنام شويه عند الدكتور و لما تصحى نجلس شويه كمان وبعدين نروح للملاهي و البحر و كل مكان برّو يحبه.
هتف البراء بصوت خائف متلهف : بحر ؟؟!!! .. ملاهي ؟؟!!.
ابتسم تركي و هو يومأ برأسه : والله بحر و ملاهي و كل مكان تحبه .
تقدم أحمد منهما و قال لتركي : يلا نمشي .
أومأ تركي برأسه و الممرض يدفع السرير أمامه لحجرة العمليات و البراء يتلفت حوله في خوف شديد و أحمد و تركي يحاولان إلهائه بشتى الوسائل ، و عندما و صل السرير للحجرة المنشودة ، ربت أحمد على كتف تركي و قال : لا تشيل هم .. أنا معاه .
أومأ تركي برأسه ثم انحنى على رأس البراء و طبع قبلة حانية على جبينه حملت خوفه و قلقه على الصغير ، اتسعت ابتسامة أحمد و هو ينظر إلى البراء و يهتف : شوف يا بروّ .. طالع فوووووق .. شوف اش مرسوم على السقف .
رفع البراء بصره المبلل بدموع الخوف فأشار أحمد للمرض في الخفاء ليدفع السرير للداخل و يُغلق الباب خلفهم .
انقبض قلب تركي و هو ينظر للباب .. و عقد ذراعيه أمام صدره و هو يتراجع للخلف و يهمس : يا ربي .. يا ربي اشفيه و عافيه .. يا ربي سهّل عليه العمليه يا رب .
أخذ يدور في الممر ذهابًا و إيابًا و القلق الشديد يعصف بروحه .
@@@@@@@@@@@@@
جده
البيت الأخضر
في نفس اللحظات
وضعت ملعقتها على الطبق و هي تقول : الحمد لله .
نهضت من مكانها و هي تمسك بعكازيها : تسلم يدك دكتوره فدوى .
ابتسمت فدوى و هتفت : بالعافيه يا روحي .
منحتها رهف ابتسامة باهتة قبل أن تتوجه إلى المغاسل و تغسل يديها و شفتيها ، رفعت وجهها و نظرت إلى المرآة .. شــــعــرت بــــــــــقـــلـــبــهــا يـــهـــوى و بجسدها يضعف ، شهقت و سقط أحد العكازين من يدها ، تمسكت بحوض المغسلة .. يداها ترتعشان و عيناها تلمعان ، همست بصوت مخنوق : يا ربييي .. اش هذا الشعور ..؟؟..ليش أحس نفسي .. مو أنا ؟؟؟ ليش أحس نفسي .. غريبه ؟؟.
أخذ الضياع يلفها و دوامة الحيرة تسحبها إلى ذلك الــــــــــــعــمـــق الأســـــــود المخيف ، شعرت بنفسها تهوى و تهوى و تهوى و
: رهوفه ؟؟.
انتفضت في ذعر و التفتت إلى فدوى التي فهمت تلك النظرة ، نظرة غريبة متألمة ، قالت بابتسامة لطيفة : يلا .. درس التفسير راح يبدا.
أومأت رهف برأسها في ارتباك و هي تشيح ببصرها بعيدًا ، أغلقت صنبور المياه و فدوى تنحني و ترفع لها العكاز و تعاونها على وضعه بالشكل الصحيح ، شكرتها رهف باقتضاب و توجهت إلى حجرتها ، أغلقت الباب و استندت عليه ، تسارعت أنفاسها و انسابت على خدها دمعة حارة ،همست بانكسار : يا ربي .. ساعدني يا ربي .. ساعدني .
كتمت دموعها و هي ترفع يدها إلى نحرها لتشد خيط ذلك العقد الذي تخفيه و الذي طلبت من فدوى أن تحضره لها ، قطعة زجاجية مزخرفة مستطيلة الشكل احتضنت في داخلها تلك الصورة، خفق قلبها بعنف و ارتعدت أطرافها خوفًا و رهبة ، تساقطت دموعها .. فسالت على وجهه ، مدت إصبعها و شهقاتها تخونها أخذت تتحسس ملامحه بيد مرتعدة و هي تهمس : مين انتا يا تركي .. مين ؟؟ .
بدأت المخاوف تتسلل إلى قلبها ، أغمضت عينيها و هي تقبض على العقد و تعيده إلى الخفاء ، مسحت دموعها و خرجت من حجرتها .
.
حملت فدوى كتاب تفسير القرآن العظيم و سارت نحو حجرة الجلوس ، و ضعت لرهف جدول تقضي به وقتها يوم لحفظ شيء من القرآن و آخر لتفسيره ، يوم للطبخ و آخر لممارسة هوايات أخرى ... و هكذا .
كانت مصرة أن تشغل وقت تلك المسكينة علّها تنسى موضوع ذاكرتها المفقودة قليلاً ، تنهدت في حرارة و هي تتذكر ذلك اليوم الذي حدثها فيه يوسف ابن جارهم عن رهف ليخبرها بحالتها و كيف أنها وحيدة ليس لها إلا زوجها و هو رجل أعمال منشغل جدًا و لا يمكنه أن يبقى إلى جوارها في هذه الفترة الحرجة لذلك يريد طبيبة متخصصة تقوم بهذا الأمر و يكفل لها ذلك مرتبًا عاليًا لم تهتم بالمرتب بقدر ما جذبتها قصة رهف و معاناتها ، و لأن فدوى أرملة ليس لها إلا ابن وحيد يدرس الطب في إيرلندا فقد تركت عيادتها الخاصة لتتفرغ كليًا لرعاية رهف ، و لكنها لم توافق إلا بعد أن حادثت تركي شخصيًا و شددت عليه بضرورة تواجده في أقرب فرصة في حياة تلك التي لم تره .. و طمأنها ببضع كلمات .. لم تكن مقتنعة أبدًا .. و لكنها سارت على مضض علّها تقدم شيئًا لتلك الضائعة .
المشكلة أنها لا تعرف شيئًا عن ماضيها فكيف تساعدها على استرجاع ذكرياتها .. كيف ؟؟ .
: دكتوره فدوى .
ابتسمت لرهف التي دلفت إلى الحجرة : تفضلي يا روحي .
تقدمت رهف و جلست على الأريكة المجاورة و هي تضع عكازيها جانبًا ، فتحت فدوى الكتاب و رفعت بطاقة ملونة مختبئة في وسطه ، رفعتها و هي تقول لرهف : عارفه هديتك ايه النهار ده ؟؟.
هزت رهف رأسها نفيًا و هي تنظر للبطاقة بفضول ، ابتسمت فدوى و هي تنهض و تجلس إلى جوارها ، مالت رهف برأسها للبطاقة تنظر للكلمات التي تقرأها فدوى : قال صلى الله عليه و سلم (من قال : سبحان الله العظيم و بحمده ، غرست له بها نخلة في الجنة )* .
رفعت رهف حاجبيها و هي تهمس : سبحان الله العظيم و بحمده .
أومأت فدوى برأسها و هي تمد لها بالبطاقة : دي أول هديه ليكي و كل يوم إن شاء الله بهديه قديده .
ابتسمت رهف و هي تتأمل البطاقة الملونة بألوان زاهية و قالت : تجنن هدياكِ يا دكتوره فدوى .
ربتت فدوى عليها و هي تبتسم : و أريب إن شاء الله حروّح و أشتريلك كتب من المكتبه تتسلي فيهم .
هتفت رهف بلهفة : من جـــــــد ؟؟!!!!!!!!!.
أجابتها فدوى بابتسامتها الواسعة : أيوه .. و دلوأتي خلينا نبدا الدرس .
@@@@@@@@@@@@@@@@
[/ ]