كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
أسرة ديرموت
أغلقت الباب بعنف كمن يتمنى أن يصفعه بشدة, ولكنه يحاول أن يكبح جماح نفسه. وابتسمت ليلى للفتاة الغاضبة التي القت كومة من الاوراق على مكتبها وسألتها بعطف:
-يبدو عليك الاضطراب , فماذا يجري؟
أشارت الآنسة كيريغان بيأس وكأن شرح ما يزعجها بدقة أمر يفوق طاقتها وقالت:
- سأقول يوما لذلك الرجل رأيي فيه... وثقي أنني لن أكون ممهذبة في ذلك!
اختلجت شفتا ليلى ديرموت قليلا, وظهرت في عينيها الفاتنتين الداكنتين ومضة انشراح. ولو أن أحدا اطال النظر اليها لأعجب أيضا بلون بشرتها القرمزي الشاحب وبشعرها المجدول في عناية, بعدما عقصته مثل اكليل حول رأسها الصغير. وكان مظهرها خادعا اذ تبدو هادئة ساكنة الاعصاب, لكنها كانت ذات مزاج حاد وكانت كيري كيريغان تعرفها معرفة جيدة ولا ترتاب اطلاقا في الصفات الكامنة تحت كمال بشرتها الشاحبة. وأدركت كذلك ان ليلى لم تأخذ كلامها على محمل الجد. وقالت وهي تجلس على ركن من المكتب:
- آه... لعله من الصعب أن اجد الجرأة.. ربما يكون مديرنا جذابا ولمنه ارهب مثال صادفته!.الأميرة شوق
فقالت ليلى معلقة:
- مشكلتك انك تسمحين له بأن يثير اعصابك.
وأعادت كلماتها اللهب الى العينين الخضراوين , فتهفت كيري:
- يثير أعصابي؟ كاد يهيج غضبي منذ لحظات, واصارحك بأنني لا فهم كيف استطعت أن تلازميه ثلاث سنوات.
وأجالت عينيها في محجريهما واردفت:
- لابد أن عندك صبر القديسين
فهزت ليلي كتفيها في شيء من عدم المبالاة وقالت:
- كل ماهنالك أنني لا أحفل اطلاقا به ولا بأطواره.
- هذا من حظك .. لأنك تضطرين لتلبية جرسه معظم الوقت ! ولكن هناك كلمة حق لا أحجم عن قولها بصدد صاحب مؤسسة ميريديث, وهي انه لا يقول كلمة في غير موضعها.
والتوت شفتا ليلي الجميلتان الى اعلى وقالت: منتدى ليلاس
- أتعنين أنه لا ينساق للحب ؟ يا للمسكين ! انه لا يعرف كيف يحب اذا هو حاول!.
انطلق صوت الجرس كأنه ازيز سرب من النحل المهتاج فبدد هدوء غرفة ليلي الصغيرة فوثبت كيري عن المكتبولاذت بالغرفة العامة المجاورة. وجمعت ليلي بعض الاقلام وكراسة للمذكرات وأسرعت الى باب المكتب الخاص برئيسها الباب الذي كادت كيري أن تصفعه لولا انه كان متوما عليها الا تفعل لان رويز آلدوريت لم يكن من ذلك الطراز من الرجال الذي قد يجيز عنفا من هذا النوع. لم يكن من الطراز الذي يسمح بأي شيء من قبيل الألفة أو الازدراء لمركز المهيب كرئيس لدار مريديت وكان التصدي له بالرد يتطلب درجة من التصلب في الرأي لم توءتها كيري قطعا.
كان بوسع رويز ألدوريت أن يخمد التوتر العصبي بكلمة هادئة أو أن يذكيه بنظرة واحدة. كان الكفاءة بعينيها عنده معرفة كاملة ومطلقة بكل شؤون شركته وما كان ليشفق قط على نفسه اذا دعت الضرورة للعمل الشاق وبهذا القدر من الكفاءة التي لا ترحم كان يتوقع نفس الكفاءة من كل امرىء يعمل لديه . ولكنه ما فصل أحدا يوما ظلما وكانت نظرته واحدة من عينيه الباردتي النظرات توضح انه لا يطيق جدالا . كانت كلمته هي الفاصلة في كل المناسبات وهو صاحب السلطان النهائي.الأميرة شوق
لم تشعر ليلي بأي توجس حين دخلت حجرته ولكنها اختلست نظرة اليه لتستبين ما اذا كان مزاجه معكرا اكثر من المعتاد. كان يقف وراء مكتبه حين دخلت يسيطر بقامته الطويلة على الموقف بينما كان ينبش نافذ الصبر في ركامات الاوراق على مكتبه. وقدرت ليلي أن بارومتر مزاجه يشير الى درجة عاصف فتمنت أن يكون من الممكن تفادي العاصفة. ولكنها لم تأمل كثيرا فأن رويز آلدوريت كان نصف أسباني فقد آلت اليد دار مريديت من ناحية أمه.
- أكنت تطلبني يا سيد آلدوريت؟
- ما كنت لأدق الجرس لو لم اكن أطلبك.
كان جوابه حادا وما من شك في أن الرجل كان جذابا ولكن امارات الغضب كانت تشوه جاذبيته. وهتف:
- أين ملف براون وكينتون؟
فأخرجت ليلي ملفا متخما بالوثائق من خزانة بجوار الحائط:
- أنت طلبت مني مساء أمس أن آخذه.
وشعرت بارتياح ضئيل. وتناول الملف منها وأخرج العقد منه فقرأه بأكمله وهو مقطب ثم التفت فرآها لا تزال واقفة أمام مكتبه . وانعقد حاجباه الاسودان ثم لانت أسارير وجهه وهدأت وقال:
- حسن .. لك أن تنصرفي.
وخرجت ليلي وهي تكبت رغبه طائشة في أن تضحك بالرغم من انها كانت تغادر مكتبه وهي تشعر كأنها كانت في معركة.الأميرة شوق
وخطر لها وهي تعود الى مقعدها خلف مكتبها ان كيري كانت على صواب . كان بوسع رويز آلدوريت أن يثيرها اذا سمحت لنفسها بأن تهتاج ولكنها لحسن حظها كانت اكثر سيطرة على انفعالاتها من كيري المتقدة الطباع فضلا عن أنها كانت قد ألفت هذه المعاملة . وعلى النقيض من رويز آلدوريت كان حبيبهها في بروس أشبه بالملاك. وسمحت لنفسها بأن تفكر في بروس وأوشكت أن تستسلم لحلم من احلام اليقظة لولا انباعاث رنين الجرس مرة أخرى ولكنه لم يكن متعجلا وملحا كالمرة السابقة.
كان رويز آلدوريت يذرع غرفة مكتبه ذهابا وايابا حين دخلت للمرة الثانية فحدجها بعينين سوداوين ثاقبتين تشعان بفضول واهن وقال:
- أتعرفين مطعما جيدا لا يبعد كثيرا عن الادارة يا آنسة ديرموت؟ انني على موعد للاجتماع بمندوب من براون وكينتون ولن يتسع الوقت لأذهب لمطعمي المعتاد.
وفكرت ليلي بسرعة . كان ثمة مقهى أو أثنان قريبان لكنهما ليسا من الطراز الراقي الغالي الذي يليق برئيسها وقالت أخيرا في تردد:
- هناك مطعم ريكي على مسيرة بضع دقائق من هنا. لا يتردد عليه من شركتنا سوى قلائل . والطعام جيد ولكنه ليس ممتاز.الأميرة شوق
قال في غير تردد:
- أنه مع ذلك يصلح. كيف اذهب اليه؟
ارشدته فشكرها في لهجة فاترة مقتضبة ثم صرفها مرة أخرى. وفي طريقها الى مكتبها عرجت على القاعة العامة لتسأل كيري عما اذا كانت سترافقها للغداء. فتطلعت كيري اليها منصرفة عن نسخ تقرير على الالة الكاتبة وسألتها :
- في مطعم كيري؟
- نعم. سأقابلك هناك اذا لم يعوقني صاحب الشأن لأي أمر.
وهمت بأن تعود الى مكتبها لولا أن كيري نادتها قائلة:
- بالمناسبة جاءت مكالمة هاتفية من ستيلا بينما كنت مع صاحب الجلالة منذ لحظة . قالت اننها ستأتي بسيارتها في وقت ما غدا.
وبرقت عينا ليلي وهتفت:
- هلا ستيلا قادمة؟
قتطلعت اليها كيري بملامح متحفظة وتساءلت:
- انك بالغة الاعجاب بها .ألست كذلك؟
رمتها ليلي بنظرة متعجرفة وازدادت ابتسامتها رقة فأصبحت كتلك التي تؤثر بها بروس. وقالت:
- طبعا . كلنا بالغوا الاعجاب بها يا كيري وفخورون بها . ربما لانها جميلة وموهوبة وبارعة بدرجة غير متوقعة في أسرة عادية.الأميرة شوق
هكذا كانوا دون شك اسرة عادية. وكان سر دهشتهم من أن يكونوا يسمونها مداعبين ولكنهم كانوا جميعا فخورين بستيلا نورديت الممثلة الكبيرة وكانوا يعجبون كل الاعجاب بها كشخص من الاسرة.
وما كانت كيري التي شعرت بما جال بخاطر صديقتها تقرها على ذلك. فلم يكن أي من أفراد عائلة ديرموت عازبا ولو أن ستيلا كانت تظفر بالاعتراف بأنها جميلة . لم تكن ثمة دمامة أو جمال عادي في تيس وتوم التوأمين اللذين يتعذر كبح جماحهما ولا في جولي المراهقة التي أوشكت أن تتخرج من كلية الفنون - حيث كانت تتلقى برنامجا للسكرتيرية - ولا في ليلي ذات الهدوء الذي ل ينم عما بداخلها... والى جانب هذا كله لم تكن كيري تقر البتة بعض آراء الاسرة عن ستيلا.
|