كاتب الموضوع :
جين استين333
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الثاني عشر
الأفعى
كانت ليلي تمشط شعرها حين مست يده كتفيها دون أن تلتفت وقالت:
" إذا كانت هذه لعبة التخمين فلست احتاج لغير حدس واحد, والتفتت إذ ذاك وقد تحولت ابتسامتها إلى شيء من المداعبة, وأردفت:
" ليس هناك سوى رجل واحد قادر على أن يؤثر على كياني."
فابتسم رويز قائلا:
" وأنا سعيد بذلك."
أكان هذا الجبل الجليدي الذي عملت معه في إنكلترا.
كانت أحيانا تشعر بأن أقزاما سحرية غيرته - في غفلة منها - ليكون اختبارا لها وتحديا!
وفجأة قال جادا:" ألست تفتقدين بروس كثيرا ألآن؟"
فبادرت قائلة:
" أنني لا أفقده بتاتا. " ورفع ذقنها بأصابعه النحيلة القوية وقال:
" هذا جيد... أنني قلت إن الألم والفقدان لا يلبثان أن يخمدا ولا أظنني أتركه يستعيدك الآن."
فابتسمت قائلة: "أنه الآن خطيب لستيلا وهما سعيدان."
" بقدر ما نحن سعيدان؟"
" هذا ما لا يتسنى لهما."
ضحك بلطف وتناول الفرشاة يمشط شعرها كما فعل ليلة تغير زواجهما من مجرد صفقة عمل إلى شيء رائع وواقعي.
بعد أسابيع ثلاثة من ذلك وصلت رسالة من ستيلا فعلمت ليلي أن أختها ستطير لإنتاج فيلم في المكسيك وتلقت النبأ بمشاعر مختلطة... من اللطيف طبعا أن ترى أختها وهي التي كانت مشغوفة بستيلا عمرا طويلا فمن العسير أن تعتقد الآن شخصا أهلا لأن تعامله بحذر وأن تخشى غدره... كانت مستعدة لأن تعتقد أن ستيلا قد شعرت بندم لما فعلته بها غير أن هذا لا يعني امكان محو الأذى ونسيانه وكأنه مجرد غبار على نافذة قذرة.
ولأية امرأة في وضع ليلي مع زوج أيقنت الآن أنها مولعة به, كانت فكرة وصول ستيلا المتألقة لتبسط تأثيرها الأنثوي علىرجل تحرر من تحفظه فأصبح أكثر تعرضا للتأثر مما كان قبل بضعة أشهر... كانت الفكرة مروعة. ولكن ليلي شعرت في الوقت ذاته بخفقات من اللهفة لأن ستيلا كانت تمثل الأسرة وقد ودت ليلي أن تعرف جميع أعضاء الأسرة مدى سعادتها.
قالت لزوجها بهدوء:
" سيكون من الجميل أن نرى ستيلا ثانية... وهي تقول أنها ستمثل فيلما أمام رامون تالمونت أليس هو الذي قابلناه في المطعم عندما أتينا للمكسيك؟"
فأومأ رويز برأسه وعيناه تتأملان زوجته بفضول, وقال:
"نعم... الظاهر أنه واسع الشعبية."
وأمسك لحظة ثم قال:
" ليس ثمة ما يمنع من فتح دارنا في مكسيكوستي وسآخذ الإجراءات لإرسال بعض الخدم إليها وتستطيع أختك أن تمكث معنا هنا."
كان ثمة ساكن يستأجر الدار حين وصولهما أول مرة ولكنه ما لبث أن تركها."
حاولت ليلي أن تبدي ابتهاجا بالفكرة وسألته:
" ألن تمانع؟ أعني ألن يكون في هذا إزعاج؟"
ولما نفى ذلك عادت تقول وفي نفسها أمل واهن في أن يقر قولها:
" ليس هناك ما يمنع من نزولها في فندق فهي لن تكون وحيدة ولابد أن معها أعضاء آخرين من الشركة."
بدت الرقة في عينيه بالإضافة إلى نظرات متحدية مختبرة وقال:
" لا تزعمي أنه ليس عندك الكثير لتتحدثي حوله مع أختك عند وصولها. ستكون متلهفة لمعرفةكل صغيرة وكبيرة عنك, وما لم تهيئي لها كل الفرص كيف سيبلغ أهلك النبأ السار عن أن زواجك موفق وأنك سعيدة هنا؟"
تضرج وجه ليلي غبطة وركعت إلى جوار مقعده وشعرت بأصابعه تداعب شعرها وجذبها نحوه وطبع قبلة خفيفة على جبينها وقال بصوت خافت: "أنك سعيدة ألست كذلك يا عزيزتي؟"
فقالت وأنفاسها تحتبس في حلقها من نشوة السعادة:
"سعيدة جدا."
وبعد بضعة أيام ذهبا بالطائرة إلى مدينة مكسيكو واستقرا في دار آل آلدوريت وكان المبنى رائعا يشبه كاراسترانو حتى في الفناء الداخلي والنافورة المفردة. كان ثمة شعور بالاستمرار والاسترسال في تلك الدار وكأن أجيال أسرة آل آلدوريت قد تركت طابعها في المكان وتاقت إلى أن تبهر الأجيال اللاحقة من خلفها بما فعلت وكانت الحياة هناك أكثر اتساما بالشكليات مما هي في كاراسترانو فجو الحفلات والمآدب الطويلة الأمد وأصداء حفيف الثياب الحريرية والأوشحة المطرزة كان مخيما على الدار كانت قاعة الطعام حيث علقت فوق المدفأة لوحة لدون دييغو من الفخامة بحيث بهرت ليلي.
اختارت ليلي لستيلا حجرة في الطابق الأول وهي موقنة من أنها ستعجب بها كانت أغطية الفراش ثرية بالنقوش المطرزة والأثاث من خشب البلوط الأسباني القاتم وهناك خزانة فسيحة للثياب وكثير من المرايا كما كان الحمام الملحق بها فخما كانت ليلي تدرك أن ستيلا ستعجب بهذا الوسط لأنه الجو الذي من حقها الإقامة فيه فلن تساورها أية فكرة للانتقال إلى فندق وإعفاء زوج أختها من عبء الاحتفال بها بالرغم من رغبة ليلي بالترحيب بأختها وتكريم وفادتها وتشعرها بأنها في بيتها ولكنها في الوقت ذاته - كانت تتمنى أن تطمئن تماما إلى أن ستيلا ستجازيها عن إكرامها بسلوك يعفيها من لحظات القلق وعدم الارتياح. كانت موقنة من أنها لن تنسى قط ما حدث بالنسبة لبروس وكان رويز أهم واثمن لا سيما في سعادتها الراهنة من أن تعرضه للخطر.
ومع ذلك حرصت على أن تخفي عن رويز أية وساوس تنتابها بالنسبة لأختها. وشعرت أنه في بعض الأوقات كان يرمقها بنظرات محيرة لا سيما حين كانت تؤكد له مدى تطلعاتها إلى وصول ستيلا فكانت تسائل نفسها:
" أتراه كان يحدس عدم ارتياحها الخفي؟ ولكنه لم يقل شيئا."
وكانت تتمنى أحيانا لو أنه سألها فقد تجسر على أن تصارحه مقدما بمخاوفها!
* * *
وانطلقا بالسيارة إلى المطار لاستقبال ستيلا في يوم مشرق وجاهدت ليلي خلال الطريق لتظهر بمظهر مرح فأخذت تثرثر ولكنها كانت إذا نظرت لوجه رويز الأسمر الفاتن تشعر فجأة بلوعة الهواجس والتوجس وتسائل نفسها كيف لم تبتكر على الفور حجة للحيلولة دون إقامة ستيلا معهما غير أنه كان من المستحيل الاهتداء إلى حجة تقنع ستيلا ورويز بأن من الأفضل للممثلة أن تنزل مع أعضاء الشركة السينمائية في أحد الفنادق الراقية في مكسيكو ستي.
كان لابد من المضي فيما كان مقدرا ولم تكن تملك سوى الأمل...الأمل في أن تسير الأمور على خير.
ارتمت ستيلا بين ذراعي أختها حين التقيا في أرض المطار كانت كالعهد بها في أقصى أناقة وقد بدت فاتنة إلى درجة مذهلة غاص لها قلب ليلي وقالت ستيلا وقد هدأت انفعالات اللقاء:
" أنك تبدين رائعة يا عزيزتي!"
كان في عينيها ومضة التهكم القديمة إلى جانب اشراقة الحب وهي تواصل الحديث:
" أنك مثال المرأة المتزوجة! رشيقة جميلة المنظر حتى كدت لا أعرفك في البداية
أترينها تبدو في حال طيبة؟"
" في أطيب حال. ما كنت يوما أحسن مما هي . لا بد أنك زوج بالغ الإرضاء!"
ورمقته بعينيها الجميلتين وتساءلت:
" هل لي أن أقبلك يا رويز أننا على أية حال وثيقا القرابة الآن."
وبدون انتظار لموافقته ألصقت شفتيها في لين ونعومة أوراق الورد بخده الأسمر وغمرته بموجة من عطرها الذي كان أشد وأكثر من أي عطر سمحت ليلي لنفسها باستعماله.
تراجعت ستيلا وتأملته وهي تقول:
" أظنني سأرتاح إليك كزوج لأختي!"
لم يرد رويز المجاملة ولكنه بعد نقل حقائبها إلى سيارته رأى أن من اللائق كأمر طبيعي أن تشغل المقعد الأمامي المجاور له وأن تجلس زوجته في المقعد الخلفي بالرغم من شعوره بعدم رضا ليلي عن هذا الترتيب وانطلقت بهم السيارة وشمس المكسيك تغدق عليها أشعتها وأظافر ليلي تغوص في لحم يديها وهي مضطرة لأن تقاوم مشاعرها موقنة بأنها تتصرف بصورة تثير السخرية إزاء وصول أختها حيث كانت في الواقع تعتقد بأن ستيلا لن تتورع عن فعل أي شيء لهدم زواجها. وحاولت السيطرة على مخاوفها فمهما يكن فان رويز كان طرازا مختلفا كل الاختلاف عن بروس وأقنعها هذا الخاطر أخيرا بأن تكون طبيعية في تصرفها وأن تنظر إلى ستيلا كما كانت تفعل في الأيام الخالية قبل أن تصادف أي مبرر للشك في أختها!
أمر واحد هز تجلدها: بينما كانت ستيلا تفرغ حقائبها في حجرتها بعد وصولها إلى الدار وسألتها ليلي:
" هل أعلنت وبروس خطبتكما؟"
فالتفتت ستيلا واعترفت بأنه ما من خطبة بينهما وغام وجهها وكأنها تناضل لتخفي ظهور الشقاء على محياها ثم أردفت:الواضح أن بروس لم يكن يحبني حقا. كانت النجمة السينمائية اللامعة هي التي اجتذبته! هكذا قال لي.
هتفت ليلي بدافع غير إرادي:
" أنني آسفة يا عزيزتي ! لست أدري ماذا أقول؟"
وكانت آسفة حقا. فهزت ستيلا كتفيها قائلة:
" لا عليك يا عزيزتي ! ليس هناك ما تملكين في هذه الظروف سوى... أنني قد استحق ما حدث!"
وأكفهر بريق عينيها لحظة وزمت فمها... وأرتجف الفم الجميل فجأة سواء كان ذلك عفوا أو عن عمد أو مجرد نتيجة لعاطفة مكبوتة... وأشاحت بوجهها لتخفي ضيقها وقالت في رجاء, بصوت مختنق:
" أفضل ألا نتحدث في هذا الآن."
قالت ليلي على الفور في عطف:
" طبعا..."
وأسرعت تضيف:
" أنني أفهم شعورك فهما تاما. علينا أن نحيطك بأمور بهيجة وأنت هنا حتى لا تفكري في بروس ولا تدعي التفكير المهموم يشقي. فالهم لن يجديك شيئا ومكسيكو ستي رائعة في الواقع وأوقن بأنك ستحبينها. أن لرويز أصدقاء كثيرين وسنقدمك إليهم... لن تجدي وقتا للشقاء."
التفتت إليها ستيلا شاكرة ولكن أهدابها الطويلة كانت تخفي عينيها بحيث كان من المستحيل الجزم بحقيقة فكرها وشعورها. وقالت:
" ألا يحسن بنا الهبوط والانضمام إلى زوجك؟"
" كان من حسن التوفيق أن تزوجته. انه يبدو لي مثيرا... مثيرا حقا! وقالت وهي تضيف لمسات لزينتها:
" وهذا بيت مدهش حقا, فقالت ليلي معلقة:
" انتظري حتى تري كاراسترانو."
فابتسمت قائلة:
" أنني مصممة على رؤيته قد أمكث معكما طويلا وستكون مهمة شاقة أن تتخلصا مني."
أخفت ليلي جزعها بجهد وكان رويز في انتظارهما بقاعة الجلوس الرئيسية ومرة أخرى أبدى رعاية للضيفة فقدم لها شرابا قبل العشاء واختار لها مقعدا مريحا وأطرى ثوبها بلهجة الخبير وأجلسها إلى يمينه في قاعة الطعام الفخمة الأثاث.
وقالت ستيلا له:
" لا تنادني آنسة نورديت فهذا اسمي الفني وليس لأفراد أسرتي أن يستعملوه أن أسمي ستيلا إذا لم تكن تعرف."
وأرسلت ضحكة مرحة فردد اسمها باحترام وأحنى رأسه عرفانا إذ سمحت له بنماداتها باسمها وراح يردده وكأنه معجب بوقعه قائلا:
" ستيلا؟ أظن أن معناه النجمة."
واستقرت عيناه السوداوان عليها وبدا مأخوذا بتألقها وقال لنفسه بخفوت:
" نجمة داكنة" واستغرق في التفكير... ودهش إذ اضطربت ستيلا بل ارتجفت قليلا. وقالت:
" لا أظنني أود أن أكون نجمة داكنة فهذا يبدو نذيرا بنحس ما.. أؤثر أن أكون نجمة تزداد باستمرار ارتفاعا وبريقا. إن النجمة لا تعتم إلا عند اقتراب الفجر وأنا أفضل أوج التألق..."
فقالت ليلي برفق تطمئنها:
" لا تجزعي فأوج تألقك سيدوم طويلا... أنك الآن في الأوج من ناحية فنك."
فقالت ستيلا:
" أصحيح هذا؟"
والتقت نظراتها بنظرات رويز ثانية فقالت وكأن الحديث ينبعث من فؤادها:
" أحسبني أفضل زواجا موفقا على الاستمرار كممثلة ناجحة. لقد بدأت أسأم التمثيل ومطالبهُ, أما الزواج - كما منظركما - فأمره مرض للغاية."
ومرة أخرى أحنى رويز رأسه قائلا:
" أنك على صواب."
وابتسم موليا وجهه إلى ليلي فخفق قلبها وأسرعت تقول لستيلا متلهفة على أن تواسيها لفقدانها بروس:
" أننا نريد أن تحظي بفترة هانئة هنا وقد اعددنا العدة لحفل عشاء صغير ترحيبا بك وأظن أن جليسك في العشاء لن يفكر فيما إذا كنت ممثلة أو غير ممثلة كنت ستقابلينه في أية حال وقد رأينا التعجيل بذلك."
وتساءلت ستيلا برجاء طفولي جذاب عمن يكون فابتسمت ليلي قائلة:
" رامون تالمونت زميلك في بطولة الفيلم واكبر ذئب في مكسيكو ستي."
وحبذت ستيلا هذا وقالت:
" لعله ليس سيئا كما يصورنه... ومن اللطيف مداعبة ذيل الذئب!"
وتشعب الحديث وليلي تعجب بتمثيل أختها لو أنها كانت تحب بروس لشعرت بتعاسة بالغة ولكان مجهودها عظيما لإخفاء عواطفها.
بعد ليلتين توافد الضيوف لحفلة العشاء. واختارت ليلي ثيابها بعناية لهذه المناسبة فكان الثوب من المخمل الياقوت الأزرق الداكن وقد زركش ببراعة بحبات من اللؤلؤ ... كان غاية في الرشاقة حتى انه لم تكن بها حاجة لمزيد من الزينة. وفيما كانت تقف أمام المرآة تتأمل قلادة من الياقوت والماس أهداها رويز إياها وتختار سوارا يتمشى معها اقبل رويز ووضع على المائدة علبة غير سميكة من الجلد. ثم رفع غطاء العلبة فإذا بقلادة من اللؤلؤ الوضاء, فهتفت:
" ما أروعها!"
قال:
" ستكون حول عنقك أروع!"
وأحاطت أصابعه النحيلة عنقها بالقلادة وقدم إليها قرطا من لؤلؤ على شكل الأجاص. وظلت لحظة تحملق في المرآة لا تصدق أن الصورة المنعكسة كانت صورتها. ثم تحولت بدافع غريزي فقربت رأسه وقبلته قائلة:
" لست أدري كيف أشكرك على كل ما منحتني!"
فقال بهدوء:
" أن ما منحتني أنت أكثر. كنت قد نسيت كيف يكون المرء حيا حين ينزوي في قوقعه." وظل لحظة يحتضنها ثم نحاها برفق وقال:
" أذهبي وتبيني هل استعدت أختك... تذكري أن الأمسية مهمة لها ويجب أن توليها أكبر قدر ممكن من الانتباه!"
وقبل أن تبلغ الباب دعاها ورأت وجهه الأسمر يستدير نحوها وعينيه ترقبانها في استغراب وسألها:
" أحسب أن هذا اللقاء بأختك لا يسبب لك ألما يا عزيزتي؟"
ابتسمت وهزت رأسها قائلة:
" أتعني... بسبب بروس؟ أنه لا يسبب لي أتفه ألم لقد تغلبت على ذلك منذ زمن."
قال:
" هذا بديع. وهل يسرك وجود أختك هنا؟"
فترددت لحظة ثم طمأنته بقدر من الصدق:
" أجل . من الجميل أن أراها ثانية."
فبدا عليه الرضا وقال:
" يجب إن ندعو صديقتك كيري يوما ونبحث عن شخص مثل رامون تالمونت ليتزوجها!"
هتفت ليلي باغتباط:
" يا لرامون المسكين! ستضعضعه ستيلا الليلة وارى إن تعفيه من كيري في الوقت الحاضر ولكني أوافق على أنه سيكون من الرائع أن تأتي كيري وتنزل عندنا وسنبحث لها عمن يتزوجها."
قال بصوت أجش:
" عليك أن تزوجي ستيلا أولا!"
* * *
أسرعت ستيلا بإطراء فخامة ثوب ليلي حين وافتها في حجرتها وتعلقت عيناها بالقلادة اللؤلئية وأخذت تمسها برفق وقالت:
" لست بحاجة لأن أسألك أهو لؤلؤ حقيقي."
فأكدت ليلي ذلك. وهتفت ستيلا:
" يا لك من فتاة محظوظة!"
ثم تحولت تتأمل صورتها في المرآة وعلى وجهها تعبير غير عادي وغضت بصرها تتفرس في أظافرها وقالت:
" لقد هنأتك يا عزيزتي بزواجك الناجح ولكني اعنيبالنجاح أنه تحول على نحو مدهش. أنك وريز عقدتما صفقة عمل , أليس كذلك؟ وقدر لها التوفيق."
قالت ليلي متلعثمة:
" ص.. صفقة؟"
واستدارت ستيلا الجميلة ومست خد أختها بحنان قائلة:
" أجل هذا ما حدث.. ولو أنك مثلت دورا لإراحة بال أمنا أما الآن وقد تزوجته فعلا فيجب أن تكوني بارعة إذا شئت الاحتفاظ برويز! أنه يعجب بالجمال لاسيما الجمال الإنكليزي الهادئ... لقد ارتبكت لطريقة حملقته في هذا المساء."
كان من العسير على ليلي أن تصدق ما سمعت. فقالت:
" هذا لأنك أختي و... وهو يعجب بك طبعا كأي امرئ!"
وأبرقت عينا ستيلا بنوع من الهزأ وقالت متلطفة:
" طيب ولكن أنصتي لنصيحتي وأبعديه عن كل الحسناوات اللاتينيات هنا!"
ثم هبطتا لاستقبال الضيوف وقد شعرت ليلي بأن شطرا كبيرا من متعة الأمسية قد تبدد. وقدمت ستيلا بطريقة آلية إلى رامون تاليمونت وبقية الضيوف. وحاولت ليلي جاهدة أن تبدو طبيعية عندما لمحت رويز يحملق بأختها. لقد أدركت بأن ستيلا شعرت بالغيرة إذ رأت القلادة اللؤلئية الثمينة مما جعلها ماكرة ولكن هناك احتمالا بأن الأمر لم يكن مكرا وأن ما قالته كان إنذارا... فلو أنها كانت قد قابلت رويز وعرفته قبل أن تلتقي ببروس لكان رويزوليس بروس هو الذي انتزعته. ولابد أنها الآن تأسف لأنها لم تلتق برويز أولا.
صعب على ليلي أن تصدق أن أختها خطر يهدد سعادة مستقبلها ولكن التجربة الماضية علمتها أن تجزع وأدركت أنها لا تستطيع أن تثق بستيلا وبالرغم من أنها كانت تثق برويز فان الموقف جعلها مكتئبة. ليت رويز لم يقترح نزولها عندهما وداخلها الأمل في أن يتغير الموقف إذا ما بدأت أختها العمل في الفيلم.
|