لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-09-09, 11:01 PM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثاني عشر
الأفعى


كانت ليلي تمشط شعرها حين مست يده كتفيها دون أن تلتفت وقالت:
" إذا كانت هذه لعبة التخمين فلست احتاج لغير حدس واحد, والتفتت إذ ذاك وقد تحولت ابتسامتها إلى شيء من المداعبة, وأردفت:
" ليس هناك سوى رجل واحد قادر على أن يؤثر على كياني."
فابتسم رويز قائلا:
" وأنا سعيد بذلك."
أكان هذا الجبل الجليدي الذي عملت معه في إنكلترا.
كانت أحيانا تشعر بأن أقزاما سحرية غيرته - في غفلة منها - ليكون اختبارا لها وتحديا!
وفجأة قال جادا:" ألست تفتقدين بروس كثيرا ألآن؟"
فبادرت قائلة:
" أنني لا أفقده بتاتا. " ورفع ذقنها بأصابعه النحيلة القوية وقال:
" هذا جيد... أنني قلت إن الألم والفقدان لا يلبثان أن يخمدا ولا أظنني أتركه يستعيدك الآن."
فابتسمت قائلة: "أنه الآن خطيب لستيلا وهما سعيدان."
" بقدر ما نحن سعيدان؟"
" هذا ما لا يتسنى لهما."
ضحك بلطف وتناول الفرشاة يمشط شعرها كما فعل ليلة تغير زواجهما من مجرد صفقة عمل إلى شيء رائع وواقعي.
بعد أسابيع ثلاثة من ذلك وصلت رسالة من ستيلا فعلمت ليلي أن أختها ستطير لإنتاج فيلم في المكسيك وتلقت النبأ بمشاعر مختلطة... من اللطيف طبعا أن ترى أختها وهي التي كانت مشغوفة بستيلا عمرا طويلا فمن العسير أن تعتقد الآن شخصا أهلا لأن تعامله بحذر وأن تخشى غدره... كانت مستعدة لأن تعتقد أن ستيلا قد شعرت بندم لما فعلته بها غير أن هذا لا يعني امكان محو الأذى ونسيانه وكأنه مجرد غبار على نافذة قذرة.
ولأية امرأة في وضع ليلي مع زوج أيقنت الآن أنها مولعة به, كانت فكرة وصول ستيلا المتألقة لتبسط تأثيرها الأنثوي علىرجل تحرر من تحفظه فأصبح أكثر تعرضا للتأثر مما كان قبل بضعة أشهر... كانت الفكرة مروعة. ولكن ليلي شعرت في الوقت ذاته بخفقات من اللهفة لأن ستيلا كانت تمثل الأسرة وقد ودت ليلي أن تعرف جميع أعضاء الأسرة مدى سعادتها.
قالت لزوجها بهدوء:
" سيكون من الجميل أن نرى ستيلا ثانية... وهي تقول أنها ستمثل فيلما أمام رامون تالمونت أليس هو الذي قابلناه في المطعم عندما أتينا للمكسيك؟"
فأومأ رويز برأسه وعيناه تتأملان زوجته بفضول, وقال:
"نعم... الظاهر أنه واسع الشعبية."
وأمسك لحظة ثم قال:
" ليس ثمة ما يمنع من فتح دارنا في مكسيكوستي وسآخذ الإجراءات لإرسال بعض الخدم إليها وتستطيع أختك أن تمكث معنا هنا."
كان ثمة ساكن يستأجر الدار حين وصولهما أول مرة ولكنه ما لبث أن تركها."
حاولت ليلي أن تبدي ابتهاجا بالفكرة وسألته:
" ألن تمانع؟ أعني ألن يكون في هذا إزعاج؟"
ولما نفى ذلك عادت تقول وفي نفسها أمل واهن في أن يقر قولها:
" ليس هناك ما يمنع من نزولها في فندق فهي لن تكون وحيدة ولابد أن معها أعضاء آخرين من الشركة."
بدت الرقة في عينيه بالإضافة إلى نظرات متحدية مختبرة وقال:
" لا تزعمي أنه ليس عندك الكثير لتتحدثي حوله مع أختك عند وصولها. ستكون متلهفة لمعرفةكل صغيرة وكبيرة عنك, وما لم تهيئي لها كل الفرص كيف سيبلغ أهلك النبأ السار عن أن زواجك موفق وأنك سعيدة هنا؟"
تضرج وجه ليلي غبطة وركعت إلى جوار مقعده وشعرت بأصابعه تداعب شعرها وجذبها نحوه وطبع قبلة خفيفة على جبينها وقال بصوت خافت: "أنك سعيدة ألست كذلك يا عزيزتي؟"
فقالت وأنفاسها تحتبس في حلقها من نشوة السعادة:
"سعيدة جدا."
وبعد بضعة أيام ذهبا بالطائرة إلى مدينة مكسيكو واستقرا في دار آل آلدوريت وكان المبنى رائعا يشبه كاراسترانو حتى في الفناء الداخلي والنافورة المفردة. كان ثمة شعور بالاستمرار والاسترسال في تلك الدار وكأن أجيال أسرة آل آلدوريت قد تركت طابعها في المكان وتاقت إلى أن تبهر الأجيال اللاحقة من خلفها بما فعلت وكانت الحياة هناك أكثر اتساما بالشكليات مما هي في كاراسترانو فجو الحفلات والمآدب الطويلة الأمد وأصداء حفيف الثياب الحريرية والأوشحة المطرزة كان مخيما على الدار كانت قاعة الطعام حيث علقت فوق المدفأة لوحة لدون دييغو من الفخامة بحيث بهرت ليلي.
اختارت ليلي لستيلا حجرة في الطابق الأول وهي موقنة من أنها ستعجب بها كانت أغطية الفراش ثرية بالنقوش المطرزة والأثاث من خشب البلوط الأسباني القاتم وهناك خزانة فسيحة للثياب وكثير من المرايا كما كان الحمام الملحق بها فخما كانت ليلي تدرك أن ستيلا ستعجب بهذا الوسط لأنه الجو الذي من حقها الإقامة فيه فلن تساورها أية فكرة للانتقال إلى فندق وإعفاء زوج أختها من عبء الاحتفال بها بالرغم من رغبة ليلي بالترحيب بأختها وتكريم وفادتها وتشعرها بأنها في بيتها ولكنها في الوقت ذاته - كانت تتمنى أن تطمئن تماما إلى أن ستيلا ستجازيها عن إكرامها بسلوك يعفيها من لحظات القلق وعدم الارتياح. كانت موقنة من أنها لن تنسى قط ما حدث بالنسبة لبروس وكان رويز أهم واثمن لا سيما في سعادتها الراهنة من أن تعرضه للخطر.
ومع ذلك حرصت على أن تخفي عن رويز أية وساوس تنتابها بالنسبة لأختها. وشعرت أنه في بعض الأوقات كان يرمقها بنظرات محيرة لا سيما حين كانت تؤكد له مدى تطلعاتها إلى وصول ستيلا فكانت تسائل نفسها:
" أتراه كان يحدس عدم ارتياحها الخفي؟ ولكنه لم يقل شيئا."
وكانت تتمنى أحيانا لو أنه سألها فقد تجسر على أن تصارحه مقدما بمخاوفها!

* * *

وانطلقا بالسيارة إلى المطار لاستقبال ستيلا في يوم مشرق وجاهدت ليلي خلال الطريق لتظهر بمظهر مرح فأخذت تثرثر ولكنها كانت إذا نظرت لوجه رويز الأسمر الفاتن تشعر فجأة بلوعة الهواجس والتوجس وتسائل نفسها كيف لم تبتكر على الفور حجة للحيلولة دون إقامة ستيلا معهما غير أنه كان من المستحيل الاهتداء إلى حجة تقنع ستيلا ورويز بأن من الأفضل للممثلة أن تنزل مع أعضاء الشركة السينمائية في أحد الفنادق الراقية في مكسيكو ستي.
كان لابد من المضي فيما كان مقدرا ولم تكن تملك سوى الأمل...الأمل في أن تسير الأمور على خير.
ارتمت ستيلا بين ذراعي أختها حين التقيا في أرض المطار كانت كالعهد بها في أقصى أناقة وقد بدت فاتنة إلى درجة مذهلة غاص لها قلب ليلي وقالت ستيلا وقد هدأت انفعالات اللقاء:
" أنك تبدين رائعة يا عزيزتي!"
كان في عينيها ومضة التهكم القديمة إلى جانب اشراقة الحب وهي تواصل الحديث:
" أنك مثال المرأة المتزوجة! رشيقة جميلة المنظر حتى كدت لا أعرفك في البداية
أترينها تبدو في حال طيبة؟"
" في أطيب حال. ما كنت يوما أحسن مما هي . لا بد أنك زوج بالغ الإرضاء!"
ورمقته بعينيها الجميلتين وتساءلت:
" هل لي أن أقبلك يا رويز أننا على أية حال وثيقا القرابة الآن."
وبدون انتظار لموافقته ألصقت شفتيها في لين ونعومة أوراق الورد بخده الأسمر وغمرته بموجة من عطرها الذي كان أشد وأكثر من أي عطر سمحت ليلي لنفسها باستعماله.
تراجعت ستيلا وتأملته وهي تقول:
" أظنني سأرتاح إليك كزوج لأختي!"
لم يرد رويز المجاملة ولكنه بعد نقل حقائبها إلى سيارته رأى أن من اللائق كأمر طبيعي أن تشغل المقعد الأمامي المجاور له وأن تجلس زوجته في المقعد الخلفي بالرغم من شعوره بعدم رضا ليلي عن هذا الترتيب وانطلقت بهم السيارة وشمس المكسيك تغدق عليها أشعتها وأظافر ليلي تغوص في لحم يديها وهي مضطرة لأن تقاوم مشاعرها موقنة بأنها تتصرف بصورة تثير السخرية إزاء وصول أختها حيث كانت في الواقع تعتقد بأن ستيلا لن تتورع عن فعل أي شيء لهدم زواجها. وحاولت السيطرة على مخاوفها فمهما يكن فان رويز كان طرازا مختلفا كل الاختلاف عن بروس وأقنعها هذا الخاطر أخيرا بأن تكون طبيعية في تصرفها وأن تنظر إلى ستيلا كما كانت تفعل في الأيام الخالية قبل أن تصادف أي مبرر للشك في أختها!
أمر واحد هز تجلدها: بينما كانت ستيلا تفرغ حقائبها في حجرتها بعد وصولها إلى الدار وسألتها ليلي:
" هل أعلنت وبروس خطبتكما؟"
فالتفتت ستيلا واعترفت بأنه ما من خطبة بينهما وغام وجهها وكأنها تناضل لتخفي ظهور الشقاء على محياها ثم أردفت:الواضح أن بروس لم يكن يحبني حقا. كانت النجمة السينمائية اللامعة هي التي اجتذبته! هكذا قال لي.
هتفت ليلي بدافع غير إرادي:
" أنني آسفة يا عزيزتي ! لست أدري ماذا أقول؟"
وكانت آسفة حقا. فهزت ستيلا كتفيها قائلة:
" لا عليك يا عزيزتي ! ليس هناك ما تملكين في هذه الظروف سوى... أنني قد استحق ما حدث!"
وأكفهر بريق عينيها لحظة وزمت فمها... وأرتجف الفم الجميل فجأة سواء كان ذلك عفوا أو عن عمد أو مجرد نتيجة لعاطفة مكبوتة... وأشاحت بوجهها لتخفي ضيقها وقالت في رجاء, بصوت مختنق:
" أفضل ألا نتحدث في هذا الآن."
قالت ليلي على الفور في عطف:
" طبعا..."
وأسرعت تضيف:
" أنني أفهم شعورك فهما تاما. علينا أن نحيطك بأمور بهيجة وأنت هنا حتى لا تفكري في بروس ولا تدعي التفكير المهموم يشقي. فالهم لن يجديك شيئا ومكسيكو ستي رائعة في الواقع وأوقن بأنك ستحبينها. أن لرويز أصدقاء كثيرين وسنقدمك إليهم... لن تجدي وقتا للشقاء."
التفتت إليها ستيلا شاكرة ولكن أهدابها الطويلة كانت تخفي عينيها بحيث كان من المستحيل الجزم بحقيقة فكرها وشعورها. وقالت:
" ألا يحسن بنا الهبوط والانضمام إلى زوجك؟"
" كان من حسن التوفيق أن تزوجته. انه يبدو لي مثيرا... مثيرا حقا! وقالت وهي تضيف لمسات لزينتها:
" وهذا بيت مدهش حقا, فقالت ليلي معلقة:
" انتظري حتى تري كاراسترانو."
فابتسمت قائلة:
" أنني مصممة على رؤيته قد أمكث معكما طويلا وستكون مهمة شاقة أن تتخلصا مني."
أخفت ليلي جزعها بجهد وكان رويز في انتظارهما بقاعة الجلوس الرئيسية ومرة أخرى أبدى رعاية للضيفة فقدم لها شرابا قبل العشاء واختار لها مقعدا مريحا وأطرى ثوبها بلهجة الخبير وأجلسها إلى يمينه في قاعة الطعام الفخمة الأثاث.
وقالت ستيلا له:
" لا تنادني آنسة نورديت فهذا اسمي الفني وليس لأفراد أسرتي أن يستعملوه أن أسمي ستيلا إذا لم تكن تعرف."
وأرسلت ضحكة مرحة فردد اسمها باحترام وأحنى رأسه عرفانا إذ سمحت له بنماداتها باسمها وراح يردده وكأنه معجب بوقعه قائلا:
" ستيلا؟ أظن أن معناه النجمة."
واستقرت عيناه السوداوان عليها وبدا مأخوذا بتألقها وقال لنفسه بخفوت:
" نجمة داكنة" واستغرق في التفكير... ودهش إذ اضطربت ستيلا بل ارتجفت قليلا. وقالت:
" لا أظنني أود أن أكون نجمة داكنة فهذا يبدو نذيرا بنحس ما.. أؤثر أن أكون نجمة تزداد باستمرار ارتفاعا وبريقا. إن النجمة لا تعتم إلا عند اقتراب الفجر وأنا أفضل أوج التألق..."
فقالت ليلي برفق تطمئنها:
" لا تجزعي فأوج تألقك سيدوم طويلا... أنك الآن في الأوج من ناحية فنك."
فقالت ستيلا:
" أصحيح هذا؟"
والتقت نظراتها بنظرات رويز ثانية فقالت وكأن الحديث ينبعث من فؤادها:
" أحسبني أفضل زواجا موفقا على الاستمرار كممثلة ناجحة. لقد بدأت أسأم التمثيل ومطالبهُ, أما الزواج - كما منظركما - فأمره مرض للغاية."
ومرة أخرى أحنى رويز رأسه قائلا:
" أنك على صواب."
وابتسم موليا وجهه إلى ليلي فخفق قلبها وأسرعت تقول لستيلا متلهفة على أن تواسيها لفقدانها بروس:
" أننا نريد أن تحظي بفترة هانئة هنا وقد اعددنا العدة لحفل عشاء صغير ترحيبا بك وأظن أن جليسك في العشاء لن يفكر فيما إذا كنت ممثلة أو غير ممثلة كنت ستقابلينه في أية حال وقد رأينا التعجيل بذلك."
وتساءلت ستيلا برجاء طفولي جذاب عمن يكون فابتسمت ليلي قائلة:
" رامون تالمونت زميلك في بطولة الفيلم واكبر ذئب في مكسيكو ستي."
وحبذت ستيلا هذا وقالت:
" لعله ليس سيئا كما يصورنه... ومن اللطيف مداعبة ذيل الذئب!"
وتشعب الحديث وليلي تعجب بتمثيل أختها لو أنها كانت تحب بروس لشعرت بتعاسة بالغة ولكان مجهودها عظيما لإخفاء عواطفها.
بعد ليلتين توافد الضيوف لحفلة العشاء. واختارت ليلي ثيابها بعناية لهذه المناسبة فكان الثوب من المخمل الياقوت الأزرق الداكن وقد زركش ببراعة بحبات من اللؤلؤ ... كان غاية في الرشاقة حتى انه لم تكن بها حاجة لمزيد من الزينة. وفيما كانت تقف أمام المرآة تتأمل قلادة من الياقوت والماس أهداها رويز إياها وتختار سوارا يتمشى معها اقبل رويز ووضع على المائدة علبة غير سميكة من الجلد. ثم رفع غطاء العلبة فإذا بقلادة من اللؤلؤ الوضاء, فهتفت:
" ما أروعها!"
قال:
" ستكون حول عنقك أروع!"
وأحاطت أصابعه النحيلة عنقها بالقلادة وقدم إليها قرطا من لؤلؤ على شكل الأجاص. وظلت لحظة تحملق في المرآة لا تصدق أن الصورة المنعكسة كانت صورتها. ثم تحولت بدافع غريزي فقربت رأسه وقبلته قائلة:
" لست أدري كيف أشكرك على كل ما منحتني!"
فقال بهدوء:
" أن ما منحتني أنت أكثر. كنت قد نسيت كيف يكون المرء حيا حين ينزوي في قوقعه." وظل لحظة يحتضنها ثم نحاها برفق وقال:
" أذهبي وتبيني هل استعدت أختك... تذكري أن الأمسية مهمة لها ويجب أن توليها أكبر قدر ممكن من الانتباه!"
وقبل أن تبلغ الباب دعاها ورأت وجهه الأسمر يستدير نحوها وعينيه ترقبانها في استغراب وسألها:
" أحسب أن هذا اللقاء بأختك لا يسبب لك ألما يا عزيزتي؟"
ابتسمت وهزت رأسها قائلة:
" أتعني... بسبب بروس؟ أنه لا يسبب لي أتفه ألم لقد تغلبت على ذلك منذ زمن."
قال:
" هذا بديع. وهل يسرك وجود أختك هنا؟"
فترددت لحظة ثم طمأنته بقدر من الصدق:
" أجل . من الجميل أن أراها ثانية."
فبدا عليه الرضا وقال:
" يجب إن ندعو صديقتك كيري يوما ونبحث عن شخص مثل رامون تالمونت ليتزوجها!"
هتفت ليلي باغتباط:
" يا لرامون المسكين! ستضعضعه ستيلا الليلة وارى إن تعفيه من كيري في الوقت الحاضر ولكني أوافق على أنه سيكون من الرائع أن تأتي كيري وتنزل عندنا وسنبحث لها عمن يتزوجها."
قال بصوت أجش:
" عليك أن تزوجي ستيلا أولا!"

* * *

أسرعت ستيلا بإطراء فخامة ثوب ليلي حين وافتها في حجرتها وتعلقت عيناها بالقلادة اللؤلئية وأخذت تمسها برفق وقالت:
" لست بحاجة لأن أسألك أهو لؤلؤ حقيقي."
فأكدت ليلي ذلك. وهتفت ستيلا:
" يا لك من فتاة محظوظة!"
ثم تحولت تتأمل صورتها في المرآة وعلى وجهها تعبير غير عادي وغضت بصرها تتفرس في أظافرها وقالت:
" لقد هنأتك يا عزيزتي بزواجك الناجح ولكني اعنيبالنجاح أنه تحول على نحو مدهش. أنك وريز عقدتما صفقة عمل , أليس كذلك؟ وقدر لها التوفيق."
قالت ليلي متلعثمة:
" ص.. صفقة؟"
واستدارت ستيلا الجميلة ومست خد أختها بحنان قائلة:
" أجل هذا ما حدث.. ولو أنك مثلت دورا لإراحة بال أمنا أما الآن وقد تزوجته فعلا فيجب أن تكوني بارعة إذا شئت الاحتفاظ برويز! أنه يعجب بالجمال لاسيما الجمال الإنكليزي الهادئ... لقد ارتبكت لطريقة حملقته في هذا المساء."
كان من العسير على ليلي أن تصدق ما سمعت. فقالت:
" هذا لأنك أختي و... وهو يعجب بك طبعا كأي امرئ!"
وأبرقت عينا ستيلا بنوع من الهزأ وقالت متلطفة:
" طيب ولكن أنصتي لنصيحتي وأبعديه عن كل الحسناوات اللاتينيات هنا!"
ثم هبطتا لاستقبال الضيوف وقد شعرت ليلي بأن شطرا كبيرا من متعة الأمسية قد تبدد. وقدمت ستيلا بطريقة آلية إلى رامون تاليمونت وبقية الضيوف. وحاولت ليلي جاهدة أن تبدو طبيعية عندما لمحت رويز يحملق بأختها. لقد أدركت بأن ستيلا شعرت بالغيرة إذ رأت القلادة اللؤلئية الثمينة مما جعلها ماكرة ولكن هناك احتمالا بأن الأمر لم يكن مكرا وأن ما قالته كان إنذارا... فلو أنها كانت قد قابلت رويز وعرفته قبل أن تلتقي ببروس لكان رويزوليس بروس هو الذي انتزعته. ولابد أنها الآن تأسف لأنها لم تلتق برويز أولا.
صعب على ليلي أن تصدق أن أختها خطر يهدد سعادة مستقبلها ولكن التجربة الماضية علمتها أن تجزع وأدركت أنها لا تستطيع أن تثق بستيلا وبالرغم من أنها كانت تثق برويز فان الموقف جعلها مكتئبة. ليت رويز لم يقترح نزولها عندهما وداخلها الأمل في أن يتغير الموقف إذا ما بدأت أختها العمل في الفيلم.

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 09-09-09, 11:05 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الادارة العامة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
عضو في فريق الترجمة
ملكة عالم الطفل


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77546
المشاركات: 68,264
الجنس أنثى
معدل التقييم: Rehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدع
نقاط التقييم: 101135

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Rehana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

يعطيك ألف عافية ..جين

و ننتظر جديدك من يدك ياعسل

 
 

 

عرض البوم صور Rehana   رد مع اقتباس
قديم 09-09-09, 11:08 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


وبدا الاهتمام على ستيلا برامون تالمونت فعادت الحياة تمضي هادئة لبضعة أسابيع. كانت ستيلا تود رؤية كل شيء في مكسيكو ستي, وتتذوق مباهجها وكان رامون لحسن الحظ تواقا إلى تمكينها من ذلك فأصبحت تقضي وقتها في صحبته وفي الاستديو. كانت ليلي تعيش على حافة بركان فما عادت تشعر بالسعادة إلا في غياب أختها عن البيت ولكنها كانت تشعر بالإثم لأن شكوكها في ستيلا كانت تتضمن رويز رغم أن رويز كان زوجا رائعا.
كانت الحياة تمضي على هذا النحو العصيب حين أعلنت إليها ماريا مديرة البيت ذات يوم وهي في قاعة الجلوس الرئيسية أن سيدا إنكليزيا يرغب في مقابلتها... وعجبت ليلي وسألتها عن أسمه فقالت السيد بروس ولم تتريث ليلي بل أسرعت إلى البهو حيث كان بروس يقف في شيء من الحرج كأن المكان قد بهره كأنه لم يكن يتوقع أن يقابل بترحاب ولكنه نسي حرجه حين وقعت عيناه على ليلي الجديدة الأنيقة الملبس سيدة هذا القصر المنيف...وعيناه تومضان وحاول دون تردد أن يتلقاها بين ذراعيه... فصعقت ليلي وتفادته وتساءلت في فتور:
" ماذا تفعل هنا يا بروس."
" لا يبدو عليك أنك سررت برؤيتي!"
قالت وهي تسترد سكينتها:
" يجب أن يكون هذا مفهوما في هذه الظروف ... أجئت لترى ستيلا؟"
قال:
" أذن فقد وصلت."
فقالت:
" نعم منذ أسبوعين تقريبا."
وتوقفت منتظرة تعليقه ولكنه لم يقل شيئا فعادت تسأله:
" أجئت لتراها؟"
ثم فطنت إلى أنه ما كان ليتصرف كما أراد أن يتصرف لو كانت رؤيته ستيلا هي غايته الوحيدة!
وأطلق ضحكة قصيرة وقال:
" أختك الساحرة؟ انتهى ما كان بيني وبينها. كنت أحمق ولكني أفقت في وقت مناسب."
فقالت:
" كنت أحمق؟ أما خطر لك أنك شيء آخر كذلك... لقد خذلتني ثم خذلت ستيلا."
فقاطعها قائلا:
" أهذا ما قالته لك؟"
" ألم تتخل عنها؟"
" لابد أنها روت لك قصة مؤثرة... أود سماع ما قالته أختك الناصعة البياض عني. ولو سمح الوقت فسأروي لك الكثير عنها."
قالت محنقة:
" لا أقبل أن تتحدث عن أختي هكذا!"
قال:
" ليكن... غير أن عليك أن تخبريني بما قالته عني. فأني أود معرفة موقفي."
ضاقت ليلي بالموقف وقالت بجفاء:
" ما من داع لأن تكذب ستيلا ولابد أن ما قالته هو الصدق... أنت فتنت بالنجمة السينمائية ثمأفقت من غوايتك."
فهز رأسه وأمسك بذراعيها بقوة وقال وهي تحاول التخلص:
" متى ستواجهين الحقيقة عن أختك؟ متى ستواجهين أنها لا تشبه أحدا من أسرتكما؟ أنها أكثر الشابات اللائي قابلت إيثارا لنفسها وهي على استعداد لتحطيم حياة أي امرئ دون أن تكترث. أنني أعرف حقيقتها... كانت تتسلى بي فحسب وما كانت جادة أبدا في الزواج مني... لو لم تصلي حين وصلت وتفاجئيننا في موقف باد مريبا..."
ضحكت ليلي وقالت:
" لقد كان موقفا مريبا وأنت تدرك ذلك.. وبرغم إنكارك الآن فأنت كنت مفتتنا بها."
قال لها: " أؤكد لك أنني لم أعد أحبها."
فهزت كتفيها وهي في دهشة من صلابتها إذ كانت لا تشعر برثاء يذكر له أو لستيلا. وقالت وفي عينيها اشمئزاز:
" أذن فكل ما أقوله هو أنك بارع في الوقوع في الحب والخروج منه وأنني لأستهجن بشدة مجيئك واتهامك أختي بالتنكر لك."
أطلق ضحكة قصيرة وقالك
" أنها لا تلم أبدا على أي شيء... هي دائما الصغيرة البرئية الناصعة لكنكستتبينين يوما ما حقيقتها وآمل ألا تكون الصدمة قاسية."


وأفلحت ليلي في التخلص من بروس وابتعدت وقالت:
" إذا استمريت بكلامك هذا فسأضطر لأن أدعوك للانصراف وعلى أية حال فلماذا جئت إلى هنا؟ انه موقف محرج كما تعلم."
وفوجئت برده: " لقد جئت لاصطحبك إلى الوطن..."
وساد الصمت لحظة وليلي تحاول أن تستوعب ما سمعت ثم قالت أخيرا:
" أنسيت أنني متزوجة من رويز؟"
فتقدم نحوها ولكنها أسرعت بالابتعاد وقال:
" إنه زواج عمل فحسب... هذا ما قلته أنت. يجب أن تعودي معي . فكل منا للآخر وما كانت ستيلا سوى نزوة جنونية."
قالت:
" أو تريد الآن أن تصل ما انقطع من خطبتنا؟"
خدعه هدوء صوتها فقال:
" بوسعك الحصول على الطلاق."
فقالت بنفس الهدوء:
" افترضني أنني لا أريد."
وهم بأن يتكلم فاحتبس صوته... واستأنفت ليلي حديثهما:
" لا أريد العودة إلى ما كانت عليه الأمور حتى لو لم تكن قد تخليت عن ستيلا ولا أريد أن أترك رويز فأنني الآن أحبه. وإذا كان زواجنا قد بدأ كاتفاق عمل فإنه الآن حقيقي..."
فضاقت عينه واحتقن وجهه غضبا وقال:
" أذن فقد كانت ستيلا على صواب. قالت أنك ما كنت لتقبلي التخلي عن صفقة كهذه."
فصاحت ببرودة قاسية :
" لا تقل هذا ثانية!"
فاعتذر متمتما:
" آسف."
وإذ ذاك أردفت تسأله:
" وما شأن ستيلا بهذا؟ أأخبرتها بأنه مجرد مشروع تجاري؟"
وراحت ليلي تحدث نفسها:
" أتراها أساءت الحكم عليه؟ لعل ستيلا اكتشفت انه زواج عمل فحسب فرفضت لهذا الزواج من بروس اعتقادا منها بأن أختها باقية على حبه فشاءت أن تتركه طليقا لها إذا ما انتهى الزواج. إذا صح هذا فلماذا ألقت ستيلا اللوم على بروس وقالت أنه لم يحبها وبهرته أضواء النجمة؟ كلا ما كان بوسع ستيلا أن تعرف شيئا عن أن زواج أختها بدأ كاتفاق عمل وألا لذكرت هذا لها!
وقال بروس معتذرا:
" ما تعمدت أن أخبرها.. كانت زلة لسان." ولكن كان واضحا أنه يكذب.

* * *

فجأة ظهرت ستيلا مقبلة من الحديقة وقالت:
" هل علمت ياليلي العزيزة..."
وتوقفت ورفعت إحدى يديها إلى فمها إذ رأت بروس... كان إجفالها حقيقيا في بعضه وتظاهرا في بعضه وقالت:
" أأنت هنا؟"
فأسرعت إليها ليلي وأحاطت كتفيها بإحدى ذراعيها لتسرى عنها قائلة:
" أنه يتأهب للانصراف يا عزيزتي."
قال بروس في قحة:
" كلا... لابد من إيضاح أمر أو أثنين قبل انصرافي."
وحملق في ستيلا وسألها:
" أية قصة كاذبة كنت تروينها لشقيقتك ليلي؟"
فرمقت ستيلا أختها بنظرة مبهمة وقالت:
" لست أفهم... عما يتحدث؟"
فصاح بسخرية:
" حقا؟ كأنك لم تتعمدي فسخخطبتنا لمجرد هواك وما كنت تعتزمين يوما الزواج مني! وكأنك لم تسخري مني, ولم تشرعي في إغاظتي بصدد رويز آلدوريت حين قلت لك أن ليلي تزوجته كاتفاق عمل وذلك لكي لا تلومي نفسك من جراء فسخ خطبتنا!"
التفتت ستيلا الى ليلي وقالت في استعطاف يثير الإشفاق:
" عما يتكلم بحق السماء؟"
فقال وقد ارتفع صوته:
" أنك تعرفين عما أتكلم... أنك جئت هنا معتزمة فصم زواج ليلي لأنك قررت يوم زواجها أنك تؤثرين أن تستحوذي على أموال رويز آلدوريت!"
وسحبت ليلي ذراعها فورا من حول أختها وذهبت نحو الجرس ولكنه اعتراضها قائلا:
" كلا... بل ستصغين لما أقول."
قالت وبعد أن دقت الجرس بشدة:
" أظنك قلت ما يكفي..."
قالت تشيتا بالأسبانية إذ أقبلت:
" السيد بروس جرمين يتأهب للانصراف أتسمحين بمرافقته للباب؟"
خفض بروس صوته وقال بالإنكليزية التي لا تفهمها مدبرة البيت:
" حسن سأنصرف ولكنك قد تجدين ما يدعوك لرؤيتي ثانية أنني أنزل في فندق منديتو."
فقالت ليلي في فتور:
" لا أظنني سأحتاج الى إزعاجك."
فأطلق ضحكة قصيرة مكتئبة ورمق ستيلا بنظرات عابرة ثم قال لأختها:
" قد تقررين أن تعودي الى إنكلترا معي..."
ورافق تشيتا مغادرا الغرفة.
ساد الصمت برهة وجيزة ثم قالت ستيلا:
" لا أظنك صدقته؟"
فأسرعت تطمئنها قائلة:
" كلا, طبعا لم أكن أظن أنك تعلمين."
قالت ستيلا:
" ولكن ماذا قصد؟ فأنت تبدين سعيدة جدا."
فقالت ليلي بهدوء:
" وأنا فعل سعيدة."
" ولكن هل كان الزواج اتفاق عمل؟"
" أجل. كان رويز مضطرا للزواج ليرث كاراسترانو.. وكنت أظن أنني بذلك أسهل الأمور لك ولبروس."
وظهرت ستيلا بمظهر الخجول وقالت مبهوتة:
" ولكن ما كان ينبغي أن تفعلي شيئا كهذا."
فابتسمت ليلي قائلة:
" الذي حدث أن كل شيء سار الى أفضل ما يمكن... لم أكن في البداية أحب رويز ولو كان الاتفاق ما يشترط إنجاب وريث لكاراسترانو عندها... لما وافقت لحظة."
" أذن فقد كانت عملية مؤقتة... طلاق بأسرع ما يمكن تدبيره دون ما ضجة؟"
ارتاعت ليلي لقسوة وقع الكلمات وحاولت أن تقنع أختها قائلة:
" ولكنه لم يعد كذلك... عندما بدا أننا منسجمان أقترح رويز أن نجعله زواجا حقيقيا... وأنه حقيقي فعلا الآن."
وبدت عن ستيلا حركة تنم عن أنها تجد صعوبة في الفهم والإدراك وهتفت:
" يا للسماء يا ليلي! أي تورط فظيع وغير ضروري. أنكما لو لم تتزوجا أو أنه ما يزال من الممكن إلغاء علاقتكما! أحسب أنه من السهل الحصول على الطلاق إذا لم تكوني واثقة تماما بصدد المستقبل... ولست أرى كيف تكونينمطلقة الثقة في هذه المرحلة؟"
وابتسمت ليلي في اعتداد وقالت:
" أنني متأكدة. ولست أريد طلاقا. قلت لك أن كل شيء تحول الى خير وضع. ولقد أحببت رويز ولا أريد استعادة بروس."
عضت ستيلا شفتيها وقالت:
" أموقنة أنت تماما؟ لكنك كنت مشغوفة به."
فقالت ليلي:
" أنني متأكدة تماما... والشغوف ليس جبا."
فرمقتها ستيلا بنظرة محيرة فيها ما عجزت ليلي عن فهمه وقالت:
" حسنا... هذا يريك كم من أخطاء تستطيعين ارتكابها في الحياة!"
بدت ستيلا مشغولة البال حين اصطحبها رويز وليلي في السيارة بجولة. وفي المساء سبقت ستيلا شقيقتها الى الهبوط قبل العشاء وكان رويز يقف بجوار خزانة المشروبات وتقبلت منه كأسا.
ولم تلبث ليلي أن فطنت الى أنها تأخرت فأسرعت بالهبوط.. ولما لم تعد ستيلا في حجرتها توقعت أن تجدها في قاعة الجلوس كانت وساوسها من ناحية أختها قد هدأت نوعا ما منذ حديثهما بعد الظهر لذلك صدمت إذ فتحت الباب قليلا فسمعت ستيلا تقول بصوتها الخافت, الجميل:
" يسرني أن وجدتك وحيدا يا رويز, فهناك شيء كنت أحاول قوله منذ وصولي ولكنني كنت أرجئه.. غير أن أمرا حدث بعد ظهر اليوم جعلني أدرك ألا بد من إقحام نفسي."
وكان رويز هادئا مشوبا بالدهشة:
" إذا كان هناك ما أستطيع فعله لمساعدتك فأرجو أن تخبريني."
" أنه عن أختي... وبروس."
قال بلهجة مؤدبة:
" نعم؟"

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 09-09-09, 11:15 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

فشرعت تقول:
" من العسير أن أتحدث في هذا... وازداد صوتها بحة. ولم تدر ليلي لماذا لم تبادر بالابتعاد فما كان من عادتها التنصت على أحاديث الغير. بيد أن ذكر أسمها سمرها في مكانها وستيلا ماضية في الحديث: لست أدري كيف أعبر ولكنك ربما تدرك الاتجاة إذا قلت أنني أعرف ما دعا ليلي الى الزواج منك... لترث كاراسترانو..."
وساد الصمت لحظة ثم واصلت الحديث:
" ألا تظن.. أن من الغبن أن تستبقيها مرتبطة بك.. أعني, يبدو لي أنك لا تنفذ نصيبك من الاتفاق. أنها فعلت من أجلي الكثير وأرى من واجبي تصحيح هذا الوضع."
قال في اقتضاب:
" أذن أخبرتك هي بالسبب لزواجنا؟"
" ليس تماما... تصادف أن سمعتها عفوا تذكره لشخص آخر."
" ومن يكون هذا الذي تحدثه في أمر شخصي بحت كهذا."
قالت " بروس ." فهتف:
" آه!."
لو لا أن ليلي كانت مسمرة في مكانها لاندفعت الى الغرفة في تلك اللحظة. وأردف رويز:
" الرجل الذي كان خطيبها يوما؟"
فأجابت ستيلا وفي صوتها رنة ارتياح:
" نعم.. أن هذا ليس شأني في الواقع ولكني شديدة الولع بها وأعرف كم كانت متعلقة ببروس يوما... ويبدو أن ستيلا تنفست بعمق إذ ذاك ثم أسهبت في القصة التي أعدتها:
" كنت في الحديقة مصادفة عندما جاء... ولم أشأ أن أقطع عليها اللقاء فتريثت متوارية عن البصر... بودي أن أعفيك من التفاصيل كان لقاء جياشا بالعواطف."
ظل رويز صامتا بينما استأنفت هي:
" وعندها سمعت طرفا من الحديث.
قضى رويز تلك الليلة في غرفة أخرى لأول مرة منذ أصبح زواجهما حقيقيا... وكان قد خرج عقب العشاء مباشرة لمقابلة اصدقائه وعاد في ساعة متأخرة وفي الصباح التالي أخبرها بأنه مضطر للعودة الى كاراسترانو فلما بادرت لإعداد عدتها لمرافقته قال بحزم:
" ما من داع لذهابك معي فلن أغيب سوى بضعة أيام."
وهمت بأن تتكلم ولكنا تريثت فما كانت اللحظة مناسبة للحساب بينما كانت تعد له حاجياته سألها فجأة:
" لماذا لم تخبريني بأن خطيبك السابق اتصل بك؟"
فأجابت :
" كنت أعتزم... ولكن الفرصة لم تسنح لذلك."
فقال:
" أم لعلك لم تظني أن للأمر أهمية؟"
قالت:
" كلا... لم يكن ذا أهمية."
ونظرت إليه في لوعة. كان الأمر المهم الوحيد هو أنه لم يقبلها, وهو يتعجل الخروج للحاق بالطائرة. ووقفت تعض على شفتها أمام الباب الخارجي للدار والسيارة تنطلق به نحو المطار.

* * *

أطبقت عليها الوحدة الموحشة بعد ذلك. كانت هي الأخرى تود العودة الى كاراسترانو حيث أصبح بيتا ومقرا وموطنا لها أكثر من الدار التي نشأت فيها لا سيما وأنه كذلك بالنسبة للرجل الذي أحبته. وتقبل الحياة معه برتابة وصداقة دون أن تكتشف أن ذلك لم يكن حبا ماذا لو لم تأت ستيلا... وتفتح عينيها على الحقيقة أن رويز وليس بروس هو الحبيب الحقيقي لها!
ترى أين رويز الآن؟ هل حطت به الطائرة؟ لو كانت معه لشعرت بيده تحت إبطها وهو يساعدها على الصعود درجات الشرفة الأمامية للبيت. ولأحست بكل عصب في جسمها يغرد لأن أتفه لمسة منه كانت كفيلة بأن تسعدها... ولدخلا البهو اللطيف الجو... وتراءت لها ذكريات لحظات هنيئة مشرقة ذكريات رويز يغادر الحمام وبشرته البرونزية تظفر بالصحة, وشعره الأسود مبتل ومتناثر.. أو هو في بذلة السهرة في أوج اناقتة... أو وهو ضاحك طروب في ثياب ركوب الخيل, وذكريات الوقوف في رواق الصور تتأمل أجيال آل آلدوريت حتى تصل للمساحة الخالية المحتجزة لأجيال ومع انه لم يكن ثمة وريث لكاراسترانو بعد, فإنها كانت تشعر دائما بيقين دافئ بأنها ستخبر يوما الرجل الذي أحبته بأنه لن يكون آخر آل آلدوريت... وكان أحيانا يجدها واقفة أمام الصور فيحيط كتفيها بذراعيه.. وتنفرج شفتاها - دون إرادة منها - عن ابتسامة وتخال أن عينيها تشيان بشعورها نحوه كان رجل تفخر أية امرأة بحبه وان لم يكن قد قال يوما أنه يحبها.
كان كاراسترانو نعيما خاصا بهما ولكن ما الذي يجري الآن؟ هل بدأ يندم على أنه سمح لزواجهما بأن يتحول من اتفاقية عمل بحت كما كان يوما أو ترى كانت ثمة يد بطريقة ما... لبروس؟


وقررت في اليوم التالي أن تذهب لمقابلة بروس خشية أن يكون رويز وقد علم بقدومه الى البيت - قد اتصل به, وأن يكون بروس قد قال شيئا يسبب مزيدا من المتاعب ولكنها حين وصلت الى الفندق الذي كان ينزل فيه علمت أنه خرج.
وعادت الى البيت ولكن نوبة من القلق وعدم الارتياح استولت عليها فعادت الى الخروج مرة أخرى وراحت تسير على غير هدى... ما كان بوسعها أن تتحدث مع أحد حتى ستيلا... إذ كانت أختها تلازم غرفتها طيلة ما بعد الظهيرة والستائر الخضراء مسدلة وقد تولاها صداع قاس نتيجة بقائها تحت الشمس خارج البيت - وقتا طويلا ... وعلى أية حال فان ليلي لم تعد تثق فيها أو تطمئن إليها.
شعرت ليلي بتعاسة إذ لم يعد بوسعها أن تطمئن الى أحد... فتابعت السير على غير هدى تحت الشمس الشديدة, الحارة حتى انهارت قواها... وعندها عادت الى البيت.

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 09-09-09, 11:16 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جين استين333 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثالث عشر والأخير
الحقيقة


أخذت ليلي تستعيد ذكرى عودتها للبيت على غير موعد في المناسبة الأولى وقدومها غير المتوقع - في هذه المرة الذي كان مختلفا... فبدلا من أن تنسحب تلقائيا وقد شلت صدمة المفاجأة والألم تصرفها إذا بها تتوارى عن البصر, وتصغي.كانت المناسبة في هذه المرة - مختلفة جدا. لقد أقبلت - كما حدث من قبل - من غير المدخل الأمامي إذ دخلت من الأبواب المفضية من الشرفة الأمامية الى الحديقة... وهذا هو وجه الشبه الوحيد بين المناسبتين. ولكن ما شعرت به في هذه المرة لم يكن ألما وإنما كان تبدد لوهم, وبداية لقرار حاسم وهذا ما جعلها تستمر في الإصغاء لما كانت تقوله ستيلا لبروس, في إيضاح يشوبه شيء من السخرية:
" أظن بأنك جدير بأن تكون أكثر سرورا... فالأمر برغم كل شيء لصالحك أنت الآخر."
وأجابها بروس:
" قد لا أكون راغبا في أن أتردى الى المستوى الذي بلغته أنت!"
" من الذي يحفل بالوسائل ما دامت النهاية المنشودة تتحقق؟"
" يجب أن تشكرني يا عزيزتي. لقد مهدت الطريق فعلا ولن يدهشني إذا ما بات بوسعك - في القريب العاجل - أن تستطيع إقناع ليلي بأن تعود الى إنكلترا في صحبتك."
هنا قالت ليلي وقد ظهرت في باب الشرفة:
" كلا... أنك فسخت خطبتي من قبل يا ستيلا ولكني لا أنوي أن أسمح لك فصم زواجي من رويز!"
كان من الغريب حقا أن يتمكن المرء من التحول فجأة من النقيض الى النقيض في لحظة واحدة. أن ليلي ما كانت حتى بضع دقائق مضت على استعداد لأن تصدق أي سوء عن ستيلا أما الآن فقد زال تماما كل وهم وكل ما كان يحيرها وأتضح كل شيء حتى أدق دقائقه... وأصبحت تعرف أن بروس كان صادقا حين قال أن ستيلا كانت تعبث بهما معا حين فسخت خطبتهما.
استدارت ستيلا بهدوء وظلت أساريرها لحظة لا تنم عن شيء ثم عاودتها الابتسامة الهازئة ببطء وقالت دون حياء:
" أنك مولعة حقا بالظهور في أوقات غير متوقعة يا عزيزتي... أليس كذلك؟"
فقالت ليلي بنفس الهدوء الذي لازمها حين كشفت عن وجودها:
" كان من الخير أن أظهر في هذه المناسبة بالذات."
قالت ستيلا متهكمة:
" أتقصدين... أعذر من أنذر؟"
" نعم... كان من المحتمل أن تنجحي لو أنني لم أعرف أنك التي سببت المتاعب... ما الذي قلته لرويز حتى جعلته يرحل الى كاراسترانو فجأة على هذا النحو؟"
قالت ستيلا هازئة:
" آلا تفضلي عدم المعرفة؟"
فابتسمت ليلي ابتسامة واهنة وقالت:
" أحسب أنه كان من الإفراط في السذاجة أن تخبريني من تلقاء نفسك. لكن قد يكون بوسعي أن أعرف من رويز نفسه."
وأمسكت وتوقفت لحظة وقد زمت شفتيها في قسوة غير طبيعية ثم أردفت:
" أنني أعني ما قلت ستيلا.. لن ادعك تفسدين زواجي!"
كانت جادة فعلا فقد تولد الزم كاملا ووطيدا بمجرد أن تبينت حقيقة ستيلا وفهمت أخيرا مدى خطأ أسرة ديرموت في اعتزازها بالابنة الجميلة.. النجمة الداكنة كما كانوا يسمونها.. النجمة الداكنة! لقد انجلى للوصف معنى جديد ينطوي على شؤم. ما أعجب أن العرافة العجوز كانت على صواب! ولكن اعذر من أنذر حقا كما قالت ستيلا. ولقد عقدت ليلي العزم على النضال من أجل زواجها مستخدمة كل سلاح يتيسر لها ودون ما مخاوف أو تردد يذكر.
ومن خلال فهمها الجديد لستيلا أيقنت ليلي بأنها ما كانت مستعدة البتة للموافقة على طلاقلو أن أختها استغلت فتنتها وجمالها فجعلت رويز يهيم بها. فما كان بوسع ستيلا قط أن تسعده. ولكنها كانت مستعدة لتحمل نفوره وكراهيته والتردي في الشقاء والتعاسة ولكنها لن تسمح له بالتعرض لتبدد الوهم مرة أخرى إذ أن أي رجل يحب ستيلا يعرفها في النهاية على حقيقتها. على أن الوقت لم يكن قد اتسع لتحدث ستيلا ضررا جسيما.
أدركت من خلال فهمها الجديد لأختها - إن ستيلا ما كانت قادرة على أن تحب رجل. وإذا حاولت أن تنتزع منها رويز وقد بدا أنها شرعت في المحاولة فعلا - فما كان إلا رغبة في ماله ومكانته بالإضافة الى جاذبيته كرجل. وإذ كان الصراع على هذا المستوى فلليلي الحق كل الحق في أن تحمي زواجها والرجل الذي أحبته. ولو أن ستيلا كانت امرأة أخرى امرأة من طراز مختلف تماما فقد كان من المحتمل ألا يكون قرارها قاطعا أما مستوى الصراع فانه يقوم على الجاذبية الأنثوية وهي ناحية كان بوسع الزوجة أن تمنح رويز إياها فان النضال كان من حقها إذ أنها الى جانب ذلك كانت تحبه وكانت على استعداد لأن تفعل كل ما وسعها لإسعاده... بينما ستيلا لم تكن تفكر إلا في نفسها!
وإذا كان على ليلي أن تحارب ستيلا فلتحاربها على مستواها إذا دعت الضرورة... أنها كانت توفر السعادة لرويز ولهذا السبب وحده كان من حقها أن تحارب للذود عنه... أن تحارب لتستمر السعادة التي وفرتها له.
وقطع عليها أفكارها صوت ستيلا وهي تقول:
" وبعد؟ أحسبك ستطلبين أن أعد حقائبي وأغادر الدار؟"
فقالت ليلي محتفظة بهدوء صوتها:
" أظن أن هذا واضح!"
ضحكت ستيلا في سخرية وقالت:
" وماذا ستقولين لرويز؟ أنك تظنين أن أختك تحاول سلبك زوجك الغني؟"
فقالت ليلي:
" ليس لأمواله قيمة لدي."
وعادت ستيلا تضحك ولكن السخرية شابها شيء من الازدراء وقالت:
" أنني أكاد أصدقك... أنك من الغبيات اللائي يتدلهن في حب رجل دون أن يحفلن بأمواله."
وسارت الى الباب ثم وقفت لتقول:
" يحسن بك أن تعودي نفسك على الرضا ببروس لأنني اعتزم أن أفوز برويز."
فردت ليلي دون أن ترفع صوتها محتفظة بهدوئها:
" وأنا أعتزم ألا أمكنك من تحطيم زواجي."
قالت ستيلا في غرور غطرسة :
" تظنين أن في وسعك أن تنازليني؟"
" سأحاول. أنك لا تملكين سوى الجاذبية. ولو دعت الضرورة فسأنازلك في مجالك. أنني لست بشعة. وزواجي من رويز عرفني بهذا."
قالت ستيلا هازئة:
" أذن أتمنى لك حظا" ولوحت بيدها ثم خرجت.
وقفت ليلي حيث كانت وبدأت تشعر بالبرودة. كانت خائفة بالرغم مما قالت فان ستيلا كانت جميلة وما كانت تتورع في شيء... ومهما يكن فان رويز كان رجلا وله عواطف مشبوهة... وتذكرت ما قاله رويز يوما:
" أننا معشر أبناء المكسيك أوتينا دما أسبانيا وقد نكون كما تزعم الدنيا أسهل من سوانا استثارة في الناحية الحسية وفي هذه الناحية سيتركز مجهود ستيلا بطبيعة الحال!
هتف بروس لـ ليلي بعد انصراف أختها بصوت خافت:
" ما كنت أحسبك أوتيت هذه الجرأة يا ليلي وأمسك رسغيها فجأة وهو يقول:
" ولكنك لا يمكنك أن تفوزي... وضد ستيلا بالذات!"
فقالت بهدوء:
" بوسعي أن أحاول."
شد قبضته على معصميها وقربها إليه قائلا:
" الأمر لا يستحق المحاولة. لندعها تحظى به. كنا سعيدين يوما وبوسعنا أن نسعد من جديد."
فدفعته بحركة لا إرادية قائلة:
" لقد انتهى هذا وعفا عليه الزمن."
قال: " لا داع. ستيلا لا تتورع عن شيء" ومضى في حديثه: أنها ستهتدي الى طريقة كي تفوز في النهاية... لو جئت معي الآن فستعفين نفسك من كثير من الشقاء."
" لن أدعها تفوز. سأهتدي الى طريقة كي أمنعها. لابد من ذلك... فأنا أحب رويز... وهي ستشقيه لو فازت."
واكفهر وجهه فجأة وأصبحت قبضته مؤلمة وبحركة سريعة ضمها إليه وقد أثاره عدم اكتراثها فجأة. وتمتم وهي تناضله:
" ليس ممكنا أن تحبيه. أنك تحبينني. أنك لم تتزوجيه إلا بسبب ستيلا كما قلت... وسأبرهن لك على ذلك."
وزاد من هياجه أن حاولت التملص منه. ولكنه كان أقوى من مقاومتها... وإذ كانت قد احتاطت الى ما يثبت مدى شفائها من افتتانها به فقد وجدت إثبات في هذه اللحظة. وشعرت بأن قبلته تثير اشمئزازها فعلا!
في تلك الأثناء كانت ستيلا تقف في البهو... إذ فتح الباب الأمامي فجأة ودخل زوج أختها الطويل الأسمر. وأومأ لها برأسه إيماءة خفيفة وارتسمت على شفتيها الابتسامة الخادعة الساحرة. ولما أغلق الباب وتقدم في البهو تحركت بسرعة متظاهرة بأنها تود أن تعوقه عن الحجرة التي خرجت منها. وقالت:
" أرجو ألا تدخل."
فضاقت حدقتاه وهو ينظر إليها وسألها في حدة واقتضاب:
" لماذا؟"
" لأن بروس هناك... مع ليلي."
وفي هذه المرة اتجه رويز الى الحجرة بحدة دون إرادة منه تقريبا... فأمسكت بذراعه قائلة:
" أرجوك... يجب ألا تغضب. لقد أخبرتك قبل رحيلك..."
وكان قد وقف وقالت بعد لحظة صمت:
" هل فكرت فيما قلت؟"
وواجهها ودفع يدها عن ذراعه فجأة وكأنها قبضة سامة وقال:
" نعم. ولكن عليك أن تدعي حياة زوجتي وحياتي ندبرها معا. وهناك أمر أخر... أرجو أن تلتمسي عذرا لمغادرة بيتي. أن كرم الضيافة تقليد أسباني ولكني مضطر لأن أخرقه الآن. أنني لا أود أن أقول لزوجتي أن أختها غشاشة كاذبة لا قلب لها إطلاقا تحاول أن تفسد حياتها كما حاولت مرة -من قبل - في إنكلترا لمجرد اللهو التسلية."
فهمت بالكلام ولكنه أسكتها وأستأنف حديثه:
" أظنك تفهمين... وهناك أمر آخر. هذا ال بروس.. لا أدري إذا كنتما دبرتما هذا بينكما ولكني أود أن تفهمي كذلك أنني لن أسمح. لزوجتي بالعودة إليه مهما تكن الظروف سألتني أن أفكر فيما قلته لي ولقد فكرت... أنني لا أصدق أنها تحبه ولن أدعها - على أية حال - ترحل مع رجل تركها يوما من أجل امرأة مثلك. والآن أتسمحين باتخاذ الاستعدادات لمغادرة الدار؟"
وأحنى رأسه في تحية موجزة ودخل الغرفة... ووقفت ستيلا لحظة حائرة مرتبكة ثم أظلم وجهها وئيدا بالغيظ والقهر... وتحولت مسرعة تصعد درجات السلم.
أغلق رويز الباب ووقف لحظه ووجهه الأسمر لا ينم عن شيء... ما كان ليدخل في لحظة أسوأ من تلك ومع أن ستيلا أدركت أنها قد خسرت المعركة قبل أن تبدأ فإنها كانت تشعر بارتياح خبيث لو قدر لها أن تشهد هذه اللحظة.. فمع دخول رويز كان بروس يقبل ليلي! على أن ارتياح ستيلا ما كان ليدوم طويلا لأن الواضح أن ليلي كانت مكرهة غير راغبة وما أن تمكنت من تخليص احدى يديها حتى وجهت لكمة لمعدة بروس وهي مهتاجة... وانحنى بروس وهو يشهق ألما وإذ بصوت رويز ينبعث في إعجاب واضح:
" أنك تخالفين كل توقع يا عزيزتي. فالمعتاد أن توجهي اللكمة الى الأذنين!"
واستدارا... كان وجه ليلي شاحبا وبدا بروس مرتبكا و محرجا و متوجسا في آن واحد. وانحنى رويز في تحية مقتضبة وقال في هدوء:
" لا أعتقد أننا تقابلنا من قبل ولكني لا أجد داعيا للتعارف."
" أنني .. بوسعي أن أوضح."
" أتعني أنك كنت تتهيأ للانصراف؟ من المؤسف أن يكون تعارفنا قصيرا الى هذا الحد ولكنا نقدر رغبتك في الرحيل على الفور."
وشهق بروس وغادر الغرفة وهو يكاد يجري. وتابعه رويز وعلى وجهه الأسمر الجميل لمسة من السرور, وقال متفكها:
" أنني كواحد من آل آلدوريت أعتبر نفسي شديد السيطرة على أعصابي. ولعل هذا ورثته عن الجانب الإنكليزي في دمائي!"
همت ليلي بالتقدم إليه باسطة إحدى يديها ثم توقفت لا تدري كيف تتصرف... فبعد السوء الذي أحدثته ستيلا كيف يتسنى لها إيضاح ما حدث... دخوله الحجرة ليرى رجل يقبل زوجته... والأنكى أن الرجل كان خطيبها السابق!
ابتسم رويز فجأة تلك الابتسامة الوضاءة "هل كان يظن أنني ادعك ترحلين معه؟"
فتشبثت بذراعه وهتفت:
" أنني لا أريد الرحيل معه. يجب أن تصدقني. أنني لا أدري ما قالته لك ستيلا ولكنه أكاذيب!"
" أنني أصدقك ولكني لا أظن أنني كنت مستعدا لأن أتركك ترحلين ولو كنت راغبة في ذلك!"
وشعرت ليلي بهزة سعادة جديدة تسري في كيانها... بعد أن بدأت ستيلا ودسها الخبيث يتلاشيان.
وتساءلت لماذا؟ ولكن الغريزة وشهور السعادة التي قضياها معا سبقتاه الى الإجابة وهو يقول:
" لأن الرجل لا يفرط في المرأة التي أحبها دون نضال. وفي اللحظة التالية كانت بين ذراعيه وقبلاتهما المتبادلة تعبر عن الحب الكامل وعن ثقة كل منهما بالآخر وأدركت ليلي إذ ذاك انه لم يكن ثمة شيء من ستيلا في الواقع لأن شهور المعاشرة ولدت بينهما شيئا لا يمكن تدميره أبدا!
أبعدها رويز ونظر الى وجهها بعينيه السوداوين الدافئتين كما يفعل أي رجل حين يريد معرفة متى رفعته حبيبته الى مقام كل الرجال... وابتسمت ليلي قائلة:
" لقد حدث ذلك منذ زمن بعيد ولكني لا أحسبني أدركت عن بينةما كان يعتريني إلا حين سألتني أن أهبك وريثا لكاراسترانو فأدركت أن كل ما قلته لك بصدد تحاليلك على شروط الوصية أنما صدر في الواقع عن رغبة في عقلي الباطن في أن يكون زواجنا حقيقيا. كنت أخدع نفسي بكل حديثي عن كاراسترانو...."
فضحك بلطف ضحكة الرضا الكامل وقال:
" أحسبني بدوري كنت أخدع نفسي. ومع ذلك فلا بد أنني كنت أريدك دائما زوجة الى نهاية العمر!"
" لكنك كنت تقول إذ ذاك أنك لا تؤمن بالحب؟"
" كنت أحمق. فالرجل الذي لا يحب لا يكون مكتمل الحياة!"
" وكذلك أية امرأة."
" أذن فنحن متفقان على أننا مكتملا الحياة!"
وابتسمت عيناه السوداوين ثم اختفت الابتسامة فجأة وبدا جادا وهو يقول:
" لقد ذكرت أختك منذ لحظة... أهناك ما تبغيه أن تقوليه عنها؟"
فغضت ليلي بصرها وقالت:
" كلا... ليس الآن." ذلك أن ستيلا لم تعد في وضع يتيح لها إثارة المتاعب فما من حاجة لأن يعرف رويز حقيقة أختها ومدى ما سمعته هي نفسها عفوا. وأمسك بذقنها ورفع وجهها وراح يتفرس لحظة في محياها ثم هز رأسه. وقال:
" أظنك عرفت أخيرا حقيقتها!"


فانفرجت شفتاها دهشة وهتفت:
" أكنت تعرف يا رويز؟"
" عرفت من البداية. ولا أظن أنك تنزعجين أن تعرفي أنني سألتها أن ترحل!"
فضحكت ليلي قائلة:
" سألتها أن ترحل؟ أنني أمرتها بذلك قبل أن تفعل!"
فبتسم قائلا:
" ما أطيب أن نتشابه في تفكيرنا!"
" تشابه؟"
كانت ليلي مستعدة لأن تنازل ستيلا في المجال الذي اختارته والآن يبدو أن رويز عاد من كاراسترانو وقد عقد عزمه على ألا يدع زواجهما ينهار. وسألته:
" ولكن إذا كنت عرفت حقيقة ستيلا من البداية وأدركت أنها تحاول عن قصد أن توقع بنا سوءا فلماذا رحلت الى كاراسترانو على النحو الذي حدث؟ ألم يكن رحيلك بسبب شيء قالته؟"
" رحلت لأنني كنت أعرف أن في ما قالت قدرا كبيرا من الحقيقة وبالرغم من جهودها كي تلوي هذه الحقيقة لتناسب أغراضها."
وتوقف مقطبا جبينه قليلا ثم أستأنف الحديث:
" أنك عندما تزوجتني كنت تحبين ذلك ال.. بروس."
ونطق الاسم في ازدراء غاضب تحول إلى ابتسامة إذا رفعت يدها تخفف عنه فأمسك اليد وطبع على كفها قبلة وهو يتابع الحديث:
" ولقد أقنعتك بأن نجعل زواجنا حقيقيا وبدا لي أنك سعيدة ولكن أختك ما لبثت أن جاءت وأخبرتني بأنك مازلت تحبين بروس و بأنه كان يعلم أن زواجنا زواج عمل - أو هكذا كان - وبأنه جاء الى المكسيك ليحاول أن يستردك ولكنك صددته بسبب ولاء نحوي نشأ عن اعتقاد خاطئ. وبدا أن في هذا قدرا من الحقيقة. واكتشفت - في تلك اللحظة - كم كنت قد خدعت نفسي. لم يكن ما بيننا مجرد تكافؤ عقلي وقدر معين من الجاذبية الجسدية بل أنني كنت أحبك..."وفوجئت بفكرة احتمال أن اضطر الى التخلي عنك. كنت تبدين سعيدة معي ولكنني لم أكن أعرف ما إذا كنت - تحت هذا التظاهر- تحنين الى ذلك الرجل في إنكلترا. لهذا عدت الى كاراسترانو لأحاول أن أصل الى قرار. ولكني لم أكن بحاجة الى أن أبحث عن الحقيقة في كاراسترانو... كانت الحقيقة تحيط بي هناك... ذكريات سعادتنا فأدركت أننا ما كنا نسعد بهذا القدر ما لم نكن متحابين."
" كانت ليلة واحدة هناك كفيلة بأن تخبرني بالحقيقة. لعلك لم تتبيني هذا ولكني موقن منه لهذا عدت معتزما أن أرفض التفريط بك حتى لو سألتني أن أحلك من زواجنا! كنت على يقين بحيث أنني كنت على استعداد لأن أواجه الشقاء الى فترة... الى أن تتبيني أنك أنما تنعمين لي وأن الآخر كان مجرد بقايا راسبة من تعود قديم... تعود الظن بأنك تحبينه!"
ضحكت ليلي وقالت:
" تعود! كحذاء قديم نسيت أن ترميه ما كان أشد أسى بروس لو أنه سمع هذا الوصف." ومضت تقول:
" ما شعرت إلا بتوتر عصبي من الضيافة التي أحدثها... ثم بالخوف حين تبينت ما كانت عليه ستيلا حقا وما كانت تحاول أن تفعله."
وتوقفت لحظة وهي تهز رأسها في عجب ثم أردفت:
" أليس غريبا أن تساورنا معا فكرة واحدة؟ أنك كنت مستعدا لاحتمال كراهيتي إياك لفترة ولكنك كنت ترفض إن تدعني أعود لبروس... كذلك كان شعوري أنا إزاء ستيلا!"
قال بهدوء:
" ليس غريبا في الواقع. فكل منا يعرف أنه مرتبط بالآخر ويؤمن بهذا كل الإيمان بحيث أنه على استعداد لاحتمال أي شيء أخر. لعل قدومها الى هنا كان ضروريا حتى نعلم مدى قيمة كل منا للآخر!"
وشدها الى أحضانه ثانية ومضى يقول:
" والآن... لننس كل شيء عنها. فلن تلبث أن ترحل عن الدار بعد قليل وسنعود الى كاراسترانو معا."
العودة الى كاراسترانو ! الى السعادة الكاملة والدائمة! وابتسمت ليلي له مدركة أن زواجها الذي بدأ على ذلك النحو الغريب واجتازا بحارا غريبة قد بلغ أخيرا المرفأ الذي ينشده كل امرئ.
وغربت... النجمة الداكنة من سماء حياتهما!

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزواج الابيض, dark star, nerina hilliard, رومنسية, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية مترجمة, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير الرومانسية, عبير القديمة, نيرينا هيليارد
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t119070.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ط§ظ„ط²ظˆط§ط¬ ط§ظ„ط§ط¨ظٹط¶ - ظ†ظٹط±ظٹظ†ط§ ظ‡ظٹظ„ظٹط§ط±ط¯ (14) review at Kaboodle This thread Refback 28-03-10 11:25 PM


الساعة الآن 05:51 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية