لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-09, 12:59 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- سنتزوج غدا!


تمنت تيريزا حضور المزاد العلني الذي يقام في العاصمة لبيع الأبقار وأوراق التبغ , ولكنها لم تجد الشجاعة الكافية لتطلب من سكوت ذلك , توقعت أن يدعوها لمرافقته , فلم يفعل ... بل قال لها قبل مغادرته البيت مع جيمي:
منتديات ليلاس

" سأقابلك في شارع جايميسون في تمام الواحدة , أرجوك ألا تتأخري , لأن وقتي لا يسمح لي بالأنتظار طويلا , سأترك لك سيارتي كي تستخدميها في تنقلاتك , فاليري تعرف المكان الذي أريد ملاقاتك فيه , سنتناول طعام الغداء في مطعم قريب من المكان الذي سنقصده, الى اللقاء".


ضحكت فاليري وقالت لصديقتها الجديدة , بعد ذهاب الرجلين:


" سوف تعتادين عاجلا أو آجلا على هذه ... التصرفات الصعبة الى حد ما , ولكن مظاهر التسلط الخارجية هذه , تخفي وراءها قلبا كبيرا وعاطفة جياشة".


ثم تنهدت بمرح ظاهر , وأضافت ممازحة :


" يبدو أنه أخذ تهديدك على محمل الجد... فلم يعانقك مثلا قبل ذهابه الى العمل , آسفة يا تيريزا , لنتحدث عما سنفعله اليوم , هل تحبين زيارة المتحف الفني والحدائق؟ أم تفضلين القيام بجولة على المحال التجارية؟".


" أفضل المتحف والحدائق العامة , نظرا لوجود مليندا معنا".


لم تندم تيريزا على قرارها هذا, لأن الجولة الطويلة كانت ممتعة للغاية , شربن الشاي في أحد المطاعم الصغيرة ومشين الى البحيرة المجاورة , حيث جلست الفتاتان على العشب الأخضر الجميل وراحت الصغيرة تقفز هنا وهناك بسعادة فائقة, وفيما كانت تيريزا تحدث عن بعض المشاكل التي تقع في المستشفيات , قاطعتها فاليري قائلة بصوت منخفض:


" أنظري! ها هي أيلاين تخرج الآن من المطعم الذي كنا فيه!".


ألتفتت تيريزا بسرعة نحو مليندا , التي كانت ترمي قطع الخبز الى أوزة بيضاء جميلة , وقالت هامسة:


" لا تدعيها تراك , يا فاليري , ها هي آتية الى هنا!".


"لا ... لا أعتقد ذلك , في أي حال , أنها تضع على رأسها قبعة كبيرة ستمنعها من رؤيتنا".


" أخفي وجهك, بحق السماء , لا يريدها سكوت أن تشاهد مليندا أو تزعجها".


خيم الصمت الرهيب والتوتر الشديد حولهما بضع لحظات , تمنت تيريزا خلالها ألا تدير الصغيرة وجهها نحو المطعم.


" تعالي يا أيلاين, لنطعم تلك الأوزة الجميلة ونلتقط لها بعض الصور".


ضغطت تيريزا بقوة على يد فاليري , ولم تتركها الا عندما سمعت صوتا يقول:


" لا تكوني سخيفة يا مادلين , الطقس حار جدا , ولا يهمني الآن سوى الوصول الى الفندق وأخذ حمام بارد , يكفينا اليوم...".


أختفى الصوت تدريجيا مع أبتعاد السيدتين عنهما, فقالت فاليري:


" أرتاحي الآن , يا تيريزا".


" رباه, كم كانت قريبة منا!".


" أسمعي يا عزيزتي , أيلاين موجودة في المدينة , وسوف تلتقيان بطريقة أو بأخرى , فماذا ستفعلين , أيتها المسكينة , أذا تم هذا اللقاء الحتمي؟".


" أعرف ذلك , يا فاليري, ولست قلقة أبدا من أحتمال حدوثه , ولكن سكوت مصر على أبعاد مليندا عنها , لا تسأليني عما أذا كنت أعرف قراره صحيحا أم لا , أوه , لو أنها رأتك أو لاحظت وجود أبنتها...".


" خففي من توتر أعصابك , أيتها العزيزة , فقد ربحت على الأقل الجولة الأولى, هل تعرف أيلاين شيئا عنك؟ ليس لهذا الأمر أي أهمية على الأطلاق , لأنها لم تعد زوجته ... لم تعد تملكه , عاملته بطريقة تثير الأشمئزاز , وبأسلوب لا يغتفر , لا أحد يعرف مدى سوء معاملتها له أكثر مني وجيمي , عزة نفسه وشهامته لا تسمحان له بالتحدث عنها , ولكنه تألم كثيرا وصار يتصرف بقساوة وسخرية مع الآخرين ليغطي ألمه وعذابه , وكانت أقسى صفعة تلقاها من تلك اللعينة , هي طريقة تجاهلها للطفلة وتخليها عنها, هل أطلعك عما حدث؟".


" أخبرني القليل , فنحن لم نلتق الا منذ فترة قصيرة , في أي حال , أنا لست راغبة أبدا في معرفة التفاصيل المؤلمة , لا أعرف أيضاما اذا كان سكوت قد أتصل بها أو كتب لها ... عنا".


" أعتقد أنه يعرف كيف يتصرف في هذه الأمور , أنا سعيدة جدا , لأن لديه شخصا مثلك يخفف من قساوته ويعيد اليه حياته ومرحه, أنه رجل طيب ونشيط للغاية , ولكن الألم غاص الى أعماق فؤاده , أنت طريقه الى الخلاص من هذه المحن , أيتها العزيزة ".


شعرت تيريزا بخجل عميق نتيجة لما حدث مع جيمي وفاليري , لا يزال قلب سكوت مفعما بالمرارة , ولكنه بالتأكيد لم يستعد حياته وحيويته بسببها هي , سيقابل زوجته , وسيكتشف على الأرجح أنه يحبها الى درجة تسمح له بقبول أعتذارها , آه لو كان بأمكانها أطلاع هذه الصديقة الجديدة على أسرارها ومشاكلها , فهي طيبة وحنونة ومتفهمة.


" لندع الآن هذا الموضوع جانبا, يا فاليري , فأعصابي لا تتحمل المزيد".


ثم ضحكت وأضافت قائلة:


" أعتقد أن الخوف الذي تملكني أثناء مرور أيلاين هو المسؤول عن هذا التوتر".


تأملتها فاليري بتمعن وقالت لنفسها أن الأمر الوحيد الذي تعرفه بالتأكيد هو أن تيريزا ستانتون تحب سكوت ميلوارد حبا عميقا, أبتسمت وقالت بهدوء:


" لماذا لا نعود الآن الى البيت , كي تتمكني من مقابلة سكوت في الموعد المتفق عليه ؟ لن يكون مسرورا أبدا أذا تأخرت ! هيا, سأدلك على المكان الذي سيقابلك فيه".


أوقفت السيارة أمام المبنى المحدد فيالواحدة ألا خمس دقائق , ولكنها لم تخرج منها , وصل سكوت بعد ثلاث دقائق تقريبا وهمّ بفتح بابها , فقالت له:


" أريد التحدث معك لدقيقة واحدة , يا سكوت , أرجوك!".


ذهب الى الجانب الآخر من السيارة , وجلس قربها , أبتسم لها وقال:


" كلنا آذان صاغية , أيتها العزيزة".


" لا أعتقد أبدا أن من الضروري الوصول الى هذا الحد... حد أبتياع خاتم للخطوبة , لماذا لا نكتفي بالقول أننا مخطوبان؟ لم يعد الناس في هذه الأيام مضطرين لأظهار الخواتم ليثبتوا خطوبتهم أمام الآخرين , أضف الى ذلك أن خطوبتنا وهمية زائفة!".


قدم لها سيكارة , فرفضت شاكرة , أشعل سيكارته بهدوء مبالغ فيه , ثم قال بلهجة حازمة لا تقبل الأعتراض:


" أعتزم أظهار خطوبتنا نحن وكأنها حقيقية بالتمام والكمال , وعليه, فسوف نبتاع الخاتم ... ومن هذا المكان بالذات".


" ليس الأمر ضروريا أبدا , يا سكوت , كما أن الخواتم أصبحت في هذه الأيام باهظة التكاليف , قبل جيمي وفاليري أعلاننا , أو بالأحرى أعلانك أنت عن الخطوبة , دونما أي أصرار على طلب أثباتات أو تأكيدات معينة , فلماذا ستكون عزيزتك أيلاين مختلفة عنهما؟".


" عزيزتي أيلاين, كما تصفينها , تحب الأثبات الظاهر , وبما أنني لست أنسانا بخيلا أو معدما , فسوف أشتري لك خاتم خطوبة , هذا ما أريده وما أنوي تنفيذه".


" وماذا سأفعل بالخاتم بعد أنتهاء هذه التمثيلية ؟ قد تقرر أعادتها الى بيتك, فماذا سأفعل به؟ وأذا قررت عكس ذلك , فلن يعود لخطوبتنا الوهمية هذه أي أهمية أو ضرورة على الأطلاق".


" الجوهرة الحقيقية لا تفقد قيمتها أبدا , أيتها الحبيبة , قد تقررين الأحتفاظ بالخاتم كتذكار مني , أو رميه أمامي حسب التقاليد القديمة ... هذا أمر عائد أليك , ما يهمني أنا في المقام الأول هو عدم وقوعي في شرك زوجة سابقة , ستحاول أقناعي بعمل شيء قد أندم عليه, أنت وعدتني بالمساعدة , وعليك تنفيذ الوعد , لو كان صديقك العزيز ديريك لا يزال موجودا , لكنت نفذت الجانب المتعلق بي من أتفاقنا , لماذا نضيع الوقت الآن , أيتها الخطيبة الجميلة ؟ أبتسمي وتظاهري بالسعادة والفرح , كي ندخل هذا المبنى كشخصين عاشقين".

أمضت تيريزا أكثر من نصف ساعة داخل ذلك المتجر الأنيق ... وهي تشتعل غضبا, وافقت على كل خاتم أحضره لها الموظف المسؤول , ألى أن فقد سكوت صبره وأختار لها خاتما يعجبه ويرضي ذوقه , شهقت رغما عنها , أعجابا بجمال الخاتم وروعته , وتمنت لو أن الأمور كانت مختلفة ليجمعها هذا الخاتم حقيقة مع الرجل الذي أختاره قلبها...
أرشدهما البائع الى غرفة جانبية , حيث يمكن للرجل السعيد تقديم الخاتم الى حبيبته .... ويقبلها , أغلق الموظف الباب بهدوء , فيما كان سكوت يخرج الخاتم من علبته المخملية الأنيقة ... ويزنر به أصبع تيريزا برقة ونعومة ... أحست بالدموع الحارة تحرق عينيها , فسحبت يدها بغضب وأنفعال شديدين قائلة :
" أذا أردنا خداع الآخرين , فلا داع لخداع نفسينا الى هذه الدرجة , ها نحن قد أصبحنا مخطوبين , والخاتم جميل للغاية ويعجبني كثيرا , هيا لنذهب".
" لا , لن نذهب الآن , وعدتك بألا أستغل موضوع الخطوبة , ولكن التقاليد تقضي بأن يعانق الرجل خطيبته , أنت جميلة جدا , وقدرتي على مقاومة الأغراء الآن ضعيفة للغاية".
طوقها بذراعيه وأضاف باسما:
" أريد منك أثباتا حسيا على مدى أعجابك بهذا الخاتم ".
حاولت دفعه عنها , ولكنه لم يتركها , ضربته بقوة على صدره , فلم يتحرك , نظرت اليه بحزن وأسى , وكأنها تناشده أو تتوسل اليه ليبتعد عنها , وعندها فقط ... أحنى رأسه قليلا , أبتعد عنها فجأة , وهو يتنفس بصعوبة وينظر اليها بعينين متوهجتين , تسمرت في مكانها فاقدة اللون , ضعيفة... وخائفة من رفع رأسها نحوه كيلا يشاهد الحقيقة في عينيها ونظراتها , كان قلبها يخفق بعنف مجنون, كجناحي طائر سجين.
تأمل سكوت الرأس المنحني لفترة طويلة, ثم وضع يده برفق تحت ذقنها ورفع وجهها نحوه بنعومة , قائلا:
" لن أخدش أحاسيسك ومشاعرك بالأعتذار لك عن تصرفي ... ولكن عن أندفاعي المتهور وعدم توقفي في اللحظة المناسبة , لا شك في أنك صعقت من جراء هذا التصرف الوحشي الأرعن , أجلسي هنا , يا تيريزا , كي أحضر لك كوبا من الماء .
لن تطلعه أبدا على حقيقة شعورها أتجاهه ... مياه الدنيا كلها غير قادرة على أطفاء الحريق المشتعل في قلبها , أستعادت روحها المرحة بصورة مفاجئة , عندما تخيلته يرغمها على شرب كمية هائلة من الماء, أبتسمت وقالت:
" أنا بخير , يا سكوت , أشعر فقط بألم خفيف من جراء الضغط الشديد الذي مارسته على عظامي المسكينة".
" هل هذا هو كل ما عناه لك؟".
لم ترغب في أحراجه بالأعلان له الآن عن حبها , فقالت له مازحة:
" لولا الألم الذي أصابني في معظم أنحاء هيكلي العظمي , لكان عناقا لا بأس به".
" أذا كنت حقا خائفة , فلا تظهري مثل هذا الأغراء المثير في وضح النهار , مسكين ديريك .... بدأت الآن أفهم سبب غيرته وشعوره بعدم الثقة! لو كنت مكانه , لوضعتك في برج عال وأقفلت الأبواب بسلاسل من الحديد , هل كنت تتجاوبين معه كما فعلت معي, ثم تضحكين عليه بالطريقة ذاتها؟". منتديات ليلاس
سارت تيريزا نحو الباب ووقفت أمامه بتهذيب كي يفتحه لها, ثم قالت:
" هيا بنا سكوت , فهذه الغرفة ليست لنا وحدنا , أسامحك على هذه الكلمات القاسية , لأنها نتيجة أنفعال وتوتر أعصاب .
لاحظ سكوت , أثناء تناولهما الغداء في المطعم المجاور , أنها تتأمل الخاتم بأعجاب ظاهر , أبتسم بأخلاص وقال:
" أنه حقا لرائع , ويناسب يدك الجميلة الى درجة كبيرة , أنا فخور جدا لكوني الرجل الذي قدمه لك , يا تيريزا , حتى بالرغم من التصرفات الغبية التي رافقت تقديمه .... ومع أنه موجود بصفة مؤقتة , هل تغفرين لي سوء تصرفي معك؟".
نظرت تيريزا لى يده الممسكة بيدها , وأجابته بصوت ناعم:
" نعم , يا سكوت , كل ما في الأمر أن عزة نفسك جرحت بعض الشيء , فتوترت أعصابك ".
" سأكون صريحا وصادقا معك, أيتها الغزيزة , لم أقل ما قلته لك بسبب طعنة أصابت عزة نفسي ولكن نتيجة شعور مفاجىء بالغيرة , عندما تخيلت رجلا آخر يعانقك وينعم بأستجابتك له ".
لم تصدق أذنيها , فسألته بأستغراب شديد:
" الغيرة؟".
" أوه , اللعنة! أعرف أنه ليس لدي الحق بأن أشعر بالغيرة , ولكني شعرت بها.... وكانت قوية وحادة , أعلم أنك لا تزالين متضايقة جدا من ديريك , وأعلم أنني تصرفت معك بقساوة وعنف بالغين , أما بالنسبة أليك , فقد سبق وذكرت لك أنني لست صخرة صماء لا حياة فيها ... وأنك فتاة جذابة تصعب كثيرا مقاومتها سحرها وجمالها , ما رأيك الآن في أن تكوني شابة طبية وتنسي هذه المشكلة البسيطة , وتقبلي بعودة صداقتنا الى سابق عهدها؟".

ضاع الأمل الذي أنتعش قبل قليل , وحل اليأس والظلام محل السعادة والضياء . مشكلة بسيطة تافهة ؟ هل هذا كل ما في الأمر بالنسبة أليه ؟ هل تداعت القصور التي بنتها في الهواء؟ مسكينة!
" ماذا تقولين, يا تيريزا ؟ هل نعود صديقين كما كنا؟".
وضعت يدها في يده الكبيرة القوية , وقالت له بهدوء وبرودة:
" نعم , يا سكوت, سنعود صديقين".
" يا لك من فتاة رائعة! أوه, يجب أن أعود الآن الى عملي, أقترح عليك, بعد أنزالي في مركز البيع, التوجه فورا الى منزل جيمي وفاليري لأجل الراحة , سنذهب وأياهما الليلة الى ناد ليلي جديد , يعتبر من أرقى وأفخم نوادي العاصمة".
" فكرة عظيمة , ولكن ماذا بشأن مليندا؟".
" من المؤسف حقا أننا لم نحضر كليو معنا , ولكن الآنسة ماتيلدا ترافقنا في طريق في طريق العودة , سيطلب جيمي وفاليري من أبنة جارهما البقاء مع مليندا لحين رجوعنا من السهرة , سنلتقي ماتيلدا غدا صباحا بأذن الله , ويتم التعارف بينكما".
لاحظت تيريزا أن الجواب لم يكن مركزا بما فيه الكفاية , وعزت ذلك فورا الى قلقه أو أنفعاله بسبب أيلاين , ترى هل أتصل بها ؟, لا , لا يمكن ... وألا لكان أخبرها بأسلوبه الذي يستحيل تقليده ...
حل المساء بسرعة مذهلة , فهرعت تيريزا الى غرفتها لأرتداء فستان السهرة الحريري الممتاز .... الذي شكل ثمنه الباهظ عبئا ثقيلا جدا على مدخراتها المتواضعة , لحقت بها فاليري بعد قليل , وقالت لها بأعجاب حقيقي صادق:
" أوه , أنك رائعة ... رائعة , أيتها الحبيبة ! وسيلتهمك الرجال الليلة بنظراتهم...".
" لن تقتصر عليّ أنا وحدي , يا فاليري , فأنت أيضا جميلة وجذابة للغاية".
سارتا نحو قاعة الجلوس, وهما تختالان تيها وتتبختران زهوا , ركزت تيريزا نظرها على سكوت , فبدا وسيما وجذابا للغاية , تأمل الرجلان بأعجاب صامت الشابتين القادمتين , قبل أن يقول جيمي لصديقه بصوت ناعم:
" أصوت على البقاء هنا هذه الليلة , أيها الصديق العزيز ".
" وأنا أثني عليه أيضا, أيها الصديق الطيب".
ثم ألتفت نحو تيريزا , وقال لها بلهجة لا يمكن التكهن بما تخفيه وراءها:
"" أهلا بك , يا رمز الجمال والسحر والأناقة ".
تبادلت فاليري النظرات مع زوجها , ثم قالت لصديقتها الواقفة بدون حراك:
" أبتسمي معي للحب , ولهذين الرجلين العاطفيين الرائعين! هيا بنا الآن , أيها العزيزان , فلن نقبل أي تغييرات أعتباطية في اللحظة الأخيرة".
تناول الجميع عشاء شهيا وغنيا الى درجة تثير الأعجاب , فيما كانت أحدى الفرق الموسيقية المعروفة تتحف الساهرين بأنغام تبعث الدفء والبهجة في القلوب , أعتذر سكوت بعد قليل ليتحدث مع رجل مسن في الجانب الآخر من القاعة الخارجية , فتحلق عدد من الشبان حول طاولتهم للتعرف على الفتاة الجديدة... الساحرة , عاد الرجل خلال دقائق معدودة , فلم يجد مكانا يجلس فيه , أبتسم بهدوء بالغ, ودعا تيريزا الى الرقص معه.
موسيقى حالمة ... ذراعان قويتان تطوقان خصرها النحيل... أنفاس الحبيب تداعب شعرها ... أوه, يمكنها الألتصاق به على هذا النحو حتى الأبد ! سمعت قلبها يهتف به مناشدا:
" لا تتركني أبدا , يا حبيبي!".
وضع يده بنعومة على رأسها وداعب شعرها بحنان ورقة , وكأنه قرأ أفكارها وأستجاب لمناشدتها , أنتهت الرقصة, فأخذها من مرفقها وخرجا الى الحديقة التي تشرف على قاعة الرقص الزجاجية , وفيما كانت تتأمل الراقصين وهي غارقة في أحلام اليقظة , لفت أنتباهها توقف شخصين عن الرقص بصورة مفاجئة , شهقت دهشة وأستغرابا , ودفعتها الصدمة الى الأقتراب من سكوت ... طلبا للحماية المعنوية والنفسية , لاحظ الرجل توترها وأقتراب شخصين منهما , فسألها بهدوء:
" خطيبك السابق, الطبيب مان؟".
" نعم.... نعم!".
" حافظي على برودة أعصابك , يا فتاة , ولا تظهري أي مشاعر أو أنفعالات !".
لم تسنح لها الفرصة لأبلاغه بأن أعصابها توترت نتيجة للصدمة , وليس بسبب حب قديم أو عاطفة لا تزال متقدة , مد ديريك مان يده , وقال:
" تيريزا! كم أنا مسرور برؤيتك ! أنها حقا لمفاجأة رائعة! ".
صافحته رغما عنها , وقالت له بلهجة أتسمت بالكثير من التكلف والمجاملة:
" ديريك ! أنها مفاجأة لي أيضا , كيف حالك؟".
نظر الطبيب الى الشابة الواقفة قربه ,وقال:
" أعذريني , يا ماري , على هذا التوقف غير الآئق أثناء الرقص , كنت والآنسة ستانتون .... صديقين".
قدم كلا من الشابتين الى الأخرى , ونظر الى سكوت بتردد , قالت تيريزا:
" كيف حالك , يا آنسة بولتون , سكوت, أعرفك بالطبيب مان .. وبالآنسة بولتون , السيد سكوت ميلوارد!".
لاحظ ديريك خاتم تيريزا , فقال للرجل الذي لم تترك ذراعه كتفها:
"لم تذكر لي تيريزا في رسالتها أي أسم , فهل يمكنني الأفتراض بأنك أنت الشخص المشار اليه؟".
" نعم, أنا هو الرجل السعيد الذي أخبرتك عنه, ويشرفني جدا أن أكون الشخص الذي أحبته تيريزا و... وأعطته ثقتها".
شعرت تيريزا بالفخر والأعتزاز لسماعها كلمات سكوت الجميلة ... الكاذبة , ولملاحظتها التأثير القوي الذي خلفته تلك الجملة على وجه ديريك وملامحه.
" في هذه الحالة! دعني أقدم لك تهاني الحارة , أنك رجل محظوظ جدا, يا سيد ميلوارد , ومن المؤكد أن تيريزا تستحق السعادة والهناء , أوه , والثقة تلعب دورا كبيرا في تحقيق هذا الهدف!".
ثم وجه كلامه الى تيريزا , قائلا:
" هل تسمحين برقصة واحدة معي ... هذا أذا لم يكن لخطيبك أي مانع؟".
أنزل سكوت ذراعه عن كتفها , وقال:
" لا , أبدا, فمقابلة الأصدقاء القدامى أمر مبهج للغاية , أليس كذلك , أيتها العزيزة ؟ آنسة بولتون , هل أحظى بشرف مراقصتك لمرة واحدة أيضا؟".
توجه الأربعة الى حلبة الرقص بصمت يحمل في طياته بوادر الترقب والتوتر , وما هي الا لحظات , حتى قال ديريك لخطيبته السابقة:
" على الرغم من الصدمة المذهلة التي لحقت بي , فأنا مغتبط جدا لتمكن قلبك من ايجاد العزاء والسكينة بمثل هذه السرعة غير المتوقعة , كنت لا أزال آمل...".
" حقا , أيها العزيز ديريك ؟ يبدو أن أنانيتك وغرورك لا يزالان في أوجهما!".
" كانت الظروف ضدك , يا عزيزتي , لم أكن لأتصور أبدا تلك اللعينة الحقيرة ستستخدم شقيقها للأيقاع بيننا , أكتشفت لعبتها القذرة بسرعة كافية , عندما زارتني في أحدى الأمسيات و...".
" أرجوك , أعفني من هذه التفاصيل المزعجة... فلست مهتمة أطلاقا بسماعها , في أي حال , أكتشفت أنا بسرعة كافية أيضا أن الأذية لم تلحق بقلبي ... بل بكرامتي وعزة نفسي , وأذا تحطم قلبك مستقبلا , فأرجو مخلصة أن تجد العزاء الضروري بالسرعة ذاتها التي حدثت معي".
" سمعت عن خطيبك ... الحالي أنه رجل ذو مركز مرموق جدا في هذه المنطقة , ألتقيت زوجته السابقة ... أوه , أنها معه الآن!".
ألتفتت تيريزا بهدوء مصطنع نحو المكان الذي أشار اليه , فلم تتمكن من رؤيتهما بسبب الأزدحام الشديد, سألها ديريك بخبث واضح :
" هل تقابلتما؟ أنني حقا محتار كثيرا , أذ لديّ أنطباع قوي بأنها تسعى للوفاق والمصالحة".
لاحظت تيريزا من نظرة سريعة ثانية نحو سكوت وأيلين أنهما يتحدثان بهدوء بالغ وأرتياح , وأنه يركز أهتمامه كاملا على تلك المرأة الجميلة المغرية... ويتوجه معها نحو القاعة المجاورة , أخفت أنفعالها بحنكة ودهاء, وقالت لجارها:
" هذه هي مشكلتك الكبرى , يا ديريك مان , فأنت لا ترى ألا القشور, ولا تتأثر الا بالمظاهر الخارجية والأنطباعات السطحية , صحيح أنك طبيب ممتاز, ولكنك فيما عدا ذلك متسرع وغير متبصر في حقائق الأمور الحياتية".
أنضمت اليهما في تلك اللحظة الآنسة بولتون , ومعها الرجل الذي يراقصها , أبتسمت وقالت:
" أعتذر مني السيد ميلوارد عن متابعة الرقص , لأن ثمة سيدة أرادت التحدث معه في أمر هام وعاجل , سرني جدا أنني أعرف مرافقها , فتولى الأهتمام بي , دونالد أعرفك بتريزا وديريك , هيا بنا الآن الى القاعة الأخرى !".
يا للمصيبة! ماذا ستفعل؟ هل سيغضب سكوت لأنها لحقت به وأفسدت عليه أجتماعه , أم أنه يتوقع منها تقديم يد العون والمساعدة للتخلص من زوجته السابقة ... كما نصّت على ذلك أتفاقية الخطوبة بينهما , وصلوا الى القاعة , فلاحظت تيريزا أن سكوت وأيلاين موجودان مع جيمي وفاليري , وقف سكوت لدى أقترابها منه , ثم أمسك بذراعها وقال باسما:
" هل تتمتعين بوقتك , أيتها الحبيبة؟".
تعمّدت توجيه أبتسامة خاصة جدا , تضج سحرا وأغراء , فأضاف قائلا:
"أرى أنك تعرفت الى دونالد, هذه أيلاين! أيلاين...".
" لا داع لأزعاج نفسك, أيها العزيز , فمثل هذا الجمال الأخاذ لا يمكن ألا أن يكون لتريزا ستانتون وحدها ".
لاحظت تيريزا النظرات الحاقدة والماكرة في عيني منافستها على قلب سكوت , ولكنها تظاهرت بالأبتسام وحيّتها بأسلوبها المهذب المعتاد , هزت أيلاين رأسها , وأضافت قائلة:
" أصبح بأمكاني الآن , يا عزيزتي , معرفة سبب بهجة سكوت وأرتياحه , فسحرك بالتأكيد منعش جدا , وخاصة بعد...".
تركت تلميحها معلقا في الهواء , ثم تنهدت بأسى ومضت الى القول:
" كنت أعلق آمالا كبيرة على أشعال نار تكاد تنطفىء, ولكنني تأخرت كثيرا على ما يبدو".
" يا لسوء حظك وحسن حظي , يا ... سيدة ميلوارد , أوه , هل يمكنني مناداتك هكذا أم أنك أستعدت أسمك السابق؟".
" أحتفظت بهذا الأسم , يا عزيزتي , لأنه مميز وذو شهرة واسعة, وأثبتت التجارب أنه مفيد جدا ... بالنسبة الي".
" أنه فعلا مفيد ومناسب لك في الوقت الحاضر , ولكنه قد يشكل في مرحلة لاحقة بعض الأرتباك و...".
لم تنه تيريزا جملتها , بل وضعت يدها على فمها بطريقة تدل على ضجرها من هذا الحديث السخيف , وقالت لجيمي مارتن ممازحة:
" متى سترقص مع زوجتك الجميلة , أيها الكسول ؟ هيا , أجمع عظامك المفككة , أذهب الى الحديقة .... فثمة فرق هائل بين جوها المنعش الحالم وهذا الجو العابق برائحة الدخان وأنفاس الناس".

لم تنه تيريزا جملتها , بل وضعت يدها على فمها بطريقة تدل على ضجرها من هذا الحديث السخيف , وقالت لجيمي مارتن ممازحة:
" متى سترقص مع زوجتك الجميلة , أيها الكسول؟ هيا, أجمع عظامك المفككة وأذهب الى الحديقة ... فثمة فرق هائل بين جوها المنعش الحالم وهذا الجو العابق برائحة الدخان وأنفاس الناس".
تبادل الموجودون نظرات الأستغراب والذهول , ثم تفرقوا , ابتسم جيمي لتريزا , وهو يمسك بذراع زوجته ليتوجهوا الى الحديقة , فيما توجه ديريك ورفيقته الى حلبة الرقص , أما دونالد , فقد رفع ايلاين من كرسيها بفظاظة قائلا بحدة:
" هيا بنا , يا حلوتي , فشعرك بحاجة ماسة للتسريح".
لم يتحرك سكوت من مكانه أو يتفوه بكلمة واحدة طوال فترة المجابهة , بل ظل واقفا بدون حراك قرب تيريزا وذراعه تطوق خصرها بشكل لا يدل على توتر أو أرتياح, شعرت بأنها لم تعد قادرة على الوقوف, فأختارت أقرب كرسي لها ... وجلست .... ثم أغمضت عينيها , وبعد لحظات قليلة سمعته يقول لها:
" يا لك من حارسة أمينة .... وقوية!".
لم تفتح عينيها خوفا من ملاحظة أي أعتراض أو أحتجاج , وقالت بتردد:
"هل أندفعت أو تطرفت كثيرا في تصرفي؟".
" لا , يا عزيزتي , كنت رائعة, أيتها الصبيى ... ولكنك ستواجهين من الآن فصاعدا عدوا لا يستهان به, فزوجتي السابقة لا تنام على ضيم, ولا تقبل الهزيمة بسهولة".
" هل أنت موافق على ما قمت به , يا سكوت, أم أنك تعتقد أنني أفسدت عليكما فرصة المصالحة والوفاق؟".
" أذا حدث ذلك , يا حوريتي الجميلة , فالذنب ذنبي وأنا أتحمل مسؤولياته , أنت نفذت بالتمام والكمال ترتيبات الوقاية والحماية التي طلبتها منك".
آه منك , يا سكوت ميلوارد, ومن كلامك المبهم! كيف سأعرف الآن ما اذا كنت حقا مؤيدا لمواقفي أم...
" لا شك في أنك واجهت صعوبة كبيرة عندما تصرفت على ذلك النحو, وحبيبك السابق قربك... يسمع ويرى! هل يعرف الطبيب حقيقة ما يجري, وهل شعلة الحب لا تزال مضيئة ومتوهجة حتى الآن؟".
" وماذا عن تمثيلك أنت بالنسبة لموضوع الحب والثقة؟ ألم يكن أيضا ناجحا ورائعا ؟ يقال , أيها العزيز , أن الحب لا يعرف حدودا ... ولا يعترف بالروايات والتمثيليات , لنقل نحن بدورنا الآن أن كلا منا قام بواجبه على أتم وجه , كما نصت على ذلك ... أتفاقيتنا , أما بالنسبة لأستعداء أيلين , فلا يهمني هذا الأمر بتاتا !".
رد عليها بحدة مماثلة , قائلا:
" أنا يهمني ذلك , يا تيريزا , لأنه قد يؤثر سلبا على أبنتي , هدفي الأول والأخير هو أبعاد أيلاين عن مليندا , وعليه فأهتمامي بها ... أو عدم أهتمامي بها ... هما موضوعان ثانويان , أكرر لك , وبكل حزم وأصرار , أنني لا أريد قيام أي أتصال على الأطلاق بين أبنتي ومطلقتي".
" أليس من الأفضل أذن أن انسحب أنا من هذه القضية بكل هدوء وبساطة ؟ أذا فعلت ذلك , فلن يظل لديها أي سبب للتصرف بشكل عدائي أتجاه مليندا ... كنتيجة الحقد الذي تكنه لي , أوه , يبدو أن الموضوع أصبح متشعبا ومعقدا الى درجة كبيرة ... أعني أنها لم تهتم أبدا بالنسبة لأبنتها , فلماذا هذا الأهتمام المفاجىء ؟ هل من الممكن أن أيلاين تعلمت درسا قاسيا , وأنها ستصبح أما طيبة... وزوجة ناجحة ... أذا منحتها فرصة أخرى؟".
" لا أنوي القيام بذلك , لأنني ...".
" لا تكن قاسيا الى هذا الحد , يا سكوت!".
" هل أكتشفت أن قلبك لا يزال معلقا بذلك الطبيب الوسيم , وأن هذه هي طريقتك المثلى لأرغامي على القبول بعودة أيلاين ؟ لا تتعبي قلبك وعقلك وتفكيرك , يا آنستي , فلست بحاجة لذلك , يننفذ أتفاقنا أل أن أشعر أنه لم يعد مناسبا لي , وبما أن الوقت لم يحن بعد, فعليك مماطلة صديقك لفترة أطول ... قبل عودتك اليه زحفا على ركبتيك معفرة الوجه والجبين!".
" يا لك من وحش تافه مغرور , يثير في نفسي الأشمئزاز و...".
أقترب سكوت منها وأمسك بيديها , قائلا بلهجة العاشق المتسامح :
" أنتبهي الى لهجيك وكلماتك , أيتها الحبيبة , وكذلك الى ملامح وجهك و...".
جلست فاليري في مكانها , فأبتسم سكوت بأعجاب قائلا:
" ألا تعتقدين أن فتاتي تبدو رائعة عندما تحمر وجنتاها خجلا ؟ هذه هي نتيجة الغرام والهيام".
أنحنى جيمس أمامها , متظاهرا بالجدية البالغة , وقال:
" والآن سأبعدها عن سحرك ... لكي تنعم بسحري وجاذبيتي ".
أمضت تيريزا فترة طويلة في القاعة المخصصة للرقص , لأنها كانت محط أنظار وأعجاب مجموعة كبيرة من الشبان , لم يحضر سكوت , ولم تعد ترى أيلاين أيضا, أقترب منها ديريك ليسألها عما أذا كانت ترغب في شرب فنجان من الشاي معه صبيحة اليوم التالي , فأجابته بأنها ستكون منهمكة في أمور عدة , تنهد الطبيب الشاب وقال لها بلهجة صادقة:
"تصبحين على خير يا تيريزا , سوف أسافر بعد غد , بأذن الله , أتمنى لك السعادة والسرور , وأريدك أن تعلمي أن ثمة رجلا سيشعر دائما بالندم لأنه لم يثق بك كما يجب". منتديات ليلاس
قبلها على خدها مودعا , وتوجه نحو القاعة المجاورة , رفعت تيريزا رأسها فشاهدت سكوت يتأملها بحدة وعصبية , أستدارت بسرعة نحو غرفة السيدات , وتوجهت أليها دونما أي تردد أو تمهل , ليتصور ما يريد بالنسبة لقبلة ديريك , فهي تعرف الطبيب منذ زمن طويل , ولا تحمل له في قلبها أي ضغينة , كذلك فأن قبلة وداع بريئة على خدها هي أمر خاص بها دون سواها ! فتح الباب بعد لحظات ,وسمعت تيريزا صوتا مألوفا يقول... فيما كانت أيلاين تجلس قربها:
" آه , الشابة الجميلة بذاتها ! أنظري الى شعري ... بعض الرجال , آه منهم!".
لم تعرف تيريزا ما أذا كانت أيلاين تشير الى سكوت أم الى رفيقها دونالد , فلم تعلق بشيء على تلك الجملة , سألتها أيلاين فجأة :
" كيف حال أبنتي مليندا؟ لا شك في أنها فتاة كبيرة الآن , هل تشبهني؟".
" لا , أنها تشبه والدها ... وكأنها نسخة طبق الأصل ".
" يا للطفلة المسكينة ! آمل , لمصلحتها هي , في أن يكون لديك حارس أمين يصونك ويحميك , أنت تعيشين مع سكوت في منزل واحد , أليس كذلك؟".
" هذا شأني".
" سمعتك معرضة للخطر أيتها الحبيبة , ولكنني لا أفكر بك بالقدر الذي أفكر بأبنتي , تصوري مدى تأثير وضع لا أخلاقي كهذا على حياتها ومستقبلها!".
" أستغرب كثيرا هذا الأهتمام المفاجىء أتجاه أبنتك من شخص له تصرفاتك أنت , يا سيدة ميلوارد , أعني هنا مسألة تخليك عن طفلتك".
هزت أيلاين رأسها وقالت لتريزا , والسم يقطر من كلماتها:
"يا لك من أنسانة مخلصة متفانية ! في أي حال , أيتها العزيزة , أود تحذيرك بأن الحبيب سكوت قد يجد نفسه فجأة منفصلا عن أبنته , فالمحاكم لا تقبل بمثل هذه التصرفات!".
أشتعل الغضب والخوف في عيني تيريزا وقلبها , وقررت اللجوء الى الكذب , صرخت قائلة بحدة:
" لن يحدث هذا أبدا , فالآنسة ماتيلدا معنا منذ فترة طويلة , هي أفضل مربية في العالم .... ثم .. ألم يخبرك سكوت أننا سنتزوج خلال وجودنا هنا؟".
لم تقل لها أيلاين أنها تكذب , فتأكد لها نجاح كذبتها , بدت الزوجة السابقة أكبر سنا وأكثر تعبا وأرهاقا , وقالت:
" هنيئا لك بالآنسة ماتيلدا, فهي قادرة على تربية الشيطان! أتمنى لك كل الحظ مع سكوت ميلوارد , لأنك ستكونين بحاجة اليه ... ألى الحظ , لا ألى سكوت!".
عادت تيريزا الى القاعة , وهي خائفة من المضاعفات التي ستنجم عن كذبها , يجب الأعتراف له بما حدث , ومن الأفضل أن تفعل ذلك عاجلا وليس آجلا , يجب أيضا أبلاغ الآنسة ملتيلدا و ...! دعاها سكوت الى الرقص , فذابت بين ذراعيه حبا وحنانا... فيما كان صوت الضمير يصرخ بتأنيب وأنفعال شديدين , ماذا لو أنضمت اليهم أيلاين مجددا , وتحدثت عن ماتيلدا .... أو عن الزواج المرتقب! أوه! أحس سكوت بأنزعاجها وأنقباض نفسها , فعزا ذلك الى مقابلتها ديريك , أقترح العودة الى البيت , فوافق جيمي على الفور.... وشعرت تيريزا بأرتياح كبير , أبلغها أنهما سيوزران الآنسة ماتيلدا صباح اليوم التالي , فقررت تأجيل أعترافها حتى الصباح.
" سكوت , أرجوك! هل يمكننا التوقف هنا بضع لحظات ؟ لدي أمر هام جدا أريد أطلاعك عليه, قبل وصولنا الى منزل الآنسة ماتيلدا".

توترت ملامح وجهه, وقال لها بأستياء ظاهر:
" هيا , أعترفي!".
أعترفي! أنه يعرف أذن ماذا حدث! ولكنها متأكدة من أنه لم يقابل أيلاين بعد حديثها معها! قررت المضي في أعترافها مهما كلف الأمر , قالت:
" صدقني , يا سكوت , أنني لم أقل ذلك ألا لحمايتكما أنت ومليندا".
" تابعي! تابعي!".
" قالت أن المحكمة ... لن تنظر ... بعين الرضى ... الى وجودي معك ... تحت سقف واحد , أضطررت للكذب ... وحدث ذلك بسرعة وبصورة عفوية , أردت حماية مليندا كيلا يصدر قرار ما ... بأبعادها عنك".
" محكمة ... أكاذيب .... أبعاد مليندا عني؟ أرجوك توضيح هذه الأمور فورا".
" تصورت أنك تعرف , ألم تأمرني بالأعتراف؟".
" مجرد كلمة تقال , أيتها لحورية , شعرت من أنقباضك أن ثمة أمرا هاما يشغل رأسك وتفكيرك , هيا الآن , أخبريني عما حدث بالتفصيل ... ومنذ البداية ".
سمع القصة من أولها , ثم قال لها بعد تفكير عميق:
" كيف يمكن للأنسان أن يحقد الى هذه الدرجة ؟ ألا يعرف الأنتقام حدودا؟ في أي حال , ستؤيد الآنسة ماتيلدا كلامك بكل سرور , كذلك , لا يمكن لأي محكمة أن تأخذ على محمل الجد شكاوى صادرة عن ... أوه , لننسى هذا الموضوع نهائيا! تيريزا , هل تقبلين الزواج مني .. خلال اليومين المقبلين؟".
" هل جننت؟".
" أؤكد لك بأنني أتمتع بكامل قواي العقلية".
" دع الشهامة جانبا يا سكوت ".
" ليس للشهامة أي علاقة بالموضوع , هل تقبلين , يا تيريزا؟".
" هل تعرف أنك لست ذكيا , كما كنت أتصورك؟ كان عليك توجيه هذا الطلب أمام أشخاص آخرين , كي يسجل رفضي علنا ويشعر ضميرك بالراحة والأطمئنان , أما بالنسبة للكلام المتسرع الكاذب الذي قلته أمس لأيلاين...".
قبض على ذراعيها بيدين فولاذيتين , وهو يقاطعها قائلا:
" سوف تنفذين أتفاقنا حتى النهاية , وستكون العزيزة ماتيلدا أول المهنئين بزواجنا الذي سيتم بعد غد بأذن الله!".
" أتركني ... أتركني, يا سكوت ميلوارد!".
" أنت محقة تماما بما قلته لأيلاين , أذا تزوجنا , فلن يعود هناك أي سبب لأبعاد مليندا عنا, وعليه , فأنت الآن ملزمة بتنفيذ أعلانك عن زواجنا المرتقب".
" أنت مجنون ! أين المشكلة أذا تركتك فجأة , وأختفيت من حياتك...".
" وتتركين رجلا مسكينا مثلي في وضع لا يحسد عليه ؟ أوه , لا يا عزيزتي , فكرامتي لن تقبل أبدا بمثل هذا الأذلال , ثم ... من سيعتني بمليندا بعد ذهابك؟".
" أنت بحاجة لمدبرة منزل , وليس الى زوجة , أتركني , يا سكوت , أرجوك!".
" حسنا , أتفقنا , سوف تظلين معنا كحارسة أمينة لمليندا ... ومدبرة منزل متزوجة , مني أنا طبعا , لن تتمكن ألسنة السوء بعد ذلك من الثرثرة بأي شيء مزعج , هيا الآن لنقابل الآنسة المسنة!".
أمضيا وقتا ممتعا للغاية مع تلك السيدة المرحة , ثم أستعدا للعودة , سارت معهما حتى السيارة , ثم رفعت يدها مودعة عندما أدار سكوت المحرك وتهيأ للأنطلاق , أوقفها لحظة , وقال:
"ستتصل بك فاليري لأبلاغك التفاصيل الضرورية , أنت مدعوة , أيتها العزيزة الغالية , لحضور حفل زواج ... زواجنا أنا وتيريزا ! الى اللقاء".
أستقبلتها فاليري باسمة , وهي تقول:
" ما بك تنظرين اليّ هكذا بذهول , أيتها العزيزة ؟".
" أعتقد أنني سأتزوج بعد غد, يا فاليري".
" تعتقدين؟ هيا أدخلي بسرعة , يا صغيرتي , قبل أصابتك بأنهيار عصبي!".
أخبرتها تيريزا عن قرار سكوت , ولكنها لم تذكر شيئا بالطبع عن الجدل الحاد الذي نشب بينهما خلال الحديث عن موضوع الزواج ... والحب, ضحكت فاليري وقالت:
" عندما يقرر سكوت ميلوارد شيئا , فمن المؤكد أنه سيتم , هل كنت تعرفين هذا الأمر أمس , يا عزيزتي؟".
" لا , فقد تحدث... تحدثنا عن هذا الموضوع ونحن في طريقنا الى منزل الآنسة ماتيلدا".
أمضت الصديقتان طوال فترة ما قبل الظهر في الأعداد للزواج المرتقب , ثم دخلتا الى احد المطاعم وطلبتاقطعتي حلوى وفنجانين من الشاي البارد , وبعد فترة قصيرة , طلبت فاليري من تيريزا أنتطارها بعض الوقت كي تذهب لأحضار ساعتها ... وكان هدفها الحقيقي أبتياع هدية زواج , وما هي الا دقائق معدودة , حتى سمعت صوت ديريك يسألها بتأدب وأحترام:
" هل تسمحين لي بالأنضمام اليك , يا تيريزا؟".
هزت رأسها موافقة , فمضى الى القول:
" أنا مسرور جدا بمقابلتك مرة أخرى , هل لي أن أسألك , كصديق , عما تفعلينه هنا ؟ هل تمضين أجازة , أم أنك تعملين كممرضة؟".
" أبلغتك في رسالتي أنني كنت أقيم مع ماري ودان ".
" كنت تقيمين معهما؟ أين أنت الآن أذن؟".
" سوف أتزوج غدا , وأعود بالطبع مع سكوت الى بيته...".
" غذا ؟ لم تذكري شيئا من هذا القبيل أمس الأول".
" لم أكن أعلم ... أعني ... لم أتصور أن الأمر يهمك, يا ديريك".
تأملها فترة طويلة, وكأنه يريد الدخول الى أعماق تفكيرها , ثم قال:
" هل أنت متأكدة تماما من سلامة هذا القرار ؟ لا تقدمي على أي خطوة بالغة الأهمية كهذه بدون التفكير بها مليا , والتأكد من حقيقة مشاعرك أتجاهها".
" أشكرك على أهتمامك بي , يا ديريك , ولكنني متأكدة تماما من صحة قراري".
وضه يده على يدها برقة وحنان , ثم قال:
" دفعني تسرعي الى فقدانك , وسوف أندم على ذلك طالما حييت, علمني هذا الخطأ درسا يعرفه كل طبيب, ولكنه لا يمارسه في حياته الخاصة... عدم التسرع في أستخلاص الأستنتاجات وأصدار الأحكام".
" التشخيص الطبي شيء والعواطف شيء آخر , أيها الطبيب العزيز , ثمة حقيقة بسيطة وواضح , وهي أنك لم تكن تحبني حقا ".
" والآن ... وجدت حبك الحقيقي , أليس كذلك؟ لم تشعري نحوي بأي حب حقيقي , يا تيريزا , وألا لكنت أنتظرت ... وغفرت , لنقل أن عزة النفس وحدها هي التي أصيبت".
فتحت تيريزا فمها لتوافقه على كلامه , ولكنها سمعت سكوت يقول ببرودة:
" ويقال أيضا أن الحب الحقيقي لا يأتي الا بعد عذاب مرير!".
" هذا صحيح , يا سيد ميلوارد , أنا الخاسر وأنت الرابح , فهنيئا لك بها , عاملها بحسن ورقة , فهي تستحق كل سعادة وهناء ".
.... وخرج ديريك من حياتها الى الأبد! قال سكوت بتهكم:
" يا له من موقف حزين!".
" لم أفكر حتى بدعوته الى فنجان شاي , أو ...".
" أنه لأمر مخجل حقا! هل ثمة لقاءات أخرى في الأقق؟".
" دع الغيرة جانبا , أيها السيد , فلن تساعدك بشيء , لم أتوقع حضورك بمثل هذه السرعة...".
" ولهذا السبب سمحت لنفسك بالأنفراد به".
لم تدعه ينهي جملته القاسية , وقررت الرد عليه بسلاح مماثل , قاطعته قائلة بغنج ودلال :
" أعذرني , يا سكوت , ولكنني لم أتمكن من مقاومة هذا الأغراء القوي".
" أنت خبيثة جدا , يا تيريزا ستانتون , ولا أصدقك...".
وصلت فاليري في تلك اللحظة , ورمت نفسها على المقعد المجاور قائلة:
"مرحبا , يا سكوت , آسفة يا تيريزا , على التأخير , أرجو ألا ... ماذا تفعل هنا , يا زوجها المقبل؟".
"أحافظ على حاضري ومستقبلي".
طلبت فاليري من زوجها في مستهل السهرة أن يأخذ سكوت الى النادي , أو الى أي مكان آخر , وأضافت بشيء من العصبية:
" ما بالكم؟ هل نسيتم جميعا التقاليد المتعارف عليها ؟ ألا تعرفون أن على الرجل ألا يرى عروسه في الليلة التي تسبق الزواج؟".
حاولت تيريزا الأحتجاج , ولكن فاليري ردعتها عن ذلك بحزم وأصرار , قام جيمي من كرسيه , وقال بتردد:
" يستحسن جدا , أيها الصديق العزيز , تنفيذ أوامر زوجتي الجميلة والذكية , هيا لنجمع الشبان ونمضي سهرة رنانة ... نعلن خلالها الحداد الموقت على حريتك التي ستقيدها غدا بسلاسل لا يمكن تحطيمها".
" لما لا , أيها الرجل المطيع لزوجته ! هل تعرف أنني لم أنتبه الا الآن الى المصير الذي ينتظرني 1".
أبتسمت تيريزا بدهاء , وقالت بلهجة لم يشعر بسخريتها أحد سواه:
" ألم تكن أنت , يا حبيبي , صاحب فكرة التسرع هذه؟".
أقترب منها حتى كاد فمه يلتصق بخدها , وقال بلهجة مماثلة :
" هل تريدين الآن تذوق سبب تسرعي , أيتها الحبيبة؟".
هبت تيريزا من مكانها وغادرت الغرفة على عجل , قائلة بلهفة :
" يبدو أن مليندا تناديني , فأعذروني".
أنضمت اليها فاليري بعد ذهاب الرجلين , وأمضت معها بعض الوقت في حديث عن ... الحدث المرتقب , ثم ودعتها , قائلة بحنان ظاهر:
" تصبحين على خير , أيتها العزيزة , نامي ملء عينيك , ولا تحاولي النهوض باكرا , سوف أتشرف بأحضار فطورك الى هنا , فهذا أقل ما يمكنني القيام به للعروس الحلوة".
ظلت تيريزا مستيقظة معظم ساعات الليل . وهي تحاول تحليل الخطوات السريعة والمتلاحقة التي حدثت معها منذ حضورها ... لزيارة ... ماري ودان , يا لها من زيارة , وما ترتب عنها من مضاعفات ونتائج!".
كانت الساعة تقارب الثانية من بعد منتصف الليل , عندما سمعت صوت محرك سيارة , فتأكد لها أن الرجلين عادا من سهرتهما التي ودّع فيها سكوت ... حريته! وضعت الوسادة على رأسها بعصبية بالغة , وأغمضت عينيها ... حتى الصباح.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 01:00 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- ليس بدون حب...
جرت مراسم الزفاف بصورة هادئة وعادية , وكان السرور باديا على وجوه الجميع ..... بأستثناء تيريزا , فقد شحب لونها وأرتعش جسمها عندما ألبسها سكوت خاتم الزواج , وقبّلها.
أقام جيمي وفاليري حفلة للعروسين , أقتصر فيها الحضور على قليل من الأصدقاء المقربين , قالت صاحبة الدعوة لضيف الشرف:
" أنك تذهلني , يا سكوت , أخبرتني تيريزا أنكم ذاهبون مباشرة الى وينديمونت ... أليس الوقت متأخرا ؟ كيف ستذهب خلال الليل مع عروس وطفلة وسيدة مسنة". منتديات ليلاس
" مهلا , مهلا , أيتها العزيزة , فكل شيء على ما يرام , لن نمضي الليل هنا بالتأكيد , وخاصة لأن أبواب غرفكم لا يمكن أقفالها من الداخل , ساعدني زوجك الشهم على أيجاد مكان صغير حالم بين التلال القريبة, يناسب ... المتزوجين حديثا , سنعود في وقت مبكر لنأخذ مليندا والآنسة ماتيلدا".
تنهدت تيريزا وهي تستعيد الأحاديث التي تبادلتها معه, فقال لها:
" هل يعقل أنك تشعرين بالملل والضجر , يا سيدة ميلوارد , في مثل هذا اليوم الذي تعتبره الفتيات أجمل أيام حياته؟".
" لا أشعر بالضجر أطلاقا, يا سكوت , ولكنني متعبة بعض الشيء".
" لم يعد يفصلنا عن الفندق , سوى مسافة تقل عن عشرة كيلومترات , سوف نتناول عشاء طيبا على ضوؤ الشموع, ثم... تأخذين حماما ساخنا يساعدك على النوم براحة وسكينة , والنهوض باكرا لمتابعة رحلة العودة".
كان صوته خاليا من أي سخرية أو تهكم , فشعرت تيريزا بالأرتياح وقالت له بعفوية بريئة:
" أني حقا جائعة".
" واأنا أيضا. ما رأيك بسمكتين كبيرتين لكل منا أثناء العشاء".
" أوه , عظيم ! هل تحب صيد الأسماك , يا سكوت ؟".
" الى حد كبير , ولكن المناسبات قليلة ومتباعدة , سافرت مرة مع بعض الأصدقاء حتى بزارونا لكي نصطاد السمك".
" أوه , أنها بالتأكيد منطقة رائعة ... وخاصة جزيرة الحب التي أمضى فيها دان وماري شهر العسل".
" قد نذهب يوما ما, لنعرف اذا كانت تستحق هذه التسمية أم لا".
" لست مهتمة بذلك الى درجة كبيرة , فأي مكان سيكون رائعا أذا كنت ... عندما تكون...".
" عاشقا؟ ولكنك أنت لست عاشقة , وهذا هو سبب عدم أهتمامك , ها هو فندقنا".
أوصلهما الموظف المسؤول الى غرفة كبيرة وتمنى لهما ليلة هانئة وسعيدة , ثم تركهما وأغلق الباب وراءه , أحمر وجه تيريزا خجلا وحياء وهي تنظر الى السرير المزدوج , ولكن سكوت فتح بابا داخليا وقال:
" تعالي لأريك غرفتي المتواضعة , التي لا تضم ألا سريرا واحدا , أين العدل والأنصاف! أذا تعبت من جانب , فيمكنك الأنتقال ساعة تريدين الى الجانب الآخر ... في حين أن المسكين سكوت مضطر للنوم في مكان واحد طوال الليل".
أراحتها كلماته الرقيقة المرحة , فخفّ الأحمرار من خديها وعلت ثغرها أبتسامة ناعمة تدل على الشكر والأمتنان , قالت له:
" سأذهب الآن للأغتسال".
" لا داع لأستبدال ثيابك بعد ذلك, يا جوهرتي الثمينة , يجب ألا نبدو كعروسين , كيلا يستغرب البعض سبب وجود غرفتين , سنجد صعوبة بالغة فيما لو أضطررت للقول أن عروسي شابة خجولة جدا , لندعهم يظنون عوضا عن ذلك أن زوجتي العزيزة لا تحب غطيطي ".
" وهل تفعل ذلك , أيها الزوج العزيز".
تناولا عشاء للغاية ثم أنتقلا الى بهو الفندق , حيث أنضم أليهما المالك الذي تربطه بجيمي مارتن صداقة متينة , قدم لهما قالبا صغيرا من الحلوى , وراح يحدثهما عن كيفية وصوله الى هذه المنطقة وتأسيسه هذا الفندق الصغير , أستمتعت تيريزا كثيرا بحديث الرجل المسن, ولكنها فوجئت بعد قليل عندما نظر سكوت الى ساعته وقال:
" أننا مضطران لمغادرة الفندق في ساعة مبكرة , وعليه فسوف ننام خلال فترة قصيرة , أصعدي الآن , يا حبيبتي , وسألحق بك بعد قليل".
أرتدت ثياب النوم وسرحت شعرها , ثم أختارت الجانب الأيمن من السري... لأنه الجانب الأبعد عن الباب الداخلي , سمعت صوتا في الخارج , فقفزت بسرعة الى الفراش وغطّت نفسها حتى العنق, تسارعت دقات قلبها عندما سممعت طرقة خفيفة على الباب , وسكوت يقول لها بصوت ناعم:
" تيريزا ؟ سأدخل الآن".
أنتظر بضع لحظات ثم دخل الى الغرفة , ليواجه بعينين زرقاوين تنظران اليه بخوف ووجل , جلس على حافة سريرها , وقال باسما:
" هل أشعل لك سيكارة , أيتها الأرنبة المذعورة؟".
عقد لسانها , فلم تتمكن الا من التحديق به وهز رأسها نفيا , أشعل سيكارته وراح ينفث دخانها ببرودة قاتلة , بدون التفوه بكلمة واحدى , وبعد قليل , نهض من مكانه فجأة ثم قال:
" نامي بدون خوف, يا أرنبة ميلوارد الصغيرة , فالثعلب لن يذهب للصيد هذه الليلة ... مع أنه يحمل في جيبه أجازة قانونية للقيام بذلك!".

تململت وتقلبت في سريرها , وتصارعت الأفكار والعواطف في عقلها وقلبها , خافت من أحتمال أقدامه على مغازلتها ومداعبة مشاعرها , ولكن قلبها كان يتمنى ذلك بكل قوة ... ويريد حبه الذي لم يظهر منه أي شيء حتى الآن , أحست بالخجل والألم , يا له من حب حزين ! قبّل عروسك , يا سيد ميلوارد المهذب , وتمنى لها ليلة سعيدة وبريئة , اللعنة عليك , يا سكوت ميلوارد!
تصورت أنها لم تنم سوى فترة قصيرة جدا , عندما سمعت نقرة خفيفة على الباب وشاهدت الخادم يدخل ومعه أطباق الفطور والشاي, دخل سكوت من الباب الداخلي بكامل ثيابه وأناقته , وشكر الشاب المرتبك على أحضاره الطعام , أبتسم لها بعد مغادرة الخادم للغرفة الرئيسية , وقال:
" أسعدت صباحا , أيتها الزوجة العزيزة , أشعر بالأسف الشديد لأيقاظك في مثل هذه الساعة المبكرة , ولكننا مضطران لذلك ".
حمل لها العباءة الجميلة التي ترتديها فوق ثياب النوم , فأحست بأنها مرغمة على الخروج من سريرها لأرتدائها ... همّ بربط الحزام حول خصرها , فأبعدت يديه بعصبية قائلة:
" شكرا , سأفعل ذلك بنفسي".
" أوه , لم أسمع منك حتى تحية الصباح , أيتها العزيزة , لا تخافي , فسوف أتعلم بسرعة أنك لست من النوع الذي يكون مرحا بمجرد النهوض من الفراش".
" أسعد الله صباحك , يا سكوت , أعذرني , فعقلي على ما يبدو لا يزال نائما".
أتعبها شعرها الطويل وهي تحاول صب الشاي في الفناجين , فقالت:
" أول شيء سأقوم به بمجرد عودتنا , هو قص هذا الشعر المزعج".
" لا , لن تفعلي ذلك أطلاقا ! أنه رائع , ويعجبني كما هو الآن , هكذا أحب شعر نسائي , فأتركيه على حاله".
" توقف عن أصدار الأوامر والتصرف على هذا الشكل المتسلط , يا سكوت ميلوارد , لأني لا أقدر على تقبل هذه الأمور في مثل هذا الوقت المبكر , أشرب الشاي الآن قبل أن يبرد".
ثم شربت جرعة من فنجانها , وأضافت ببرودة متعمدة :
" أنا لست أحدى نسائك يا سكوت".
" أستغرب هذا التصريح وأرفضه رفضا قاطعا , فمنذ يوم أمس أنت لي بكل ما لهذه الكلمة من معنى ... قلبا وقالبا".
" ملكية منقولة ومتحركة؟ أن لم تخرج الآن من هنا بسرعة البرق , فسوف أقفز ثانية الى هذا السرير ولن تتمكن أي قوة في العالم بعد ذلك من تحريكي!".
توجه سكوت بهدوء نحو الباب , ثم قال لها ممازحا قبل خروجه:
" بما أنك أصبحت من ممتلكاتي , فلي ملء الحق والحرية لنقلك من أي مكان الى آخر وفقا لمشيئتي ورغباتي , وعليه, فسوف أنقلك من هنا خلال عشرين دقيقة!".
عادا الى منزل جيمي وفاليري , فوجدا الجميع بأنتظارهما , كانت الآنسة ماتيلدا , التي نامت تلك الليلة في سرير تيريزا , واقفة على الشرفة ومعها كافة الحقائب وا؟لأغراض , ركضت مليندا نحوهما لألقاء التحية وأمطارهما بقبل الصباح , ثم سألت والدها :
" أين كنتما , يا أبي؟ هل أمضيتما الليل بكامله في مكان آخر؟".
" نعم , يا حلوتي الصغيرة , نعم".
" هل أخذت تيريزا معك لأنكما تزوجتما؟".
أرتبك سكوت قليلا وأحمرت وجنتاه الى حد , وهو يرد على أبنته بالأيجاب , ضربت الصغيرة قدمها في الأرض , وقال له ببراءة الأطفال:
" سأتزوج أنا أيضا من تيريزا , حتى تضطر في المرة المقبلة لأخذي معكما".
أبتسمت الآنسة ماتيلدا , وسألتها بمودة وحنان:
"وماذا سيحل بي أنا , يا مليندا؟".
رفعت مليندا رأسها باسمة, وكأنها أكتشفت الحل النهائي لمشكلة عالمية مستعصية , وقالت:
" ستتزوجين بي , ويمكنك بالتالي مرافقتنا الى حيثما نذهب".
داعب سكوت شعر أبنته بمحبة ومرح , ثم قال:
" سيكون ذلك زواجا فريدا من نوعه!".
ابتسمت تيريزا بمكر , وهمست في أذنه ممازحة:
" من سيملك من في مثل هذه الحالة , أيها العزيز؟".
" آه من النساء!".
كان الوداع مؤثرا , بالنسبة الى السيدات الثلاث والطفلة الصغيرة, شكر سكوت وعائلته الجديدة الصديقين جيمي وفاليري على حسن ضيافتهما , وتمنى الزوجان للعروسين حياة سعيدة وهانئة وللجميع رحلة موفق,
تناول أفراد عائلة ميلوارد وصديقتهم الآنسة ماتيلدا طعام الغداء , بعد ثلاث ساعات من مغادرتهم منزل عائلة مارتن , ثم تابعوا طريق العودة الى وينديمونت , وفيما غطت السيدة المسنة وصديقتها الصغيرة في نوم عميق على المقعد الخلفي , راح سكوت يحدّث تيريزا عن المناطق التي يمران فيها والمشاريع المقرر تنفيذها , ثم أخبرها عن نوع من الأسماك يعتبر الهدف المنشود لكبار صيادي السمك في كل مكان , مضيفا أن هذا النوع يعيش في واحدة من أكبر البحيرات الأصطناعية في العلم , وعدها بأن يأخذها يوما ما الى تلك المنطقة , التي يمكن الوصول اليه برا وبحر وجوا.
ألا تعني هذه الوعود أنه مرتاح لوجودها في وينديمونت ألى أجل غير مسمى ؟ حضنت تلك الفكرة بحنان ومحبة , معاهدة قلبها على تحقيق أحلامه بطريقة أو بأخرى... عاجلا أم آجلا , شعرت بسعادة كبرى عندما بان البيت, وأحست أنها فعلا في طريقها... الى بيتها , نعم, الى بيتها الزوجي ... والى عائلتها الجديدة , وبدا أن الجميع يشاطرونها هذا الشعور , لمعت عينا ماتيلدا فرحا, وصرخت مليندا ببهجة وسرور بمجرد مشاهدتها كليو.
عمّت الفرحة جميع أرجاء البيت , عندما علم العاملون فيه أن رب عملهم تزوج الآنسة تيريزا , ولكن كليو شعرت بأستياء بالغ, عندما أبلغتها السيدة الجديدة بحزم وأصرار أنها لن تتخلى عن غرفتها السابقة للأنتقال الى غرفة السيد , هل هي عادات الجيل الجديد؟ هل هو التقليد المتبع في العصر الحديث ؟ تمتمت العجوز بكلمات مبهمة وأخذت الفتاة الصغيرة الى الحمام ومنه الى غرفة نومها , وفيما كان سكوت يتناول العشاء مع صديقته ماتيلدا و.... عروسه, توقفت تيريزا فجأة عن الأكل وشهقت قائلة:
"ماري ودان!".
" وما بهما , ماري ودان؟".
" ماذا ... ماذا سنقول لهما... عنا؟ أوه , رباه , ماذا سأفعل ... ماذا سأقول؟ ماذا سأقول لماري؟ أنها صديقتي المفضلة و...".
تنهد سكوت بأرتياح , وقال لها:
" تصورت للحظة أنك ستصاين بنوبة عصبية , لا تفعلي ذلك مرة أخرى , يا تيريزا , هل أنت خائفة من رد فعل دان وماري , عندما تخبريهما عن زواجنا؟".منتديات ليلاس
" أوه , سكوت! أنت الذي ستخبرهما , لأن ماري ستدفنني حيّة أذا أنا أبلغتها النبأ , كانت دائما أول شخص أطلعه على أسراري ومخططاتي ... لم أزعج نفسي هذه المرة حتى بأرسال برقية... لم نفصح لهما أيضا عن الترتيبات الموقتة ... أعني ... أعني خطوبتنا , ماذا سأفعل؟".
" أهدأي , يا فتاة , وسيطري على أعصابك , لا يمكننا الأختباء وراء مكالمة هاتفية , بل علينا مواجهة الأسد في عرينه".
" الآن ؟لا , لا يمكنني ذلك... أرجوك يا سكوت...".
" بلى , يا عزيزتي , سننهي العشاء أولا ونتوجه على الفور , ستغفر لنا ماتيلدا هذا التصرف المستهجن , أليس كذلك؟".
هزّت ماتيلدا رأسها بحنان وتعاطف , فيما مضى سكوت الى القول:
" يمكنك الأحتماء وراء ظهري القوي العريض عندما أعلن النبأ , أو بالأحرى عندما ألق القنبلة".
أبتسمت ماتيلدا وقال لهما:
" هيا أذهبا , فمليندا ستكون معي بألف خير , في أي حال , سيغتنم سكوت كل فرصة متاحة له للأنفراد بعروسه الجميلة اللطيفة ... سوف أحاول أنا أخفاء نفسي قدر المستطاع لأفساح كافة المجالات أمامكما , تظاهرا بأنني غير موجودة هنا".

دخلت تيريزا بتردد بالغ قاعة الأستقبال في منزل صديقتها, فهبت ماري من مكانها لمعانقتها والترحيب بها , قائلة:
" كم أنا سعيدة بمجيئكما معا, لم أتوقع مشاهدتكما بمثل هذه السرعة , هل تمتعت بالرحلة , أيتها الحبيبة ؟ يبدو أنك متعبة الى حد ما, وبحاجة ماسة الى فترة من النقاهة , لا شك في أنكما أمضيتما أوقاتا رائعة , أليس كذلك أيها الصديق العزيز؟".
" رأينا .... من الأفضل....".
أستغرب دان أرتباك جاره وصديقه , وقال:
" مهما كان الأمر , فأنتما الآن هنا ونحن سعيدان جدا برؤيتكما , أجلسا, كي نشرب معا فنجانا من القهوة الطازجة المنعشة ".
" كانت حقا... رحلة ... عظيمة للغاية .... لأننا .... أعني .... تيريزا وأنا....".
توقف سكوت عن متابعة الكلام, فتحوّل أستغراب دان الى ذهول , ماذا جرى مع هذا الرجل القوي الشخصية والمتحدث اللبق, لكي يرتبك ويتلعثم على هذا النحو الذي لا يصدق؟ نظر الى تيريزا مستفسرة , فأقتربت بحركة لا شعورية من زوجها وقالت:
" لقد تزوجنا".
حدّق كل من دان وماري رورك ببعضهما , وكأنهما يشاهدان أشباحا أو أحلاما مزعجة , ثم تأملتهما ماري بعض الوقت , وقالت متنهدة:
" هل أنتهت النكتة؟".
أستعاد سكوت سيطرته على أعصابه ولسانه , وقال لها:
" لم تكن نكتة, يا ماري, هيا أبتسمي بسرور وقدّمي لنا التهنئة ... ولو على سبيل المجاملة فقط , كانت تيريزا مذعورة من رد فعلك على هذا النبأ , وطلبت مني أبلاغك الأمر , ومع ذلك , فقد فاقتني مقدرة وشجاعة أثناء المواجهة الحقيقية".
أبتسم دان وقال لزوجته:
" لا , أيتها الحبيبة , لم يصب أي منهما بالجنون أو بضربة شمس , يبدو أننا سمعنا الحقيقة , فخجلهما يؤكد صحة كلامهما".
أمسك بيد سكوت مصافحا وقبّل تيريزا على خدها , ثم قال لهما بلهجة عادية جدا :
" أتمنى لكما حياة سعيدة:
" حذت ماري حذو زوجها , فقالت:
" أعذراني , فقد حدث كل شيء بسرعة مذهلة , لم أكن أحلم أبدا .... لم أكن لأتمنى لكما أفضل مما حققتماه الآن, أمنحاني بعض الوقت لأستعادة أنفاسي ... أوه , تيريزا, لا تقلقنك أبدا ردود الفعل... السلبية والسخيفة التي صدرت عنا , أراهن أنك أنت أيضا فوجئت مثلنا بقرار الزواج , فالسيد سكوت ميلوارد معروف بقراراته السريعة والحاسمة!".
أنزلها سكوت أمام باب المنزل , وتابع طريقه حتى المرآب الكبير الذي يتسع لأكثر من خمس سيارات , أطفأ محرك سيارته وأنوارها وعاد بسرعة الى البيت , ليفاجأ بوجود تيريزا داخل غرفتها وقد أغلقت الباب, تردد برهة من الوقت , ثم ذهب الى غرفته وراح يشعل سيكارة تلو الأخرى .... حتلا الفجر.
مضت ثلثة أسابيع على زواجهما بدون حدوث أي شيء يذكر في نمط حياتهما , الذي أختارت له تيريزا نمطا معينا يقضي بتجنب الأقتراب منه أو الأنفراد به قدر المستطاع , وزعت ساعات اليقظة كلها بين مليندا والأعمال المنزلية والحديقة , ولم تترك لنفسها ساعة فراغ واحدة تفاديا لأي أتصال محتمل معه, تعذّبت , تألمت , تأوهت , وسهرت بعض اللليالي متشنجة الأعصاب لدرجة تدفع الضعفاء الى حافة الجنون , ولكنها قوية , وسوف تقاوم حتى النهاية .... حتى يحبها .... ويريدها كنتيجة للحب الطاهر الصافي .
قال لها في اليوم الخامس والعشرين أنه ذاهب الى أحدى المدن القريبة , وسألها عما أذا كانت بحاجة الى أي شيء من المحال التجارية الموجودة هناك, خجلت من الأفصاح عن رغبتها أمام ماتيلدا فشكرته قائلة أن لديها كل ما تريده , ولكنها تشجعت بعد ذهاب السيدة المسنة الى النوم , وأنضمت الى زوجها في قاعة الأأستقبال حيث قالت له بتردد:
" هل يمكنك , يا سكوت, شراء ستائر جديدة لهذه القاعة ؟ الستائر الحالية ثقيلة الوزن الى درجة كبيرة , ولا يحركها بالتالي ألا هواء قوي للغاية".
رفع سكوت نظره عنها وتأمل الستائر , فسارعت الى القول :
" أذا كانت تعجبك , فلا تأبه لأقتراحي وأعذرني على هذا التدخل في شؤون منزلك".
أقترب منها كثيرا , وقال لها:
" منزلي هو بيتك , يا فتاتي العزيزة , أن أنك نسيت ذلك؟ لا أسمح بأي توتر أعصاب كلما أردت التقدم اليّ بهذا الطلب أو ذاك , كما أنني أريد منك أطلاعي على كل الأشياء التي لا تعجبك, أنت .... زوجتي , ولديك كل الحق في ذلك , هل نسيت أنك زوجتي , أيتها العزيزة؟".
" مرات عديدة , يا سكوت, أشعر كأنني ممرضة ومدبرة منزل لا تقبض أجرا".
" هل ينقصك شيء؟يا للغباء ! لم أفكر أبدا بأنك قد تكونين بحاجة الى ثياب جديدة أو ... أو أي أمور أخرى تخص السيدات ".
ثم أمسكها بذراعها , وسألها بأنفعال لم تعرف ما أذا كان نتيجة غضب أو شعور بالذنب:
" أخبريني , يا فتاة , هل أنت مستاءة من وضعنا الحالي؟".
" هل هذا هو شعورك أنت, يا سكوت؟".
" لا تحاولي التملص من الأجابة!".
لم تجبه , فضمها بقوة بين ذراعيه وقال:
" ما هي الأمور التي يتحتّم عليّ القيام بها لأسعدك ... لأجعلك تشعرين كزوجة؟ هل أبتاع لك ستائر جديدة أو .... ربما....".
لم ينه جملته , بل رفع ذقنها وعانقها بشوق ... ذابت بين ذراعيه عشقا وهياما , ولكنها أرغمت نفسها وعقلها على التذكر أن هذا الرجل لا يحبهاّ هذا هو أسلوبه في محاولة أسعادها...
" لا , يا سكوت , لا!".
" بلى , يا حبيبتي, بلي, لا تكوني عنيدة الى هذه الدرجة , ومع أن عنادك ساحر ومغر , أنت تريدينني بالقدر الذي أريدك فيه... أنت زوجتي وأنا بحاجة أليك".
كانت ضائعة ... غارقة حتلا قمة رأسها في بحر الحب, ولكنها لاحظت مع ذلك أنه لم يتحدث مرة واحدة عن الحب , يريدها ... يحتاج اليها , ألا أنه لا يحبها! قلها مرة واحدة , يا سكوت ميلوارد , وخذ مني حياتي ! ناشدت قلبها أن يفعل ذلك , ولكنه لم يقل الكلمة السحرية الرائعة ... أحبك , أختفى الأرتعاش والدفء من قلبها , فلاحظ سكوت التحول المفاجىء , وسألها:
" ألست ****ة؟".
" بدون حب ؟ لا , لا يمكن!".
وأنتظرت مرة اخرى تلك الكلمة التي تتحرق لسماعها , ولكنه قال لها عوضا عن ذلك ... وبلهجة ساخرة:
" أنه حقا لأمر مؤسف , أليس كذلك؟ هل يمكنني الآن أأذن الحصول على جواب لسؤالي؟
ماذا تحتاجين أو تريدين لتصبحي سعيدة ؟ ستائر جديدة!".
" بما أنه يصعب الحصول على شيء , فلا بد لنا من الأكتفاء بالآخر ... الستائر!".
ثم أدار ظهره لها , قائلا بلهجة تنم عن عدم رغبته في متابعة الحديث:
" سجلي لي على ورقة صغيرة القياسات المطلوبة و... وما شابه ذلك".
" حسنا , يا سكوت, تصبح على خير".
أرادت بعد ساعات قليلة من ذهابه الأختلاء بنفسها... بعيدا عن الآخرين ... وقريبا من الطبيعة , طلبت من الآنسة ماتيلدا الأعتناء بمليندا , ثم ركبت الحصان فروست وأنطلقت به نحو... البراري , توجهت بعد ذلك الى منزل صديقتها ماري , فوجدتها تعمل في غرفة النوم , أصرّت تيريزا على البقاء معها ومساعدتها , فقالت لها ماري:
" حسنا, أيتها العزيزة , يمكنك البدء بأبلاغي عما تفعلين حاليا بثيابك , هل حولت غرفتك السابقة الى غرفة للملابس ؟ أعرف أن غرفة سكوت كبيرة جدا , ولكن خزانته ليست كافية ... تيريزا , تيريزا , لماذا تبكين يا حبيبتي؟".
لا , لم تعد قادرة على أخفاء الحقيقة عن أفضل صديقاتها , أخبرتها القصة منذ البداية ... حبها له , الخطوبة الوهمية , وكافة الأحداث التي تلت ذلك , ختمت حديثها بالقول:
" أحبه حتى الجنون , يا ماري , وأتألم كثيرا عندما أكون قربه , هل أتركه... أم أبقى معه , ومع الأمل الضعيف؟".
وضعت ماري ذراعها بحنان حول كتفي صديقتها المعذبة , وقالت:
" هل فكّرت بالسبب الحقيقي الذي حمله على الزواج منك؟ أليس من المعقول جدا أن الرجل يحبك؟ أنه أنسان قوي الشخصية ولا يمكت له أن يخاف من أيلاين , أو من الفضيحة , لدرجة ترغمه على الزواج من أحد , أتصور أنه يحبك , يا تيريزا , ولكنه يجد صعوبة بالغة في أظهار حبه عبر القشرة القاسية من السيطرة الذاتية التي بناها حول نفسه ... منذ وقوعه ضحية أوهامه مع أيلاين , تخطي هذا العائق المؤقت , وستجدين بالتأكيد قلبا عاشقا ودافئا وكريما , هذا هو سكوت الذي أعرفه....".
" لا , أنه رجل مكروه ومغرور ... ويظن أن بأمكانه السيطرة على أي فتاة بمجرد عناقها!".
" هل هو هكذا حقا, يا تيريزا؟".
" لا ... نعم ... لا أدري ! أنه كل شيء ... شيطان رائع ... وحش حنون ... وأنا أحبه , أحبه حتى الجنون ... وهو لا يحبني! أنه الآن مع أيلاين و...".
" أعتقد صراحة أن هذا الموضوع يجب ألا يقلقك أطلاقا , لقد فقد أي حب لأيلاين بعد تخليها عن مليندا! يتحتم عليك بالتالي القيام بخطوات هامة لحمله على أفشاء أسراره ... لأظهار حقيقة مشاعره , وألا فأنك ستواجهين دائما حائطا منيعا في وجهك وستظلين عاشقة معذبة!".
" لن أقدم أبدا على خطوة كهذه , لأنها لن تفيدني أبدا , فماذا يحدث مثلا عندما أكتشف أنه لا يحبني ؟ لا شيء أبدا سوى المزيد من العذاب والألم , لأن حبي له لن يموت أو يخف".
" وأذا أكتشفت أنه يحبك؟".
" سأكون أسعد أنسانة في الدنيا , ومع ذلك فلن أتصرف ألا بطرقة عادية وطبيعية لأنني سئمت الخداع والغش والمراوغة , شكر لك , يا ماري , على هذا الصبر الهادىء والمشجع , أشعر الآن بتحسن كبير , وخاصة لأنني أخبرتك كل شيء... يا أحسن صديقة في العالم".
بمجرد عودتها الى البيت , رن جرس الهاتف وفاجأتها جورجيا بالقول:
" تيريزا , أنا الآن شابة مخطوبة!".
" ألف مبروك , كنت أعرف أن بعض الأقناع ..."
" أنتظري قليلا , يا سيدة ميلوارد , سأخبرك كل شيء بعد ظهر غد , أن شاء الله, عندما سنأتي أنا وهيو للزيارة".
" عظيم , أيتها الحبيبة!".
" أرتدي غدا أجمل ثيابك يا تيريزا , لديّ الأسباب الكافية لتوجيه هذا الطلب , وداعا الآن , والى اللقاء غدا!".
أوه , يا لهذا الغموض ! ماذا ستواجه غدا, يا ترى ؟ أنها تمزح......منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 01:01 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

0- الفخ الجميل
أستحمتّ تيريزا بعد الظهر وأختارت أجمل فساتينها , حسب تلك التوصية الغامضة التي قدمتها لها جورجيا في الليلة السابقة , تساءلت لساعات عدة عن الهدف والمغزى الكامنين وراء ذلك الأقتراح , ولم يتبدد الغموض والأستغراب ألا عندما شاهدت ماري وليلي وجورجيا ينزلن من سيارة هيو لاسينغ ... وتتبعهن في سيارات كثيرة أخرى بقية سيدات المجتمع , أوه , ما أجمل هذه المفاجأة ! أنهن قادمات للترحيب بها وتقديم أخلص التهاني بزواجها! قالت لها ماري بصوت منخفض:
" أقسم لك بأنني لم أعرف شيئا عن هذه الزيارة المفاجئة , ألا عندما توقف الجميع أمام البيت وطلبوا مني مرافقتهم , تعمّدت دورجيا عدم أبلاغي مسبقا , خوفا من كشف هذا السر الجميل , أرفعي رأسك عاليا , أيتها الصديقة الشجاعة , فأنت بألف خير".منتديات ليلاس
تعرّفت تيريزا على وجوه جديدة , وتقبّلت الهدايا الكثيرة التي تدفقت عليها... بالروح الطيبة ذاتها التي قدمت بها , فيما كانت تفتح هدية ليلي دوات , أحست بأن الدموع تكاد تنهمر من عينيها , قالت لها ليلي ممازحة برفق وحنان:
" فات أوان الدموع, يا أمرأة , فقد أقدمت على خطوة يصعب جدا التراجع عنها , هل تزوجت سكوت كي تتمكني م أجراء تعديلات جديدة في هذه القاعة؟ لاحظت بمجرد دخولي أن الستائر البشعة تبخرت من مكانها , فهل كان تغييرها السبب في زواجك المفاجىء ... أيتها الصديقة اللعينة؟".
أجابتها تيريزا بلهجة تجمع بين الجد والمزاح:
" قررت أختطافه لهذا السبب وحده".
ضحكت ليلي وقالت:
" آه , سننتظر بعض الوقت ثم نرغمك على التراجع عن هذه الكلمات المجنونة ... في حفلتك المقبلة! موسم الأطفال على أشده في هذه الأيام!".
أحمرّ وجه تيريزا خجلا , ولم ينقذها من تعليقات ليلي الساخرة المحببة سوى دخول كليو ودانيال حاملين أطباق الحلوى وفناجين الشاي , شكرت تيريزا جميع السيدات والآنسات على حضورهن وهداياهن , وبدأت ... ثرثرة النساء.
غابت الشمس , فهجم الرجال على القاعة , كانول يمنون أنفسهم بتمضية تلك الفترة السابقة مع زوجاتهم وخطيباتهن , ولكن غياب سكوت عن البيت حمل سام على الأهتمام بالذكور في الحديقة الكبيرة , قدّم الرجال واجب الأحترام لزوجة صديقهم الجديدة , وأعربوا عن الأسف الشديد لعدم وجود سكوت في البيت, ثم تحوّل جميع الزائرين , ومعهم ربة البيت لتهنئة هيو وجورجيا بخطوبتهما , وفيما كان الجميع يتحدثون عن موجة الرقص الشعبي التي تعم المنطقة في الوقت الحاضر , أعلن سام بشجاعة لم يتوقعها أحد منه, أنه خبير في هذا النوع من الرقص, وعندما هزّت له تيريزا رأسها دليل الموافقة الفورية على أيحائه , رفعت السجادة الكبيرة من أرض القاعة وطلب الجميع من سام عرضا سريعا , رقص الرجل الخجول بضع دقائق بمفرده , ثم بدأ الآخرون بالأنضمام اليه فردا فردا , وبعد حوالي الساعة من الرقص الشعبي , أختار الطبيب الشاب نوعا آخر من الموسيقى ووجدت تيريزا نفسها فجأة بين ذراعيه... فيما وقف الباقون يتفرجون ويراقبون.
أوقف سكوت سيارته أمام المدخل الرئيسي , وتأكل بذهول العدد الكبير للسيارات المتوقفة حول منزله , ركض بسرعة نحو البيت , ولكنه لم يدخل قاعة الأستقبال على الفور , وقف لحظة مليئة بالغضب والأنفعال , وهو يشاهد زوجته والطبيب يقدمان ذلك العرض الراقص على أنغام موسيقى حالمة ودافئة , شقّ طريقه نحوهما , وربت على كتف هيو قائلا بهدوء:
"دعني أعلمك طريقة أخرى, أيها العزيز, مرحبا , يا حبيبتي".
شعرت الفتاة بسعادة عارمة تغمر قلبها , وتزيد من سعادتها ونشوتها , هل هي في يقظة أم في حلم جميل ؟ لا , أنها اليقظة , وها هو حبيبها يطوقها بذراعيه القويتين الدافئتين ويقول لها ... يا حبيبتي!
أبتسمت وقالت له بصوت رقيق ناعم:
" مرحبا , أيها الحبيب ".
أعجبه الترحيب الحار من زوجته , فضمّها بقوة الى صدره...وعانقها , ذابت بين ذراعيه , وأرتكبت خطواتها , غضب سكوت الى درجة كبيرة , عندما تصوّر أن هذا الأرتباك ناجم عن العاطفة التي تشعر بها ... وليس بسبب حضوره المفاجىء , أنتهت المقطوعةالموسيقية , فأبعدها عنه وأحنى رأسه شاكرا الذين صفقوا لهما.
شرحوا له هدف الحفلة , فطوق خصر زوجته بذراعه وشكر الموجودين على محبتهم وأخلاصهم , لم يلاحظ أحد , سوى الفتاة الملتصقة به , أنه مستاء الى أبعد الحدود , لماذا أستخدم كلمة حبيبتي, أن لم يكن يعنيها؟ لماذا تغيّر مزاجه معها فجأة؟ تمتمت بصوت هامس:
" اللعنة عليك وعلى مزاجك الغريب , أيها المتغطرس ! لن يهمني تصرفك بعد الآن!".
" ماذا قلت . يا تيريزا؟".
أبتسمت له بخبث وقالت:
" كيف ... كيف كانت رحلتك؟ هل تمت الأمور بطريقة مرضية؟".
" نعم, شكرا".
" هل قابلت... السيدة الجميلة؟".
" نعم قابلتها, وهي تبعث لك بتحياتها السامة وتقول أن لديها لعبة تشبهك ... وقد غرزت فيها عشرات الأبر , أعذريني الآن , فلدي بعض المعلومات الهامة التي ينبغي أطلاع سام عليها".
غادر الأصدقاء منزل ميلوارد في ساعة مبكرة , ظنا منهم أن سكوت متعب ويريد تمضية السهرة بكاملها مع عروسه الجميلة, فجلس الرجل وصديقته المسنة لشرب فنجان من القهوة , فيما تظاهرت تيريزا بجمع الصحون والأكواب لتظل بعيدة عنه , أمسكت ماتيلدا بذراعها وأحضرتها الى الطاولة , قائلة:
" أجلسي , يا عزيزتي, وأشربي قهوتك , أوه , سكوت, كم كانت المفاجئة جميلة ورائعة , سوف تعجبك الهدايا الى درجة كبيرة .".
قامت تيريزا من مكانها وتوجهت بحو آلة التسجيل لأيقاف الموسيقى, أرتطمت رجلها بأحد المقاعد وكادت تقع على الأرض , فقال لها سكوت بلهجة حادة:
" لقد تحركت بما فيه الكفاية هذا اليوم! أجلسي الآن ,فأنت بحاجة ماسة للراحة".
قرّرت مواجهته بعنف بالغ , فصرخت به قائلة:
" أنا في بيتي , يا سكوت ميلوارد , وسوف أتحرك بالقدر الذي أريد , وأذا وقعت , فسأطلب منك أن تحملني الى سريري , حافظ على قوتك , أيها العزيز , لرحلات أخرى ... وأمور أخرى!".
صعقت ماتيلدا لسماعها تلك الكلمات القاسية , وقالت لها :
" تيريزا!".
قلّد سكوت صوت ماتيلدا ولهجتها , مكررا أسم زوجته بالطريقة ذاتها , عاد الغليان الى صدر تيريزا ورأسها , فصرخت به ثانية:
" تيريزا , تيريزا... أني أكره هذا الأسم , تيريزا لن تفعلي كذا , تيريزا أفعلي كذا , تيريزا نفذي أوامري وتعليماتي , تيريزا الى الجحيم!".
تأملها سكوت بذهول وهي تضرب الأرض بقدميها , وقال لها بنعومة هادئة :
" هل أنت غاضبة؟ أيتها الحبيبة؟ أعتقد أن مزاجك الآن لا يسمح لك برؤية الستائر الجديدة".
حدّقت به بذهول, ثم قالت له بعصبية واضحة قبل مغادرتها القاعة:
" يمكنك الأحتفاظ بستائرك , يا سكوت ميلوارد!".
خيم الصمت الثقيل على تلك الغرفة , ولم تقطعه سوى جملة ماتيدا الهامسة:
" تصبح على خير".
لم يجبها, فأستدارت نحوه وأضافت ببرودة مزعة:
" وأخيرا, وجدت من يقدر على منافستك ومواجهتك.. أيها العزيز!".
" خائنة!".
أمضت تيريزا الليل بكامله وهي تفكر بحياتها ومستقبلها , وبالخطوات التي يتحتم عليها القيام بها , ستغادر وينديمونت ...نعم ستبتعد عن سكوت لمنحه الفرصة الكافية لتقييم كافة الحقائق على أنفراد... من الطبيعي أن رجلا قويا ونشيطا مثله سيسعى , عاجلا أم آجلا , لأقامة علاقة مع أحدى النساء ... ولكنها لن تكون تلك الأمرأة ألا أذا أحبّها , أذا كان يريد أيلاين , أو أي أمرأة أخرى , فليفعل , ستترك له حرية الأختيار , وستحاول قدر المستطاع التغلب على عذاب الأبتعاد عن مليندا ... وعنه هو أيضا.منتديات ليلاس
تعمّدت الأنتظار في غرفتها , لحين خروج سكوت من البيت , حضرت مليندا لتطلب منها المساعدة على فتح صندوق الستائر الجديدة, ففعلت ذلك بتردد , علقت الستائر الجميلة الجاهزة , التي لن تتمتع بها في المستقبل القريب , سيفرح بها شخص آخر أو يعمد الى أستبدالها ... ماذا يهمها بعد الآن!
لم تدع أحدا يراها , عندما أمتطت حصانها وتوجهت الى تلك البقعة الحالمة التي تحبها , سترمي نفسها بين أحضان الطبيعة وتقرر بهدوء وسكينة الخطوات الواجب أتخاذها... ولن تعود قبل المساءّ
تركت الحصان قرب حافة النهر, وجلست على صخرة كبيرة تتأمل زهرة برية جميلة وتصغي الى خرير الماء , وجاء البرق والرعد ليكملا المهمة ... وكأن السماء أيضا بدأت تعاندها , أنهمر المطر فجأة , فنزلت عن تلك الصخرة للأحتماء تحت حافة صخرة أخرى , زلّت قدمها فهوت الى الارض , وغرقت رجلها حتى الركبة في فتحة عميقة بين حجرين كبيرين , حاولت سحبها , فلم تتمكن.
يا للمصيبة! لا أحد يعرف مكان وجودها , فمن سينقذها؟ لا شك في أن سكوت سيسأل عنها لدى عودته الى البيت , وسيسعى لمعرفة مكان وجودها في هذا الجو الممطر , ألن يفكر بالأتصال بماري؟ طبعا سيفعل ذلك , لأن مليندا خائفة وماتيلدا غاضبة ؟ هل ستتذكر مار أن صديقتها تحب تلك البقعة القريبة من النهر ؟ ولكن... متى سيعود سكوت الى البيت؟ رباه!
مضت ساعتان تقريبا وهي على تلك الحالة المزرية , لا تعرف أذا كان وجهها مبللا بقطرات المطر أم بدموعها! وفجأة, شاهدت سكوت... ونظراته التي تشتعل غضبا وحنقا:
" أوه , كم أنا سعيدة بقدومك يا سكوت , عرفت أنك ستأتي عاجلا أم آجلا , بدأت أشعر بالبرد والبلل ... والوحدة , أرجوك , لا تغضب مني !".
بدا الأرتياح على وجهه بمجرد رؤيتها , وقال بلهفة:
" لماذا لم تعودي الى البيت أو تذهبي الى ماري, عوضا عن البقاء هنا كطفلة صغيرة غبية..".
" يؤسفني جدا أنني لم أتمكن من ذلك , يا سيد ميلوارد".
لاحظها رجلها العالقة بين الصخور , فرمى نفسه بسرعة على ركبتيه وسألها برقة ونعومة:
" هل تؤلمك؟".
" لا ... لا ... أبدا!".
وضع أصابعه الدافئة على ركبتها , فشعرت بأرتعاش في كافة أنحاء جسمها , أختفى فجأة ثم عاد بسرعة ومعه سترة أضافية وصندوق أسعافات أولية وأبريق شاي , أعطاها فنجانا ومنديلا وقال:
" أشربي الشاي وجففي شعرك بهذا المنديل , فيما أحاول أنا تخليص رجلك من هذا المأزق".
" ىسفة على هذا الأزعاج الذي سببته لك".
لم يجبها, بل أخرج مقصا من علبته الكبيرة وراح يحفر بين الصخور , طلب منها بعد قليل أن تحاول أخراج رجلها , فلم تتمكن , تفحص المكان بعناية بالغة , ثم أبتسم مشجعا وقال:
" لديّ فكرة رائعة".
طبع قبلةة سريعة على جبينها , ثم أضاف قائلا:
" لا تذهبي من هنا... سأعود خلال دقائق".
عاد بعد فترة قصيرة وهو يحمل مطرقة خشبية وأزميلا حادا , بالأضافة الى معدات صغيرة أخرى.
أنحنى قربها , وقال مازحا:
" سأحاول توسيع هذه الفتحة , كي تتمكني من أخراج هذه الرجل اللعينة , أريدك بالطبع أبلاغي فورا أذا أصطدم الأزميل بك , أيتها الحبيبة , آه... هذه قطعة كبيرة ... يجب ألا أدعها تقع في الحفرة, كيلا تزداد الأمور تعقيدا ! أحّّرك من مغبة أقلاقي عليك مرة أخرى... أوه , عذرا , كدت أصيبك! لن أدّعي أبدا بأنني نحات ماهر!".
ثم تنهد وأضاف قائلا , بدون أن يتوقف عن العمل :
" كنت غبيا وأعمى القلب والبصيرة , يا تيريزا , حاربت مشاعري وقاومت عواطفي... دونما أي سبب , أعتقد أنني تعلّقت بك منذ اللحظة الأولى التي شاهدتك فيها , وأشعر بالخجل لشديد لأنني لم أحفل بذلك الشعور , تصورت في البداية أن الأمر يقتصر على الأنجذاب , ولكنني تأكدت فيما بعد أن عليّ الأحتفاظ بك ... بصورة نهائية , لا أعرف كيف أصف لك قلقي وأنقباضي عندما أبلغتني مليندا أنك خرجت منذ فترة طويلة , حاولت الأتصال بماري , ولكن خطوط الهاتف كانت مقطوعة , أرسلت العمال للبحث عنك , وتوجهت بالسيارة الى منزل دان , أخبرتني ماري عن مكانك المفضل, فركبت حصانا وأتيت على جناح السرعة".
" أوه , سكوت".
" هل تدركين أيضا أنني كنت في جحيم مماثا , عندما تأكد لي أنك لا تبادليني الحب الجارف الذي أكنه لك؟".
أرتجفت شفتاها ذعرا وهلعا , وقالت بتلعثم مرير:
" كنت ... أعني ... هل...".
" لا تتعبي نفسك يا حبيبتي , يمكنك تأنيبي في وقت لاحق , أما الآن فسوف أحاول الكشف ما يجول في رأسي ويرهق قلبي وأعصابي , أعتقد أن غروري وغطرستي كانتا تغطية سخيفة لأوهامي الماضية , أو لمنع نفسي من رؤية الأمور على حقيقتها , آه , كم أشكرك يا ماري رورك على المعلومات القيمة والبالغة الأهمية التي زودتني بها!".
أحمرت وجنتاها بسرعة مذهلة , وقالت بصوت هامس:
" أخبرتك ماري ... ذهبت اليك وأخبرتك...".
لم تتمكن من أنهاء جملتها , فأبتسم لها وقال:
" أعرف الآن جيدا السبب الحقيقي الذي دفعني الى فرض خطوبتنا... وزواجي عليك, أنه قلبي , الذي حثّني على التعلّق بشخص رائع فريد مثلك , كادت غيرتي من ديريك مان تقتلني , وشعرت أيضا بالغيرة العاصفة عندما شاهدتك ترقصين بسعادة وسرور مع المسكين هيو , أعذريني على أسماعك هذا الكلام كله, الذي لا يبرر سوء تصرفي معك, تصورت أنني جننت حقا , عندما قالت لي ماري أنك تحبينني , لم أصدقها ألا عندما أقسمت لي... أوه , تيريزا , أنني أحبك ... أحبك كثيرا , أذا كانت ماري على خطأ , لا سمح الله , فلن أرغمك على البقاء معي ... يا أعز المخلوقات على قلبي , لن أضيف عليك أعباء جديدة , لديك ملء الحرية في الأختيار , يا حبيبتي".
توقف لحظة , ثم أضاف قائلا:
" مليندا أيضا ... تحبك كثيرا".
" سكوت!".
" نعم , يا تيريزا؟".
نسيت أو جاعها وآلامها , فأمسكت بشعره ورفعت رأسه نحوها , شعر سكوت بسعادة فائقة ونشوة عارمة , عندما قرأ جوابها في وجهها وعينيه , رمى العدة التي يحملها وضمّ زوجته الى صدره بحب وحنان, وفيما كان قلبه يخفق بسرعة متزايدة ويده تداعب شعرها ورأسها , قال لها :
" كانت ماري على حق أذن , باركها الله , لقد أعادتني الى طريق الصواب , دعيني أسمعها منك , يا حبيبتي , من شفتيك وقلبك على حد سواء".
لن تحنث بوعدها لمليندا ... لن تبتعد عنه بعد الآن ... أنها أسعد أنسانة في العالم , أغمضت عينيها وقالت له بصوت دافىء رقيق:
" أحبك, أحبك كثيرا, يا سكوت".
" متى وكيف حدث هذا التطور الرائع , أيتها الحبيبة الغالية؟ كنت أتصور أنك تشمئزين من ملامستي لك , ألم تقولي هذا الكلام بنفسك؟ ألن ترفضي عناقي لعدم وجوج حب؟".
" كنت أحبك عندئذ ... قلت لك ذلك لأنني لم أعرف أنك تحبني , لماذا لم تقل لي أنك تحبني؟ لماذا لم تطلب مني آنذاك ما طلبته قبل قليل؟".
" هل تعنين أننا هدرنا هذا الوقت كله , لأنني كنت سخيفا جدا ولم أتفوه بهذه الكلمات القليلة ... والبالغة الأهمية؟ أقتربي مني , أيتها الحبيبة ".
تعانقا طويلا وتبادلا عهد الحب والهيام....
" رجلي , يا سكوت , رجلي!".
داعبها , وقال متمتما:
" نعم , يا حبيبتي , أنها رجل ناعمة وجميلة جدا , وأحبها للغاية ".
" هل تعلم أنها لا تزال عالقة بين الصخور؟".
........ وضحك الزوجان السعيدان وتعانقا ثانية , قبل أن يعود

سكوت الى العمل لأخراج رجل حبيبته.

تمت

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 02-09-09, 01:03 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 14658
المشاركات: 157
الجنس أنثى
معدل التقييم: ناعمة عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 42

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ناعمة غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شكرا زوناااار

:)

 
 

 

عرض البوم صور ناعمة   رد مع اقتباس
قديم 02-09-09, 11:57 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2007
العضوية: 53952
المشاركات: 336
الجنس أنثى
معدل التقييم: rana_rana عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 45

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
rana_rana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

 
 

 

عرض البوم صور rana_rana   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
destiny is a flower, رومنسية, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, ستيلا فرانسيس نيل, stella frances nel, عبير القديمة, إبتسامة وحيدة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t118351.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 07-01-17 01:30 AM
Untitled document This thread Refback 11-12-14 08:49 PM
Untitled document This thread Refback 13-07-14 09:15 PM


الساعة الآن 08:55 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية