جلست تيريزا في مقعد وثير , ثم خلعت حذاءها وتنهدت بأرتياح ظاهر, أبتسمت ماري نتيجة تصرف صديقتها الطبيعي , الذي لا يزال كما هو منذ فترة الدراسة , وقالت لنفسها أن بأمكان تيريزا الأعتراض على موضوع الوزن , ولكن الفرق واضح للغاية , ثم ... لماذا هذا الحزن الذي يسكن عينيها الزرقاوين الجميلتين؟ أين هي البهجة التي كانت تعم ملامح وجهها , وتظهر جليا في تصرفاتها ونبرة صوتها؟
أنتهى دان من شرب الشاي قبلهما وقام من مكانه , متحججا بأن أعمال الرجال لا تنتهي , ولدى وصوله الى الباب , أستدار نحو ماري وقال لها:
" لم تصل الفتاة التي كان سكوت ينتظرها , أذا توقفت قليلا عن أسترجاع ذكريات الماضي المجيد , فسوف تتمكن تيريزا من أطلاعك على التفاصيل , لديها معلومات أولية عن زعيم وينديموت لأنها...".
خرج دان مسرعا قبل أنهاء جملته , فألتفتت ماري نحو تيريزا وسألتها بكثير من الحماسة:
"" أوه , هل تقابلتما ؟ أليس رجلا رائعا؟".
" رائعا؟ لا يا عزيزتي , أنه بعيد كل البعد عن هذا الوصف ! أنا شخصيا أعتبر تصرفاته غير لائقة أبدا , وأقرب ما تكون الى تصرفات الوحوش أو آكلة لحوم البشر!".
ثم راحت تشرح لها تفاصيل اللقاء العاصف مع سكوت ميلوارد , وما أن أنتهت , حتى ضحكت ماري بصورة غير متوقعة وقالت:
" أوه, هذه هي فعلا طريقة صديقنا سكوت في معاملة الآخرين , أنه صريح للغاية , ولا يعرف المراوغة أو المجاملة , أعذريه على تصرفه هذا , فمن المؤكد أنه شعر بصدمة قوية عندما شاهدك أنت عوضا عن السيدة التي يتوقعها , سوف تتركه مربية ميليندا في المستقبل القريب لتتزوج , وكان يعتمد على وصول الأخرى لكي تتدرب بعض الوقت على الأسلوب المطلوب".
" ما هو عمر أبنته , وأين هي زوجته حاليا؟".
" مليندا في الرابعة , وهي فتاة طيبة جدا , والدها متعلق بها الى درجة مذهلة , أما زوجته... فقد تركته قبل عامين تقريبا , وأدى ذلك الى كثير من المرارى والحنق".
أستغربت تيريزا الى حد الصدمة , تصرف هذه الأمرأة , كيف تترك بيتها وتتخلى عن طفلتها الصغيرة ؟ هل لديها أي أسباب يا ترى على الأطلاق تبرر هذا العمل الأرعن؟ سألت صديقتها بصراحة:
" لماذا هجرته؟".
ظلت ماري صامتة بعض الوقت , ثم قالت:
" يصعب كثيرا تفسير ذلك يا تيريزا, أيلاين أبنة المدن , ومعتادة على حياة الترف وكافة أسباب للهو والراحة , سكوت لا يتحدث كثيرا عن الموضوع, كل ما أعرفه أنه ألتقاها في نيويورك , ثم تزوجا هناك, ولكنها لم تكن سعيدة كثيرا هنا ... في البراري , كما كان يحلو لها تسمية هذه المنطقة من العالم, ثم,,,".
سمعتا صراخ طفلة رضيعة , فتوقفت ماري عن الأسترسال في هذا الموضوع وقالت:
" سأخبرك المزيد في وقت لاحق , تعالي لأعرفك على ... سيدة البيت الصغيرة".
حملت تيريزا أبنة ماري بحب وحنان , وقالت باسمة:
" أنها رائعة, رائعة!".
" هذه هي جانيس تيريزا رورك التي تحبك كثيرا".
ألتقت النظرات , فلاحظت ماري غمامة حزن تخيم على عيني صديقتها , تأملتها برهة, ثم قالت لها:
" ثمة أشياء تزعجك يا تيريزا , أخبريني عنها".
" لا أعرف كيف, أيتها الحبيبة , لم أعد قادرة على تحمل...".
غصت وأغرورقت عيناها بالدموع , فأخذت ماري أبنتها منها وقالت بحنان:
" حسنا يا حبيبتي , أنت الآن بحاجة الى حمام ينعشك ويريح أعصابك, سوف نتناول طعام الغداء بعد قليل, ثم نعود الى الثرثرة , لست بحاجة لأطلاعي الا على القدر الذي تريدين , ولديك الوقت الكافي لذلك, هيا لأريك غرفتك".
تساءلت ماري , وهي في الطريق الى الغرفة المخصصة لصديقتها , عما أذا كان السبب عائدا الى ذلك الطبيب ديريك... الذي لم يعجبها هي منذ البداية.
تناول الثلاثة طعامهم الشهي , وعاد دان الى عمله , وبعد القيلولة التي أخذتها تيريزا بناء على أصرار ماري , جلست الصديقتان على الشرفة صامتتين , وفجأة , قطعت تيريزا حبل الصمت قائلة:
" ماري, لا بد لي من أطلاعك عما جرى , أنت صديقتي الوحيدة , ومن واجبي أبلاغك تفصيلا بما حدث".
ثم تنهدت , ومضت الى القول:
" صدقيني أولا أنني لا أدري كيف بدأت قصتي , أحببت التمريض كثيرا , كما تعلمين , وكنت وديريك ننعم بخطوبتنا ونتطلع قدما الى زواج سعيد ودائم , كانت هذه مشاعري أنا , على الأقل , أوه , ماري , لماذا لم يثق بي؟ لم أكن أتصور أبدا أننا سنكون بحاجة لمثل هذه الكلمة ... ثقة! هل تذكرين موظف المكتب العقاري الذي وجد لنا شقتنا؟".
" ميتش سوندرز ؟ نعم, أذكر محاولاته اليائسة للتود اليك ... والتي أزعجتنا في بعض الأحيان , وأذكر أيضا ملامح وجهه عندما أقتنع أخيرا بأنه يضيع وقته مع شابة ... مرتبطة بغيره , أوه , كم كان تصرفك معه باردا ومؤلما! لن أنسى أبدا نظرات العاشق المسكين عندما طلبت منه مغادرة الشقة ! هيا , أكملي!".
" كانت لديه أخت تدعى سيلفيا ... أرملة , وثرية الى درجة التخمة".
" وما علاقتها بالموضوع؟".
" أعجبها خطيبي , يا سيدتي , أعجبها كثيرا , لأنه كان لديه كل ما تطمح اليه ... مكانة رفيعة في المجتمع , ثروة لا بأس بها تجعله غير راغب بأموالها , وبيت جميل في الحي الأرستقراطي المناسب , أنا متأكدة تقريبا من أنها هي التي كانت سبب مشكلتي الحالية , رفضت محاربتها , ألتقينا مرارا في الحفلات والمناسبات الأجتماعية , وكانت تبذل كل مرة جهودا مضنية لجذب أهتمامه والأستئثار بأنتباهه , أمطرته أطراء وثناء , وتقبل طبيبي الوسيم كل ذلك برحابة صدر... وسعادة , لم يتخل أبدا عن حبه لي أو أهتمامه بي , ولكنها مهدت له الطريق بعناية فائقة , المسكين! أنني حقا أشفق عليه ! ".
توقفت لحظة , ثم تابعت بهدوء حزين:
" الأمر الذي لا يمكنني تناسيه أو غفرانه هو عدم ثقته بما حذرته منه, ورفضه العنيد لما قلته له, أصر على القول أنه ليس من الممكن أن تخدعه عيناه , وهكذا كان!".
" هكذا كان, ماذا , يا تيريزا؟".
" لن أكمل ما لم أتأكد أنك ستصدقينني ".
تأملتها ماري فترة طويلة , وكأنها تذكرها بعمق الصداقة التي تربط بينهما , أقتنعت تيريزا بذلك التأكيد الصامت , وقالت:
" شكرا يا ماري, وأعذريني على هذا التشكك الذي لا ضرورة له أطلاقا, لم أكن مضطرة أبدا للتحدث معك أنت عن الثقة , ولكن الأحداث التي مررت بها في الفترة الأخيرة جعلتني أنظر الى الحياة والمثل العليا من زاوية غير صحيحة , ها قد عدت الى الكلام الفارغ ".
" لديك كل الوقت لتفعلي ذلك, فأنا لن أختفي من هنا".
" أتصل بي ميتش سوندرز في أحد الأيام , ويدا كأنه يجد صعوبة في أختيار الكلمات المناسبة , كان يتحدث بأنفعال عن أخته , ويريد مني نصيحة طبية , قلت له أنني ممرضة في سنتها الثالثة , وطلبت منه الأتصال بأحد الأطباء , قاطعني بعصبية بالغة , مصرا على التحدث معي أولا كي أنصحه بما سيفعل, سألته عن مشكلة أخته التي تبدو بصحة ممتازة , فلم يجب لفترة طويلة , ثم قال لي بصوت منخفض ينم عن الخجل الشديد , أنه أكتشف بين أوراق شقيقته معلومات مذهلة ومؤلمة عن صحتها , وأنها لا تفعل شيئا لمعالجة نفسها , طلبت منه أن يأخذها فورا الى أحد المستشفيات , ولكنه قال أنها من النوع الذي لا يمكن أرغامه على أي عمل لا تريده ... وخاصة أذا جاء الأقتراح من أخيها , توسل اليّ لأقبل بموافاته الى مكان ما , لكي نبحث الأمر بالتفصيل , رجاني أن أطلب من الطبيب ديريك مان التحدث معها , علّه يتمكن من أقناعها , وعدني بأطلاعي على كافة التفاصيل المتعلقة بصحتها , لأنه يثق بأستقامتي , يا لهذه الكلمة! دعوته الى الشقة ولكنه رفض ذلك , قائلا أنه لا يريد أحراج خطيبة الطبيب بأي شكل أو آخر, أتفقنا في النهاية على اللقاء في أحد المطاعم , وما أن أنتهينا من حديثنا , حتى أتصل بي ديريك ودعاني الى السهرة , كنت حائرة ومترددة , فقلت له أنني أفضل عدم الذهاب بسبب التعب والأرهاق , أخبرته ذلك في وقت لاحق , صدقيني , يا ماري , لم أكن أنوي خداعه , وعدت ميتش بمقابلته لهدف نبيل , وقررت في تلك اللحظة ألا أفشي سره لأحد .... حتى لديريك , أوه , كم كنت غبية ورعناء!".
كانت ماري تصغي أليها بأهتمام بالغ , مما شجعها على متابعة الحديث بدون تردد أو أحراج , قالت:
" وجدت ميتش في سيارته على منعطف قريب من المطعم , بدا منفعلا بعض الشيء , وقال أن المطعم مكتظ بالزبائن ... وقد نلتقي أحدا من معارفنا وأتعرض بالتالي لثرثرة أنا بغنى عنها , لم يخطر ببالي آنذاك سبب هذا التحول المفاجىء في تصرفاته وأهتمامه المتزايد بالحفاظ على سمعتي , بدا قلقا للغاية , فقبلت أقتراحه بالذهاب الى مكان آخر , ذهلت عندما أوقف السيارة في مكان يشرف على المدينة , لم أعترض على الفور ظنا مني أنه يحاول أيجاد الكلمات المناسبة لأطلاعي على تفاصيل المشكلة الصحية لأخته , سألني بتردد عن صحتي وأحوالي , مضيفا أنه لم يرني منذ فترة طويلة , فأجبته بأنني بخير , وطلبت منه الدخول في الموضوع , لاحظت أنه يماطل بعض الشيء, ويتأمل منعطف الطريق بشكل وثيق , وما هي الا لحظات ,حتى أقترب مني وكأنه يتفادى أنوار سيارة كانت مقبلة نحونا ببطء شديد , وقفت السيارة الثانية قربنا ونزل منها ... ديريك! يا للأثارة! فتح بابي وسألني بتهذيب بالغ أذا كان بأمكانه أيصالي الى البيت , بعدما تنشقت ما يكفيني من الهواء النظيف ... والنسيم العليل, كان المشهد يا ماري , مثيرا للضحك".
" يا له من متعجرف أحمق!".
" لا , أيتها العزيزة , فقد تصرف كسيد محترم طوال الوقت , تطلعت نحو ميتش كي يبادر الى شرح الموقف , ولكنه أمسك بمقود سيارته , وقال أن بحث الموضوع يتحمل التأجيل الى وقت لاحق , الخسيس! شعر المسكين ديريك وكأنه أصيب بالصميم , قال له أن ذلك لن يتم أبدا , أذا كان الأمر عائدا اليه , ودّعه بلهجة جافة وجملة مقتضبة ثم ذهبنا".
وراحت تيريزا تسرد على صديقتها تفاصيل ما جرى بعد ذلك , قالت أنها وقفت أمامه بعزة وكبرياء , وهو يسألها عما أذا كان وجودها مع ميتش هو ضمن موضوع النوم باكرا , تنهدت بأنزعاج واضح , ثم بدأت تعيد على مسامع ماري تفاصيا الحوار الذي جرى بينها وديريك.
" لا أزال أنوي النوم باكرا , يا ديريك , كنا على وشك بحث مسألة مفاجئة تتطلب التكتم والسرية".
" أوه , سرية الى درجة كبيرة ... كما لاحظت! كانت السرية بالطبع تحتم عليه الأقتراب منك الى تلك الدرجة!".
" أتصل بي ميتش وطلب مقابلتي لبحث موضوع خاص , وعد بأن أبحثه معك أنت بالذات في وقت لاحق".
" لا شك في أنه خاص جدا, لدرجة أن بحثه يتطلب مغادرتك شقتك ومقابلته في منطقة تسمى ... طريق العشاق".
" أوه , ديريك! لا تكن سخيفا! لم يكن الأمر هكذا على الأطلاق , المسألة طبية , وليس فيها أي شيء آخر , هل أرتاح بالك الآن؟".
" مسألة طبية ؟ أرتاح بالي؟ هل تحاولين الأيحاء لي بأن ميتش يسعى للحصول على مساعدتك لأنقاذه من ورطة مع أحدى صديقاته ؟ ".
" لا أعرف تفاصيل المشكلة , لأنه لم يتمكن من أطلاعي عليها بسبب مجيئك , كل ما أعرفه أن لديه مشكلة مع أحدى النساء , ولكن ليس بالطريقة التي تعنيها أو تتصورها , ثم ... كيف تجرؤ على التلميح بأنني أتورط في ...! أوه , كيف عرفت بوجودي هناك ؟".
" تلقيت أتصالا هاتفيا .... من مجهول".
" مجهول! هذه مكيدة يا ديريك , وسوف أصارحك بكل شيء , من المؤكد أن سيلفيا لا تعاني من أي مشكلة صحية , وميتش الخائن الحقير هو الذي رسم الخطة للأيقاع بيننا!".
" سيلفيا ؟ ما بها؟ هل هي مريضة؟ أشرحي لي الأمر بالتفصيل يا عزيزتي".
" أتصل بي ميتش للتحدث معي على أنفراد بصدد مرض ما تعاني منه سيلفيا , كان متوتر الأعصاب الى درجة تثير الشفقة , ووافقت على أقتراحه لهذا السبب فقط".
" ولماذا قيل لي أنها لم تكن المرة الأولى التي تشاهدان فيها معا في ذلك المكان؟".
" رباه , ديريك! ألا يمكنك الوثوق بكلامي؟ أنت تثق بي بالتأكيد , أليس كذلك؟".
" أتت سيلفيا اليوم الى العيادة لأعالجها من مشكلة بسيطة , لا تستدعي أطلاقا مخاوف شقيقها ... كما ورد في روايتك للقصة ".
" روايتي؟ هل هذه الكلمة تعني أنك لم تصدقني ؟ أوه , ديريك , الأفضل لنا أن نتحدث في موضوع آخر , مجيء سيلفيا اليوم الى العيادة يثبت ... روايتي , أيها العزيز , ولكن الأتصال الغامض هو محاولة متعمدة لأحداث شرخ عميق في العلاقة بيننا ... هل لديك أي فكرة عن هوية الشخص؟ هل هو رجل أم أمرأة؟".
" لا أدري , كان الشخص يتمتم هامسا وكأنه يتحدث من تحت الماء".
" لماذا لم تقل لذلك الشخص أن يذهب الى الجحيم؟ هل سيطر حب الأستطلاع على طبيعتك الطيبة وثقتك بي؟".
" لديّ سمعة معينة ومكانة مرموقة يجب المحافظة عليهما , فلو شاهدك فعلا أحد الأصدقاء هناك , لتصور أشياء بعيدة عن الواقع , أردت التأكد بنفسي من عدم صحة هذا الأدعاء , وشعرت فعلا بصدمة حقيقية عندما رأيتك معه, في أي حال , سأكتفي بهذا القدر من الأيضاحات وأنسى الموضوع بكامله , ولكن لا تورطي نفسك بعد الآن في أمور كهذه , أبعثي لي بأي مريض محتمل ... فأنا الطبيب , أيتها الحبيبة".
تنهدت تيريزا للمرة العاشرة , ثم تابعت سرد قصتها لماري
"سألت نفسي مرارا , بعد ذهاب ديريك , عما أذا كان ميتش يخطط للأيقاع بي, من كان يعلم بوجودي هناك غيره, ولماذا أخذني الى ذلك المكان بالذات ؟ شعرت بأن أخته هي المخطط الرئيسي , ووراء محاولة تشويه سمعتي بالنسبة الى ديريك , حاولت تناسي الموضوع وأعتباره من أحداث الماضي , ولكن الضربة القاضية جاءت بعد أسبوعين فقط من تلك القصة , أوه , ماري! كنت أتصور الحب بطريقة أخرى ... أعتبره رمز النقاوة والعفة والطهارة ! أصطدمت بصخرة الأحلام التي بنيتها لنفسي , وتحطمت عليها كل آمالي! لا, لا , الحب ليس الا مزيجا من الأوهام والأكاذيب".
" مهلك , يا صغيرتي, أنت اليوم في وضع معين, ولكن أرجوك ألا تدعي هذه الأفكار السوداء تغوص الى أعماق قلبك ومشاعرك , هيا أكملي".
" كنت في قسم الطوارىء , عندما أتصلت بي سيدة طالبة النجدة , ذهبت فورا الى المنزل المحدد . فأستقبلتني على بابه ... سيلفيا , نعم , يا سيدتي, سيلفيا , فتحت فمي لأصب عليها جام غضبي , ولكنها بدأت تتهاوى أمامي وسكبت عليّ محتويات كوب العصير الذي كانت تحمله , ساعدتها للوصول الى الغرفة وقمت بما يمليه علي الواجب كممرضة , أستفاقت بسرعة من الأغماء المؤقت وشكرتني على أهتمامي بها , معتذرة في الوقت نفسه عما فعلته بثيابي, توسلت أليّ لطي أنظف ثوب التمريض الأبيض قبل مغادرتي الشقة, وأعطتني معطفا لأرتديه أثناء ذلك , عدت الى الغرفة بعد دقائق , فتبين لي أنها غادرت المكان ! وفجأة , فتح الباب ودخل ديريك ! أكتشفت منه بسرعة , وأنا أقف حائرة مذهولة , انه تلقى أتصالا هاتفيا من مجهول ليحضر الى ... شقة ميتش ! أنهمرت على بالطبع أتهاماته القاسية , ولم يترك لي مجالا لأطلاعه عما حدث , لم أرد البقاء مع رجل لا يثق بي الى هذه الدرجة , فقدمت له أستقالتي في اليوم التالي ... وقررت الأبتعاد عن طريقه".
" وسيلفيا؟".
" لم أرها بعد ذلك أبدا , حاول ديريك الأتصال بي مرات عديدة , ولكنني رفضت مقابلته أو التحدث اليه ... بأستثناء مطالبته بالأستفسار من سيلفيا عن حقيقة الأمر , فكرت كثيرا بالعمل في مستشفى آخر , لأن الأموال التي ورثتها عن والدي سوف تنضب عاجلا أو آجلا".
نظرت أليها ماري بحنان ظاهر , وقالت:
" كنت سأفعل الشيء نفسه , أيتها الحبيبة , وأنا أشكرك لأطلاعي على ما حدث معك , أنت هنا على الرحب والسعة , ويمكنك البقاء معنا طالما أنا على قيد الحياة".
دمعت عينا تيريزا , وقالت لماري بتأثر بالغ:
" شكرا جزيلا , أيتها الحبيبة , أنا حقا محظوظة لوجود أصدقاء أوفياء مثلك, سأساعدك في البيت , وفي أي شيء آخر تطلبينه ".
" هيا , ها! لا أريد منك شيئا سوى تمتعك بالراحة ومحاولتك نسيان الماضي , لدينا هنا مجموعة كبيرة من أفضل الخيول , وعدد لا بأس به من ملاعب كرة المضرب ... وناد للرقص .. صدقيني , يا تيريزا , فالشبان هنا لن يتركوا لك أي فرصة ... للبكاء على الأطلال".
ضحكت الصديقتان , ولكن تيريزا كانت مقتنعة في قرارة نفسها بأنها ستكون من الآن فصاعدا أكثر حذرا وتحفظا مع الرجال!