لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-09-09, 12:48 PM   3 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

عرض...... وقبول

أرتدت تيريزا أجمل ثيابها , أستعدادا لمقابلة .... المنقذ الشهم! نظرت اليها ماري بأعجاب ظاهر , فيما قام دان من مقعده تأدبا وأحتراما , حيتهما بغنج وهي تنضم اليهما , ثم راح الثلاثة يتبادلون بعض الأحاديث العادية بأنتظار وصول الضيف الآخر , وفجأة لاحظت بأستغراب شديد أنها تفكر بخطيبها السابق طوال ذلك النهار , هذا لا يعني أنها نسيته , ولكن يبدو أن شخصا آخر يستحوذ على أنتباهها ... شخصا يعتبرها فتاة سخيفة تحتاج الى أحداث مثيرة لتنفض عن نفسها غبار الضجر والملل , حدقت بماري ودان طويلا , ثم سألتهما:
" بالمناسبة , لماذا وصفني جاركما بأنني المثقفة المدللة؟".
فتح دان فمه ليعتذر , ولكن زوجته سبقته الى ذلك قائلة:
" أنا المذنبة , يا عزيزتي , عندما تحدثنا مع سكوت عن وصولك المرتقب, ركزت كثيرا على ماضيك الأدبي والفني , أنت تعرفين بالتأكيد مدى محبتي وأحترامي للأستاذ الكبير , المغفور له والدك , سمعني سكوت مرات عديدة أتحدث عن شخصيته القوية وأفكاره الذكية النيّرة , وأعتقد أنه رسم في مخيلته صورة فتاة لا يهمها شيء في الحياة سوى الفكر والثقافة , هذه لست أهانة , يا حبيبتي , أنا أذكر بوضوح تام كم كنت تفضلين مثلا مكتبة والدك الغنية عن الحفلات والسهرات".
قبلت تيريزا ايضاح صديقتها برحابة صدر , قائلة أنها فهمت الموضوع الآن على حقيقته , وما أن أنتهت من جملتها , حتى دخل سكوت وحيا دان وماري بود ظاهر , بدا جذابا وأنيقا للغاية , وسرّها بأنه يتأملها بأعجاب , صافحها بحرارة , وقال:
" أسعدت مساء, يا آنسة ستانتون , كيف حالك اليوم؟".
" بخير والحمد لله , يا سيد ميلوارد , كيف...".
تدخل دان قائلا بلهجة مرحة:
" أوه, لا داع لهذه الرسميات بحق السماء , أسمه سكوت, وأسمها تيريزا".
أبتسم سكوت وقال لها بصوت دافىء:
" مرحبا , يا تيريزا".
حيّته مرة أخرى , مستخدمة أسمه الأول , ولكنها أنّبت نفسها على تلك النعومة التي ظهرت في نبرة صوتها , وحذرت قلبها من التهور والأندفاع , يجب عليها أتخاذ جانب الحذر والحيطة مع هذا...الرجل الساحر الماكر! أخذت كوب العصير من دان , ثم أستدارت نحو سكوت وقالت:
" أخبرتني ماري عن أبنتك , كيف حالها؟".
" بخير , شكرا , ولكنها تضايقت كثيرا لعدم أحضارها معي".
" هل تمكنت من حل اللغز الغامض بالنسبة... بالنسبة الى المربية؟".
" نعم , أتصل بي الشخص المسؤول بعد ظهر اليوم لأبلاغي بأنها مريضة , ولا يوجد حاليا أي شخص آخر ليحل محلها , أعني ... سيدة تكون لديها المؤهلات الضرورية".
" كممرضة مثلا؟".
تدخلت ماري على الفور , قائلة لضيفها :
" أنا متأكدة من أنك ستجد سيدة أخرى قبل ذهاب فيرا".
أبتسمت تيريزا وقالت له:
" ماري قلقة بخصوصك أنت ومليندا , يا سكوت , لديّ عرض أريد مناقشته معك في وقت لاحق , أذا كان الأمر يهمك ".
دخلت الخادمة في تلك الآونة , وأعلنت للموجودين أن العشاء جاهظ, أمسكت ماري بذراع صديقتها بحدة , وسارت وأياها قبل الرحلين , وأثناء أحاديث العشاء العادية , أغتنمت تيريزا فرصة مناقشة فيلم سينمائي وقالت:
" أنا أحب أفلام رعاة البقر والفروسية والبطولات , وما حدث معي صباح اليوم يشبه الى درجة كبيرة أحداث أفلام كهذه ,,, أشكرك ثانية , يا سكوت , على ما قمت به , كانت عملية مثيرة للغاية ... وشجاعتك أعجبتني كثيرا وبددت مخاوفي , مع أن السرعة الهائلة أفزعتني في البداية ".
" يسعدني جدا أنني ذكّرتك بأفلامك المفضلة , يا تيريزا".
" بما أن الصداقة بدأت تتوطد بيننا جميعا , فلماذا لا أحدثك الآن عن العرض الذي...".
قاطعتها ماري وكأنها تنهرها :
" تيريزا ! تيريزا!".
" نعم , يا عزيزتي ؟ أوه , أعرف أنك ستحذرينني من أن السيد ميلوارد ... سكوت ... سوف يرفض العرض الذي سأتقدم به, ولكنني سأتقدم به, بغض النظر عن النتيجة المرتقبة".

تطلعت نحوه بهدوء تام, وهي تعلم بالتأكيد أنه سيرفض عرضها . أرادت مشاهدة نظرات الأحتقار والأستهزاء الباردة في عينيه , قبل أبلاغه بأنها كانت تمازحه , قالت له:
" أنا ممرضة في سنتها الثالثة , وهذا يشمل تدريبا مكثفا في أجنحة الأطفال , أذا لم يكن لديك أعتراض جدي على صغر سني , فأنا مستعدة للأعتناء بمليندا على الأقل لحين ايجادك مربية... أو ممرضة أخرى , وها أنا أتقدم الآن بطلب لملء المكان الشاغر".
خيّم الصمت طويلا , ولم تظهر في عينيه أو ملامح وجهه أي دلائل على الأحتقار أو الأشمئزاز , ألتفت نحو ربة البيت وقال لها بتأدب:
" هل تسمحين لما يا ماري , بالذهاب الى قاعة الجلوس لنبحث معا في هذا العرض السخي؟".
وافقت ماري بصوت مرتعش الى حد ما, متحججة بالذهاب الى ابنتها والأهتمام بها , كذلك ... تذكر دان أمرا هاما في المزرعة , وأعتذر عن أضطراره للذهاب , أصبحا وحدهما... وشعرت تيريزا فجأة بأنها لم تعد تريد أي نظرات أحتقار أو تهكم وسخرية في رد فعله, أنّبت نفسها كثيرا على سوء تصرفها معه, و...
" هل سيوافق خطيبك الطبيب على عملك في منزل رجل مطلق؟".
فوجئت بسؤاله الهادىء , فأخذت بعض الوقت لتحليله... قبل أن تشعر بالألم يعصر قلبها , هل تألمت بسبب فقدانها خطيبها , أم نتيجة أعترافه بكل بساطة أنه تخلى نهائيا عن المرأة التي يحبها حتى الجنون؟ رفعت رأسها بشموخ , وقالت:
"ديريك وأنا لم نعد مخطوبين , كما أنني أستقلت من وظيفتي في المستشفى".
" حسنا , قبلت عرضك , أتصور أنك تريدين تمضية يوم أو يومين مع ماري قبل ممارستك مهامك الجديدة , هل يناسبك يوم الأربعاء المقبل؟".
صعقت بموافقته السريعة, فلم تعرف كيف تجيبه أو تعلق على كلامه , أقترب منها, وقال لها بلهجة جافة الى حد ما:
" من الواضح أن أربعة أيام ليست كافية , لا ألومك , يا عزيزتي , فلك كل الحق بأجازة طويلة , ولكنني في وضع حرج بسبب أستقالة المربية الحالية , سوف تتزوج ... المسكينة ".
دفعتها السخرية اللاذعة الى الرد بسرعة:
" ليس كل زواج فاشلا , يا سكوت , أنا خسرت خطيبا وأنت فقدت زوجة , ولذلك فأننا ننظر الى الحياة نظرة قاتمة , أما دان وماري مثلا , فهل هناك أسعد منهما في حياتهما الزوجية؟".
" أنت شابة في ريعان الصبا , أيتها العزيزة تيريزا , من المحتمل جدا أن تعود المياه الى مجاريها مع خطيبك ... السابق , أو أن تجدي هذا الذي يسمونه حبا مع شخص آخر , وعليه , فلا تقارني بين مشكلتك ومشكلتي , أنا لم أعد شابا في مقتبل العمر ".
" ولكنك لست عجوزا , يا سكوت , سيزول بعد فترة ., وستفتح أمامك قريبا آفاق جديدة , ثم ... لديك ما يعوضك بعض الشيء عن خسارتك الفادحة... لديك أبنة رائعة تحبها وتسعى لأسعادها , أما الحب بالنسبة اليّ , فهو مجرد أوهام...".
" لا ترهقيني بالتفاصيل, يبدو أننا أبتعدنا عن موضوعنا الأساسي".
دخل دان في تلك الآونة وهو يطوق خصر زوجته بمحبة وحنان, ثم سألهما مازحا :
" ما هي هذه الأمور الجدية التي تبحثانها؟".
" أوه, أمور جدية للغاية تدور حول قلبين محطمين , وأخشى أيها الصديق , أنني سأخسر موظفة محتملة ".
كاد الغيظ يفقدها سيطرتها على نفسها , ولكنها أبعدت وجهها عن نظراته الساحرة الجذابة وقالت لماري بلهجة أخفت حقيقة مشاعرها:
"وافق سكوت , أو بالأحرى السيد ميلوارد , على طلبي ... وسوف أبدأ العمل يوم الأربعاء المقبل , لم ألتق مليندا بعد, ولكنها أذا كانت طيبة وكريمة النفس كوالدها العجوز , فلا داع أبدا للقلق , لا تجزعي , أيتها العزيزة , فسوف أزورك بين الحين والآخر , ما رأيكم جميعا بفنجان قهوة؟".
أجابها سكوت بسرعة , قائلا بمرح ظاهر:
" عظيم , وبالمناسبة , يمكنك مناداتي بأسمي الأول ".
ثم ألتفت نحو دان وماري وقال:
" أبلغت تيريزا قبل لحظات , وأريدكما أن تعرفا ذلك أنتما أيضا , أن الطلاق أصبح نهائيا – وضعت ماري يدها على ذراعه بمحبة وحنان , قائلة:
" لا أدري ماذا أقول لك , يا سكوت , ولكنني أعتقد صراحة , وبكل أسف , أن الطلاق في أوضاع كهذه أمر لا بد منه ".
منتديات ليلاس

أما دان فلم يتفوه بكلمة واحدة , ألا أن نظرات الصداقة الحقيقية حملت أسمى معاني التعاطف والمشاركة , تدخلت تيريزا على الفور لأشاعة جو من الفرح , فقالت:
" يا للمفارقة العجيبة! سكوت ميلوارد يستعيد حريته , وتيريزا ستانتون تسعى وراء العبودية!".
أبتسم سكوت وقال لها :
" شكرا لك , يا تيريزا... يا شمس الصباح التي تخفف آلالآم وترفع المعنويات".
أمضى الأربعة بعد ذلك فترة طويلة من المرح والسرور , ولما حان وقت ذهاب سكوت , شكر صديقيه على دعوتهما اللطيفة وطلب من دان أحضار ... الفتيات الثلاث ... بعد ظهر اليوم التالي لشرب الشاي , وبعد خروجه , تطلعت ماري نحو صديقتها وقالت:
" ماذا فعلت بنفسك , يا فتاة؟".
" بدأت المسألة كنكتة أردت أستغلالها للأنتقام منه , ومن عنجهيته , ولم أكن أحلم بأنه سيقبل عرضي , وعندما تحداني بالقول أنني قد لا أكون راغبة في البدء خلال أيام قليلة , لأنني أريد التمتع بوقتي , رفضت كرامتي التراجع عن العرض".
علّق دان على الموضوع بشكل ايجابي للغاية , مثنيا على قرار تيريزا ومؤيدا خطواتها , ثم أضاف قائلا:
" سيكون سكوت كريما معك فيما يتعلق بالأمور المادية , هل بحثت معه هذا الموضوع؟".
" لم يخطر ذلك ببالي أبدا !".
" أذا كنت حقا مصممة على تولي هذه المهمة , فلا مبرر أبدا للقلق , سكوت أنسان طيب , وخاصة عندما يكون الأمر متعلق بأبنته".
بعد ظهر الأحد توجهت تيريزا مع عائلة صديقتها الى منزل سكوت ميلوارد ... لتجده ينتظرهم في الحديقة الواسعة ومعه أبنته ومربيتها المستقيلة , هجمت مليندا على كل من دان وماري , وعانقتهما بحرارة وشوق بالغين , ثم أمطرت الطفلة جانيس بالقبل , وتحولت نحو تيريزا لتتأملها بدقة وعناية , تم التعارف بسرعة بين المربيتين من جهة , وبين تيريزا ومليندا من جهة أخرى , ابتسمت الصغيرة , وقالت:
" شعرك , يا تيريزا ,كأشعة الشمس ... وعيناك مثل ... مثل ماذا يا أبي؟ لا , لا تقل , تذكرت ... عيناك كزرقة السماء , تيريزا جميلة جدا , أليس كذلك يا أبي؟".
" شكرا , يا مليندا , أنت أيضا جميلة جدا".
أحضر سكوت كرسيا لتريزا , وقال:
" أخذت عني أبنتي حبها للطبيعة ... وللجمال , أتصور أنكما ستقيمان علاقات طيبة فيما بينكما".
" لا شك أبدا في هذا الأمر , ولكنني لا أدري ما أذا كنت سأحب وجود والدها قربنا بأستمرار".
جلس قربها وسألها بصوت رقيق ناعم يحمل بعض التحدي :
" هل يزعجك وجودي الساحر الى هذه الدرجة , أم انك تستخدمين هذا العذر للتهرب؟".
يا لجاذبيته الساحرة ! أبعدت وجهها عنه قليلا , وقالت بعنفوان:
" لست من النوع الذي يتهرب أو يتراجع عن كلمته , كما أنني لست معتادة على أختلاق الأعذار".
ثم تطلعت بسرعة نحو فيرا , وقالت لها:
"علمت أنك ستتزوجين قريبا , يا آنسة سميث , أرجو أن تقبلي تمنياتي بمستقبل سعيد وزاهر".
" شكرا, يا آنسة ستانتون , عمل خطيبي بجد ونشاط مذهلين لنشتري بيتا خاصا بنا , أنتظرنا طويلا , ولكننا حققنا بحمد الله ما كنا نصبو اليه , أنا مسرورة جدا لأنك ستعملين مع السيد ميلوارد, مع أن عمرك ... أعني ... مليندا فتاة طيبة جدا ولكنها...".
" لا تخافي , يا آنسة سميث , أنا في الحادية والعشرين من عمري , وممرضة في السنة الثالثة , وقادرة تماما على تحمل المسؤولية ... مهما كانت , وعليه , فأنا لست صغيرة كما تتصورين .... وآمل ألا يشاطرك الرأي السيد ميلوارد هذا الرأي!".
" لا , أيتها العزيزة , فأنا واثق من قدرتك ومؤهلاتك , سوف نبحث التفاصيل في وقت لاحق , لأنني أريد الآن من دان مرافقتي الى الأسطبل لمشاهدة الحصان الذي أبتعته في الآونة الأخيرة , أنه عنيف جدا , ولكنني سأروضه".
تأملته تيريزا طويلا , وهي تقول لنفسها أنه قادر على ترويض أي شيء بدون تعب أو عناء , وسمعت ماري تعلق على كلامه بالقول:
" ما من أحد أفضل منك في هذا المضمار , يا سكوتأوه تيريزا , يجب عليك مشاهدة هذا الرجل ممتطيا حصانا , ومن المؤكد أن الدماء ستتجمد في عروقي أذا رأيته مرة يروض حصانا بريا ! لو لم يكن سعيد الحظ لدرجة لا تصدق , لكان دق عنقه منذ فترة بعيدة "
ضحك سكوت وقال:
" الأعناق لا تدق بمثل هذه السهولة , أيتها الصديقة المتعطشة للدماء , على الأقل , ليس بالسهولة التي...".
ابتسمت تيريزا لأخفاء أرتباكها , وقاطعته قائلة:
" تتحطم فيها القلوب ! ألم يكن هذا ما كنت تنوي قوله؟ لا , لا يجوز أجراء مقارنة بين هذين الأمرين , فالقلوب المحطمة يمكن أن تعود الى سرورها وبهجتها ... مع مرور الزمن".
أقتربت منها مليندا في تلك اللحظة , وقالت:
" تعالي , يا تيريزا , لأريك طفلتي الصغيرة , أنها نائمة مثل جانيس , ولذا يجب التحدث همسا... أو حتى الأمتناع عن الكلام لحين عودتنا الى هنا".
قال لها والدها بلهجة حازمة الى حد ما:
" سوف تشرب تيريزا الشاي الآن ثم تذهب معك".
" أبي, أرجوك! أريدها أن تأتي الآن!".
تردد سكوت قليلا وتطلع نحو تيريزا , فقالت للصغيرة بصوت قوي حنون:
" على الفتيات الصغيرات الأصغاء دائما لللآباء وأطاعة تعليماتهم , وعليك أنت أيضا تعليم طفلتك على الأستماع اليك, لكي تصبح مثلك تماما.... فتاة طيبة عظيمة".
شرب الجميع الشاي , ثم ذهبت تيريزا مع مليندا لمشاهدة لعبتها الجميلة التي تسميها أبنتها , لحقت بهما ماري بعد قليل , وقالت لتيريزا عندما التقتا في قاعة الجلوس:
" أتمنى لو أن سكوت يفعل شيئا بالنسبة لهذه المفروشات والستائر !".
" أنها فعلا مزعجة ! راودني الشعور ذاته وأنا في الحمام , ورحت أتخيّل التغييرات الهائلة التي يمكن القيام بها فيما لو سنحت لي الفرصة لذلك".
" ربما تمكنت , يا عزيزتي , من أحداث تغييرات كثيرة ... أذا عرفت كيف...".
" تذكري أن هذا المنزل يخصه هو , وأنني لست أكثر من مجرد موظفة , ثمة أمر واحد فقط قررت القيام به , ولو كان ذلك على حسابي , وهو استبدال الستائر في غرفة مليندا".
وقفت ماري وتيريزا بعد ذلك تتأملان الجياد الأربعة , فيما كان دان , وسكوت يتبادلان بعض المعلومات حول الحصان الجديد , وفجأة , أقترب أحد الجياد من تيريزا وراح يداعب كتفها برأسه , أخرج سكوت قطعا من السكر من جيبه , وأعطاها اياها قائلا :
" يبدو أن أفروست أحبك, يا تيريزا , أطعميه هذه القطع , فهو يحب الحلوى الى درجة كبيرة , أعتبريه حصانك طوال فترة وجودك هنا , عامليه جيدا , فيخلص لك ويطيعك حتى لو أمرته بالقفز الى الوادي".
حان وقت العودة , ففتح سكوت باب لسيارة لتريزا , وقال:
" لم نتمكن من بحث التفاصيل المتعلقة بعملك هنا , ولكن يمكنك البقاء مع ماري حتى الأحد المقبل , سأتحدث معك خلال هذا الأسبوع حول الأمور المالية , وأي موضوع آخر يهمك أو تريدن معرفته , هل لا زلت موافقة على الأعتناء بمليندا؟".
" نعم , يا سكوت , فأبنتك أعجبتني كثيرا".
" عظيم , لقد كسبنا بذلك نصف المعركة , ومن الواضح أن الأعجاب متبادل ... من جانب مليندا".
من جانب مليندا قط ! لا بأس , فلديه أسبوع كامل ليعود عن رأيه , وقررت تيريزا أنها ستثبت له , في حال أستخدامها , مدى فداحة الخطأ الذي أرتكبه بحقها , ستبرهن لهذا المتعجرف المتغطرس أنها ليست كبعض النساء الضعيفات... لن تضعف أمامه ... ستواجهه بكل قواها!

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 12:51 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


4- الأستعداد للمجابهة

كانت تيريزا تعمل بجد ونشاط في الحديقة , عندما شاهدت ظل أنسان يتحرك قربها, ألتفتت بسرعة الى الوراء , فرأت سكوت ينحني ليساعدها وهو يقول:
" مرحبا, أيتها العزيزة , يبدو أنك منهمكة في العمل لقطع دابر الأعشاب البرية المؤذية , دعيني أساعدك".
كانت وجنتاها محمرتين بسبب الشمس والتعب , ولكن الأحمرار أزداد قوة وترسخا نظرا لوصوله المفاجىء وملامسته ذراعها بطريقة الصدفة , تسمرت في مكانها لحظات طويلة , فأستدار نحوها قائلا بلهجة سكان المنطقة:
" السيدة لا تحكي اليوم , آسف جدا , سوف ينسحب المسكين ...".
" طبعا يمكنني التحدث ... أذا أردت ذلك".
رفع رأسه نحو وجهها الغاضب , وقال بحدة:
" أذن , أطلب منك بكل تهذيب وأحترام ... أن تفعلي ذلك, لأنني أتيت لبحث الترتيبات الخاصة بعملك".
ثم وقف قربها, وتابع قائلا بلهجة أكثر نعومة:
" هل تعلمين أن العمل في مثل هذا الحر الشديد ضار للغاية؟ أنظري الى نفسك... وجهك كثير الأحمرار ... ومتسخ , هيا , أسرعي وأغسلي وجهك , لنشرب الشاي ونتحدث في أمور هامة, ما بك تنظرين اليّ هكذا؟ هل أصبت بضربة شمس؟".
" تصورت أنك على عجل...".
" صحيح, ولكنني مستعد للتضحية ... أذا قبلت أستضافتي بعض الوقت , هيا , يا فتاة".
تأملها وهي تتوجه نحو الباب بعصبية غاضبة , ثم ناداها قائلا:
"لا تكرهيني الى هذه الدرجة , يا حبيبتي , فالكراهية , على ما يبدو, تجعل طريقة سيرك مثيرة جدا ... وأستفزازية!".
أستفزازية حقا! كيف يجرؤ على أستخدام كلمة حبيبة؟ ومن يظن نفسه ليطلب منها , كطفلة صغيرة , أن تغسل وجهها؟ ستعرف كيف تواجهه... هذا اللعين! ولكن عليها الأسراع في العودة, والا فأن هذا المتغطرس المتعجرف سيتبعها الى الحمام , ماذا سيردعه؟ أخلاقه؟ تهذيبه؟
عادت بعد قليل ومعها الشاي, فوجدته مستلقيا على الأرض , تأملت وجهه الجذاب الذي لفحته الشمس , وشفتيه الجميلتين اللتين...
" شاب وسيم جدا, أليس كذلك؟".
" جمال الأنسان في أعماله وتصرفاته".
" آه, هكذا يقولون ! تعجبني فطنتك وكمتك , أيتها الشابة الحلوة".
" شكرا على هذا الأطراء , كم قطعة سكر تريد , يا سكوت؟".
" واحدة, شكرا".
أخذ فنجان الشاي من يدها , ثم دخل فورا صلب الموضوع الذي حضر لأجله قائلا:
" يمكنك الأستعانة عند الضرورة بخادمة مليندا الخاصة, كليو , أذا أردت زيارة أحد, أو الخروج من البيت لأي سبب أو آخر , تتولى كليو مهمة الأعتناء بمليندا , ولكنني لا أريدك أن تغادري المنزل , ما لم أكن أنا أو مدير أعمالي جيم في الجوار , يجب أعداد ترتيبات محددة كلما أردت مغادرة البيت, هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة الي".
" حسنا , سأفعل ذلك ".
" لنبحث الآن الأمور المالية , هل يمكنني معرفة ما كنت تتقاضين في المستشفى؟".
أطلعته بسرعة وأيجاز على دخلها الشهري الشامل , بما في ذلك المنح والساعات الأضافية وما شابه , نظر اليها بأستغراب بالغ, وقال:
" يا له من مبلغ تافه! هل كان كافيا؟".
" الى حد ما , وخاصة للذين يعيشون في المستشفى".
" وماذا بالنسبة الى المال الذي ورثته عن والدك؟".
أجابته بصراحة وبدون تردد :
" أنفقت معظمه على دراستي , ولكن الباقي يكفيني لمدة سنة تقريبا ... أذا عرفت كيف أتصرف به".
عرض عليها سكوت مبلغا كبيرا , فأحتجت قائلة أن عملها لا يستحق هذا الدخل المرتفع , أصرّ على عرضه , وقال:
" أنا لا أعتبره أبدا مبلغا كبيرا , أذا كانت مليندا سعيدة وتتمتع بصحة جيدة ".
" أذا تبيّن لي أن الخدمات المطلوبة مني لا تستحق دخلا كهذا فسوف أرفضه رفضا قاطعا".
وقف سكوت , وقال لها باسما:
"لنترك الجدل حول هذا الموضوع الى وقت آخر , هل أخبرتك ماري عن الحفلة الراقصة التي ستقام في القرية مساء السبت المقبل؟".
" نعم, وسوف نكون هناك بأذن الله".
" سيكون من دواعي سروري أن أرافقك ومليندا الى الحفلة".
" أوه! هل علم دان وماري بهذا .... القرار".
" لا , ولكنني سأطلعهما على ذلك قريبا".
" أعتقد أن العرف يقضي أولا بالطلب من السيدة ذات العلاقة , ثم...".
" هل تسمحين بمرافقة مليندا ووالدها الى تلك الحفلة؟".
تجاهلت سؤاله اللطيف , وتابعت جملتها بعزم وأصرار:
" أتصور أنه ليس من المناسب أبدا أن يصطحب رجل ممرضة أبنته الى ... حفلات راقصة وغيرها من...".
نظر اليها بحدة وقال:
" لتذهب التقاليد والرسميات الى الجحيم , هل تريدين مرافقتي الى الحفلة؟ تذكري أنك لن تباشري العمل قبل الأحد المقبل , وبالتالي فلن توني مع رب عملك اللعين!".
طالبها قلبها بالقبول فورا, وأصر عقلها على التروي وعدم الأندفاع وراء العاطفة , ولكن ... لما لا ؟ قالت له بهدوء مزعج :
" أقبل دعوتك المهذبة جدا , يا سيد ميلوارد ... ربما لأن مليندا بحاجة ماسة لوجود شخص لا يستخدم مثل هذه الكلمات النابية ".
خيم الصمت بينهما لفترة طويلة , راح كل منهما خلالها يتأمل الآخر ويحلل شخصيته , وأخيرا , قطع سكوت حبل الصمت قائلا:
" يبدو أنني سأمضي حياتي أعتذر لك عن هذا التصرف أو ذاك , موعدنا تمام السادسة من يوم السبت , الى اللقاء , يا آنسة , تحياتي لماري ودان".
أخبرت تيريزا صديقتها أثناء العشاء عن زيارة سكوت ودعوته المفاجئة وقالت:
"تصورا أنه لم يبحث الموضوع معي , بل أكتفى بالقول أنه سيأخذني الى الحفلة! هكذا! أبتسمت ماري رغما عنها , وقالت لصديقتها:
" هذا هو أسلوبه في المعاملة , ومن النادر جدا أن يبحث أو يناقش , ولكنني أستغرب الى حد ما رغبته في الذهاب الى مثل هذه الحفلات, فهو لا يعير الرقص أي أهتمام يذكر , يبدو , يا عزيزتي , أنه بدأ يميل اليك!".
" تبا له من المؤكد أنه يفكر بأمور أخرى ... وضيعة!".
" أنت شابة جذابة جدا , فلماذا لا يحاول الفوز بقلبك قبل أن يختطفه شبان آخرون ؟ أنا واثقة من أنها أمور رفيعة , وليست وضيعة ".
تدخل دان عندئذ , قائلا:
" يبدو على الأقل أنه تخلى نهائيا عن حمل مشعل ايلاين , وهذه بحد ذاتها خطوة بالغة الأهمية".
" لماذا تركته يا دان؟ هل يعقل أن يكون أنزعاجها من هذه المنطقة السبب الوحيد لقرارها؟ هل هي بارعة الجمال؟".
" نعم, والى درجة كبيرة, لم يحدثني سكوت في هذا الموضوع , ولكنني أعتقد أن ثمة أمرا حدث في العاصمة و...".
توقف دان عن الكلام , فأكملت زوجته رواية القصة:
" ذهب سكوت مرة في رحلة عمل لمدة أسبوع , ولكنه عاد فجأة في اليوم الرابع , لم يجد زوجته وأبنته , وعلم أنهما ذهبتا الى العاصمة , تبعهما الى المدينة وعاد في اليوم التالي... ومعه مليندا فقط , لم يعرف أحد ماذا جرى هناك, كما أن سكوت يرفض منذ ذلك الحين التحدث ولو بطريقة غير مباشرة عن سبب أختفاء ايلاين من حياته".
" حدث هذا الأمر قبل عامين , وراح سكوت بعد ذلك يمضي معظم وقته في المزرعة , ولكنه بدأ يكثر في الآونة الأخيرة رحلاته الى العاصمة , ولا أدري ما أذا كان ذلك بداعي العمل... أو الغرام ".
" لا تهتمي كثيرا بما يقوله هذا الزوج المحتال يا تيريزا , سوف نمضي سهرة رائعة مساء السبت , خاصة وأن جميع أصدقائنا متشوقون لمقابلتك, أرتدي أجمل ثيابك وتألقي , أيتها العزيزة , لنريهم كيف يكون الجمال الخلاب والذوق الرفيع".

ذهبت تيريزا صباح اليوم التالي الى تقاطع الطرق لأنتظار سيارة البريد , التي تمر في المنطقة ثلاث مرات في الأسبوع , وفيما كانت تنتظر السيارة شاهدت حصانا يعدو نحوها بسرعة هائلة مخلفا وراءه عاصفة من الغبار , وما هي الا لحظات وجيزة , حتى توقف الجواد قربها وسألتها راكبته الشابة بأنفعال:
" هل أنت الممرضة:
"نعم".
" تعالي معي بسرعة من فضلك, فأختي بحاجة لعناية فورية ".
" أخبريني بسرعة وايجاز عن مشكلة أختك , وكم يبعد بيتكما من هنا".
" أنه على بعد حوالي خمسة كيلومترات , أختي أسمها ليلي, وزوجها سام داوت يعمل لدى السيد ميلوارد . ليلي حامل , وأعتقد أنها ستضع مولودها بين لحظة وأخرى , أسمي جورجيا ماسترز".
" ألا يوجد طبيب في...".
قاطعتها جورجيا بعصبية وخوف شديدين:
" أتصلت به فلم أجده في عيادته , لأنه يعالج أحد المرضى في منطقة بعيدة , تركت له خبرا مع خادمه , تعالي معي , أرجوك!".
ركبت تيريزا وراء الفتاة , بعد أطمئنانها بسرعة لوجود المواد الطبية الأولية , وخلال دقائق معدودة , وصلت الشابتان الى منزل داوت , نظرت تيريزا الى ليلي , فعلمت فورا أنها ستضع مولودها بين لحظة وأخرى , ابتسمت لها مشجعة , وقالت:
" أنا تيريزا ستانتون, وسوف أساعدك قدر أستطاعتي لتكون الولادة طبيعية وسهلة".
فتحت صندوق الأسعافات الأولية , فوجدت فيه معظم الأشياء الضرورية , طلبت من جورجيا أحضار بعض الأمور الأخرى , وبدأت تعد نفسها لمساعدة ليلي , دخل رجل طويل القامة وخلع قبعته بيدين مرتجفتين , ثم قال:
" أنا سام داوت , أيتها الممرضة , لا أعرف كيف أعبر لك عن أمتناني , ليلي ... هل هي ... هل هذا هو وقت...".
" نعم , يا سيد داوت , ولا داع أبدا للقلق , كل شيء على ما يرام, أطلب من جورجيا أن ترتدي ثيابا نظيفة وتغسل يديها جيدا , فلربما أحتجت لمساعدتها".
أنهمكت تيريزا في عملها , وكانت جورجيا تنفذ كافة تعليماته وأوامرها بطريقة تثير الأعجاب.
وعندما رفعت رأسها لدى سماعها صوت سيارة في الخارج , هزت جورجيا رأسها نفيا وقالت:
" لا , أنها ليست سيارة الطبيب".
وفي أثناء ذلك , كان سام يسير في الغرفة الصغيرة وقد بدا عليه الأنفعال والتأثر , ولما سمع بعد فترة وجيزة صراخ المولود الجديد , فتح فمه وعينيه مصعوقا وهمّ بالهجوم على الغرفة الأخرى , أوقفه سكوت , الذي وصل قبل قليل , قائلا بلهجة عادية:
" أجلس , أيها العزيز , سيستدعونك عندما يحين الوقت لذلك ".
ثم وضع يده على كتف الوالد المتوتر الأعصاب , وأضاف ضاحكا:
"مبروك , لا شك في أنه صبي عصبي المزاج مثلك".
دخلت جورجيا في تلك الآونة , وقالت بفرح ظاهر:
" سام, أنه صبي رائع , ليلي بخير , ولكن الآنسة تطلب منك التربث قليلا لأنهاء بعض الأعمال الضرورية والهامة , يا لها من ممرضة عظيمة , تعرف بالضبط ماذا تفعل! وتصور أنها سمحت لي بمساعدتها ! أكاد أطير من السرور والسعادة !".
نادتها تيريزا , فلبت النداء بدون تردد , وبعد بضع دقائق , أطلت من الباب وطلبت من صهرها الدخول لرؤية أبنه وزوجته , جففت الممرضة العرق المتصبب من جبينها ووجهها , ثم توجهت الى المطبخ , أستدار نحوها الرجل الذي كان واقفا قرب النافذة , وسألها بصوت ناعم حنون:
" هل كل شيء على ما يرام , أيتها الممرضة ؟".
" أوه , أفزعتني يا سكوت ! نعم , كانت ولادة طبيعية جدا والحمد لله , كدت أصاب في وقت من الأوقات بنوبة قلبية , عندما رفضت ليلي أطاعة بعض التعليمات , متى وصلت؟ أوه , كم أشعر بالعطش !".
حملها سكوت بسرعة , ثم أجلسها على كرسي وقال:
" أجلسي , أيتها الحبيبة , وسأقدم لك فورا فنجانا من القهوة ".
وفيما كانت تأخذ الفنجان من يديه , لاحظت أنه يتأمل رأسها وشعرها المعقود فوقه , وسألته باسمة عمّا به , فقال لها ضاحكا وهو يحل تلك العقدة الكبيرة:
" تبدين كمعلمة قاسية متعجرفة , آه , هكذا أفضل! شعرك كالحرير , يا تيريزا , مليندا على حق , فهو فعلا كشعاع الشمس ".
وصل الطبيب هيو لاسينغ في تلك الآونة , وحيا سكوت قائلا:
" مرحبا , سا سكوت , كيف حال ليلي الآن؟ هل خدعها الجنين مرة أخرى ؟ لا يزال أمامها أربعة عشر يوما ...".
وضع حقيبته على الطاولة , ثم تأمل تيريزا لفترة طويلة وصفّر أعجابا بجمال وجهها و بقوامها , وعندما بدا أن سكوت لن يعرّفه عليها , مضى الى القول:
"ماذا يجري هنا؟ أبلغني الخادم بضرورة الأسراع الى منزل سام ".
رفع نظره عنها بصعوبة عندما سمع صوت مياه تغلي , فأبتسم وقال:
" عظيم , يبدو أن شخصا ما أعد بعض الأمور..".
وقفت تيريزا أمامه كممرضة محترفة , وقالت:
"أسعدت صباحا , أسمي تيريزا ستانتون , هل تريد معاينة السيدة دوات؟".
تبعها الطبيب الى الغرفة , ففوجىء بالوالدين السعيدين يحملان الطفل النائم , أشارت الى سام ليخرج من الغرفة , وقالت للطبيب بلهجة هادئة مهذبة :
" كانت حالة أضطرارية , يا سيدي , أناممرضة وقمت بواجبي المهني والأنساني , بعدما تأكد لي غيابك عن القرية , أتصور أن كل شيء على ما يرام".
فحص الطبيب الأم وأبنها , ثم قال لتيريزا :
" عظيم , عظيم , عملك رائع , يا آنسة , هل من مضاعفات؟".
" لا توجد أي مضاعفات على الأطلاق ".
" تيريزا ستانتون ‍ أوه , ألست الشابة التي تزور دان وماري رورك ؟ هل أنت في أجازة؟".
" لا , فقد أستقلت من عملي".
" لماذا؟ لأسباب شخصية أو لأخرى تتعلق بالوظيفة؟".
" لأسباب شخصية , ولكن أسمي لا يزال موجودا في السجلات الرسمية للمرضات".
" هل تنوين ممارسة التمريض هنا أو في العاصمة؟".
" ربما في وقت لاحق , لأنني سأعمل أبتداء من يوم الأحد المقبل لدى السيد ميلوارد كممرضة ومرافقة لأبنته مليندا ".
" أوه ! ليلي , كل شيء على ما يرام , كنت محظوظة جدا لوجود الممرضة ستانتون في مكان قريب . سأراك غدا , أن شاء الله, لو لم تكن أختك كالشبان , لكان بأمكانها مساعدتك في رعاية الطفل , سأتحدث مع سام في هذا الأمر".
هنأ ليل بالمولود الجديد , ثم أعطاها بعض النصائح الطبية وغادر الغرفة على عجل , تبعته تيريزا الى المطبخ , حيث كان سكوت وسام وجورجيا لا يزالون هناك, وضعت يدها على ذراعه , وقالت له:
" جورجيا فتاة قديرة جدا , أيها الطبيب , وأنا ممتنة جدا للمساعدة القيّمة التي قدّمتها لي , هذه كلمة حق لا بد لي من الأدلاء بها أمام الجميع".
رفعت جورجيا رأسها بحدة نحو هيو لاسينغ , وقالت بعصبية بالغة قبل أن تخرج بسرعة وتغلق الباب وراءها بعنف ظاهر:
" كان بأبمكان أي أنسان بسيط غبي القيام بما قمت به , فلا تتعب نفسك بتوجيه كلمات الثنلء!".
" أوه! متى ستبح هذه الصغيرة ناضجة وراشدة؟".
رد عليه سكوت قائلا:
" أنها في التاسعة عشرة من عمرها , يا هيو , وهي تزداد جمالا يوما بعد يوم".
" حقا؟ حسنا, يا سكوت , سوف أتتذكر ذلك , سام , تمنياتي الحارة لك ولعائلتك , آنسة ستانتون , شكرا لك على مساعدتك القيمة لنا , هل أنت متأكدة من أنك لن تعيدي النظر في مسألة العودة الى مهنة التمريض؟ نحن هنا بحاجة ماسة الى الممرضات والمؤهلات التي شاهدت نتائجها قبل قليل تثبت...".
" شكرا, ولكنني مرتاحة الآن الى وضعي الحالي , أما بالنسبة الى السيدة داوت , فأنا مستعد لمساعدتها صباح كل يوم حتى السبت ... أذا كنت ترغب في ذلك".
تأملها طويلا , فأحمرت وجنتاها خجلا , ثم قال:
"أسمي هيو ... هيو لاسينغ , وسوف أكون بالتأكيد سعيدا جدا أذا قمت بهذه المهمة وخففت عني بعض المهام والواجبات , الى اللقاء جميعا".
توجه الطبيب نحو الباب , ثم أستدار نحو سكوت وقال له :
" يا لك من رجل سعيد الحظ!". منتديات ليلاس
ودّعت تيريزا الأم السعيدة , وقالت لها أنها ستزورها صباح اليوم التالي , وعندما خرجت الى الحديقة , كان سكوت وسام يتحدثان معا , فيما لم يظهر أي أثر لجورجيا , قررت العودة الى منزل صديقتها سيرا على الأقدام , فسألها سكوت:
" أين حصانك , يا تيريزا , كي يعيده سام في وقت لاحق ؟ سأوصلك بسيارتي".
" ليس لديّ أي حصان هنا".
| أذن كيف أتيت الى هنا ؟ هل مشيت هذه المسافة الطويلة ؟".
ضحكت تيريزا وقالت للرجلين أن شخصا أختطفها , وبعد أن روت لهما ما حل معها , أنهت قصتها بالقول:
" تركت قبعتي على ذلك المقعد ,وعليه فأن ماري ستفكر بأحد أمرين... أما أنني هربت مع سائق سيارة البريد , وأما أن أحد الأسود تناول فطورا شهيا".
ضحك سكوت من أعماق قلبه, وقال:
" يتحتم عليّ الآن أعادة أختطافك لكي نريح أعصاب تلك السيدة المسكينة ".
شكرها سام وهي تصعد الى السيارة لتجلس في المقعد الأمامي , فيما توجه سكوت الى الجهة الأخرى وجلس وراء المقود , وما هي الا لحظات وجيزة , حتى كانت سيارته تنطلق بسرعة جنونية , قالت له تيريزا بلهجة جافة الى حد ما:
" لست مستعجلة الى هذه الدرجة , يا سكوت , هل من الضروري أن أموت بحادث سيارة , لأنني نجوت من الوقوع عن حصانك المجنون في المرة الماضية؟".
" آسف , يا فتاة , ها قد عدت الى الأعتذار ثانية!".
ابتسمت بهدوء , ثم أغمضت عينيها وقالت:
" لم يكن الأعتذار يوما جريمة نكراء , أيها الرجل العزيز , أنه دليل على التهذيب والأخلاق الرفيعة".
ذهبت تيريزا كعادتها صباح اليوم الثالث لمساعدة ليلي , فوجدت الأم وطفلها بحالة جيدة... والوالد السعيد يختال كالطاووس ويكاد يطير فرحا وسعادة , ولكنها لاحظت أن جورجيا تتفاداها الى درجة كبيرة, وتختفي من البيت كلما حضر هيو لاسينغ ل؟لأطمئنان على الطفل وأمه , لماذا تتصرف على هذا النحو , ولماذا لا تهتم بنفسها؟ أنها جميلة وجذابة , ولكنها لا تكترث أطلاقا بأناقتها ومنظرها , قررت تيريزا أن تباحثها بالأمر , حتى ولو أضطرت للتكلم معها بلهجة قاسية , وعندما واجهتها بجملة أقتراحات ونصائح تهدف الى أظهار أنوثتها , أحنجت جورجيا في بادىء الأمر ثم رضخت ... حتى لمسألة قص شعرها , قائلة:
" يمكنك قص شعري بكامله اذا أردت ,, فلم أعد مهتمة بشيء , في أي حال , لن يلاحظ أحد هذه التغيرات التي تتحدثين عنها".
" هل تشيؤين الى شخص معين؟".
" بالطبع لا , لا!".
" أخبرتني عصفورة صغيرة أن شخصا ما يعمل في الحقل الطبي , سوف يلاحظ بالتأكيد أي تغييرات".
رمت جورجيا الفرشاة التي كانت تحملها , وقاطعتها قائلة بحدة:
" لا تكوني سخيفة! أنا بالنسبة لذلك الرجل طفلة صغيرة بحاجة الى مربية!".
توجهت بسرعة نحو البيت , ولكنها أستدارت فجأة نحو تيريزا وقالت باسمة:
"أشكرك على أهتمامك بي, أيتها العزيزة , سأحضر غدا لمساعدتك في أعداد الستائر ".
تنهدت تيريزا بأرتياح بالغ, وخاصة ؟لأن الفتاة فهمت فورا أشارتها الى هيو لاسينغ , سوف تفرض على سكوت أحضار جورجيا معهما الى الحفلة , رضي بذلك أم لا , وستقنع الطبيب الشاب أثناء السهرة بالأنضمام الى طاولتهم.
عادت الى منزل صديقتها , وهي تفكر بطريقة لحمل جورجيا على أرتداء فستان عوضا عن قميص وسروال , طلبت المساعدة من ماري , فحظيت بموافقة فورية , وفيما كانت جورجيا تساعدها في اليوم التالي , أخرجت تيريزا من خزانتها فستانا من الحرير الصافي, وقدمته اليها قائلة:
" سوف أكون سعيدة للغاية , أيتها الحبيبة , لو قبلت هذا الفستان ... كهدية على عيد ميلادك , سوف يبرز فتنتك وأنوثتك الى درجة كبيرة".
تأملت جورجيا الفستان البرتقالي اللون بأعجاب بالغ وقالت:
" أوه , يا له من ثوب رائع! لو أرتدته أبسط وأقبح فتاة في العالم, لبدت فيه جميلة جذابة!لا , لا يمكنني قبوله! وبالمناسبة , فعيد ميلادي لن يحل قبل أربعة أشهر من الآن , أنت تفعلين ذلك أنك...".
" لأنني أريدك أن تقبليه مني بالروح ذاتها التي أقدمه بها, أي بكل سرور ومحبة".
دخل سكوت في تلك اللحظة , فوقع نظره أولا على جورجيا وهي تتأمل نفسها في المرآة , قال لها بصوت ينم عن أعجاب حقيقي:
" جورجيا , أيتها العزيزة! سوف تبدين رائعة الجمال داخل هذا الثوب!".
تدخلت تيريزا على الفور , وقالت له:
" أوه , سكوت , كم أنا مسرورة لوصولك في الوقت المناسب للتأكد من تنفيذ أتفاقنا بالنسبة للحفلة, من المؤكد أنك دعوت جورجيا للأنضمام الينا , أليس كذلك؟".
ثم ألتفتت بسرعة نحو الفتاة المذهولة , وقالت:
" أن لم يكن وجه لك الدعوة بعد , فسوف ... سوف ...! أوه , كنت سعيدة جدا عندما أقترح سكوت ذلك , لأنني ... لا أعرف مليندا ... جيدا".
نظرت ثانية الى سكوت , وسألته بلهجة تحمل في طياتها الوعيدوالتهديد:
" هل دعوتها أو لا , سكوت ميلوارد؟".
وضع سكوت يده على قلبه , وقال لها بصوت يجمع بين الجد والمزاح:
" تجرحين قلبي ومشاعري بهذا التشكك , الذي لا ضرورة له أطلاقا , كنت ألاحق هذه الشابة الجذابة من مكان الى آخر لأوجه اليها دعوتي المتواضعة , ولكنني لم أجدها الا الآن , تقبلي دعوتي , يا آنستي الجميلة , قبل أن تنفذ تيريزا أنذارها ".
أعجبها كثيرا رد فعله الأيجابي , فأبتسمت وقالت:
"آه منكم , يا معشر الرجال! ألم يكن من الأسهل لك أرسال الدعوة بواسطة سام".
ودعهن سكوت بتهذيب مبالغ فيه , وسار نحو الباب , قالت تيريزا لماري وجورجيا , المنهمكتين في العمل , أنها سترافق الضيف العزيز الى سيارته , وما أن أصبحا خارج الباب , حتى وجه اليها نظرة ساخرة وقال بتهكم واضح:
" ألا تعرفين مليندا جيدا , أيتها العزيزة ؟ أم أنك يا ترى خائفة من والدها , وأردت وجود جورجيا معك ... للحماية؟".
" أنت تعرف جيدا أن الدعوة كانت أبنة ساعتها , أنا لست خائفة أطلاقا من مليندا أو والدها , ولكنني أسعى لحمل جورجيا على مخالطة الناس, هل تعتقد أن هيو لاسينغ سيحضر الحفلة؟".
" أوه , هذا هو السبب أذن ! وزّعت الأدوار بطريقة ذكية جدا... فأنت صانعة الزيجات , والطبيب الشاب هو الهدف , وأنا الوسيط الذي سيدعوه للأنضمام الينا! ولكن , أليس من المعقول أيضا أنك تحضرين جورجيا لكي أتلهى بها عما يجري حولي؟".
لم تحاول تيريزا الأعتراض على أشارته الى أحتمال أهتمامها بالطبيب وقالت له:
" أنصحك بألا تحاول اللعب معها طالما أنها في عهدتي , في أي حال , أعتقد أنها معجبة به... مع أنه يعاملها كطفلة صغيرة".
" لماذا تريدين مطالبة هية بأعتبار جورجيا شابة , والأصرار عليّ أنا بالأبتعاد عنها كأنها طفلة صغيرة؟ كم تشعرني كلماتك هذه بأنني من مخلفات الماضي!".
ثم أضاف بلهجة تتسم بالمرارة والأسى:
" أنت وأنا نناسب بعضنا جيدا , من حيث القلوب المحطمة والنفوس المعذبة ... والحب الذي لا يدوم طويلا".
" لا يا عزيزي السيد ميلوارد , فالحب الحقيقي لا يزول بسرعة ".
ثم هبّت واقفة , وأضافت قائلة:
"سأذهب الآن للأهتمام بشعر جورجيا , وأراهنك منذ هذه اللحظة أن جميع الرجال الذين سيحضرون حفلة السبت , بمن فيهم العجائز مثلك , سوف يذوبون أمامها ,شكرا على قبولك الدعوة التي فرضتها عليك , كنت رائعا

أخذ دان زوجته وأبنته في وقت مبكر من مساء السبت , لأنه عضو في اللجنة المشرفة على تلك الحفلة السنوية , وظلت تيريزا وحدها في البيت ... بأنتظار سكوت وجورجيا.
تأخّر مديرها الجديد كثيرا , وأكتفى عند وصوله بألقاء تحية عادية جدا , أحسّت بخيبة أمل لا مبرر لها , عندما لم يشر من قريب أو بعيد الى جمالها وأناقتها , ردت التحية بلهجة مماثلة , فيم أمسك بذراعها وسار وأياها نحو السيارة , نزلت جورجيا من الباب الأمامي , فأبتسمت تيريزا بأرتياح بالغ , وقالت:
" جورجيا , أنك رائعة , أليست كذلك , يا سكوت؟".
" بطريقة مذهلة , وخلابة , ولا تصدق!".
ألقت جورجيا نفسها على المقعد الخلفي , وكأنها تقفز الى ظهر حصانها , وما أن همت تيريزا بالجلوس مكانها , حتى سمعت صوتا ناعما يسألها :
" تيريزا , هل سترقصين مع أبي؟".
" مرحبا يا مليندا , أوه , يا له من فستان جميل!".
" هل سترقصين معه في الحفلة؟".
" نعم , سأفعل ذلك , أذا دعاني الى الرقص بطريقة مهذبة ".
" وهل ستددعوها بطريقة مهذبة , يا أبي؟".
" نعم, يا حبيبتي , أجلسي الآن بالشكل المناسب , كيلا يضرب رأسك بالمقعد الأمامي".
" أذا كنت تشعر بأي صداع , يا أبي , فسوف تقبلك تيريزا لأراحتك من الألم , ستكون أنفع لأنها ممرضة".
" أنا بخير يا ملاكي , ولكنني مستعد تماما لتحمل أي أوجاع أذا وافقت تيريزا على معالجتي وفقا لطريقتك المفضلة".
" يا لك من رجل يحب الغنج والدلال, أنك تشبه تيوثي!".
ألتفت سكوت نحو تيريزا باسما, وقال:
" تيموثي هو هرها المدلل!".
ثم ضحك , وأضاف قائلا:
" بعيدا عن أحاديث الأوجاع والوسائل الحديثة لمعالجتها , أريد الأعتذار منك على هذا التأخير المزعج , أضطررت في آخر لحظة لمساعدة بقرة حامل لم يعجبها الأنتظار حتى الصباح , أنت ممرضة وتعرفين كم تطول بعض هذه الحالات الطارئة".
أستقبلهم دان بمرحه المعتاد , وطلب من تيريزا على الفور مرافقته في جولة للتعرف على أصدقاء العائلة, بدا الخوف على وجه جورجيا وهمّت بالأنسحاب , ولكن سكوت وضع ذراعه على كتفها ومنعها من ذلك, ولما عادت تيريزا بعد حوالي ربع ساعة , لاحظت أن سكوت لا يزال واضعا ذراعه على كتف جورجيا ... التي كانت عيناها تلمعان بهجة وسرورا , هل هي سعيدة بنظرات الأعجاب الشديد من هذين الشابين الوسيمين الواقفين قربها , أم بالذراع القوية التي تطوقها؟ أرتعش جسمها بعصبية عندما خطرت هذه الفكرة على بالها.
ولكنها سرعان ما طردتها من رأسها , بمجرد رؤيتها هيو لاسينغ يقترب منهم , آه , ها هو الآن في طريقه الى عروس المستقبل ! ولكنه حيا سكوت وجورجيا بشكل عابر , ثم أمسك بيدها وقال بحماس ظاهر:
" آنسة ستانتون , كم أنا مسرور بمشاهدتك! أنها حقا لمعجزة! هل أحضرتها أنت , يا سكوت؟".
ثم وجه أبتسامته العريضة نحو جورجيا , وقال :
" مرحبا, أيتها الشقية الصغيرة, من أرغمك على الحضور الى هذه الحفلة؟ لا شك في أنه شخص لا يعير حياته أي أهتمام حقيقي! ".
شعرت تيريزا برغبة قوية لتوجيه صفعة الى وجهه اللعين , توقظه من سباته وتفتح عينيه على جمال جورجيا وجاذبيتها , سحبت يدها من يده بسرعة عندما أنتبهت الى نظرات سكوت القاسية , وسمعته يقول:
" يسعدني الليلة أن أرافق ثلاثا من أجمل حسناوات هذه المنطقة وأكثرهن رقة ونعومة".
أنقذت مليندا الموقف في تلك ألاونة , بهجومها على طبيبها الحبيب... الذي حملها بمحبة وحنان وأثنى على فستانها الجميل , تألمت جورجيا كثيرا, لأنها كانت الوحيدة التي لم يوجه اليها هيو أي كلمة أعجاب أو أطراء , حاولت الأبتعاد , ولكن سكوت ضغط على كتفها ومنعها من التحرك , أبتسم هيو , وقال له:
" آمل في ألا تكون أنانيا وتصر على الأنفراد بهن وحدك , فحتى أنت , أيها العاشق الكبير , لن تتمكن من الأهتمام بهن بدون مساعدة , وبما أنك أخترت على ما يبدو الآنسة الواقفة قربك, فأنني أرى لزاما علي! ... لا بل من دواعي سروري وبهجتي... الأهتمام بالآنسة ستانتون".
ثم أحنى رأسه أمامها , ومد ذراعه قائلا:
"هل أتشرف بمرافقتك , يا تيريزا؟".
نظرت الى سكوت مناشدة أياه الأعتراض أو الأحتجاج , ولكنه لم يهب لمساعدتها كما توقعت... أو بالأحرى تمنت, وللمرة الثانية خلال دقائق معدودة , أرادت أن تصفع رجلا, لماذا لا يرفع ذراعه عن كتف جورجيا ؟ لماذا يريد أفساد خطتها الرامية الى الجمه بين هذه الفتاة والطبيب الذي يعجبها؟ سارت مع هيو نحو المائدة الطويلة , وهي تقول لنفسها أنها ستعيد الأمور الى نصابها قبل أنتهاء السهرة , نعم , ستفعل ذلك قبل العودة الى البيت.
" جورجيا فتاة جذابة للغاية , يا هيو , ألا تعتقد أنها تبدو الليلة ذروة في الجمال والروعة؟".
" لا بأس بها أطلاقا , وأقر بأنني فوجئت بهذا التحول الكبير, أنت أيضا , أيتها الحبيبة , تبدين رائعة الجمال".
تعمدت تيريزا تجاهل الشق الثاني من جملته ,وسألته دون تردد :
" لماذا أذن لم تقل لها ذلك؟".
" وهل كان مفترضا بي أغراقها بكلمات الأعجاب؟".
" لا , ولكن القليل من الأطراء يفرح قلوب الفتيات ... وقد نلت ومليندا القسط الوافر منه أمام عينيها".
" تثنين على تصرفي معك, وتنتقدين موقفي منها! في أي حال , يبدو أن سكوت يقوم بهذه المهمة على خير وجه , هل تعتقدين أنهما على وشك أقامة علاقة غرامية؟".
" لا تكن سخيفا , يا هيو, لو أراد سكوت أقامة مثل هذه العلاقة مع جورجيا , لفعل ذلك منذ زمن بعيد, كل ما في الأمر أنها خائفة بعض الشيء من السهرات والساهرين , وتشعر بحاجة ماسة لمن يرافقها ويشجعها".
" أعتقد أنني فهمت الآن سبب أختفائها المتكرر , و...".
قاطعته تيريزا بحدة وأنفعال قويين , وهي تعجب لهذا الأندفاع في الدفاع عن سكوت:
"هذا كلام رخيص وخسيس , يا هيو لاسينغ ! تذكّر أن سكوت متزوج ... كان متزوجا , وأنه حسبما أرى ليس من ذلك النوع الذي...".
" أوه , تيريزا ! آسف! لم أقل هذا الكلام الا لأغاظتك , لأنك تكونين جميلة جدا عندما تغضبين , ثم... لماذا نزعج أنفسنا بالتحدث عن سكوت وجورجيا ؟ لماذا لا نتحدث عن يعضنا ... ثم نأكل , ونرقص معا طوال الليل؟".
شعرت تيريزا بوجود شخص وراءها , فتأكد لها على الفور أنه سكوت ميلوارد , وضع يده على كتفها , وقال :
" تبعث لك ماري بأحر تحياتها , وتدعوك الى العشاء".
أرتعش جسمها بسبب ملامسته لها, وأستدارت نحوه بسرعة وكأن قوة غامضة جذبتها بعنف لا يقاوم , كانت عيناه تقدحان شررا, وشفتاه تفتران عن أبتسامة غاضبة, نظر الى الطبيب , وقال له بهدوء يشبه النار تحت الرماد .
" أنت مدعو للأنضمام الينا, يا هيو , هيا, يا تيريزا! وأمسكي ذراعي كيلا تقعي ... مع أنني متأكد من أستعداد الطبيب المتفاني لمعاينتك أذا وقعت وكسرت ساقك مثلا , لا سمح الله".
ضحك هيو وقال له:
" أرح أعصابك , ي سكوت , فلن أحاول أختطاف هذه الشابة الجميلة منك ... مع أنني أحب ذلك كثيرا , ثم ... ألم تقدم لي مساعدة لا تنسى بالنسبة للسيدة داوت , وقد أحتاج الى مساعدتها مستقبلا؟".
رحبت بهم ماري وأجلست هيو قرب جورجيا , فيما جلس سكوت بين أبنته ومربيتها الجديدة .
لاحظت تيريزا أن دان وماري رورك وسكوت ميلوارد يحظون بشعبية قوية في تلك المنطقة , وأن طاولتهم تجذب معظم الساهرين ... وخاصة لوجود صبيتين جميلتين غير مرتبطتين بأحد.
كان سكوت يهتم بها شخصيا , ولكن بطريقة رسمية جدا تتعارض الى درجة كبيرة مع تصرفاته الطبيعية الى أبعد الحدود مع الآخرين.
ذهبت مع صديقتها بعد العشاء الى الغرفة المخصصة للحضانة, وأطمأنتا الى وجود جانيس ومليندا , ومع بعض الأطفال الآخرين , تحت أشراف ثلاث سيدات مسنات تبرعن للأهتمام بالصغار ورعايتهم طوال فترة الحفلة , ولما عادتا , لاحظت تيريزا بأرتياح أن هيو يراقص جورجيا... التي بدت في ذروة السعادة , وقف سكوت ودان , والرجال الثلاثة الذين كانوا معهم , تأدبا وأحتراما , أخذ دان زوجته فورا الى حلبة الرقص , فأعتذر الرجال من سكوت وتيريزا وتركوهما منفردين , قدم لها سيكارة , فأخذتها منه بيد مرتجفة , وبعد فترة طويلة من الصمت ومراقبة الراقصين , قال لها سكوت:
"أعتقد أن علينا الأنضمام الى الآخرين , هل أنت مستعدة؟".
وقفت بتردد , فما كان منه الا أن أمسك بذراعها وضغط عليها قائلا بحدة:
" تذكري , يا آنسة ستانتون , أنني عندما أدعو شابة للخروج معي فلا أتوقع منها أن تختفي مع رجل آخر بمجرد وصولنا , واضح؟".
" لا أذكر أبدا أنك دعوتني الى هذه الحفلة , بل قلت لي أن عليّ مرافقتك اليها , كذلك فمن المحتمل أن الأهتمام الشديد الذي أبديته أتجاه جورجيا , حمل هيو على الأعتقاد بأنني لست مرتبطة بك... وهذا هو الواقع , في أي حال".
" أنت مرتبطة بي هذه الليلة , وأريدك أن تتذكري ذلك جيدا , أعلمي أيضا أن أساليبك الملتوية للجمع بين هيو وجورجيا سوف ترتد عليك, لأن الرجل على ما يبدو مهتم بشابة أخرى , ألا تعرفين أنك عندما توجهين مثل هذه النظرات المغرية والمثيرة نحو رجل , فأنه ينسى بقية العالم حوله؟".
" وهل هذا هو شعورك انت أيضا؟".
اللعنة ! كان تلهفها لمعرفة الجواب أسرع من عقلها وفكيرها! توقف سكوت فجأة وتأملها بعض الوقت , قبل أن يقول لها بصوت لم يحمل في طياته أي غضب أو أنفعال.
" المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين , وعليه , يمكنك التأكد من الآن من أنني لن أنسى العالم وجماله لأجل عينين تضجان غنجا وأغراء... وخاصة مثل هاتين العينين اللتين أكتشف خطيبك السابق أنهما لا تستحقان الثقة والأخلاص , هكذا حدث معي عندما...".
" هل تحكم على غالبية الناس , يا سيد ميلوارد , نتيجة خبرتك مع الأقلية؟ وماذا تعرف عن شؤوني الخاصة , يا رجل؟".
تحولت قساوته فجأة الى رقة وحنان وقال لها بلهجة صادقة:
" أعذريني يا تيريزا , بحق السماء , كلامك صحيح تماما بالنسبة للأمرين معا , أرجو قبول أعتذاري المخلص عن هذا التصرف غير اللآئق أبدا والذي ظهر مني".
" أعتذارك مقبول , يا سكوت , لكن ... لا تتسرع مستقبلا في أصدار أحكام على ضحاياك قبل الأستماع الى وجهات نظر المدعي عليهم".

" أنا حقا آسف , يا تيريزا . ربما أردت يوما ما أطلاعي على معضلتك وأسبابها , فكشف المشاعر في كثير من الأوقات يخفف الى حد بعيد من عذاب النفس وآلامها".
تنهدت تيريزا وقالت له بلهجة ناعمة:
" تتحدث بحكمة لا تطبقها على نفسك , يا سكوت, فلو قمت يوما بما أقترحته عليّ الآن , لأكتشفت أن هذه المرارة التي تكاد تحرق قلبك وعواطفك سوف تذهب مع الريح ... والى الأبد".
لم يعلق على أقتراحها بشيء, ولكنه قال لها عندما دخلا قاعة الرقص:
" لنضع أحزاننا جانبا ونتمتع بوقتنا قدر الأمكان , بين ذراعي الآن فتاة جميلة , والليلة منيرة ساحرة , والموسيقى حالمة , وأنا أرغب في القضاء على الذكريات المؤلمة , هل تضعين يدك في يدي لتحقيق ذلك, يا تيريزا؟".
" بكل سرور".
أعجبها أسلوبه في الرقص , وشعرت بكثير من الأرتياح بين ذراعيه , وبعد مضي فترة من السهرة , يدأت تيريزا تحس بأقترابه منها قبل سماع صوته , أذهلها هذا الأحساس وأفزعتها هذه المشاعر , ولكنها قررت التمتع بوقتها الى أقصى حد , راقصها هيو مرات عديدة , في حين أن سكوت لم يراقص أحدا غيرها , أما جورجيا , فكانت تتنقل بسرور ... وحياء من شاب الى آخر , توقفت الموسيقى فجأة لكي يرتاح أعضاء الفرقة بضع دقائق , فأقترب سكوت من تيريزا وهيو قائلا:
"حان الوقت للخروج الى الحديقة وتنشق الهواء النظيف , يكاد الدخان هنا يعمي الأبصار , تفضل معنا يا هيو".

وفي الخارج , التفت الطبيب الشاب نحو تيريزا وقال:
" هل تعرفين أن الصغيرة جورجيا غريبة الأطوار ؟ تعبت كثيرا لأحملها على الكلام...".
" أنها خجولة جدا , يا هيو , وتحاول أخفاء ذلك بالتظاهر بالجدية وعدم الأهتمام , ثم... أريدك أن تتوقف عن وصفها بالفتاة الصغيرة , فهي شابة صبية وأنت لا تكبرها الا بخمس سنوات, أيها الطبيب العجوز!".
" آه , أنت على حق, فتلك الجدية المصطنعة ذابت الى درجة كبيرة عندما حدّثتها عن الطبابة والتمريض , ولكنني لا أتصور أنها...".
" دع التصور لها, يا هيو, كانت مساعدتها لي أثناء ولادة ليلي قيّمة جدا , وأعتقد أن تصرفاتها التي تسمونها صبيانية تخفي وراءها طبيعة عاقلة وحساسة..".
قاطعها سكوت, قائلا بصوت ناعم ساخر:
" المحللة النفسية القديرة!".
لم تأبه بملاحظته , بل مضت الى القول بلهجة قوية:
" كنت سأحدثك عن مؤهلاتها المحتملة في هذا المجال , أما أذا قررت عدم التخلي عن مواقفك المتكبرة والسخيفة بالنسبة الى سنها, فأنني سأبحث لها عن عمل في مكان آخر".
ابتسم سكوت , وقال لجاره المذهول :
" أحذرك , أيها الطبيب العزيز , من الوقوع في شرك تنصبه لك جارتنا الجميلة ... ذات الكلام المعسول".
" لا تسمع كلامه , يا هيو , قل لي بربك , هل تبدو جورجيا الليلة كأحد الشبان... كما يحلو لك وصفها؟ تأملها بدقة وعناية , ولاحظ كيف يحيط بها شبان من خيرة أبناء المنطقة... ويعتبرونها قمة في الجمال ... والأنوثة , ولكن عجوزا مثلك لا...".
" أنا لست عجوزا و...".
" أذن فسوف تطلب منها بطريقة مهذبة تليق بالراشدين أمثالك أن تعمل كمساعدة لك, ستدفع لها جيدا وتعاملها كشابة تستحق هذه الوظيفة , هل ستفعل ذلك , أيها الطبيب؟".
تردد هيو لحظة , ثم قال لها بصوت هامس تقريبا:
" أذا كنت توصين بذلك, أيتها الممرضة".
" من صميم قلبي, شكرا لك, هيو , وأؤكد لك بأنك لن تندم على هذه الخطوة".
هم هيو بالذهاب , وهو يتمتم بعض كلمات تيريزا عن العمل والمعاملة , سألته عما أذا أتى الى الحفلة بمفرده , وعندما رد عليها بالأيجاب , قالت له:
"أذن , فأنا واثقة من أنك قادر على أيصال الآنسة ماسترز الى بيتها , ستحتاج مليندا الى المقعد الخلفي لتنام في طريق العودة , وسيكون سكوت ممتنا لك...".
" أوه , نعم , يا هيو , شكرا".
" بكل سرور , ولكن... بما أن منزل جورجيا قريب من منزلك , يا سكوت , فما رأيك لو أخذتها أنت في حين ...! لا, لا ... سأذهب الى قدري! الى اللقاء".
ابتسمت تيريزا بأرتياح بالغ, ورددت كلمة قدر مرات عديدة , ضحك سكوت , وسألها بنعومة ما أذا أشتركت كثيرا في السابق بمثل هذه الألعاب التي تتعلق بحياة الأنسان ومصيره".
" أنها المرة الأولى, يا سكوت".
" ولكن , ألا تعتقدين أنك على عجلة من أمرك؟ أليس ممكنا أن يبتعد هيو عنها ... نهائيا؟".
" أضرب حديدا حاميا , أذا أعطينا جورجيا فترة للتفكير , فسوف تخاف وتتراجع الى قوقعتها , سيتمكن هيو الآن من وضع حد لذلك, بدعوتها للعمل معه, وعليه , فلن تتصور أبدا أن الغرام سيكون جزءا لا يتجزأ من هذه الصفقة".
أوصلها سكوت الى منزل صديقتها , فقالت له:
" أمضيت سهرة رائعة جدا , يا سكوت , والفضل عائد لك , شكرا".
" هذا من دواعي سروري , يا آنستي العزيزة".
أمسك بيدها وأقترب منها كثيرا , فشعرت بوجود صراع قوي يتفاعل في أعماقه , هل يريد عناقها ؟ أغمضت عينيها وأعدت نفسها لذلك , ولكن لحظات طويلة مرت لم تسمع خلالها سوى دقات قلبها , نظرت اليه , فرأته يبتسم ثم يقول:
" كان من الممكن جدا أن تكون سهرة ممتعة , ولكن ... لنترك الأمور الى وقت آخر , أريد فقط التأكد من حضورك غدا ".
" لا تطلق العنان لخيالك وتصوراتك , يا سكوت ميلوارد , كنت ستصاب بخيبة ؟أمل شديدة , فيما لو مضيت في خطوة توقعتها ... سهلة".
نزل من السيارة وأستدار حولها ليفتح الباب الآخر , هل يميل اليها , يا ترى؟ وقف أمامها , فأحست بضعف وأرتعاش قويين في قدميها ورجليها , سألها بلهجة جافة وباردة:
" هل أحضر غدا لآخذك؟". منتديات ليلاس
خرجت من السيارة ورفعت رأسها بعنفوان , ثم قالت:
" يمكنك الحضور بعد الغداء , أذا كان ذلك يناسبك".
" نعم يناسبني , شكرا".
كانت سهرة رائعة للغاية , فلماذا أفسدها بهذه الملاحظات المتغطرسة والساخرة الفارغة؟ كيف ستعيش مع هذا الرجل في بيت واحد؟ ستكون قوية وستجابه جاذبيته القاتلة! سوف تتجنبه قدر الأمكان! نعم, هذا ما ستفعله!.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 12:52 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- لست موظفة , بل صديقة
جلست تيريزا مع دان وماري في الحديقة ... بأنتظار وصول سكوت , هل سيتصرف معها بطريقة ودية , أم بأسلوب ساخر قاس كما فعل في الليلة السابقة؟ يا له من أنسان مزاجي , يتحول بين لحظة وأخرى من رجل لطيف ورقيق القلب الى شخص متعجرف وسليط اللسان!
أحست فجأة بتعاطف مع ايلاين , فالحياة مع سكوت صعبة ومرهقة , ساعة يرفعك الى السماء , وساعة يدفنك في باطن الأرض , ولكن, لماذا تتعب نفسها بمثل هذه الأفكار ؟ هل لأنها على وشك الدخول الى عرين الأسد , أو لأنها ...؟ في أي حال , هي ليست زوجته... ولا مبرر أذن لهذه التصورات المزعجة ! منتديات ليلاس
وصل سكوت ومعه ابنته , التي كانت تقفز فرحا وسرورا , شرب الجميع عصير البرتقال المثلج , وتبادلوا بعض الأحاديث الودية .
عانقت تيريزا كلا من ماري ودان وشكرتهما على حسن ضيافتهما , ثم صعدت بتردد الى سيارة سكوت , وما أن أبتعدت السيارة قليلا, حتى لوحت لهما بيدها ... وقد بدأت تشعر بالوحدة , ولكن أعصابها أرتاحت الى حد كبير , عندما لاحظت أن تصرفات سكوت كانت طبيعية وعادية.
وفي الطريق الى منزل ميلوارد , أوقفتهم جورجيا وقالت للشخصين الجالسين في المقعد الأمامي بعد السلام على مليندا :
" شكرا لتوقفك , يا سيد ميلوارد , كل شيء على ما يرام , والجميع بخير , تيريزا أتمنى لك التوفيق في مهمتك الجديدة وأريد تقديم هذه الباقة الصغيرة من الأزهار لك عربون محبة وتقدير , كذلك , أردت أبلاغك أن هيو ... الطبيب لاسينغ ... طلب مني مساعدته في العيادة , لا أعرف ماذا سأفعل , ليلي تشجعني كثيرا على قبول الوظيفة , ولكنني أود بحث الموضوع معك , هل يمكنني زيارتك غدا؟".
" طبعا , يا عزيزتي , وأنا متأكدة من أن سكوت لا يمانع أبدا ...".
نظرت اليه بتردد قبل أكمال جملتها , وقد أدركت فجأة أنها أصبحت منذ اليوم موظفة لدى هذا الرجل , أبتسم سكوت بحرارة لجورجيا , وقال لها:
" أفعلي ذلك , يا جورجيا , متى أردت ".
ثم ألتفت الى تيريزا , وأضاف مداعبا:
" لا مبرر أبدا للأستذان مني , فميلندا بحاجة للمزيد من الوجود النسائي ".
" شكرا , يا سيد ميلوارد , الى اللقاء أذا, يا تيريزا , وأنت أيضا , أيتها الحبيبة مليندا- عاد سكوت الى التحدث ثانية مع تيريزا , وكان صوته هذه المرة أكثر نعومة ورقة , وقال:
" تيريزا , أرجوك ألا تزعجي نفسك بسؤالي كل مرة تتوقعين فيها زيارة أحد لك, أريدك أيضا أعتبار منزلي كأنه لك , طالما أنت فيه , أنك تقدمين لي خدمة عظيمة برعايتك فتاتي المدللة , لا تفكري بي كرب عمل , بل ... كصديق ووالد ممتن لك".
" شكرا لك يا سكوت , سأفعل ذلك , كما أنني سأكون حذرة بالنسبة الى عدد الأصدقاء ... ونوعيتهم".
أخذت ميلندا الى غرفتها , فيما أهتم سكوت بأنزال الحقيبتين والأغراض الصغيرة الأخرى التيأحضرتها معها , لم تهتم تيريزا كثيرا بالأثاث , الذي بدا زينا ومهملا الى حد ما , بل وقفت أمام النافذة الكبيرة تتأمل بأعجاب ظاهر المنظر الرائع الذي تطل عليه , دخل سكوت , ثم قال بعد لحظات:
" رباه, لم أكن أعرف حتى الآن مدى تعاسة هذه الغرفة , أستبدلي هذه الستائر , أن لم تعجبك , وحددي لي كافة الأمور التي تريدين تغييرها كي أحضرها لك خلال هذين اليومين , سنشرب الشاي على الشرفة , عندما تصبحين جاهزة لذلك , يبدو أن فيرا وخطيبها تأخرا في نزهتهما , فالعاشق المسكين يتحرق شوقا لأنتزاعها من بين أيدينا".
خرجت تيريزا الى الشرفة بعد بضع دقائق , فرأت سكوت يتحدث مع فيرا ... والخطيب المسكين الذي بدا في ذروة السعادة , وقفت فيرا لتحيتها , وقالت:
" آسفة , يا آنسة ستانتون , لأنني لم أكن هنا لمساعدتك , سمح لي السيد سكوت مشكورا بالذهاب فورا , كي نصل الى العاصمة قبل منتصف الليل , هل أنت على معالجة الأمور بمفردك ؟ أعني بالنسبة الى عشاء مليندا ... وحمامها ... وثيابها ....".
" وهل نسيت أنني ممرضة , يا آنسة سميث ؟".
" أبدا , يا عزيزتي , وأعرف ظايضا أن الممرضات عادة يجدن طريقهن بكل سهولة , أعددت طبقا خاصا لعشاء مليندا , ستجدينه في المطبخ".
" أوه , وهل تعدين لها جميع وجباتها؟".
" لا ... أطلب من الطاهي أو الخادمة أعداد الوجبة التي أريد , ولكنني أحب أعداد هذا الطبق الخاص بنفسي".
تدخلت مليندا عندئذ , لتقول:
" وأنا أكرهه كثيرا , يا تيريزا".
غادر الخطيبان منزل ميلوارد بعد ساعة تقريبا , شاكرين سكوت على هديته المالية الكريمة , تمنى لهما الثلاثة زواجا سعيدا وحياة رغيدة , وساروا معهما حتى الباب الخارجي.
" هل تريدين , يا مليندا مساعدتي في ترتيب حاجياتي؟ أعذرنا يا سكوت".
" لست بحاجة للأعتذار من أبي , يا تيريزا , فهو أيضا يقيم هنا".
" يقضي التهذيب واللياقة بذلك , يا حبيبتي , حتى ولو كان والدك ... ويعيش معك في بيت واحد ".
" أذن , أعذرنا , يا أبي , فلدينا أعمال كثيرة ".

بحثت تيريزا عن سكوت في وقت لاحق , لتسأله عما تفعل بالنسبة الى نوم أبنته , وعندما لم تجده , أخذت الفتاة الى الحمام ثم أطعمتها وذهبت معها الى غرفتها , نامت الطفلة خلال دقائق معدودة , فقررت تيريزا التوجه الى قاعة الجلوس, ألتقاها سكوت في بداية الممر الطويل , وقال:
" أنها لا تذهب الى النوم في مثل هذا الوقت المبكر , وقبل الحديث الذي نتبادله معا كل مساء أكون فيه هنا".
" ليس هذا الوقت مبكرا أبدا بالنسبة الى فتيات في سنها , كما أنها كانت مرهقة جدا وبحاجة الى النوم". منتديات ليلاس
" نسيت تماما أن خادمتها اليوم في أجازتها الأسبوعية , مما أضطرك للقيام بجميع هذه المهام التي ليست ضمن عملك , أرجو ألا يفزعك ذلك ويحملك على أعادة النظر في...".
" لا تكن سخيفا...".
توقفت عن أتمام كلامها , عندما أدركت أن هذه ليست بالطريقة التي يخاطب بها رب العمل , ابتسم سكوت, وكأنه قرأ أفكارها , ثم قال:
" نعم, يتحتم عليك أحترام رب البيت! لنتكلم الآن بجدية , يا تيريزا ... أوه , هل يفترض بي الآن أستخدام كلمة ممرضة أو آنسة أو أخت عندما أناديك أو أخاطبك؟".
ضحكت تيريزا , فمضى الى القول:
" كليو هي التي ستقوم بكافة الأعمال الخاصة بمليندا ... مثل الحمم , وغسل الثياب , وأعداد الطعام, مهمتك أنت محصورة بالأشراف على هذه الأعمال , والتركيز بشكل أكبر على الأهتمام بصحة مليندا وثقافتها وأخلاقها , هذه بحد ذاتها , هي مهمة كبيرة وسوف تستغرق كل وقتك, هيا معي الآن الى الشرفة لنتناول الوجبة السريعة التي أعدها لنا دانيال , ثم يذهب كل منا الى فراشه".
أبلغها أثناء العشاء أنه مضطر للذهاب الى المدينة بعد ظهر اليوم التالي , للقيام ببعض الأعمال الضرورية , ثم أضاف قائلا:
" سأبقى هناك يوما أو يومين , وفقا لما يتطلبه العمل , أريد منك قائمة بكل ما نحتاجه من مأكولات أو أثاث أو ما شابه ذلك لأحضرها معي , لا تحاولي التقشف في طلباتك , فأحوالي المادية سليمة جدا والحمد لله, آسف لتركك بمفردك فور أنضمامك الينا, ولكنني مضطر للذهاب , هل ترغبين في أستدعاء جورجيا لتمضية هذه الفترة معك؟".
" لا , شكرا , فأنا قادرة تماما على معالجة الأمور بمفردي , سأعد لك القائمة غدا صباحا , هل يمكنني الآن أن أتمنى لك ليلة سعيدة ؟ الوقت متأخر , ومن المؤكد أن الآنسة مليندا ستستيقظ في ساعة مبكرة جدا".
" بربك , يا فتاة , لا تطلبي الأذن مني كلما أردت القيام بأي خطوة صغيرة كهذه , سأكون بالطبع جاهزا لأصدار الأوامر والتعليمات, عندما يتعلق الموضوع بمسألة هامة, أما في المجالات الأخرى , فأنت حرة طليقة كالهواء".
أحمرت وجنتاها قليلا , وقالت:
" لا يمكن للتهذيب أن يذهب هباء , يا سكوت, شكرا جزيلا على هذا العشاء الشهي , وتصبح على خير".
حضرت جورجيا بعد أنقضاء أقل من ساعة على مغادرة سكوت , وبدأت فورا التحدث بلهفة وحماسة عن عملها المحتمل مع هيو , أتصلت بأبنة عم لها تقيم وحيدة في شقة قريبة من العيادة , فشجعتها على قبول الوظيفة ودعتها للأقامة معها , وعندما تم الأتصال بالطبيب للأعلان عن قبول المهمة , أحست بخجل شديد وأعطت السماعة بسرعة الى تيريزا".
" هنا الطبيب لاسينغ , من المتكلم؟ من المتكلم؟".
" تيريزا ستانتون , يا هيو".
" مرحبا , أيتها الحبيبة , يسعدني دائما سماع صوتك الجميل , هل من مشكلة؟".
" كل شيء على ما يرام , يا هيو, أحدثك بالنيابة عن جورجيا , لأنها كانت قد ذهبت الى بيتها عندما أعطونا هذه المكالمة , متى تريدها أن تبدأ العمل؟ أنها مستعدة وجاهزة".
" حقا ؟ حقا؟ ولماذا تقف قربك أذن وتتنفس بمثل هذه الصعوبة ؟".
ثم ضحك , وأضاف قائلا:
" دعيني أتكلم معها , ولا تخافي فلن أعضها , كيف حال سكوت ؟".
" ذهب الى العاصمة و...".
" عظيم , سأحضر لزيارتك هذا المساء , فقد تعجبك وسامتي وجاذبيتي عندما لا يكون قريبا".
" لا , أرجوك , يا هيو , أنا متعبة جدا وأريد الذهاب الى النوم في وقت مبكر , وداعا الآن , وأليك جورجيا".
تلعثمت ... وتلعثمت حتى كادت الكلمات القليلة والمتقطعة تختنق في حلقها, سألتها تيريزا عما تضمنه الحديث بينهما , فقالت:
" طلب مني ألا أستخدم لقبه المهني الا في العيادة , يريدني أن أناديه هيو , كما كنت أفعل دائما , قال أن عملي يبدأ صباح الأثنين".
" هل أبلغك كم سيعطيك في الشهر؟".
" أوه ! نسيت أن أسأله عن ذلك , وهو لم يذكر شيئا عن هذا الموضوع ".
" جورجيا ماسترز , يجب أن تكوني دقيقة جدا أذا كنت ستعملين في عيادة طبيب , لا بأس الآن , فربما كنت مرتبكة لأنك تحبين طبيبك قليلا".
" لا تكوني سخيفة , يا تيريزا ستانتون , فأنا لا أحب هذا الرجل أو غيره".
" مهلا , أيتها العزيزة , وهيا نشرب فنجانا من الشاي".
تناولت تيريزا ومليندا طعام الغداء ظهر اليوم التالي, ثم أخذت كل منهما قطعة قماش وراحت تعمل عليها, أختارت تيريزا قطعة كانت مخصصة لقميص , وأعدت منها فستانا جميلا للعلبة مليندا , وفيما الطفلة غارقة في عملها , لاحظت مربيتها الجديدة أنها نسخة نسائية طبق الأصل عن والدها ! وشعرت برغبة جامحة لضمها بين ذراعيها بمحبة وحنان بالغين , ثم تحول هذا الشعور فجأة الى كره شديد للأم التي يمكنها التخلي عن ملاك كمليندا ... وبمثل تلك السهولة , أعطتها لعبتها ... أو بالأحرى أبنتها , كما تصر الطفلة على تسميتها , فلمعت عيناها بهجة وسرورا وقفزت على صديقتها الجديدة قائلة:
" أوه , تيريزا! كم أحبك! أحبك كثيرا , الآن والى الأبد! ثم أنهمرت الدموع من عينيها البيئتين الجميلتين ,وأضافت بلهجة حزينة:
" رجوك , لا تذهبي وتتركيني! أحبك أكثر بكثير مما تتصورين , يا تيريزا!".
ضمّتها اليها تيريزا برقة, وراحت تتمتم في أذنها كلمات حب لا تصدر الا عن أم أو عمن تشعر بحنان الأمومة , طلبت منها الصغيرة وعدا من القلب بأنها لن تتركها أبدا , فوعدتها تيريزا بذلك وأخذتها الى الحديقة لتلعب.
أعدت لها طعام العشاء , ثم أخذتها الى الحمام ومنه مباشرة الى السرير , أخبرتها قصة حلوة عن فتاة صغيرة تريد تعلم القراءة والكتابة , فتحمست مليندا للأمر ونامت قريرة العين , أشعلت تيريزا سيكارة , وخرجت الى الحديقة , تتأمل السماء الصافية والنجوم المشعة , هل يفعل ديريك الشيء ذاته الآن , مع سيلفيا , تلك الأرملة الطروب التي حاولت ونجحت في أختطافه منها , ولكن , ما لها ولهم جميعا ... سكوت ,ديريك , سيلفيا , جورجيا ,هيو , وغيرهم.
دخلت الحمام وفتحت الماء البارد فوق رأسها بكل قوة , علّ البرودة تساعدها على طرد تلك الأفكار السوداء المزعجة , وما أن كادت تنجح في ذلك , حتى رن جرس الهاتف , جففت رأسها وجسمها بسرعة , وتوجهت الى غرفتها , وبعد قليل , حضرت كليو ومعها كوب من الحليب الساخن , أبتسمت لها وقالت:
" أتصل السيد سكوت قبل دقائق , فأبلغته بوجودك في الحمام , طلب مني أبلاغك تحياته, وبأنه سيأتي غدا , أحضرت الحليب الساخن, لأن السيد سكوت طلب مني الأهتمام بك وبالآنسة الصغيرة, هل تريدين أي شيء آخر , يا آنستي؟".
" لا , شكرا".
" أذن تصبحين على خير , والرب يرعاك".
" وأنت أيضا يا كليو ".
" أوه , يا للمفارقة العجية! ففي حين كانت الأفكار الخبيثة تجول في رأسها , كان سكوت ينتظر مكالمته الهاتفية ! ولكن... لماذا لم يصر على التحدث معها هي شخصيا ؟ أوه , كم هي أنانية!
مر صباح اليوم التالي بهدوء وسكينة ... وتعليم , وقالت مليندا أن الكلمات التي أعجبتها أكثر من غيرها هي ... أبي , تيريزا , الهر , ومليندا... لأنها تحب هؤلاء الأشخاص الثلاثة وصديقها الهر الصغير أكثر من أي أنسان في العالم!

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 12:54 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

- الألم يجلب النوم
رمت تيريزا الكتاب من يدها بعصبية بالغة , لأنه لم يعد بعد... ولم تعد هي بالتالي قادرة على التركيز والأستيعاب , أزعجتها أفكارها وتصرفاتها , وأنّبت نفسها على الأنججراف وراء مشاعر أشبه بالسراب , طلب العقل من القلب السخيف التوقف عن الأنزلاق الى تلك الهوة السحيقة التي لا عودة منها , هل تتوقع أبتسامة وضمة كمليندا , أم نظرة غطرسة وأزدراء ؟ هل تعتقد نفسها زوجته وربة بيته؟
سمعت ضحكة مليندا , فقررت على الفور التنزه معها لبعض الوقت حيى يحين موعد الحمام , وفيما كانتا جالستين على حافة نهر قريب , صرخت مليندا فجأة :
" أبي! أتى أبي!".
وصلت الصغيرة الى والدها وهي تلهث من التعب , فضمّها الى صدره بحنان ظاهر وطبع على خديها قبلتين حارتين , أبتسم لتيريزا وضم يديها بين يديه القويتين الدافئتين , ثم قال:
" مرحبا , يا تيريزا".
شعرت بالنار تنطلق بسرعة من يديها الى كافة أنحاء جسمها, ولكنها سيطرت قليلا على أعصابها وقالت له بصوت ناعم:
" أهلا, يا سكوت".
حملت كليو بعض الأكياس المتعددة , وهي تقول:
" ما هذه الأغراض كلها , يا سيد سكوت ؟ وماذا يوجد في هذه العلبة المستطيلة هناك؟".
" من يدري؟ الصبر مفتاح الفرج , فأنتظري قليلا , أغراض كثيرة , أليس كذلك؟ من هو المسؤول عن هذا الأمر , يا ترى؟ وهل يمكن لغير النساء أعداد مثل هذه القائمة الضخمة؟".
تنهدت تيريزا بأرتياح , عندما أنهى كلامه ضاكا , وقالت له باسمة:
" دعني أحضر لك , يا سكوت , كوبا من العصير البارد لتشربه على الشرفة".
" عظيم , شكرا, مهلا يا مليندا, فأغراضك كلها موجودة هنا, أتركيني الآن لحظة لأغسل وجهي وهاتين اليدين القذرتين".
جلس الثلاثة بعد بضع دقائق على الشرفة , ثم سمح سكوت لأبنته بمشاهدة هديتها , فتحت العلبة وشهقت فرحا وسرورا , عندما رأت آلة صغيرة للحياكة والتطريز تعمل على الكهرباء ... ومعها كل ما تحتاجه من عدة وأقمشة ملونة , وفيما كانت تتأملها بأعجاب منقطع النظير , فتح سكوت علبة ثانية وأخرد منها غطاء وردي اللون ووسادة مماثلة لتيريزا , وآخر ذا لون أزرق سماوي مع وسادته لمليندا , ضمت تيريزا الوسادة الى صدرها بحنان ونظرت الى سكوت بأمتنان بالغ , أما مليندا قد هجمت عليه وراحت تمطر خديه وجبينه بقبل الشكر والمحبة, أبعد رأسه قليلا عن أبنته وقال:
"أحضرت أيضا كمية وافرة من علب الدهان , وسوف أمضي الأيام القليلة المقبلة في البيت لكي نعمل جميعا بجد ونشاط على تحويل جميع الجدران الى لون النقاء والطهارة".
" أوه , سكوت , أنت ... أنت...! شكرا جزيلا على الغطاء والوسادة , اللون جميل للغاية , لم أتصور أنك تحسن الأختيار ... أعني ... أنهما رائعان...".
" فهمت قصدك , يا آنستي الجميلة , لنفتح هذا الصندوق الكبير قبل أصابتك بأي أنهيار عصبي".
حدّقت تيريزا مذهولة بآلة الخياطة والتطريز الكبيرة , وسرّها جدا أن سكوت سمع حديثها مع ماري حول أستبدال الستائر في غرفة مليندا... وقرّر على الفور أبتياع هذه الآلة على الرغم من ثمنها الباهظ , نظرت اليه بعينين زائغتين لتشكره, فلم يساعدها لسانها على ذلك, أمسكت مليندا بيدها وقالت لها بلهفة:
"أفعلي مثلي يا تيريزا , أنا أقبّل أبي دائما عندما أريد توجيه الشكر اليه , هيا!".
لم تتحرك تيريزا من مكانها , فأضافت مليندا قائلة بمرح ظاهر:
" أكل الهر لسانها , يا أبي".
" يبدو أنك على حق , يا حبيبتي , سأحاول الآن أن أفعل شيئا , فما رأيك؟".
هزت الطفلة رأسها بحماس شديد , فأقترب سكوت من تيريزا وعانقها , ووجدت تيريزا نفسها غير قادرة على الأبتعاد عنه .... فيما كان قلبها يخفق بقوة لم تشعر بها من قبل , أبعد سكوت وجهه عنها , وأنزل يديه اللتين كانتا تحضنان وجنتيها قائلا:
" أعذريني , أيتها الحبيبة , ولكن الدعوى كانت أقوى من المقاموة , هل ضايقتك كثيرا؟".
" لم تضايقني أبدا, يا سيد ميلوارد".
" أذن , لنكن أقتصاديين من الآن فصاعدا , هذا كتيّب يضم كافة التعليمات الضرورية لهذه الآلة المعقدة , أدرسيه جيدا وحاولي تطبيقه غدا , وأذا كنت بحاجة لأي أمدادات كهربائية , فأنا على أتم الأستعداد لتجهيز كافة الأمور المطلوبة".
" أنت طيب جدا معنا , يا سكوت , كم أنا متلهفة لتجريبها وأستخدامها , هيا الى الحمام والعشاء , يا مليندا , كي تعودي الى التحدث مع هذا الوالد الكريم قبل ذهابك الى النوم".
جلس سكوت وتيريزا لفترة طويلة مع مليندا , قبل أن تهدأ أعصابها وتنام , تناولا طعامهما بعد ذلك بقليل , ثم خرجا الى الشرفة لشرب القهوة , أكتشفت تيريزا أثناء حديثهما أن سكوت متحدث لبق وذو أطلاع وافر في مجالات متعددة , أدهشها عندما أخبرها أنه ولد في أستراليا , وأتى مع والده الى هذه المنطقة عندما كان في الثانية عشرة من عمره , عمل الأب جاهدا لأنشاء مزرعة كبيرة , فيما كلن الأبن يتابع دراسته الجامعية حتى تخرجه مهندسا زراعيا, توفي والده بنوبة قلبية , فشعر بصدمة قوية لفداحة الخسارة , حضر الى المزرعة التي ورثها عن أبيه , وقرر متابعة المسيرة.
لم يذكر لها شيئا عن رحلته الى أميركا لحضور مؤتمر زراعي , أو عن مقابلته ايلاين هناك وزواجه منها , أرادت تيريزا معرفة التفاصيل المتعلقة بزواجه وطلاقه , ولكنها شعرت بأن الموضوع لا يزال حساسا جدا بالنسبة الى هذا الرجل المزاجي.
" حان الآن موعد ذهابي الى النوم, لأنني مرهق ومتعب للغاية , ثمة علبة أخرى تضم بعض الملبوسات الداخلية لمليندا , شكرا لأعطائي القياسات المطلوبة , لأنني كنت سأجد صعوبة كبيرة في أيجاد ما تحتاج اليه".
تأمل تيريزا عندما قامت من مقعدها , وسألها بصوت هادىء :
" هل أستقرت بك الأمور هنا, يا تيريزا ؟ وأهم من ذلك ... هل أنت مرتاحة الى مليندا ومعها؟".
" ليست لديّ أي شكاوى في هذا المجال , يا سيدي , مليندا طفلة طيبة جدا وتتجاوب بسرعة مع مشاعر العطف والحنان , أنها ذكية وتستوعب التعليمات والمعلومات بدون تردد أو أمتعاض , ولكنها تستخدم أحيانا كلمات نابية لا شك في أنها سمعتها من بعض الكبار الذين تحبهم وتعتبرهم قدوة لها".
تأمل وجهها المشرق لحظة , ثم بادلها أبتسامتها قائلا:
" حسنا, يا سيدتي , سأعطي لساني دروسا خاصة في التهذيب واللياقة , لست بحاجة الا للنظر بهاتين العينين الغاضبتين الحزينتين , لكي تجعلي منا جميعا في المستقبل القريب أناسا في منتهى اللياقة والكياسة".
أمسك بكتفيها , ومضى الى القول:
" لا تنسي أنك تحت سيطرتي , ياأمرأة , الرجل الذي يتقمص شخصيتين تماما هو أبن عمي, يمكنني أن أكون دودة صغيرة تدوسينها بقدميك , ولكنني قادر على التصرف معك كمصاص دماء أشرب كل نقطة من هذا السائل الأحمر الذي يغذي قلبك!".
تسمرت تيريزا مكانها خائفة مذعورة , ليس من كلماته المرعبة ولكن بسبب قربه منها الى تلك الدرجة , أنزل يديه عن كتفيها , ثم داعب خدها وشعرها قائلا:
" رباه, أنك تخافين بسرعة. سأحاول الحد من هذه التصرفات ... الوحشية ,وألا فأن عصفورتي الذهبية سوف تطير من هذا العش".
" أنا لست خائفة , يا سكوت ميلوارد , كل ما في الأمر , أنني فوجئت بمثل هذا الأنفصام الغريب في شخصية الرجل الذي أعمل معه وأعيش في بيته!". منتديات ليلاس
أنهمكت تيريزا طوال اليوم التالي بمختلف أنواع الأعمال المنزلية , وكانت مرتاحة نفسيا لأنها لم تره في الصباح وتسمع رد فعله على جملتها القاسية له , زارتها جورجيا , فبادرت الى الأستعانة بها لأعداد الستائر الجديدة.
لم يأت أثناء الغداء , فأحست مرة أخرى بعذاب الترقب والأنتظار , حاولت تحليل مشاعرها وتحديدها أتجاه رب عملها , ولكنها لم تتمكن من الوصول الى نتيجة معينة , ففي بعض الأحيان تكرهه بسبب غطرسته وتعاليه , وفي أوقت أخرى تذوب أمامه كقطعة زبدة ! يضايقها حينا وكأنها فأرة صغيرة , وينظر اليها أحيانا كأنها الأمرأة الوحيدة في قلبه وحياته! كيف يمكنها الغوص الى أعماق نفسه, لمعرفة حقيقة مشاعره والتصرف معه وفقا لأمزجته المعقدة والمتعددة؟ ولكن أليس من الأفضل لها تناسي هذه الأمور كلها والتمتع بعملها مع مليندا ؟ أنها تحب مليندا , والصغيرة تبادلها الحب وتتصرف معها كأبنة وجدت أمها الضائعة , كذلك,فهي تحب طبيعة هذه المنطقة وطيبة سكانها , فلماذا لا تنسى أذا هذا الرجل, الذي تنبع تصرفاته المزاجية المزعجة من المرارة والأوهام الناجمو عن تقلبات زوجته السابقة ؟ رفعت رأسها نحو جورجيا ومليندا , وقالت لهما أن ظهرها يؤلمها كثيرا , ثم أضافت:
" هيا , أيتها الصبيتان , لنتنزه قليلا ونملأ صدورنا بالهواء النقي المنعش".
سارت الفتيات الثلث بعض خطوات بمحاذاة الجانب الشمالي للبيت , قبل أن تتوقف جورجيا وتقول بأستغراب واضح:
" ماذا يفعل سكوت في بركة السباحة؟ أنها جافة ومهملة منذ مغادرة أيلا ... منذ زمن طويل".
وقفت الفتيات على حافة البركة , فترك سكوت العمال الثلاثة الذين يساعدونه وقال:
" مرحبا, أيتها الفتيات النشيطات , ما رأيكن بتقديم يد العون للرجال المتعبين؟".
" أشتغلنا طوال النهار , يا أبي, تيريزا وجورجيا أنهتا جميع الستائر ... بالأضافة الى ثياب أبنتي وسريرها".
نظرت جورجيا الى تيريزا , وقالت لها:
" رباه, تيريزا , يبدو أنك أحدثت تغييرات جمة هنا ... وبسرعة مذهلة , ومن الواضح أيضا أن السيد سكوت بدأ يفتح عينيه على أحتياجات النساء , أوه! هل يمكنني الحضور للسباحة هنا عندما تصبح البركة جاهزة ؟ هل أخترت بنفسك يا سكوت , تلك الستائر والأغطية الجميلة ؟ أنها فعلا رائعة!".
" نعم, يمكنك الحضور للسباحة , ونعم أيضا, أعرف تماما ما تحتاج اليه النساء ... وأختار كل شيء بنفسي , هذه هي المرة الثانية خلال أقل من يوم واحد يستغرب فيها أنسان حسن ذوقي , أنا , يا آنسات , رجل كثير الأطلاع على رغبات الحسناوات بسبب خبرتي الطويلة وأتصالاتي المتعددة مع الجميلات , أضافة الى ذلك..."
" ماذا تعني بكلامك هذا , يا أبي؟".
ردت جورجيا على الفور:
" هذا يعني أن الوالد الحبيب رأى النور".
" ماذا تعنين بهذه الملاحظة الخبيثة , يا آنسة ماسترز؟".
سارعت تيريزا الى أنقاذ صديقتها , فقالت له:
" تعني ببساطة أن البركة ستكون رائعة , شأنها في ذلك شأن ... الستائر الرائعة و... الأغطية الجميلة , يجب أن نعود الآن , وألا فالعمل هنا لن ينتهي قبل حلول الشتاء , هيا , أيتها الصبيتان ".
عملت تيريزا طوال اليوم التالي على ترتيب البيت وأعادة تنظيمه , وفي المساء , أهتمت بأمور مليندا وأخذتها الى النوم , وبعد تناول العشاء مع سكوت , توجها الى القاعة الكبرى حيث جلس هو وراء طاولته لأعداد بعض التقارير الهامة فيما أختارت هي مقعدا مواجها له وحاولت قراءة أحد الكتب التاريخية , لم تتمكن من التركيز كثيرا على كتابها , لأن نظراتها كانت تتحول اليه معظم الوقت .
ورفع رأسه فجأة , فلاحظ أنها تتأمله , أحمر وجهها خجلا وأرتباكا , فقال لها سرور واضح:
"تبدين مرتاحة جدا , يا تيريزا , وكأنك ... كأنك في بيتك".
" يعجبني ... السكون والهدوء , وأصوات عصافير الليل ".
" يغني الذكر للأنثى التي تريد تعذيبه قليلا في البداية , وعندما تحضر اليه يصبح صوته أجمل وأقوى ... ثم تأخذ الطبيعة مجراها".
" الطبيعة قاسية ... ولكنها جميلة وساحرة , ويبدو أن الأنسان لا يشعر بالطبيعة كثيرا عندما يكون في المدن".
" أوه . , طبعا! فجمال الطبيعة هنا لا يشوبه أغراء الجشع والطمع, والأندفاع وراء المكاسب المادية , هل تتوقين أحيانا , يا تيريزا , الى أضواء المدينة وحياتها الصاخبة؟".
ضحكت تيريزا من صميم قلبها , وقالت:
" الجشع والطمعو... ! لا , يا سكوت , لم أشعر حتى الآن بأي رغبة من هذا القبيل , لا تقلق أبدا , فمشاعري ليست بحاجة الى مثل هذه الأمور لتبتهج وترتاح , لا تخف الا عندما تراني أتسلق الجدران , وهذا ما سأفعله غدا ,,, ولكن , لتغيير ألوانها".
" لن تفعلي ذلك أبدا , فالصبي الذي أرسلته اليوم يعرف عمله تماما وليس بحاجة الا للمراقبة , سأفحص الجدران كل مساء بعدستي المكبرة , كالتحري الشهير شارلوك هولمز لأتأكد من عدم وجود آثار لقدميك , وأذا وجدت مثل هذه الآثار , وخاصة على السقف , فسوف أعرف فورا أن الوقت قد حان لأعادتك الى مناطق التمدن والحضارة".

أغلقت تيريزا كتابها بعنف, ثم وقفت وقالت له بحدة ظاهرة : " لماذا تتحول تصرفاتك الطبيعية عادة الى مكر ودهاء كل ليلة؟ تصبح على خير , يا سيدي".
" مهلا , يا تيريزا , أرجوك".
توقفت تيريزا قرب الباب وأستدارت نحوه فمضى الى القول :
" سأذهب الى العاصمة في نهاية هذا الشهر , للأشراف على عمليات بيع التبغ والأبقار , أريد أن أصحبك ومليندا معي, سنمضي أربعة أيام هناك , يمكنكما خلالها التفرج على المدينة وحضور مسرحية أو بعض الأفلام السينمائية ... عن رعاة البقر مثلا".
" أوه , سكوت , لا داع للقلق , ستسير الأمور هنا بصورة طبيعية جدا , وأنت لست بحاجة أيضا لأي أعباء أضافية ,...".
" أريدك أن تحضري معي , يا تيريزا , لديّ أصدقاء طيبون جدا هناك, وأنا عادة أترك مليندا وكليو في عهدتهم كي أتفرغ لأعمالي , يمكنك أحضار كليو أيضا هذه المرة, أذا كنت خائفة مني... أو مما سيقوله الآخرون عنك , سيصر علينا جيمي وفاليري كثيرا للأقامة معهما , وهذا ما أفعله أنا في معظم رحلاتي , سوف يعجبانك كثيرا , لأنهما شخصان طيبان للغاية".
" كما تريد يا سكوت , سيسرني جدا القيام بهذه الرحلة , شكرا".
" شكرا لك أنت , يا آنستي العزيزة , تصبحين على خير , أتمنى لك أحلاما سعيدة".
أتصلت بها ماري بعد ظهر اليوم التالي , لأبلاغها بأنها ستحضر وزوجها في المساء لبحث بعض الأمور المتعلقة بالأبقار , ثم ضحكت وقالت:
" سمعت أنك منهمكة جدا في دهن الغرف وأعادة تنظيمها , هل وصلت الى القاعة الكبيرة؟".
" أوه , لا , لا أعرف كيف سأطلب أي شيء أضافي من سكوت , بعد تلك القائمة الضخمة التي أعددتها له قبل بضعة أيام , لم يعترض أو يحتج , ولكنني أريد منحه بعض الوقت قبل مواجهته بطلبات جديدة , هل ...".
توقفت عن متابعة كلامها , عندما شاهدت كليو تقترب منها بسرعة وهي مذعورة وبادية الأنزعاج والقلق .
" ما بك يا كليو؟ ماذا في الأمر؟".
لم تتمكن المرأة المسنة السمينة ألا من ترداد كلمة واحدة...الصغيرة! تركت تيريزا سماعة الهاتف , وركضت بأقصى سرعتها الى الخارج , أوقفها دانيال وأشار بالسكين الطويلة التي يحملها , الى المكان الذي تركت مليندا فيه لترد على مكالمة ماري , تجمّد الدم في عروقها عندما شاهدت حية كبيرة بشعة تزحف بأتجاه الطفلة , وتستعد للأنقضاض على ظهرها , أخذت السكين بسرعة من يد الخادم المذهول , وتوجهت نحوها بحذر شديد ... ممنية نفسها بألا ترفع مليندا نظرها عن كتابها الجديد أو تتحرك من مكانها , وما أن أحست بها الحية الشريرة , حتى أنقضّت عليها تيريزا وأغمدت السكين في عنقها بعنف شديد جعل النصل يغرز في الأرض.
كان سكوت آتيا في تلك اللحظة الى البيت , فأوقف سيارته وقفز الى جانبها صارخا بفرح وأعجاب بالغين:
"يا لك من فتاة رائعة!".

قفزت مليندا من مكانها وقد أصيبت بهلع شديد , وفيما أستفاق دانيال من ذهوله وبدأ يسحق رأس الأفعى بحجر كبير , وضع سكوت أحدى يديه على كتف تيريزا ومد الأخرى لسحب السكين من مكانها , ألا أن تيريزا ظلت ممسكة بقبضتها , غير قادرة على أفلاتها , طوّق خصرها بذراعه وبدأ يفرك أصابعها البيضاء المتشنجة , وهو يقول لها برقة:
" أتركيها الآن , أيتها الحبيبة , أتركي السكين , فالحية ماتت وأنتهى كل شيء , على أحسن ما يرام, أنك فتاة شجاعة وحكيمة جدا , يا فتاتي الحلوة".
أستعادت تيريزا قدرتها على الكلام, ولكن بصعوبة وعصبية:
" مليندا... كانت ستنقض عليها ... كانت ... رباه , ربته!".
" خففي عنك , يا عزيزتي , وأفسحي المجال قليلا أمام أعصابك لترتاح بعض الشيء , تصرفت بكل شجاعة وحكمة , أيتها العزيزة , لم أشاهد في حياتي شخصا يتحرك بمثل تلك السرعة واللباقة , توقفي عن الأرتعاش , أيتها الحبيبة, دانيال , أحضر كوبا من الماء وثلاث قطع من السكر, هيا, هيا بسرعة".
أحست تيريزا فجأة بأن جسمها لم يعد يرتعش خوفا وذعرا , ولكن بسبب ألتصاقه بها, سيطر على مشاعرها رعب آخر ... لم يكن خاليا تماما من السعادة , وأرادت البقاء هكذا بقية حياتها , جسمه القوي الدافىء , يداه , ذراعاه , كلمات الحب الرقيقة الساحرة ... أوه , يا لسعادتها!". منتديات ليلاس
" أجلسي ! يا تيريزا , وأشربي هذا الكوب من الماء".
تيريزا فقط! نعم, هذا هو أسمها وهكذا سيعود الى مناداتها ! أنها مجرد شابة قتلت حية كانت تشكل خطرا على حياة أبنته , يا لحيرتها وأرتباكها , وتبا لحظها السيء ! أنها تحب مديرها ,... سكوت ميلوارد ... حبا جنونيا لا أمل منه , لأن الرجل لا يزال يحب زوجته السابقة! فتحت عينيها , فتحولت نظراتها على الفور الى عينيه , أنها تريده قلبا وقالبا , جسما وروحا ... هكذا صرخ بها قلبها وشعورها! لم ترفع بصرها عندما قال لها:
" عظيم , تبدين الآن أفضل بكثير من السابق, عاد الأحمرار قليلا الى وجنتيك , أشعر برغبة لعناقك يا تيريزا , لأنني ممتن لك ألى أبعد حد".
مسكينة أنت , يا تيريزا! فقط شكر وأمتنان , لا غير تذكري ذلك, أيتها الغبية! ثم حمل أبنته بين ذراعيه وساعدها على حل عقدة لسانها وتناسي الحادثة المشؤومة , نظرت تيريزا مرة أخرى الى عينيه , وتململت بعذاب وألم , آه , لو كان بأمكانها الأحتماء به على هذا الشكل وتطوق عنقه...!".
أمضت تيريزا بقية النهار وفترة السهرة تحلل أكتشافها الجديد, الذي يتسم بقدر كبير من الخطورة , تفرحها نظرة ناعمة , وتؤلمها نظرة أخرى ساخرة , تشعر بالسعادة عندما يقف أمامها بقامته الممشوقة وجاذبيته المذهلة , وتحس بالعذاب المرير كلما قال لها كلمة تنم عن غطرسته المعهودة.
لعبا الورق مع دان وماري , وكان زوج صديقتها شريكها في اللعبة , لم تكن قادرة على التركيز أو اللعب بالسرعة المطلوبة , قال لها سكوت في أحدى المرات:
" أنك تركزين كثيرا , أيتها العزيزة, وكأنك تريدين قراءة المستقبل , أنتبهي يا حبيبتي , وألا سوف تخسرين بكل سهولة ".
ضايقتها كثيرا لهجة الغزل الناعمة في كلماته, فردت عليه بشيء من الحدة:
" أذا حدث ذلك , فمن حق شريكي فقط أن يتذمر, في أي حال , أستعد للمواجهة القاسية وتقبل الهزيمة بصدر رحب".
وضعت كافة أوراقها على الطاولة , فيما كان سكوت وماري لا يزالان محتفظين بجميع أوراقما , عبس سكوت , وقال بلهجة تجمع بين الجدية والمزاح:
" أوه , يا لها من ساحرة! تجيد الحياكة والتطريز , ودهن الجدران , وقتل الأفاعي , والغش في الورق! لا شك في أن خطوتها التالية ستكوت قلب العالم رأسا على عقب , وهذا أمر واقع لا محالة!".
ضحك الجميع, بمن فيهم تيريزا ... التي قالت لنفسها أن عالمها هي دون سواها هو الذي قلب رأسا على عقب , آه , منك , يا سكوت ميلوارد , ومن حبي الجارف لك.
وقفت معه بعد قليل في الخارج لوداع دان وماري , وضع ذراعه برقة على كتفيها , فتوترت أعصابها فجأة وأرتعش جسمها , تراجع سكوت الى الوراء , وقال لها ساخرا:
" أعذريني , يا سيدتي , هل تريدين العودة الى القاعة , حيث تجلسين في زاويتك وأنا في زاويتي ؟ ليست لديّ أي نوايا عدوانية , فلا تتذمري أو تحاولي مهاجمتي , أخبريني , هل كنت على وشك القيام بذلك؟".
" طبعا... لا .. أعتقد أنني متعبة قليلا".
" أمضيت يوما قاسيا ومرهقا, يا تيريزا , أذهبي الآن الى غرفتك , كي أحضر لك كوبا من الحليب الساخن وحبتين مهدئتين للأعصاب, لا أقبل أي مجادلة أو أعتراض , ولن أمنحك سوى عشر دقائق فقط لتضعي نفسك في الفراش".
تطلعت حولها , وكأنها تنتظر بعض الأرشادات من ظلمة الليل أو عالم الغيب , ولكن التعليمات والنصائح لم ترد, فتوجهت فورا الى غرفتها , دق سكوت الباب بعد أقل من ربع ساعة , وأعطاها الكوب والحبتين , لم يتحدث معها خوفا من أيقاظ أبنته , التي تنام في الجهة المقابلة, تمنى لها ليلة مريحة هانئة , ثم تأملها قليلا وأغلق الباب وراؤه بهدوء بالغ.
أمضت تيريزا الأيام الثلثة التالية , وكأنها في قفير نحل أثناء فصل الربيع , أنها الفترة التي ينطلق بها الرجال على صهوات خيولهم , لجمع العجول الصغيرة الضائعة في تلك المساحات الشاسعة , لم تكن وحدها , بل حضرت لمساعدتها كل من ماري وليلي وجورجيا وجارة أخرى هي السيدة أليتا براون.
لم يكن لديها وقت كاف لتفكر بالحب الذي تفجر فجأة في داخلها , ولم تسنح لذلك الرجل فرصة لدغدغة مشاعرها أو أثارة أعصابها , كان الجميع منهمكين في أعمالهم المرهقة , وتيريزا مرتاحة جدا لأنه غير مضطرة لمواجهته على أنفراد.
جلست السيدات لتناول طعامهن بعد عودة الرجال الى أعمالهم , وكان طفل ليلي محط أنظار الجميع ... وخاصة مليندا التي أصبح لديها طفلان لتلاعبهما , وبمجرد أنتهاء الغداء المتأخر , ذهبت ليلي وماري مع تيريزا الى غرفة مليندا لمساعدتها في تعليق الستائر وترتيب الغرفة بصورة نهائية , فيما بقيت جورجيا وأليتا لرعاية الأطفال الثلاثة , تأملت ليلي الغرفة بأعجاب بالغ, وقالت :
" لا يمكنني تصديق هذا الفرق الهائل والتحول المذهل ! متى ستنتهي غرفتك , يا تيريزا؟".
" يشتغل أحد عمال سكوت حاليا على أعداد الجدران للطلاء ".
" لن يكون يوم غد مرهقا الى هذه الدرجة , ستقوم أليتا بدور المربية والحاضنة , فيما نساعدك نحن أثناء غياب الرجال على أنهاء العمل في غرفتك".
" عظيم , شكرا, تعجبني كثيرا روح التعاون السائدة هنا , هل... هل سيبقى الجميع هنا هذه الليلة؟".
ضحكت ماري, وقالت لصديقتها المرتبكة:
" لا , أيتها العزيزة , فكلنا نقود سيارات وعندنا بيوت".
ذهبت الشابات الثلاث الى القاعة , فتطلعت ليلي حولها ثم ركّزت نظراتها على تيريزا ... وضحكت , ولما شاركتها ماري الضحك , قالت ممازحة:
" أوه , يا للمكر والدهاء! نعم, يا عزيزتي , فالبيت بحاجة ماسة للمسة نسائية!".
أحمر وجه تيريزا خجلا وحياء , وقالت:
" لا , لا يمكنني أجراء تغييرات شاملة في بيت سكوت ميلوارد وكأنني ... كأنني أملكه!".
تأملتها أليتا بعناية , وقالت مرددة كلماتها الأخيرة:
" كأنك تملكينه ... كأنك تملكينه ! لديك نقطة هامة جدا, يا آنستي , ربما كان .... قاطعتها تيريزا بأستغراب شديد:
" ماذا تعنين , يا أليتا؟".
" أنه رجل وسيم... وعازب ... ولم يتمكن أحد غيرك قبلا من أحداث مثل هذه التغييرات الجذرية في بيته , أنت تحبين مليندا وهي تحبك, أنت أيضا شابة جذابة جدا وذكية ونشيطة , وأي رجل يفكر بطريقة منطقية سليمة...".
توقفت أليتا عن أتمام جملتها , عندما شاهدت نظرات الغضب تشع في عيني ماري رورك , ولكن الصديقة التي تعرفها منذ سنوات , لاحظت الحب والعذاب في عينيها فقالت بدهشة وذهول:
"رباه , ماذا أرى ! أنها تحبه , ولكن قلبه لا يزال مدفونا تحت أنقاض أوهام حبه لزوجته السابقة , ما بنا الآن , وماذ ا نفعل ؟ ستعرف تيريزا كيف ستتصرف في هذا البيت بدون الحاجة الى الزواج من ذلك الرجل المسكين ! هيا , أيتها المتآمرتان , فلدينا أعمال كثيرة يجب الأنتهاء منها قبل عودة الرجال ! تيريزا, أحضري لي من فضلك زجاجة الحليب لجانيس".
هل يمكن لأحد غير صديقتها قراءة أفكارها ومشاعرها بمثل هذه السهولة؟ دان مثلا, أو ... سكوت نفسه؟ أوه , لا , لا يمكن ! أذا عرف بحبها له , فسوف تترك عملها معه ... بأسرع وقت ممكن , هل هي قادرة على ذلك ؟ وكيف ستحنث بالعهد الذي قطعته لمليندا , بعدم الأبتعاد عنها أبدا ؟ هل يمكنها البقاء معه , وهي تعلم بالتأكيد أنه لن يبادلها أبدا هذا الحب , وان قلبه لا يزال مع أيلاين؟
قارنت بين مشاعرها أتجاه ديريك وحبها الحالي , فبدت تلك العواطف وكأنها علاقة أطفال أو صداقة مراهقين ! سكوت ميلوارد هو حبها الحقيقي , سعادتها , حياتها ... عذابها , آلامها... هو كل شيء!
عاد الجميع الى بيوتهم في المساء , فتناولت وجبة طعام خفيفة وأخذت حماما ساخنا , ثم نامت بسرعة مذهلة لم تكن لتحلم بها.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 12:56 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


7- الخطوبة الصورية
لاحظ سكوت ذهول تيريزا , وكيفية أمساكها رسالة وصلتها قبل قليل , سألها بأهتمام:
" هل من مشكلة يا تيريزا ؟ هل وردتك أخبار سيئة؟".
لم تجبه وظلّت تحدّق بأسى خارج النافذة , فقال لها بلهجة آمرة:
" أخبريني ماذا في الأمر يا فتاة ".
تأملت تيريزا الرسالة التي تحملها في يدها , وقالت بألم واضح:
" رسالة من .... من ديريك".
" ديريك ... خطيبك؟".
" خطيبي السابق! أنه في العاصمة ويريد الحضور الى هنا , ليعتذر مني عن سوء تصرفه معي, يسألني في الرسالة عما أذا كان بأمكان عائلة رورك أستضافته لمدة يوم أو يومين".
نظر اليها سكوت بحدة وغضب بالغين , ولكنه لم يقل شيئا.
" يبدو أن سلفيا وجّهت له أخيرا الضربة القاضية, وقرر الرجل الكبير الحضور لتقديم الأعتذار... والأنطلاق من حيث توقف , هكذا!".
تأملها سكوت لحظات طويلة , ثم قال لها بسخرية لاذعة:
" هذا هو أذن سبب أصفرار وجهك ! تثيرك على ما يبدو فكرة رؤيته ثانيةو... قاطعته صارخة بصوت معذب:
" لا ! لم أتضايق كثيرا من جسارته الوقحة, ولكنني أشعر بأشمئزاز شديد بسبب أقتناعه الثابت بأنني سأرمي نفسي بين ذراعيه بدون تردد أو ممانعة , سيطلب مني أن أغفر كل شيء... لأنه سيموت أذا رفضت ذلك , يا للغرور الحقير ! رسالة وأعتذار , ويظن أن كل شيء سيعود الى ما كان عليه!".
" وهل ستغفرين له؟".
" أغفر؟ لقد نسيته تماما , لأنني الآن...".
توقفت فجأة , فسألها بهدوء:
" أعني ... أعني أنه لم يعد يهمني أبدا , وأعتقد جازمة الآن أنني لم أحبه حقا , جرحت كرامتي , وأستهجنت عدم ثقته بي... هذا كل ما في الأمر , لا أريد مقابلته ثانية".
" ولماذا هذا الرعب أذن؟ أكتبي له وأخبريه بذلك".
" لا , فهو من أولئك الأشخاص الذين لا يعيرون هذه الطريقة أي أهتمام يذكر , أنه يعتقد أعتقادا راسخا بأن وجوده أكثر أقناعا... وسحره سلاح ماض يرغن الخصم على الرضوخ والأستسلام بسرعة".
" وهل من الممكن أن يحصل ذلك معك؟".
" لا , لا يمكن ذلك أطلاقا , لن أعود اليه أبدا ... لأسباب خاصة بي , فبالأضافة الى عدم أخلاصه , لم أعد أشعر بأي شيء ... نحوه".
" لست مطلعا تماما على شؤونك الخاصة, ولكن لماذا لا تطلبين من طبيبك العاشق الحضور الى هنا لأثبات ذلك ... لنفسك , على الأقل!".
" سيحضر على الأرجح , بغض النظر عما سأكتب له في ردي ".
شعرت في تلك اللحظة أنها بحاجة للأعتماد على حكمته والوثوق برأيه , فسألته بأرتباك واضح:
" ماذا سأفعل, يا سكوت , كيف سأتصرف , أذا رفض ديريك جوابي السلبي؟".
أخرج سكوت رسالة من جيبه , وقال لها بصوت ناعم حنون:
" أريد التقدم اليك بعرض معين , يا تيريزا".
" نعم؟".
" هذه رسالة من أيلاين , لا , لا تقولي شيئا وأسمعي ما سأقوله , ستحضر أيلاين لآخذ بعض الأمور الخاصة , التي لاحظت فجأة أنها بحاجة أليها, أنها الآن في العاصمة , وثمة أحتمال كبير في أنها تريد الحضور...".
حدّقت به تيريزا مصعوقة , فمضى الى القول بلهجة حديدية حازمة:
" لا أريد عودتها الى هنا ... لا يمكنها ذلك , وحتى نتأكد , أنت وأنا , مما نريد ... على كل منا حماية الآخر خلال الفترة المقبلة ".
" كيف ؟ كيف سنفعل ذلك؟".
" نعلن خطوبتنا".
تأملته تيريزا بأزدراء وأنقباض شديدين , وقالت:
" أنت تمزح!".
" لم أكن في حياتي أكثر جدية مما أنا عليه الآن".
أين الكبرياء وعزة النفس! رفعت رأسها بعنفوان وتحد قائلة:
" لا يمكنني أبدا قبول مثل ... مثل هذه التدابير الخالية من العاطفة".
" هذه هي تدابير أحترازية ووقائية لا غير , أيتها الشابة العزيزة ".
" ولكنني ...! الحب هو جزء من الخطوبة..".
قاطعها بسخريته المعتادة , قائلا:
" الحب كما وصفته لك سابقا, يا عزيزتي , ليس ألا مجموعة من الفقاقيع التي تنفجر فوق السطح الماء الحار... ثم تتبخر في الهواء , أنت أدرى بهذا الموضوع من غيرك وألا .... فأين حبك لذلك الطبيب الوسيم الساحر؟".
" لم يكن حبا حقيقيا".
" " ما هو , أذن الحب الحقيقي؟ صفيه لي , أيتها العزيزة".
الحب الحقيقي هو ما أشعر به نحوك , أيها الحبيب المشكك , هذا هو الحب الفعلي , ولكن كيف ستشرح له ذلك! كيف...
" الحب القوي الجبار ! الحب الدائم! هل تشاهدين الكلمة, يا عزيزتي , محفورة على هذا الجبين أو ذاك ؟ هل تتصورين...".
" سكوت! لا تدع ما حصل معك يحولك الى شخص لا يثق بأحد أو يرفض تصديق أحد , الحب الحقيقي موجود".
" حسنا , سأصدق كلامك , والآن , يا آنسة ستانتون , هل تقبلين مشكورة أن تصبحي خطيبتي؟ أؤكد لك أن أقتراحي هذا يهدف الى الحماية المتبادلة فقط , لن يحدث أي أستغلال من أي جانب , كما يمكننا فسخ الخطوبة عندما يشعر أي منا بأنه لم يعد بحاجة للحماية ".
رفعت رأسها بشموخ , وقال له بكثير من العنفوان والتحدي:
" أشعر بالتأكيد أنك لن تحاول أستغلال الوضع المقترح , كما أنني لست بحاجة ماسة لحمايتك, على صعيد آخر , لا بد لي م الأعتراف بأن خطوبتي الى أي رجل هي الوسيلة الأكثر نجاحا لأقناع ديريك نهائيا بالأبتعاد عني".
ثم أبتسمت بخبث , وأضافت قائلة:
" أذا كنت ضعيفا الى الدرجة التي تحتاج معها الى مساعدتي كي تتمكن من التصرف , فسوف أقبل أقتراحك بكل سرور!".
نظر اليها سكوت بعينين تقدحان شررا , ثم أحتوى غضبه الحاد وقال لها بهدوء:
" شكرا, أيتها العزيزة , قد أبدو رجلا قويا وقاسيا , ولكنني ... بالنسبة لعاطفتي ومشاعري ... ضعيف للغاية".
أخرج علبة سكائره , فتبين له أنها شبه فارغة , ذهب لأحضار علبة أخرى , فيما تصارعت الأفكار في رأس تيريزا وقلبها , ماذا أخبر سكوت أبنته عن غياب أمها , وكيف سيكون رد فعلها حال ظهور أيلاين فجأة داخل هذا البيت؟ هل سيكون سكوت جادا عندما قال أنه لا يريد عودة زوجته السابقة اليه؟ أنها جميلة جدا .... وأم أبنته ... وسوف يقبل أعتذارها ... ويرحب بها ثانية في منزله ... وقلبه , أذا قررت أيلاين البقاء , فستكتشف بسرعة سخافة الخطوبة وعدم جدواها ... ما لم يتظاهر سكوت وتيريزا أنهما حقا عاشقان , وعلى أهبة الزواج , ولكن.... هل يمكن للرجل تمثيل دوره الجديد بأخلاص أمام المرأة التي كان يحبها , أو... التي لا يزال يحبها؟
عاد سكوت وقدم لها سيكارة , فقبلتها منه شاكرة ثم سألته بهدوء:
" وماذا بشأن مليندا؟".
" أوه , مليندا! أنها مشكلتي الكبرى ! تتذكر والدتها كحلم قديم , وتعرف أنها ... ذهبت , قبلت هذا الرد حينئذ دونما أي تساؤل أو أستفسار , ولكنها الآن في عمر أكثر دقة وحساسية تجاه ... الأم , لا , لن أسمح لها بالمجيء وأزعاج أبنتي عاطفيا ونفسيا ! سأتصل بها هاتفيا لأعداد قائمة بالأغراض التي تريدها , ثم أرسلها لها ".
تألم قلبها كثيرا لدى رؤيتها تلك النظرات الحزينة في عينيه , وسألته بجدية:
" ألا ترغب أنت في مقابلتها؟".
" ربما كان من الأفضل القيام بمثل هذه الخطوة , ولو على سبيل اللياقة وأحترام الذات, سنأخذ أغراضها معنا الى المدينة ونواجهها بك ... بخطيبتي , سيقنعها ذلك بالتأكيد أنني لا أريد عودتها ... هذا أذا كانت أيلاين تفكر أصلا في أمر العودة".
" ومليندا؟".
" لن أدعها تقترب من أبنتي , لأنها فقدت منذ زمن بعيد جدا الحق برؤيتها أو مقابلتها ".
" ولكنها أم الطفلة أيضا , يا سكوت, قد تكون أرتكبت أخطاء وحماقات جسيمة , ولكن عاطفة الأمومة...".
تجهم وجه سكوت وهو يقاطعها قائلا:
" أرجوك التوقف عن هذا الأضطهاد والتعذيب , وخاصة لأنك لا تعرفين ظروف اللقاء الأخير الذي تم بيننا , صدقيني , يا تيريزا ...لا يمكن لتلك الأمرأة أن تكون أما حقيقية لأي طفل , أو زوجة وفية لأي رجل".
أوه , كم أحبها هذا المسكين... وكم كانت صدمته عنيفة وقاسية! أرعبتها نظراته ولهجته ... وأربكتها , فسارت نحو النافذة وراحت تحدق النظر بالسماء ونجومها المشعة , شعرت بعد لحظات وجيزة بأقترابه منها , ثم سمعته يقول لها:
" هذه مناسبة سعيدة بالنسبة ألينا , يا عزيزتي , فلنبتسم ونتمنى الحظ السعيد لبعضنا والنجاح لكل ما يريده قلبانا , أنظري أليّ , يا تيريزا ".
أستدارت نحوه ببطء شديد , كي تتمكن من أخفاء مشاعر الحب والقلق , ابتسم لها وقال:
"أتمنى لنا مستقبلا زاهرا , أيتها الحبيبة , وخطوبة ناجحة جدا ".
أبتسمت له برقة ونعومة , وهزت رأسها ايجابا , تشجع سكوت وسألها بصوت دافىء :
" هل يمكننا تتويج خطوبتنا...".
رفعت وجهها نحوه, ثم أغمضت عينيها وقالت:
" يمكننا ذلك , بكل تأكيد".
عانقها بنعومة وعاطفة شبه ... أبوية , ولكنها شعرت بالدماء تغلي في عروقها , أرادت أن تضمه الى صدرها بقوة لكنه أبتعد عنها فجأة , وقال بصوت أجش:
" أذهبي بسرعة الى غرفتك , طالما أنني لا أزال أذكر مبدأ عدم أستغلال الخطوبة , أنت شابة جميلة وجذابة للغاية ... وأنا من لحم ودم , هيا , أذهبي , قبل أن تسيطر عليّ مشاعر أقوى مني".
أحست تيريزا بسعادة فائقة لدى سماعها هذه الكلمات المثيرة , ولم يهمها أذا كانت مشاعره روحية أو غير ذلك , أنه يعتبرها جميلة وجذابة... وهذا يكفيها في الوقت الحاضر , أذا تبين لها فعى أنه لن يقبل أبدا بعودة أيلاين اليه , فسوف يزداد أملها , ولكن ... تبا لهذه الكلمة التي تقفز دائما الى الصدارة ! ولكن... وهذه هي الحقيقة المرة, يجب مواجهة أيلاين قبل التأكد من أي شيء على الأطلاق , تنهدت بحسرة واضحة , وغادرت القاعة على عجل

أمرها سكوت صباح السبت بأن تعد نفسها للذهاب الى منزل ماري, لتمضية نهاية الأسبوع مع صديقتها , وقال بلهجة شبه جادة:
" لا أريدك هنا قبل مساء غد, لديك أجازة تستحقينها , وخاصة لأنك تبدين متعبة ومرهقة".
" ومليندا؟ من سيعتني بها؟".
" أنا ... وكليو , لا , لا تقترحي أخذها معك لأنني سأرفض ذلك بكل قوة , أنت بحاجة للراحة التامة , بغض النظر عن مدى تعلقك بأبنتي , سأوصلك بعد الغداء الى منزل صديقينا العزيزين , هل سنعلن لهما عن خطوبتنا؟".
" ولماذا نفعل ذلك ؟ سيكتشف دان وماري لعبتنا بسرعة . فلما لا نشرح لهما مسبقا تفاصيل الأتفاق الذي توصلنا اليه؟".
سألها بسخرية قاسية:
" ونجعلهما يعرفان أنني لا أقبل مواجهة أيلاين الا من وراء ظهرك؟".
" ألا أفعل أنا الشيء ذات بالنسبة لديريك؟".
علت ثغره أبتسامة خبيثة ماكرة , وهو يقول لها بهدوء ونعومة:
" أذا أردنا أقناع دان وماري , فعلينا التظاهر بأننا نعشق بعضنا حتى الجنون ! سوف نتجنب هذا العذاب المرير خلال نهاية الأسبوع , ثم نعلن لهما فجأة النبأ الصاعقة ونتوجه فور ذلك الى العاصمة , سيوفر علينا هذا الأسلوب المثير أمورا عدة , أبرزها الأسئلة المحرجة وحفلات الشاي!".
أنتقلت اليها عدوى الأبتسام والضحك , وقالت:
" أوه , أنني أتوقع الكثير من المضاعفات كنتيجة لهذا التحالف المصطنع!".
" وهل هو مصطنع الى هذه الدرجة , يا ترى ؟ علاقتنا طيبة الى درجة معقولة , و ... حسنا , سأتوقف عند هذا الحد , ولكن, هل من الضروري أن يكون التحالف بيننا مصطنعا ؟ أليس بأمكاننا أن نعيش بسعادة وهناء؟ مليندا تحبك , ووجودك هنا يفرحني ويسرني للغاية...".
قاطعته بلهجة حادة , وقد نسيت تماما تعهدها لنفسها بأنها ستستميله اليها عن طريق الصداقة".
قالت له:
" أوه , هكذا أذن! يا لهذه الترتيبات المناسبة! ولكنني , يا سكوت ميلوارد . لا أؤمن بالتدابير العرجاء , سنبقى مخطوبين طالما أن هذا الأمر ضروري ويناسبنا , وبعد ذلك...".
لم تتمكن من أنهاء جملتها والتحدث عن الأنفصال والأبتعاد , فقال لها :
" وماذا بعد ذلك, يا تيريزا ستانتون؟ هل تعرفين أن الغضب يزيدك جمالا وجاذبية ؟ هل تحبين الورود الحمراء؟".
" الورود ... الحمراء؟ نعم ... ولكن , لماذا تسألني عنها؟ هل تحاول تغيير الموضوع؟".
" لا , بالطبع لا. أردت المقارنة بين أجملها , وأحمرار وجنتيك".
" أوه , سكوت !".
ركضت الى الخارج وهي تقول لنفسها أنها فتاة غبية للغاية , يعاملها كجارية ... يطلبها متى يشاء ثم يطردها... ليستقبل زوجته! يصفق لها بيديه عندما يريدها , ويرمي لها العظام ... كأنها كلب جائع! ولكنها تحبه , تريده , ترضى بأي شيء يسره ويسعده ... حتى لو كان ذلك على حساب قلبها!
أوصلها سكوت بعد الظهر الى منزل دان وماري , ثم تابع طريقه مع ابنته نحو القرية , أمضت الفترة المتبقية من النهار وقسما كبيرا من السهرة في تبادل الأحاديث الودية والعادية مع صديقتها وعائلتها الصغيرة , وصباح الأحد , أبلغت تيريزا صديقتها أنها أستلمت رسالة من ديريك يطالبها فيها بالموافقة على مقابلته , وقالت أن الأمر الوحيد الذي يقلقها هو أحتمال أصراره على الحضور , وفرض نفسه عليهما لأستضافته يوما أو يومين , قال لها دان:
" هناك فندق صغير لا بأس به أبدا في القرية ,و لن أتردد قط في أرشاده اليه".
تدخلت زوجته على الفور , قائلة:
" لا يمكننا التصرف بهذا الشكل , يا دان , أنه لا يعجبني أبدا ,ولكنه رجل سيصاب بخيبة أمل رهيبة , وعليه فلا بأس أطلاقا من أستضافته ليلة واحدة".
" شكرا , يا ماري, كتبت له بصراحة ووضوح أنني لا أرغب أبدا في مقابلته أو حتى في رؤيته , وأبلغته بأن حضوره الى هنا ليس ضروريا البتة , وما لم يقرر تجاهل رسالتي كليا , فأنني أعتقد شبه جازمة أنه لن يأتي".
ثم وقفت أستعدادا للخروج , وأضافت قائلة بلهجة مازحة:
" والآن , أيها الصديقان العزيزان , هل تسمحان لي بالتنزه قليلا؟".
يا لروعة الطبيعة وجمالها! يا لصرخة البراري ! يا لحبيبها السجان, الذي يلف حول عنقها سلاسل مخملية! أغمضت عينيها لتتخيل نفسها معه , وغرزت أصابعها في التربة الغنية وبين الأزهار البرية الجميلة لتزداد ألتصاقا بالأرض , الطبيعة الخلابة , الهواء المنعش , زقزقة العصافير , والهدوء الساحر... تضافرت كلها وحملتها على الأستسلام للنوم... والأحلام.
أقترب منها سكوت ميلوارد بخفة ورشاقة , فلم تشعر بوصوله , جلس أمامها يتأمل بأعجاب واضح وجهها الجميل , والسكينة التي تنم عنها ملامحها وأبتسامتها اللطيفة الناعمة , وفجأة تحولت أحلام السعادة والبهجة الى كابوس ذعر ورعب , حلمت بأنه ربطها الى جذع شجرة ظهر أحد الأيام الحارة , وتركها وحيدة في مواجهة عدد من الثيران الهائجة , صرخت بأعلى صوتها وفتحت عينيها الدامعتين , فوجدته أمامها , قالت له بلهفة شديدة , وهي لا تزال واقعة تحت تأثير الحلم المرعب:
" أوه , سكوت , كم أنا سعيدة لأنك لم تتركني!".
وضع يديه بنعومة على كتفيها , وقال:
" وما يحملك على الأعتقاد بأنني سأتركك أو أتخلى عنك؟".
تطلعت حولها بسرعة , ثم تمتمت قائلة:
"كنت في منتصف حلم رائع , ولكنه تبدل بصورة مفاجئة , ماذا تفعل هنا؟".
أبتسم وقال لها ممازحا برقة وأخلاص:
" أعتقدت ومليندا أنك قد تشتاقين الينا, فعدنا باكرا , يبدو أننا كنا على حق , وألا لما كنت تحلمين بمثل هذه الأشياء السخيفة المزعجة ... التي تدمع عينيك".
" هل تأخرنا كثيرا ؟ هل فاتنا موعد الغداء؟ كيف وجدتني هنا؟".
" ثلاثة أسئلة في وقت واحد؟ حسنا , سأجيبك عليها , نعم , تأخرنا كثيرا ... وهذا هو سبب أحضاري الطعام الى هنا , أما بالنسبة لكيفية أيجادك هنا , فقد أستخدمت حاسة الشم".
" هل رائحتي قوية الى هذه لدرجة؟ لماذا أحضرت طعاما ؟ وهل ستأكل هنا أيضا؟".
" ثلاثة أسئلة مرة أخرى , لن أجيبك على السؤال الأول, وسأدع سؤالك الثالث يجيب السؤال الثاني".
ثم ضحك وأضاف قائلا:
" خطرت ببالي فكرة ذكية وعظيمة , فأطلعت ماري عليها , تبرعت السيدة الطيبة بأعداد طعام يكفي شخصين جائعين , ووعدت بالأهتمام بمليندا لحين عودتنا , الآن , يا آنستي العزيزة , حان دوري أنا لتوجيه الأسئلة , لماذا أخترت هذا الموقع بالذات لكي تنامي فيه وتحلمي؟".
" هذا مكان أحلامي المفضل , وهذه الأزهار الرائعة هي جواهري وسريري".
" يا للشاعرية والذوق الرفيع , يا فتاة! أنه حقا مكان رائع , أوه , أليس هذا هو الموقع الذي أنقذتك...".منتديات ليلاس
" نعم. وهو أيضا المكان الذي ستطعمني فيه قبل أن أموت جوعا".
تناولا طعامهما وشربا عصير الليمون المثلج , وهما يثرثران ويضحكان , أشعل سكوت سيكارتين وأعطاها أحداهما , ثم قال لها فيما كانا يستلقيان على ظهريهما:
" أكلنا بنهم ... وحتى التخمة , يا آنستي الكريمة".
" صحيح , أيها السيد , صحيح جدا!".
" يحق لك الآن , أيتها الموظفة المخلصة , أستخدام ذراعي كوسادة , هيا , لا تخافي فلن أخنقك".
وضعت تيريزا رأسها بحذر على ذراعه , ثم قالت له بعد لحظات وجيزة:
" أياك أن تنام , الحركة ضرورية جدا بعد هذه الوليمة الكبيرة ".
" حقا , أيتها الحورية الجميلة؟ أذا قررت أي شيء من هذا القبيل , فسوف أتبعك ... بكل .... سرور".
شعرت بحاجة ماسة للنوم , وكان آخر شيء سمعته قبل الأستسلام للرقاد.
أستيقظت بعد أكثر من ساعة , فهبت واقفة بكثير من العصبية , فتح سكوت عينيه , وقال:
" آه , كم أنا مسرور لأنك أستيقظت , لم أعد أشعر بذراعي منذ أكثر من عشر دقائق".
" ولماذا لم توقظني؟".
" كنت تضحكين أثناء نومك , فلم يطاوعني قلبي على حرمانك مما كنت تحلمين به".
" وأنت كنت تشخر بصوت مرتفع!".
وقف قربها ضاحكا , وقال:
" بما أننا نمنا معا وأصبحنا نعرف أسرار بعضنا , فما علينا الآن ألا أعلان خطوبتنا".
" سكوت ! هذا كلام غير لائق أبدا!".
" أنه كلام جميل وساحر , يا حلوتي , ومن المؤسف حقا أنه كلالام ... لا أكثر!".
" كفى ! أنك فعلا رجل شرير! هيا , أستيقظ جيدا لنذهب... والا فسوف تفكر ماري مرة أخرى بأرسال رجال الشرطة للبحث عنا!".
" أنت على حق , يا حوريتي الجميلة , ففترات السعادة لا تدوم طويلا , هيا الى جوادينا لأمتحن قدرتك في السباق".
ركضت وراءه وهي تردد بصمت وسعادة أنها مستعدة لألقاء نفسها من أعلى قمة في هذه المنطقة ... أذا طلب منها ذلك , سعيدة هي لأنه تحدث عن السعادة ... ويبدو سعيدا , ربما... ربما...!
أوقف حصانه أمام منزل دان وماري , ثم أنزلها عن حصانها ببطء يفوق الحدود المتعارف عليها وقال لها بلهجة قاسية:
" أحذري التهور , يا تيريزا , فالحوادث تقع فجأة وبدون سابق أنذار , سأهتم بالجوادين , أخبري ماري أننا سنقبل بكل سرور دعوتها الى فنجان شاي قبل عودتنا الى البيت".
شعرت بألم حاد في عينيها , هل هو الغبار ؟ لا . أنه سكوت! لماذا , أوه , لماذا عاملها طوال فترة بعد الظهر بتلك الطريقة الودية اللطيفة الناعمة ... وتحول الآن فجأة الى هذا الأسلوب المتكبر المتعالي ؟ آه , كم تكرهه ... هذا الأناني المزعج ... هذا المتغطرس المتوحش!

تقوقعت على نفسها طوال الأيام القليلة التالية , تفاديا لمواجهته ومجابهته , لم تكن خطوتها هذه من الصعوبة بمكان , بسبب تجاهل سكوت الواضح وشبه التام... لوجودها في بيته وتحت سقف واحد معه, لم تقابله الا نادرا, ولم تسمع منه أي كلام آخر عن موضوع الخطوبة , لا بد أنه ندم على تسرعه أو...!
تمنت من صميم قلبها لو كان بأمكانها أستعادة الرسالة التي بعثت بها الى ديريك , وأخبرته فيها عن خطوبتها الى رجل آخر , ولكن, لا بأس... فهي تعرف في قرارة نفسها أن سكوت سيتصرف بلباقة وتهذيب كأنسان يعرف الأصول والتقاليد.
" تيريزا؟".
" نعم, يا سكون".
" هل تعتبرين وجودك في بيتي , وبالنسبة لوضعي الحالي , أمرا غير لائق أو مناسب من الناحيتين الأخلاقية والأجتماعية ؟".
صعقت تيريزا عندما سمعت هذا السؤال, وقال بأستغراب بالغ:
" لماذا؟ لم... لم أفكر أبدا بهذا الموضوع , هل... هل قال أحد..".
" نعم, حذرني أحد أصدقائي من أن وجودك هنا على النحو الحالي سيعرض سمعتك للأذى ... على الرغم من كونك مربية أبنتي".
أبتسم سكوت بصعوبة , عندما سمع شهقة من الغضب العارم تصدر عنها, وأضاف قائلا:
" أشهقي ما شئت , أيتها العزيزة , الناس سواء أينما كانوا , ومهما أختلفت ثقافتهم أو طبائعهم , هجمت على ذلك الصديق وكدت أرميه أرضا , مع أنه أكد لي ثقته الكاملة بي ... وبأخلاقي , المهم الآن هو شعورك أنت أتجاه هذه المسألة".
نظرت اليه بعصبية وقالت:
" لم أفكر أبدا بنقطة سخيفة كهذه , أعني ... كيف ينظر الآخرون الى هذه القضية؟ يا للغباوة ! يا للتقاليد القديمة البالية!".
" هل تثقين بي , يا تيريزا؟ هل تعتبرينني من النوع الذي ... قد يحاول تشويه سمعتك؟".
" لا مبرر للسخرية , يا سكوت ميلوارد , أذا كنت تنوي التصرف معي مثلما فعل ديريك , فسوف أجد نفسي مضطرة ...".
لم يسمح لها سكوت بأكمال جملتها.... وتهديدها , قبض على معصمها بيد فولاذية , وقال لها بلهجة تستعل حنقا وأنفعالا:
" هل هذا هو تصورك لحقيقة مشاعري وتفكيري ؟ أنت مخطئة جدا , يا فتاة , فأنا قادر تماما على التمييز بين الخير والشر ... وبين الشرف الرفيع والأنحطاط الخلقي".
هزت رأسها بكثير من الحسرة والتأثر , وقالت:
" آسفة , فهذا الموضوع لا يزال حساسا جدا بالنسبة أليّ ., أخطأت بحقك , يا سكوت, أنا أثق بك الى أبعد الحدود , ومستعدة لوضع حياتي رهن أمرك".
أبتسم بدهاء وخبث واضحين ,وقال:
" لم أعن ذلك أيضا , ما يهمني الآن في المقام الأول , هو منع أي كلام سلبي عنك , أقدر لك كثيرا ثقتك بي , ولكن سأتصل بصديقة مسنة تقيم بمفردها في العاصمة كي تأتي الى هنا وتقيم معنا ... كحارس أمين يبعد عنا كلام ذوي النوايا السيئة".
ثم تنهد وأضاف قائلا:
" لم تكن الآنسة ماتيلدا تحب أيلاين , وقد أنتقلت الى العاصمة بعد فترة قصيرة من أحضار .... زوجتي ... الى البيت".
" أوه".
" يا لك من فتاة ثرثارة , أذا قبلت ماتيلدا دعوتي , فسوف نحضرها معنا , بالمناسبة, أستعدي للذهاب في وقت مبكر من صباح غد بأذن الله... فالمسافة طويلة جدا".
" صباح غد ؟ ولكن...".
قال لها متهكما:
"صباح غد , يا سيد ميلوارد؟ ولكنني لست مستعدة بما فيه الكفاية! ليس لديّ ما أرتديه! لا مبرر للقلق , يا عزيزتي , فسوف نشتري كل الأغراض التي نريدها من هناك".
ربت على كتفيها بنعومة وأضاف قائلا بجدية , فيما كان يتجه نحو الباب:
" يمكننا أختيار خاتم الخطوبة".
" ولكن...".
دخلت مليندا في تلك اللحظة , وسألتها عما أذا كانت ترغب في نزهة قصيرة , أبتسمت لها بحنان واضح :
" طبعا, يا حبيبتي , ولكننا مضطرتان أولا لأعداد حقائبنا, أخبريني , يا مليندا , عما يعنيه والدك بالوقت المبكر , مع طلوع الشمس , بعد الفطور أم...".
" يذهب أبي عادة قبل الشروق .... وزقزقة العصافير".
بعد العشاء , أقترح عليها سكوت مرافقته الى الحديقة للتمتع بنسيم الليل العليل , جلسا صامتين على أحد المقاعد الخشبية , فبدأ خيالها بالعمل , آه لو كانا زوجين سعيدين ... لكانت الآن ملتصقة به وتنعم بالدفء والحرارة , بدلا من الجلوس وحيدة حزينة على بعد أكثر من متر عنه! كانا سيذهبان بعد قليل للأطمئنان على مليندا , ثم ... الى غرفتهما...
" سأذهب الى النوم الآن , يا سكوت , كي أتمكن من القيام باكرا".
لحق بها وأوقفها أمام الباب , قائلا:
" تيريزا ! أشعر برغبة قوية ... للطلب منك ...".
تردد بعض الشيء , ثم مضى الى القول:
" أعتقد... أعتقد أن الأمر يتحمل التأجيل الى وقت أفضل , في أي حال , أرجو ألا تزعجك خطوبتنا الوهمية هذه , لن أضعك أبدا في أي موقف حرج نتيجة لهذا الأتفاق , أرجوك أن تصدقيني!".
" أصدقك , يا سكوت , وأشكرك على هذا التصرف النبيل , تصبح على خير".
هل ستتمكن يوما من معرفة ماهية الطلب الذي كان سيتقدم به؟ هل سيعرف قلبها السعادة ولو بعد حين , أم أنه سيعود الى أيلاين ...
ويضيع الأمل؟ وهل...؟ سمعت رنين جرس الهاتف , فتسمرت في مكانها ولم تغلق باب غرفتها.
" نعم؟ سأنتظر , شكرا, مرحبا أيتها الحبيبة , كم أنا سعيد بسماع صوتك ...طبعا , طبعا أنا مشتاق جدا اليك . لماذا؟ أوه , سأخبرك عندما...".
وأغلقت الباب ورمت بنفسها على السرير , والألم الحاد يعصر قلبها ويدميه , وما هي الا لحظات حتى سمعت طرقة خفيفة على الباب , فتحته بحدة وسألت سكوت بعصبية عما يريد.
" أتصلت بي الآنسة ماتيلدا منذ قليل , وقالت أنها مغتبطة جدا بأقتراحي , سوف تعود معنا ... وهي تتطلع قدما لمقابلتك".
حل الأرتياح محل الأنفعال والسرور محل الحزن والأسى , وقالت:
"هذا لطف كبير منها , شكرا لأبلاغي ذلك يا سكوت ".
" يبدو أنك سررت كثيرا بهذا النبأ , يا تيريزا , ستعجبك صداقتها ... أنها مزعجة في بعض تصرفاتها , ولكنها مرحة وذكية , أوه ... سمحت لنفسي بأطلاعها على موضوع خطبتنا , وبشرح الموقف الصعب الذي نواجهه!".
نظرت اليه بأستغراب شديد , فمضى الى القول:
" كانت مسرورة جدا , وتمنت لنا السعادة والتوفيق , قالت أن الوقت قد حان لكي أستقر مع فتاة طيبة , وأتوقف عن التفكير بتلك الساحرة الخبيثة ... على حد وصفها".
" لم يكن هناك مبرر لتعقيد الأمور بمثل هذه السرعة , كنت أفضل لو أنك أمتفيت بشرح قضية الثرثرة وكلام الناس".
" ليس هذا ما أفضله أنا , في أي حال, ستكون الآنسة ماتيلدا جاهزة للعودة معنا , وهذه هي النتيجة المرجوة".
" بالمناسبة , كيف عرفت الآنسة الكريمة أنني فتاة طيبة؟ لم تكن تجربتك الأولى ناجحة , فكيف أستنتجت بسرعة ... وبدون أي معرفة سابقة بي ... أنني أناسبك بطريقة جيدة؟".
" ربما تصورت ماتيلدا أنني تعلمت من الأخطاء السابقة , وأصبحت أكثر خبرة وتمرسا في هذا المضمار , ثم... هل نسيت أنت يا ترى أنها خطوبة وهمية؟". منتديات ليلاس
" طبعا لا! ولكن... كيف تنوي فسخ هذا التحالف المؤقت أذا أكتشفت بصورة جازمة أن أيا منا لا يريد أبدا العودة الى علاقته السابقة؟".
تأملها عابسا بضع لحظات , ثم قال لها بمزيج من الحدة والسخرية:
" التحالف الوهمي! تعبير شيطاني يذكرني بالقرون الوسطى! لا تخافي , يا عزيزتي , فسوف نعرف كيف سنواجه هذه الورطة الكبيرة عندما نصل اليها , سأدق باب غرفتك صباحا , لأتأكد فقط من أنك أستيقظت , تصبحين على خير , أيتها الخطيبة الحبيبة".

أوقف سكوت السيارة أمام منزل صديقيه جيمي وفاليري مارتن حيث كانت تنتظرهم تلك السيدة السمراء الجذابة الى درجة الأغراء , فتحت ذراعيها لصديق العائلة , فضمها بقوة الى صدره وقبّلها... كما يقبل الرجل أخته , عانقت فاليري الطفلة الصغيرة بمحبة وحنان, ثم ألتفتت نحو تيريزا باسمة ومرحبة بود وحرارة .
" هيا تفضلوا الى الداخل , فأنتم بالتأكيد متعبون وبحاجة للراحة الفورية , أوه , كم أنا سعيدة بمجيئكم , هل كانت حلتكم جيدة؟ آه , مليندا , أنك الآن فتاة كبيرة وأجمل من قبل, آنسة ستانتون ... تيريزا , أنا مسرورة جدا بالتعرف اليك , سكوت, سيأتي جيمي خلال لحظات و...".
قاطعها زوجها قائلا بمرح ظاهر , وهو يمد يده لمصافحة صديقه:
"أمرتني ربة البيت بالأغتسال وأرتداء الثياب اللآئقة بأستقبال الضيوف, ففعلت ذلك صاغرا وبدون تردد".
قبّل جيمي الفتاة الصغيرة , ثم تأمل تيريزا بعض الوقت وقال بأعجاب بالغ:
" أوه ... أوه , يا للجمال الساحر!".
أقترب سكوت من تيريزا ووضع ذراعه على كتفها , قبل أن يقول ممازحا:
" أياك والمنافسة , أيها الصديق العزيز , فهي خطيبتي".
أستفاق جيمي من دهشته خلال فترة قصيرة نسبيا , وقال لزوجته التي لا تزال تنظر بذهول الى سكوت:
" ما بالك تسمرت هكذا في مكانك, يا أمرأة؟ ألن تحضري للأصدقاء المتعبين أي شراب بارد منعش ؟ لقد فاجأتنا تماما, أيها المحتال الكبير! تهانينا القلبية الحارة".
وضع جيمي يده على كتف صديقه , ثم قبّل تيريزا وهو يضيف قائلا:
"أنك حقا سيد المفاجآت ... والقرارات الحكيمة الذكية , أهلا بك , يا تيريزا".
أحضرت فاليري أكواب الشراب ووزعتها على الجميع قائلة:
" أنك لعين جدا , يا سكوت, لم تخبرنا في رسالتك ألا أنك ستحضر مربية مليندا , متى حدث ذلك؟ أوه ...! سينزل هذا التطور الجديد كصاعقة على رأس أحدى السيدات , هل تعرف أنها هنا, يا سكوت؟".
" لا لزوم للتحدث بالرموز والألغاز يا فاليري , فتريزا تعرف كل شيء, سأتصل بأيلاين لأعيد اليها بعض أغراضها الخاصة التي حضرت لأجلها".
" أوه , يا لغباوتي! كدت أنسى أصول الضيافة بسبب هذه المفاجأة.... السارة , سيهتم بك جيمي , يا سكوت , فيما أعتني أنا بهاتين الشابتين الجميلتين , هيا يا تيريزا , لأرشدك الى غرفتك لتي ستشاطرك أياها مليندا".
عادت تيريزا الى القاعة بعد أقل من نصف ساعة , فوقف لها الرجلان تأدبا وأحتراما , أقترب منها سكوت, ثم أمسك بذراعها وقال:
" أنك جميلة جدا , أيتها الحبيبة , لا يمكن لأي شخص ينظر اليك الآن التصور أنك وصلت قبل قليل من مكان يبعد مئات الكيلومترات عن هذه المدينة".
أبتسم لها جيمي وقال:
" أتمنى لكما من صميم قلبي مستقبلا تعمه السعادة والبهجة , هل ححدتما الموعد؟".
" أي موعد؟".
" موعد الزواج , أيها الوعل الكبير!".
نظرت فاليري بشيء من الأستغراب الى الفتاة المعقودة اللسان فيما كان سكوت يتمتم قائلا:
"موعد الزواج؟ أوه... ! لم تسنح لنا الفرصة بعد لأختيار خاتم الخطوبة, مهلكما , أيها الصديقان العزيزان!".
وضع يدع على الرأس الملتصق به , وقال لصاحبته الصامتة:
" علينا التفرغ بعض الوقت غدا لأختيار خاتمك , أيتها الحبيبة الغالية".
ذابت... ضاعت ... حلّقت ... ولم تعرف كيف تجيبه , فأكتفت بهز رأسها , أبتسم جيمي وقال:
" يبدو أن أجنحة الحب حملتكما بعيدا عنا ... وهذا أمر متوقع بين شخصين عاشقين , ولكنك مضطر يا سكوت , للأجتماع هذا المساء مع مثل الشركة الوطنية للتجارة ومندوب عن المصرف , فماذا سنفعل بهاتين الشابتين الجميلتين؟".
نظرت فاليري نحو تيريزا مستفسرة, فقالت لها:
"أن لم تكوني قد أعددت خططا معينة للسهرة , فسوف أعتذر منكم وأذهب الى النوم باكرا , أنني ... أنني متعبة جدا".
" كما تريدين يا عزيزتي , سنهجر الرجال بعد العشاء , ونذهب الى غرفتك للثرثرة , يمكنك طردي من الغرفة ساعة تشعرين بالنعاس, أو عندما أزعجك بأسئلتي المتلاحقة عن كيفية اللقاء والوقوع في الحب ,... كل شيء, لا فائدة من عبوسك , يا جيمي مارتن , فحب الأستطلاع يكاد يشل تفكيري".
ضحك الجميع , ثم تحول سكوت نحو تيريزا وسألها:
" هل تذكرين كيف ألتقينا , أيتها الحبيبة؟".
" أذكر ذلك بوضوح تام , هل تريدني أن أطلع فاليري على بعض أساليبك الملتوية؟".
" أخبريها ما شئت, ولكن بدون أي تشويه كبير لشخصيتي وسمعتي".
" سأفعل ما تقول, أذا أحسنت أنت التصرف معي... كما وعدتني بذلك , تذكر أتفاقنا الذي يقضي بتفادي الأحراج العاطفي ... بصورة علنية".
" لماذا أنسى بأستمرار , أيتها الحبيبة , أنك تخجلين من المغازلة أمام الناس؟ أعدك بأنني لن أقدم على أي شيء من هذا القبيل .. ألا عندما نكون على أنفراد".
تنحنح جيمي قليلا , وقال باسما:
" أرجوكما أعتبارنا وكأننا غير موجودين هنا, فأنا وفاليري لسنا غريبين عنكما , لا يهمنا أبدا أذا لاحظ الآخرون أننا نحب بعضنا , لا تخجلي أبدا من أظهار حبك, يا تيريزا , نحو هذا الرجل الذي تصورنا أنه دفن قلبه وعواطفه الى الأبد".
أرتجفت يدها وهي تأخذ سيكارة من العلبة لموجودة على الطاولة , أشعلها لها سكوت وقال:
" جيمي على حق, يا حوريتي الجميلة, ومع ذلك, فسوف أحد من أندفاعي أحتراما لمشاعرك ورغباتك".
عرفت أنه يسخر منها , فأحست بموجة من الأزدراء تعم جسمها وأفكارها , قالت له ببرودة واضحة:
" لماذا لا نغير الموضوع , أيها الحبيب , قبل أن يضجر منا صديقانا".
أنفردت فاليري وتيريزا بعد العشاء في غرفة الضيوف , وتحدثتا عن ماري ودان ... من ضمن أمور أخرى , ثم بدأت الأسئلة الشخصية ... أخبرتها تيريزا عن خلافها مع خطيبها السابق , وزيارة صديقتها , ومقابلتها سكوت... وقبولها عرض العمل الذي قدمه لها , وصمتت...".
" لم تخبريني عن الموضوع الأهم ... خطوبتك الى سكوت , هيا, يا فتاة , هيا!".
ظهر الأرتباك واضحا على وجه تيريزا , فأضافت فاليري قائلة:
" لا لزوم لأبلاغي أي شيء, يا تيريزا , أنها أمور شخصية , ولا أريد التطفل , أعذريني , أيتها العزيزة".
فتحت تيريزا فمها لتتحدث , ولكنها ترددت , هل من العدل والأنصاف خداع هذين الشخصينالطيبين؟ أنهما يحبان سكوت ميلوارد ويحترمانه , وها هو الآن يخدعهما بصورة متعمدة ... وبموافقتها , شعرت بالأشمئزاز وأحتقار الذات , كان من الأفضل أطلاع فاليري على كافة التفاصيل , فهي على ما يبدو لا تحب أيلاين كثيرا... ومستعدة لتفهم هذا الموضوع الحساس , ولكن الوقت فات ... فالرجل أتخذ قراره وما عليها هي ألا تنفيذ ما يريده.
" ليست هناك أمور جديدة أضيفها لك , يا فاليري , قررنا الخطوبة ... وهكذا كان".
" هكذا ؟ مليندا تحبك كثيرا , وسكوت معجب بك , وأنت بالتأكيد تحبينه الى درجة كبيرة".
" بالتأكيد . يا فاليري . هل يبدو ذلك بكل وضوح؟".
" طبعا يا عزيزتي , ولا مبرر للأستغراب والدهشة , وجهك يشع حبا وهياما , وأي أمرأة يمكنها ملاحظة ذلك بسهولة وبساطة , قد يكون الرجال في هذا المجال أقل معرفة...".
" أوه , كم أشكر الظروف على ذلك !".
صعقت فاليري لسماعها تلك الجملة الغريبة , وقالت:
" لماذا, يا تيريزا ؟ لماذا لا تريدينه أن يعرف مدى حبك له؟ الحب شعور عظيم , وعليك المفاخرة به وأظهاره ... وخاصة أذا كان حبيبك يبادلك أياه ".
تألمت المسكينة وأحست بغصة قوية , ولكنها سيطرت على أعصابها وقالت:
"أنت على حق يا فاليري , الحب شعور رائع... ولكنه جديد بالنسبة ألي...".
" وتريدين الأحتفاظ به لنفسك بعض الوقت ؟ هذه أنانية كبيرة ولكنها منطقية الى درجة معينة , أعرف كيف تشعرين , وأعدك بألا أوجه اليك المزيد من الأسئلة الخاصة, تصبحين على خير , يا تيريزا , أنا مسرورة جدا, لأن سكوت أختارك أنت بالذات".

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
destiny is a flower, رومنسية, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, ستيلا فرانسيس نيل, stella frances nel, عبير القديمة, إبتسامة وحيدة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t118351.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 07-01-17 01:30 AM
Untitled document This thread Refback 11-12-14 08:49 PM
Untitled document This thread Refback 13-07-14 09:15 PM


الساعة الآن 08:02 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية