كاتب الموضوع :
زونار
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
الفصل الخامس أحست بنفسها هادئة من الداخل والخارج . هل كان ذلك هدوءا قبل العاصفة ؟ كان انتباهها ضعيفا , وذلك لأنها غير معتادة على هذا النوع فى الانخفاض والارتفاع من انفعالاتها .
كانت تشعر بالأسى لأنها أجابته بفظاظة وحدة . وبعد ان انتهت من نزولها على السلالم التى تؤدى إلى الصالون وجدت ديرك جالسا يتمطى وهو ينظر إلى الأوراق المبعثرة على الطاولة المنخفضة . . وفى الوقت الذى ستباشر بطرح سؤالها على ديرك فجأة صوت انفجار قوى مزق صمت الليل .
يستدير ديرك فورا نحوها فتركض مذعورة وترمى نفسها بين ذراعيه . وهى ترتعد من الخوف , فتصرفها كان تلقائيا وغريزيا كما لو كانت غريزة حيوان مطارد وبدون أن تعطى لنفسها الوقت الكافى للتفكير أو التريث .
-شيرلى .
لم تكن فى باله إلا فكرة واحدة , وهى التخفيف من روعها. فقال بصوت رقيق :
-هذه لم تكن إلا سيارة . وانفجرت فيها أسطوانة الانفلات .
مرر يده بلطف بين خصلات شعرها محاولا تهدئتها . ولكنها ظلت ترتجف , ثم رفعت رأسها نحوه .وفجأة تعابير نظراتها تغيرت تجاهه , ولم يبق ديرك لفترة طويلة لكى يفهم ... ما المقصود .
-شيرلى , هذا طبيعى , أحيانا إنفعال يستدعى انفعال آخر .
حاول أن يشرح لها وهو يقاوم الحرارة التى أخذت تسرى فى جسده
-حقا ؟
رفعت نحوه نظرة استفهام وكانت تتحدث بصوت بطئ ومرتاب . وأحست بنفسها تسقط فى بئر . . وتستمر فى السقوط دائما لا شئ يستطيع إيقافها عن ذلك .
أضافت :
-لم أشعر قط بشئ كهذا .
كان ديرك يعرف ماذا عليه أن يفعل . فصلها عنه بلطف وأبعدها . ثم كان عليه أن يتظارف ويحيد كل واحد عن الآخر , وعن هذا اللقاء المضطرب وغير المنتظر .
كان يفكر وهو ينحنى نحوها , وصوت من أعماقه يقول له إنه سيدفع ثمن ذلك غاليا . . ولكن حاجته كانت تلح عليه لمعانقتها كرجل متعطش . ونفس الشئ دفع شيرلى لتلقى بنفسها بين ذراعيه عندما شعرت بالخوف يستولى عليها وانغمسا فى بحر الغرام .
طلع الصباح ,وهما فى قلب الهوى . شيرلى شعرت بحركات ديرك القوية التى أيقظتها فى الحال . . نهضت وغطت نفسها بالغطاء وسمعت عندئذ طنين المنبه الموضوع فوق الطاولة فلعنت هذا الجهاز وهى تتساءل بغموض لماذا ترمى بغضبها عليه .
-ديرك ؟ همست هى لكى يطمئنها ولكن هو لم يجب ألم يسمعنى ؟
وجهه جامد . اتجه نحو المكتب بصمت بدون أن يهتم . ومن ثم أخرج الجهاز المستقبل مع شاشة التليفزيون أضاءه . لمحت شيرلى صورة رمادية . وحركات خفيفة فى اللحظة التى غير ديرك فيها مكانه ليستقر فى موضع استطاعت التعرف على البناية التى يتواجدان فيها .
-ارتدى ثيابك .
يأمرها بصوت رقيق وحازم .
-لدينا صحبة فى الوقت الذى سيصلون فيه إلى المدخل فى الأسفل سنكون نحن قد رحلنا .
نهضت فورا وهى ترتعش من البرد . وديرك جمع حاجاته , اضطربت وهى ترتدى ثيابها ويداها ترتجفان , عيناها مضيئتان , وحلقها جاف .
طلع الصباح وتمنى ديرك لو يهدئ من روعها , لكن الأحداث تتسارع . .وأحس بالظلم الكبير , كان عليهما أن يأخذا وقتهما الكافى , وبالعكس , الوقت هو الوحيد الذى سيساعدهما ليجتازا هذا الوضع الاستثنائى ويقبلا ما جرى الليلة الماضية بدون ضيق أو توتر وبدلا من وضعهم هذا وجدا نفسيهما ملقين خارج السرير لضرورة حتمية قاسية وأيضا ظالمة .
لم يستطع ديرك أن يفعل لها شيئا . ولم يكن لديه الوقت لمساعدتها ليقول لها أن تأتى ويشدها بين ذراعيه فأقل ثانية كانت محسوبة عليهما فعليه تقع المسئولية لأى خطر قد يحدث لهما , وليس على ......
-إننى جاهزة .
قالت شيرلى بصوت ناعم ورقيق , وهى جالسة على السرير ترتدى حذاءها الرياضى بعد أن انتهت من تحضير حقيبتها .
أمسك ديرك الحقائب بيد وباليد الأخرى شد شيرلى إليه ليهدئها :
-حبيبتى , كل شئ سيكون على ما يرام .
يؤكد لها بصوت هادئ محاولا عدم إظهار قلقه وانشغاله . كل شئ على ما يرام .
-أعلم .
لم تتجرأ أن تنظر إليه . قادها نحو الخزانة خلفها كان باب سرى كان قد حدثها عنه فيما مضى يؤدى إلى نفق مظلم , وكلاهما متشابكان وديرك ينير الممر بمصباح يد .
بينما شيرلى تعد الدرجات لتثبت تفكيرها خمسون , استدار عندئذ إلى اليمين ومشيا إضافة إلى ذلك خمسين درجة أخرى فتوصلا إلى سلم . وانتظرت كما طلب منها عند الحاجز الخشبى بعد عدة لحظات عاد وطلب منها أن تتبعه فوجدا نفسيهما فى مبنى مليئ بكل أنواع الآلآت وضوء رمادى طفيف يصل من النوافذ العالية المتسخة , شيرلى تكاد لا ترى فلقد تركا مصباح اليد فى النفق فتركت نفسها منقادة ليده القوية بدون أى رد فعل منها
اجتاز الباب , ثم توقف فجأة والتوتر يظهر على كل عضلات جسمه , انتبهت شيرلى لخيال رجل يقف خلف الآلات . وقبل أن تنطق بكلمة
-هذا كان يجرى منذ زمن يا ديرك
تكلم الرجل بصوت هادئ ومتحفظ
|