10- السعادة المنشودة
كانت الصدمة أقوى من أن تعلّق لورا على كلام زوجها , سرت قشعريرة في جسمها , عقدت لسانها وسمّرت عينيها من الدهشة, شيئا فشيئا بدأت تعود الى الواقع وبدأ عقلها يحلل الموقف فقالت:
" تريد أن تمنحني الطلاق...؟".
كالثعلب الماكر أخذ راندال يراقبها ويدرس أنفعالاتها , حرر كتفيها وذهب الى النافذة ينظر الى البعيد , ومن دون أن يلتفت اليها سألها:
" هل تجيبين بصراحة على سؤال واحد؟".
" ما هو؟
" أذا منحتك الطلاق فهل تزوجين توم نيكول؟".
أتى الجواب عكس ما توقعه راندال تماما أذ قالت:
" لا ".
نظر اليها وعيناه الدامكنتان تحاولان فهم موقفها:
" ماذا تعنين؟ أتعنين أنه لا يبادلك الحب؟ يا لك من مسكينة تعلّقين آمالك على شخص مجرد من الشعور!".
جلست لورا على طرف السرير وجسمها النحيل يرتجف كورقة خريفية , مطأطأة الرأس علامة الأنكسار.
" توم يحبني على طريقته...".
" ماذا تقصدين بأنه يحبك على طريقته؟".
أخافها صوت راندال القوي فرفعت عينيها اليه وأجابت بأرتباك:
" لا أعرف... أعتقد أنه لا يحبني كفاية..".
" لم أفهم بعد".
" توم يريد العمل في الدول المتخلفة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية مما يعني أن مكاني ليس معه في هذه الحياة القاسية, فأنا برأيه رقيقة جدا لا أتحمل شظف العيش".
" أدرك أخيرا أنك رقيقة! ولكنه قرر السفر ليبتعد عنك , أما أذا أصبحت حرة فقد يغيّر مخططاته ويبقى هنا ليتزوجك".
" أتعتقد أن هذا سيسهل الأمر عليك؟".
أقترب راندال من السرير مضطربا , أنفاسه غير منتظمة لأول مرة تلاحظ عليه لورا فقدانه لهدوئه.
" لنطرح عواطفي جانبا الآن لأنني أريد قبل ذلك التأكد من عواطفك . سأعيد عليك السؤال , هل تتزوجين من توم نيكول أذا منحتك الطلاق؟".
" قلت لك لا!".
" هل أفهم من كلامك أنك لا تريدين الطلاق؟".
" هل تريده أنت؟".
أجاب بحزم:
" لا".
نظرت اليه غير مصدقة :
" أواثق أنت من... ظننت أنك...".
سكتت فجأة وأغرورقت عيناها بالدموع:
" ظننت ماذا؟".
" أنك مللت مني".
تلاقت نظراتهما في صراع عنيف خسرته عيناها, علت الحمرة وجنتيها وأمتلأت نفسها برجاء جديد . أقترب راندال ورفع وجهها الى عينيه , لم تستطع لورا النظر اليه مرتعدة من أعماقها.
" أنظري أليّ أريد أن أعرف ما تخبئين في نفسك".
أطاعت الأمر خائفة من أن تفضح عيناها حبها , على الرغم من سراب السعادة الذي تلمحه أمامها لم تجرؤ على مفاتحته بكل شيء خوفا من أن يكون ما يزال يمارس ألاعيبه السابقة.
تفرّس راندال في وجهها جيدا وتوقف طويلا عند عينيها محاولا النفاذ الى أعماقها , بعد أن أنهى تفحصه قرر الكلام.
أختار كلماته بدقة لئلا يظهر أي ضعف:
" عندما تزوجتك كنت آمل أن أسمعك تقولين( أنا أحبك) منذ الليلة الأولى , لكن هذا لم يحصل مع الأسف , ومع الوقت لم أعد أطيق أن ألمسك لأن الشعور بيننا صار مفقودا".
أتصدق لورا ما يقول؟ أيلمّح أنه يحبها؟ لم تعد تفهم شيئا .
" أتعني... أنك تحبني يا راندال؟".
عادت الى وجهه تلك النظرة الساخرة وأجاب:
" أحبك حبا جارفا".
كانت لورا تكره هذه النبرة الهازئة , تكره هذه الألاعيب التي تذلها , أيحاول بحيلة أن ينتزع منها أعترافا بالحب من جانب واحد؟ أعتراف يخوله أمتلاكها روحا وجسما هذه المرة , فيتحقق هدف نزعته الأمتلاكية؟
أطبق راندال على كتفيها فنظرت اليه والكلمات لا تستطيع الخروج من فمها للأعتراض, رأت وجها شاحبا وعينين تخبئان شعورا لم تعهده فيه من قبل.
" ألم تسمعي؟ أنا أحبك".
" لا ... أنا لا أصدقك".
جعلها تستلقي على السرير ووضع عينيه في عينيها .
"ولماذا لا تصدقينني ؟ لماذا تعتقدين أنني عرضت عليك الطلاق؟ أتعلمين ماذا تكلفني فكرة فقدانك ؟لكنني لست قادرا على تحمل تجاهلك وكرهك لي لحظة واحدة , لست قادرا على رؤيتك تتعذبين معي , لذلك قررت التضحية...".
أخذت دقات قلب لورا تتسارع , الأمل الذي لاح بعيدا بدأ يتحقق , شمس السعادة شرعت تطل بحياء من خلف غيوم التعاسة الرمادية , أرتسمت على ثغرها أبتسامة فرحة وهمست:
" كف عن الكلام وضمني الى صدرك".
كان عناقه عنيفا الى درجة أنه كاد يخنقها, حرارة الحب التي غلّفت عناقه أراحتها وأخمدت نار خوفها لتشعل نارا أخرى.
" يا ألهي كم هوكبير حبي لك يا لورا . أنت تفقدينني صوابي".
أحست لورا بأن الغرفة يدور بها في رقصة سعادة وخلاص, ماذا تبغي من الحياة أكثر من زوج يحبها؟ وضعت يديها على وجنتيه ورفعت وجهه:
" راندال.... حبيبي".
" لورا أحببتك من أول نظرة , شرعت بمطاردتك , لأنني ظننت أنني سأموت أن لم أحصل عليك, ولما فعلت ظننت أنك تبادلينني الحب, لكن توم قلب المقاييس في وقت لم يعد بوسعي التراجع فأكملت المشوار على الرغم من وجود رجل آخر في حياتك".
" لماذا لم تصرّح لي بذلك؟ لماذا قلت أن قلبي لا يهمك؟".
" لأنني خشيت من أن تستغلي ضعفي أتجاهك لتزيدي من عذابي... لو صرّحت لك بحبي لما كنت قبلت بالزواج مني بوجود توم. فأضطررت الى أستعمال الأبتزاز للوصول اليك, معتبرا أنني قادر على كسب ودك تدريجيا, أرجو أن تفهم مدى اليأس الذي دفعني الى أستعمال هذه الطريقة الملتوية".
" لكنك خضت مغامرة كبيرة لأن طريقتك هذه كانت كفيلة بجعلي أكرهك الى الأبد".
" أعلم ذلك لكنني لم أجد وسيلة أخرى لأحصل على حبيبتي الغالية, كان أستغلال غلطة والدك أملي الوحيد في الوصول اليك, معتمدا على خبرتي في الأغواء لأجعلك تنسين توم وتقعين في غرامي".
" وهذا ما حصل فعلا".
" ماذا؟ لكنك لم تظهري ما يلمّح الى ذلك, متى بدأت تشعرين نحوي بالحب؟".
هزت كتفيها علامة الجهل:
" لا أدري, ربما أحببتك منذ لقائنا الأول , لكن حبي لتوم كان جزءا من حياتي, كان عادة , والأنسان يصعب عليه التخلي عن عاداته , لكنني أعترف أن عناقك كان يجعل رأسي يدور".
ضحك راندال وقال:
" جسمك يعترف بما ينكره قلبك, متى تأكدت من أنك تحبينني؟".
" في البندقية بعد السهرة عند أنطوانيت بيل".
" لاحظت عليك شيئا من ذلك عندما رقصنا سوية".
" تفهمني أحسن من فهمي لنفسي , في تلك السهرة شعرت بالغيرة عندما رأيتك برقة تلك المرأة المحنكة وعندما تصورت أنكما كنتما حبيبين".
" وأنا شعرت بالشيء نفسه عندما رأيتك الليلة مع توم نيكول, أشكر الله أنني لم أقتله لأنني لم أع ما كنت أفعل".
" لا أخفي عليك أنني خفت على نفسي منك".
مرر راندال يده على عنقها مداعبا:
" كنت في الحقيقة أرغب في قتلك , لكن عينيك الدامعتين غيرّتا رأيي, قررت أن أعطيك حريتك كي لا تتعذبي".
تنهد وأضاف:
" أود أن أسمعك تقولين أن حبك لتوم قد أنطفأ".
" لم أعد أحبه, كان ذلك سرابا , ما أكنه لك مختلف تماما , قبّلته على خده وهمست , أحبك يا راندال...".
" توم نيكول رجل أحمق ! لولا مبادئه لأصبح زوجك ولكنت فقدتك الى الأبد".
" عندما أتخيّل نفسي زوجة توم أدرك الفارق بينك وبينه , توم رجل صالح وطيب لكنه ليس مناسبا لي وليس قادرا على أسعادي".
" كلامك صحيح , هناك هوة سحيقة بين الحياة التي يعيشها توم وما بأستطاعتي تقديمه لك , عليك أن تعوضي عليّ منذ الآن فصاعدا كل العذاب الذي تحملته".
ألتصقت به لورا وقالت:
" آسفة يا حبيبي, لو علمت بالحقيقة قبل الآن لكنا وفرنا على نفسينا هذه المعاناة".
" كان مستحيلا أن أعلمك بما في قلبي فخافة أن أصير عبدا لك تتحكمين برقبتي!".
أنفجر راندال ضاحكا بعد هذه الكلمات وكأنه يفجر في ضحكته كل ما أعتصر قلبه من ألم وأدمى روحه من حزن.
قالت لورا والعاطفة تهدج صوتها:
" لماذا لم تلمّح لي بذلك على الأقل, لم أشك يوما في أنك تحبني خصوصا بعد أن عاملتني بقسوة بالغة في بعض الأحيان".
" لا تستغربي ذلك من رجل يخاطر بجعل أمرة لا تحبه شريكة حياته , الغضب والغيرة والخوف على أفلاتك من يدي عوامل جعلتني أتعمّد أيذاءك لتخضعي لي".
" فهمت الآن لماذا كنت وحشا مفترسا ليلة عودتنا من البندقية".
" كم كنت يائسا عندها لأنني ظننت أنني فقدتك الى الأبد وقد عدنا الى لندن حيث تكونين بقرب حبيبك توم".
" سامحك الله يا راندال , كان عليك أن تصارحني فأنا كنت بأنتظار أشارة لأعترف بحبي".
هزّ راندال برأسه معترفا بصحة كلامها:
" أنت على حق , كنت جبانا لأنني لم أفعل , لم أستطع السيطرة على نفسي , كنت عاعائشا في جحيم مستعر".
خطر للورا سؤال طالما قض مضجعها في الفترة الأخيرة:
" أخبرني عن علاقتك بأنطوانيت".
ضحك راندال وقال:
" لن أخفي عنك أعجابي بأنطوانيت لكن علاقتنا لم تتعد يوما حدود الصداقة البريئة".
تنفست لورا الصعداء وسألته:
" لا تنكر أنك أقمت علاقات مع نساء كثيرات , فكيف يمكن أن أطمئن الى أنك ستبقى وفيا لي".
" تأكدي يا لورا أنني لم أحب واحدة من جميع النساء اللواتي مررن في حياتي, أنت الوحيدة التي عرّفتني الى الحب الحقيقي, معك عرفت مدى الوقت الذي أضعته باللهو والعبث".
وجدت لورا أن الفرصة مؤاتية لتعلمه بحملها فوضعت وجهها على صدره وقالت:
" لدي شيء مهم أقوله لك".
نظر راندال اليها بقلق متوقعا خبرا سيئا يفسد سعادته .
" أنا حامل يا راندال".
لوهلة ظنت لورا أنه لم يسمع ما قالت , ثم أضاء وجهه فرح عارم.
" هل أنت متأكدة؟".
" كل التأكيد".
" يا ألهي! لماذا لم تعلميني بذلك قبل الآن؟".
" لأنني أنتظرت رأي الطبيب ولهذا ذهبت اليوم الى توم".
" أتعنين أنه قام بمعاينتك ؟".
" لا تكن غيورا يا حبيبي , رفض توم أن يكون طبيبي , في أي حال, كان ذلك حماقة مني".
" رفض الأعتناء بك لأنه يحبك أليس كذلك؟".
أومأت بالأيجاب.
" ولكن لماذا أغمي عليك يا لورا عندما صرّح لك توم بحبه , أما زلت تحبينه؟".
" كلا , ولكنني حامل ولا أتحمل الصدمات , صرّح توم بحبه في وقت كنت فيه على حافة الأنهيار بسببك , أحبك وأنت تهملني , غير آبه بي, تعاملني كقطعة أثاث في قصرك الفخم".
" كوني على ثقة أنك أغلى هذه القطع وأعزها الى قلبي- ضحك راندال وتابع- لا عليك يا حبيبتي سأعوّض لك كل ما سببته من آلام".
" وأنا سأفعل الشيء نفسه".
" علك بعد اليوم الأهتمام جيدا بنفسك حفاظا على الجنين".
وضع راندال الغطاء فوقها بكل رفق وأضاف:
" الزكام مضر كثيرا بالحوامل وخاصة بالنحيلات منهن".
" أتصور نفسي كيف سأكون بعد بضعة شهور , بالطبع لن يعجبك شكلي المستدري".
قهقه راندال من الضحك وأخذ يقبل يديها الناعمتين بحنان.
" لا تخافي يا عزيزتي فأنا أحب الأشكال الطريفة!".
داعبت لورا شعره الأسود وأغمضت عينيها لتتمتع بالسعادة التي وجدتها بعد طول بحث وعناء.
عندما أفاقت في اليوم التالي فوجئت لورا لوجود راندال قربها , كانت سعيدة ألى درجة أنها شعرت برغبة في الغناء. طوقها راندال بيده القوية وشدها اليه.
" ألم تتأخر على عملك يا حبيبي؟".
" الموظفون قادرون على تسيير الأمور بدوني , أرغب اليوم في البقاء بقربك".
تذكرت لورا بمرارة الأيام الماضية وتنهدت قائلة:
" كم كنت أحزن عندما كنت أفيق في الصباح وأجدك قد ذهبت دون أن توجه لي كلمة واحدة".
" أعدك يا لورا بأن هذا لن يحدث مطلقا بعد الآن الى درجة أنك ستضطرين الى طردي من السرير لأذهب الى العمل!".
" وما رأيك لو أبقيتك هنا؟".
" أنا مستعد للبقاء طوال النهار في هذا السرير".
" ألن تمل من ذلك؟".
" من يفكر بالملل بوجودك؟".
بعد قليل شعرت لورا بالجوع فتململ راندال عندما حاولت النهوض:
" أنا جائعة يا عزيزي".
" يا لتفكيرك السطحي , ألا تفكرين الا بالأكل؟".
ضحك راندال وسمح لها بالنهوض , وأخذ يراقبها بشغف وهي تتنقل في الغرفة وتستعد للنزول.
" المشهد من هنا رائع يا حبيبتي لورا".
" ألن تنهض من اسرير اليوم؟".
" لا , تعالي الى هنا".
ضحكت لورا وخرجت.منتديات ليلاس
في غرفة الجلوس كان والدا راندال يطالعان الجرائد والمطالعة هي المرحلة الثانية بعد الفطور في برنامج حياة آل مرسييه, قبلتهما لورا وقالت السيدة مرسييه:
" أعلم أن الأمر ليس من شأني".
تدخل زوجها مقاطعا:
" نعم, الأمر ليس من شأنك, دعي راندال ولورا يتدبران شؤونهما بنفسهما".
" لكن لورا ليست على ما يرام , فهي تبدو شاحبةو ...".
لم تدعها لورا تكمل كلامها أذ بادرت الى القول:
" لا عجب في ذلك عندما تكون المرأة حاملا".
ساد الغرفة صمت تام, وضع أيف مرسييه الجريدة على الطاولة أمامه في حين أخذت زوجته تحدق بلورا بأهتمام.
أحمر وجه لورا من الخجل وفسرت:
" أنتابتني أعراض الحمل في المدة الأخيرة ويبدو الآن أن الأمر أكيد".
أنتقل والد راندال ليجلس الى جانبها ووضع يدها في يده.
سألتها السيدة مرسييه:
" هل يعلم راندال بالأمر؟".
في هذه اللحظة دخل راندال الى الغرفة منشرحا , نشيطا ." عن أي شيء تتكلمين يا أماه؟".
دهش والداه لوجوده في البيت فسأله أبوه:
" لماذا لم تذهب الى العمل؟".
" ألا يحق لي منح نفسي يوم أجازة؟".
أجاب الوالد موافقا:
" بالطبع , لكن هذا ليس من عادتك".
تناول راندال طبقا وجلس الى جانب زوجته التي رمقته بنظرة ملؤها الحب والحنان.
" منحت نفسي أجازة لأن اليوم الذي يعلم فيه المرء أنه سيصبح أبا يوم خاص يستحق ذلك".
تنفس العجوزان الصعداء وأطمأن قلباهما الى سعادة راندال وزوجته.
ألتفتت لورا صوب السيدة مرسييه وتساءلت أذا ما كانت المرأة مطلعة على كل ما جرى بينها وبين راندال .
أطل رئيس الخدم بأناقته وهدوئه المعهودين فسأله راندال :
" ما الأمر؟".
" هناك طبيب يدعى توم نيكول يريد مقابلة السيدة لورا ".
وقف رئيس الخدم كالتمثال ينتظر الأوامر ليتصرف.
لاحظت لورا بوضوح بريق الغيرة في عيني زوجها عند لفظ أسم توم.
" هل تريدين مقابلته يا لورا؟".
" نعم يا راندال , سأرى ماذا يريد".
هبّ الرجل من مقعده وقال :
" لا لن تريه وحدك سنفعل ذلك سوية".
" حسنا يا عزيزي , هذا أفضل".
نظر السيد مرسييه الى زوجته التي لم تكن تفهم أكثر منه ما يجري بين العروسين.
" ماذا يحدث يا ترى؟".
" لا شيء مهما يا أيف, أعتقد أنهما يتدبران الأمور جيدا ".
كان توم ينتظر في الرواق قلقا , عابسا , يحمل بيده حقيبته السوداء , دهش لما رأى الزوجين الشابين يسيران ويد الواحد في يد الآخر , وأبتسامة لورا العريضة لا تمت بصلة الى ما حدث بالأمس.
" جئت لأطمئن على لورا ليس الا".
" ما عليك يا سيد توم الا أن تنظر اليها لترى".
نظرت لورا الى توم بقلق لأنها لا تحتمل كونه يتعذب من أجلها.
" أنا بخير يا توم , لا داعي للقلق".
لم يعد توم يدري ما يقول فتمتم:
" كان عليّ التأكد من ذلك لأنني لم أستطع النوم البارحة".
علق راندال متهكما:
" ونحن كذلك لم ننم...".
لم تستسغ لورا أستهزاء راندال الذي بدا آسفا لما قاله .
أتجه توم نحو الباب وقال:
" سأنسحب أذا بما أنك بخير يا لورا".
أستوقفه راندال وأبلغه:
" لا تشغل بالك يا سيد نيكوا سأعمل جهدي لأسعد لورا وأجعلها المرأة الأكثر دلالا في العالم".
وقف توم صاما يفكر في غرابة الموقف , بعد قليل تكلم وبدا مقتنعا:
" شكرا يا سيد راندال , أنا سعيد لأن الأمور سويت بينكما".
أرادت لورا أن تقبل لورا قبلة الوداع لكن غيرة راندال التي لم تخمد بعد جعلتها تعدل عن ذلك , أكتفت بالقول :
" الى اللقاء يا توم, شكرا لك على مجيئك".
خرج توم وكان صوت أغلاق الباب مؤذنا برحيله الطويل .
" آسف لأنني تصرفت بغباء يا حبيبتي , لكنني لم أستطع التغلب على غيرتي بعد".
" سأحب توم دائما".
قبل أن ينفجر راندال غضبا أوضحت لورا :
" سأحبه كأخ , كصديق ,كأب , لا أستطيع بين ليلة وضحاها نسيان السنين التي أمضيناها معا, سأشتاق اليه أينما كان".
" فهمت يا حبيبتي".
" أطمئن يا راندال , توم لن يتدخل في حياتنا بعد اليوم , ألم تدرك أنني أحبك أنت , توم أخي وأنت .... وضعت ذراعيها حول عنقه وجذبته اليها, أنت حبيبي".
تمـ بحمد الله ـت