لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


92 - لمن ترف الجفون - شارلوت لامب - عبير القديمة ( كاملة )

الملخص الفارق بين الوهم والحقيقة لا يكاد يكون واضحا في معظم الأحيان , وخاصة في بداية الحياة حين تختلط المشاعر والأحاسيس بشكل قوي.... أحبت لورا توك الطبيب الهادىء , صديق

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-08-09, 09:15 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي 92 - لمن ترف الجفون - شارلوت لامب - عبير القديمة ( كاملة )

 


الملخص
الفارق بين الوهم والحقيقة لا يكاد يكون واضحا في معظم الأحيان , وخاصة في بداية الحياة حين تختلط المشاعر والأحاسيس بشكل قوي.... أحبت لورا توك الطبيب الهادىء , صديق العائلة منذ الصغر وأنتظرت يوم تتويج الفرحة بثقة على نقيض منه, كان راندال رجلا ثريا متسلطا دخل حياتها كعاصفة هوجاء وقلبها رأسا على عقب, وجدت لورا نفسها في وضع يستحيل معه رفض الزواج من راندال , أتصغي لنداء القلب يشدها نحو توم؟ أم لنداء العقل يجعلها تقبل براندال لتنقذ وظيفة والدها وحياة والدتها ؟ كيف تخرج الفتاة الرقيقة من المأزق الذي هز كيانها وخلخل توازنها؟منتديات ليلاس

للتحميل ككتاب من هنا

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس

قديم 12-08-09, 09:25 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


1- الحيّ الشرقي
كانت الرياح تعصف بشدة في تلك الليلة الباردة على ضفاف نهر التايمز الذي يخترق لندن , وكانت الزوارق الراسية تصدر جلبة تختلط مع حفيف أوراق الأشجار المنتشرة على ضفتي النهر, يعلوها أحيانا غطيط بعض الفقراء الذين يفترشون الأرض ويلتحفون الجرائد البالية في الحي الشرقي للمدينة ,
قالت لورا هالام وهي تجيل نظراتها في الشارع:
" لندن مدينة موحشة تماما في الليل ".
فعلقت رفيقتها بات باسيت:
" لم يجبرك أحد على مرافقتي , لقد أنذرتك بأن هذا الجزء من المدينة مفزع بعض الشيء".
" أنا سعيدة جدا لأنني أتيت , فهؤلاء الأطفال بحاجة لمن يعتني بهم بعد موت والدتهم ودخول والدهم السجن".
" مثل هذا يحدث يوميا هنا , ونحن نحاول جهدنا لتخفيف الألم عن هؤلاء البائسين , والأطفال الذين زرناهم الليلة محظوظون بالنسبة الى غيرهم لأن خالتهم ستعتني بهم , في حين أننا نرسل الكثيرين ليعيشوا مع غرباء لا يمتون اليهم بصلة , قلبي مطمئن بالنسبة الى هذه العائلة فالروابط بين أفرادها قوية مما يسهل عليه خوض معركة الحياة".
كان لدى لورا أنطباع بأن بات لا تستسيغ صحبتها تماما ولكنها لم تكن تعرف سبب ذلك , هل لأن بات بحكم عملها كموظفة في الخدمات الأجتماعية , ترى الفارق واضحا بين مستوى معيشة لورا ومعيشة الفقراء المعذبين؟ أم لأنها تعتبر لورا فضولية بعد أن أصرّت على مرافقتها ؟ ولورا لا تريد بالطبع أن توضح لبات أن دوافع هذه الزيارة شخصية من قبل وزارة الصحة للمنطقة التي تعمل فيها تحت أشرافه.
أكملت الفتاتان سيرهما ووقع أقدامهما يتردد في الشارع شبه المهجور , ولم يقطع هذا الصمت سوى هدير دراجة نارية يقودها شاب بسرعة جنونية , بعد ذلك خيّم السكوت من جديد.
صاحت بات في وجهه بغضب:
" أرعبت الفتاة دعها وشأنها".
ضحك الشبان من جديد وصعدوا الى السيارة , أدار راندال المحرك , وما هي الا دقيقة حتى أختفوا مثل حلم مزعج, نظرت بات الى لورا بقلق:
" أنذرتك بأن المجيء الى هنا ليلا محفوف بالمخاطر , فلم تقتنعي, سيلومني توم لأنني أصطحبتك , كيف سأبرر موقفي أمامه غدا؟".
" لا تخافي فأنا لست طفلة, أصبحت في العشرين وأتحمل مسؤولية ما أفعل".
" وجّهي هذا الكلام لتوم غدا, هيّا سأوصلك الى البيت".
أستقلت الفتاتان الباص المتوجه الى الحي الراقي حيث تسكن لورا مع والديها , بعد قليل ترجلتا وسارتا في شارع محاط بالأشجار حتى بلغتا بوابة المنزل".منتديات ليلاس
" ستكونين بخير الآن يا لورا".
" شكرا على كل شيء, كانت تجربة مثيرة فأنا أحب خوض المغامرات لأتعلم منها".
" أرجو أن تكون المغامرة قد أظهرت لك الفارق جليا بين عالمك والعالم القاسي الذي أختاره توم لنفسه".
نظرت لورا الى بات وهي تتساءل عما تبتغيه من محاولتها أظهار حبها لتوم وكأنه فاشل لا محالة.
دخلت لورا الى البيت لتسمع أمها تناديها من غرفة الجلوس:
" هذه أنت يا حبيبتي؟ أين كنت في مثل هذا الوقت المتأخر؟".
" كنت برفقة بات نقوم ببعض الزيارات".
السيدة هالام, والدة لورا, أمرأة نحيلة في الخمسين من عمرها, شعرها الأبيض كان ذهبيا أيام الصبا كشعر أبنتها , صحتها الضعيفة تجبرها على البقاء في البيت وعدم القيام بأي عمل مجهد , فهي قد تعرضت لنوبتين قلبيتين كادتا أن تقضيا على حياتها , لذلك يعاملها كل من زوجها وأبنتها معاملة رقيقة للغاية خوفا من أي نكسة جديدة , وهي تحاول أحيانا رفض الواقع والقيام بأي نشاط يشعرها بلذة الحياة.
لكن أوامر الطبيب في هذا الصدد صارمة, لأن النوبة الثالثة ستودي بها دون أدنى شك.
كرست لورا نفسها لخدمة أمها منذ تركت المدرسة , أختارت هذا الطريق طوعا ورفضت دخول الجامعة , على الرغم من أصرار والدتها , لأنها لن تجد أحدا يقوم بمهمة العناية بالمرأة المريضة نيابة عنها.
شعرت لورا بالأرتياح في هذه الغرفة مع أمها , السيدة هالام صاحبة ذوق رفيع في تزيين المنزل , جعلت الغرفة مريحة وجميلة في آن , ألوان الستائر متناسقة مع لون السجادة ولون المقاعد المريحة والدافئة, في كل زاوية مجموعة من الزهور تضفي على الغرفة جوا مفرحا.
سألت الفتاة أمها:
" أين والدي الليلة؟".
" ذهب ليمضي السهرة مع أصدقائه, تعلمين أنه يمل من هدوء البيت".
السيد هالام رجل أجتماعي يحب الأختلاط بالناس والمشاركة في السهرات والحفلات , منزله هادىء جدا ويثير في نفسه شيئا من الكآبة والأنقباض , لذلك فهو يمضي معظم السهرات خارج البيت , شعرت لورا بالحرج والأضطراب , كان يجدر بها ألا تخرج من البيت وتترك أمها وحدها.
بدأت السيدة هالام بجمع أدوات الحياكة, التي تمارس بها نشاطها الوحيد , لتستعد للنوم.
" سأصعد الى غرفتي الآن يا حبيبتي لورا".
" هل تريدين بعض الحليب يا أماه؟".
" هذا لطف منك , لكنني أخشى أحيانا أن أكون حائلا بينك وبين التمتع بالحياة, بأمكاننا توظيف أمرأة تعتني بي عندما تودين الخروج, فلا يجوز لصبية جميلة مثلك سجن نفسها في البيت".

أرجوك يا أمي , لا تقولي مثل هذا الكلام , أنا أحب الأعتناء بك, ثم أن توم يصطحبني مرة في الأسبوع الى المسرح...".
قاطعتها أمها:
" أذا سمح وقته بذلك, أشغاله تمنعه من أن يصطحبك مرة في الشهر لا في الأسبوع , حياة الطبيب صعبة خصوصا بالنسبة الى زوجته".
" هو لم يطلب مني الزواج بعد! فلماذا تتكلمين عن الحياة الزوجية؟".
كانت أمها تعلم مدى الحب الذي تكنه لتوم منذ صغرها , فلورا لم تكن تخفي عنها شيئا.
" توم شاب ممتاز يا بنيتي , هو طبيب لامع كأبيه وأنسان رقيق , لكن عليك أن تفكري جيدا قبل أتخاذ أي قرار , لا أريد التدخل في ما لا يعنيني , لكنني قلقة على مستقبلك ولا أريد لك الا كل الخير".
عانقتها لورا وقالت:
" أنا أعرف ذلك, لا تقلقي بشأني ... توم لم يأت على ذكر الزواج بعد فهو يعتبرني صغيرة على مثل هذه الأمور , أنه يعاملني وكأنني ما زلت الطفلة التي لاعبها يوم كان طالبا...".
ذكّرتها هذه الكلمات بالحادثة التي تعرضت لها منذ قليل, أحمر وجهها وأضطربت فقلقت أمها الرقيقة.
" ما الأمر يا بنيتي؟".
" لا شيء مهم, تعرّضت وبات لمضايقة بعض الشبان وأنتهى الأمر بسلام".
" أنها طباع جيل اليوم , حتى توم كان طائشا أيام الدراسة!".
وغرقت الأثنتان في ضحكة طويلة.
صعدت السيدة هالام الى غرفتها وتوجهت لورا الى المطبخ لتحضر الحليب.
فجأة أرتسمت في مخيلتها صورة راندال , الرجل الذي طبع قبلة على خدها قبلة ونشل قفازها , أثار هذا الشخص في نفسها حنقا وكرها شديدين , لقد مقتته م أول نظرة , لكن شيئا ما كان يشدها اليه, غرائزها في داخلها جعل جسمها يتجاوب معه.
وضعت رأسها بين يديها كأنها تحاول طرد هذا الشعور الذي تخجل منه نفسها , كيف يمكن لفتاة مثلها أن تستجيب لقبلة رجل وقح... بينما حبها لتوم نيكول لم يثر في نفسها يوما أي أنفعال كهذا , علاقتها به علاقة روحانية بحتة نقيض ما شعرت به أتجاه راندال.
تجاوب جسمها مع رجل غير توم مصيبة , لكن تجاوبه مع رجل أعتبرته مقيتا مصيبة أعظم وجريمة لا تغتتفر .
لم ينتزعها من تأملاتها الا صوت الحليب يغلي , ملأت كوبا وصعدت الى غرفة أمها لتجدها غرقت في سبات عميق... نظرت أليها بحنان , هذه المرأة الرقيقة تشكل هاجسا دائما في حياتها , فهي تخشى موتها في كل يوم لا بل في كل ساعة ودقيقة في عمرها , العزاء الوحيد هو وجود توم المطمئن الى جانب العائلة.
وبينما هي تستعد للتوجه الى غرفتها أذ بوالدها يطل من الباب.
" مساء الخير يا حبيبتي".
" أبي كيف تخرج وتترك أمي وحدها؟".
" كنت أنوي الخروج عشر دقائق فقط, لكنني ألتقيت أحد الأصدقاء ومر الوقت دون أن أشعر".
فجأة أنقلب مزاج السيد هالام المرح الى كآبة وقال:
"أنا أتعب وأشقى لأؤمن لوالدتك جميع أحتياجاتها كما تعلمين , العمل في شركة مارسييه ليس بالأمر السهل, أحتاج للراحة ظلأنني انسان لا آلة تعمل لأنتاج المال كما يعتبرني الحقير مرسييه , هذا الشاب سيودي بالشركة التي بناها أبوه الى الخراب الوشيك".
" نحن نقدّر جهودك يا أبي ونعلم أن عملك في الشركة مرهق ومضن, لكنك تعلم مدى قلقي على أمي".
في أي حال, لم تكن الشركة بخيلة مع محاسبها السيد هالام, فالأجر الذي يتقاضاه محترم بحيث مكنه من شراء منزل فخم وتأمين كل ما يلزم للزوجة المريضة من علاجات خاصة وأدوية مختلفة , عشرون سنة مضت على عمله في اشركة , عاصرها منذ أن كانت مشروعا صغيرا بدأه أيف مارسييه المهاجر من فرنسا الى أن أصبحت أمبراطورية حقيقية , منذ سنوات تقاعد مرسييه الأب ليدير الدفة مرسييه الأبن . شاب حيوي وذكي , في العقد الثالث من عمره.
بدأ السيد هالام بالتذمر من عمله عندما استلم الأبن أعمال أبيه, ربما كان سبب ذلك كره هالام للتغيير الذي أحدثه الشاب الديناميكي في هيكلية الشركة ونظام عملها.
" المهم أن تكون أمك بخير".
" هي بخير يا أبي, لقد صعدت لتوها للنوم".
" لن تدركي يا لورا مدى قوة الصدمة التي سببها مرض أمك لي".
" على العكس , أنا أقدر ظروفك وأعلم تماما صدق حبك لها".
كان زواج هالام ناجحا على الرغم من أختلاف طباعه عن طباع زوجته , هو يحب الحياة , يضج بالنشاط , هي هادئة , رقيقة ناعمة تفضل هدوء البيت على أي شيء آخر , ربما كانت صفات أحدهما تكمل شخصية الآخر وتسد الفراغ في نفسه , مما لم يضعف يوما جذوة الحب بينهما.
" هل تعتقدين يا لورا أن حالتها تسوء؟".
" أنا أراها مرتاحة جدا, ورأي الطبيب موافق لرأيي".
" حسنا , علينا أن نأوي الى الفراش الآن , تصبحين على خير".
" تصبح على خير يا والدي".
نظرت اليه يصعد الى السلم وهي تتساءل عن سبب شروده في المدة الأخيرة , لاحظت عليه قلقه وأضطرابه ,وكأن شيئا ما يجعله حذرا مترقبا... لربما كان مرض والدتها سبب ذلك, لا فائدة من التحدث اليه في هذا الموضوع فهو رجل كتوم يحتفظ بمشاكله لنفسه.
دخلت لورا الى غرفتها , جلست على طرف السرير تحتسي بعض القهوة وهي تحاول عبثا طرد صورة راندال من عينيها , لم تنجح في النوم الا بعد أن قرأت رواية بوليسية أبعدتها عن التفكير به ... مؤقتا.

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 12-08-09, 09:56 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


2- لقاء في الحديقة

في اليوم التالي حضر توم لزيارة السيدة هالام , كان يقوم بذلك يوميا مع أنه ليس طبيبها الخاص بل تدفعه صداقة قديمة وقوية تربط بين العائلتين , أنه شاب وسيم في الثلاثين من عمره , أشقر الشعر , أزرق العينين , أختار الطب كأبيه لكنه لم يصبح جاحا مثله مفضلا العمل في الحي الشرقي للمدينة خدمة للفقراء مؤمنا بالطب رسالة نبيلة , لم يكن يبحث عن الكسب المادي كغيره من الأطباء , لأنه يعتبر أن في الحياة أشياء وأهدافا أخرى غير الثراء والمادة , كانت لورا تعتبر توم الرجل المثالي الكامل , أحبته منذ الصغر ولم تجرؤ يوما على مصارحته بالحقيقة.منتديات ليلاس
بعد أن أنهى معاينة السيدة هالام نزل توم الى غرفة الجلوس ليشرب القهوة التي أعدتها لورا , أستقبلته الفتاة بشيء من الأضطراب خوفا من أن يكون غاضبا لمرافقتها بات من دون موافقته.
" لماذا فعلت ذلك يا لورا؟".
نظرت اليه بحيرة ,لم يبد غاضبا وأن تكن علامات عدم الرضى واضحة على وجهه الهادىء الباعث على الأطمئنان , هذا الوجه جعل منه الطبيب الأكثر شعبية في شرقي لندن , يتفهم مشاكل الفقراء , يشجعهم , يعطيهم أملا جديدا ونورا في ظلم حياتهم التعيسة , كان بلسم جراحهم , قبسا في نفق عيشتهم المظلمة , أجابت لورا بعد تردد وبصوت منخفض:
" أردت التعرف على أمكنة عملك".
" عديني بأنك لن تعيدي الكرة".
" أغاضب أنت مني؟".
" غاضب؟ وهل من المعقول أن أغضب منك يا ملاكي البريء؟".
لامست يده خدها الناعم الناضج ببراءة الطفولة , فتنفست لورا الصعداء لعلمها أن حبيبها غير غاضب.
" يا لك من طفلة رائعة يا عزيزتي!".
" ما تزال تعتبرني طفلة يا توم وأنا صبية راشدة ناضجة...".
" صبية راشدة وناضجة! وأنا كنت أفكر بأهدائك لعبة في ذكرى ميلادك!".
لم تكن لورا تدري حقيقة شعور توم نحوها , من جهة كانت تحس بأنه يحبها حبا جارفا, ومن جهة أخرى كان يعاملها كأخ لا كحبيب , هذا التجاذب كان يعذبها ويفقدها التوازن العاطفي الذي تحتاجه فتاة في سنها .
حدّق توم فيها طويلا وقال:
" كنت أمزح فحسب يا عزيزتي , أنت بنظري فتاة واعية ولا بد أن تجدي يوما شابا يبادلك الحب الصادق".
" لا أريد أن يقع في حبي شاب سخيف, أريد رجلا حقيقيا ناضجا يفهمني".
أحست لورا بالحب يغلّف نظرات توم وهي تداعب عينيها وقلبها , لماذا لا يصرح لها بذلك؟ لماذا يريد أقناعها بأنه ما يزال يراها طفلة ؟ هل هي مخطئة في تقدير مشاعره ؟ أسئلة تعذبها وتقض مضجعها ليل ونهار بدون أن تجد لها جوابا شافيا...
" الوقت أمامك لتجدي ضالتك المنشودة , فلا سبب للعجلة خاصة أنني سأشعر بالحزن لفقدانك...".
قاطعته بلهجة حازمة:
" لن تفقدني أبدا".
وضع توم يده في يدها وقال:
" أخبرتني بات بما حدث مع هؤلاء الشبان البارحة , هل أخافتك الحادثة؟".
" كنت حانقة لا خائفة, من المؤسف أن نجد في مجتمعنا شبانا بهذا القدر من قلة التهذيب ".
فور ذكر الحادثة غمرها شعور بالخزي والخجل, وشعرت بأنها خانت حبها عندما حملتها قبلة راندال الى عالم من الأحلام الساحرة.
أدرك توم أن الحديث يحرجها فشدّ يده على يدها أكثر.
" هدفي من عدم السماح لك بمرافقة بات هو تجنبك حوادث من هذا النوع لأن مناطق عملنا لا تليق في الحقيقة بك".
" لا تقلق بشأني يا توم فأنا قوية الشخصية لا أميل مع أول نسمة هواء".
أرتسمت على وجه الشاب أبتسامة رضى.
" أنا متأكد من أن شخصيتك صلبة كالصخر يا لورا , لا تزحزحها الرياح العاتية , أنت فتاة من نوع خاص ولا أتحمل أطلاقا تعرّضك لأي مكروه , رقتك اللامتناهية تجعلك مختلفة تماما عن سواك, وتجعلك بعيدة عن المحيط الذي أخترته لنفسي , هو عالم قاس لدرجة أنني أمنعك من الأقتراب منه بعد الآن...".
" ولكن يا توم...".
أسكتها بأشارة من يده وأكمل:
" أريد منك وعدا قاطعا بألا تذهبي الى تلك المنطقة بعد الآن".
" أعدك".
قطع الحوار رنين جرس الباب , وذهبت لورا لترى من القادم في حين صعد توم الى غرفة السيدة هالام ليودعها ويوجه اليها بعضا من نصائحه.
فتحت لورا الباب لتجد أمامها بات , لم تكن تدري سبب الشعور بعدم الأرتياح الذي ينتابها كلما ترى هذه الفتاة.
" أهلا يا بت تفضلي".
" جئت لآخذ توم لأن سيارته معطلة, هلا ناديته فنحن على عجلة من أمرنا , لدينا موعد مهم وقد تأخرنا".
في هذه اللحظة أطلّ توم على الدرج الداخلي للمنزل قائلا:
" بات, تأخرت بعض الشيء".
" لست الملامة لأن الأزدحام كان اليوم رهيبا".
" لا بأس , لنذهب فورا لعلنا نصل في الموعد المحدد".
أسبقني الى السيارة يا توم ريثما أجري مكالمة هاتفية ملحة , هل من مانع يا لورا؟".
" بالطبع لا , أعتبري نفسك في منزلك".
رافقت لورا توم الى السيارة وتركت بات في البيت.
" أهتمي جيدا بوالدتك".
" أهتم أنت بنفسك يا توم , فقلقي عليك يكاد يعادل قلقي على أمي".
" أشعر وكأنني طفل يتلقى النصائح من والدته".
" لا تنس يا توم أن حفل عيد ميلادي أصبح قريبا".
كان هذا الحفل من الفرص النادرة التي تستطيع لورا فيها التمتع برفقة توم.
" ما نوع الهدية التي تفضلين؟".
" أي شيء منك يا عزيزي يعجبني , أختر ما تشاء فأكون ****ة".
" أنت سهلة الأرضاء وقنوعة ".
" هذا ليس رأي بات , أليس كذلك؟".
لم يعلّق توم على ملاحظة لورا مما جعلها تدرك أنها على حق فيما قالت , فنظرة الفتاة اليها عدائية من دون سبب ظاهر.
خرجت بات مسرعة وفي عينيها بريق هازىء , أدارت المحرك وأقلعت بسرعة دون أن تلتفت الى لورا أو تشكرها على المكالمة..
دخلت لورا الى البيت وبدأت تحضير طعام الغداء.
أرتدت السيدة هالام ثيابها ونزلت الى غرفة الجلوس لتمضي خارج السرير الساعات الست التي يسمح بها الطبيب يوميا.
أشتمل الغداء على السمك المشوي وسلطة الخضار وبعض الفواكه.
بعد الغداء حاولت السيدة هالام مساعدة أبنتها في غسل الصحون لكن هذه الأخيرة رفضت ذلك بشكل قاطع تنفيذا لأوامر الطبيب الصريحة, كانت لورا تفعل ذلك مرغمة لأنها تدرك مدى أنزعاج أمها من قلة الحركة.
" أنت ووالدك تعاملانني كطفلة مدللة وهذا ما يضايقني كثيرا".
" أنما نفعل ذلك خوفا على صحتك يا أماه! من واجبنا الحفاظ على كنز ثمين لسنا مستعدين للتفريط به".
" يخيّل أليّ أنني سمعت صوت بات باسيت قبل ذهاب توم".
" أتت لتقله بسيارتها".
" فتاة فظة , لا تخشى أبدا أبداء رأيها بصراحة مهما كان جارحا".
" ولكنها مخلصة في عملها وتوم يقدّر لها ذلك يا أمي".
" أنها لا تفعل سوى ما يمليه عليها الواجب – وأضافت السيدة هالام بثقة- ل تعلمين أنها مغرمة بتوم؟".
تجمّد الدم في عروق لورا وقالت بعد جهد:
" ما الذي يجعلك تعتقدين ذلك؟".
" يا لك من فتاة ساذجة ! ألم تلاحظي ذلك من نظراتها؟ ألم تتساءلي لماذا هي لا تحبك؟".
بدا ذهول كبير على وجه لورا وهي تفكر في الأمر , هذا صحيح, بات تحب توم , والا لماذا كانت تحاول تفشيل علاقة لورا به, لكن توم لا يبادلها شعورها , بل يعتبرها صديقة فحسب, لورا تعرف ذلك من طريقة كلامه وتصرفاته ... توم يحبها هي , ولا يحب بات , الأمر واضح لا شك فيه.
وصلت السيدة نايت , التي تعتني بالسيدة هالام يوميا بعد الظهر , فاستغلت لورا هذه الفرصة لتخج للتنزه في الحديقة العامة المجاورة , أرتدت ثوبا أبيض خفيفا يناسب الطقس الحار المشمس , وهو أمر ليس مألوفا في أنكلترا المغرمة بطقسها البارد على مدار السنة .
فيما كانت لورا على أهبة الأأستعداد للخروج سمعت طرقا خفيف على الباب , كان الطارق صبيا في العاشرة يحمل بيده علبة رمادية :
" نعم, ماذا تريد؟".
" الآنسة لورا هالام؟".
" تماما".
" كلّفني شخص بأن أسلمك هذا".
ناولها العلبة وتوارى قبل أن تستطيع طرح أي سؤال.
خرجت لورا لترى اذا كان مرسل العلبة ما زال هنا.
كان الشارع خاليا , ربما كانت هذه هدية توم , لكن ذكرى ميلادها تصادف بعد أسبوعين , فالوقت ما زال مبكرا على أرسال الهدايا , فتحت العلبة ودهشت لرؤية محتوياتها, كان فيها أثنا عشر زوجا من القفازات الحريرية , المختلفة الألوان والمرتفعة الثمن.
أكتشفت مرسل العلبة , هو الوقح راندال يحاول الأعتذار عما فعله أمس , كيف يجرؤ على فعل ذلك؟ أيعتقد أن أرسال هدية ثمينة يكفي لمحو آثار تلك الحادثة المهينة؟ لا شيء في العالم يمكن أن يخفف من كره لورا لهذا الشخص , أنه كره شديد لدرجة يجعلها تتقزز لمجرد التفكير به

للحظة راودتها فكرة رمي هذه القفازات , لكنها عدلت عن ذلك بعدما تفحصتها جيدا , أنها لم ترتد مثلها في حياتها , وقررت أن تحتفظ بها لأن أتلافها لن يفيدها بشيء, أختارت من العلبة زوجا يناسب ثوبها وخرجت.
وصلت الى الحديقة وأخذت تتنشق الهواء المنعش بنهم, جلست تتأمل أشعة الشمس تنعكس على صفحة مياه البحيرة الصغيرة وتتناثر تيجانا صغيرة فوق رؤوس طيور البط المتنافسة على قطع الخبز التي يرميها الأولاد لها.
وفيما هي غارقة في أحلامها سمعت ضحكة خفيفة وراءها ,
ألتفتت لتجد الشخص الذي تمنت ألا تراه أبدا... راندال.
" أراك ترتدين قفازين جميلين , ذوقك جميل فأنا أعجبت بالزوج نفسه".
أمتقع وجه لورا ولم تدر ما عليها فعله , خلعت القفازين ورمتهما بغضب في البحيرة.
أنفجر راندال ضاحكا لحركتها الصبيانية الأنفعالية :
" الغضب يزيدك جمالا وبراءة".
أدارت لورا ظهرها ومشت مسرعة نحو المخرج وهي تتساءل كيف حصل على أسمها وعنوانها , لحق بها فتوقفت ورمقته بنظرة حادة مليئة بالحقد, كرهت هذا الوجه الهازىء , هذا الجسم الرشيق ذا العضلات البارزة ... لا شك أن الكثيرات يعتبرنه وسيما, لكنها لم ترتح لهذه الوسامة أبدا , نظراته المتغطرسة والمتهكمة جعلتها ترغب في الفرار, لماذا يطاردها وهي طفلة بالنسبة اليه؟ ماذا تهمه فتاة بسيطة مثلها وهو يستطيع بالطبع الحصول على أجمل النساء؟
" أعليّ أن أنادي حارس الحديقة لتكف عن ملاحقتي؟".
" أرجو ألا يكون وجودي يزعجك؟".
" كيف حصلت على أسمي وعنواني؟".
" الأمر سهل للغاية , صديقتك صرحت أنها موظفة في الخدمات الأجتتماعية , وصلت أليها و منها أليك ".
" تعني أنك لحقت بها الى منزلي؟".
" كلا, ذهبت الى شقتها وطلبت منها العنوان , رفضت أعطائي أياه, لكنها عادت وأتصلت بي في مكتبي بعدما غيّرت رأيها لسبب أجهله , في أي حال لا يهمني السبب ما دمت قد وصلت الى النتيجة".
تذكرت لورا عندئذ المكالمة الهاتفية التي أجرتها بات في منزلها , لكنها لم تجد سببا يدفع بات لأعطاء راندال العنوان.
" أرجو الآن أن تدعني أعود الى البيت وحدي".
لم يذعن لطلبها بل ظلّ يلحقها حتى أرغمها على التوقف والتحدث اليه من جديد.
" ماذا تريد مني؟ لا تجبرني على أن أكون فظة وقاسية , دعني وشأني بهدوء".
" ألا تريدين سما أعتذاري عما حدث البارحة؟".
نظرت في عينيه فأذا بدقات قلبها تسرع , مرة أخرى أجتاحتها تلك الأحاسيس الغريبة الغامضة التي غمرتها في الليلة السابقة , فابتسم راندال قائلا:
" عليك أن تتسامحي فيما بدر منا في الأمس, وخصوصا من أبن شقيقتي رودي , فقد كنا مأخوذين بنشوة الحفلة الصاخبة التي أقامتها رابطة الطلاب في الجامعة".
" وأنت كنت طبعا الوحيد المحافظ على توازنه بينهم والمخول قيادة السيارة".
" لا تهزأي مني أرجوك, أجبرت على مرافقتهم لئلا يصيب رودي أيّ أذى وأتحمل كل الملامة_ وأضاف_ لا بد أنك حانقة عليّ لأنني طبعت تلك القبلة على خدك".
كادت لورا تصرخ في وجهه لكنها ضبطت نفسها وأحتفظت بالكلمات في نفسها : يا له من رجل وقح يثير في نفسي الأشمئزاز ! لماذا ينظر اليّ هكذا ؟ أحس وكأنني أسيرة عينيه كأنني طريدة تحاول الأفلات عبثا من مصيدته , لماذا تخذلني قوة الأرادة عندما أواجهه ؟ بعد جهد جهيد تمكنت من القول بنبرة شبه هادئة:
" أظنك كنت تنوي الأعتذار . لكنني لم أسمع شيئا شبيها بالأعتذار ".
" الحق يقال أنني لا أشعر بأسف لتلك القبلة , بل على العكس أنا أتحرق لأعيد الكرة".
ثارت ثائرة الفتاة وأنفجرت:
" لن تتاح لك هذه الفرصة في حياتك".
قالت ذلك وهرولت مبتعدة , لكن راندال أبى الا أن يوقفها من جديد, غريب أمر هذا الرجل المصر الذي لا يخسر المعارك بسهولة.
" كم عمرك؟ بحق السماء أجيبي فأنا أعترف بفشلي في تقديره".
" أجابت لورة مسرورة لفشله:
" سأبلغ العشرين قريبا".
" لا أصدق ذلك, لا تبدين فوق السابعة عشرة".
وقبل أن تحاول الأجابة ضمها بقوة الى صدره وطبع قبلة ناعمة على خدها .
" أنت رائعة الجمال , بشرتك كالحرير , شعرك نسيج من ذهب وفضة , في عينيك ألوان الربيع".
كادت لورا تصاب بالأغماء , لا بد أن هذا الرجل يملك سحرا خاصا يجعلها تذوب بين يديه ويمنعها من صده , فلم تتمكن الا من تمتمة:
" أكرهك ".
حدق فيها وفي عينيه بريق الأنتصار وعلى شفتيه تلك الأبتسامة الهازئة أبدا , ثم عاتبها قائلا:
" لا يصحّ أن تقولي هذا الكلام لمعجب مسكين بجمالك الطاغي".
" لا أريد أعجابك أيها ال...".
" بالطبع لا تريدين وهذا ما يجعلني متشوقا أكثر في ملاحقتك , فأنا لا أحب الفتاة السهلة التي تستسلم للغزل بسهولة".
" لماذا لا تدعني أذهب بسلام فأنت تضيّع وقتك معي!".
" عنادك يدل على أن هناك رجلا آخر في حياتك , هذه المرة الآولى التي أواجه فيها صيدا بهذا العنف".
" ومن أنت حتى أطلعك على أسرار حياتي".
" فهمت, بالطبع هناك رجل آخر, مع ذلك ما رأيك بتناول العشاء معي الليلة ؟ أعرف مطعما هادئا يعجبك".
" هذا أمر مستحيل , أنا لا أخرج مع أشخاص لا أحترمهم ".
" أذن أتفقنا على الغداء".
" لا تعذّب نفسك أيها السيد ولا تركض وراء الأوهام".
" ألا تقدمين لي على الأقل أعذارا مقبولة؟".
" أجابت بلهجة قاسية:
" عذري هو أنني لا أحب مرافقتك أو التحدث اليك".
ضحك طويلا وقال:
" حسنا, سأجد وسيلة أخرى للتقرّب منك".
شعرت بالخوف يسري في عروقها بسبب أصراره على مطاردتها.
" ماذا تريد مني؟".
" لا تتغابي , أنت ذكية وتعلمين ماذا أرد".
هو على حق فلورا تعلم ماذا يريد, لكنها لا تعلم أنه قادر على طرق الموضوع بهذه الوقاحة , ألا يملك هذاالرجل شيئا من الأحترام لمشاعر فتاة بريئة.
كان مستحيلا عليها تقبّل مثل هذا الكلام الجارح في صراحته.
فصرخت في وجهه :
" لا بد أنك مجنون! لا أحد يتفوه بهذه الكلمات الا أذا كان معتوها!".
" وأنت سبب جنوني, يجب أن تعلمي جيدا أنني لم أفشل يوما في الحصول على مبتغاي".
" هذه المرة شتفشل!".
" حسنا يا آنسة لورا هالام , قبلت التحدي والآتي أعظم".

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 12-08-09, 09:57 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


3-الصدمة القاتلة

في اليوم التالي , عندما جاءت بات لتأخذ توم, بادرتها لورا بالسؤال الذي لم يبرح ذهنها منذ البارحة:
"لماذا أعطيته عنواني؟".
" قال أنه يريد الأعتذار فلم أجد ضيرا في ذلك".
" وهل أنت ساذجة الى هذه الدرجة؟".
في هذه اللحظة نزل توم فغيرت لورا الموضوع , ثم أخذت تنظر الى بات وهي تتحدث الى الطبيب الشاب , لا شك أن ما قالته والدتها صحيح, بات مغرمة بتوم حتى أذنيها , وهو لا يبادلها هذا الشعور على ما يبدو , لكن توم ليس أنفعاليا ولا يظهر مشاعره اتجاه أحد, فهل من المعقول أن يكون مغرما ببات دون أن يظهر ذلك ؟ أذا صح تساؤلها تكون آمالها قد ذهبت أدراج الرياح , العلاقة بين لولاا وتوم غامضة تتأرجح بين الحب والصداقة والأخوة , حبذا لو كان بأمكانها الغوص في نفسه لتعرف الحقيقة.
تلاقت نظراتهما فأضاءت وجهه تلك الأبتسامة الرقيقة التي يحتفظ بها لها وحدها , أطمأن قلبها وغشا كيانها أحساس عارم بالسعادة والأمان.
" لماذا تبدين هكذا يا عزيزتي لورا؟ لا أحب العبوس على وجهك لأنه يفسد نعومة بشرتك الرائعة".
" كيف وجدت أمي اليوم؟".
" أمك أنسانة رقيقة وحساسة , تحتاج الى عناية دائمة".
" أنا أقوم بهذه المهمة وأعتبر أنني أؤدي واجبي أتجاهها ".
" تقومين بالمهمة خير قيام, أنا لا أنتقدك بل ألفت نظرك الى أننا يجب أن نظل متيقظين لئلا يصيبها أي مكروه".
" أنت على حق يا توم, فاليوم مثلا تسللت من غرفتها , وأخذت تعتني بالزهور , لحسن الحظ أكتشفت ذلك بسرعة, وأعدتها الى سريرها".
" حذرتها مرارا من قبل من أن قلبها لا يتحمل أي أجهاد, الخيط الرفيع الذي يربطها بالحياة سينقطع عند أول هزة, حالتها هي مع الأسف من أصعب الحالات التي واجهها الطب".
تجهم وجه لورا من القلق فحاول توم طمأنتها:
" لا تقلقي سنبقيها على قيد الحياة رغم أنفها".
بعد ذهاب توم وبات صعدت لورا الى غرفة أمها لتجدها تأكل قطعة من الحلوى مخالفة الحمية المفروضة عليها.
" أمي, ماذا تفعلين؟".
" قطعة واحدة لن تؤذيني , توم سمح لي بذلك لا بل هو أحضر علبة الحلوى".
ضحكت لورا وقالت:
" يا لك من أمرأة مشاغبة ! أكنت تفعلين ذلك أيام المدرسة؟".
" لا , كنت دائما التلميذة المثالية مثلك يا حبيبتي".
في المساء وصل السيد هالام الى البيت فرحا منشرح الصدر وكأنه فاز بجائزة اليانصيب التي طالما حلم بها .
" زوجتي العزيزة , تلقينا دعوة مهمة!".
" دعوة الى ماذا ؟ ليس من عادتنا تلقي الدعوات".
" الى حفل يقيمه السيد مرسييه مساء غد في منزله على شرف الموظفين الكبار".
" أعتبروك أذن من الموظفين الكبار".
" بالطبع والدعوة موجهة الى العائلة كلها".
قالت الزوجة بكآبة:
" حالتي الصحية ستمنعني مع الأسف من الذهاب الى منزل آل مارسييه".
" ولم لا؟ أستشيري توم فلربما سمح لك , وأردف موجها كلامه الى أبنته , لورا, عليك شراء ثوب جديد للمناسبة , مرسييه يملك قصرا أسطوريا لطالما تمنيت أن أراه , لم أكن أتوقع تلقي مثل هذه الدعوة في حياتي! لا تتصورا مدى سعادتي وغروري".
أبتسمت السيدة هالام وعلا وجهها مسحة من الحزن :
" أذا لم أتمكن من مرافقتكما فستأتي السيدة نايت للأعتناء بي , ثم أنا لا أهتم كثيرا لهذه الحفلات".
" ستأتين يا زوجتي الحبيبة وسترتدين ثوبا جديدا كذلك".
" لا حاجة لشراء ثوب فأنا أملك فستانا أخضر أرتديته في الحفل الراقص الذي حضرناه منذ بضع سنوات , أتذكر؟".
" حتما أذكر , هو ثوب جميل يناسبك تماما يا عزيزتي".
لم يسمح توم للسيدة هالام بالذهاب الى الحفل بعد أستشارته هاتفيا, وعلل رأيه بأن الجو الصاخب لا يناسب قلبها الضعيف , حتى الأجواء المرحة كثيرا لا يمكنها تحملها.
أعتادت والدة لورا على خيبات الأمل وعلى العزلة , في أي حال هي لم تكن تميل الى الأختلاط بالناس كزوجها , ستبقى في غرفتها برفقة أدوات الحياكة والذكريات.
ذهبت لورا في اليوم التالي لشراء ثوب جديد, أختارت فستانا أخضر , ضيقا عند الخصر يبرز مفاتنها ويزيدها نعومة .
وصلت السيدة نايت في الوقت المحدد , قبّل جيمس هالام زوجته وفي قلبه غصة لأنها لن تتمكن من حضور الحفل الرائع .
نظرت السيدة هالام الى أبنتها وقالت:
" تبدين ساحرة يا حبيبتي, لا عجب أذا تدفق العرسان علينا بعد هذا الحفل".
" شكرا على المديح يا أماه".
أتجه جيمس هالام وأبنته بالسيارة الى منطقة مايفير حيث منازل الأثرياء الكبار , بعد قليل وصلا الى قصر آل مارسييه , بدا البناء مختلفا عن المنازل الأخرى بأسلوب تشييده الفرنسي , نظرت لورا الى البناء الفخم المشيد بأجود أنواع الحجارة والمحاط بالحدائق الواسعة , لكنها لم تكن تحسد هؤلاء الأثرياء لأنها لا تؤمن بالمادة مصدرا للسعادة.
قرعا الجرس وأنتظرا , فتح الباب رئيس الخدم بوجه جاد وهدوء أرستقراطي.
" نعم؟".
ناوله جيمس هالام بأعتزاز بطاقة الدعوة فعاينها وسمح لهما بالدخول, سارا في رواق طويل وفخم , أخذ رئيس الخدم معطفيهما وقادهما الى غرفة كبيرة مفروشة بأغلى أنواع الأثاث ومليئة بالتحف النادرة , كانت الغرفة مليئة بالمدعوين يتناولون الشراب والمأكولات المختلفة ويتبادلون الأحاديث عن الأوضاع السياسية والأقتصادية ... أخذ بعضهم يحدق بجيمس هالام بتعجب, فوجوده بين كبار الموظفين لم يكن مألوفا , أنه موظف عادي لا علاقة له بمجلس الأدارة أو بالمراكز التقريرية , شعرت لورا بعدم الأرتياح لوجودها بين كل هؤلاء الناس المنتمين الى مجتمع مخملي لا تؤمن بمبادئه , أخذت تنظر حولها وهي تحاول التعرف الى مضيفها السيد مارسييه , كانت تنتظر رؤية رجل رزين , تليق به مهمة قيادة أمبراطورية ضخمة .
فجأة لمحت وجها مألوفا , فكادت تصرخ لشدة دهشتها , تقدم الشخص منها مبتسما , بدأت لورا بالأرتجاف , يا لها من صدفة مذهلة! هل من الممكن أن يكون زميل والدها في العمل؟ أذا صح ذلك يصبح تهربها من مطارته أمرا صعبا .
قال جيمس هالام بشيء من الأرتباك:
" مساء الخير يا سيد مارسييه , أشكرك على هذه الدعوة اللطيفة".
لم تصدق لورا أذنيها , السيد مرسييه هو نفسه الرجل الذي قبّلها تلك الليلة عندما كانت برفقة بات والذي لاحقها في الحديقة محاولا كسب ودها.
" لورا , أعرفك بالسيد مرسييه مالك الشركة ومديرها العام".
أمسك راندال بيدها وطبع عليها قبلة ناعمة ثم قال:
"أبنتك فاتنة يا سيد هالام ووجودها يضيء السهرة ".
سحبت لورا يدها بسرعة والذهول يسيطر عليها , راندال رئيس أبيها! هذه الحقيقة ستقلب جميع المقاييس وستضعها في موقف حرج للغاية , تخلص راندال من وجود هالام بذكاء:
" والدي متشوق لمقابلتك, فهو لم يرك منذ مدة طويلة , لماذا لا تذهب اليه بينما أحضر شرابا للآنسة لورا ... أرجو أن تسري بصحبتي مع أنني غير محبوب كثيرا".
أرادت لورا الأعتراض على أبتعاد أبيها, لكن صوتها كان مخنوقا فلم تنبس ببنت شفة.
بعدما أصبحا وحيدين قال راندال وفي صوته رنة الأنتصار:
" قلت لك أنني أحصل دائما على ما أريد فلم تصدقي".
" لماذا لم تقل لي أنك رئيس والدي ؟ كنت تعلم ذلك عندما ألتقينا في الحديقة , لا بد أن بات أخبرتك بالأمر".
" لو صرحت لك بالحقيقة لما كنت حضرت الليلة , أليس كذلك؟ على الرجل المعجب بفتاة أستعمال أساليب المناورة والخداع للوصول الى الهدف".
ضحك راندال وهو يقرأ على وجهها الأنفعالات البادية بوضوح:
" وجهك معبر جدا يا حلوتي... بأمكاني معرفة ما تفكرين به بسهولة فائقة – وأضاف وهو يشير الى المائدة العامرة بمختلف أنواع المآكل – ماذا أحضر لك؟".
" لا شيء".
لم يصر راندال بل أمسك بيدها وقادها الى خارج الغرفة تحت أنظار الفضوليين , سمعت لورا بعض التعليقات عن جمالها ولكن جملة واحدة علقت في ذهنها: يبدو أن راندال ضم فراشة جديدة الى مجموعته! هو معروف اذا بمغامراته العاطفية الكثيرة وهي معتبرة الآن محطة جديدة في ألاعيبه , عندما وصلا الى الرواق تمكنت لورا من تحرير يدها وقالت:
" لماذا أحضرتني الى هنا؟ أريد العودة فورا !".
" في رأسي تجول ألف فكرة وفكرة....".
" أيها الوقح الدنيء , كيف تسمح لنفسك بتوجيه هذا الكلام لي؟".
" لا تخافي! أنما أريد أن أعرفك بأمي التي حدثتها عنك كثيرا".
" ولماذا حدثت والدتك عني؟".
" لأنها مثلي تحب جمع التحف النادرة ".
" وأين هي والدتك؟ لماذا ليست مع المدعوين؟".
" يا لك من فتاة لجوجة! لن يصيبك مكروه معي , أمي مصابة بشلل ولذلك آخذك الى غرفتها".
أمسك بيدها وجرها الى السلم الداخلي بدون أن يتيح لها المجال للتراجع , فتح باب غرفة نوم وأدخلها, كانت السيدة مرسييه ممددة في سيرير واسع , أمرأة جميلة , ذات نظرة ثاقبة , أقسى من نظرات أبنها راندال , قالت المرأة بصوت دافىء:
" أقتربي مني يا عزيزتي لأرى سبب شغف أبني بالحديث عنك".
أطاعت لورا الأمر وأقتربت من السرير , تفحصت وجه المرأة الممددة جيدا فرأت علامات قساوة الحياة على الوجه المحتفظ بشيء من جاذبيته وسحره.
" أبني يحسن الأختيار دائما , صبية ساحرة يا راندال , كم عمرك يا عزيزتي؟".
" عشرون عامل".
أبتسمت السيدة مارسييه لخجل لورا وأرتباكها.
" والدك يعمل في شركتنا أليس كذلك؟".
" نعم".
" ووالدتك أليست معكما هنا؟".
" أمي مصابة بمرض في قلبها ولا تغادر البيت الا لماما".
" أنا أدرك معنى ذلك لأنني سجينة هذا السرير منذ خمس سنوات فقد تعرضت لحادث سيارة سبّب لي شللا وحوّلني من أمرأة ديناميكية نشيطة, الى مخلوق يعيش على الهامش".
تدخّل راندال مشجعا:
" أنت لا تعيشين على الهامش يا أمي بل تسيّرين أمور العائلة من سريرك".
" ولكنني لم أتمكن يوما من تسييرك والسيطرة عليك يا راندال- وأضافت السيدة مرسييه- أرجو ألا تكون أكاذيبك تنطلي على هذه الطفلة البريئة".
" لا ضرورة لتحذيرها مني يا أمي , فهي لا تصدق كلمة واحدة مما أقول , شجعيها على التقرب مني ولا تزيدي من نفورها".
وجّهت والدة راندال الحديث الى لورا:
" لا تكوني مثل الأخريات مستسلمة لهذا الرجل, فهذا الأمر قد أفسد أخلاقه وجعله مغرورا متغطرسا".
" تنضمين الى الدو يا أمي! لورا تعتبرني مغرورا متغطرسا وهي ليست بحاجة ألى تشجيع".
" يبدو أن هذه الفتاة يا راندال قوية الشخصية فأنت تحتاج لمن يذكّرك بأنك لست خارقا , النساء الضعيفات أفسدنك بركضهن وراء مالك, أفهميه يا لورا أن الدنيا ليست مالا وجاها".
قال راندال ضاحكا:
" من الأفضل أن أبعد لورا عنك لئلا تشوشي أفكارها أكثر".
" كل ما فعلت هو أنني أبديت رأيي بصراحة".
" رأيك هذا زوّدها بأسلحة جديدة في معركتها معي, وهي تملك أسلحة قاتلة كنظراتها مثلا..".
نظرت السيدة مرسييه الى لورا التي تستمع الى الحديث بشيء من الذهول والدهشة , فقالت المرأة:
" لقد أخفنا لورا بكلامنا , عد بها الى الحفل لتتمتع بوجودها في هذا البيت بدل أن تمضي وقتها مع عجوز مثلي".
تمكنت الفتاة من القول بكل تهذيب:
" على العكس أنا أعتبر وجودي معك مكسبا, الى اللقاء يا سيدتي".
بعد أن خرجا من الغرفة شعرت لورا بالأرتياح لأنها تخلصت من حديث راندال وأمه وملاحظاتهما الجارحة.
" ما رأيك بأمي؟ لا تخفيه , قولي بصراحة".
" سيدة لطيفة وذكية".
" ماكرة ومراوغة كالثعلب , لكنك طفلة فلن تكتشفي ذلك".
" لا تنعتني بهذه الصفة بعد الآن".
" حسنا يا حلوتي, لا تغضبي, أنت أمرأة ناضجة وواعية".
نزلا السلم لكنه أتجه بها الى غرفة منعزلة وأقفل الباب , تراجعت لورا خائفة وقلبها يقرع كالطل , رأت في عينيه نواي مرعبة.
" لا تهدري الوقت, تعالي أليّ فلا فائدة من المقاومة".
" لن أدعك تمسني, أفضل الموت على ذلك".
" أتريدين أن أستعمل معك العنف؟ هيّا أقتربي بدون مجادلة".
نظرت حولها دون أن ترى مجالا للفرار , الباب الوحيد مقفل وراندال يحرسه , تقدم منها بخطوات سريعة وعندما أمتدت يداه الى كتفيها سرت في جسمها رعشة ورمقته بنظرة أسترحام.
" أرجوك , كلا...".
" لست وحشا عنيفا فلا سبب لتصرفاتك هذه!".
" دعني أذهب, والدي سيقلق علي".
" أكون مجنونا أن فعلت , ثم أن والدك لن يمانع أذا أقمت علاقة مع رئيسه".
حاولت لورا الأفلات من قبضته دون جدوى فأغمضت عينيها وأستسلمت لعناقه , خانت نفسها مرة أخرى وسمحت له بأن يضمها الى صدره كما سمحت لجسمها بالأستجابة لعناقه.
قال راندال والهوى الجتمح يكاد يخنقه:
" أنت تسلبينني عقلي!".

فوجئت لورا بهذا الكلام, أيعني أنه وقع في حبائل حبها؟ أيمكن لهذا الرجل اللاهي المتنقل من علاقة الى علاقة أن يغرم بها؟ شعرت بشيء من الثقة بالنفس والسيطرة على الرجل . لورا هالام أبنة الموظف البسيط تسلب المليونير راندال مرسييه عقله ! أنه لأنتصار عظيم ! لكنها في الوقت نفسه لا تريد أستغلال هذا الأنتصار أو أستثماره لأنها ليست من هذا النوع من الفتيات الرخيصات.


" تبدين ****ة عن نفسك وكأنك تظنين أنني مغرم بك! أنا لا أقع في غرام أحد يا حلوتي, كل ما يهمني هو جمالك ونعومتك".


" لم أر في حياتي وقاحة تعادل وقاحتك!".


حاولت لورا الأفلات منه فلم يمنعها لكنه لم يسمح لها بمغادرة الغرفة فتوسلت اليه قائلة:


" أرجوك دعني أخرج".


" ليس الآن , فأنا لم أنجز ما في ذهني بعد".


عندها صرخت في وجهه غير آبهة بالعواقب:


" دعني أذهب وألا بدأت بالصراخ وسببت لك فضيحة أنت بغنى عنها , تصوّر أذا علم الجميع بأن راندال مرسييه يزعج فتاة مسكينة مثلي...".


" أهدأي فكل ما أريده منك هو دعوتك الى العشاء غدا , ما رأيك؟".


" سبق أن أجبتك على هذا السؤال, لا وألف لا".


" ألم تفهمي بعد أنني أنال دائما ما أريد وأنني لن أدع حاجزا يحول بيني وبينك ؟ أستسلمي لأن مقاوتك عديمة النفع".


" عليك أن تدرك هذا الأمر تماما يا سيد راندال, أنا لا أنوي أن أكون حبيبة أحد!".


أفتر ثغره عن أبتسامة هازئة وقال:


" ذلك يدعو الى الأسف لأن الدور يناسبك تماما".


" ماذا تعتقد أن يكون رد فعل والدي أن أخبرته بعروضك الحقيرة؟".


" ولكنك لن تخبريه بالأمر بالطبع لأنك فتاة ذكية تعرفين مصلحته".


رمقته بنظرة ملؤها الحقد والكراهية:


" بالطبع لا , لأنك ستطرده عندها من العمل , ورجل تجاوز الخمسين لن يجد وظيفة أخرى بسهولة, راندال مرسييه , أنك تمارس عليّ أحقر أنواع الأبتزاز . لكنني لن أرضخ!".


قهقه الرجل وعلّق:


" جمالك يزيد روعة عندما تغضبين , عيناك تلمعان كعينيّ هرة جميلة أشتراها لي والدي عندما كنت صغيرا".


" أرجو أن تكون خدشتك".


" أنا لا أتذمر من الخدوش اذا كان مصدرها مخلوقا فاتنا".


ألتقت عيناه عينيها, فأزاحت نظراتها لأنها خاسرة حتما قي هذه المبارزة , في عينيه شيء آسر يدمّر فيها أعلى مقاومة ويزيل أي رغبة في صده.


مد يده ولامس عنقها ثم ضمها اليه بقوة:


" سأدعك تفتلين بشرط أن تسمحي لي بطبع قبلة طويلة على خدك المخملي , أعتقد أن عرضي عادل فلن ترفضيه".


" أنسان لا يطاق!".


لم تجد لورا مفرا من الأذعان لرغبته التي حملتها على أجنحة ذهبية طارت بها الى عالم غامض , شاعري وساحر , لم تدر لورا كيف عادت الى عالم الواقع ووجدت صعوبة في أستعادة كيانها المهزوز.


" أنتهى الدرس الأول وأجتزته بنجاح".


أحست برغبة في قتله, لكن جل ما فعلته هو أنسحابها من الغرفة لتنضم الى بقية المدعوين, شعرت بالأرتياح لوجود والدها بقربها وهي تخشى أن يعود راندال اليها من جديد.


أضطرت أن تنتظر أنتهاء السهرة للعودة الى البيت لأن والدها كان مسرورا جدا لوجوده في منزل يحادث كبار الموظفين ويشارك في وضع المخططات في سبيل تقدم الشركة وأزدهارها , كانت السهرة فرصة نادرة لن تتكرر ليدعم وضعه في العمل ويلفت الأنظار الى ذكائه وخبرته , أخذت لورا تعد الثواني وتستحث عقرب الساعة على الأسراع لتنتهي السهرة وتعود الى سلام بيتها ودفئه , وأخيرا عندما حان وقت الفرج وقرروا الأنسحاب أقترب منهما راندال مودعا:


" أرجو أن تكونا أمضيتما وقتا ممتعا عندنا".


سارع جيمس هالام الى التأكيد:


" بالطبع يا سيد مرسييه أنه لشرف عظيم لنا وجودنا في منزلكم الكريم".


أعتقد أن الآنسة لورا لا تشاطرك الشعور نفسه يا سيد هالام , فأنا لاحظت أنها كانت مستعجلة طوال الوقت للرحيل:


قالت لورا بفتور:


" على العكس كانت سهرة جميلة ومسلية".


" أنا أحب التعرف أكثر الى موظفينا وعائلاتهم".


لم يدع هالام الفرصة الذهبية تفلت من يده فلربما كان في الأمر مشروع ترقية أو زيادة راتب.


" أسمح لي أولا بأن أدعوك الى العشاء في منزلي المتواضع يا سيد مرسييه , أرجو أن تقبل الدعوة على الرغم من مشاكلك الكثيرة".


" أنه لشرف كبير لي أن آتي الى منزلكم , سأراجع مفكرتي لأرى متى أكون حرا في أرتباطاتي الكثيرة- أخرج راندال من جيبه وقلب بعض الصفحات – يبدو أن مساء غد هو فرصتنا الوحيدة".


" خير البر عاجله يا سيد مرسييه , كن على ثقة بأننا نتشوق لرؤيتك عندنا , أليس كذلك يا بنيتي؟".


أجابت لورا وهي لا تكاد تصدق أن هناك أنسانا على وجه الأرض يملك هذا القدر من الخبث:


" بالطبع يا أبي".


أنحنى راندال أحتراما وحياهما ثم أنسحب ليودع بقية المدعوين , في الطريق الى البيت أخذت لورا تفكر في ورطتها , كيف تتخلص من راندال وهو يملك ورقة قوية في يده؟ كانت تعلم بأنه سيذهب الى حد أقالة والدها من عمله أذا لم تستجب له, أنه داهية , محنك , وصولي يعرف ما يريد وكيف ينال ما يريد.


لكن ما يزعج لورا أكثر هو الشعور الذي بدأ ينمو في أعماق نفسها أتجاه الرجل , مزيج من الحقد والأعجاب , صراع عنيف يمزق كيانها , يتقاذفها الكره والحب , الصد والأستسلام , الأحجام والأقدام... ومن خلال هذه المعمعة يبرز حبها لتوم ليزيد في شقائها , هذا الحب الطاهر الروحاني الذي تؤمن به بدأ يتزعزع .


بسبب كل هذا لم يغمض لها جفن تلك الليلة الا عندما بدأت خيوط الفجر تتسلل الى غرفتها.

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
قديم 12-08-09, 10:00 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 66854
المشاركات: 2,022
الجنس أنثى
معدل التقييم: safsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جداsafsaf313 عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 585

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
safsaf313 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : safsaf313 المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


4- الأصرار
أفاقت لورا في اليوم التالي لتجد أمها تطالع بأهتمام كتاب فن الطهي , وهذا طبيعي فلا يحظى كل موظفي الشركة بوجود السيد مرسييه بينهم.
" صباح الخير يا أمي , لا بد أن أبي أخبرك بأمر حضور راندال مرسييه الى العشاء الليلة".
" أكاد لا أصدق , مرسييه الثري , المغرور يأتي الى بيتنا! والدك واثق من أنه يريد ترقيته والا لما كان هناك سبب لهذه الزيارة المفاجئة".
لم تجرؤ لورا على البوح بأن الزيارة لا تتعلق بالعمل بل بها هي, لأن أمها لا تتحمل الأنفعالات , عليها دفن السر في قلبها والأعتماد على نفسها للخروج من الورطة.
" أرجو ألا تكون الوجبة التي أخترتها معقدة يا أمي لأنني لست تلك الطاهية الماهرة".
" لا تقللي من شأن مهارتك والا أضطررت للطهي بنفسي".
" الموضوع غير قابل للبحث , لست مستعدة لأن أخالف أوامر الطبيب وأسمح لك بأجهاد نفسك".
" حسنا يا لورا , ما رأيك لو قمت بمراقبة عملك فقط؟ لا أعتقد أن مجرد المراقبة ستتعبني".
فكرت لورا بالأمر وقالت:
" قد لا يسمح توم بذلك فهو كما تعلمين دقيق للغاية".
" لا ضرورة لأن يعلم بالأمر ".
ضحكت الأبنة وهزت رأسها موافقة.
" كادت السيدة هالام تطير من الفرحة , أخيرا ستقوم بنشاط , بعمل, ستشارك بحركة.
" لا تستعجلي الأمور يا أماه, أذا أردت مراقبة عملي في المطبخ فعليك البقاء في السرير الآن".
" سمعا وطاعة , لن أتحرك من هنا ألا بعد أن تسمحي بذلك".
نزلت لورا الى غرفة الجلوس تنتظر توم , وصل الشاب بعد خمس دقائق فأستقبلته بأبتسامة ضمنتها كل ما عندها من عاطفة وحرارة , وجهه الشاحب يدل على مدى الجهد الذي يبذله في عمله, أخذت تقارنه براندال , توم أبى الأنجراف وراء المادة وكرّس حياته لخدمة الآخرين, رفض نصائح الجميع بالعمل في مستشفى خاص حيث المال الوفير وأنضم الى الجهاز الحكومي حيث الراتب يكاد لا يفي بحاجاته العادية , سعادته تكمن في أسعاد البؤساء ومساعدة المحرومين , أما راندال فورث عن أبيه دون عناء أمبراطورية ضخمة لم يجاهد ويكابد ليستلم دفتها , مجرد تقاعد أبيه كان يعني صعوده الى مركز القيادة, صحيح أنه يسير بألأمور بنجاح لكنه أنسان مادي , يحب المال, لا يعبأ بمشاكل الآخرين , لا يهتم الا بمطاردة الفتيات الجميلات...
الفارق بين الأثنين شاسع الى درجة يجعلها تحتقر راندال وتحترم توم, تأكدت أن ما حدث لها مع الأول في الحفل في الليلة السابقة وهم, أما حبها لتوم فحقيقة راسخة.
بادرها توم بصوت تعب:
" كيف حال الوادة اليوم؟".
" مسرورة جدا لما ينتظرها من أثارة".
" وما هو هذا الشيء المثير الداعي الى السرور؟".
" رئيس والدي في العمل سيتناول العشاء عندنا الليلة".
" أهذا كل شيء؟ لا أرى أثارة في الأمر".
" بالنسبة الى والدي الأمر مهم للغاية فالسيد مرسييه يعامل موظفيه بهذه الطريقة عادة, ووالدي يعتقد أنه سيقوم بترقيته".
قالت لورا ذلك وهي تعلم أنها تكذب على توم وربما على نفسها, جبنها منعها من التصريح بحبها للطبيب ويمنعها البوح له بما تتعرض له من ملاحقة راندال ومضايقاته , لكنها لا تعلم أن هذا الجبن سيكلفها غاليا يوما من الأيام , وستندم حيث لا ينفع الندم , لم يهتم توم للموضوع بل شدد على ما يعنيه اذ قال:
" المهم ألا تكون أمك تعد العدة للطهي بنفسها؟ أنتم تعلمون أنني لا أسمح بذلك أطلاقا مع أني آسف لعدم تناول طعامها هي حقا طاهية ماهرة".
" أفهمتها أوامرك يا حضرة الطبيب العزيز فأقتنعت بعد أن قطعت وعدا بالسماح لها بالجلوس في المطبخ للمراقبة".
" حسنا رغم أنني أشك كثيرا ببقائها هادئة وهي موجودة في المطبخ!".
خطرت للورا فكرة مفاجئة أذا تحققت تكون كفيلة بتخفيف الأضطراب الذي يسببه وجود راندال لها.
" لماذا لا تأتي الى العشاء الليلة؟ تتذوق طعامي الشهي من جهة وتراقب أمي من جهة أخرى".
فكر توم قليلا ثم قال:
" لا بأس بالفكرة لكنني لا أرى معنى لوجودي في جلسة بحث لشؤون العمل وشجونه".
" العشاء ليس لبحث أمور العمل بل هو مجرد مجاملة بعد أن دعانا مرسييه الى حفل مساء أمس في بيته, أرجوك يا توم أن تأتي لتخفف عني الملل".
أذعن توم لأصرار لورا وقال:
" كما تشائين يا عزيزتي , قبلت الدعوة , سأصعد الآن لأعاين والدتك, هل رآها الدكتور فرغوسون البارحة؟".
" كلا , فقد أضطر لألغاء الموعد بسبب حالة طارئة , وقال بأنه يعتمد عليك في هذه المهمة , شهادة كبيرة لك أن يثق بك فرغوسون".
" فرغوسون طبيب لامع في أمراض القلب , يكفي أنه لا يعارض مشاركتي في معالجة أمك , فمن حقه أن يطلب أمتناعي عن ذلك".
" هو يعلم بأنك واحد من العائلة".
" حتى لو كنت من أفراد العائلة , فله أن يشدد على الأصول الشكلية, لكن فرغوسون مترفع عن هذه الصغائر".
كالعادة صعد توم الى الغرفة بينما أنصرفت لورا الى تحضير القهوة, بعد دقائق جلسا يحتسيان فنجانيهما في غرفة الجلوس , أنها الفرصة الوحيدة النتاحة له ليرتاح في النهار , المهنة التي أختارها مرهقة وجاحدة في الوقت نفسه , كان بأمكانه سلوك الطريق الأسهل كما فعل والده ويفعل الكثيرون من الأطباء , لكن الله منّ عليه بضمير حي وأرادة واعية فرفض أغراءات المادة وزهد بمباهج الحياة ليؤدي دوره الفعال في بناء المجتمع.منتديات ليلاس
ما أن أنهى قهوته حتى أنتصب واقفا وأستعد للذهاب.
" أمكث قليلا لترتاح يا توم".
" الراحة كما يعرفها الناس كلمة حذفتها من قاموسي , الراحة بالنسبة اليّ هي تخفيف آلام الآخرين".
أقتربت لورا منه لتصلح ربطة عنقه ولا شعوريا وضعت رأسها على صدره , أبعدها توم عنه رافضا عناقها فشعرت بالخجل يغمرها , كيف يستطيع أن يصدها بهذا الشكل؟
" لورا لا تغضبي مني , أنت تعلمين مكانتك في قلبي لكنني لا أريد أستعجال الأمور".
" كما تشاء يا حضرة الطبيب".
أبتسم توم وحاول تطييب خاطرها:
" المرضى يريدون طبيبا بكامل قواه العقلية لا رجلا فقد رشده".
" أنا أريدك فاقدا رشدك".
ضحك الشاب في حين أمتزجت أبتسامة لورا بالدموع تترقرق من عينها , ذهب توم الى عمله تاركا لورا ارقة في الحزن والحيرة , أظهرت له مشاعرها لكنه رفض ذلك وبقي جامدا كالصخر , وأنصرفت الى تحضير العشاء في المطبخ وهي لا تنفك تفكر بتوم حبها الوحيد.
وصل جيمس هالام الى المنزل مبكرا ليساهم في وضع الترتيبات لأستقبال الضيف العزيز, عندما أبلغته لورا بأنها دعت توم أنفجر غاضبا:
" لماذا تقحمينه في كل أمورنا؟".
" لا أرى ضررا في ذلك يا أبي , وجود توم يسعدني ويخفف ثقل ظل راندال مرسييه".
" لا أعرف لماذا تعتبرين مرسييه ثقيل الظل؟ شخص مهذب تنازل مرتين , عندما دعانا الى قصره وعندما قبل دعوتنا".
أستغربت لورا تغير موقف أبيها أتجاه راندال وقالت:
" ألم أسمعك مرارا تنعته بالحقير مرسييه؟".
" يخطىء الأنسان أحيانا في حكمه على الآخرين , والآن وقد تقربت من الرجل لم أعد أجده سيئا".
ليت والد لورا يعلم أهداف هذا التقرب وهذه المعاملة الحسنة من قبل مخدومه , لكنه ربما وافق على هذه الأهداف وساعد في تحقيقها , فكل رجل يتمنى أن تكون أبنته محط أهتمام راندال...
أنشغل السيد هالام بتحضير الطاولة وترتيب الصحون الجديدة التي أشتراها خصيصا للمناسبة.
في تمام السابعة فتحت لورا الباب لأول ضيف على أمل أن يكون توم.
" آه , أهلا ! تفضل سيد مرسييه".
" أراك فوجئت بمجيئي فهل تتوقعين أحدا غيري؟".
" نعم , دعوت صديقا ليشاركنا السهرة".
أضطرب راندال وبدت على وجهه أمارات الغضب, لكنه سرعان ما أستعاد سيطرته على نفسه وعادت الى عينيه نظرات السخرية والتفوق.
أنحنى الشاب وقدّم الى لورا باقة كبير من الزهور الزاهية .
" أحضرت هذه الزهور لمضيفتي".
بهرت لوؤا وقالت:
" ستسر أمي كثيرا بهذه الهدية".
" لم أحضرها لأمك بل لك, الزهور تقدم لزهور".
" شكرا على لطفك وكرمك , تفضل الى غرفة الجلوس ".
تأخر الزوجان هالام قليلا في النزول لأنهما صرفا وقتا طويلا في أختيار ملابسهما , فأمام شخص بهذه الأهمية يجب توافر أكبر قدر من الأناقة.
لم تكن لورا تحتمل وجودها وحيدة مع راندال , عيناه ترهقانها بنظرات قاسية , متفحصة , نهمة , أخذت تعبث بعقد اللؤلؤ الذي يحيط بعنقها لتتجنب النظر اليه , لكنها فشلت في أزاحة وقع وجوده المحرج وسيطرته القاسية , أنها تحس نفسها معه كسجين بين يدي جلاد ينتظر تنفيذ أمر الأعدام بين لحظة وأخرى.
دق جرس الباب فوجدت لورا فرصة للتملص من راندال , هرعت لتفتح الباب لتوم , كان الشاب يرتدي ثيابا أنيقة على غير عادة وتفوح منه رائحة عطر ثمين , يبدو أنه نسي فقراءه هذه الليلة أكراما لها.
" أهذا توم الذي أعرفه ؟ يا للأناقة والوسامة!".
" شكرا على هذا الأطراء مع أنني نقطة في بحر جمالك الخلاّب".
عرّفت لورا الشابين ببعضهما , وأنسحبت لتحضير العصير.
" أنت تعمل في الحي الشرقي للمدينة أذا يا سيد توم؟".
" تماما".
" لا بد أن عملك مرهق".
" بعض الشيء".
كانت لهجة مرسييه جافة وخالية من أي نغمة كأنه شرطي يستجوب لصا, أضاف:
" وهل أخترت هذا المنطقة طوعا أم أن الأدارة وضعتك هناك؟".
" أخترتها طوعا, فالمنطقة فقيرة وبحاجة الى طبيب شاب له القدرة على الأحتمال , والعمل الجاد , لذلك وجدت نفسي صالحا للمهمة".
وصلت لورا حاملة أكواب العصير وتدخلت في الحديث:
" توم يعتبر الطب رسالة سامية لا مصدر ثراء".
" لا تصوريني بطلا أمام الرجل, أنا أقوم بوظيفتي ليس أكثر".
لم تأبه لورا لتعليقه وتابعت:
" أنه الطبيب الأكثر شعبية في شرقي لندن والكل يؤكدون ذلك , لقد أختبرت الأمر بنفسي".
أراد راندال أن يقول:
وأختبرت عناقي , لكنه أحجم عن ذلك حتى لا يفسد السهرة , فهم الآن سبب وجود لورا في ذلك الحي الفقير مع بات , أذ أرادت أن تتعرف الى عمل توم , لا شك في أن شعورها نحو الطبيب مهم الى درجة تجعلها تخاطر بالدخول ليلا الى الحي الشرقي , أراد توم أثبات تواضعه فقال:
" لا تصدقها يا سيد مرسييه فهذا الكلام سمعته لورا من مساعدتي بات باسيت , وبات منحازة الى جانبي بالطبع".
لم تكن لورا بحاجة الى أكثر من سماع اسم بات لتجتاحها الغيرة:
" لست بحاجة الى آراء بات لأتأكد من مهارتك في عملك يا توم".
نظر الطبيب الى راندال مبتسما :
" سأصاب بالغرور أذا أخذت بكلام هذه الفتاة".
في هذه اللحظة دخل الغرفة جيمس هالام وزوجته.
بادر الرجل الى القول:
" عذرا على التأخير يا سيد مرسييه , أهلا وسهلا بك في بيتنا المتواضع".
لم ترضى لورا عن البرود الذي أظهره والدها أتجاه توم , أذ أكتفى لتحيته بأيماءة من رأسه.
في المطبخ كان كل شيء جاهزا بفضل مساعدة السيدة نايت.
أعلنت لورا:
" العشاء جاهز , تفضلوا الى غرفة الطعام".
جلس الجميع حول المائدة وأستطاع راندال بدهائه أن يكون قرب لورا , أنزعجت الفتاة من ذلك ولكنها سلمت بالأمر وجلست تشجعها أبتسامة توم المتفهمة, بدأ جيمس هالام حديثا طويلا ومملا مدح فيه الشركة ومشاريعها وخص مجلس الأدارة , وعلى رأسه مرسييه , بثناء خاص وكلمات طنانة , لم ترتح لورا لكلام أبيها المصطنع ولتزلفه لراندال , لماذا هذا الكذب والخوف من رئيس الشركة ؟ أليس أنسانا عاديا كالآخرين؟ حبذا لو كان جميع الرجال مثل توم , يتمتعون بشهامته وأخلاقه , ويؤمنون بمبادئه.
في هذه الأثناء بدأت السيدة نايت بأحضار الأطباق المتنوعة تباعا: الدجاج, اللحم المشوي , القريدس , السلطة , وأخيرا الفاكهة والقهوة.
خلال العشاء تمكن راندال أن يفلت من الأحاديث الدائرة ليهمس في أذن لورا:
"أ؟تعرفين الدكتور نيكول؟".
" منذ أن أبصرت النور".
" هو بمثابة أخ كبير أذن".
فهمت الى ماذا يلمح راندال فرفضت قبول مثل هذه الفكرة ؟, بشكل جازم".
" لا , ليس أخا".
" أذا لم يكن أخا فهو حبيب – أضاف وكأن علاقته بلورا قديمة لماذا لم تقولي لي أنك مغرمة؟".

ضرب راندال على الوتر الحساس ونجح مرة جديدة في زعزعة توازن لورا وأثارة الأضطراب الشديد في نفسها , لماذا يتدخل في شؤونها الخاصة؟ أيعتبر نفسه شخصا حميما الى هذه الدرجة؟ غريب أمر هذا الرجل الذي دخل حياتها بالقوة وفرض نفسه رقيبا على قلبها.
أخذ قلب لورا يخفق بقوة حتى خيل أليها أن الآخرون يسمعون فقاته , عندما تجرأت ورفعت عينيها الى راندال وجدته يتحدث الى أمها.
مر الوقت ببطء قاتل ووجدت الفتاة صعوبة في الأشتراك بأحاديث والدها وتعليقات أمها , لولا وجود توم لكانت أنسحبت الى غرفتها من دون أي شك, صارت تعد الثواني حتى أنتهى العشاء وأنسحب الجميع الى غرفة الجلوس.
هناك أفتتح راندال الكلام بقوله:
" أسمحوا لي بتهنئة الطاهي لما أتحفنا به من أطايب".
بدا جيمس هالام وكأنه ينتظر هذه الفرصة ليعزز مكانة أبنته:
" أبنتي صبية كاملة يا سيد مرسييه , مثقفة , جميلة , طاهية ممتازة... تجتمع فيها كل صفات ربة المنزل الناجحة".
لم يكن ينقص لورا سوى هذه الكلمات ليطفح كيلها, فهبت من مقعدها وتوجهت الى المطبخ تساعد السيدة نايت في تنظيف الصحون علها تجد هناك ملاذا يقيها عيني راندال ولسانه , لحق بها توم ليسألها عن سبب أنزعاجها وأن كانت بدأت تتكون لديه فكرة عما يدور في الكواليس.
" ما بك يا عزيزتي ؟ أشعر أنك لست على ما يرام".
" لا شيء البتة, هلا ساعدتني بتحضير المزيد من القهوة؟".
" بكل سرور".
فيما كانت لورا تحضر الفناجين وتوم يجلب السكر أصطدما ببعضهما وضحكا طويلا.
" أتصدقين الآن أنك تفقديني رشدي؟".
تحولت ضحكتها الى وجوم وجدية , وتكوّن في نفسها أمل جديد بأن توم سيصارحها أخيرا بما يختلج في قلبه.
" أتعني حقا ما تقول؟".
سرعان ما تبخرت آمالها أذ أجاب:
" لا يجدر بي أن أقول كلاما كهذا بعد الآن , أنسي الموضوع".
لم يعد بوسع لورا ضبط نفسها فأنفجرت والألم يعصر قلبها:
" كيف أنسى وهو جزء من كياني , يرافقني في حياتي . أنام فأحلم به, أفيق لأجده قابعا في ذهني , أراه في كل زاوية من هذا البيت, في كل حركة أقوم بها... توم أتدرك مدى معاناتي؟".
لم يتمكن الطبيب الشاب من الأجابة أذ دخل عليهما فجأة راندال.
أنسحب توم حاملا طبق القهوة وتبعته السيدة نايت التي لم ترغب في أن تسمع أكثر مما سمعت.
لم تخف لورا من راندال هذه المرة بل أرادت أن تجابه وتحطمه:
" لم أكن أعلم أن من عاداتك أستراق السمع والتجسس على الآخرين , في كل مرة أكتشف فيك نواقص جديدة".
" بالنسبة ألي يا أميرتي المبدأ واضح: الغاية تبرر الوسيلة".
قال الرجل ذلك بكل هدوء وأرتياح وكأن تصرفه أمر طبيعي لا عيب فيه.
فهم الآن تماما ما يعذب لورا وعرف كيف يستغل رفض توم لحبها, صار يملك ورقة جديدة في صراعه معها تضاف الى كونه مخدوم والدها ومصدر رزقه.
" يبدو أن الدكتور نيكول لا يكترث لقلبك اللاهب ولعينيك اللامعتين , بل بالأحرى يهتم بذلك أهتمام الأخ الأكبر لا غير, عليك أن تجدي رجلا آخر يقدر جمالك وسحرك , وأنا كما تعلمين جاهز لملء هذه المهمة الممتعة".
لم تسمع لورا في حياتها شخصا يوجه اليها مثل هذا الكلام , لكن راندال المغرور واثق من نفسه ومتأكد من كونه في موقف قوة, لم تجد الفتاة سلاحا للدفاع عن نفسها غير الكلام:
" لا حق لك بتوجيه مثل هذا الكلام لي أيها الحقير!".
"أغضبي , أغضبي, فهذا يزيدك حسنا وروعة , لكن أذكرك بأن فتاة مثلك لا يجب أن تطلق العنان للسانها وتنزلق الى درك الكلام الرخيص".
" أحتفظ بنصائحك لنفسك , لأنك بأمس الحاجة أليها".
بخفة فائقة وضع يده على كتفها وعانقها , لم تجد وسيلة للأفلات من هذا الرجل الخبير بفنون المغازلة , أحست برأسها يدور وبأن العالم تقلص ليصبح ذراعي راندال , ودون وعي وضعت يديها حول خصره , وأخيرا أرتسمت على شفتيه أبتسامة الأنتصار.
لكنه غضب فجأة ودفعها الى الوراء.
" لا أريدك أن تفكري برجل آخر عندما تكونين بين ذراعي".
كان على حق لأنها كانت تعانق راندال وتفكر بتوم , هذا الرجل يقرأ أفكارها وينفذ الى أعماقها كمن يقرأ كتابا مفتوحا.
توجه الأثنان الى غرفة الجلوس فأستقبلتهما نظرات توم الحائرة, ونظرات لوالدة المتعجبة ونظرات الوالد ال****ة..
بعد تبادل كلمات المجاملة التقليدية كان توم أول المنسحبين ثم تبعه راندال.
قبل صعوده الى غرفته سأل جيمس هالام أبنته :
: أعجاب السيد مرسييه بك كان واضحا , أليس كذلك؟".
" خيالك واسع يا أبي فأنا لم ألاحظ ذلك".
" ربما أنت على حق- قال الأب ذلك بسخرية وأضاف- ربما خيالي واسع".
كان الطقس دافئا في اليوم التالي عندما خرجت لورا للتسوق, بعد أنتهائها من شراء الأغراض أتجهت نحو البحيرة للتنزه , أخذت ترمي الخبز للبط ... كم هي صادقة هذه الطيور في تلخيصها مأساة الأنسان الساعي وراء لقمة عيشه, وراء حاجاته المادية , وراء المجد والشهرة ... تنافس البط على كرات الخبز يجسد صراع الأنسان مع الحياة ومع المادة ... وفيما هي غارقة في التأمل سمعت وقع خطى صارت تعرفه جيدا , جاء راندال.
لم تنتظر أن يبدأ هو الكلام فسألت بنفور:
" ماذا تفعل هنا؟".
ليس راندال بحاجة لمن يعلمه فنون الأجابة وطرق الكلام.
" أتأمل براءة وجهك وطهارته".
تجاهلته لورا وأكملت سيرها حول البحيرة وعيناها غارقتان في مراقبة النسيم يحمل ورقة صفراء من تحت شجرتها ويرميها في الماء , هذا هو الأنسان الضعيف , الذي لا جذور له قوية, تجرفه عواصف الحياة وتطرحه على الهامش.
أخذ راندال يلاحقها من دون أن يحاول أيقافها أو التحدث اليها , لكنها أخذت المبادرة وسألت:
" ماذا تريد؟".
" لن أصرح بما أريد لأنني بغنى عن كلماتك الجارحة".
" أتحاول أغاظتي من جديد ؟ ألا يكفيك ما سببته حتى الآن؟".
" في الحقيقة أتيت لأدعوك ألى حضور مسرحية الليلة".
" كلا , شكرا على الدعوة".
تجاهل راندال جوابها وتابع:
" تحدثت في الموضوع مع أبيك ووافق على ذهابك معي".
" كيف تجرؤ على فعل ذلك دون علمي؟".
" سأمر بك في السابعة, كوني جاهزة".
قال راندال هذا وأنصرف.
خوفا على وظيفة أبيها قررت لورا مرافقته الى المسرح, ولكنها أمضت بقية النهار تفكر في هذه الأمسية وكأنها ذاهبة الى السجن لا ألى مكان للهو , عندما أتى راندال في المساء أبى جيمس هالام ألا أن يظهر محبته الزائفة لمخدومه فقال:
" لطف كبير منك يا سيدي أن تدعو لورا لحضور مسرحية, لا تتصور كم فرحت بذلك.
كانت لورا تعتقد بأنه لؤم كبير لا لطف كبير , لكنها نجحت في تأكيد رأي والدها الذي تكلم بأسمها وقبل الدعوة دون أستشارتها.
" بالطبع".
أختار راندال مسرحية كوميدية سرعان ما أنسجمت لورا في جوها , وأخذت تضحك كطفلة صغيرة متناسية وجود الرجل الى جانبها .
خلال الأستراحة توجه الأثنان لتناول عصير البرتقال فأستغل راندال ذلك ليذكر لورا بأنه موجود.
" كل مرة أراك تبدين مختلفة, كنت في الصباح كطفل مشاغب , بالأمس أميرة راقية , اليوم فتاة صغيرة تفكر في فروض المدرسة , يعجبني فيك التغيير الدائم , معك يحس الرجل كل ساعة بأنه مع فتاة جديدة...".
أكملت لورا جملته:
" فلا يعود بحاجة لأن يطارد الفتيات ويكتفي بواحدة".
أختارت لورا قصدا فستانا يظهرها كتلميذة لعل راندال يشعر أنه صغيرة جدا ولا تناسبه , لكن الرجل مصر على الذهاب بهذه العلاقة ألى أقصى الحدود ضاربا عرض الحائط الفارق الكبير بالسن بينهما... وبعد قليل عادا الى مقعديهما لمتابعة الجزء الثاني من المسرحية , هذه المرة لم يدعها راندال تتذوق طرافة المشهد أذ سرعان ما أمتدت يده لتأسر يدها بقوة لا مجال معها للتملص.
سلمت لورا بالأمر عساه يكتفي بذلك لكنها كانت مخطئة فأذا براندال يرفع يدها الناعمة الى شفتيه ويغرقها بالقبلات السريعة النهمة , تجاهلت فعله مهتمة بما يدور أمامها على الخشبة , لكن راندال كان خبيرا الى درجة جعلها تنزعج وتفقد التركيز اللازم لمتابعة الكوميديا.
فما كان منها الا أن داست بكعبها العالي على رجله , فضحك راندال وحرر يدها هامسا:
" سأتركك تتابعين المسرحية لأنه لن تتاح أمامك الفرصة للخروج مع الحبيب توم الى مثل هذه الأماكن".
تظاهرت لورا بعدم سماع ما قاله لأنها لا تريد أفساد الجو المرح الذي وفرته المسرحية والذي ساعدها على نسيان بعض همومها, بعد أقفال الستارة أقترح راندال التوجه لتناول العشاء, فرفضت الفكرة بشكل قاطع مصرة على العودة الى المنزل , أوصلها الى البيت لكنه لم يدعها تفلت منه بالسرعة التي أرادتها...
" راندال...".
أدركت لورا أنها ترغب لا شعوريا في دفن وجهها في صدره الرحب, كانت بحاجة الى ملاذ آمن يقيها صعوبات الحياة , ربما كانت سطوة راندال تجذبها اليه لتعوض عن ضعفها ورقتها.
" رغب في رؤية وجه توم الحبيب عندما يراك تعانقينني بهذه الحرارة".
خرجت لورا من السيارة مذعورة ودخلت الى البيت حيث أرتمت على أحد المقاعد وأخذت تجهش بالبكاء , لقد خانت حبها لتوم وفقدت أحترامها لنفسها , كل المبادىء التي تؤمن بها أنهارت وأصبحت أطلالا.
في داخلها يتصارع عدوان لدودان : الحب والرغبة , الحب يحركه توم والرغبة يوقظها راندال , والفتاة ضائعة بينهما لا تعرف أين الحقيقة , من انا؟ سؤال يمزقها , تحب توم بكل جوارحها , وترغب براندال بكل غرائزها...
المهم أن تخرج سالمة من هذا الصراع العنيف....

 
 

 

عرض البوم صور safsaf313   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لمن ترف الجفون, charlotte lamb, disturbing stranger, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير المكتوبة, روايات عبير القديمة, شارلوت لامب, عبير القديمة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:26 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية