6- الفوز بالرهان
لم تقتنع السيدة هالام بخطبة لورا الى راندال عندما فاتحتها أبنتها بالأمر, هي تعلم أن أبنتها تحب توم نيكول فلماذا قررت الزواج من رجل آخر؟ واضح أن راندال معجب كثيرا بلورا ولكن يبدو أن الأخيرة لا تحفل كثيرا بهذا الأعجاب , السيدة هالام أمرأة ذكية وخبيرة في شؤون الحياة , لا يوجد فتاة تحب كل هذا الحب وتنقلب بين ليلة وضحاها , لا بد من وجود عامل مهم جعل لورا تنسى حبها لتوم وتقرر الزواج من راندال , أخذت الوالدة تتحين الفرصة لمفاتحة أبنتها بالموضوع , لكن لورا كانت تتهرب دائما وكأنها تخفي شيئا خطيرا في نفسها.
منتديات ليلاس
تمكنت أخيرا من حشرها وأستجوابها:
" حبيبتي لورا , أتدركين حقا ما تفعلين؟".
أجابت الفتاة بكل ما تملك من قدرة على الأقناع:
" بالطبع يا أمي".
لكن الوالدة لاحظت أضطرابا وأرتباكا في صوت لورا خصوصا عندما زادت:
" لو لم أكن واثقة من نفسي لما أقدمت على هذه الخطوة".
" قد يكون غرّك المال".
" تعلمين أن المال لا يعني لي شيئا يا والدتي , لم أفكر بهذه الناحية أبدا عندما قررت الزواج من راندال".
تنهدت الأم وقالت:
" آمل أن تكون هذه هي الحقيقة, فأنا لا أريد أن أراك تشقين في حياتك الزوجية , بل أريد أن أراك سعيدة مع عائلتك كما أنا سعيدة مع عائلتي....".
دخل عليهما راندال فجأة , وتكلم بنبرة أرعبت الوالدة:
" لا تقلقي يا
سيدتي فأبنتك ستسعد معي".
لم تتمكن لورا من أخفاء القشعريرة التي أحست بها, نظرت اليها أمها خائفة, لماذا ترتعد الفتاة اذا سمعت صوت خطيبها؟ أنحنى راندال ليقبل لورا , راقبت السيدة هالام كيف رفعت أبنتها خدها بطاعة وأنصياع وعندما رأت حرارة قبلته وتجاوبها زالت شكوكها وأقتنعت بأن لورا تحب فعلا هذا الرجل.
" أسمحا لي بأن أنسحب فمشاغلي كثيرة اليوم, أعدت والدتي أجتماعا عائليا صغيرا الأسبوع المقبل, أرجو أن تتمكني من الحضور يا سيدة هالام لأن أمي متشوقة للتعرف اليك".
" كن أكيدا يا سيد راندال أن شعوري مماثل".
شعرت السيدة هالام بالفرح يغمرها لأن راندال سيصبح صهرها بعدما تأكدت من أن لورا تطمع في حبه لا في ماله بل تحبه حبا حقيقيا بعد أن رأت تجاوب أبنتها مع قبلته ونظراته الهائمة , في أي حال نصحتها مرارا بأن الحياة مع توم نيكول صعبة بسبب مهنته الشاقة , ويبدو أن لورا عملت بنصيحتها الثمينة".
وضع راندال كل ما يملك من تهذيب ورقة في سؤال:
" هل تسمحين يا سيدتي بأن أمر بعد حوالي الساعتين لأصطحب لورا في نزهة؟".
" بالطبع يا عزيزي , يجب أن تتمتعا بشبابكما , ستأتي السيدة نايت للأعتناء بي".
حضر راندال في الموعد المحدد وفي السيارة بادر بالسؤال :
" لاحظت أن أمك حزينة وغير مرتاحة لزواجنا".
" أمي تعرف أنني أحب توم وتستغرب تبدلي السريع".
قاد راندال السيارة بصمت واتجه الى أحدى المناطق الريفية خارج لندن, وصلا ألى مكان منعزل تنبسط فيه المراعي الخضراء الخلابة , أوقف السيارة بجانب الطريق وأستعد للنزول.
" أحب المشي في هذه المنطقة".
" لكن البرد اليوم قارس , والأفضل البقاء في السيارة".
" يجب أن تتعلمي عدم مخالفة أوامري".
نزل راندال من السيارة فلم تجد لورا بدا من اللحاق به , وسارا في ممر ضيق يقود الى مرج أخضر واسع يرتفع شيئا فشيئا ليشكل تلة صغيرة.
لم يتوقف راندال الا بعد بلوغه أعلى التلة , وصلت لورا لاهثة من التعب والريح الباردة تتلاعب بشعرها الذهبي.
كان المشهد من هناك رائعا , فعلى أطراف المقلب الثاني من المرج تترامى بيوت قرية صغيرة حالمة.
تحول راندال فجأة الى شاعر ملهم:
" لطالما تمنيت أن أبني قصرا على هذه التلة , لأعيش فيه مع شريكة حياتي".
نظرت اليه لورا بخبث وعلقت:
" أراهن أنك تردد هذا الكلام لكل فتاة تصطحبها الى هنا".
" ربما لم أعد أذكر".
كان يعرف أختيار كلماته لتأتي بدقة وجارحة قدر الأمكان , لكن الغريب في الأمر أن لورا شعرت بما يشبه الغيرة عندما تخيلته مع أمرأة أخرى , لماذا تغار على رجل لا تريده؟ تساؤل جديد يضاف الى قائمة تساؤلات لا تجد لها تفسيرا.
طوقها راندال بذراعه فأحست بالدفء يغمرها :
" أقلقة أنت لأنك ستقابلين العائلة؟".
" قليلا".
" لا سبب للقلق, كلهم لطفاء وستحبينهم, الجميع يلاحقونني منذ سنوات كي أتزوج وأخيرا علقت , أصبحوا الآن متحرقين للتعرف الى من تمكنت مني".
" هم لا يعلمون هدفك من الزواج بالطبع , ولا يعلمون من تمكن من الآخر".
" علينا أن نحافظ على الشكليات أمامهم يا عزيزتي, ونظهر بمظهر الزوجين اللذين يحبان بعضهما كثيرا , وخصوصا أمام والدي الذي لا تفارقه فكرة وجود أحفاد وسيسعد أذا أنجبت له حفيدا".
أحمرت لورا خجلا وأدارت وجهها لتتأمل جمال المشهد الطبيعي, نظرت الى البعيد حيث يضفي الضباب على الأفق جوا من الغموض.
تمنت لو بأمكانها الغوص في هذا البحر السحري لتعيش هناك حورية الى الأبد.
أنتشلتها من أحلامها يد راندال التي أخذت تشد على كتفها.
" أنجاب الأولاد هو سبب زواجك مني أذن".
" هو السبب الثاني , السبب الأول تعرفينه".
تسرعت لورا في محاولة لأقناعه بعدم صلاحها لهذه المهمة.
" وسامتك ومالك يسهلان عليك الحصول على فتاة أجمل مني بكثير ".
" لن أدّعي بأنك أجمل فتاة في العالم , لكن فيك شيئا مميزا يجعلني أعرض عن غيرك".
" وما هو هذا الشيء المميز؟".
" لا أعرف , ربما كان ذلك من قوانين اللعبة , فأذا أكتشفته لم يعد له النكهة ذاتها".
" لم أر في حياتي رجلا يعلق مصير فتاة بلعبة يمارسها".
ضحك راندال لملاحظة لورا وقال:
" الأمر غريب فعلا! لكن هذه اللعبة مهمة جدا بالنسبة الي لدرجة تجعلني لا أتخلى عن خوضها".
بعد أن أقترب منها أكثر تابع:
" هل تظنين أن هذه اللعبة تثيرك أنت أيضا؟".
لم تجب لورا بل حاولت أن تحيد وجهها لئلا يقرأ الجواب عليه, أمسك راندال وجهها بيديه القويتين حتى يجبرها على النظر في عينيه:
" لا حاجة لأن تقولي شيئا, هذه اللعبة تعجبك وعليك أن تكوني شريكتي فيها...وأضاف بعد أن نظر الى ساعته الذهبية:
" علينا أن نعود الآن".
في طريق العودة ظلت لورا صامتة تتأمل ما ينتظرها وتحاول تجميل صورة مستقبلها القاتم , راندال بدوره كان يتخيل ما ينتظره من أثارة ومرح ,ما أبعد تفكير الواحد عن تفكير الآخر...
وأن تكن لمسة واحدة من راندال تزيد البعد...
في اليوم التالي أصطحبها لتشتري فستانا خاصا بحفل الخطبة.
أختار لها واحدا يناسب جسمها الرشيق.
حدق راندال فيها بعينين نهمتين وقال :
" أعتقد أنه يناسبك تماما يا حلوتي , ما رأيك؟".
" كما تشاء".
عندما عادا الى البيت أرتدت لورا الفستان لتراه أمها .
" تبدين مالأميرة يا حبيبتي , أليس كذلك يا سيد مرسييه؟".
" أنت على حق يا سيدة هالام وأ لما أفقدتني صوابي بهذا الشكل".
ثم وجه كلامه الى لورا بلهجة آمرة:
" أستديري".
وبخفة فائقة تناول شيئا من علبة يحملها وطوق بها عنقها الناعم, أنعقد لسان لورا من الدهشة , كان عقدا من الزمرد في أطار من الفضة.
" ما رأيك بهذا العقد يا سيدة هالام , ألا يناسب فستان لورا؟".
" ذوقك رائع يا عزيزي , أليس كذلك يا لورا؟".
أومأت لورا بالأيجاب وهي تحدق بأنبهار الى العقد الثمين .
" أعذراني الآن , علي العودة الى المكتب".
أنسحب راندال بسرعة تاركا الأم وأبنتها تتأملان ما أشتراه وتتحدثان عن كرمه , لكن هذا غير كاف ليجعل لورا تسعد في زواجها وليطمئنها على مستقبلها فلربما كان ينصب لها بكرمه مصيدة , لينتقم منها بعد الزواج.
مر الوقت بسرعة بعد ذلك, خصوصا أن لورا مشغولة بالتحضير لحفل الخطبة, وعندما حان الموعد المنتظر , جاء راندال ليصطحبها مع والديها الى منزله , بدا في بزته السوداء وسيما جدا كأنه خارج لتوه من علب الأفلام السنمائية.
كان بيت آل مرسييه يتلألأ بالأضواء ترحب بالعروس الجميلة.
وأستقبلهم رئيس الخدم بتعاليه المعتاد , عندما أراد أن يأخذ معطف لورا سبقه راندال وكأنه لا يريد أن يمس كنزه الثمين أحد, قادهم راندال الى الغرفة الواسعة حيث أقيم الحفل السابق, والضيوف وأن كانوا كثيرين لم ينشغلوا بالتحدث الى بعضهم فالجميع بأنتظار عروس راندال , شعرت لورا بالعيون تتحول أليها وتتفحصها بدقة محرجة.
تقدم منها مرسييه الأب فاتحا ذراعيه مرحبا , رجل نحيل , أبيض الشعر , تجاوز السبعين منذ زمن , وجدته لورا ضعيفا وكأن عظام يده ستتحطم في يدها.
لم يقل والد راندال سوى:
" جميلة حقا".
وبعد أن أعاد الأب الكنز الى أبنه أضاف:
" أنا مسرور جدا بهذا الزواج يا أبنتي , تعالي لأعرفك ببقية أفراد العائلة".
مرت لورا بالجميع تصافح , تبتسم , تستمع الى عبارات المدح... هي مرتبكة , خجول تسمع الأسماء بصعوبة ... على الرغم من صعوبة المهمة تمكنت أخيرا من أنجازها , لراندال شقيقتان متزوجتان , الكبرى نيكول تشبه أخاها كثيرا, في العقد الرابع من العمر , في عينيها سلطة يتبين منها بوضوح أنه تسير شؤون المنزل وأن زوجها ينفذ الأوامر .... بصحبة نيكول وزوجها ولدهما رودي الذي قابلته لورا عندما أعترضها هي وبات تلك الليلة في شرق لندن.
لم يبد على رودي أنه عرفها , أرتاحت لورا لذلك لأنها لم تكن ترغب بأن يعلم أحد بظروف تعرفها الى راندال , أما شقيقة راندال الأخرى أرليت فتشبه والدها كثيرا , رقيقة , ناعمة , لا تملك سطوة راندال أو نيكول , متزوجة ولها أبنتان نيللي وهي فتاة جميلة في السادسة عشرة من عمرها وبربارة فتاة عادية في الثامنة عشرة , أما صهر راندال الثاني جون غراهام فرجل مرح يحب المزاح , سأل راندال بشيء من الخبث :
" يا الله عليك يا راندال , أين عثرت على هذا الجمال؟".
" والد لورا يعمل في شركتنا".
تدخل رودي في الحديث:
" لا تحتكر خطيبتك يا خالي العزيز فالمجال متح لذلك بعد الزواج , وبالمناسبة , هل حددتما الموعد؟".
أجاب راندال ةالأبتسامة عريضة على ثغره رافعا صوته ليسمع الجميع:
" تباحثت مع والدة لورا بالأمر وأتفقنا على أن يكون موعد الزواج في أوائل آذار المقبل".
نظرت نيكول بتعجب الى أخيها:
" أراك مستعجلا جدا على الزواج بعد صيام طويل".
شعرت لورا وكأنهم يعقدون أنها أوقعت راندال في فخ الزواج طمعا بماله , لكن راندال بتصميمه وثقته بنفسه خفف من وطأة نظرات الضيوف المنصبة عليها, أذ قال:
" أنا مستعد لأن أتزوج في هذه اللحظة أذا وافقت لورا , لكن العروس تريد أن تأخذ وقتها في الأستعداد".
بعد قليل أصطحبها راندال الى غرفة أمه التي لم تشارك في الحفل بسبب مرضها.
" لا تتصوري يا عزيزتي لورا كم أنا سعيدة لأنك ستصبحين زوجة راندال , ولكن أريد منك أن تجيبي على سؤالي بصراحة:
: أمستعدة أنت للزواج؟".
أجابت لورا بتررد:
" نعم يا سيدتي".
" ما أعنيه يا لورا هو أنك ما تزالين صغيرة على الزواج خصوصا أن راندال يكبرك بكثير ".
تدخّل الرجل في الحديث غاضبا:
" تتكلمين وكأنني عجوز هرم يا أماه! ما أزال في السادسة والثلاثين".
" وهي في العشرين".
أنهى راندال الحديث بلهجة حازمة:
" سأتزوجها وكفى, لا تحاولي التدخل بعد الآن يا أمي".
" حسنا, أفعل كما تريد, أنما أردت من سؤالي التأكد من أدراك الفتاة لما تقدم عليه".
بدل أن يعودا الى الضيوف أدخل راندال لورا الى المكتبة.
" أتعتبرين الفارق في السن بيننا مهما؟".
أجابت بالنفي لأنها تعلم أن الكلام لا يفيد شيئا مع عناده.
" تعالي ألي".
أقتربت منه فضمها الى صدره وهمس في أذنها :
"سأجد صعوبة في السيطرة على نفسي شهرين آخرين , ألا ينتابك الشعور عينه؟".
تكلمت لورا وفي صوتها بحة :
" أرجول يا راندال, كل شيء في أوانه جميل".
دفعها راندال بقوة :
" حسنا لك ما تريدين, ستنالين خاتم الزواج قبل أن أنال ما أريد , لكن أعدك بأنني سأذيقك أمر العذاب ردا على ما أعانيه الآن!".
مرت الأيام بعد حفل الخطبة سريعة دون أن ترى فيها لورا راندال كثيرا لأن عمله في الشركة كان يمنعه من نخصيص الوقت الكافي لها , أما والدها فتم نقله الى مركز غير حساس , وأقنع جيمس زوجته بأن نقله من وظيفته عملية ترقية تقديرا لجهوده وتفانيه في العمل , تكلفت لورا بعملية التحضير للزواج , تعاقدت مع متعهد حفلات ليؤمن الطعام لحفل الأستقبال الذي سيقام بعد الزفاف, كما أستأجرت قاعة كبيرة في أحد الفانادق لأقامة هذا الحفل, أبتاعت كذلك فستان العرس وبعض اللوازم الأخرى, وأخيرا أتفقت مع شركة لتأجير السيارات لتأمين نقل الضيوف الى قاعة الفندق لحضور الحفل.
لم يرضى هالام أن يساهم ماديا في مصاريف التحضير للزفاف مع أن المال بالنتيجة هو ماله.
قبل أسبوع من موعد الزواج تدرب راندال ولورا على المراسم الدينية , ومرت الأيام الأخيرة بلمح البصر , كانت لورا تأمل خلالها أن تحدث معجزة تجنبها الزواج , ولك تجرؤ أن تطلب من توم مساعدتها خوفا من أفتضاح أمر أبيها.
في الليلة الأخيرة أصطحبها راندال الى العشاء , كان حديثه مقتضبا وجافا , بعد العشاء أوقف السيارة أمام بيتها , وعندما أرادت الخروج من السيارة منعها محاولا تقبيلها , فرفضت بعنف فصفعها على وجهها وأنفجر غاضبا:
" أياك أن تحاولي معارضة أي شيء يحلو لي القيام به بعد اليوم, أذهبي الآن فالأنتقام أصبح قريبا".
ركضت لورا الى المنزل وهي تجهش بالبكاء , شاهدها والدها فأبتسم وقال:
" العشاق يتشاجرون دائما, لا بد أن أقتراب موعد الزواج جعل أعصابك متوترة , هل هذا ما حدث؟".
لم تنتظر لورا نهاية الحديث , بل صعدت بسرعة الى غرفتها وأرتمت على سريرها وهي تتمتم:
" أكرهه, أمقته , حتى والدي لا يساعدني...".
وحل اليوم المنتظر , كان الجو مشرقا والسماء صافية , أعدت لورا نفسها لحفل الزفاف وأتجهت بسيارة فخمة مع والديها الى مكان الأحتفال.
بعد أنتهاء المراسم الدينية أتجه العروسان وجميع الضيوف الى قاعة الفندق حيث أقيم حفل الأستقبال.
أخذت لورا تبحث عن توم الذي بدا يائسا وحزينا , فأبتسمت له كأنها تطيب خاطره وتبلغه أن الآوان فات ولم يعد بالأمكان أنقاذها.
أحست لورا بيد راندال تمتد الى عنقها لتخطف سلسلة ذهبية تتدلى منها حلية على شكل قلب.
" أنها هدية من أمي".
" أريد أن أرى ما في داخل القلب, لا بد أن فيه صورة لشخص عزيز".
فتح راندال القلب فأذا بصورة توم تطالعه ففتح أحدى نوافذ القاعة ورمى بالسلسلة خارجا .
حاولت لورا الأعتراض:
" قلت لك أنها هدية من أمي".
" لا أريد أن يخيم شبح رجل آخر على حياتنا , أياك بعد اليوم أن تقتني أي شيء يشير الى الطبيب المحبوب!".
بعد أن تناول الجميع الطعام أزيحت الطاولات لأفساح المجال لأقامة حلقة للرقص.
لبست لورا قناع السعادة فرسمت على وجهها أبتسامة مصطنعة لتخفي حقيقة مشاعرها وأخذت ترقص مع راندال , بعد الرقص أتجه العروسان الى زاوية من القاعة حيث وضعت الهدايا, لاحظ راندال أن عيني لورا توقفتا كثيرا عند هدية معينة , حملها بيده فوجد عليها اسم توم نيكول, كانت زهرة من الكريستال مثبتة في أناء فضي فقال:
" يا لها من زهرة رائعة , علينا أن نشكر توم يا لورا".
فجأة أوقعها من يده فتحطمت شر تحطيم , ضجت القاعة بأصوات المتأسفين من الضيوف على ضياع الهدية , فسارع راندال الى القول:
"يا لحماقتي ! لا تهتمي يا حبيبتي سأبتاع لك واحدة مثلها تماما".
أحست لورا أن قلبها تحطم لا لزهرة الكريستال , رأت توم شاحبا يحاول ضبط غضبه , رمته بنظرة حنونة فأبتسم رغما عنه وأخذ يهز رأسه مؤاسيا.
همست السيدة هالام في أذن العروس:
" حان الوقت لتغيري ثيابك".
عندما أصبحت لورا مع والدتها في غرفة جانبية رغبت في البكاء والأرتماء في حضن أمها.
تباطأت كثيرا في تبديل ملابسها لتبعد قدر الأمكان عن راندال.
عانقت أمها طويلا قبل أن تخرج الى القاعة, كان راندال بأنتظارها وقد أرتدى بزة عادية مريحة.
تجمع الضيوف ليبلغوا العروسين تمنياتهم , أمسك راندال بيدها وشق طريقه وسطهم الى السيارة.
أنطلقت السيارة فنظرت لورا من الزجاج الخلفي ورأت توم يقف وحيدا والحزن باد على وجهه.
مرت دقائق دون أن يتكلم أحدهما أل أن بدد السكوت صوت راندال الهادىء:
" سنذهب الى البندقية , المدينة الأيطالية العائمة, البندقية هي مدينتي المفضلة , وأنا واثق أن شهر العسل سيكون ناجحا".
" بالطبع".
قالت لورا ذلك وقلبها يقطر دما على هدية توم المحطمة , لن تتمكن من محو خطيئة راندال هذه من مخيلتها أبدا...
توجها بالطائرة الى البندقية حيث كانت بأنتظارهما في المطار , تنفيذا لأوامر راندال سيارة فخمة , وأنطلقا الى الفندق فوصلاه في موعد العشاء, بالكاد لمست لورا الطعام لأن الجوع حاجة بعيدة جدا عنها في هذا الوقت , بدده تعب السفر مضافا الى حادث هدية توم... الى زواجها من راندال وقد بدأت تعي الآن الحقيقة المرة لأن الأمور تسارعت قبل الزواج بشكل لم يتح لها المجال للتفكير بخطورة هذه الخطوة, بعد العشاء صعدا الى جناحهما الفخم, تفاجأت لورا بكلمات راندال:
" تبدين متعبة وبحاجة الى النوم, سأذهب للتنزه قليلا لعل الصداع الذي أصابني يزول".
تنفست لورا الصعداء بعد ذهابه , أخذت حماما سريعا وأوت الى الفراش , أخذت تصلي كي تنام بسرعة فتتجنب راندال , أخيرا زحف الكرى الى جفنيها فغطت في نوم هادىء مريح...
فجأة أفاقت على صوت الباب يفتح وراندال يدخل الغرفة, تظاهرت لورا بالنوم في حين تقدم منها راندال , ووقف قرب السرير يراقبها فبذلت مجهودا كبيرا لتبقي عينيها مغمضتين.
دخل راندال الى الحمام فسمعت لورا صوت المياه وبعد دقائق أحست به يتمدد قربها على السرير فتجمد الدم في عروقها ولم تعد تقوى على الحراك.
لم يتحرك راندال بادىء الأمر فظنت أنه تعب وسينام , لكنها أحست يده كالسوط على كتفها , تحسس راندال قميص النوم الطويل الذي ترتديه , فقال:
" أرتديت هذا القميص لتطفئي رغبتي , يا لك من واهمة!".
لم تجب لورا فأستشاط غيظا ونهرها بعنف:
" واجهيني أيتها الغبية , أتظنين أن بأمكانك التهرب من أتمام واجباتك كزوجة؟".